حقّ نفسه ، اضرّ به ذلك في شدّة ملكه ، او في لذات بدنه ، أو في حسن ذكره في الناس ، وهل تجد احداً ممّن ساءت في الناس سيرته ، واشتدت عليهم مؤونته ، كان له بذلك من العزّ في ملكه ، مثل ما دخل عليه من النقص به في دنياه وآخرته ، فلا تنظر الى ما تجمع من الاموال ، ولكن انظر الى ما تجمع من الخيرات ، وتعمل من الحسنات ، فان المحسن معان ، والله وليّ التوفيق ، والهادي الى الصواب .
ذكر ما ينبغي ان ينظر فيه من امور كتّابه :
انظر كتّابك ، فاعرف حال كل امرىء منهم فيما يحتاج إليه منه ، فان للكتّاب منازل ، ولكل منزلة منها حقّ من الادب لا يحتمله غيره ، فاجعل لولاية عليا امورك منهم رؤساء تتخيرهم لها ، على مبلغ كل امرىء منهم في احتمال ما تولّيه ، وولّ كتابة خواص رسائلك ، التي تدخل بها في مكيدتك ومكنون سرّك ، اجمعهم لوجوه صالح الادب ، واعونهم لك على امر من جلائل الامور ، واجزلهم فيها رأياً ، واحسنهم فيها ديناً ، وأوثقهم فيها نصحاً ، واطواهم (٦٩) عنك لمكنون الاسرار ، ممّن لا تبطره الكرامة ، ولا يزدهيه الألطاف ، ولا تنجم به دالّة يمتن بها عليك في خلاء ، أو يلتمس اظهارها في ملاء ، واصدار ما ورد عليه من كتب غيرك ، عن استعمال معرفة الصواب فيما يأخذ لك ويعطي منك ، ولا يضعف عقدة عقدها لك ، ولا يعجز عن اطلاق عقدة عقدت عليك ، ولا يجهل في (٧٠) ذلك معرفة نفسه ، ومبلغ قدره في الامور ، فانه من جهل قدر نفسه كان بقدر غيره اجهل ، وولّ ما دون ذلك من كتابة رسائلك وخراجك ودواوين جنودك ، كتّاباً تجهد نفسك في اختيارهم ، فانها رؤوس اعمالك ، واجمعها ( لنفعك ونفع ) (٧١) رعيّتك ، فلا يكونن اختيارك ولاتها (٧٢) على فراستك فيهم ، ولا على
_________________________
(٦٩) في نسخة : وأحملهم .
(٧٠) في نسخة والمصدر : مع .
(٧١) في المصدر : لمنفعتك ومنفعة .
(٧٢) في المصدر : لهم .