أقول : ظاهر
كلام الشيخ في النهاية والمبسوط يقتضي التحريم ، وهو الظاهر من كلام ابن ادريس ، لكن
الشيخ رحمهالله احتج بقوله تعالى «
سَواءً
الْعاكِفُ فِيهِ وَالْبادِ » .
وأما ابن ادريس
، فانه احتج بالاجماع ، ثم قال : فاما الاستشهاد بالآية ، فضعيف ، اذ الضمير راجع
الى ما تقدم وليس الا المسجد الحرام ، ولا دلالة على الدور التي بمكة بشيء من
الدلالات ، بل اجماع أصحابنا منعقد وأخبارهم متواترة ، فان لم تكن متواترة ، فهي
متلقاة بالقبول لم يدفعها أحد منهم ، فالاجماع هو الدليل القاطع على ذلك دون غيره.
والحق الجواز
على كراهية. أما الجواز ، فللاخبار الدالة على أن الناس مسلطون على أموالهم. وأما
الكراهية ، فلرواية صفوان عن الحسين بن أبي العلاء قال : ذكر أبو عبد الله عليهالسلام هذه الآية « سَواءً الْعاكِفُ
فِيهِ وَالْبادِ » فقال : كانت مكة ليس على شيء منها باب ، وكان أول من
علق على بابه المصراعين معاوية بن أبي سفيان ، وليس ينبغي لاحد أن يمنع الحاج شيئا
من الدور ومنازلها .
ولفظة « لا
ينبغي » يراد بها الكراهية ظاهرا ، فيحمل عليها.
واعلم أن هذا
الخلاف مبني على تفسير المسجد الحرام ، قيل : المراد به المسجد نفسه ، فعلى هذا لا
يحرم المنع. وقيل : المراد به الحرم كله.
فعلى هذا ان
قلنا ان المراد بقوله تعالى « سواء » أي : العاكف أعني المقيم والبادي أي الآتي
للحج والعمرة سواء بالنزول فيه ، كما فسره به بعضهم ، والا فلا.
__________________