من الواجب بداية تحديد الإطار المذهبي لأهل السنة ، فإن هذا التحديد سوف يساعدنا في حصر الفرق التي تولدت من خلالهم وفق هذا الإطار ، إذ أن المتتبع لتاريخ أهل السنة يتبين له أنهم تبرأوا من الكثير من الفرق بحجة انحرافها عن المعتقد الصحيح معتقد الفرقة الناجية ـ حسب تصورهم ـ بينما هذه الفرق في الحقيقة لا تتناقض في عقائدها وتصوراتها مع عقائدهم ، فمن ثم ليس لأهل السنة الحق في نبذ هذه الفرق والتبرأ منها.
قال البغدادي : الصحيح عندنا أن أمة الإسلام تجمع المقرين بحدوث العالم وتوحيد صانعه وقدمه وصفاته وعدله وحكمته ونفي التشبيه عنه ، وبنبوة محمد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ورسالته إلى الكافة وبتأييد شريعته ، وبأن كل ما جاء به حق وبأن القرآن منبع أحكام الشريعة وأن الكعبة هي القبلة التي تجب الصلاة إليها ، فكل من أقر بذلك كله ولم يشبه ببدعة تؤدي إلى الكفر فهو السني الموحد (١).
ويوسع من إطار الفرقة الناجية بحيث تشمل جميع الفرق الإسلامية لا أهل السنة وحدهم ، فجميع الفرق الإسلامية بمختلف توجهاتها تقر وتعتقد بكل ما جاء في كلام البغدادي ، وما دامت جميع الفرق قد أقرت
__________________
١ ـ الفرق بين الفرق ، الباب الثاني ، الفصل الأول في بيان المعنى الجامع للفرق المختلفة في اسم ملة الإسلام على الجملة.