للغمز فيه نصيباً ، فمالوا على أصحابه وأهل بيته عليهمالسلام الذين قال فيهم الإمام عليهالسلام : «إنّي لا أعلمُ أصحاباً خيراً مِنْ أصحابي ، ولا أهلَ بيتٍ أبرَّ وأوفى من أهل بيتي» (١). «وقَدْ استلمتهم فما وجدتُ فيهمْ إلاّ الأشوسَ الأقعسَ ، يستأنسونَ بالمنيّة دوني ، استيناسَ الطّفلِ إلى محالبِ اُمّه» (٢).
وليس ذلك إلاّ من الدَّاء الدفين بين أضالع قوم دافوا السُّمَّ في الدّسم إلى سُذَّجٍ آخرين حسبوه حقيقة راهنة ؛ فشوّهوا وجه التاريخ ، غير أنّ البصير النّاقد لا تخفى عليه نفسيّةُ القوم ، ولا ما جاؤوا به.
وأعجب من ذلك ، قول محفر ليزيد : إنّا أحطنا بهم ، وهم يلوذون عنّا بالآكام والحفر ، لواذَ الحمام من الصقر (٣).
بفيك الكثك أيّها القائل! كأنّك لم تشاهد ذلك الموقف الرهيب ، فترى ما للقوم من بسالة وإقدام ، ومفادات دون الدِّين الحنيف ، حتّى أغفل يومهم مع ابن المصطفى صلىاللهعليهوآله أيّام صفّين ، وما شاكلها من حروبٍ داميةٍ ووقائعٍ هائلة ، وحتّى أخذت أندية الكوفة لا تتحدّث إلاّ عن شجاعتهم.
أجل ، إنّ تلك الأهوال أدهشتك فلم تدرِ ما تقول ، أو إنّ الشقّة بعدت عليك فنسيت ما كان ، ولكن هل غاب عن سمعك صراخ الأيامى ، وعويل الأيتام في دور الكوفة ، حتّى طبق أرجاءها
__________________
(١) تاريخ الطبري ٤ / ٣١٧.
(٢) الدمعة السّاكبة / ٣٢٥.
(٣) تاريخ الطبري ٤ / ٣٥١ ، تاريخ مدينة دمشق ١٨ / ٤٤٥ ، الكامل في التاريخ ٤ / ٨٣ ، الوافي بالوفيات ١٤ / ١٢٧ ، البداية والنّهاية ٨ / ٢٠٨ الفتوح لابن أعثم ٥ / ١٢٧.