يعد تفرق الصحابة في البلدان بعد وفاة الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) السبب المباشر في بروز الفرق في واقع المسلمين ، فقد نقل كل صحابي إلى البلد الذي استقر فيه روايات وسنن عن الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) مختلفة عن الصحابي الآخر (١).
وكان أن نشأت فى كل بلد فرقة على أساس هذه الروايات والسنن تتبنى عقائد ومفاهيم مختلفة عن فرق البلدان الآخرى.
ولم يكن الواقع في فترة القرن الأول ـ فترة حركة الصحابة في البلدان ـ قد تبلورت في دائرته تلك المفاهيم العقائدية التي نبعت من خلال علم الكلام والتي تكونت منها كتب العقائد فيما بعد.
من هنا فإن الفرق التي برزت في تلك الفترة لم تكن ذات أطر عقائدية محددة ، فلم تكن هناك حاجة لتلك الأطر لقرب العهد بعصر الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، ولعدم وجود فرق مخالفة بارزة على الساحة تشكل تحدياً للاتجاه السائد الاتجاه الأموي والتابعين الذين ساروا في ركابه (٢).
__________________
١ ـ لم يكن الصحاية ملتصقون بالرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) دائماً إنما كانوا يلتقون به على فترات غير منتظمة ، من هنا فإن تلقيهم عن الرسول كان متفاوتاً ، وهذا لا يعني أن هناك فئة خاصة كانت ملتصقة بالرسول على الدوام.
٢ ـ كان هناك تيار الخوارج وتيار الشيعة إلاّ أنهما كانوا محظورين ولم يكن لهما وجوداً علنياً بارزاً.