الإمام الحسين عليهالسلام ، وأصبح العراق القاعدة العريضة لنشر مبادئ وفضائل أهل البيت عليهمالسلام إلى العالم الإسلامي في السّنين اللاحقة.
٥ ـ إنّ اختيار أيّ بلد غير العراق سيكون له أثره السّلبي ، إذ يتّخذه أعداء الإسلام وأهل البيت عليهمالسلام أداة عار وشنار للنيل من مقام الإمام وأهدافه السّامية ، ويفسّر خروجه إليه على أنّه هروب من المواجهة الحتمية ، في الوقت الذي كان يهدف الإمام عليهالسلام إلى إحياء حركة الرسالة والمُثل الأخلاقية ، وتأجيج روح المواجهة والتصدّي للظلم والظالمين. وحتى على فرض اختياره عليهالسلام بلداً آخر فإنّ سلطة الاُمويّين ستنال منه وتقضي عليه دون أن يحقّق أهداف رسالته التي جاء من أجلها.
٦ ـ لمّا كان العراق يُصارع الاُمويّين كانت أجواؤه مهيّئة لنشر الإعلام الثوري لنهضة الحسين عليهالسلام وأفكاره ، ومن ثمّ فضح بني اُميّة وتستّرهم بالشّرعية وغطاء الدين ، وحتى النزعة العاطفية المزعومة في العراقيّين فقد كانت سبباً في ديمومة وهج الثورة وأفكارها كما نرى ذلك حتّى عصرنا هذا.
ولعلّ هناك أسباباً لا ندركها ، لاسيما ونحن نرى أنّ الإمام الحسين عليهالسلام كان على بيّنة واطلاع من نتيجة الصّراع ، وكان على معرفة بالظروف الموضوعية المحيطة بمسيرته ، وعلى علم بطبيعة التكوين الاجتماعي والسّياسي للمجتمع الذي كان يتوجّه إليه من خلال وعيه السّياسي الحاذق ، والنّصائح التي قدّمها إليه عدد من الشّخصيات فضلاً عن عصمته عن الزلل والأهواء ، كما نعتقد ؛ فلم يكن اختياره العراق منطلقاً لثورته العظيمة إلاّ عن دراية وتخطيط رغم الجريمة النكراء التي نتجت عن تخاذل النّاس ، وتركهم نصرة إمامهم ، ولحوق العار بهم في الدنيا والآخرة.