أدوات المعرفة ـ إلى
ما يضمن له سلامة البصيرة والرؤية ؛ كي تتمّ عليه الحجّة ، وتكمل نعمة الهداية ، وتتوفّر
لديه كلّ الأسباب التي تجعله يختار طريق الخير والسعادة ، أو طريق الشرّ والشّقاء
بملء إرادته.
ومن هنا اقتضت سُنّة الهداية الربّانية
أن يُسند عقل الإنسان عن طريق الوحي الإلهي ، ومن خلال الهُداة الذين اختارهم الله
لتولِّي مسؤولية هداية العباد ، وذلك عن طريق توفير تفاصيل المعرفة ، وإعطاء
الإرشادات اللازمة لكلّ مرافق الحياة.
وقد حمل الأنبياء وأوصياؤهم مشعل
الهداية الربّانية منذ فجر التاريخ وعلى مدى العصور والقرون ، ولم يترك الله عباده
مهملين دون حجّة هادية ، وعلم مرشد ونور مُضيء ، كما أفصحت نصوص الوحي ـ مؤيّدةً
لدلائل العقل ـ بأنّ الأرض لا تخلو من حجّة لله على خلقه ؛ لئلاّ يكون للناس على
الله حجّة.
فالحجّة قبل الخلق ومع الخلق وبعد الخلق
، ولو لم يبقَ في الأرض إلاّ اثنان لكان أحدهما الحجّة. و [قد] صرّح القرآن بشكل
لا يقبل الريب قائلاً : (إِنَّمَا أَنْتَ
مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ)
(الرعد (١٣) :
٧).
ويتولّى أنبياء الله ورسله وأوصياؤهم
الهداة المهديّون مهمّة الهداية بجميع مراتبها ، والتي تتلخّص في :
١ ـ تلقِّي الوحي بشكل كامل ، واستيعاب
الرسالة الإلهية بصورة دقيقة.
وهذه المرحلة تتطلّب الاستعداد التام
لتلقّي الرسالة ؛ ومن هنا يكون الاصطفاء الإلهي لرسله شأناً من شؤونه ، كما أفصح
بذلك الذكر الحكيم قائلاً : (اللَّهُ أَعْلَمُ
حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ)
(الانعام (٦) :
١٢٤) و (اللَّهَ يَجْتَبِي
مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشَاءُ)
(آل عمران (٣) :
١٧٩).