يقتضي ألا يكون فيهم من بغى ، ومن غيره أولى بالحق منهم ، بل فيهم هذا وهذا.
وأما قوله ( صلى الله عليه وسلم ) : تقتلهم أولى الطائفتين بالحق .. فهذا دليل على أن علياً ومن معه كان أولى بالحق إذ ذاك من الطائفة الأخرى ، وإذا كان الشخص أو الطائفة مرجوحاً في بعض الأحوال ، لم يمنع أن يكون قائماً بأمر الله ، وأن يكون ظاهراً بالقيام بأمر الله عن طاعة الله ورسوله ، وقد يكون الفعل طاعة وغيره أطوع منه.
وأما كون بعضهم باغياً في بعض الأوقات ، مع كون بغيه خطأ مغفور ، أو ذنباً مغفوراً ، فهذا أيضاً ـ لا يمنع ما شهدت به النصوص ، وذلك أن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أخبر عن جملة أهل الشام وعظمتهم ، ولا ريب أن جملتهم كانوا أرجح في عموم الأحوال (١).
ويظهر لنا من كلام ابن تيمية هذا ـ وهو من فقهاء الشام ـ ميله لأهل الشام وتبريره لشنائعهم في الوقت الذي يحاول فيه إظهار تعاطفه مع الإمام علي ( عليه السلام ) من خلال تعليقه على حديث : .. تقتلهم أولى الطائفتين بالحق. وهو حديث يشير إلى وقعة صفين بين الإمام علي ومعاوية ، في الوقت الذي أجهد نفسه في تبرير وتأويل جريمة معاوية بقتاله الإمام.
وكان البخاري من قبل ابن تيمية قد روى حديث الطائفة المنصورة عن طريق معاوية الذي قال : سمعت النبي ( صلى الله عليه وسلم ) يقول من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين وإنما أنا قاسم ويعطي الله ولن يزال أمر هذه الأمة مستقيماً حتى
__________________
١ ـ الفتاوى الكبرى ج ٤ / ٤٤٧ وما بعدها.