فاغتسل لصلاة العيد
، وتعمّم بعمامة بيضاء ألقى طرفاً منها على صدره ، وطرفاً منها بين كتفيه ، وأمر
مواليه أن يفعلوا مثل ذلك ، وخرج عليهالسلام
حافياً وبيده عكّاز وكان لا يسير خطوة إلاّ رفع رأسه فكبّر ، وقد تخيّل إلى الناس
أنّ الهواء وحيطان البيوت تجاوبه.
وكان القوّاد وسائر الناس قد تزيّنوا
ولبسوا السلاح وتهيّأوا بأحسن هيئة كما كانوا يفعلون مع ملوكهم ، وواصل الإمام
مسيرته بتلك الهيئة التي تعنو لها الجباة ، وقد رفع صوته قائلاً :
( الله أكبر ، الله أكبر على ما هدانا ،
الله أكبر على ما رزقنا من بهيمة الأنعام ، والحمد لله على ما أبلانا .. ).
ورفع الناس أصواتهم يدعون بدعائه ، وهم
يبكون ، وقد تذكّروا في الإمام ما كان يفعله رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وبان لهم ضلال أولئك الحكّام وأنّهم
على غير الحق ، وصارت مرو ضجّة واحدة ، وسقط القوّاد من دوابهم ويقول بعض المؤرخين
أن السعيد منهم من كان يعرف أحداً فيعطيه دابته ليوصلها إلى أهله.
وكان الإمام إذا سار عشر خطوات وقف
فكبّر الله أربعاً ، وتابعه الناس في ذلك ، وقد علا منهم البكاء فقد رأوا في
الإمام امتداداً ذاتياً لشخصيّة جدّه الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم
المحرّر الأكبر للإنسانية المعذّبة ، وقد وصف البحري خروج الإمام إلى الصلاة بقوله
:
ذكروا بطلعتك النبي فهلّلواّ
|
|
لماطلعت من الصفوف وكبّروا
|
حتى انتهيت إلى المصلى لابساً
|
|
نور الهدى يبدو عليك فيظهر
|
ومشيت مشية خاشع متواضع
|
|
لله لا يزهو ولا يتكبّر
|
ولو أنّ مشتاقاً تكلّف غير ما
|
|
في وسعه لمشى إليك المنبر
|
____________