العمل (٦٣) يحتمل باذن الله ما حمّلت عليه ، وعمران البلاد انفع من عمران الخزائن ، لان مادة عمران الخزائن انما تكون من عمران البلاد ، واذا خربت البلاد انقطعت مادّة الخزائن ، فخربت بخراب الارض ، وانما يؤتى خراب الارض وهلاك أهلها ، من اسراف انفس الولاة في الجمع ، وسوء ظنهم بالمدة ، وقلّة انتفاعهم بالغير (٦٤) ، ليس بهم [ إلا ] (٦٥) أن يكونوا يعرفون [ أن ] (٦٦) التخفيف واستجمامهم بذلك في العام للعام القابل ، والانفاق على ما ينبغي الانفاق عليهم منها ، ما هو ازجى لخراجها ، واحسن لاثرهم فيها ، ولكنهم يقولون ويقول القائل لهم : لا تؤخروا جباية العام الى قابل ، كأنكم واثقون بالبقاء الى قابل ، ولكفى عجباً برأيهم في ذلك ، وبرأي من يزينه لهم ، فما الوالي الّا على احدى منزلتين : اما ان يبقى الى قابل ، فيكون قد اصلح الارض واستصلح رعيّته ، فرأى حسناً في عاقبة اثره (٦٧) في ذلك ، ما تقرّ به عينه ، ويكثر به سروره ، وتقلّ به همومه ، ويستوجب به حسن الثواب على ربّه ، واما ان تنقطع مدته قبل القابل ، فهو الى ما عمل به من صلاح واحسان احوج ، والثناء عليه (٦٨) والدعاء له اكثر ، والثواب له عند الله افضل ، وان جمع لغيره في الخزائن ، ما اخرب به البلاد وأهلك به الرعية ، صار مرتهناً لغيره والاثم فيه عليه ، وليس تبقى من امور الولاة الّا ذكرهم ، وليس يذكرون الّا بسيرهم وآثارهم ، حسنة كانت أم قبيحة ، فاما الاموال فلا بدّ من أن يؤتى عليها ، فيكون نفعها لغيره ، أو لنائبة من نوائب الدهر تأتي عليها ، فتكون حسرة على أهلها ، وان احببت ان تعرف عواقب الاحسان والاساءة ، وضياع العقول من ذلك ، فانظر في امور من مضى من صالح العمال والولاة وشرارهم ، وهل تجد منهم احداً ممّن حسّنت في الناس سيرته وخفّت عليهم مؤونته ، اذا سخط باعطاء
_________________________
(٦٣) في المصدر : العدل .
(٦٤) في المصدر : بالعبر .
(٦٥ ـ ٦٦) أثبتناه من المصدر .
(٦٧) في المصدر : أمره .
(٦٨) في المصدر زيادة : أحسن .