«ان اكثر المخالفين يسلّمون لنا حديث الخضر عليهالسلام ويعتقدون فيه أنّه حيٌّ غائب عن الأبصار ، وأنّه حيث ذُكر حَضَر ، ولا ينكرون طول حياته ، ولا يحملون حديثه على عقولهم ويدفعون كون القائم عليهالسلام وطول حياته في غيبته.
وعندهم أنَّ قدرة اللّه عزّ وجلّ تتناول إبقاءه الى يوم النفخ في الصور ، وإبقاء إبليس مع لعنته الى يوم الوقت المعلوم في غيبته ، وأنّها لا تتناول إبقاءه حجّة اللّه على عباده مدَّة طويلة في غيبته ، مع ورود الأخبار الصحيحة بالنصِّ عليه بعينه واسمه ونسبه عن اللّه تبارك وتعالى وعن رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم وعن الأئمّة عليهمالسلام» (١).
وقال شيخ الطائفة :
«فان قيل : ادعاؤكم طول عمر صاحبكم امر خارق للعادات مع بقاءه على قولكم كاملَ العقل تامَّ القوة والشباب ، لأنه على قولكم في هذا الوقت ـ الذي هو سنة سبع واربعين واربعمائة ـ واحد وتسعون سنة.
لأن مولده على قولكم سنة ست وخمسون ومائتين ولم تجر العادة بان يبقى احد من البشر هذه المدة ، فكيف انتقضت العادة فيه؟ ولا يجوز انتقاضها الا على يد الأنبياء.
قلنا : الجواب عن ذلك من وجهين :
احدهما : انا لا نسلم ان ذلك خارق لجميع العادات.
بل العادات فيما تقدم قد جرت بمثلها واكثر من ذلك ، وقد ذكرنا بعضها كقصة الخضر عليهالسلام ، وقصة اصحاب الكهف ، وغير ذلك.
وقد اخبر اللّه تعالى عن نوح عليهالسلام ، انه لبث في قومه الف سنة الا خمسين عاماً ، واصحاب السِِيَر يقولون إنه عاش اكثر من ذلك ، وانما دعا قومه الى اللّه
__________________
(١) كمال الدين : ص ٣٩٢.