أقول : ظاهر كلام الشيخ في النهاية (١) والمبسوط (٢) يقتضي التحريم ، وهو الظاهر من كلام ابن ادريس ، لكن الشيخ رحمهالله احتج بقوله تعالى « سَواءً الْعاكِفُ فِيهِ وَالْبادِ » (٣).
وأما ابن ادريس ، فانه احتج بالاجماع ، ثم قال : فاما الاستشهاد بالآية ، فضعيف ، اذ الضمير راجع الى ما تقدم وليس الا المسجد الحرام ، ولا دلالة على الدور التي بمكة بشيء من الدلالات ، بل اجماع أصحابنا منعقد وأخبارهم متواترة ، فان لم تكن متواترة ، فهي متلقاة بالقبول لم يدفعها أحد منهم ، فالاجماع هو الدليل القاطع على ذلك دون غيره.
والحق الجواز على كراهية. أما الجواز ، فللاخبار الدالة على أن الناس مسلطون على أموالهم. وأما الكراهية ، فلرواية صفوان عن الحسين بن أبي العلاء قال : ذكر أبو عبد الله عليهالسلام هذه الآية « سَواءً الْعاكِفُ فِيهِ وَالْبادِ » فقال : كانت مكة ليس على شيء منها باب ، وكان أول من علق على بابه المصراعين معاوية بن أبي سفيان ، وليس ينبغي لاحد أن يمنع الحاج شيئا من الدور ومنازلها (٤).
ولفظة « لا ينبغي » يراد بها الكراهية ظاهرا ، فيحمل عليها.
واعلم أن هذا الخلاف مبني على تفسير المسجد الحرام ، قيل : المراد به المسجد نفسه ، فعلى هذا لا يحرم المنع. وقيل : المراد به الحرم كله.
فعلى هذا ان قلنا ان المراد بقوله تعالى « سواء » أي : العاكف أعني المقيم والبادي أي الآتي للحج والعمرة سواء بالنزول فيه ، كما فسره به بعضهم ، والا فلا.
__________________
(١) النهاية ص ٢٨٤.
(٢) المبسوط ١ / ٣٨٤.
(٣) سورة الحج : ٢٥.
(٤) فروع الكافى ٤ / ٢٤٣ ـ ٢٤٤.