وتقدم اليهم فيه ، فمن خالف امرك فخذ يدك فوق يده بالعقوبة الموجعة ، ان شاء أو أبى .
ذكر ما ينبغي للوالي ان ينظر فيه من امور اهل الفقر والمسكنة :
ولا تضيّعن امور الطائفة الاخرى من المساكين وذوي الحاجات ، وان تجعل لهم قسماً من مال الله ، يقسم فيهم مع الحقّ المفروض الذي جعل الله لهم في كتابه من الصدقات ، وفرّق ذلك في اعمالك ، فليس أهل موضع احقّ به من أهل موضع ، بل لاقصاهم من الحق ما لادناهم ، وكلّ قد استرعيت امره ، فلا يشغلنك عن تعاهد امورهم النظر في امر غيرهم ، فان لكلّ منك نصيباً لا تعذر بتضييعه ، وتفقد حاجات مساكين الناس وفقرائهم ، ممّن لا تصل إليك حاجته ، وممن تقتحمه العيون ، وتحقره الناس ، عن رفع حاجاته اليك ، وانصب لهم أوثق من عندك في نفسك نصيحة ، واعظمهم في الخير حسبة (٧٧) ، واشدّهم لله تواضعاً ، ممن لا يحقّر الضعفاء ، ولا يستشرف العظماء ، ومرهم فليرفعوا اليك امورهم ، ثم انظر فيها نظراً حسناً ، فان هزيل الرعية احوج إلى الانصاف والتعاهد من ذوي السمانة ، وتعاهد أهل الزمانة والبلاء ، وأهل اليتم والضعف ، وذوي الستر من أهل الفقر ، الذين لا ينصبون انفسهم لمسألة يعتمدون عليها ، فاجعل لهم من مال الله نصيباً ، تريد بذلك وجه الله والقربة اليه ، فان الاعمال انّما تخلص بصدق النيات .
ذكر ما ينبغي أن يأخذ الوالي به نفسه من (٧٨) الأدب وحسن السيرة :
ولا بدّ وان اجتهدت في اعطاء كلّ ذي حقّ حقّه ، ان تتطلع انفس طوائف منهم الى مشافهتك بالحاجات ، وذلك على الولاة ثقل ومؤونة ، والحق ثقيل الّا على من خففه الله عليه ، ولذلك ثقل ثوابه في الميزان ، فاجعل لذوي الحاجات ( من
_________________________
(٧٧) في المصدر : خشية .
(٧٨) في الطبعة الحجرية : « في » ، وما أثبتناه من المصدر .