أقول : القولان ذكرهما الشيخ رحمهالله في المبسوط (١) ، واختار الاول على الاولوية ، ويؤيده أن الآية الدالة على الامر بالثبات خاصة ، وأنه الحفظ عامة ، والخاص مقدم على العام ، فيعمل به في غير صورة الخاص.
ويضعف بأن العمل بالخاص وتقديمه على العام انما يجب اذا لم يمكن العمل بالخاص ، الا مع تخصيص العام. أما اذا أمكن اجراء العام على عمومه والعمل بالخاص من وجه دون وجه ، فلا يجب تقديمه عليه ، بل يكون عدم التقديم أولى اذ العمل بأحد الدليلين من كل الوجوه وبالآخر من وجه دون آخر أولى من العمل بكل منهما من وجه دون آخر ، لان العمل به من كل وجه تنزيل له على كل مفهوماته ، فيكون أكثر فائدة.
وفيه نظر ، اذ ليس اجراء آية الحفظ على عمومها وتخصيص آية الثبات أولى من العكس.
ويحتمل أن يقال : تخصيص آية الثبات أولى ، لقوله تعالى « إِنَّ اللهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ (٢) » الآية ، فمدحهم تعالى على ذلك. ولو كان الثبات مع العطب منهيا عنه ، لما مدحهم على ذلك.
قال رحمهالله : ولو كان المسلمون أقل من ذلك لم يجب الثبات ، ولو غلب على الظن السلامة استحب ، ولو غلب العطب قيل : يجب الانصراف. وقيل : يستحب ، وهو أشبه.
أقول : القولان نقلهما الشيخ رحمهالله في المبسوط (٣) ، واختار الثاني ، وانما كان أشبه لاعتضاده بالاصل.
__________________
(١) المبسوط ٢ / ١٠.
(٢) سورة التوبة : ١١١.
(٣) المبسوط ٢ / ١٠.