التي استطاع الاُمويّون من خلالها تحشيد الجيوش للقضاء على الثورة ، مستعينين بحالة غياب الوعي ، وشيوع الجهل الذي خلّفته السّقيفة. ونلمس هذا الزيف في قول مسلم بن عمرو الباهلي يؤنّب مسلم بن عقيل ربيب بيت النبوّة ، والعبد الصالح لخروجه على يزيد الفاسق ، ويفتخر بموقفه قائلاً : أنا مَنْ عرف الحقّ إذ تركته ، ونصح الأُمّة والإمام إذ غششته ، وسمع وأطاع إذ عصيته (١).
وهذا عمرو بن الحجاج الزبيدي ـ من قادة الجيش الأموي ـ يحفّز النّاس لمواجهة الإمام الحسين عليهالسلام حين وجد منهم تردّداً وتباطؤاً عن الأوامر قائلاً : يا أهل الكوفة ، الزموا طاعتكم وجماعتكم ، ولا ترتابوا في قتل مَنْ مرق من الدين وخالف الإمام (٢).
فالدين في دعوى الاُمويّين طاعة يزيد ومقاتلة الحسين عليهالسلام.
ولكن حركة الإمام الحسين عليهالسلام ورفضه البيعة وتضحياته الجليلة نبّهت الاُمّة ، وأوضحت لها ما طُمس بفعل التضليل ؛ فقد وقف الإمام الحسين عليهالسلام يخاطبهم ويوضّح مكانته في الرسالة والمجتمع الإسلامي : «أمّا بعد ، فانسبوني فانظروا مَنْ أنا ، ثمّ ارجعوا إلى أنفسكم فعاتبوها ، وانظروا هل يصلح لكم قتلي وانتهاك حرمتي؟! ألست ابن بنت نبيّكم صلىاللهعليهوآله ، وابن وصيه وابن عمّه ، وأوّل المؤمنين بالله والمصدّق لرسوله بما جاء من عند ربّه؟!».
هذا بالإضافة إلى كلّ الخطب والمحاورات التي جرت في وضع متوتّر حسّاس أوضح للناس مكانة طرفي النزاع. ثمّ ما آلت إليه نتيجة المعركة من
__________________
(١) تاريخ الطبري ٤ / ٢٨١.
(٢) المصدر السابق ٤ / ٣٣١.