إختيار معرفة الرّجال - ج ١

أبي جعفر محمّد بن الحسن بن علي بن الحسن الطّوسي [ شيخ الطائفة ]

إختيار معرفة الرّجال - ج ١

المؤلف:

أبي جعفر محمّد بن الحسن بن علي بن الحسن الطّوسي [ شيخ الطائفة ]


المحقق: السيد مهدي الرجائي
الموضوع : رجال الحديث
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤١٦
الجزء ١ الجزء ٢

بأبي أنت وأمي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقرئك السلام ويقول لك ، ويقول لك ، قال ، فرجع محمد بن علي عليه‌السلام الى أبيه علي بن الحسين وهو ذعر ، فأخبره الخبر ، فقال له : يا بني قد فعلها جابر؟ قال : نعم. قال : يا بني ألزم بيتك.

______________________________________________________

قوله عليه‌السلام : بأبى أنت وأمي رسول الله (ص) يقرئك السلام ويقول لك ويقول لك‌

على التكرير يعني يقول لك كذا ، وفي الكافي يقول لك (١). مرة واحدة من من غير تكرير أي يقول لك كذا وكذا.

و « يقرئك السلام » بضم حرف المضارعة من باب الافعال أي يبلغك سلامه ، فيحملك ان تقرأ السلام وترده عليه.

قال ابن الاثير في النهاية : وفي الحديث : ان الرب عز وجل يقرئك السلام. يقال : اقرأ فلانا السلام وأقرأ عليه‌السلام ، كأنه حين يبلغه سلامه يحمله على أن يقرأ السلام ويرده ، واذا قرأ الرجل القرآن أو الحديث على الشيخ يقول ، أقر أني فلان أي حملني على أن أقرأ عليه ، وقد تكرر في الحديث (٢).

وقال الجوهري : قرأ عليه‌السلام وأقرأ السلام بمعنى (٣).

وفي القاموس قرأ عليه‌السلام أبلغه كأقرأه ، ولا يقال اقرأه الا اذا كان السلام مكتوبا (٤).

فأما صاحب المغرب فقد قال : وأقرأ سلامي على فلان وأقرأه سلامي عامي.

قلت عليه : كلا اقرأه سلامي ليس بعامي ، بل عربي صميم ، متكرر في الحديث وكذلك اقرأ عليه سلامي ، وانما العامي المولد اقراه مني السلام.

__________________

(١) أصول الكافى : ١ / ٣٩١ وفيه يقرئك السلام ويقول ذلك‌

(٢) نهاية ابن الاثير : ٤ / ٣١‌

(٣) الصحاح : ١ / ٦٥‌

(٤) القاموس : ١ / ٢٤‌

٢٢١

قال : فكان جابر يأتيه طرفي النهار فكان أهل المدينة يقولون وا عجباه لجابر يأتي هذا الغلام طرفي النهار وهو آخر من بقي من أصحاب رسول الله ، فلم يلبث أن مضى علي بن الحسين عليهما‌السلام فكان محمد بن علي يأتيه على وجه الكرامة لصحبته لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال ، فجلس يحدثهم عن الله فقال أهل المدينة : ما رأينا أحدا قط أجرأ من ذا قال : فلما رأى ما يقولون حدثهم عن رسول الله ، قال أهل المدينة : ما رأينا أحدا قط أكذب من هذا يحدث عمن لم يره ، قال : فلما رأى ما يقولون حدثهم عن جابر بن عبد الله فصدقوه ، وكان جابر والله يأتيه يتعلم منه.

______________________________________________________

كما قال علامة زمخشر ، وهو شيخ صاحب المغرب في أساس البلاغة : واقرأ سلامي على فلان ، واقرأه سلامي ، ويقال : اقرأه مني السلام (١).

هذا قوله ولكن قد تكرر في الحديث اقرأه السلام أيضا فليتثبت.

قوله عليه‌السلام : فجلس يحدثهم عن الله فقال أهل المدينة : ما رأينا أحدا قط أجرأ من ذا‌

بالهمزة على أفعل التفضيل من الجرأة ، حسب أنه عليه‌السلام كان يحدث عن الله سبحانه فيقول : قال الله عز وجل ، لأنه كان قد أخذ عن آبائه الطاهرين عن رسول الله ورسول الله عن جبرئيل عن الله عز وجل.

وفي الكافي قال : فجلس يحدثهم عن الله تبارك وتعالى ، فقال أهل المدينة :

ما رأينا أحدا أجرأ من هذا (٢) ، بزيادة « تبارك وتعالى » واسقاط « قط » وابدال « هذا » من « ذا ».

ومن أغلاط القاصرين الناظرين في كتاب الكشي لم يهتدوا في المرام فسقموا على زعم الصحيح وصحفوا عن الله بعن أبيه (٣) ، أعاذنا الله من الجهل بعد العلم ،

__________________

(١) أساس البلاغة : ٤٩٩ وفيه ولا يقال أقرئه منى السلام انتهى. ولعل كلمة « لا » محذوفة من نسخة الاساس عند السيد ، فلا يرد عليه ما أورده.

(٢) أصول الكافى : ١ / ٣٩١‌

(٣) كما في المطبوع من رجال الكشى بجامعة مشهد‌

٢٢٢

٨٩ ـ حدثني أبو محمد جعفر بن معروف ، قال حدثنا الحسن بن علي بن النعمان ، عن أبيه ، عن عاصم الحناط ، عن محمد بن مسلم ، قال قال لي أبو عبد الله عليه‌السلام : ان لأبي مناقب ما هن لآبائي ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال لجابر بن عبد الله الانصاري انك تدرك محمد بن علي فأقرئه مني السلام ، قال : فأتى جابر منزل علي بن الحسين عليهما‌السلام فطلب محمد بن علي ، فقال له علي عليه‌السلام هو في الكتاب أرسل لك اليه ، قال :

______________________________________________________

ومن الحور بعد الكور ، ومن الضلال بعد الهدى.

قوله رحمه‌الله : حدثنى أبو محمد جعفر بن معروف‌

قد علمت فيما سبق أن أبا محمد جعفر بن معروف الذي يروي عنه أبو عمرو الكشي هو الذي من أهل كش ، وكان وكيلا مكاتبا لا مطعن (١) فيه.

فهذا الطريق من عاصم بن الحناط ـ بالنون المشددة بعد المهملة المفتوحة ـ عن محمد بن مسلم بن رباح بالباء الموحدة ، وقيل : بالياء المثناة من تحت الثقفي صحيح.

وفي نسخة : حدثني أبو محمد جعفر بن معروف ، عن محمد بن مسلمة قال : قال لي أبو عبد الله عليه‌السلام. وذلك من غلط الناسخ.

« محمد بن مسلمة » بفتح الميم واسكان السين على اسم المكان.

قال أبو العباس النجاشي رحمه‌الله : كوفي ثقة ، له كتاب يرويه علي بن الحسن الطاطري وغيره (٢).

ولم يذكر أحد أنه روى عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، وأيضا لقاء أبي محمد جعفر بن معروف اياه لا يخلو من بعد.

قوله عليه‌السلام : فأقرئه منى السلام‌

ما يقال : اقرأه مني السلام عامي مولد وليس بعربي صميم ، لا تعويل عليه ،

__________________

(١) وفي « ن » لا يطعن فيه‌

(٢) رجال النجاشى : ٢٨٦‌

٢٢٣

لا ولكني أذهب اليه ، فذهب في طلبه فقال للمعلم : أين محمد بن علي؟ قال : هو في تلك الرفقة أرسل لك اليه؟ قال : لا ولكني أذهب اليه ، قال : فجائه فألتزمه وقبّل رأسه وقال ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أرسلني إليك برسالة أن اقرئك السلام! قال : عليه وعليك السلام ، ثم قال له جابر : بأبي أنت وأمي اضمن لي أنت الشفاعة يوم القيمة ، قال : فقد فعلت ذلك يا جابر.

٩٠ ـ أحمد بن علي القمّي السلولي ، قال حدثني ادريس بن أيوب القمي ، عن الحسين بن سعيد ، عن ابن محبوب ، عن عبد العزيز العبدي ، عن زرارة ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : جابر يعلم ، وأثنى عليه خيرا ، قال ، فقلت له : وكان من أصحاب‌

______________________________________________________

لتكرره في الحديث.

قوله عليه‌السلام : قال هو في تلك الرفقة‌

الرفقة بضم الراء واسكان الفاء الجماعة المترافقون ، والجمع رفاق بالكسر قاله في المغرب.

وفي الصحاح : الرفقة بالضم الجماعة ، ترافقهم في سفرك ، والرفقة بالكسر مثله ، والجمع رفاق ، تقول منه : رافقته وترافقنا في السفر (١).

قوله رحمه‌الله : أحمد بن على القمى السلولى‌

هو المعروف بشقران المقيم بكش ، وقد تقدم غير مرة.

قوله رحمه الله تعالى : عن ابن محبوب عن عبد العزيز العبدى‌

يعني به الحسن بن محبوب. وعبد العزيز العبدي قال النجاشي كوفي روى عن أبي عبد الله عليه‌السلام ضعيف ذكره ابن نوح (٢).

وأما أن رواية الحسن بن محبوب عنه ضرب توثيق له ، على ما قاله شيخنا‌

__________________

(١) الصحاح : ٤ / ١٤٨٢‌

(٢) رجال النجاشى : ١٨٤‌

٢٢٤

علي عليه‌السلام قال : كان جابر يعلم قول الله عز وجل ( إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ ).

______________________________________________________

الشهيد قدس الله تعالى نفسه في شرح الارشاد في رواية الحسن بن محبوب عن أبي الربيع الشامي ، فيكون الطريق صحيا للإجماع على تصحيح ما يصح عن الحسن ابن محبوب ، فانما كان يستقيم لو لم يكن عبد العزيز العبدي محكوما عليه بالضعف ، كما الامر في أبي الربيع الشامي ، فليعرف.

قوله عليه‌السلام : كان جابر يعلم قول الله جل وعز ( إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ ) (١)

الاية الكريمة منطوية في مطاوي بطونها الاشارة الى سلسلتي البدو والعود في نظام الوجود ومراتب الموجودات ، والموازات العقلية بين المراتب في الموجودات ، والموازات العقلية بين المراتب في السلسلتين ، وأن الله سبحانه هو المبدأ في سلسلة البدو ، والمعاد في سلسلة العود ، فهو مبتدء الوجود ومنتهاه ، ومبدء كل موجود ومعاده.

والاشارة الى برهان التناسب من السبيل اللمي على اثبات العقل في سلسلة البدو ، والى برهان التوازي من السبيل اللمي على تجرد النفس الناطقة العاقلة الانسانية في سلسلة العود ، وأن منزلة خاتم الانبياء في سلسلة العود منزلة العقل الاول في سلسلة البدو ، وأن وصي خاتم النبوة يتلوه في منزلته في السلسلة العودية ، كما العقل الاول يتلوه العقل الثانى في منزلته في السلسلة البدوية.

فلنشر الى هذه الاسرار اشارة اجمالية ثم نكرّ فنبين معنى الحديث ومغزاه‌

__________________

(١) لا يخفى جواز أن يكون المراد بذلك المعاد هو الرجعة في أوان ظهور قائم أهل البيت عليهم‌السلام ، وأنه (ص) يعاد أيضا ، كما نطق به الاخبار ، فالبارى الحق تعالى مجده قد وعده (ص) بأن الذى يعنى البارى جل مجده فرض عليك القرآن يردك الى معاد ، وأن جابر كان يعلم تفسير ذلك فتدبر « سيد أحمد صهر المؤلف » ‌

٢٢٥

______________________________________________________

فنقول اذن : ان هناك مسائل :

المسألة الاولى : قال المفسرون : الذي فرض عليك أحكامه وفرائضه ، وأوجب عليك تلاوته وتبليغه والعمل بما فيه ، لرادك بعد الموت الى معاد ، وتنكيره لتعظيمه ، كأنه قال الى معاد وأي معاد ، وهو المقام المحمود الذي وعدك أن يبعثك فيه ليس لا حد من البشر غيرك مثله.

أو الذي فرض عليك التخلق بخلق القرآن ، وأوجب لك في بداية الامر بحسب قضائه الاول ، ولوح الاستعداد التام الكامل المفطور الفطري الذي هو العقل القرآني الفرقاني ، الجامع لقوة استجماع جميع كمالات النظر والعمل ، وجوامع الكلم والحكم في الفطرة الاولى ، لرادك في نهاية استتمام عقلك المستفاد واستكمال كمالك الممكن المكسوب الموهوب الالهي في الفطرة الثانية ، الى معاد عظيم بهي ما أعظمه وأبهاه ، لا يبلغ كنهه ولا يقدر قدره ، وهو الفناء المحض في الله في أحدية الذات والبقاء الحق به على التحقيق في جميع الاخلاق والصفات.

وقيل : المعاد مكة زادها الله شرفا وتعظيما ، والمراد رده صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم اليها يوم الفتح.

المسألة الثانية : من المنصرح لدى العقل الصراح أنه ما لم تكن بين ذات العلة التامة وخصوصية ذات معلولها المنبعث عن نفس ذاتها بذاتها ، مناسبة ذاتية ، لا تكون بينها وبين غيره من سائر الاشياء تلك المناسبة ، لم يكن يتعين ذلك المعلول بخصوصه من بين جملة الاشياء بالترتب (١) عليها ، والانبعاث عنها دون غيره من الاشياء بالضرورة الفطرية.

واذ الباري الاول جل سلطانه ذاته الاحدية الحقة الواجبة بالذات من كل جهة كمالية تامة وفوق التمام ، في أعلى مراتب المجد والكمال والعز والجلال والقدس والبهاء والعلو والكبرياء ، فيجب أن يكون مجعوله الاول الصادر عن نفس ذاته بذاته‌

__________________

(١) في « س » : بالترتيب‌

٢٢٦

______________________________________________________

والمنبجس عن علمه وعنايته وارادته واختياره التي هي عين مرتبة ذاته قبل سائر المجعولات ، قبلية بالذات بحسب المرتبة العقلية ، أفضل ما يبلغه ادراك العقول والاذهان ، وأشرف ما وسعه طباع عالم الامكان ، وأن تكون أولى من مراتب مجعولاته ومعلولاته التي هي من جملة الموجودات في نظام الوجود ، أشرف المراتب وأفضلها وأكملها وأجملها ، فاذن وجب أن يكون أولى مراتب نظام الوجود عالم الأنوار العقلية وأن يكون العقل الاول من بينها بخصوصية جوهر ذاته هو المجعول الاول لا غير.

المسألة الثالثة : انما ملاك الشرف والكمال في مراتب الموجودات وجواهر الهويات القرب من جناب الباري الحق ، وميزان الخسة والنقص البعد عن جنابه الاعلى تعالى عزة ، فالوجود يبتدأ منه عز وجل متنازلا في المراتب المترتبة ، من الشرف الى الخسة ، ومن الكمال الى النقص ، ومن المستحيل أن يتمادي الى نهاية.

فيجب أن ينتهي التنازل الى حد محدود هو منتهى الخسة والنقصان لا يتعداه وان هو الا مرتبة الهيولى الاولى الحاملة لطباع ما بالقوة ، وهي لا محالة أخيرة مراتب البداءة ، وهى مشتملة على قوة قبول جميع الصور اشتمالا انفعاليا ، كما الجواهر العقلية التي هي أولى المراتب مشتملة عليها جميعا اشتمالا فعليا.

ثم يعود فيتدرج فيضان نظم الوجود من افاضة الباري الفعال على الانعكاس متصاعدا من الخسة الى الشرف ، ومن النقص الى الكمال ، واذ يستحيل أن يتمادى الى ما لا نهاية ، فينتهي لا محالة الى حد أخير لا يتعداه ، وهو منتهى المراتب في الشرف والكمال.

فهذه المرتبة في العود التي هي أخيرة مراتب نظام الوجود في ازاء المرتبة الاولى في البدو ، والله سبحانه هو المبدأ والمعاد ، ومنه البدو واليه العود ، وهو ولي الامر في الاولى والآخرة ، له الخلق والامر والملك والملكوت ، منه البداءة‌

٢٢٧

______________________________________________________

واليه النهاية.

المسألة الرابعة : أخيرة المراتب العودية في ازاء أولى المراتب البدوية ، وهي مرتبة نوع الانسان ، فوجوب التوازي بين مراتب البدو ومراتب العود برهان تجرد النفس الناطقة الانسانية من طريق اللم ، وتقريره من سبيلين :

الاول : أليس من المستبين أنه يجب أن يكون مبدأ المبادي تعالى كبريائه أولا في ترتيب البدو وآخرا في ترتيب العود؟ فكما المرتبة الاولى في ترتيب البدو تبتدأ في جهة التنازل من الجناب الحق القيومي الوجوبي ، ولا شي‌ء فوقها في مرتبة الكمال إلا ذاته الواجبة الاحدية الحقة ، اذ كان من المستحيل انبجاس الناقص النذل من الكامل الحق المتعال في أقصى الكمال قريبا ، وانبعاثه عنه ابتداء لا بواسطة ما هو أكمل منه في المرتبة ، الا فيما يكون ذاته تحت الكون ووجوده مرهونا بالامكان الاستعدادي بتة.

فكذلك المرتبه الاخيرة في ترتيب العود الموازية للمرتبة المبتدئة في ترتيب البدو ، تنتهى في جهة التصاعد الى جنابه الاعلى الربوبي ، ولا شي‌ء ورائها في مرتبة الكمال إلا ذاته التامة القيومية ، اذ كان يستحيل الناقص الجراح (١) ، وانتهاؤه في ترتيب الشرف والكمال الى الكامل التام الحق من كل جهة ، واتصاله بجنابه من دون توسط ما هو أشرف مرتبة وأتم كمالا في البين.

فاذن وجب في الاصول البرهانية بالضرورة العقلية ، ان يكون النفوس الانسانية التي هي آخر ترتيب في التصاعد جواهر مجردة عاقلة ، صائرة في استكمال مرتبة العقل المستفاد على أعلى النصاب الممكن ، عالما عقليا مطابقا لنظام الوجود كله من الصدر الى الساقة مضاهيا وموازيا لعالم الأنوار المفارقة العقلية التي هي أول ترتيب البدو في التنازل ، فليتعرف.

الثاني : مقتضى الحكمة البالغة التامة الربوبية ، والعناية الاولى السابغة الكاملة‌

__________________

(١) في « ن » : الحذاح‌

٢٢٨

______________________________________________________

الالهية تنسيق المراتب واتساق النظام على الوجه الاكمل ، ووجوب الموازاة من مراتب البدو ومراتب العود في السلسلتين على التعاكس بالتنازل والتصاعد ، فذلك مبدأ استيجاب هذه المرتبة العقلية الاخيرة العودية في نظام الوجود على أقصى النصاب الممكن في الكمال والشرف ازاءا لتلك المرتبة العقلية الاولى البدوية.

فاذن يجب لا محالة وجود النفس الناطقة المجردة العاقلة الانسانية واستكمال قصوى الغاية واستتمام نصاب الشرف والكمال في مرتبة عقلها المستفاد في آخر ترتيب العود بازاء مرتبة العقول النورية المفارقة في أول ترتيب البدو ، والا لانتقصت تمامية الحكمة التامة وانتقصت كمالية العناية الكاملة فليثبت.

المسألة الخامسة : مراتب سلسلة البدو في التنازل في البسائط وهي خمس والمتقدمة فيها أكمل وأشرف من المتأخرة ، ومراتب سلسلة العود بالتصاعد في المركبات ، وهي أيضا خمس والمتأخرة فيها أشرف وأكمل من المتقدمة.

أما مراتب السلسلة الطولية البدوية فأولها : مرتبة عالم العقول النورية المفارقة ولها عرض عريض في الكمال (١) من العقل الاول الى العقل الاخير ، وهذا العالم أتم ضربي عالم الامر ، وأفضل ضروب ملائكة الله المقربين ، ولهذا العالم من الحروف حرف « ب ».

وثانيتها : مرتبة عالم النفوس المجردة السماوية ، ولها أيضا في الشرف والكمال عرض عريض من نفس الفلك الاقصى الى نفس فلك القمر ، وهذا العالم ضرب آخر من عالم الامر من الملائكة الفاضلة المجردة والأنوار العاقلة المدبرة ، وحرفا هذا العلم « ج ـ ز ».

وثالثتها : مرتبة عالم النفوس المنطبعة السماوية على عرض عريض باختلاف درجات الكمال ، وهذا العلم أتم ضروب الملائكة الجسمانية وأعلاها.

__________________

(١) وفي « س » في اكمال‌

٢٢٩

______________________________________________________

ورابعتها : مرتبة عالم الصورة الجرمية من صورة جرم الكرة الاقصى الى صورة جرم كرة الارض.

وخامستها : مرتبة عالم الهيوليات من هيولى الفلك الاقصى الى هيولى عالم العناصر المشتركة الواحدة بالهوية الشخصية ، وهي مركز النقصان والخسة ومحل الامكان الاستعدادي وحامل القوة الانفعالية ، وحرف هذا العلم « ط ».

وأما مراتب السلسلة الطولية العودية فالاولى منها : مرتبة الاجسام النوعية البسيطة من الفلك الاعلى الى جرم الارض ، وصورها المنوعة الجوهرية ، وطبائعها المنطبعة الجسمانية.

والثانية : مرتبة الصور الاولى الحادثة بعد التركيب المزاجي من البسائط التي هي الاسطقسات العنصرية ، كالصور الجوهر المعدنية وغيرها على اختلاف مراتبها.

والثالثة : مرتبة النفوس الجوهرية المنطبعة النباتية على اختلاف أنواعها بأسرها.

والرابعة : مرتبة النفوس الجوهرية الحيوانية بأنواعها المختلفة بأسرها.

والخامسة : مرتبة العالم الاصغر الذي هو نسخة العالم الاكبر المطابقة له الجامعة لما فيه من رطب نظام الوجود ويابسه ، أي النفوس الناطقة الانسانية بأخيرة مراتبها في استتمام القسط واستكمال النصاب.

وهي مرتبة العقل المستفاد المشتمل على صور جميع الموجودات بالفعل اشتمالا انفعاليا ، كما كانت العقول المفارقة في المرتبة الاولى البدوية مشتملة عليها اشتمالا فعليا بحرف هذا العالم العقلي ، الذي هو آخر نظام الكل من الحروف الثمانية والعشرين « س » ، كما بينه شريكنا السالف في النيروزية.

ونحن حققناها في شرحها وفي الجذوات والمواقيت وفي نبراس الضياء.

٢٣٠

______________________________________________________

ولقد قلنا في نبراس الضياء : أن من رموز القرآن الحكيم واسراره أن مبتدأه من الحروف « ب » حرف أول سلسلة البدو ، ومختتمه « س » حرف آخر سلسلة العود ، ليكون كتاب الله المبين الايجابي التدويني مطابقا لكتاب الله الابداعي التكويني ، فيكونا متطابقين في الفاتحة والخاتمة في البداية والنهاية.

فاذن فليتدبر كيف استدار نظام الوجود فعاد في آخر سلسلة العود الى عالم العقول المستفاد ، كما كان ابتداء في أول سلسلة البدو من عالم العقول الفعالة ، فنظام الكل دائرة عقلية وجودية نصف قطرها الهبوطي من العقل المحض بالفعل الى الهيولى الاولى ، ونصف قطرها الصعودي من الجسم البسيط بالحقيقة النوعية الى العقل المستفاد.

والمحيط في الاول والاخر هو الله سبحانه ، والله بكل شي‌ء محيط ، ولجناب كبريائه المتعال بحسب اضافته الى نظام الوجود بالابداع والافاضة والعناية والاحاطة والفيض والرحمة حرفا « ١ ـ ٥ » وحق تحقيق هذه المعارف الربوبية على ذمة قبسات حق اليقين ونبراس الضياء.

المسألة السادسة : كما أفضل هويات الجواهر العقلية في عرض المرتبة الاولى البدوية ، أشرفها وأقربها الى جنات المبدأ الفياض المحيط الحق تعالى سلطانه ، هو العقل الاول الذي هو العقل العرش الاعظم ، وأول مجعولات الباري الفعال ، وأتم كلماته التامات وأجمعها.

فكذلك أكمل مراتب العقول المستفادة لجواهر النفوس القدسية الانسانية في عرض المرتبة العودية ، وأفضلها وأشرفها وأتمها على الاطلاق ، وأقربها من المعاد الحق والمحيط المطلق علا كبريائه ، مرتبة العقل المستفاد لجوهر نفس خاتم النبوة عليه وآله الطاهرين أفضل صلوات المصلين.

فمنزلة خاتم النبوة في عرض المرتبة الاخيرة من مراتب طول السلسلة العودية‌

٢٣١

______________________________________________________

منزلة العقل الاولى في عرض المرتبة الاولى من مراتب طول السلسلة البدوية ، كما هناك ليس تتصور درجة رتبة كمالية نزولية تتوسط بين المبدأ الحق جل عزه وبين درجة العقل الاول ، كذلك هاهنا لا يتصور درجة رتبة كمالية صعودية تتوسط بين درجة خاتم النبوة وبين معاد الحق علا كبريائه.

ومن ثم كان العقل الاول نور نفس خاتم النبوة ، لما بينهما من أتم المناسبة والموازاة ، وأشد المشابهة والمضاهاة بحسب الدرجة. فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في حديث : أول ما خلق الله العقل ، وفي حديث آخر : أول ما خلق الله نوري.

المسألة السابعة : براهين وجوب بعث النبي وارسال الرسول والسنة الالهية والعناية الربوبية ، ناهضة الحكم على وجوب اثبات وصي للرسول يقوم مقامه ، وينوب عنه منابه ، يكون خليفته وبمنزلة نفسه ، بواسطته يفيض الفيض ، وينبث الدين ويقوم العدل ، وينبسط النور ، ويستوي الهدى ، كما النفس خليفة العقل في ايصال الفيض الى عوالم الوجود : والقلب خليفة النفس ، والدماغ خليفة القلب في انبثاث القوى المدركة والقوى المحركة على جوانب البدن ، والنخاع خليفة الدماغ على سائر الاعضاء.

فكذلك النبي الرسول كالقلب في بدن العالم ، ووصيه وخليفته كالدماغ والنخاع فاذن وصي خاتم الانبياء والمرسلين خليفته على جميع الخلق ، وفي منزلة نفسه بحسب الدرجة ، فيكون لا محالة مساهمة في رتبة درجته في عرض المرتبة الاخيرة في طول السلسلة العودية ، فيشبه أن يكون درجته في عرض هذه المرتبة درجة العقل الثاني في عرض المرتبة الاولى البدوية.

فالعقل الاول نور خاتم الانبياء ، والعقل الثاني نور سيد الاوصياء ، بل العقل الاول نور هما معا ، لا نهما كنفس واحدة.

قال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنا وعلي من نور واحد (١).

__________________

(١) رواه ابن الجوزى في تذكرة الخواص : ٥٢ والقندوزى في ينابيع المودة ٢٥٦ ط اسلامبول.

٢٣٢

______________________________________________________

وقال عليه وآله الصلاة والتسليم : أنا وعلي من شجرة واحدة والناس من أشجار شتى (١).

وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ان الله جعل ذرية كل نبي في صلبه وجعل ذريتي في صلب علي بن أبي طالب (٢).

وقال عليه وآله صلوات الله تسليماته : يا علي أنا وأنت أبوا هذه الامة ولعن الله من عق أباه.

واذا تحققت ما تلوناه عليك : فاعلمن أن قوله سبحانه ( إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ ) اشارة الى المبدأ الباري الاول عز سلطانه ، اذ كل حقيقة وكمال حقيقة وكل وجود وكمال وجود من صنعة وجوده ، وكل علم وحكمة وحياة وبهاء من فيضه ونوره ، والى ترتيب البدو النازل في نظام الوجود من لدنه ودرجة العقل في أول مراتب السلسلة البدوية.

اذ العقل الفعال الذي هو واهب الصور باذن ربه واسطة افاضة الفيض ، وتنزيل الوحي على النفس نسبة اشراقه الى ادراك البصيرة العقلية نسبة اشراق الشمس الى أبصار الباصرة الحسية ، كما قال في القرآن الكريم ( نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ عَلى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ بِلِسانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ ) (٣) وقال ( فَأَرْسَلْنا إِلَيْها رُوحَنا فَتَمَثَّلَ لَها بَشَراً سَوِيًّا قالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا قالَ إِنَّما أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلاماً زَكِيًّا ) (٤) ، وقوله تعالى ( لَرادُّكَ ) اشارة الى المعاد الحق لكل وجود موجود والى ترتيب العود الصاعد في انسياق النظام العائد اليه ، ودرجة خاتم النبيين وسيد‌

__________________

(١) رواه الحاكم في المستدرك ٢ / ٢٤١ والخوارزمى في المناقب : ٨٦ وابن حجر في الصواعق المحرقة ١٢١ والذهبى في ميزان الاعتدال ١ / ٤٦٢‌

(٢) رواه الهيثمى في مجمع الزوائد ٩ / ١٧٢‌

(٣) سورة الشعراء : ١٩٤‌

(٤) سورة مريم : ١٧‌

٢٣٣

٩١ ـ أحمد بن علي ، قال حدثني ادريس ، عن الحسين بن بشير ، قال حدثني هشام بن سالم ، عن محمد بن مسلم وزرارة ، قالا : سألنا أبا جعفر عليه‌السلام عن أحاديث فرواها عن جابر ، فقلنا : ما لنا ولجابر؟ فقال : بلغ من ايمان جابر أنه كان يقرء هذه الاية ـ ان الذي فرض عليك القرآن لرادك الى معاد.

______________________________________________________

الوصيين في أخيرة مراتب السلسلة العودية.

والى رجوع النفس الصائرة بكمالها عالما فعليا في آخر منازل سفر الاستكمال في درجات العرفان ومقامات خلع البدن بالارادة في هذه النشأة ، ومصيرها في أول أطوار طعن الروح ورفض الجسد بالطبيعة في النشأة الآخرة الى جنابه البهي الاحدي الحق.

فاذن فقد استبان سبيل قول أبي جعفر الباقر عليه‌السلام في هذا الحديث وهو أن جابرا كيف لا يكون من أصحاب علي عليه‌السلام وقد كان يقرأ قول الله عز وجل ( إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ ) (١) ويعرف معناه ومغزاه ويعرف تفسيره وتأويله.

قوله رحمه‌الله : عن الحسين بن بشير‌

ذكر الشيخ رحمه الله تعالى في كتاب الرجال في أصحاب أبي الحسن الرضا عليه‌السلام الحسن بن بشير مكبرا وقال : مجهول (٢).

وقال العلامة في الخلاصة : انه من أصحاب أبي الحسن الكاظم عليه‌السلام (٣).

وأما الحسين بن بشير بالتصغير ، ففي كتاب أبي عمرو الكشي رحمه الله تعالى في عامة النسخ.

قوله عليه‌السلام : بلغ من ايمان جابر أنه يقرأ هذه الاية‌

أي يقرأها ويتدبرها ويعرف سرها ويعلم باطنها.

__________________

(١) سورة القصص : ٨٥‌

(٢) رجال الشيخ : ٣٧٤‌

(٣) الخلاصة : ٢١٢‌

٢٣٤

٩٢ ـ أحمد بن علي القمي شقران السلولي ، قال حدثني ادريس ، عن الحسين ابن سعيد ، عن محمد بن اسماعيل ، عن منصور بن أذينة ، عن زرارة ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال؟ قلت ما لنا ولجابر تروي عنه؟ فقال : يا زرارة ان جابرا كان يعلم تأويل هذه الاية ـ ان الذي فرض عليك القرآن لرادك الى معاد.

٩٣ ـ محمد بن مسعود ، قال حدثني علي بن محمد ، قال حدثني محمد بن أحمد بن يحيى ، عن محمد بن الشقري ، عن علي بن الحكم ،

______________________________________________________

قوله رحمه الله تعالى : شقراق السلولى‌

الشقران بضم الشين المعجمة واسكان القاف لقب أحمد بن علي القمي.

قال في القاموس : الشقران كعثمان وشقران مولى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (١).

يروي عنه عبيد الله بن أبي رافع وكان حبشيا ، يقال : شهد بدرا قاله الذهبي وغيره.

و « سلول » باهمال السين وفتحها ، وربما قيل : بالضم ، فخذ من قيس ، وهم بنو مرة بن صعصعة ، وسلول اسم أمهم منهم عبد الله بن همام الشاعر السلولي ، وأم عبد الله بن أبي المنافق ، قاله في القاموس (٢).

وفي الصحاح : سلول قبيلة من هوازن ، وهم بنو مرة بن صعصعة بن معاوية ابن بكر بن هوازن (٣).

قوله عليه‌السلام : ان جابرا كان يعلم تأويل هذه الاية‌

قد تلونا عليك باذن الله سبحانه ظاهر هذه الاية وباطنها وتفسيرها وتأويلها ، يعني عليه‌السلام : أن جابرا رضي الله تعالى عنه قد كان يعلم ويستيقن ذلك كله.

قوله رحمه‌الله : قال حدثنى محمد بن أحمد بن يحيى عن محمد بن الشقرى‌

في أكثر النسخ « الشقري » باعجام الشين قبل القاف محركة نسبة الى قبيلة في‌

__________________

(١) القاموس : ٢ / ٦٢‌

(٢) القاموس : ٣ / ٣٩٧‌

(٣) الصحاح : ٥ / ١٧٣١‌

٢٣٥

عن فضيل بن عثمان عن أبي الزبير ، قال : رأيت جابرا متوكأ على عصاه وهو يدور‌

______________________________________________________

بني ضبة.

قال في القاموس : شقرة بن الحارث بن تميم ، أبو قبيلة من ضبة ، والنسبة شقري بالتحريك (١).

وقال في جامع الاصول : الشقري بفتح الشين وفتح القاف وبالراء ، منسوب الى شقرة بكسر القاف وبالراء ، منسوب الى شقرة ـ بكسر القاف ـ ابن الحارث بن تميم بن مرة ، وقيل : شقرة اسمه الحارث بن تميم ، وقيل : هو معاوية بن الحارث ابن تميم ، قلبت كسرة القاف في النسبة فتحة على القياس.

وفي بعض النسخ « السفري » (٢) بالسين المهملة والفاء ، اما بالتحريك نسبة الى عبد الله بن أبي السفر الهمداني من أصحاب أمير المؤمنين عليه‌السلام أو باسكان نسبة الى سفر ابن نسير بضم النون واهمال السين المفتوحة التابعي.

قال في القاموس : الاسماء بالسكون والكنى بالحركة. وقال : أبو السفر محركة سعيد بن محمد كيعلم من التابعين ، وعبد الله بن أبي السفر من أتباعهم (٣).

وفي نسخة عتيقة « محمد بن المنقري » بكسر الميم واسكان النون وفتح القاف نسبة الى منقر بن عبيد ، وهو أبو بطن من تميم ، منهم سليمان بن داود المنقري.

وبالجملة فحيث أن أبا جعفر محمد بن الحسن بن الوليد رحمه‌الله ، لم يذكر محمدا هذا في عداد من استثناه من رجال نوادر الحكمة ، فيكون رواية محمد بن أحمد بن يحيى عنه مما يركن اليه ويعتمد عليه ، فليعلم.

قوله رحمه‌الله : عن فضيل بن عثمان ، عن أبى الزبير‌

وهو أبو الزبير المكي ، وقد أسلفنا نقلا عن الذهبي أن معاوية بن عمار وفضيل‌

__________________

(١) القاموس : ٢ / ٦١‌

(٢) كما في المطبوع من الكشى في جامعة مشهد.

(٣) القاموس : ٢ / ٤٩‌

٢٣٦

في سكك المدينة ومجالسهم وهو يقول : علي خير البشر فمن أبى فقد كفر ، يا معشر الانصار أدبوا أولادكم على حبّ علي فمن أبي فلينظر في شأن أمّه.

______________________________________________________

ابن عثمان يرويان عنه.

قوله رضى الله تعالى عنه : على خير البشر فمن أبى فقد كفر‌

وروى الصدوق أبو جعفر بن بابويه رضوان الله تعالى عليه في أماليه بأسناده عن أبي الزبير المكي قال : رأيت جابرا متوكأ على عصاه وهو يدور في سكك الانصار ومجالسهم ، وهو يقول عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : علي خير البشر فمن أبى فقد كفر ، يا معشر الانصار أدبوا أولادكم على حب علي بن أبي طالب ، فمن أبى فانظروا في شأن أمه (١).

وروى بسنده عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : من وجد برد حبنا أهل البيت على قلبه فليشكر أمّه فانها لم تخن أباه (٢).

عن طريق العامة بأسانيدهم المعتبرة عن أبي الزبير المكي وعتبة العوفي ، قال كل منهما : رأيت جابر بن عبد الله الانصاري يتوكأ على عصاه وهو يدور في سكك المدينة ومجالسهم ، ويقول : قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : علي خير البشر ، من أبى فقد كفر ، ومن رضي فقد شكر ، ثم يقول : معاشر الانصار أدبوا أولادكم على حب علي بن أبي طالب فمن أبى فلينظر في شأن أمه (٣).

وعن وكيع ويوسف القطان والاعمش بأسانيدهم أنه سئل جابر وحذيفة عن علي بن أبي طالب ، فقالا : علي خير البشر لا يشك فيه الا كافر (٤).

__________________

(١) أمالى الصدوق : ٦٨ ط نجف الاشرف‌

(٢) أمالى الصدوق : ٥٤٦‌

(٣) رواه المتقى الهندى في كنز العمال ١٢ / ٢٢١ والعسقلانى في لسان الميزان ٢ / ٢٥٢‌

(٤) رواه محب الدين الطبرى في ذخائر العقبى ٩٦ والقندوزى في ينابيع المودة ٢٤٦‌

٢٣٧

______________________________________________________

وعن عائشة مثله (١) ، ورواه الطبرى وسالم عن جابر من احدى عشرة طريقة.

وعن جابر رضي الله تعالى عنه قال : وكان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم اذا أقبل علي يقول : جاء خير البرية (٢).

قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من لم يقل علي خير البشر فقد كفر (٣).

وعنه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من لم يقل علي خير الناس فقد كفر (٤).

وفي حديث آخر : وكان أصحاب محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم اذا أقبل علي قالوا : جاء خير البرية (٥).

وروى الدارمي باسناده عن عائشة ، وكذلك الديلمي في الفردوس في الولاية وأحمد بن حنبل في الفضائل وفي المسند ، والاعمش عن أبي وائل وعن عطيه العوفي عن عائشة ، وعطاء أيضا عن عائشة جميعا عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : علي خير البشر من أبى فقد كفر ، ومن رضي فقد شكر (٦).

وأورده امامهم العلامة فخر الدين الرازي في نهاية العقول وفي كتاب الاربعين عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : علي خير البشر من أبى فقد كفر (٧).

وفي مسانيدهم بأسانيدهم المعول عليها عن أبي سعيد الخدري قال : قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : علي خير البرية (٨).

__________________

(١) رواه ابن عساكر في ترجمة الامام على ٢ / ٤٤٨ ، وابن شهاب الدين الهمدانى في مودة القربى ٤٠‌

(٢) رواه الخوارزمى في المناقب : ٦٦‌

(٣) رواه المتقى الحنفى في منتخب كنز العمال المطبوع على هامش المسند ٥ / ٣٥‌

(٤) رواه الخطيب في تاريخ بغداد ٣ / ١٩٢‌

(٥) رواه العسقلانى في لسان الميزان : ١ / ١٧٥‌

(٦) راجع في جميع ذلك احقاق الحق ٤ / ٢٤٩‌

(٧) أورده عنه في احقاق الحق ٤ / ٢٥٥‌

(٨) رواه الخوارزمى في المناقب : ٦٦ والعسقلانى في لسان الميزان ١ / ١٧٥‌

٢٣٨

______________________________________________________

ومن المتفق عليه لدى الجميع أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال في المخدج ذي الثدية يقتله خير الخلق والخليقة ، وفي رواية يقتله خير هذه الامة (١).

وفي روايات جمة عن عائشة قالت : سمعت النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : هم ـ أي المخدج وأصحابه ـ شر الخلق والخليقة ، يقتله خير الخلق والخليقة ، وأقربهم الى الله وسيلة (٢).

ومن طرق عديدة عنها عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : هم شر الخلق والخليقة يقتلهم سيد الخلق والخليقة ، وفي أخبار كثيرة أنه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال لعلي عليه‌السلام : وانك أنت قاتله يا علي (٣).

ثم قد أطبقت الامة على أن عليا عليه‌السلام قد قتله يوم النهروان وأخبر الناس بذلك وقد كان عليه‌السلام يخبر به وبصفته من قبل ، ثم استخرجه من تحت القتلى فوجدوه على ما كان يذكر فيه من صفته ، فكبر الله وقال : صدق الله ورسوله وبلغ رسوله.

وفي صحيحي البخاري ومسلم وغيرهما من صحاحهم (٤) أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال فيه : ان له أصحابا يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم ، وصيامه مع صيامهم ، يقرءون الكتاب لا يجاوز تراقيهم ، يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية يخرجون على خير فرقة من الناس.

وكان أبو سعيد الخدري يقول ، أشهد اني سمعت هذا الحديث من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأشهد أن علي بن أبي طالب قاتلهم وقتلهم وأنا معه ، ثم من بعد القتال استخرجوا من بين القتلى من هذه صفته فجاءوا به اليه ، فشاهدت فيه تلك الصفات‌

__________________

(١) رواه القاضى عضد الدين الايجى في المواقف ٢ / ٦١٥‌

(٢) رواه الحافظ نور الدين في مجمع الزوائد ٦ / ٢٣٩‌

(٣) راجع في ذلك احقاق الحق : ٨ / ٤٧٥ ـ ٥٢٢‌

(٤) مسلم في صحيحه ٣ / ١١٢ ط محمد على وأحمد بن حنبل في مسنده ٣ / ٥٦ والبخارى في صحيحه ٤ / ٢٠٠ ط الاميرية. والنسائى في الخصائص : ٤٣ ط مصر‌

٢٣٩

______________________________________________________

التي قد كان بخبرنا بها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

وروى أبو بكر بن مردويه في كتابه مرفوعا الى حذيفة قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : علي خير البشر فمن أبى فقد كفر.

ورواه أيضا مسندا عن حذيفة بن اليمان قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : علي خير البشر ومن أبى فقد كفر (١).

وروى أبو بكر البيهقي أن الانصار كانت تقول : انا كنا نعرف الرجل لغير أبيه ببغضه علي بن أبي طالب (٢).

وعن جابر بن عبد الله الانصاري رضي‌الله‌عنه قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : بوروا أولادكم بحب علي بن أبي طالب ، فمن أحبه فاعلموا أنه لرشدة ، ومن أبغضه فاعلموا أنه لغية (٣).

رشدة بكسر الراء وبفتحها أي نكاح صحيح ، وغية أيضا بكسر الغين المعجمة وفتحها وتشديد الياء المثناة من تحت ، أي لزنية وطي من غير نكاح صحيح.

ولبعض المتوهمين القاصرين من المعاصرين في ضبط هذه اللفظة عثرة ، تستعاذ بالله من خذيها وفضيحتها ، أوردناها في الرواشح السماوية (٤).

وروى الهروي في الغريبين عن عبادة : كنا نبور أولادنا بحب علي بن أبي طالب ، فاذا رأينا أحدهم لا يحبه علمنا أنه لغير رشدة (٥).

وقال ابن الاثير في النهاية : في الحديث أن داود سأل سليمان عليهما‌السلام وهو يتبار‌

__________________

(١) المناقب لا بن مردويه غير مطبوع‌

(٢) رواه الصفورى في نزهة المجالس ٣ / ٢٠٨ والحكم في المستدرك : ٣ / ١٢٩‌

(٣) راجع احقاق الحق : ٧ / ٢٦٦‌

(٤) الرواشح السماوية : ٨١‌

(٥) روى احقاق الحق عنه : ٧ / ٢٦٦‌

٢٤٠