إختيار معرفة الرّجال - ج ١

أبي جعفر محمّد بن الحسن بن علي بن الحسن الطّوسي [ شيخ الطائفة ]

إختيار معرفة الرّجال - ج ١

المؤلف:

أبي جعفر محمّد بن الحسن بن علي بن الحسن الطّوسي [ شيخ الطائفة ]


المحقق: السيد مهدي الرجائي
الموضوع : رجال الحديث
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤١٦
الجزء ١ الجزء ٢

ما رأيته منذ أيام ، قال : لا تبال وان مرض فلا تعده وان مات فلا تشهد جنازته قال ، قلت زرارة؟ متعجبا مما قال ، قال : نعم زرارة ، زرارة شر من اليهود والنصارى ومن قال ان مع الله ثالث ثلاثة.

٢٦٨ ـ علي ، قال : حدثني يوسف بن السخت عن محمد بن جمهور ، عن فضالة بن أيوب ، عن ميسر ، قال : كنا عند أبي عبد الله عليه‌السلام فمرت جارية في جانب الدار على عنقها قمقم قد نكسته ، قال فقال أبو عبد الله عليه‌السلام : فما ذنبي ان الله قد نكس قلب زرارة كما نكست هذه الجارية هذا القمقم.

٢٦٩ ـ محمد بن نصير ، قال : حدثنا محمد بن عيسى ، عن عثمان بن عيسى عن حريز ، عن محمد الحلبي ، قال قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : كيف قلت لي ليس من ديني ولا دين آبائى؟ قال : انما أعني بذلك قول زرارة واشباهه.

______________________________________________________

قوله عليه‌السلام : انما أعنى بذلك‌

فيصل القول في زرارة أن الاخبار في مدحه وذمه متعارضة ، لكنها جميعا مطابقة على أنه ثقة صحيح الحديث متدين متورع في رواية الحديث مستقيم على دين الامامية الى حين مماته.

وانما الذم في حقه من جهة خطأه في مسألة القضاء والقدر ، وقوله بالتفويض والاستطاعة ، لشبهة عويصة عوصاء تصعب الفصية عنها ، ومن جهة إساءته في الادب بالنسبة الى الصادق عليه‌السلام اتكالا على ارتفاع منزلته عنده وشدة اختصاصه به.

ثم عمدة التعويل في صحة حديث زرارة عند الاصحاب ، انعقاد الاجماع على تصحيح ما يصح عنه والاقرار له بالفقه في آخرين ، كما نقله أبو عمرو الكشي وغيره وسيرد عليك في أصل الكتاب فلا تكونن من الممترين.

٣٨١

في اخوة زرارة

حمران وبكير وعبد الملك وعبد الرحمن بني أعين.

٢٧٠ ـ حدثني محمد بن مسعود ، قال : حدثنا محمد بن نصير ، قال : حدثني محمد بن عيسى بن عبيد. وحدثني حمدويه بن نصير ، قال حدثنا : محمد بن عيسى ابن عبيد ، عن الحسن بن علي بن يقطين ، قال : حدثني المشايخ : ان حمران وزرارة وعبد الملك وبكيرا وعبد الرحمن بني أعين كان مستقيمين ، ومات منهم أربعة في زمان أبي عبد الله عليه‌السلام وكانوا من أصحاب أبى جعفر عليه‌السلام ، وبقي زرارة الى عهد أبي الحسن فلقي ما لقي.

______________________________________________________

في اخوة زرارة‌

حمران

في ميزان الاعتدال في ترجمة حمران : حمران بن أعين الكوفي ، روى عن أبي الطفيل وغيره ، وقرأ عليه حمزة ، كان يتقن القرآن. قال أبو حاتم : شيخ. وقال أبو داود : رافضي.

وفي ترجمة زرارة بن أعين الكوفي أخو حمران : يترفض عن ابن السماك قال : حججت فلقيني زرارة بن أعين بالقادسية وقال : ان لي لك حاجة وعظمها فقلت : ما هي؟ فقال : اذا لقيت جعفر بن محمد فأقرئه مني السلام وسله أن يخبرني أنا من أهل النار أم من اهل الجنة؟ فأنكرت ذلك عليه فقال لى : انه يعلم ذلك ولم يزل بى حتى اجبته.

فلما لقيت جعفر بن محمد اخذته بالذى كان منه فقال : هو من اهل النار ، فوقع في نفسى مما قال جعفر فقلت : من أين علمت ذاك؟ فقال : من ادعى عليّ هذا فهو من اهل النار.

فلما رجعت لقيني زرارة فأخبرته بأنه قال لي انه من اهل النار ، فقال : كان لك من جراب النورة قلت : وما جراب النورة؟ قال : عمل معك بالتقية. ولم يذكر ابن أبي‌

٣٨٢

٢٧١ ـ حدثني حمدويه بن نصير ، قال : حدثني يعقوب بن يزيد ؛ عن الحسن ابن علي بن فضال ، عن ثعلبة بن ميمون عن بعض رجاله ، قال ، قال ربيعة الرأى لأبي عبد الله عليه‌السلام : ما هؤلاء الإخوة الذين يأتونك من العراق ولم أر في أصحابك خيرا منهم ولا أهيأ؟ قال : أولئك أصحاب أبي ، يعني ولد أعين.

محمد بن مسلم الطائفى الثقفى‌

٢٧٢ ـ حدثنا محمد بن مسعود ، قال : سمعت أبا الحسن علي بن الحسن بن علي بن فضال ؛ يقول : كان محمد بن مسلم الثقفي كوفيا وكان أعور طحانا.

٢٧٣ ـ حدثني محمد بن قولويه ، قال : حدثني سعد بن عبد الله بن أبي خلف القمي ، قال حدثنا : أحمد بن محمد بن عيسى ، عن عبد الله بن محمد الحجال ، عن العلاء بن رزين ، عن عبد الله بن ابى يعفور ، قال قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام انه ليس كل ساعة القاك ولا يمكن القدوم ، ويجي‌ء الرجل من اصحابنا فيسألني وليس عندي كلما يسألني عنه ، قال : فما يمنعك من محمد بن مسلم الثقفي ، فإنه قد سمع من أبي وكان عنده وجيها.

______________________________________________________

حاتم في ترجمته سوى ان قال : روى عن ابي جعفر يعني الباقر انتهى كلام الذهبي في ميزان الاعتدال.

محمد بن مسلم الطائفى الثقفى‌

ذكر أبو عبد الله الذهبي في مختصره : محمد بن مسلم الطائفي ، عن عمر بن دينار وابن ابي يحيى ، وعنه ابن مهدي ويحيى بن ابي يحيى ، فيه لين وقد وثق له في « م » حديث واحد توفى ١٧٧.

قوله : قال شهد ابو كريب الازدى‌

قال ابن الاثير في جامع الاصول في حرف الكاف : اسم ابي كريب بضم الكاف وفتح الراء وسكون الياء تحتها نقطتان وبالياء الموحدة ، محمد بن العلاء الهمداني بسكون الميم وبالدال المهملة.

٣٨٣

٢٧٤ ـ حدثني حمدويه بن نصير ، قال : حدثني محمد بن عيسى ، عن الحسن ابن على بن فضال ، عن عبد الله بن بكير ، عن زرارة ، قال : شهد أبو كريبة الازدى ومحمد بن مسلم الثقفي عند شريك بشهادة وهو قاض ، فنظر في وجوههما مليا ، ثم‌

______________________________________________________

وقال في حرف الميم : محمد بن العلاء هو أبو كريب الهمداني الكوفي ، سمع أبا بكر بن عياش وعمر بن عبيد ، روى عنه البخاري ومسلم وغيرهما ، مات سنة ثمان وأربعين ومأتين.

« كريب » بضم الكاف وفتح الراء وسكون الياء تحتها نقطتان وبالباء الموحدة.

قلت : أبو كريب الهمداني الذي ذكره في جامع الاصول كأنه غير أبي كريبة الازدي المذكور في الكتاب ، وربما يزعم أنهما واحد.

وفي القاموس : أبو كريب كزبير محمد بن العلاء بن كريب شيخ للبخاري (١) والذهبي في مختصره وصفه بالازدي وحكم عليه بالجهالة ، ولعل ذلك من جهة تشيعه.

قوله : عند شريك‌

قال في ميزان الاعتدال : شريك بن عبد الله النخعي أبو عبد الله الكوفي القاضي الحافظ الصادق أحد الائمة ، وروى عن ابن معين أنه صدوق ثقة ، الا أنه يغلط ولا يتقن. وعن القطان أن في أصول شريك تخليطا.

وأنه قيل ليحيى بن سعيد : زعموا أن شريكا خلط بآخره فقال : ما زال مخلطا ، ثم يطعن فيه بأنه كان يتشيع. قال : وروى أبو داود الرهاوي أنه سمع شريكا يروي ويقول : ( علي خير البشر فمن أبى فقد كفر (٢) وروى شريك ( لكل نبي وصي ووارث وأن علي وصيي ووارثي (٣)

__________________

(١) القاموس : ١ / ١٢٣‌

(٢) رواه الخطيب في تاريخ بغداد ٧ / ٤٢١.

(٣) رواه ابن المغازلى في المناقب : ٢٠١‌

٣٨٤

قال : جعفريان فاطميان! فبكيا ، فقال لهما : ما يبكيكما؟ قالا له : نسبتنا الى اقوام لا يرضون بأمثالنا أن يكونوا من اخوانهم لما يرون من سخف ورعنا ، ونسبتنا الى رجل لا يرضى بأمثالنا ان يكونوا من شيعته ، فان تفضل وقبلنا فله المن علينا والفضل ، فتبسم شريك ، ثم قال : اذا كانت الرجال فلتكن امثالكم ، يا وليد اجزهما هذه المرة قال فحججنا فخبرنا ابا عبد الله عليه‌السلام بالقصة فقال : ما لشريك شركه الله يوم القيامة بشراكين من نار.

٢٧٥ ـ حدثني حمدويه ، قال حدثنا محمد بن عيسى ، عن ابن فضال ، عن ابن بكير ، عن محمد بن مسلم ، قال : أني لنائم ذات ليلة على السطح اذ طرق الباب طارق فقلت : من هذا؟ فقال : شريك يرحمك الله ، فأشرفت فاذا امرأة فقالت : لي بنت عروس ضربها الطلق ، فما زالت تطلق حتى ماتت والولد يتحرك في بطنها ويذهب ويجي‌ء فما اصنع؟ فقلت : يا أمة الله سأل محمد بن علي بن الحسين الباقر عليه‌السلام عن مثل ذلك ، فقال : يشق بطن الميت ويستخرج الولد ، يا أمة الله افعلي مثل ذلك ، أنا يا أمة الله رجل في ستر ، من وجهك إلي؟!

______________________________________________________

ثم ذكر أن عبد الله بن ادريس قال : والله ان شريكا لشيعي. وروي أن قوما ذكروا معاوية عند شريك فقيل : كان حليما فقال شريك : ليس بحليم من سفه الحق وقاتل عليا.

ثم قال : وقد كان شريك من أوعية العلم حمل عنه اسحاق الازرق تسعة آلاف حديث قال النسائي : ليس به بأس.

قوله : يا وليد أجزهما‌

بفتح الهمزة واسكان الزاي بعد الجيم المكسورة ، على الامر من الاجازة أي أجز شهادتهما واكتبها مقبولة هذه المرة. أو أخرهما بكسر الخاء المعجمة المشددة واسكان الراء ، من التاخير أو أخر قبول شهادتهما هذه المرة حتى ننظر في شأنهما. والصحيح هو الاول.

٣٨٥

قال ، قالت لي : رحمك الله جئت الى أبي حنيفة صاحب الرأي فقال ما عندي فيها شي‌ء ، ولكن عليك بمحمد بن مسلم الثقفي فانه يخبر ، فمهما أفتاك به من شي‌ء فعودي إلي فاعلمينيه فقلت لها : امضي بسلام فلما كان الغد خرجت الى المسجد وابو حنيفة يسأل عنها اصحابه فتنحنحت فقال : اللهم عقرا دعنا نعيش.

٢٧٦ ـ حدثني حمدويه بن نصير ، قال حدثنا محمد بن عيسى ، عن ياسين الضرير البصري ، عن حريز ، عن محمد بن مسلم ، قال : ما شجر في رأيي شي‌ء قط الا سألت عنه أبا جعفر عليه‌السلام حتى سألته عن ثلاثين ألف حديث وسألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن ستة عشر ألف حديث.

______________________________________________________

قوله : ما شجر في رأيى‌

أي ما وقع اختلاف الرأي في شي‌ء قط الا سألته عليه‌السلام ومنه في التنزيل الكريم ( حَتّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ ) (١).

قال في مجمل اللغة : شجر بين القوم اذا اختلف الامر بينهم ، واشتجروا او تشاجروا تنازعوا وتناظروا.

وفي نسخة ما « شجرني » أي ما تخالجني أمر ، ولم يختلج في صدري رأي في شي‌ء قط الا سألته عنه ، وكل والج في شي‌ء فهو مشاجر فيه.

قال في المفردات : وشجره بالرمح أي اوجره (٢) الرمح ، وذلك أن يطعنه به فيتركه فيه (٣).

وفي مجمل اللغة : ان كل متداخلين متشاجران وبذلك سمي المشجر مشجرا وهو المشجب ، وتشاجروا بالرمح تطاعنوا.

وفي اساس البلاغة : اشتجر وتشاجروا اختلفوا ، وبينهم مشاجرة ، وشجر ما‌

__________________

(١) النساء : ٦٥.

(٢) وفي المصدر : طعنه بالرمح‌

(٣) مفردات الراغب : ٢٥٦‌

٣٨٦

٢٧٧ ـ حدثنا محمد بن قولويه ، قال : حدثني سعد بن عبد الله القمي ، قال : حدثني أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسين بن فضال ، عن أبي كهمس ، قال دخلت على أبي عبد الله عليه‌السلام فقال لي : يشهد محمد بن مسلم الثقفي القصير عند ابن أبي ليلى فيرد شهادته؟ فقلت : نعم ، فقال اذا صرت الى الكوفة فأتيت ابن أبي ليلى ، فقل له اسألك عن ثلاث مسائل تفتينى فيها بالقياس ولا تقول قال أصحابنا.

ثم سله عن الرجل يشك في الركعتين الاوليين من الفريضة ، وعن الرجل يصيب جسده أو ثيابه البول كيف يغسله ، وعن الرجل يرمي الجمار بسبع حصيات فتسقط منه واحدة كيف يصنع ، فاذا لم يكن عنده فيها شي‌ء فقل له يقول لك جعفر بن‌

______________________________________________________

بينهم ، وشجرته بالرمح طعنته وتشاجروا بالرماح تطاعنوا (١).

قوله : عن أبى كهمس‌

قال في جامع الاصول : كهمس بفتح الكاف وسكون الهاء وضم الميم وبالسين المهملة.

وأبو كهمس بن عبد الله قال شيخنا أبو العباس النجاشي ـ رحمة الله ـ في كتابه هيثم بن عبد الله أبو كهمس كوفي عربي له كتاب ، ذكره سعد بن عبد الله في الطبقات (٢)

وقال الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ في كتاب الرجال في اصحاب ابي عبد الله الصادق عليه‌السلام : الهيثم بن عبيد الشيباني ابو كهمس الكوفي أسند عنه (٣).

وكذلك رئيس المحدثين ابو جعفر الكلينى رضوان الله تعالى عليه ، قال في جامع الكافي في باب من حفظ القرآن ثم نسيه : عن ابي كهمس الهيثم بن عبيد قال سألت ابا عبد الله عليه‌السلام (٤).

__________________

(١) أساس البلاغة : ٣٢١‌

(٢) رجال النجاشى : ٣٤٠‌

(٣) رجال الشيخ : ٣٣١‌

(٤) اصول الكافى : ٢ / ٤٤٥‌

٣٨٧

محمد ما حملك على أن رددت شهادة رجل أعرف بأحكام الله منك واعلم بسيرة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم منك.

قال أبو كهمس : فلما قدمت اتيت ابن أبي ليلى قبل أن أصير الى منزلي ، فقلت له : أسألك عن ثلاث مسائل لا تفتيني فيها بالقياس ولا تقول قال أصحابنا ، قال هات! قال ، قلت : ما تقول في رجل شك في الركعتين الاوليين من الفريضة؟ فاطرق ثم رفع رأسه فقال : قال أصحابنا ، فقلت : هذا شرطي عليك الا تقول قال أصحابنا ، فقال ما عندي فيها شي‌ء.

فقلت له : ما تقول في الرجل يصيب جسده او ثيابه البول كيف يغسله؟ فأطرق ثم رفع رأسه فقال : قال أصحابنا ، فقلت : له هذا شرطي عليك ، فقال : ما عندي فيها شي‌ء.

فقلت : رجل رمى الجمار بسبع حصيات فسقطت منه حصاة كيف يصنع فيها فطأطأ رأسه ثم رفعه ، فقال : قال أصحابنا ، فقلت أصلحك الله هذا شرطي عليك ، فقال ليس عندي فيها شي‌ء.

فقلت : يقول لك جعفر بن محمد ما حملك أن رددت شهادة رجل اعرف منك بأحكام الله وأعرف بسنة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم منك؟ فقال لى : ومن هو؟ فقلت : محمد بن مسلم الطائفى القصير ، قال ، فقال : والله ان جعفر بن محمد قال لك هذا؟ قال ، فقلت والله انه قال لي جعفر هذا ، فأرسل الى محمد بن مسلم فدعاه فشهد عنده بتلك الشهادة فاجاز شهادته.

٢٧٨ ـ حدثني محمد بن مسعود ، قال حدثني عبد الله بن محمد بن خالد الطيالسي ، عن أبيه ، قال : كان محمد بن مسلم من اهل الكوفه ، يدخل على أبي جعفر عليه‌السلام فقال ابو جعفر ( بَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ ) ، وكان محمد بن مسلم رجلا موسرا جليلا‌

فقال ابو جعفر عليه‌السلام : تواضع ، قال : فأخذ قوصرة من تمر فوضعها على باب المسجد وجعل يبيع التمر ، فجاء قومه فقالوا : فضحتنا! فقال : أمرني مولاي بشي‌ء‌

٣٨٨

فلا أبرح حتى أبيع هذه القوصرة ، فقالوا : أما اذا أبيت الا هذا فاقعد في الطحانين ، ثم سلّموا اليه رحا ، فقعد على بابه وجعل يطحن.

قال أبو النصر : سألت عبد الله بن محمد بن خالد ، عن محمد بن مسلم؟ فقال : كان رجلا شريفا موسرا ، فقال له أبو جعفر عليه‌السلام : تواضع يا محمد فلما انصرف الى الكوفه أخذ قوصرة من تمر مع الميزان وجلس على باب مسجد الجامع ، وجعل ينادى عليه ، فاتاه قومه فقالوا له فضحتنا ، فقال ان مولاي أمرني بأمر فلن أخالفه ولن أبرح حتى أفرغ من بيع باقي هذه القوصرة ، فقال له قومه : اذا ابيت الا لتشتغل ببيع وشراء فاقعد في الطحانين! فهيأ رحى وجملا وجعل يطحن ، وقيل : انه كان من العباد في زمانه.

٢٧٩ ـ حدثني ابو الحسن علي بن محمد بن قتيبة ، قال : حدثني الفضل بن شاذان ، قال : حدثنا أبي ، عن غير واحد من اصحابنا ، عن محمد بن حكيم وصاحب له ، قال ابو محمد : قد كان درس اسمه في كتاب أبي ، قالا : رأينا شريكا واقفا في حائط من حيطان فلان ، قد كان درس اسمه أيضا في الكتاب.

قال أحدنا لصاحبه هل لك في خلوة من شريك؟ فأتيناه فسلمنا عليه ، فرد علينا السّلام ، فقلنا يا ابا عبد الله مسألة! قال : في أي شي‌ء؟ فقلنا : في الصلاة ، فقال : سلوا عما بدا لكم؟ فقلنا لا نريد ان تقول قال فلان وقال فلان انما نريد ان تسنده الى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فقال عليه‌السلام أليس في الصلاة؟ فقلنا بلى ، فقال سلوا عما بدا لكم.

قلنا في كم يجب التقصير ، قال : كان ابن مسعود يقول : لا يغرنكم سوادنا هذا وكان يقول فلان ، قال ، قلت : انا استثنينا عليك الا تحدثنا الا عن نبي الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : والله انه لقبيح لشيخ يسئل عن مسئلة في الصلاة عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لا يكون عنده فيها شي‌ء وأقبح من ذلك أن أكذب على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قلنا فمسألة أخرى! فقال أليس في الصلاة؟ قلنا بلى قال : فسلوا عما بدا لكم.

قلنا : على من تجب الجمعة؟ قال : عادت المسألة جذعة ما عندي في هذا عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم شي‌ء ، قال : فاردنا الانصراف ، فقال : انكم لم تسألوا عن هذا الا‌

٣٨٩

وعندكم منه علم ، قال قلت نعم ، أخبرنا محمد بن مسلم الثقفي عن محمد بن علي عن أبيه عن جده عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فقال الثقفي الطويل اللحية؟ فقلنا نعم.

قال : أما أنه لقد كان مأمونا على الحديث ، ولكن كانوا يقولون انه خشبي ثم قال ما ذا روى؟ قلنا روى عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ان التقصير يجب في بريدين ، واذا اجتمع خمسة أحدهم الامام فلهم أن يجمعوا.

______________________________________________________

قوله (ص) : فلهم أن يجمعوا‌

أن يجمعوا بالتشديد من باب التفعيل ، أي يأتوا بصلاة الجمعة.

قال في الصحاح : وجمع القوم تجميعا ، اي شهدوا الجمعة وقضوا الصلاة فيها (١)

وفي المغرب : وجمعنا أي شهدنا الجمعة او الجماعة وقضينا الصلاة فيها.

وفي النهاية الاثيرية : وفي حديث الجمعة « اول جمعة جمعت بعد المدينة بجواثى » جمعت بالتشديد اي صليت ، ويوم الجمعة سمى به لاجتماع الناس فيه.

وفي حديث معاذ « انه وجد اهل مكة يجمعون في الحجر فنهاهم عن ذلك » اي يصلون صلاة الجمعة ، وانما نهاهم لأنهم كانوا يستظلون بفي‌ء الحجر قبل ان تزول الشمس ، فنهاهم لتقديمهم في الوقت ، وقد تكرر ذكر التجميع في الحديث انتهى كلامه (٢).

جواثى ـ بضم الجيم وتخفيف الواو والثاء المثلثة ـ اسم حصن بالبحرين ، والمسجد الجامع المسجد الذي انعقدت فيه صلاة الجمعة.

وقال الجوهري : والمسجد الجامع وان شئت قلت مسجد الجامع بالاضافة كقولك الحق اليقين وحق اليقين ، بمعنى مسجد اليوم الجامع وحق الشي‌ء اليقين ، لان اضافة الشي‌ء الى نفسه لا تجوز الا على هذا التقدير ، وكان الفراء يقول : العرب تضيف الشي‌ء الى نفسه لاختلاف اللفظين (٣).

__________________

(١) الصحاح : ٣ / ١٢٠٠‌

(٢) نهاية ابن الاثير : ١ / ٢٩٧‌

(٣) الصحاح : ٣ / ١١٩٩‌

٣٩٠

٢٨٠ ـ قال محمد بن مسعود ، حدثني على بن محمد ، قال : حدثني محمد ابن أحمد عن عبد الله بن أحمد الرازي ، عن بكر بن صالح ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن سالم ، قال : اقام محمد بن مسلم بالمدينة أربع سنين يدخل على أبي جعفر عليه‌السلام يسأله ، ثم كان يدخل على جعفر بن محمد يسأله ، قال ابن أحمد : فسمعت عبد الرحمن بن الحجاج ، وحماد بن عثمان يقولان : ما كان أحد من الشيعة أفقه من محمد بن مسلم.

قال ، فقال محمد بن مسلم : سمعت من أبي جعفر عليه‌السلام ثلاثين ألف حديث ثم لقيت جعفرا ابنه فسمعت منه أو قال : سألته عن ستة عشر الف حديث أو قال : مسألة.

٢٨١ ـ حدثني محمد بن مسعود ، قال : حدثني جعفر بن أحمد ، قال : حدثني العمركى بن علي قال : أخبرني محمد بن حبيب الازدى ، عن عبد الله بن حماد ، عن عبد الله بن عبد الرحمن الاصم ، عن مديح ، عن محمد بن مسلم ، قال : خرجت الى المدينة وأنا وجع ثقيل.

فقيل له محمد بن مسلم وجع ، فأرسل إليّ أبو جعفر بشراب مع الغلام مغطى بمنديل فناولنيه الغلام وقال لي : اشربه فانه قد أمرني الا أرجع حتى تشربه ، فتناولته فاذا رائحة المسك منه واذا شراب طيب الطعم بارد ، فلما شربته قال لي الغلام يقول لك اذا شربت فتعال ، ففكرت فيما قال لي ولا أقدر على النهوض قبل ذلك على رجلي.

______________________________________________________

قوله : اذا شربت فتعال‌

بفتح اللام على الامر بالاتيان والمجي‌ء من تعالى يتعالى تعاليا.

قال في الصحاح : التعالى الارتفاع ، تقول منه اذا أمرت : تعال يا رجل بفتح اللام ، وللمرأة تعالى ، وللمرأتين تعالى ، وللنسوة تعالين ، ولا يجوز ان يقال منه تعاليت والى اي شي‌ء أتعالى (١).

__________________

(١) الصحاح : ٦ / ٢٤٣٧‌

٣٩١

فلما استقر الشراب في جوفي كأنما نشطت من عقال ، فأتيت بابه فاستأذنت عليه ، فصوت بي : صح الجسم أدخل أدخل ، فدخلت وأنا باك فسلمت عليه وقبلت يده ورأسه ، فقال لي : وما يبكيك يا محمد؟ فقلت جعلت فداك ابكي على اغترابي وبعد الشقة وقلة المقدرة على المقام عندك والنظر إليك.

فقال لي : أما قلة المقدرة : فكذلك جعل الله اوليائنا وأهل مودتنا وجعل البلاء اليهم سريعا ، وأما ما ذكرت من الغربة : فلك بأبي عبد الله اسوة بأرض ناء عنا بالفرات.

وأما ما ذكرت من بعد الشقة : فان المؤمن في هذه الدار غريب ، وفي هذا الخلق المنكوس حتى يخرج من هذه الدار الى رحمة الله.

وأما ما ذكرت من حبك قربنا والنظر إلينا وأنك لا تقدر على ذلك : فالله يعلم ما في قلبك وجزاؤك عليه.

______________________________________________________

وكذلك قال في القاموس : التعالى الارتفاع اذا امرت منه قلت تعال بفتح اللام ولها تعالى (١)

قوله (ع) : فان المؤمن في هذه الدار غريب‌

يعنى عليه‌السلام بالمؤمن العارف المستيقن ، فانه يعلم ان جوهر ذاته العاقلة من عالم الامر والفيض ، ومستوطن نفسه المجردة في اقليم الحياة والبهجة ، فهو لا محالة انما يرى طائر روحه القدسى غريبا في اقفاص هذه الدار البائدة البائرة المظلمة الموحشة ، التي هي ناحية الاقذار والاخباث وحاشية الارماس والاجداث ، ودارة غسق الطبيعة وكورة ظلمة الهيولي.

وقوله عليه‌السلام « المنكوس » اما بالجر على صفة هذا الخلق ، والواو العاطفة للعطف على في هذا الدار.

أي في هذا الخلق المنكوس غريب؟ سمي هذا الخلق منكوسا لانصرافهم عن‌

__________________

(١) القاموس : ٤ / ٣٦٦‌

٣٩٢

٢٨٢ ـ حدثني محمد بن مسعود ، قال : حدثني جبريل بن أحمد ، عن محمد ابن عيسى ، عن علي بن الحكم ، عن سيف بن عميرة ، عن عامر بن عبد الله بن جذاعة قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : ان امرأتي تقول بقول زرارة ومحمد بن مسلم في الاستطاعة وترى رأيهما؟ فقال : ما للنساء وللرأي والقول لها ، انهما ليسا بشي‌ء في ولاية ، قال : فجئت الى امرأتي فحدثتها ، فرجعت عن ذلك القول.

______________________________________________________

الاستقامة في سمك العالم الاعلى الروحاني الى الانتكاس في سجن العالم الا سفل الظلماني.

واما بالرفع على الخبر ، وتعريفه باللام لإفادة الحصر ، أو ليكون الحمل حملا أوليا ذاتيا لا حملا شايعا متعارفا ، كما هو مفاد تنكير الخبر والعاطف لعطف الجملة على الجملة.

اي والمؤمن العارف في هذا الحق وبين ظهرانيهم هو المنكوس ، حتى يخرج من هذه الدار الى دار رحمة الله وطوار بهاء الله وجوار ملائكة الله.

فان هذه الدار هاوية التسفل ودارة الانتكاس ، فالعارف منتكس متسافل فيها بالضرورة الطبيعية الى أن يخرج الى دار الحياة والبهجة ، ويطأ أرض القرار والاستقامة وان كان في دار البوار قد طار بجناح الموت الارادي في فضاء أوج الحياة الحقيقة.

فأما غير العارف من جملة الخلق فحيث أنهم نسوا الله فأنساهم انفسهم ، فهم بنسيان جوهر ذاتهم وموطن قرارهم قد استأنسوا بهذه الدار الباطلة وأهلها المنتكسين المنكوسين بالارادة وبالطبيعة فليعلم.

قوله (ع) : انهما ليسا بشى‌ء في ولايه‌

أي انهما في القول بالاستطاعة ليسا على شي‌ء من ديننا ، ولا في شي‌ء من ولايتنا.

٣٩٣

٢٨٣ ـ حدثني محمد بن مسعود ، قال : حدثني جبريل بن أحمد ، عن محمد بن عيسى بن عبيد ، عن يونس ، عن أبي الصباح ، قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : يا أبا الصباح هلك المترئسون في أديانهم منهم زرارة وبريد ومحمد بن مسلم واسماعيل الجعفي ، وذكر آخر لم أحفظ.

٢٨٤ ـ حدثنى محمد بن مسعود ، قال حدثني جبريل بن أحمد ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس ، عن عيسى بن سليمان وعدة ، عن مفضل بن عمر ، قال : سمعت ابا عبد الله عليه‌السلام يقول : لعن الله محمد بن مسلم كان يقول ان الله لا يعلم الشى‌ء حتى يكون.

______________________________________________________

قوله (ع) : لعن الله ـ الى قوله ـ حتى يكون‌

تفصيل القول أن هناك شكا معضلا (١) عويصا ، هو مزلقة الاقدام ومدحضة الافهام ، وذلك أن العلم بالشي‌ء : اما حصولي انطباعي بوجود المعلوم في ذهن العالم وجودا ظليا ، وتمثل صورته فيه تمثلا ارتساميا. واما حضوري انكشافي بحضور جوهر ذات المعلوم بوجوده الاصيل العيني عند العالم منكشفا عليه غير عازب عنه.

واذ قد استبان بالبرهان أن الله سبحانه بنفس حقيقته الحقة القيومية عين الوجود الحق الاصيل المتأصل المتأكد العيني ، فهو بعلو كبريائه متأبه ومتنزه عن الظلية والتمثل مطلقا ، فلا له وجود ظلي تمثلي في ذهن ما من الاذهان ، ولا لشي‌ء من الاشياء فيه وجود ذهني وتقرر ظلي انطباعي أصلا ، بل أن له التأصل الحق والحقية المحضة من كل جهة.

فاذن علمه بكل شي‌ء يجب أن يكون علما حقا حضوريا بحضوره بجوهر ذاته عنده منكشفا متكشفا ، ظاهرا غير عازب ولا متستر ولا محتجب أبدا ، فعلمه تعالى بالاشياء قبل وجودها وتقررها في الاعيان مما تكل عن بيانه ألسنة العقول والاذهان ، وتحار في سبيله أبصار الاحلام والبصائر.

__________________

(١) في « س » مفصلا.

٣٩٤

______________________________________________________

فمحمد بن مسلم كأنه قد اعتراه هذا الشك ، ولم يجد عنه مخرجا ومحيصا فوقع فيما وقع.

ونحن قد يسرنا الله بفضله العظيم لتحقيق المعضلات وتبيين المهمات ، حققنا في كتاب التقديسات ، وفي كتاب تقويم الايمان ، وكتاب قبسات حق اليقين ، وفي شرح كتاب التوحيد من كتاب الكافي (١) : أن الجاعل التام الذي من كنه ذاته ينبعث وينبجس جوهر ذات المجعول ، فان ظهور كنه ذاته وحضور سنخ حقيقته أقوى في إفادة انكشاف المجعول ، وظهوره من حضور عين هويته ووجود جوهر ذاته.

فالله سبحان حيث أنه بنفس ذاته الاحدية هو المبدع الصانع الجاعل التام لنظام الكل ، من الصادر الاول الى أقصى نظام الوجود على الترتيب السبي والمسببي ، النازل منه والعائد اليه جل سلطانه طولا وعرضا.

وهو ظاهر بذاته لذاته أتم الظهور ، وعالم بذاته ولوازم ذاته من نفس ذاته على أكمل الوجوه ، وهو تعالى مجده ينال الكل من نفس ذاته ولا يعزب عنه مثقال ذرة في الارض ولا في السماء ، من غير أن يكون لوجود الاشياء مدخلية ما في تصحيح ظهورها لديه وانكشافها عليه أصلا.

فعلمه التام سبحانه بكل شي‌ء قبل وجود الاشياء ومع وجودها على سبيل واحد ليس يزداد بوجود الاشياء علما ولا يستفيد من كونها خبرا ، فهذا سبيل الحق وسنن البرهان.

واذ كان المختلفون الى مولانا الصادق عليه‌السلام ينسبون الى محمد بن مسلم أنه يقول : ان الله جل وعز انما يعلم الشي‌ء حين هو كائن لا قبل ان يكون ، فهو عليه‌السلام قال : لعن الله‌

__________________

(١) وهو كتاب « التعليقة على الكافى » المطبوع أخيرا بقم بتحقيقنا وتصحيحنا وتعاليقنا عليه.

٣٩٥

في أبى بصير ليث بن البخترى المرادى‌

______________________________________________________

من كان يقول : انه سبحانه لا يعلم الشي‌ء الا حين كونه ، لا قبل كون الاشياء رأسا فليعرف.

في أبى بصير ليث بن البخترى المرادى‌

ليث بن البختري المرادي الضرير هو أبو بصير الاصغر ، وكان يكنى أيضا أبو محمد. وشيخنا المعول عليه في معرفة أحوال الرجال أبو العباس النجاشي ـ رحمه الله تعالى ـ لم يوثقه ولا زاد في ترجمته على أن قال : ليث بن البختري المرادي أبو محمد وقيل : أبو بصير الاصغر ، روى عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما‌السلام ، له كتاب يرويه جماعة منهم أبو جميلة المفضل بن صالح (١).

وانما وثق أبا بصير الاسدي يحيى بن القاسم وقيل : يحيى بن أبي القاسم المكفوف.

قال في ترجمته : يحيى بن القاسم أبو بصير الاسدي وقيل : أبو محمد ثقة وجيه ، روى عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما‌السلام ، وقيل : يحيى بن أبي القاسم ، واسم أبي القاسم اسحاق ، وروى عن أبي الحسن موسى عليه‌السلام ، له كتاب يوم وليلة ـ وذكر طريقه اليه ـ ثم قال : ومات أبو بصير سنة خمسين ومائة (٢)

والشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ أيضا لم يوثقه ولا ذكر له مدحا في الفهرست ولا في كتاب الرجال ، بل اقتصر على مجرد ذكره في أصحاب أبي جعفر الباقر وفي أصحاب أبي الحسن الكاظم عليه‌السلام.

وقال في أصحاب أبي عبد الله الصادق عليه‌السلام : الليث بن البختري المرادي ابو يحيى ويكنى أبا بصير ، وأسند عنه (٣).

__________________

(١) رجال النجاشى : ٢٤٥.

(٢) رجال النجاشى : ٣٤٤ وفيه سنة خمس ومائة وهو غلط.

(٣) رجال الشيخ : ٢٧٨.

٣٩٦

٢٨٥ ـ روى عن ابن أبي يعفور ، قال : خرجت الى السواد أطلب دراهم لنحج‌

______________________________________________________

وقال أبو الحسين أحمد بن الحسين بن عبد الله الغضائري رحمه الله تعالى وكان أبو عبد الله عليه‌السلام يتضجر به ويتبرم ، وأصحابه يختلفون في شأنه ، ثم قال : وعندي أن اللعن انما وقع على دينه لا على حديثه ، وهو عندي ثقة (١).

وسيذكر أبو عمرو الكشي ـ رحمه الله تعالى ـ في الكتاب أن الذي هو ممن أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنهم قيل : هو أبو بصير المرادي ليث بن البختري الضرير ، وقيل : أنه أبو بصير الاسدي يحيى بن القاسم المولود مكفوفا (٢).

ثم ان الحسن بن داود في باب الكنى من كتابه قال : ان أبا بصير مشترك بين أربعة : المرادي ليث بن البختري وهو ثقة عظيم الشأن. والاسدي المكفوف يحيى ابن أبي القاسم. ويوسف بن الحارث البتري. وعبد الله بن محمد الاسدي (٣).

فشاع من ذلك عند المتأخرين الا حدثين أن الثقة من هؤلاء الاربعة انما هو أبو بصير المرادي ، وأما أبو بصير الاسدي يحيى بن أبي القاسم فحديثه ضعيف. وهذا وهم ليس له أصل.

بل الحق أن أبا بصير الاسدي يحيى بن أبي القاسم المكفوف ثقه ثبت صحيح الحديث ، كما سيظهر عليك من ذي قبل حق الظهور ، نعم علي بن أبي حمزة البطائني الذي يروي عنه ، أكثريا واقفي ضعيف فليعلم.

قوله : خرجت الى السواد‌

أي الى سواد العراق. قال في المغرب : وسمي سواد العراق لخضرة أشجاره وزرعه ، حده طولا من حديثه الموصل الى عبادان ، وعرضا من العذيب‌

__________________

(١) راجع جامع الرواة : ٣ / ٣٤.

(٢) رجال الكشى : ٢٣٨ ط جامعة مشهد.

(٣) رجال ابن داود : ٣٩٢ ـ ٣٩٣.

٣٩٧

ونحن جماعة وفينا أبو بصير المرادي ، قال : قلت له يا أبا بصير اتق الله وحج بمالك فأنك ذو مال كثير فقال : اسكت فلو ان الدنيا وقعت لصاحبك لاشتمل عليها بكسائه.

٢٨٦ ـ حدثني حمدويه بن نصير ، قال حدثنا يعقوب بن يزيد ، عن محمد بن أبي عمير ، عن جميل بن دراج ، قال سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول بشر المخبتين بالجنة بريد بن معاوية العجلي ، وأبو بصير بن ليث البختري المرادي ، ومحمد بن مسلم ، وزرارة ، أربعة نجباء أمناء الله على حلاله وحرامه ، لو لا هؤلاء انقطعت آثار النبوة واندرست.

٢٨٧ ـ حدثني محمد بن قولويه ، قال : حدثني سعد بن عبد الله القمي ، عن محمد بن‌

______________________________________________________

الى حلوان ، وهو الذي فتح على عهد عمر ، وهو أطول من العراق بخمسة وثلاثين فرسخا.

قوله : اسكت فلو أن الدنيا‌

يعني اسكت فان المال الكثير من مكتسب حلال لا بأس به ولا مطعن فيه ، فلو أن الدنيا وقعت لصاحبك من طريق الدين لاشتمل عليها بكسائه.

والسيد جمال الدين بن طاوس في اختياره قال في الجواب عنه : ان الطريق الى ابن يعفور غير متصل فلا عبرة بالحديث ، ثم من صاحبك المشار اليه في الحديث. قلت : وفي جوابه من الوهن ما لا يخفى عنه.

قوله : لو لا هؤلاء انقطعت‌

روى الشيخ ـ رحمه‌الله ـ في الصحيح عن محمد بن مسلم قال : صلى بنا أبو بصير في طريق مكة فقال وهو ساجد ، وقد ضاعت ناقة لهم : اللهم رد على فلان ناقته ، قال محمد : فدخلت على أبي عبد الله فأخبرته فقال : وفعل؟ فقلت : نعم قال : فسكت ، قلت أفأعيد الصلاة؟ قال : لا.

والظاهر أن أبا بصير الذي صلى بهم هو ليث المرادي.

٣٩٨

عبد الله المسمعي ، عن علي بن أسباط ، عن محمد بن سنان ، عن داود بن سرحان ، قال سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : أني لا حدث الرجل الحديث وأنهاه عن الجدال والمراء في دين الله وأنهاه عن القياس ، فيخرج من عندي فيتأول حديثي على غير تأويله ، اني امرت قوما أن يتكلموا ، ونهيت قوما فكل تأول لنفسه يريد المعصية لله ولرسوله ، فلو سمعوا وأطاعوا لا ودعتهم ما أودع أبي أصحابه ، أن أصحاب أبي كانوا زينا أحياء وأمواتا ، أعني زرارة ومحمد بن مسلم ، ومنهم ليث المرادي وبريد العجلي ، وهؤلاء القوامون بالقسط ، وهؤلاء السابقون السابقون أولئك المقربون.

٢٨٨ ـ حدثني حمدويه ، قال : حدثني محمد بن عيسى بن عبيد ، عن يونس ابن عبد الرحمن ، عن أبي الحسن المكفوف ، عن رجل ، عن بكير ، قال : لقيت أبا بصير المرادي قلت : أين تريد؟ قال : أريد مولاك قلت : أنا أتبعك ، فمضى معي فدخلنا عليه ، وأحد النظر اليه وقال : هكذا تدخل بيوت الانبياء وأنت جنب؟! قال : أعوذ بالله من غضب الله وغضبك فقال : أستغفر الله ولا أعود.

وروى ذلك أبو عبد الله البرقي عن بكير.

______________________________________________________

قوله : وأحد النظر اليه‌

أحد ـ بفتح الهمزة وتشديد الدال ـ من الحداد بمعنى التحديد والتحديق : كأنه نظر اليه وهو غضبان فهذا الحديث فيه مطعن ما في أبي بصير المرادي ، ولكنه ليس يوجب القدح فيه ، فلعله يومئذ لم يكن يعلم أن مشهد المعصوم في الحياة وبعد الوفاة حكمه حكم المسجد.

والسيد بن طاوس أجاب عنه في اختياره بأن في الطريق ضعفا ، ثم أنه ما قال من المدخول عليه.

قلت : وهذا الجواب ركيك سخيف كما ترى ، والحق ما قلناه فلا تكن من المتكلفين.

٣٩٩

٢٨٩ ـ محمد بن مسعود ، قال : حدثني أحمد بن منصور ، عن أحمد بن الفضل ، وعبد الله بن محمد الاسدي ، عن ابن أبي عمير ، عن شعيب العقرقوفي ، عن أبي بصير قال : دخلت على أبي عبد الله عليه‌السلام فقال لي : حضرت علباء عند موته؟ قال : قلت نعم ، واخبرني أنك ضمنت له الجنة وسألني أن اذكرك ذلك قال : صدق.

قال فبكيت ثم قلت : جعلت فداك فمالي ألست كبير السن الضعيف الضرير البصير المنقطع إليكم؟ فاضمنها لي ، قال : قد فعلت ، قال : قلت اضمنها على آبائك وسميتهم واحدا واحدا ، قال قد فعلت ، قلت : فاضمنها لي على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : قد فعلت ، قال : قلت فاضمنها لي على الله تعالى ، قال : فأطرق ثم قال : قد فعلت.

٢٩٠ ـ الحسين بن إشكيب ، عن محمد بن خالد البرقي ، عن ابن أبي عمير عن هشام بن سالم وابي العباس ، قال : بينا نحن عند أبي عبد الله اذ دخل أبو بصير فقال أبو عبد الله عليه‌السلام : الحمد الله الذي لم يقدم أحد يشكو أصحابنا العام ، قال هشام : فظننت انه يعرض بأبي بصير.

٢٩١ ـ حمدويه ، قال حدثنا يعقوب بن يزيد ، عن ابن أبي عمير ، عن شعيب العقرقوفي ، قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : ربما احتجنا أن نسأل عن الشي‌ء فمن نسأل؟ قال عليك بالاسدي ، يعنى أبا بصير.

______________________________________________________

قوله : فظننت أنه يعرض‌

يعرض بالتشديد على صيغة المضارع المعلوم من التعريض.

قوله : يعنى أبا بصير‌

كلام شعيب العقرقوفي ، وهو ابن اخت أبى بصير الاسدي يحيى بن أبي القاسم المكفوف ، ثقة عين ممدوح جليل المنزلة ، من أصحاب أبي عبد الله الصادق وأبي الحسن الكاظم عليهما‌السلام فهذا الحديث واضح المتن صحيح الطريق اتفاقا.

وقد اعترف بذلك السيد المكرم جمال الدين بن طاوس في اختياره.

٤٠٠