(أتمّ فيها) أي : في المواطن ، وكذا في المواضع التي نوى فيها الإقامة (واعتبرت المسافة فيما بين كلّ موطنين ، فيقصّر) في الطريق (مع بلوغ الحدّ في طريقه) وهو المسافة (خاصّةً) أي : دون الموطن والطريق التي لا تبلغ الحدّ.
ولو اختلفت الطريق بين المواطن وإليها ، فلكلّ واحدة حكم نفسها.
وكما تعتبر المسافة بين كلّ موطنين ، كذلك تعتبر بين الأخير ومنتهى المقصد ، فإن لم يبلغها ، أتمّ من الأخير إلى المنتهي وإن عزم على العود على غير تلك الطريق ؛ لأنّ لكلّ واحد من الذهاب والإياب حكماً برأسه ، وقد ذكره المصنّف (١) في غير هذا الكتاب.
وكذا القول فيما بين منتهى المقصد وموضع مقام العشرة.
ولا فرق في ذلك بين ما نوى الإقامة فيه أو قبله.
واعلم أنّ منتهى السفر بين الموطنين على تقدير بلوغ الطريق المسافةَ هو حدود الوطن الذي يصل إليه ، وهو موضع سماع الأذان ورؤية الجدار ، كما يأتي. وكذا مبدأ السفر عند الخروج منه إلى الوطن الآخر ، وهذا لا إشكال فيه.
إنّما الكلام في أنّ موضع نيّة الإقامة مع تقدّمها عليه هل يلحق بالوطن فينقطع السفر بما ينقطع به في الوطن؟ فإنّه يحتمل قويّاً فيه ذلك أيضاً ؛ لصيرورته بحكم بلده في وجوب الإتمام فيه ، واشتراط المسافة في القصر بعد الخروج منه. ولأنّ تلك الحدود في حكم البلد ، بل هي العلّة في قطع السفر ، وعدم ابتدائه في الخروج بالنسبة إلى البلد.
ويحتمل العدم ؛ لتعليق الحكم في النصوص على السفر ، وهو شامل لهذه المواضع ، فإخراجها على خلاف الأصل في البلد لا يوجب التعدية ، وهو في حال الدخول مسافر ، فيستصحب حكمه حتى يخرج عنه اسم السفر.
وممّا يُضعّف كونها بحكم بلده من كلّ وجه : أنّه لو رجع فيها عن نيّة الإقامة قبل الصلاة تماماً أو ما في حكمها ، يرجع إلى القصر وإن أقام فيها أيّاماً وساوت غيرها من مواضع الغربة ، بخلاف البلد ، فدلّ ذلك على أنّ مجرّد نيّة الإقامة فيها قبل الوصول إليها لا يصيّرها في حكم البلد مطلقاً.
__________________
(١) تذكرة الفقهاء ٤ : ٣٩٢ ، الفرع «ز» ؛ نهاية الإحكام ٢ : ١٧٨.