وهي التي تدين بالولاء لأهل البيت (عليهم السّلام) ، وترى أنّه فرض ديني ، وقد أخلصت شيعة الكوفة في الولاء لهم ، أمّا مظاهر حبّهم فهي :
١ ـ الخطب الحماسية التي يُمجّدون فيها أهل البيت ويذكرون فضلهم ومآثرهم ، وما شاهدوه مِنْ صنوف العدل والحق في ظلّ حكومة الإمام أمير المؤمنين.
٢ ـ الدموع السخية التي يهريقونها حينما يذكرون آلام آل البيت (عليه السّلام) وما عانوه في عهد معاوية مِن التوهين والتنكيل ، ولكنّهم لمْ يبذلوا أيّ تضحية تذكر لعقيدتهم ، فقد كان تشيّعهم عاطفيّاً لا عقائديّاً ، وقد تخلّوا عن مسلم وتركوه فريسة بيد الطاغية ابن مرجانة.
ويروي البلاذري أنّهم كانوا في كربلاء ، وهم ينظرون إلى ريحانة رسول الله (صلّى الله عليه وآله) وقد تناهبت جسمه الشريف السيوف والرماح فكانوا يبكون ، ويدعون الله قائلين : اللّهم انزل نصرك على ابن بنت نبيك. فانبرى إليهم أحدهم فأنكر عليهم ذلك الدعاء ، وقال لهم : هلاّ تهبّون إلى نصرته بدل هذا الدعاء ، وقد جرّدهم الإمام الحُسين (عليه السّلام) مِنْ إطار التشيّع وصاح بهم : «يا شيعة آل أبي سفيان ...».
والحقّ أنّ الشيعة بالمعنى الصحيح لمْ تكن إلاّ فئة نادرة في ذلك العصر ، وقد التحق بعضهم بالإمام الحُسين واستشهدوا معه ، كما زُجّ الكثيرون منهم في ظلمات السجون.
وعلى أيّ حالٍ ، فلمْ يكن المسلمون في الكوفة على رأي واحد وإنّما كانت هناك انقسامات خطيرة بين صفوفهم.