والله ، ما كان معاوية خليفة بإجماع الاُمّة ، بل تغلّب على وصيّ النّبي (صلّى الله عليه وآله) بالحيلة ، وأخذ منه الخلافة بالغصب ، وكذلك ابنه يزيد ؛ وأمّا الفتنة فإنّما ألقحتها أنت وأبوك زياد مِنْ بني علاج. وأنا أرجو أنْ يرزقني الله الشهادة على يد شرّ بربته ، فوالله ما خالفت ولا كفرت ولا بدّلت ، وإنّما أنا في طاعة أمير المؤمنين الحُسين بن علي ، ونحن أولى بالخلافة مِنْ معاوية وابنه وآل زياد.
وكانت هذه الكلمات أشدّ على ابن مرجانة مِن الموت ، فقد كشفت واقعه أمام شرطته وعملائه ، وجرّدته مِنْ كلّ نزعة إنسانية ، وأبرزته كأحقر مخلوق على وجه الأرض. ولمْ يجد الدّعيّ وسيلةً يلجأ إليها سوى الافتعالات الكاذبة التي هي بضاعته وبضاعة أبيه زياد مِنْ قبل. فأخذ يتّهم مسلماً بما هو برئ منه قائلاً : يا فاسق ، ألمْ تكن تشرب الخمر في المدينة؟
فصاح به مسلم : أحقّ والله بشرب الخمر مَنْ يقتل النفس المحرّمة وهو يلهو ويلعب كأنّه لمْ يسمع شيئاً.
واسترد الطاغية تفكيره فرأى أنّ هذه الأكاذيب لا تجديه شيئاً ، فراح يقول له : منّتك نفسك أمراً حال الله بينك وبينه وجعله لأهله.
فقال مسلم باستهزاء وسخرية : مَنْ أهله؟!
ـ يزيد بن معاوية.
ـ الحمد لله ، كفى بالله حاكماً بيننا وبينكم.
ـ أتظنّ أنّ لك مِن الأمر شيئاً؟