ثم قبّلت وجهه الكريم ، وكان ما اجمله وأنوره وأبهاه من وجهٍ.
فالتفت اليّ بكل لطف وقال : ضيّعتم الطريق.
قلت : نعم ضيّعنا الطريق.
قال : جئت لاُريكم الطريق .. تسلكون هذا الطريق المستقيم وتعبرون عن ذينك الجبلين ، فيظهر لكم جبلان آخران؛ تسلكون من وسطهما ، فتظهر لكم الجادة ـ طريق العراق ـ أمامكم ، فسيروا الى الطرف الأيسر تصلون الى الحدود العراقية الحجازية ، «جرية».
ثم قال : النذر الذي نذر تم ليس بصحيح ، لأنه مرجوح. فانكم اذا انفقتم جميع مالديكم ، لم يبق لديكم شيء وانتم باقون في العراق أربعين يوماً ، فتحتاجون الى السؤال والتگدّي ، وهو حرام.
احسبوا أموالكم واعرفوا مقداره ، ثم حينما تصلون الى وطنكم انفقوا في سبيل اللّه تعالى بذلك المقدار.
ثم قال لي : اجمع رفاقك واركبوا السيارة وتحرّكوا حتى تصلون الجرية في اول المغرب.
فناديت أصحابي ، وجاؤوا واحداً واحداً ، سلّموا عليه وقبّلوا يده.
وقلت لهم : اركبوا ، فقد دلّاني على الطريق ، وذكر لي ان النذر الذي نذرتموه غير صحيح.
وأضاف هو قوله : أنا ادري أن الذي معكم يكفيكم ، وإلّا أنا أعطيكم.
ثم تقدّمتُ اليه أنا ـ حرصاً على أن لا نضيّع الطريق مرة أخرى ـ وأخرجتُ قرآناً كان في جيبي وأقسمت عليه : بحق هذا القرآن الكريم أن يكون معنا في السيارة ويوصلنا الى الجرية.
فقال : لِمَ أقسمتَ عليّ بالقرآن؟ والآن حيث أقسمت أجيء معكم.