أقدِمْ هُدِيتَ هَادِياً مَهديَّا |
|
فَاليَومَ أَلقى جَدّكَ النّبيَّا؟! |
أمْ ابن عوسجة الذي يوصي حبيب بن مظاهر بنصرة الحسين عليهالسلام وهو في آخر رمق من الحياة ، فكأنّه لم يقنعه عن المفادات كُلَّ ما لاقاه من جهد وبلاء؟!
أمْ أبو ثمامة الصائدي الذي لم يهمّه في سبيل السّير إلى ربِّه سبحانه ، كُلّ ما هناك من فوادح وآلام إلاّ الصلاة التي دنا وقتها ، فقال للحسين عليهالسلام : نفسي لك الفداء! إنّي أرى هؤلاء قد اقتربوا منك ، ولا واللّه ، لا تُقتل حتّى اُقتل دونك ، واُحبُّ أنْ ألقى اللّه وقد صلّيتُ هذه الصلاة التي دنا وقتها. فقال الحسين عليهالسلام : «ذكرتَ الصَّلاةَ ، جعلكَ اللّهُ مِنَ المُصلِّينَ الذَّاكرين» (١)؟!
أمْ سعيد الحنفي الذي تقدّم أمامَ الحسين عليهالسلام وقت الصلاة واستهدف لهم ، فأخذوا يرمونه بالنّبل يميناً وشمالاً حتّى سقط ؛ لكثرة نزف الدَّم (٢) ، فقال للحسين عليهالسلام : أوفيت يابن رسول اللّه؟ قال : «نعم ، أنتَ أمامي في الجنّة»؟!
أمْ ابن شبيب الشاكري الذي ألقى جميعَ لامته لتقرب منه الرجال ، فيموت ، في حين نرى الكُماة الأبطال ، المعروفين بالشجاعة والإقدام ، يتدرَّعون للحرب كي لا يخلص إليهم ما يزهق نفوسهم؟!
أمْ الغفّاريّان اللّذان استأذنا الحسين عليهالسلام في الحملة وهما يبكيان ، فقال عليهالسلام لهما : «ما يُبكيكُما؟! فواللّه ، إنّي لأرجو أنْ تكونا بعدَ ساعةٍ قريرَي العين».
__________________
(١) تاريخ الطبري ٤ / ٣٣٤ ، الكامل في التاريخ ٤ / ٧٠.
(٢) تاريخ الطبري ٤ / ٣٣٦ ، الكامل في التاريخ ٤ / ٧١ ، إلى قوله : حتّى سقط.