حرباً ولا نازل قرناً ، فعمل في ذلك الجمع من النّكاية والقتل الذريع ما لم يُشاهَد مثله ، مع أنّ أكثر الجمع قد مارس الحرب وقاسى الأهوال ، وخاض الغمرات وبارز الشجعان.
وأمّا يوم اُحد ، فكان اللّواء مع مصعب بن عمير من بني عبد الدار ، وإنّما أعطاه النّبي صلىاللهعليهوآله جبراً لقلوب مَن آمن به من بني عبد الدار ، خصوصاً لمّا كان لواء المشركين مع قومهم من بني عبد الدار ، وبعد أنْ فعل مصعب ذلك اليوم ما يبهر العقول ، وأدّى حقّ اللّواء حتّى قُطعت يده اليمنى ثُمّ اليسرى ، وإذ قُطعت ضمّ اللّواء إلى صدره حتّى طُعن بالرمح في ظهره فسقط إلى الأرض قتيلاً ، دفع النّبيُّ صلىاللهعليهوآله اللّواء إلى صاحبه (أبي الريحانتين عليهالسلام ، فكان لأمير المؤمنين عليهالسلام من البلاء العظيم والمقامات المحمودة ما لم يكن لأحد قط ، حتّى عجبت من ثباته وحملاته الملائكةُ بقتله أصحاب الألوية.
ولمّا كانت الدبرة على المسلمين كان له الموقف المشهود ، [حيث] أبصر النّبيُّ صلىاللهعليهوآله جماعةً ، فقال لعليٍّ عليهالسلام : «فرّقهُمْ». ففرّقهم ، وقتل عمرو بن عبد اللّه الجمحي ، ثُمّ أبصر جماعة اُخرى ، فقال صلىاللهعليهوآله له : «فرّقهُمْ». فحمل عليهم ، وقتل شيبة بن مالك ، فقال جبرائيل عليهالسلام : هذه المواساة!
قال النّبيُّ صلىاللهعليهوآله : «وما يمنعُهُ ؛ إنّهُ منِّي وأنا منهُ».
فقال جبرائيل عليهالسلام : وأنا منكما.
وسمعوا صوتاً :
لا سَيْفَ إلاّ ذو الفِقارِ |
|
ولا فَتىً إلاّ عليْ (١) |
وفي يوم خيبر ، لمّا شاهد النّبيُّ صلىاللهعليهوآله خَور المسلمين وضعفهم
__________________
(١) تاريخ مدينة دمشق لابن عساكر ٤٢ / ٧٦ ، تاريخ الطبري ٢ / ١٩٧ ، شرح إحقاق الحقّ للمرعشي ٦ / ١٥٧ ، وقد نقل المصادر التي ذكرت ذلك.