نفسك قسما ) (٧٩) ووقتاً ، تأذن لهم فيه ، وتتسع بما يرفعونه اليك ، وتلين لهم جناحك ، وتحتمل خرق ذوي الخرق منهم ، وعيّ اهل العيّ فيهم ، بلا انفة منك ولا ضجر ، فمن اعطيت منهم فاعطه هنيئاً ، ومن حرمت منهم فامنعه باجمال وحسن ردّ ، وليس من شيء اضيع لامور الولاة من التواني ، واغتنام تأخير يوم الى يوم ، وساعة الى ساعة ، والتشاغل بما لا يلزم عمّا يلزم ، فاجعل لكل شيء تنظر فيه وقتاً لا يقصر به عنه ، ثم افرغ فيه مجهودك ، وامض لكلّ يوم عمله ، واعط لكلّ ساعة قسطها ، واجعل لنفسك فيما بينك وبين الله افضل تلك المواقيت ، وان كانت كلّها لله اذا صحّت نيّتك ، ولا تقدم شيئاً على فرائض دينك في ليل ولا نهار ، حتى تؤدّي ذلك كاملاً موفّراً ، ولا تطل الاحتجاب ، فان ذلك باب من سوء الظن بك ، وداعية الى فساد الامور عليك ، والناس بشر لا يعرفون ما غاب عنهم ، وتخيّر حجابك ، وأقص منهم كلّ ذي اثرة على الناس ، وتطاول وقلّة انصاف ، ولا تقطع احداً من حشمك ولا من اهلك ضيعة ، ولا تأذن لهم في اتخاذها ، اذا كان يضرّ فيها بمن يليه من الناس ، ولا تدفعن صلحاً دعاك اليه عدوّك ، فان في الصلح دعة للجنود ، ورخاء للمهموم (٨٠) ، وامناً للبلاد ، فان امكنتك القدرة والفرصة من عدوّك ، فانبذ عهده اليه ، واستعن بالله عليه ، وكن اشدّ ما تكون لعدوّك حذراً ، عندما يدعوك الى الصلح ، فان ذلك ربّما كان مكراً وخديعة ، واذا عاهدت فحط عهدك بالوفاء ، وارع ذمّتك بالامانة والصدق ، واياك والغدر بعهد الله ، والاخفار لذمّته ، فان الله جعل عهده اماناً امضاه بين العباد برحمته ، والصبر على ضيق ترجو انفراجه ، خير من غدر تخاف اوزاره وتباعته وسوء عاقبته ، واياك والتسرع الى سفك الدماء لغير حلّها ، فانه ليس شيء اعظم من ذلك تباعة ، ولا تطلبن تقوية ملك زائل لا تدري ما حظّك من بقائه وبقائك له ، بهلاك نفسك والتعرض لسخط ربّك ، اياك والاعجاب بنفسك والثقة بها ، فان ذلك من أوثق فرص الشيطان في نفسه اياك ، والعجلة بالامور
_________________________
(٧٩) في نسخة : قسماً من نفسك .
(٨٠) في نسخة والمصدر : للهموم .