والرواية قاصرة عن افادة المطلوب ، بل انما تدل على اشتراط وجود ما يمونه ويمون عياله الى حين ايابه ، ونحن نقول به.
والثاني مذهب السيد المرتضى وابن أبي عقيل وابن الجنيد ، واختاره ابن ادريس ، حتى أنه ادعى الاجماع عليه ، ولعله أقرب ، لعموم قوله تعالى « وَلِلّهِ عَلَى النّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً » (١) وهذا يصدق عليه أنه مستطيع.
ويؤيده قول الصادق عليهالسلام : من كان صحيحا في بدنه مخلا في سربه له زاد وراحلة ، فهو ممن يستطيع الحج (٢). وفي معناها رواية الحلبي عنه عليهالسلام (٣) ورواية محمد بن مسلم عن الباقر عليهالسلام (٤).
قال رحمهالله : يقضى الحج من أقرب الاماكن ، وقيل : يستأجر من بلد الميت وقيل : ان اتسع المال فمن بلده ، والا فمن حيث يمكن ، والاول أشبه.
اقول : اختلف الاصحاب في هذه المسألة ، فذهب الشيخ في المبسوط (٥) والخلاف (٦) الى الاول ، وان كان الافضل اخراجه من بلده ، والمراد بأقرب الاماكن هنا الميقات ، عملا باصالة البراءة ، ولان الواجب ليس الا الحج ، وليس قطع المسافة جزءا منه ، بدليل أنه لو اتفق حضور المكلف بعض المواقيت لا لقصد الحج أجزأه الحج من الميقات اجماعا ، ولو كان قطع المسافة جزءا منه لما صح هذا. واذا لم يكن القطع جزءا ، لم يجب الاستيجار من البلد.
__________________
(١) سورة آل عمران : ٩٧.
(٢) تهذيب الاحكام ٥ / ٣ ، ح ٢.
(٣) تهذيب الاحكام ٥ / ٣ ، ح ٣.
(٤) تهذيب الاحكام ٥ / ٣ ـ ٤ ، ح ٤.
(٥) المبسوط ١ / ٣٠٤.
(٦) الخلاف ١ / ٤١٦ مسألة ١٨.