إختيار معرفة الرّجال - ج ١

أبي جعفر محمّد بن الحسن بن علي بن الحسن الطّوسي [ شيخ الطائفة ]

إختيار معرفة الرّجال - ج ١

المؤلف:

أبي جعفر محمّد بن الحسن بن علي بن الحسن الطّوسي [ شيخ الطائفة ]


المحقق: السيد مهدي الرجائي
الموضوع : رجال الحديث
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤١٦
الجزء ١ الجزء ٢

٢٩٢ ـ حمدان ، قال حدثنا معاوية ، عن شعيب العقرقوفي ، عن أبي بصير ، قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن امرأة تزوجت ولها زوج فظهر عليها؟ قال : ترجم المرأة ويضرب الرجل مائة سوط لأنه لم يسأل.

قال شعيب : فدخلت على أبي الحسن عليه‌السلام فقلت له : امرأة تزوجت ولها زوج قال : ترجم المرأة ولا شي‌ء على الرجل ، فلقيت أبا بصير فقلت له : اني سألت أبا الحسن عليه‌السلام عن المرأة التي تزوجت ولها زوج ، قال : ترجم المرأة ولا شي‌ء على الرجل ، قال : فمسح على صدره وقال : ما أظن صاحبنا تناهى حكمه بعد.

______________________________________________________

وهو أول النصوص على جلالة أبي بصير الاسدي المكفوف في الثقة والفقه والعلم وصحة الحديث وارتفاع المرتبة.

وبالجملة قول رهط من المتأخرين في رميه بالضعف والوقف مما لا مأخذ له أصلا ، وهو والمرادي كلاهما ثقتان صحيحا الحديث ، وسيجي‌ء في الكتاب نقل الاجماع على تصحيح ما يصح عنهما والاقرار لهما بالفقه.

بل الحق أن الاسدي أحق باستصحاح حديثه من المرادي ، لشهادة النجاشي له بانه ثقة وجيه. وعدم توثيقه للمرادي ، ولسلامته عن الذم في الروايات والاخبار فلا تكن من الغافلين.

قوله : عن شعيب العقرقوفى عن أبى بصير‌

أي المرادي كما يصرح به في الحديث الآتي.

قوله : فظهر عليها‌

أي فعلت زوجها عليها وأثبت عند الحاكم زوجتها له.

قوله : فمسح على صدره‌

انما مسح على صدره عند قوله : هذا ، لان الصدر موضع العلم.

قوله : تناهى حكمه بعد‌

اما بكسر الحاء المهملة واسكان اللام بمعنى العلم ، أو بضم الحاء وتسكين‌

٤٠١

٢٩٣ ـ علي بن محمد ، قال حدثني محمد بن أحمد ، عن محمد بن الحسن ، عن صفوان ، عن شعيب بن يعقوب العقرقوفي ، قال : سألت أبا الحسن عليه‌السلام عن رجل تزوج امرأة ولها زوج ولم يعلم؟ قال : ترجم المرأة وليس على الرجل شي‌ء اذا لم يعلم ، فذكرت ذلك لأبي بصير المرادي ، قال : قال لي والله جعفر ترجم المرأة ويجلد الرجل الحد ، وقال بيده على صدره يحكّها : اظن صاحبنا ما تكامل علمه.

٣٩٤ ـ علي بن محمد ، قال حدثني محمد بن أحمد بن الوليد ، عن حماد بن عثمان‌

______________________________________________________

الكاف بمعنى كمال العلم والحكمة كما في ( رَبِّ هَبْ لِي حُكْماً ) (١).

وحيث أن هذا الحديث كان في زمان الصادق عليه‌السلام وأبو الحسن عليه‌السلام ، لم يكن يومئذ اماما ، وعلم الامام انما يتكامل فيضانه من المبدأ الفياض على قلبه حين ما تصل نوبة الامامة اليه.

فمعنى كلام أبي بصير : ان صاحبنا أبا الحسن عليه‌السلام اذ ليس هو الامام اليوم لم يتناه علمه ولم يبلغ نهاية الكمال واتمام بعده ، بل انما يبلغ النهاية عند ما تنتقل اليه الامامة.

ويرد عليه أن الامر وان كان كذلك الا أن ملكة العصمة عاصمة للنفس باذن الله تعالى عن الوقوع في الخطأ.

فالحق أن يقال : ان قول أبي الحسن عليه‌السلام فيما اذا كان الرجل المتزوج بها لم يعلم رأسا أن لها زوجا ، وقول ابي عبد الله عليه‌السلام فيما اذا كان يعلم ذلك ثم عقد عليها ونكحها من غير أن يثبت عند الحاكم موت زوجها ببينة شرعية ، فالقولان غير متدافعين.

والسيد بن طاوس في الجواب عن الحديث تجشم القدح في الطريق لمطالبه (٢) باتصال السند واعتباره ، وفيه مالا يخفى على الممارس المتمهر.

__________________

(١) سورة الشعراء : ٨٣‌

(٢) وفي « م » بالمطالبة‌

٤٠٢

قال : خرجت أنا وابن أبي يعفور وآخر الى الحيرة أو الى بعض المواضع فتذاكرنا الدنيا ، فقال أبو بصير المرادي : أما أن صاحبكم لو ظفر بها لاستأثر بها ، قال : فأغفى فجاء كلب يريد أن يشغر عليه فذهبت لا طرده ، فقال لي ابن أبي يعفور : دعه قال : فجاء حتى شغر في أذنه.

______________________________________________________

قوله : الى الحيرة أو الى بعض المواضع‌

قال في المغرب : الحيرة بالكسر مدينة كان يسكنها النعمان بن المنذر وهي على رأس ميل من الكوفة.

وفي القاموس : ان الحيرة بالكسر كربلا أو موضع بها (١).

وفي النهاية الاثيرية : الحيرة بكسر الحاء البلد القديم بظهر الكوفة (٢).

قوله : لو ظفر بها لاستأثر بها‌

الكلام فيه نظير ما سبق في « لاشتمل عليها بكسائه » ‌

وقال السيد بن طاوس : مقتضاه أن الصادق عليه‌السلام لو ظفر بالخلافة لاستاثر بها وان لم يصرح بالصادق عليه‌السلام لكن الظاهر هذا. ثم قال : أقول ان هذا حديث حسن السند ، وانما القول في متنه حسب ما أسلفت.

قلت : سنده صحيح ومحمد بن أحمد بن الوليد ، هو محمد بن الوليد البجلى أبو جعفر الكوفي الحداد الثقة النقي الحديث ، وقد أسلفنا تحقق حاله في الحواشي.

قوله : فأغفى فجاء كلب يريد أن يشغر عليه‌

غفى غفوا نام أو نعس ، وكذلك أغفى إغفاء. وشغر الكلب يشغر بالفتح فيهما من باب منع رفع رجله فبال.

__________________

(١) القاموس : ٢ / ١٦ وفيه وحيران‌

(٢) نهاية ابن الاثير : ١ / ٤٦٧‌

٤٠٣

٢٩٥ ـ حمدويه وابراهيم قال : حدثنا العبيدي ، عن حماد بن عيسى ، عن الحسين ابن مختار ، عن أبي بصير ، قال : كنت أقرئ امرأة كنت أعلمها القرآن ، قال : فمازحتها بشي‌ء ، قال فقدمت على أبي جعفر عليه‌السلام ، قال ، فقال لي : يا ابا بصير اي شي‌ء قلت للمرأة؟ قال : قلت بيدي هكذا ، وغطا وجهه ، قال ، فقال لي : لا تعودن اليها.

٢٩٦ ـ محمد بن مسعود ، قال : سألت علي بن الحسن بن فضال عن أبى بصير فقال : وكان اسمه يحيى بن أبي القاسم ، فقال : أبو بصير كان يكنى أبا محمد وكان‌

______________________________________________________

وفي القاموس : رفع احدى رجليه ليبول بال أو لم يبل (١).

قوله : فقال : وكان اسمه يحيى بن أبى القاسم‌

قلت : وقيل : اسم أبيه القاسم ، وأما يحيى بن القاسم الازدي الحذاء فهو رجل آخر غير أبي بصير الازدي المكفوف يحيى بن القاسم ، وهو أيضا من أصحاب الصادق والكاظم عليهما‌السلام. وقيل فيه : انه كان واقفيا.

والشيخ ذكر هما كليهما في كتاب الرجال (٢) وليا من غير فصل ، وكذلك السيد المكرم جمال الدين احمد بن طاوس في كتابه واختياره.

وأبو عمرو الكشي روى عن حمدويه أنه ذكر عن بعض أشياخه أن يحيى بن القاسم الحذاء الازدي واقفي ، وأنه روى عن أبي بصير الاسدي يحيى بن القاسم المكفوف عن الصادق عليه‌السلام.

وروى الكشي أيضا في حديث آخر أن يحيى بن القاسم الحذاء الازدي رجع عن الوقف ، وأوردهما السيد بن طاوس في اختياره.

ثم ان رهطا من المتأخرين توهم اتحاد الرجلين ، كأنهم عن ذلك كله من الذاهلين ، فبناء على وهمهم الكاذب هذا زعموا أنه قد قيل في أبي بصير الاسدي‌

__________________

(١) القاموس : ٢ / ٦٠‌

(٢) رجال الشيخ : ص ٣٦٤‌

٤٠٤

مولى لبنى أسد وكان مكفوفا ، فسألته هل يتهم بالغلو؟ فقال : أما الغلو : فلا لم يتهم ، ولكن كان مخلطا.

______________________________________________________

المكفوف أنه واقفي ، وان هو الازور واختلاق ، ولذلك لم يورد ابو الحسين أحمد ابن الغضائري فيه طعنا وغميزة فليعلم.

قوله : وسألته هل يتهم بالغلو؟ فقال : اما الغلو فلا‌

قلت : كما من الاختلاق اتهامه بالغلو فكذلك من التكاذيب نسبته الى الواقفة أليس قد قال النجاشي : أن أبا بصير الاسدي يحيى بن أبي القاسم المكفوف مات سنة خمسين ومائة (١)؟

وكذلك الشيخ في كتاب الرجال قال في أصحاب أبي عبد الله الصادق عليه‌السلام يحيى بن القاسم أبو محمد يعرف بأبي بصير الاسدي مولاهم كوفي تابعي مات سنة خمسين ومائة بعد أبي عبد الله عليه‌السلام (٢)؟

وقال في الفهرست : يحيى بن القاسم يكنى أبا بصير ، له كتاب مناسك الحج ، رواه علي بن أبي حمزة ، والحسين بن أبي العلاء عنه (٣)

ومات سنة خمسين ومائة ومولانا أبو عبد الله الصادق عليه‌السلام قبض بالمدينة في شوال ، وقيل : في منتصف رجب يوم الاثنين سنة ثمان وأربعين ومائة.

وقبض مولانا أبو الحسن الكاظم عليه‌السلام مسموما ببغداد في حبس السندي بن شاهك لست بقين من رجب سنة ثلاث وثمانين ومائة وقيل : لخمس خلون من رجب سنة احدى وثمانين ومائة.

فيكون أبو بصير يحيى بن أبى القاسم قد توفى بعد الصادق عليه‌السلام لسنتين وقبل الكاظم عليه‌السلام بثلاث وثلاثين سنة أو احدى وثلاثين سنة.

__________________

(١) رجال النجاشى : ٣٤٤‌

(٢) رجال الشيخ : ٣٣٣‌

(٣) الفهرست : ٢٠٧‌

٤٠٥

______________________________________________________

والواقفة هم الذين بعد الكاظم عليه‌السلام ذهبوا الى الوقف عليه وقالوا : انه حي لم يمت وأنه الامام القائم ، ولم يقولوا بامامة مولانا الرضا علي بن موسى عليه‌السلام.

فاذن الطعن في أبي بصير بالوقف من باب الجهل بأحوال الرجال ، ونسبة ذلك الى الشيخ في كتاب الرجال في باب أصحاب أبي عبد الله ، أو في باب أصحاب أبي الحسن الكاظم عليه‌السلام أيضا اختلاق وافتراء عليه ، وما وقع إلينا من نسخ كتاب الرجال غير موجود في شي‌ء منه ما يدل عليه أصلا.

وأقول : لعل منشأ التباس الامر على القاصرين ؛ أن يحيى بن القاسم أبا بصير الاسدي ، ويحيى بن القاسم الحذاء الازدي رجلان ذكرهما الشيخ في أصحاب الصادق عليه‌السلام ولاء ، وكذلك السيد بن طاوس في كتابه وفي اختياره ، وقد قيل في يحيى بن القاسم الحذاء الازدي : أنه واقفى ، فظن أنهما واحد فنسب الى أبي بصير الاسدي أنه مرمي بالوقف.

فأما ما رواه أبو عمرو الكشي في الكتاب عن حمدويه عن بعض أشياخه أن يحيى بن القاسم الحذاء الازدي واقفي ، وأنه عن أبي بصير عن الصادق عليه‌السلام قال : ان جاءكم من يخبركم أن ابني هذا ـ يعنى به أبا الحسن موسى عليه‌السلام ـ مات ولبن وقبر ونفضوا أيديهم من تراب قبره فلا تصدقوا.

ففيه أولا أن في الطريق الحسن أو الحسين بن قياما وهو واقفي عنيد ملعون لا يعبأ بروايته.

وثانيا أن معنى كلام الصادق عليه‌السلام على تقدير صحة الرواية : ان من جاءكم يخبركم أن ابني موسى مات في زمني كما مات ابني اسماعيل فلا تصدقوه ، فانه امام الخلق بعدي. وليس المراد أنه الامام المهدي القائم المعهود بعدي.

وبالجملة جلالة أبي بصير الاسدي يحيى بن القاسم مما ليس يخفى على متمهر‌

٤٠٦

٢٩٧ ـ محمد بن مسعود ، قال : حدثني جبريل بن أحمد ، قال : حدثني محمد بن عيسى ، عن يونس ، عن حماد الناب ، قال : جلس أبو بصير على باب أبي عبد الله عليه‌السلام ليطلب الاذن ، فلم يؤذن له ، فقال : لو كان معنا طبق لإذن ، قال : فجاء كلب فشغر في وجه أبي بصير ، قال : أف أف ما هذا؟ قال جليسه : هذا كلب شغر في وجهك.

______________________________________________________

في علم الرجال ، وكفاه ما رواه الكشي عن حمدويه عن يعقوب بن يزيد عن ابن أبي عمير عن شعيب العقرقوفى قال قلت : لأبي عبد الله عليه‌السلام ربما احتجنا أن نسأل عن الشي‌ء فمن نسأل؟ قال : عليك بالاسدى يعني أبا بصير.

وروايات ضمان الصادق عليه‌السلام له ، فلا تكونن من الممترين.

قوله : لو كان معنا طبق لإذن‌

في القاموس : الطبق محركة غطاء كل شي‌ء والذي يؤكل عليه ، ومن الناس والجراد الكثير ، أو الجماعة كالطبق بالكسر ومنه ( لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ ) (١).

وفي مفردات الراغب : ذلك اشارة الى أحوال الانسان من ترقيه في أحوال شتى. وقيل : لكل جماعة متطابقة في أمر طبق (٢) ، وقيل : الناس طبقات (٣).

وفي الصحاح : الطبق واحد الاطباق ، ويقال : أتانا طبق من الناس وطبق من الجراد ، أي جماعة وطبقات الناس منازلهم في مراتبهم (٤).

وفي مجمل اللغة : الطبق الحال.

قال ابن الاثير : وقيل : الطبق المنزلة والطبقات المنازل والمراتب (٥).

__________________

(١) القاموس : ٣ / ٢٥٥ والاية سورة الانشقاق : ١٩.

(٢) وفي المصدر : لكل جماعة متطابقة هم في أم طبق.

(٣) مفردات الراغب : ٣٠١‌

(٤) الصحاح : ٤ / ١٥١٢‌

(٥) نهاية ابن الاثير : ٣ / ١١٤‌

٤٠٧

٢٩٨ ـ محمد بن مسعود ، قال : حدثني علي بن محمد القمي ، عن محمد بن أحمد ، عن أحمد بن الحسن ، عن علي بن الحكم ، عن مثنى الحناط ، عن أبي بصير قال : دخلت على أبي جعفر عليه‌السلام قلت : تقدرون أن تحيوا الموتى وتبرءوا الاكمه والابرص؟ فقال لي : باذن الله.

______________________________________________________

ويوم مطبق اذا أطبق الغيم السماء وطبقها وغطاها ، والطبق أيضا ما توضع عليه الفواكه ونحوها.

وكلام أبي بصير يحتمل الحمل على أكثر هذه المعاني ، فمعناه لو كان معنا جماعة لأذن لنا ، أو لو كان معنا حال أو منزلة لأذن لنا ، أو لو كان معنا من يكون مغطى على أمره متهما في دينه لأذن لنا من باب التقية والخوف.

وأما أنا فحيث أني رجل ضرير مسكين غير مطبق بضم الشك في ديني فلم يؤذن لي.

فهذا فيه حزازة من سوء الادب غير مفضية الى الخروج عن سبيل الدين.

فأما اذا أريد به لو كان معنا طبق موضوع عليه شي‌ء من الهدايا لأذن لنا ، فهو كما قال السيد بن طاوس في اختياره : ما أبعد هذا من الحق والحجة (١) من القول ، أين مناسبة هذا القول لعلو مكان مولانا الصادق عليه‌السلام وجلالة قدره ، نعوذ بالله من اتباع الهوى والوقوع في الفتنة ونستعين.

قوله : عن مثنى الحناط‌

الذي يظهر من الكتاب في هذا الموضع ومما قد سبق في ترجمة زرارة أن أبا بصير هذا هو الليث المرادي الضرير ، والمشهور أنه الاسدي يحيى بن أبي القاسم المكفوف ، وعندي أن القصة وقعت لهما كليهما.

وقال علي بن أحمد العقيقي : يحيى بن القاسم الاسدي مولاهم ولد مكفوفا ،

__________________

(١) وفي نسخة « م » وأسمجه من القول.

٤٠٨

ثم قال ادن مني فمسح على وجهي وعلى عيني ، فأبصرت السماء والارض والبيوت ، فقال لي : أتحب أن تكون كذا ولك ما للناس وعليك ما عليهم يوم القيامة أم تعود كما كنت ولك الجنة الخالص؟ قلت : أعود كما كنت ، فمسح على عيني فعدت.

في أبى بصير عبد الله بن محمد الاسدى‌

٢٩٩ ـ طاهر بن عيسى ، قال : حدثني جعفر بن أحمد الشجاعي ، عن محمد ابن الحسين ، عن احمد بن الحسن الميثمي ، عن عبد الله بن وضاح ، عن أبي بصير قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن مسألة في القرآن؟ فغضب وقال : انا رجل تحضرني قريش وغيرهم وانما تسألني عن القرآن ، فلم أزل أطلب اليه وأتضرع حتى رضي ، وكان عنده رجل من اهل المدينة مقبل عليه.

فقعدت عند باب البيت على بثي وحزني ، اذ دخل بشير الدهان فسلم وجلس عندي ، وقال لي سله عن الامام بعده؟ فقلت : لو رأيتني مما قد خرجت من هيئة لم تقل لي سله ، فقطع أبو عبد الله عليه‌السلام حديثه مع الرجل ، ثم أقبل فقال : يا أبا محمد ليس لكم أن تدخلوا علينا في أمرنا وانما عليكم أن تسمعوا وتطيعوا اذا أمرتم.

في عبد الملك بن أعين أبى الضريس‌

٣٠٠ ـ حدثني حمدويه ، قال : حدثني محمد بن عيسى ، عن أبي نصر ، عن‌

______________________________________________________

رأى الدنيا مرتين ؛ مسح أبو عبد الله عليه‌السلام على عينيه وقال : انظر ما ترى؟ فقال : أرى كوة في البيت وقد أرانيها أبوك من قبلك.

في عبد الملك بن أعين أبى الضريس‌

أبو الضريس بضم الضاد المعجمة على التصغير.

قال في القاموس. وكزبير علم (١).

__________________

(١) القاموس : ٢ / ٢٢٥‌

٤٠٩

الحسن بن موسى ، عن زرارة ، قال : قدم ابو عبد الله مكة ، فسأل عن عبد الملك ابن أعين؟ فقال : مات؟ قيل نعم فقال : لا ولكن صلى هاهنا ، ورفع يديه ودعا له واجتهد في الدعاء وترحم عليه.

______________________________________________________

والصدوق أبو جعفر بن بابويه ـ رضوان الله تعالى عليه ـ في مسندة كتاب من لا يحضره الفقيه في ذكر أسناده عن عبد الملك بن أعين قال : وكنيته أبو ضريس وزار الصادق عليه‌السلام قبره بالمدينة مع أصحابه (١). وذلك أدل دليل على علو مرتبته وارتفاع منزلته فليعرف.

قوله : قال قدم أبو عبد الله مكة‌

قلت : الظاهر أن لفظة « من » سقطت هاهنا من قلم الناسخ ، فان عبد الملك بن أعين مات بالمدينة وقبره هناك وأبو عبد الله عليه‌السلام لما قدم من مكة زار قبره بالمدينة مع أصحابه ، كما قد نقلناه عن الصدوق في مسندة الفقيه فليعلم.

قوله : فقال لا ، ولكن صلى هاهنا‌

ولكن صلى اما أنه تتمة كلام الامام عليه‌السلام ، ورفع يده أول كلام زرارة ، وصلى بمعنى تلا السابق في السابقة : وهو مأخوذ من الصلا بالفتح والقصر أي الظهر من الانسان.

أو من كل ذي أربع ، أو ما انحدر من الوركين ، أو ما عن يمين الذئب وشماله ، وهما صلوان ، والمصلي تالي السابق مطلقا.

أو في الفرس على الحقيقة ، وفي الانسان على الاستعارة ، يقال : صلى الفرس المصلى ، وهو الذي يتلو السابق ، لان رأسه عند صلا الفرس الاول.

يعني عليه‌السلام أن عبد الملك بن أعين لم يمت ، بل هو من الاحياء المرزوقين الفرحين عند ربهم رزقا قدسيا روحانيا ، وفرحا أبديا عقلانيا ، ولكنه بموته الظاهري‌

__________________

(١) من لا يحضره الفقيه : ٤ / ٩٧‌

٤١٠

٣٠١ ـ علي بن الحسن ، قال : حدثني علي بن أسباط ، عن علي بن الحسن بن عبد الملك بن أعين ، عن ابن بكير ، عن زرارة ، قال ، قال لي أبو عبد الله عليه‌السلام بعد موت عبد الملك بن أعين : اللهم ان أبا الضريس كنا عنده خيرتك من خلقك ، فصيره في ثقل محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوم القيامة ، ثم قال أبو عبد الله : أما رأيته يعني في النوم؟ فتذكرت فقلت : لا ، فقال : سبحان الله مثل أبي الضريس لم يأت بعد.

______________________________________________________

الجسداني هاهنا.

وفي نسخ عديده « ما هنا » بالميم مكان الهاء ، أي في هذه النشأة البائدة البائرة صلى ، أي تلا من سبقه في السباق الى الحياة الحقيقية العقلية والبهجة الحقة الالهية.

وفي بعض النسخ « صلى هنيئة هنا » أي تلا السابق في السباق هنا شيئا يسيرا ، واما أنه أول كلام زرارة وصلى هاهنا أي أتى هاهنا بالصلاة.

والمعنى أنه عليه‌السلام قال بلسانه لا : أي لم يمت عبد الملك ولكنه عليه‌السلام صلى في هذا الموضع ورفع يده بعد الصلاة ودعا لعبد الملك واجتهد في الدعاء له ، وترحم عليه كما يترحم على الميت ويدعا له ، فعلم من فعله عليه‌السلام أنه انما عني بقوله لا نفي الموت الحقيقي واثبات الحياة الابدية الحقيقية ، ولم يعن به نفي الموت الظاهر الجسماني ، فليفقه.

قوله عليه‌السلام : فصيره في ثقل محمد صلواتك عليه‌

ثقل الرجل ـ بالتحريك ـ حشمه أي قرابته وعياله ومن يغضب له ويذب عنه ، اذا أصابه أمر ونزلت به ملمة ، وثقل المسافر متاعه وأهل حزانته.

يعني عليه‌السلام : ان أبا ضريس كان يعتقد أنا خيرتك من خلقك ، فاجعله من حشم محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأهل حزانته صلواتك عليه وآله ، وصيره يوم القيامة في زمرتهم ومن جملتهم (١).

__________________

(١) وفي « ن » جماعتهم.

٤١١

٣٠٢ ـ حمدويه ، قال : حدثني يعقوب بن يزيد ، عن ابن أبي عمير ، عن علي ابن عطيه قال قال أبو عبد الله عليه‌السلام لعبد الملك بن أعين : كيف سميت ابنك ضريسا؟

فقال : كيف سماك أبوك جعفرا؟ قال : ان جعفرا نهر في الجنة وضريس اسم شيطان.

في حمران بن أعين‌

٣٠٣ ـ حمدويه ، قال : حدثني محمد بن عيسى ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام ابن الحكم ، عن حجر بن زايدة عن حمران بن أعين ، قال قلت لأبي جعفر عليه‌السلام اني أعطيت الله عهدا ، لا اخرج من المدينة حتى تخبرني عما أسألك ، قال ، فقال لي : سل قال ، قلت : أمن شيعتكم أنا؟ قال : نعم في الدنيا والآخرة.

٣٠٤ ـ محمد ، قال : حدثني محمد بن عيسى ، عن زياد القندى ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام أنه قال في حمران : انه رجل من أهل الجنة.

محمد بن شاذان ، عن الفضل بن شاذان ، قال : روى عن ابن أبي عمير ، عن عدة من اصحابنا ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال ، كان يقول : حمران بن أعين مؤمن لا يرتد والله أبدا.

٣٠٥ ـ محمد بن مسعود ، قال : حدثنا علي بن الحسين بن علي بن فضال ، قال : حدثني العباس بن عامر ، عن أبان بن عثمان ، عن الحارث بن المغيرة ، قال قال حمران بن أعين : ان الحكم بن عيينه ،

______________________________________________________

ثم قال أبو عبد الله عليه‌السلام لزرارة : أما رأيته؟ يعني أبا ضريس في النوم ، قال زرارة فتذكرت من حالي فقلت : لا فقال عليه‌السلام : سبحان الله مثل أبي الضريس لم يأت بعد؟! وهو تعريض لزرارة.

في حمران بن أعين

قوله : أن الحكم بن عيينه‌

الدائر على الالسن في المشهور مطابقا لما في المغرب والقاموس وغيرهما من‌

٤١٢

يروي عن علي بن الحسين عليه‌السلام أن علم علي عليه‌السلام في أية مسأله فلا يخبرنا.

قال حمران : سألت أبا جعفر عليه‌السلام؟ فقال : ان علينا عليه‌السلام كان بمنزلة صاحب سليمان وصاحب موسى ولم يكن نبيا ولا رسولا ، ثم قال : وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي ولا محدث ، قال فعجب أبو جعفر.

______________________________________________________

كتب اللغة « عيينة » بياءين مثناتين من تحت بعد العين المهملة المضمومة ثم النون.

وقال العلامة ـ رحمه الله تعالى ـ في الايضاح والخلاصة (١) وطابقه الحسن ابن داود في كتابه (٢) : « الحكم بن عتيبة » بالتاء المنقطة فوقها نقطتين بعد العين والياء المنقطة تحتها نقطتين والباء المنقطة تحتها نقطة ، وكذلك ضبطه بعض علماء العامة أيضا.

قوله : يروى عن على بن الحسين عليهم‌السلام

يعني قال حمران بن أعين : ان الحكم كان يروي عن علي بن الحسين عليهم‌السلام أن علم علي عليه‌السلام في أية مرتبة ومنزلة يصح أن يسأل عنها ويستخبر عن درجتها ، ولكن كان لا يخبرنا بذلك.

فسألت أبا جعفر عليه‌السلام عن حقيقة الامر ، فقال عليه‌السلام : ان عليا عليه‌السلام لم يكن رسولا ولا نبيا بل كان محدثا ، منزلته في هذه الامة في العلم المنزل على قلبه باذن الله سبحانه منزلة آصف بن برخيا صاحب سليمان ، وخضر صاحب موسى عليهما‌السلام في الامم السابقة ، وان كان علي عليه‌السلام منزلته أعلى من منزلتهما وأعظم ، ثم قال عليه‌السلام في تأويل ما في التنزيل الكريم ( وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ ) ولا محدث الاية » (٣).

ثم قال حمران : واذ ذكرت ذلك لأبي جعفر عليه‌السلام تعجب أبو جعفر عليه‌السلام من أمر الحكم بن عيينة.

__________________

(١) الخلاصة : ٢١٨‌

(٢) رجال ابن داود : ٤٤٩‌

(٣) سورة الحج : ٥٢‌

٤١٣

٣٠٦ ـ محمد بن مسعود ، قال : حدثني علي بن الحسن ، عن العباس بن عامر ، عن أبان ، عن الحارث ، قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : ان حمران كان يقول نمد الحبل ، من جاوزه من علوى وغيره برئنا منه.

٣٠٧ ـ حدثني محمد بن الحسن البرناني ، وعثمان بن حامد ، قالا : حدثنا محمد ابن يزداد ، عن محمد بن الحسين ، عن الحجال ، عن العلاء بن رزين القلاء ، عن ابي خالد الاخرس ، قال قال حمران بن أعين ، لأبي جعفر عليه‌السلام : جعلت فداك أني حلفت ألا أبرح المدينة حتى أعلم ما أنا ، قال : فقال أبو جعفر عليه‌السلام : فتريد ما ذا يا حمران؟ قال : تخبرني ما أنا؟ قال : أنت لنا شيعة في الدنيا والآخرة.

٣٠٨ ـ حمدويه بن نصير ، قال : حدثني محمد بن عيسى ، عن ابن أبي عمير عن ابن أذينه ، عن زرارة ، قال : قدمت المدينة وأنا شاب أمرد ، فدخلت سرادقا لأبي جعفر عليه‌السلام بمنى ، فرأيت قوما جلوسا في الفسطاط وصدر المجلس ليس فيه أحد ورأيت رجلا جالسا ناحية يحتجم ، فعرفت برأيي أنه أبو جعفر عليه‌السلام فقصدت نحوه فسلمت عليه ، فرد السّلام علي ، فجلست بين يديه والحجام خلفه.

فقال : امن بني أعين أنت؟ فقلت ، نعم أنا زرارة بن أعين ، فقال : انما عرفتك بالشبه ، احج حمران؟ قلت : لا وهو يقرئك السّلام ، فقال : انه من المؤمنين حقّا لا‌

______________________________________________________

ويحتمل أن يكون أبو جعفر كنية للحكم أيضا ، وان كان يكنى أبا محمد فيكون المعنى : اني ذكرت قول أبي جعفر عليه‌السلام للحكم فعجب منه ، والله سبحانه أعلم.

قوله : نمد الحبل من جاوزه‌

يعني نحن نمد حبل الدين الحنيف القويم والصراط السوي المستقيم ، من لدن رسول الله ووصيه علي بن أبي طالب ، ثم الائمة الاوصياء الطاهرين من ولده الى الامام الثاني عشر المهدي القائم الموعود ، فمن جاوز هذا الحبل علويا كان أو غير علوي تبر أنا منه.

٤١٤

يرجع أبدا ، اذا لقبته فاقرئه مني السّلام ، وقل له : لم حدثت الحكم بن عيينة عني أن الاوصياء محدثون لا تحدثه وأشباهه بمثل هذا الحديث.

فقال زرارة : فحمدت الله تعالى وأثنيت عليه فقلت : الحمد لله ، فقال هو الحمد لله ثم قلت أحمده وأستعينه ، فقال : هو أحمد وأستعينه ، فكنت كلما ذكرت الله في كلام ذكره كما أذكره حتى فرغت من كلامي.

٣٠٩ ـ حدثني الحسين بن الحسن بن بندار القمي ، قال : حدثني سعد بن عبد الله القمي ، قال : حدثنا عبد الله الحجال ، عن عبد الله بن بكير ، عن زرارة ، قال : لوددت أن كل شي‌ء في قلبي في قلب أصغر انسان من شيعة آل محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

٣١٠ ـ وبهذا الاسناد : عن الحجال ، عن صفوان ، قال : كان يجلس حمران مع أصحابه فلا يزال معهم في الرواية عن آل محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فان خلطوا في ذلك بغيره ردهم اليه ، فان صنعوا ذلك عدل ثلاث مرات قام عنهم وتركهم.

٣١١ ـ اسحاق بن محمد قال : حدثنا علي بن داود الحداد ، عن حريز بن عبد الله ، قال كنت عند أبي عبد الله عليه‌السلام فدخل عليه حمران بن أعين وجويرية بن أسماء ، فلما خرجا قال : أما حمران فمؤمن ، وأما جويرية فزنديق لا يعلم أبدا ، فقتل هارون جويرية بعد ذلك.

٣١٢ ـ يوسف بن السخت قال : حدثني محمد بن جمهور ، عن فضالة بن أيوب ،

______________________________________________________

قوله : حدثنى محمد بن جمهور‌

قال النجاشي ـ رحمه الله تعالى ـ في كتابه : محمد بن جمهور أبو عبد الله القمي ضعيف الحديث فاسد المذهب وقيل فيه أشياء الله أعلم بها من عظمها ، روى عن الرضا عليه‌السلام (١).

وكذلك الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ في كتاب الرجال في أصحاب أبي الحسن‌

__________________

(١) رجال النجاشى : ٢٦٠‌

٤١٥

عن بكير بن أعين ، قال : حججت أول حجة فصرت الى منى ، فسألت عن فسطاط أبي عبد الله عليه‌السلام فدخلت علية ، فرأيت في الفسطاط جماعة فأقبلت أنظر في وجوههم فلم أره فيهم ، وكان في ناحية الفسطاط يحتجم ، فقال : هلم إلي! ثم قال : يا غلام أمن بني أعين أنت؟ قلت : نعم جعلني الله فداك قال : أيهم أنت؟ قلت : أنا بكير بن أعين ، قال لي : ما فعل حمران؟ قلت : لم يحج العام على شوق شديد منه إليك ، وهو يقرأ عليك السّلام ، فقال : عليك وعليه السلام ، حمران مؤمن من أهل الجنة لا يرتاب أبدا لا والله لا والله لا تخبره.

الى هنا انتهى الجزء الثاني ويتلوه في الجزء الثالث حدثني محمد بن مسعود قال حدثني علي بن محمد. والحمد لله رب العالمين وصلواته على سيدنا محمد النبي وآله الطاهرين.

______________________________________________________

الرضا عليه‌السلام قال : محمد بن جمهور العمي عربي بصري غال (١).

وقال في باب لم : محمد بن الحسن بن جمهور العمي ، روى سعد عن أحمد ابن الحسين بن سعيد عنه (٢).

وهذا يدل على التعدد ، ولكن في الفهرست قال ، محمد بن الحسن بن الجمهور العمي البصري له كتب ، جماعة منها كتاب الملاحم ، وكتاب صاحب الزمان وله الرسالة الذهبية عن الرضا عليه‌السلام ، وله كتاب وقت خروج القائم عليه‌السلام. ثم ذكر طريقه اليه بالاسناد عن العمركي بن علي عن محمد بن جمهور (٣).

فبين من ذلك أن محمد بن الحسن بن جمهور ومحمد بن جمهور واحد ، وهو العمي البصري. وايراده مرة أخرى في باب لم لان حديثه عن الرضا عليه‌السلام من غير واسطة قليل ، والله سبحانه أعلم.

__________________

(١) رجال الشيخ : ٣٨٧‌

(٢) رجال الشيخ : ٥١٢‌

(٣) الفهرست : ١٧٢‌

٤١٦