وأُجيب عن الأوّل : بأنّ المراد بالاقتران التلازم من الطرفين ، وليس كذلك أذكار الطواف ؛ إذ لا تلازم بينها وبين الحركات ؛ لانفكاكها من الأذكار.
وعن الثاني : بأنّ تحريك الأخرس لسانه قائم مقام الذكر.
وفيهما منع ؛ فإنّ الاقتران أعمّ من التلازم ، فلا يدلّ عليه على الخصوص. وإرادة بعض أفراد العامّ غير جائز في التعريف إلا بقرينةٍ جليّة.
ولأنّا نفرضه فيما لو وجبت فيه بنذر وشبهه ، فإنّهما حينئذٍ متلازمان ، وهو كافٍ في النقض ، ولا يلزم من قيام حركة لسان الأخرس مقام الذكر كونه ذكراً ، فإنّ البدل مغاير للمبدل.
وعرّفها المحقّق الشيخ علي بأنّها أفعال مفتتحة بالتكبير مختتمة بالتسليم للقربة. وادّعى فيه الاحتراز التامّ وصحّة الاطّراد والانعكاس (١).
وأُورد على طرده بالذكر المنذور المفتتح بالتكبير المختتم بالتسليم ، وأبعاض الصلاة ، الأخيرة المفتتحة بالتكبير ، كالركوع والسجود والتشهّد المتّصلة بالتسليم ، وبالصلاة المتبيّن فسادها بعدم الطهارة مثلاً.
فأجاب : بأنّ المراد بالتكبير تكبير مخصوص متعارف بين الفقهاء إذا أُطلق تكبير الافتتاح يستفاد منه ذلك التكبير المخصوص ، أعني تكبير التحريم ، فاللام فيه للعهد. وكذا المراد بالتسليم تسليم مخصوص ، وهو المحلّل لا التحيّة المتعارفة ولا التسليم على الأنبياء وغيرهم ؛ لأنّ ذلك لا يفهم من التسليم على ألسنة الفقهاء. وهذا المعنى منتفٍ في الذكر المنذور ، فإن أُريد بالنذر وقلنا بانعقاده ، لم يتصوّر مثله في التسليم بمعنى المحلّل ؛ لأنّ التسليم على الوجه المخصوص ليس عبادةً مطلقاً ، بل في مواضع مخصوصة ، فلا يمكن جَعْله عبادةً بالنذر ؛ لأنّها موقوفة على إذن الشارع ، بخلاف التكبير ؛ فإنّه عبادة مطلقاً ؛ لأنّه ذكر لله وثناء عليه.
وهذا بعينه جواب عن الصلاة الفاسدة والأبعاض المذكورة. ويزيد منع كونها مفتتحةً بتكبير ؛ لأنّ فاتحة الشيء جزؤه الأوّل ، كما في افتتاح الصلاة بالتكبير ، فإنّه جزؤها الأوّل
__________________
(١) جامع المقاصد ٢ : ٦.