ولم يكن اشترط لم يكن له أن يخرج ويفسخ اعتكافه حتى تمضي ثلاثة أيام (١).
وقال علم الهدى : لا يجب بالشروع ، سواء مضى يومان أو لم يمض ، واختاره ابن ادريس والمصنف في المعتبر (٢) ، وهو الاقوى عندي.
لنا ـ اصالة براءة الذمة ، ولان الوجوب حكم شرعي ، فيقف على الدليل الشرعي ، ولانها عبادة مندوبة ، فلا تجب بالشروع كغيرها ، والحج انما أوجبناه للدليل القطعي ، وهو قوله تعالى « وَأَتِمُّوا الْحَجَّ » (٣) والمطلق لا عموم له ، فيكفي في العمل به تنزيله على صورة واحدة ، والرواية محمولة على تأكد الاستحباب جمعا بين الادلة.
قال رحمهالله : اذا نذر اعتكاف شهر معين ولم يشترط التتابع ، فاعتكف بعضه وأخل بالباقي ، صح ما فعل وقضى ما أهمل ، ولو تلفظ فيه بالتتابع استأنف.
أقول : الفرق بين الشهر المعين وبين المنذور متتابعا ، أن وجوب تتابعه لضرورة الوقت ، لا لان التتابع مقصود فيه بالذات ، فاذا اعتكف بعضه كان صحيحا مجزيا ، لوقوعه على الوجه المأمور به شرعا ، ويجب عليه قضاء الباقي فقط.
وأما المنذور متتابعا ، فقد صار التتابع مقصودا فيه بالذات. فاذا اعتكف بعضها وأخل ببعض ، وجب الاستئناف لاخلاله بالصفة.
واعلم أن تحقيق هذا المقام أن نقول : الشهر المنذور لا يخلو من أحد أمرين : اما أن ينذره مسمى ، كأن يقول : لله علي أن اعتكف شهر رمضان. أو لا ، كأن يقول : لله علي أن اعتكف شهرا ويطلق. والاول على أقسام :
الاول : أن يضيف الى ذلك التعيين فقط كأن يقول : شهر رمضان هذه السنة.
__________________
(١) تهذيب الاحكام ٤ / ٢٩٠ ، ح ١١.
(٢) المعتبر ٢ / ٧٣٧.
(٣) سورة البقرة : ١٩٦.