على مركزها مقياس مخروطي محدّد الرأس طوله قدر ربع قطر الدائرة تقريباً نصباً مستقيماً بحيث يحدث عن جوانبه زوايا قوائم ، ويعلم ذلك بأن يقدر ما بين رأس المقياس ومحيط الدائرة بمقدار واحد من ثلاث نقط من المحيط ، ويرصد رأس الظلّ عند وصوله إلى محيطها للدخول فيها ممّا يلي الغرب قبل الزوال ، وبعد الزوال عند خروجه منها من جهة الشرق ، ويُعلّم على نقطتي الوصول ، وينصف القوس التي بين العلامتين من الجانبين ، أعني جهة الجنوب والشمال ، ويُخرِج من منتصفها خطّاً مستقيماً يمرّ بالمركز ، فهو خطّ نصف النهار الذي ينتهي أحد طرفيه بنقطة الجنوب والآخر بنقطة الشمال. ولك أن تكتفي بتنصيف القوس الشماليّة وتصل بين مركز الدائرة ومنتصف القوس ، فإذا ألقى المقياس ظلّه على هذا الخطّ الذي هو خطّ نصف النهار ، كانت الشمس في وسط السماء لم تزل ، فإذا ابتدأ رأس الظلّ يخرج عنه ، فقد زالت الشمس. ولو نصفت القوسين الحادثتين من قطع خطّ نصف النهار للدائرة ووصلت بينهما بخطّ يقاطع خطّ نصف النهار على أربع زوايا قوائم كلّ منها ربع المحيط ، كان ذلك الخطّ خطّ المشرق والمغرب ، فيتّصل أحد طرفيه بنقطة مشرق الاعتدال والآخر بنقطة مغربه.
وسيأتي في باب القبلة الاحتياج إليها إن شاء الله ، فإنّ بهذه الدائرة تعرف القبلة أيضاً بنوع من التحقيق.
ومن الطّرق الدقيقة التي يعلم بها الزوال أيضاً : الأسطرلاب ، وربع الدائرة ، ودائرة المعدّل ، وغيرها من الأعمال ، وقد ذكرها أيضاً بعض (١) الأصحاب.
بقي هنا بحث شريف لا بدّ من التنبّه له ، وهو : أنّ المصنّف (٢) وجماعة (٣) مثّلوا من البلاد التي يعلم الزوال فيها بحدوث الظلّ بعد عدمه مكّة وصنعاء في أطول أيّام السنة ، وهو يوم واحد عند نزول الشمس السرطان.
وحكى بعضهم (٤) فيه قولاً آخر ، وهو : أنّ ذلك يكون بالبلدين قبل أن ينتهي طول
__________________
(١) كالشيخ الطوسي في النهاية : ٥٨ ؛ والقاضي ابن البرّاج في المهذّب ١ : ٧٢.
(٢) نهاية الإحكام ١ : ٣٣٣.
(٣) منهم : الشهيد في الدروس ١ : ١٣٨ ؛ والذكرى ٢ : ٣٢١ ؛ والسيوري في التنقيح الرائع ١ : ١٦٧ ١٦٨ ؛ والمحقّق الكركي في جامع المقاصد ٢ : ١٢.
(٤) المحقّق الكركي في جامع المقاصد ٢ : ١٢ ؛ وانظر منتهى المطلب ٤ : ٤٢ ؛ وتذكرة الفقهاء ٢ : ٣٠١.