إختيار معرفة الرّجال - ج ١

أبي جعفر محمّد بن الحسن بن علي بن الحسن الطّوسي [ شيخ الطائفة ]

إختيار معرفة الرّجال - ج ١

المؤلف:

أبي جعفر محمّد بن الحسن بن علي بن الحسن الطّوسي [ شيخ الطائفة ]


المحقق: السيد مهدي الرجائي
الموضوع : رجال الحديث
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤١٦
الجزء ١ الجزء ٢

______________________________________________________

صدره ، وقال : يا بن اليهودي ما أجرأك في ديننا ، فقال عثمان : ما أكثر أذاك لي غيب وجهك عني فقد آذيتني.

فخرج أبو ذر الى الشام ، فكتب معاوية الى عثمان ان أبا ذر تجتمع اليه الجموع ولا آمن أن يفسدهم عليك ، فان كان لك في القوم حاجة فاحمله إليك ، فكتب اليه فحمله على بعير عليه قتب يا بس معه خمسون من الصقالبة يطردون (١) به حتى أتوا به المدينة ، وقد تسلخت بواطن أفخاذه ، وكاد يقلت (٢) فقيل : انك تموت من ذلك فقال : هيهات أن أموت حتى أنفي.

وذكر جوامع ما نزل به بعد ومن يتولى دفنه ، فأحسن اليه في داره أياما ثم ادخل عليه فجثا عليه وتكلم بأشياء ، وذكر الخبر في ولد أبي العاص اذا بلغوا ثلاثين رجلا اتخذوا عباد الله حولا ، ومر في الخبر بطوله وتكلم بكلام كثير.

وكان في ذلك اليوم قد أتي عثمان بتركة عبد الرحمن بن عوف الزهري من المال ، فنضدت البدار حتى حالت بين عثمان وبين الرجل القائم ، فقال عثمان : اني لأرجو لعبد الرحمن خيرا لأنه كان يتصدق ويقري الضيف وترك ما ترون ، فقال كعب الاحبار : صدقت يا أمير المؤمنين ، فشال أبو ذر العصا فضرب بها رأس كعب ولم يشغله ما كان به من الا لم وقال : يا بن اليهودي تقول لرجل مات وخلف هذا المال كله ان الله أعطاه خير الدنيا وخير الآخرة وتقطع على الله بذلك ، وأنا سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : ما يسرني أن أموت فادع ما يزن قيراطا.

فقال له عثمان وأرعني وجهك قال أسير الى مكة قال : لا والله قال : فتمنعني من بيت ربي أعبده فيه حتى أموت قال : أي والله فقال : الى الشام فقال : لا والله قال : فالبصرة قال : لا والله ، فاختر غير هذه البلدان قال : لا والله ما اختار غير ما ذكرت لك‌

__________________

(١) وفي هامش النسخ : ينظرونه‌

(٢) أى يهلك.

١٠١

______________________________________________________

ولو تركتني في دار هجرتي ما أردت شيئا من البلدان ، فسيرني حيث شئت من البلاد.

فقال : اني مسيرك الى الربذة قال : الله اكبر صدق رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قد أخبرني بكل ما أنا لاق ، قال عثمان : وما قال لك؟ قال خبرني بأني أمنع عن مكة والمدينة وأموت بالربذة ويتولى مواراتي نفر يريدون من العراق نحو الحجاز.

وبعث أبو ذر الى حميل له فحمل عليه امرأته وقيل : ابنته ، وأمر عثمان أن يتحاماه الناس حتى يسيروا الى الربذة ، فلما طلع على المدينة ومروان يسيره عنها ، طلع عليه علي بن أبي طالب عليه‌السلام ومعه ابناه وعقيل أخاه وعبد الله بن جعفر وعمار بن ياسر فاعترض مروان فقال : يا علي ان أمير المؤمنين نهى الناس أن يصحبوا أبا ذر ويشيعوه ، فان كنت لم تعلم بذلك أعلمتك.

فحمل عليه علي بن أبي طالب فضرب بين أذني راحلته وقال : تنح نحاك الله الى النار ، ومضى مع أبي ذر فشيعه ثم ودعه وانصرف ، فلما أراد على الانصراف بكى أبو ذر ، وقال : رحمكم الله أهل بيت اذا رأيتك يا أبا الحسن وجهك ذكرت بكم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

فشكى مروان الى عثمان ما فعل به علي ، فقال عثمان : يا معشر المسلمين من يعذرني من علي رد رسولي عما وجهته وفعل وفعل والله لنعطينه حقه ، فلما رجع علي استقبله الناس فقالوا : ان أمير المؤمنين عليك غضبان لتشييعك أبا ذر ، فقال علي : غضب الخيل على اللجم.

ثم جاء فلما كان العشي جاء الى عثمان فقال له : ما حملك على ما صنعت بمروان؟ ولم اجترأت عليّ ورددت رسولي وأمري؟ قال : أما مروان فانه استقبلني يردني فرددته عن ردي ، وأما أمرك فلم أرده ، قال عثمان : أو لم يبلغك أني قد نهيت الناس عن أبي ذر وعن تشييعه؟ قال علي : أو كلما أمرتنا به من شي‌ء نرى طاعة الله والحق في خلافه اتبعنا أمرك لعمر الله لا نفعل.

١٠٢

القطار يحمل النار : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : اذا بلغ بنو أبي العاص ثلاثين رجلا اتخذوا دين الله دخلا وعباد الله خولا ومال الله دولا. فقتلوه فقرا وجوعا وذلا‌

______________________________________________________

قال عثمان : أقد مروان قال : وما أقيده؟ قال : ضربت بين أذني راحلته وشتمته فهو شاتمك وضارب بين أذني راحلتك ، قال علي : أما راحلتي فهي تملك ، فان أراد أن يضربها كما ضربت راحلته فليفعل ، فاما أنا فو الله لان شتمني لأشتمنك أنت بمثله بما لا أكذب فيه ولا أقول الا حقا ، قال عثمان : فلم لا يشتمك اذا شتمته ، فو الله ما أنت عندي بأفضل منه.

فغضب علي عليه‌السلام وقال : ألي تقول هذا القول وبمروان تعدلني ، فأنا والله أفضل منك ، وأبي أفضل من أبيك ، وأمي أفضل من أمك ، وهذه نبلى قد نبلتها وهلم فانبل نبلك.

فغضب عثمان واحمر وجهه وقام فدخل ، وانصرف علي فاجتمع اليه أهل بيته ورجال من المهاجرين والانصار ، فلما كان من الغد واجتمع الناس الى عثمان شكى اليهم عليا وقال : انه يعيبني ، وبظاهر من يعيبني ، يريد بذلك أبا ذر وعمارا وغيرهما ، فدخل الناس بينهما حتى أصلحوا بينهما ، وقال له علي : والله ما أردت بتشييعي أبا ذر الا الله انتهى كلام مروج الذهب في هذا الباب (١).

قوله عليه‌السلام : اتخذوا دين الله دخلا وعباد الله خولا ومال الله دو لا‌

رواها أكثر الصحابة عنه عليه‌السلام على هذا النسق. دخلا وخولا بالتحريك و « دولا » بضم الدال وفتح الواو.

قال ابن الاثير في النهاية في د ـ خ : في حديث قتادة بن نعمان وكنت أرى اسلامه مدخولا ، الدخل بالتحريك العيب والغش والفساد يعني : ان ايمانه كان متزلزلا فيه نفاق ، ومنه حديث أبي هريرة « اذا بلغ بنوا أبي العاص ثلاثين كان دين‌

__________________

(١) مروج الذهب : ٢ / ٣٣٩ ـ ٣٤٢‌

١٠٣

______________________________________________________

الله دخلا وعباد الله خولا » وحقيقته أن يدخلوا في الدين أمورا لم تجر بها السنة (١).

وقال في خ : والخول حشم الرجل وأتباعه واحدهم خائل ، وقد يكون واحدا ويقع على العبد والامة ، وهو مأخوذ من التخويل التمليك ، وقيل من الرعاية ، ومنه حديث أبي هريرة « اذا بلغ بنو أبي العاص ثلاثين كان عباد الله خولا » أي خدما وعبيدا يعني أنهم يستخدمونهم ويستعبدونهم ، وفيه « أنه كان يخولنا بالموعظة » أي يتعهدنا ، من قولهم فلان خولي مال وخائل مال ، وهو الذي يصلحه ويقيم به انتهى كلام النهاية (٢).

وفي الصحاح : الخائل الحافظ للشي‌ء ويقال : فلان يخول على أهله أي يرعى عليهم ، وخوله الله الشي‌ء أي ملكه اياه ، وقد خلت المال أخوله اذ أحسنت القيام عليه يقال : هو خال مال وخولي مال أي حسن القيام عليه ، والتخول التعهد وفي الحديث « كان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يتخولنا بالموعظة مخافة السامة » وخول الرجل حشمه الواحد خائل وقد يكون الخول واحدا وهو اسم يقع على العبد والامة قال الفراء : وهو جمع خائل وهو الراعي ، وقال غيره : هو مأخوذ من التخويل وهو التمليك (٣).

و « الدول » بضم الدال وفتح الواو جمع الدولة بالضم يقال : جاء فلان بدولاته أي بدواهيه.

قال الراغب في المفردات : الدولة ـ بالفتح ـ والدولة ـ بالضم ـ واحدة وقيل : الدولة بالضم في المال ، والدولة بالفتح في الحرب والجاه ، وقيل : الدولة اسم الشي‌ء الذي يتداول بعينه ، والدولة المصدر ، قال الله تعالى ( كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِياءِ مِنْكُمْ ) (٤) وتداول القوم كذا ، أي تداولوه من حيث الدولة ، وداول الله كذا بينهم‌

__________________

(١) نهاية ابن الاثير : ٢ / ١٠٨‌

(٢) نهاية ابن الاثير : ٢ / ٨٨ وفيه أخيرا : ويقوم به.

(٣) الصحاح : ٤ / ١٦٩٠‌

(٤) سورة الحشر : ٧‌

١٠٤

وضرا وصبرا.

٤٩ ـ أبو علي أحمد بن علي السلولي شقران القمي ، قال حدثني الحسن بن‌

______________________________________________________

قال الله تعالى ( وَتِلْكَ الْأَيّامُ نُداوِلُها بَيْنَ النّاسِ ) (١) والدؤلول الداهية ، والجمع الدآليل والدؤلات (٢).

قوله عليه‌السلام : وصبرا‌

الصبر في القتل وفي اليمين في الفقه.

والحديث معروف في النهاية الاثيرية : في حديث الصوم « صم شهر الصبر » هو شهر رمضان وأصل الصبر الحبس : يسمى الصوم صبرا لما فيه من حبس النفس عن الطعام والشراب والنكاح ، وفيه « أنه نهى عن قتل شي‌ء من الدواب صبرا هو أن يمسك من ذوات الروح شي‌ء حيا ثم يرمي بشي‌ء حتى يموت ، ومنه الحديث « نهى عن المصبورة ونهى عن صبر ذي الروح » ومنه الحديث « في الذي أمسك رجلا وقتلوا آخرا اقتلوا القاتل واصبروا الصابر » أي أحبسوا الذي حبسه للموت حتى يموت كفعله به ، وكل من قتل في معركة ولا حرب ولا خطأ فانه مقتول صبرا ، ومنه حديث ابن مسعود « أن » رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نهى عن صبر الروح » وهو الخصاء والخصاء صبر شديد ، وفيه « من أحلف على يمين مصبورة كاذبا » وفي حديث آخر « من حلف على يمين صبرا » أي ألزم بها وحبس عليها وكانت لازمة لصاحبها من جهة الحكم ، وقيل :

لها مصبورة وان كان صاحبها في الحقيقة هو المصبور ، لأنه انما صبر من أجلها أي حبس فوضعت بالصبر وأضيفت اليه مجازا (٣).

قوله رحمه الله تعالى : أبو على أحمد بن على السلولى‌

في القاموس : سلول فخذ من قيس (٤).

__________________

(١) سورة آل عمران : ١٤٠‌

(٢) مفردات الراغب : ١٧٤‌

(٣) نهاية ابن الاثير : ٣ / ٨‌

(٤) القاموس : ٣ / ٣٩٧‌

١٠٥

حماد ، عن أبي عبد الله البرقي ،

______________________________________________________

وفي الصحاح : سلول قبيلة من هوازن وهم بنو مرة بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن ، وسلول اسم أمهم نسبوا اليها ، منهم عبد الله بن همام الشاعر السلولي (١).

ثم في طائفة من النسخ في هذا الموضع « سعدان القمي » بالسين والعين والدال المهملات قبل الالف والنون أخيرا ، وذلك تصحيف وتحريف من النساخ (٢) ، والصواب ما يتكرر من بعد في الاسانيد على اتفاق عامة النسخ وهو « شقران » بضم الشين المعجمة قبل القاف الساكنة والراء بعدها قبل الالف ثم النون أخيرا ، والرجل معروف كثير الرواية.

وذكره الشيخ في كتاب الرجال قال في باب لم : أحمد بن علي السلولي المعروف بالشقران القمي المعروف بالشقران القمي المقيم بكش ، وكان أشل دوارا (٣).

وفي بعض نسخ كتاب الرجال التيملي مكان السلولي.

قوله رحمه‌الله : قال : حدثنى الحسن بن حماد‌

قد سبق مثله في الاسانيد السابقة ، والذي يستبين أنه من غلط الناسخ ، والصحيح خلف بن حماد بالخاء المعجمة ثم اللام والفاء أخيرا ، فهو الذي يروي عن أبى عبد الله محمد بن خالد البرقي ، ويتكرر في الاسانيد كثيرا ، وهو من الشيوخ.

ذكره الشيخ في باب الخاء المعجمة من باب لم قال : خلف بن حماد مكنى أبا صالح من أهل كش (٤).

__________________

(١) الصحاح : ٥ / ١٧٣١‌

(٢) كما في المطبوع من رجال الكشى بجامعة مشهد والنجف الاشرف.

(٣) رجال الشيخ : ٤٣٩ والموجود فيه القمى بدل السلولى.

(٤) رجال الشيخ : ٤٧٢‌

١٠٦

عن عبد الرحمن بن محمد بن أبي حكيم ، عن أبي خديجة الجمال ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : دخل أبو ذر على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ومعه جبريل ، فقال جبريل : من هذا يا رسول الله؟ قال أبو ذر : قال أما أنه في السماء أعرف منه في الارض وسأله عن كلمات يقولهن اذا أصبح قال ، فقال يا أبا ذر كلمات تقولهنّ اذا أصبحت فما هنّ؟ قال أقول‌

______________________________________________________

وأبو عبد الله البرقي يروي عن خلف بن حماد الاسدي على ما في الفهرست (١).

قوله رحمه الله تعالى عنه : عن عبد الرحمن بن محمد بن أبى حكيم‌

في النسخ على التصغير ، وفي كتب الرجال محمد بن الحكم بن المختار بن أبي عبيدة الثقفي الكوفي من أصحاب الصادق عليه‌السلام مكبرا (٢).

وعبد الرحمن بن محمد من أصحاب أبي جعفر الجواد عليه‌السلام ، ويقال : ربما روى عن أبي الحسن الرضا عليه‌السلام.

قوله رحمه الله تعالى عنه : عن أبى خديجة الجمال‌

هو سالم بن مكرم على ما يستبين فيما سيرد في الكتاب إن شاء الله العزيز ، وهو الذي صرح الشيخ بتوثيقه في بعض المواضع ، وثنى توثيقه النجاشي (٣).

وزعم الحسن بن داود أن ذاك هو أبو خديجة الرواجني ، وذا أبو خديجة الجمال وهما اثنان ولا توثيق في ذا من أحد (٤).

وذلك وهم منه فاسد ، قد أوضحنا فساده في المعلقات على الخلاصة ، وعلى كتابه ، وعلى كتاب النجاشي ، وعلى غيرها من كتب الرجال ، وفي الرواشح السماوية ، وفي المعلقات على الفقيه ، وعلى الاستبصار.

__________________

(١) الفهرست : ٩٢‌

(٢) رجال الشيخ : ٣٠٦ وفيه محمد بن أبى الحكم الخ.

(٣) رجال النجاشى : ١٤٢‌

(٤) رجال ابن داود : ١٦٥‌

١٠٧

يا رسول الله : اللهم اني أسألك الايمان بك والعافية من جميع البلايا والشكر على العافية والغنى عن الناس.

٥٠ ـ حمدويه وابراهيم ابنا نصير ، قالا حدثنا أيّوب بن نوح ، عن صفوان ابن يحيى ، عن عاصم بن حميد الحنّاط ، عن أبي بصير ، عن عمرو بن سعيد ، قال حدثنا عبد الملك بن أبي ذر الغفاري ، قال بعثني أمير المؤمنين عليه‌السلام يوم مزق عثمان المصاحف ، فقال : ادع أباك! فجاء أبي اليه مسرعا ، فقال : يا أبا ذر أتى اليوم في الإسلام أمر عظيم ، مزق كتاب الله ووضع فيه الحديد ، وحق على الله أن يسلّط الحديد على من مزق كتابه بالحديد. قال ، فقال له أبو ذر : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

______________________________________________________

قوله عليه‌السلام : اللهم انى أسألك‌

دعاء أبي ذر رضي الله تعالى عنه معروف في كتب الدعاء وفيما أواظب عليه في وردي « اللهم اني أسألك الايمان بك ، والرضا بقضائك ، والغناء عن الناس والعافية من جميع البلاء ، والشكر على العافية يا ولي العافية ».

قوله رحمه الله تعالى : حمدويه وابراهيم ابنا نصير الى اخره‌

الطريق نقي صحيح على الأصحّ ، فان عمرو بن سعيد المدائني ثقة من أصحاب أبي الحسن الرضا عليه‌السلام قد وثقه النجاشي (١) ، ولم يذكر غميزة فيه ولا طعنا في مذهبه وانما روى أبو عمرو الكشي عن نصر بن الصباح أنه فطحي ، ولكن قال نصر : لا اعتمد على قوله. وابو بصير هو ليث المرادي ، كما هو المستبين من الطبقة.

قوله رحمه الله تعالى : قال : حدثنا عبد الملك بن ابى ذر الغفارى‌

هو في الاستقامة على طريقة أبيه رضي الله تعالى عنهما.

__________________

(١) رجال النجاشى : ٢٢١.

١٠٨

يقول : أن أهل الجبرية من بعد موسى قاتلوا أهل النبوة فظهروا عليهم فقتلوهم زمانا‌

______________________________________________________

قوله عليه‌السلام : ان أهل الجبرية (١)

بالتحريك ، وربما يقال : الجبرية بكسر الجيم والباء ، ويعني عليه‌السلام بهم المجوس وهم لا يقولون بقدرة وارادة للإنسان في فعله أصلا ، بل يثبتون للعالم الاكبر بنظامه الجملي مبدئين : يسمون أحدهما يزدان واليه يسندون الخيرات بأسرها ، والاخر أهر من واليه يضيفون الشرور بأسرها على الاطلاق.

وعلى طريقتهم الاشاعرة في نفي تأثير قدرة العبد وارادته في أفعاله مطلقا ، فانهم يسندون أفاعيله من الخيرات والشرور جميعا الى قدرة الله سبحانه وارادته ابتداء ، من غير مدخلية للعبد ولا لممكن ما من الممكنات في ذلك بجهة من جهات التأثير والعلية والتقدم العقلي بالذات أصلا ، بل على مجرد المقارنة الاتفاقية المعبر عنها عندهم بالكسب لا غير.

ومن هناك استتبت علاقة التشبيه في الحديث المشهور بالمتواتر عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : القدرية مجوس هذه الامة (٢).

أليس كل من على ساهرة اقليم العقل وفي دائرة ملة الإسلام يعلم بالبرهان انه ما من ممكن ذاتي عينا كان أو فعلا ، وجوهرا كان أو عرضا ، الا ولا منتدح له في ترتب سلسلة السببية والمسببية من الانتهاء الى مسبب الاسباب من غير سبب على الاطلاق ، والاستناد الى قدرته الحقة القيومية وارادته الربوبية الوجوبية بآخره ، وان كان الفاعل المباشر قريبا ، والاخير من أجزاء العلة التامة لفعل العبد قدرته وأرادته المنبعثتان عن القدرة التامة الواجبة والارادة الحقة الفعالة.

فاذن ليس يصح التشبيه من حيث اثبات مبدئين ، اذ ليس يقول بذلك أحد من المعتزلة والامامية والحكماء الالهيين المثبتين للحيوان قدرة مباشرة للفعل ، وإرادة‌

__________________

(١) وفي المطبوع من رجال الكشى بجامعة مشهد. أهل الحبرية بالحاء المهملة.

(٢) رواه في الطرائف : ٣٤٤. وهناك مقالات حول عقائد المجبرة فراجع.

١٠٩

______________________________________________________

متقدمة عليه تقدما بالطبع ، فقد انصرح أن ملاك التشبيه سلب الفعل عن العبد ونفي قدرته واختياره على سبيل العلية كما قالته المجوس ، وانما ذلك مذهب الاشعرية في هذه الامة فهم القدرية في قوله عليه‌السلام القدرية مجوس هذه الامة لا غيرهم.

وما تحمله امام المتشككين فخر الدين الرازي ومتابعوه في تصحيح كون المعتزلة هم القدرية مما ليس له مساق الى سبيل الصحة ومعاد الى طريق الصواب ، وان أحببت بسط القول فيه فعليك بكتابنا الايقاضات.

قال الجوهري في الصحاح : الجبر أن تغني الرجل عن فقر أو تصلح عظمه من كسر ، يقال : جبرت العظم جبرا وجبر العظم نفسه جبورا ، أي انجبر واجتبر العظم مثل انجبر ، يقال : جبر الله فلانا فاجتبر أي سد مفاقره ، والجبر خلاف القدر ، قال أبو عبيد : هو كلام مولد والجبرية بالتحريك خلاف القدرية (١).

وقال الراغب في المفردات : أصل الجبر اصلاح الشي‌ء بضرب من القهر ، يقال : جبرته فانجبر واجتبر ، وقد قيل : جبرته فجبر لقول الشاعر :

« قد جبر الدين الاله فجبر » ‌

هذا قول أكثر أهل اللغة وقال بعضهم : ليس قوله فجبر مذكورا على سبيل الانفعال ، بل ذلك على سبيل الفعل ، وكرره ونبه بالاول على الابتداء باصلاحه وبالثاني على تتميمه ، فكأنه قال قصد جبر الدين وابتدأ به فتمم جبره ، وذلك أن فعل تارة يقال لمن ابتدأ بفعل ، وتارة لمن فرغ عنه ، وتجبر يقال : اما لتصور معنى الاجتهاد ، أو المبالغة ، او لمعنى التكلف ، وقد يقال : الجبر في الاصلاح المجرد نحو قول علي عليه‌السلام يا جابر كل كسير ومسهل كل عسير ، وتارة في القهر المجرد نحو قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لا جبر ولا تفويض ، والجبر في الحساب الحاق شي‌ء به اصلاحا لما يريد اصلاحه ، وسمي السلطان جبرا لقهره الناس على ما يريده ، أو لإصلاح أمورهم ،

__________________

(١) الصحاح : ٢ / ٦٠٧ ـ ٦٠٨‌

١١٠

______________________________________________________

والاجبار في الاصل حمل الغير على أن يجبر الاخر ، لكن تعورف في الاكراه المجرد فقيل : أجبرته على كذا ، كقولك أكرهته وسمي الذين يدعون أن الله تعالى يكره العباد على المعاصي في تعارف المتكلمين مجبرة ، وفي قول المتقدمين جبرية وجبرية (١).

أي بالتحريك وبكسر الجيم والباء ، كما نقلناه عن الصحاح.

وقال في القاموس : الجبرية خلاف القدرية ، والتسكين لحن ، أو هو الصواب ، والتحريك للازدواج ، والجبار الله تعالى لتكبره ، والمتكبر الذي لا يرى لأحد عليه حقا ، فهو بين الجبرية والجبرياء بمكسورتين ، والجبرية بكسرات والجبرية والجبروة والجبروتي والجبروت محركات (٢).

وقال في أساس البلاغة : وقوم جبرية ، وهو كذا ذراعا بذراع الجبار أي بذراع الملك ، وفي الحديث : دعوها فانها جبارة وما كانت نبوة إلا تناسخها ملك جبرية. أي الا تجبر الملوك فيها (٣).

قلت : قول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في هذا الحديث : ان أهل الجبرية من بعد موسى قاتلوا أهل النبوة تنصيص على أن أهل الجبرية مقابل أهل النبوة ، وهم الكفرة من المجوس الذين قاتلوا بني اسرائيل فظهروا ، أي غلبوا عليهم فقتلوهم ، واستمروا في عتوهم وغلبتهم عليهم زمانا طويلا ، وحديثه عليه وآله الصلاة والسّلام : القدرية مجوس هذه الامة. ناص على أن المجبرة القائلين بالقدر على سبيل محوضة الاجبار وصرافة الالجاء من غير مدخلية لاختيار العبد في فعله أصلا ، منزلتهم في هذه الامة منزلة المجوس الجبرية الذاهبين الى أن فعل الانسان مطلقا انما فاعله التام على الاجبار‌

__________________

(١) مفررات الراغب : ٨٥ ـ ٨٦‌

(٢) القاموس : ١ / ٣٨٤ ـ ٣٨٥‌

(٣) أساس البلاغة : ٨١‌

١١١

طويلا ، ثم ان الله بعث فتية فهاجروا الى غبر آبائهم فقاتلهم فقتلوهم ، وأنت بمنزلتهم‌

______________________________________________________

البحت يزدان أو أهرمن.

فاذن قد استبان أن الجبرية والقدرية واحدة وجعلهما متقابلين ، كما ذهبت اليه علماء الاشاعرة في الصدر الاول ، ثم جرى عليه كلام أهل اللغة ، والمتأخرون بنوا عليه الاصطلاح أخيرا لا أصل له يركن اليه ولا ركن يعتمد عليه.

ثم كيف يسوغ اثبات نسبة نفاة أمر اليه وسلب القول به عن مثبتيه. وما يقال : ان تبالغهم في النفي والانكار مصحح الاسناد والنسبة. ليس يستحق الاصاخة له والاصغاء اليه.

قوله عليه‌السلام : ثم ان الله بعث فتية فهاجروا الى غبر آبائهم‌

في أكثر النسخ « فتية » بكسر الفاء واسكان المثناة من فوق قبل المثناة من تحت المفتوحة على جمع فتي بالتشديد ، كما صبية في جمع صبي ، يعني شبابا.

قال في المغرب : الفتى من الناس الشباب القوي والجمع فتية وفتيان.

وفي نسخة « فئة » بكسر الفاء وفتح الهمزة واحدة فيئين.

و « غبر » باعجام الغين قبل الباء الموحدة ، اما محركة بمعنى التراب والارض أي الى ديار آبائهم ، أو بضم الغين وتسكين الباء أو تشديدها مفتوحة بمعنى بقية آبائهم ومن بقي منهم ، والغبر والغبر بقية اللبن في الضرع وغبر المرض بقاياه ، وكذلك غبر الليل والغابر من كل شي‌ء الباقي منه قاله في الصحاح (١).

وقال في القاموس : غبر غبورا مكث وذهب ضد ، وهو غابر من غبر كركع ، وغبر الشي‌ء بالضم بقيته كغبره ، والجمع أغبار (٢).

__________________

(١) الصحاح : ٢ / ٧٦٥‌

(٢) القاموس : ٢ / ٩٩‌

١١٢

يا علي. فقال علي : قتلتني يا أبا ذر. فقال أبو ذر : أما والله لقد علمت أنه سيبدأ بك.

٥١ ـ حمدويه وابراهيم ابنا نصير ، قالا حدثنا أيوب بن نوح ، عن صفوان ابن يحيى ، عن عاصم بن حميد الحنفي ، عن فضيل الرسّان ، قال حدثني أبو عبد الله عن أبي سخيلة ، قال حججت أنا وسلمان بن ربيعة ، قال فمررنا بالربذة ، قال فأتينا‌

______________________________________________________

قوله عليه‌السلام : قتلتنى يا أبا ذر‌

يعنى أخبرت بقتلي فقال أبو ذر : نعم قد علمت أنه سيبدأ في العترة الطاهرة بك يا أمير المؤمنين.

قوله رحمه الله تعالى : حمدويه وابراهيم ابنا نصير‌

الطريق حسن بفضيل الرسان ، وهو الفضيل بن الزبير الاسدي مولاهم الكوفي الرسان ، ذكره الشيخ في كتاب الرجال في أصحاب أبي جعفر الباقر وفي أصحاب أبي عبد الله الصادق عليهما‌السلام بالتصغير (١) ، وكذلك في كتاب أبي عمرو الكشي (٢) ، والحسن بن داود أورده في كتابه مكبرا (٣).

وأبو عبد الله هذا الذي روى عنه الفضيل الرسان هو أبو عبد الله البجلي الكوفي من أصحاب أمير المؤمنين عليه‌السلام من اليمن ، ذكره العلامة في الخلاصة (٤) ، والشيخ في كتاب الرجال (٥). أو أبو عبد الله الجدلي بفتح الجيم والدال من أوليائه عليه‌السلام وخواصه من مضر ، كما أورده في الخلاصة ، واسمه عبيد بن عبد.

قال في الخلاصة : قيل : انه كان تحت راية المختار ، ويقال : اسمه عبد الرحمن ابن عبد ربه (٦).

__________________

(١) رجال الشيخ : ١٣٢ و ٢٧٢‌

(٢) رجال الكشى : ٣٣٨ ط مشهد و ٢٨٧ ط نجف.

(٣) رجال ابن داود : ٢٧١‌

(٤) الخلاصة : ١٩٤‌

(٥) رجال الشيخ : ٦٣‌

(٦) الخلاصة ١٢٧‌

١١٣

أبا ذر فسلمنا عليه ، قال فقال لنا : ان كانت بعدي فتنة وهي كائنة فعليكم بكتاب الله والشيخ علي بن أبي طالب عليه‌السلام ، فاني سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهو يقول : علي أول من آمن بي وصدقني ، وهو أول من يصافحني يوم القيامة ، وهو الصديق الاكبر ، وهو‌

______________________________________________________

وذكرة الشيخ في كتاب الرجال في أصحاب أمير المؤمنين عليه‌السلام ، ثم أورده في أصحاب أبي عبد الله عليه‌السلام وقال : عبد الرحمن بن عبد ربه الخزرجي (١). طعنوا عليه بالرفض.

وقال ابن حجر في التقريب : عبد أو عبد الرحمن بن عبد أبو عبد الله الجدلي ثقة ، رمي بالتشيع من كبار الثالثة.

و « أبو سخيلة » بضم السين المهملة وفتح الخاء المعجمة ، كما قال في الخلاصة ناقلا عن البرقي (٢) ، وذكره الشيخ في كتاب الرجال في أصحاب أمير المؤمنين عليه‌السلام (٣).

قوله رضى الله تعالى عنه : وهى كائنة‌

يعني ألا وهي كائنة لا محال من غير امتراء ، لما قد أخبرنا به رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

قوله (ص) : على أول من آمن بى وصدقنى‌

والعامة رووا هذا الحديث من طرق عديدة غير طريق أبي ذر (٤).

أورد أبو عبد الله الذهبي مع شدة عناده ونصبه في ميزان الاعتدال أنه ذكر العقيلي بالاسناد عن ابن عباس عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه قال لام سلمة : ان عليا لحمه من لحمي وهو مني بمنزلة هارون من موسى غير أنه لا نبي بعدي ، قال ابن عباس ، ستكون فتنة فمن أدركها فعليه بخصلتين كتاب الله وعلي بن أبي طالب ، فاني سمعت‌

__________________

(١) رجال الشيخ : ٥٠ و ٧٦‌

(٢) الخلاصة : ١٩٥‌

(٣) رجال الشيخ : ٦٥‌

(٤) وقد أوردنا مصادر هذا الحديث عن طرق العامة والخاصة في كتاب الطرائف : ١٨‌

١١٤

الفاروق بعدي يفرق بين الحق والباطل ، وهو يعسوب المؤمنين والمال يعسوب الظلمة.

٥٢ ـ وبهذا الاسناد عن الفضيل الرسان ، قال حدثني أبو عمر ، عن حذيفة ابن أسيد ، قال سمعت أبا ذر ، يقول وهو متعلق بحلقة باب الكعبة ، أنا جندب بن جنادة لمن عرفني وأنا أبو ذر لمن لم يعرفني ، اني سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهو يقول :

______________________________________________________

رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول وهو آخذ بيد علي : هذا أول من آمن بي وأول من يصافحني يوم القيامة ، وهو فاروق هذه الامة يفرق بين الحق والباطل ، وهو يعسوب المؤمنين والمال يعسوب الظلمة ، وهو الصديق الاكبر ، وهو خليفتي من بعدي.

وفي ميزان الاعتدال أيضا : أن سليمان بن عبد الله روى عن معاذة عن علي :

أنا الصديق الاكبر قال مذكور في كتاب العقيلي (١) :

قوله عليه‌السلام : وهو يعسوب المؤمنين والمال يعسوب الظلمة‌

أي يجتمع على اتباعه والتمسك به قلوب المؤمنين ، كما على التمسك بالمال قلوب الظلمة.

قال في الصحاح : واليعسوب ملك النحل ، ومنه قيل للسيد : يعسوب قومه والياء فيه من الزوائد لأنه ليس في الكلام فعلول غير صعفوق (٢).

قوله رحمه الله تعالى : وبهذا الاسناد عن الفضيل الرسان قال : حدثنى أبو عمر عن حذيفة بن أسيد‌

أبو عمر هو زاذان الفارسي بالزاء قبل الالف والذال المعجمة بعدها والنون بعد الالف الثانية ، أورده في الخلاصة من أصحاب أمير المؤمنين عليه‌السلام من مضر (٣) ، وذكر الشيخ في باب الزاء من أصحابه عليه‌السلام زاذان يكنى أبا عمر الفارسي زياد بن‌

__________________

(١) ميزان الاعتدال : ٢ / ٢١٢ ط السعادة بمصر و ١ / ٤١٧‌

(٢) الصحاح : ١ / ١٨١‌

(٣) الخلاصة : ١٩٢ وفيه أبو عمرو الفارسى.

١١٥

من قاتلني في الاولى والثانية فهو في الثالثة من شيعة الدجال انما مثل أهل بيتي‌

______________________________________________________

الجعدة (١).

و « حذيفة » ذكره الشيخ في كتاب الرجال فيمن روى عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من الصحابة قال : حذيفة بن أسيد الغفاري أبو سريحة صاحب النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهو ابن أمية (٢).

ثم ذكره في أصحاب أبي محمد الحسن عليه‌السلام فقال : حذيفة بن أسيد الغفاري (٣).

وقد تقدم في الكتاب في حديث الحواريين أنه من حواري الحسن بن علي عليهما‌السلام.

قال ابن الاثير في جامع الاصول : أسيد بفتح الهمزة وكسر السين المهملة وبالدال المهملة. وأبو سريحة بفتح السين المهملة وكسر الراء بالحاء المهملة.

وقال الحسن بن داود : وفي نسخة من كتاب الرجال للشيخ أبو سرعة (٤).

قلت : ولا تعويل عليه.

قوله (ص) : من قاتلنى في الاولى والثانية وهو في الثالثة من شيعة الدجال‌

في الاولى والثانية ، وفي نسخة وفي الثانية خبر من قاتلني.

والمعنى : من قاتلني ففي الطبقتين الاولى والثانية ، يعني بالطبقة الاولى من بارزه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالمقاتلة في زمانه ، وبالطبقة الثانية من قاتل عليا عليه‌السلام بعده صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

لقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لعلي عليه‌السلام : يا علي حربك حربي.

__________________

(١) رجال الشيخ : ٤٢ وزياد بن الجعدة رجل آخر غير زاذان الفارسى ولعل وقع سهوا من المؤلف.

(٢) رجال الشيخ : ١٦ وفيه أبو سرعة.

(٣) المصدر : ٦٧‌

(٤) رجال ابن داود : ١٠١‌

١١٦

في هذه الامّة مثل سفينة نوح في لجة البحر من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق. ألا هل بلّغت.

______________________________________________________

ولقوله : منكم من يقاتل على تأويل القرآن كما قاتلت أنا على تنزيله (١).

وعني به عليا ، فمن قاتل عليا عليه‌السلام فهو كمن بارز النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالمقاتلة ، وأما من قاتله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في الطبقة الثالثة فهم الذين يقاتلون المهدي من آل محمد عليه‌السلام في آخر الزمان ، وهم من شيعة الدجال.

ففي الصحيفة المكرمة الرضوية بأسناده عن أبيه عن آبائه عن علي بن أبي طالب عليهم صلوات الله وتسليماته : من قاتلنا في آخر الزمان فكأنما قاتلنا للدجال. قال الاستاذ أبو القاسم الطائي : سألت علي بن موسى الرضا عمن قاتلنا في آخر الزمان قال : من قاتل صاحب عيسى بن مريم وهو المهدي عليه‌السلام.

قوله (ص) : انما مثل أهل بيتى مثل سفينة نوح‌

هذا الحديث عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم متشعب الطريق متنا وسندا من طريق أبي ذر رضي الله تعالى عنه ومن طريق غيره عند العامة والخاصة (٢).

__________________

(١) رواه جماعة من أعلام العامة بطرق مختلفة منهم أحمد بن حنبل في مسنده : ٣ / ٣٣ ط ميمنية بمصر والنسائى في الخصائص : ٤٠ والحاكم في المستدرك : ٣ / ١٢٢ ط حيدرآباد الدكن وأبو نعيم في حلية الاولياء : ١ / ٦٧ ط مصر والطبرى في رياض النضرة : ٢ / ١٩١ ط محمد أمين بمصر وابن كثير في البداية والنهاية : ٦ / ٢١٧ والسيوطى في تاريخ الخلفاء. ١٧٣ وغيرها مما يطول ذكرها.

(٢) واما من طريق الخاصة فرواه السيد بن طاوس عن عدة طرق في كتاب الطرائف : ١٣٢ ، وابن بطريق في العمدة : ١٨٧ ، والعلامة المجلسى في البحار : ٢٣ / ١٢٤.

واما من طريق العامة فرواه ابن قتيبة في عيون الاخبار : ١ / ٢١١ ط مصر ، والحاكم في المستدرك : ٣ / ١٥٠ ط دكن ، وابن المغازلى في المناقب : ١٣٢ ـ ١٣٤. والخوارزمى في مقتل الحسين ، والذهبى في ميزان الاعتدال : ١ / ٢٢٤ ط مصر والسيوطى في تاريخ الخلفاء : ٥٧٣ ، والقندوزى في ينابيع المودة : ٢٨ ط اسلامبول.

١١٧

٥٣ ـ جعفر بن معروف ، قال حدثني الحسن بن علي بن النعمان ، قال حدثنى أبي ، عن علي بن أبي حمزة ، عن أبي بصير ، قال سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : أرسل عثمان الى أبي ذر موليين له ومعهما مائتا دينار ، فقال لهما انطلقا بها الى‌

______________________________________________________

وفي الصحيفة المكرمة الرضوية باسناده المكرم عن آبائه الطاهرين عن أمير المؤمنين عليه وعليهم السلام قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها زخ في النار (١).

وكذلك رواه كثير من العامة صاحب المشكاة وغيره ، وفي المشكاة ومسند أحمد بن حنبل عن أبي ذر أنه قال وهو آخذ بباب الكعبة : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : ألا ان مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق (٢).

قال ابن الاثير في النهاية في باب الزاء مع الخاء المعجمة : في الحديث مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من تخلف عنها زخ به في النار أي دفع ورمي يقال : زخه يزخه زخا (٣).

وقال صاحب الكشاف في أساس البلاغة : زخه في وهدة دفعه فيها ، وفي الحديث مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق وزخ في النار وزخ في قفاه (٤).

قوله رحمه الله تعالى : جعفر بن معروف‌

ذكره الشيخ في باب لم ، وقال : يكنى أبا محمد من أهل كش وكيل وكان مكاتبا (٥).

__________________

(١) صحيفة الرضا : ٢٢‌

(٢) رواه بهذه الالفاظ الطبرانى في المعجم الصغير : ٧٨ ط الدهلى‌

(٣) نهاية ابن الاثير : ٢ / ٢٩٨.

(٤) أساس البلاغة : ٢٦٨‌

(٥) رجال الشيخ : ٤٥٨‌

١١٨

أبي ذر فقولا له : ان عثمان يقرئك السّلام وهو يقول لك هذه مائتا دينار فاستعن بها على ما نابك ، فقال أبو ذر هل أعطي أحد من المسلمين مثل ما أعطاني؟ قالا لا. قال : فانما أنا رجل من المسلمين يسعني ما يسع المسلمين قالا له : انه يقول هذا من صلب ما لي وبالله الذي لا إله الا هو ما خالطها حرام ولا بعثت بها إليك الا من حلال. فقال : لا حاجة لي فيها وقد أصبحت يومي هذا وأنا من أغنى الناس. فقالا له عافاك الله وأصلحك! ما نرى في بيتك قليلا ولا كثيرا مما يستمتع به؟ فقال : بلى تحت هذه

______________________________________________________

وليس هو جعفر بن معروف السمرقندي الذي ذكره أحمد بن الحسين الغضائري وقال : كنيته أبو الفضل يروي عنه العياشي كثيرا.

والحسن بن علي بن النعمان صحيح الحديث له كتاب كثير الفوائد قاله النجاشي (١) ، وفي طبقته من يروي عنه الصفار وأحمد بن أبي عبد الله البرقي. وأبوه علي ابن النعمان الاعلم أبو الحسن النخعي مولاهم الكوفي من أصحاب أبي الحسن الرضا عليه‌السلام ثقة ثبت وجه صحيح الحديث واضح الطريقة ، وهو الوارد في أسناد زبور آل محمد وإنجيل أهل البيت الصحيفة الكريمة السجادية ، يروي عنه كتابه محمد بن الحسين بن أبي الخطاب ومحمد بن أبي عبد الله.

وعلي بن أبي حمزة الثمالي لا البطائني لكون علي بن النعمان الاعلم أكثري الرواية عنه.

وأبو بصير هو ليث بن البخترى المرادي ويقال له : أبو بصير الاصغر لا يحيى بن القاسم المكفوف ، لرواية ابن أبي حمزة الثمالي عنه ، فالطريق نقي حسن بعلي بن أبي حمزة ، بل صحيح على ما ستعلمه إن شاء الله العزيز.

قوله رضي‌الله‌عنه : تحت هذه الاكاف‌

اكاف الحمار بكسر الهمزة معروف. وفي القاموس : وبالضم أيضا (٢) ،

__________________

(١) رجال النجاشى : ٣١‌

(٢) القاموس : ٣ / ١١٨‌

١١٩

الاكاف التي ترون رغيفا شعير قد أتي عليهما أيام فما أصنع بهذه الدنانير ، لا والله حتى يعلم الله اني لا أقدر على قليل ولا كثير ، ولقد أصبحت غنيا بولاية علي بن أبي طالب عليه‌السلام وعترته الهادين المهديين الراضين المرضيين الذين يهدون بالحق وبه يعدلون ، وكذلك سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول ، فانه لقبيح بالشيخ أن يكون كذابا ، فرداها عليه وأعلماه أنه لا حاجة لي فيها ولا فيما عنده ، حتى ألقى الله ربي فيكون هو الحاكم فيما بيني وبينه.

٥٤ ـ حدثني علي بن محمد القتيبي ، قال حدثني الفضل بن شاذان ، قال حدثني أبي ، عن علي بن الحكم ، عن موسى بن بكر ، قال قال أبو الحسن عليه‌السلام قال أبو ذر : من جزى الله عنه الدنيا خيرا فجزاها الله عني مذمة بعد رغيفي شعير أتغدى باحدهما وأتعشى بالاخر ، وبعد شملتي صوف أتزر باحداهما وأرتدي بالاخرى.

______________________________________________________

والاكاف : صانعه. والجمع الاكف بضمتين.

قال في المغرب : والسرج الذي على هيئته هو ما يجعل على مقدمة شبه الرمانة ، والوكاف لغة ومنه او كف الحمار وأكفه ايكافا ووكفه توكيفا أي شد عليه الاكاف ، وأما أكف الاكاف تأكيفا فمعناه اتخذه.

قوله رحمه الله تعالى : عن موسى بن بكر الواسطى‌

ذكره الشيخ في أصحاب أبي الحسن الكاظم عليه‌السلام وقال : أصله كوفي واقفي له كتاب يروي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (١).

واني لست استثبت وقف الرجل ، ولا شيخنا أبو العباس النجاشي تعرض لنقله ، وستطلع على ما رواه أبو عمرو الكشي في مدحه مما ينصرح به أن أسناد الوقف اليه اختلاق عليه ، فاذن الطريق حسن على الأصحّ.

قوله رضى الله تعالى عنه : من جزى الله عنه الدنيا‌

يعني من كان شي‌ء من الدنيا عنده مشكورا محمودا مرغوبا اليه يستحق أن يقال : جزاه الله عني خيرا فأنا على خلاف سيرته ، فان كل ما في الدنيا مذموم مقبوح‌

__________________

(١) رجال الشيخ : ٣٥٩‌

١٢٠