ساجد باك يقول سجد لك سوادي وخيالي وآمن بك فؤادي أبوء إليك بالنعم وأعترف لك بالذنب العظيم عملت سوءا و « ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي » إنه لا يغفر الذنب العظيم إلا أنت أعوذ بعفوك من عقوبتك وأعوذ برضاك من سخطك وأعوذ برحمتك من نقمتك وأعوذ بك منك لا أبلغ مدحك والثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك أستغفرك وأتوب إليك فلما انصرف قال يا عائشة لقد أوجعت عنقي أي شيء خشيت أن أقوم إلى جاريتك؟.
______________________________________________________
برضاك من سخطك وبمعافاتك من عقوبتك وأعوذ بك منك لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك ، وفي رواية بدأ بالمعافاة ثم بالرضا إنما : ابتدأ بالمعافاة من العقوبة لأنها من صفات الأفعال كالإماتة والإحياء والرضا والسخط من صفات الذات وصفات الأفعال أدنى رتبة من صفات الذات فبدأ بالأدنى مترقيا إلى الأعلى ثم لما ازداد يقينا وارتقاء ترك الصفات وقصر نظره على الذات فقال أعوذ بك منك ثم لما ازداد قربا استحيا معه من الاستعاذة إلى بساط القرب فالتجاء إلى الثناء فقال لا أحصي ثناء عليك ثم علم إن ذلك قصور فقال أنت كما أثنيت على نفسك ، وأما على رواية الأولى فإنما قدم الاستعاذة بالرضا عن السخط لأن المعافاة من العقوبة تحصل. بحصول الرضا وإنما ذكرها لأن دلالة الأول تضمين فأراد أن يدل عليها دلالة مطابقة فكني عنها أولا ثم صرح بها ثانيا ولأن الراضي قد يعاقب إلى المصلحة أو لاستيفاء حق الغير انتهى ، وقال الخطابي في هذه الاستعاذة لطف حيث استعاذ من الشيء بضده فلما انتهى إلى ما لا ضد له استعاذ به منه ، وقيل : الأولى تقدير شيء والمعنى أعوذ بك من عقوبتك لما ورد خبر امرأة استعاذت من النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فأبعدها عنه.
قوله عليهالسلام : « لا أبلغ » أي لا يبلغ علمي بمدحك ولا أطيق بما تستحق ، أو علمي بنعمك التي تمدح بها لأنها غير متناهية ، وعلم البشر متناه. فكيف يحيط بغير المتناهي وقدرتهم كذلك؟ نعم : تعلم أنت بعلمك الشامل نعمك وفضائلك ، وبقدرتك تحصيها فالمطلوب الاعتراف بالعجز ورد كل شيء إليه تعالى.