بهذا كله فهي لم تأت ببدعة تؤدي بها إلى الكفر. وكيف تأتي بها وهي تقرّ بهذه الأصول ..؟
وإذا كانت جميع الفرق قد تساوت في المعتقد حسب هذه الأصول فمن الذي يملك سلطة الحكم على أحدها بالبدعة والانحراف عن الدين. وما الذي يميزه عن الآخرين حتى يملك هذه السلطة؟
والجواب يظهر لنا من خلال تحديد الإطار المذهبي لأهل السنة وذلك الإطار الذي تميزت به عن الفرق الأخرى وأصبح أساسها في الحكم على الآخرين بالبدعة والانحراف.
إلاّ أن الفرق الأخرى التي سوف نعرض لها في هذا الكتاب لم تتمرد على نهج أهل السنة ولم تحطم هذا الإطار بل التزمت به وكان افتراقها وتعددها لأسباب أخرى تعود إلى أهل السنة وإطارهم وهو إن دل على شيء فإنما يدل على بطلان انحصار فكرة الفرقة الناجية في دائرتهم.
إن إطار أهل السنة يقوم في الأساس على الرواية ، واعتمادهم المطلق على الرواية كان السبب المباشر في إصطدامهم بالآخرين ونفور الآخرين منهم ، فعلى أساس الرواية ـ التي هي ليست محل تسليم مطلق من قبل الآخرين ـ بنوا معتقدات أصبحت أساس الحكم على الآخرين ، وقد برزت من خلال الرواية فكرة عدالة الصحابة ومبدأ إطاعة الحاكم وتقديس الخلفاء ووصف الله سبحانه بالنزول والصعود والضحك والغيرة وغيرها من