إختيار معرفة الرّجال - ج ١

أبي جعفر محمّد بن الحسن بن علي بن الحسن الطّوسي [ شيخ الطائفة ]

إختيار معرفة الرّجال - ج ١

المؤلف:

أبي جعفر محمّد بن الحسن بن علي بن الحسن الطّوسي [ شيخ الطائفة ]


المحقق: السيد مهدي الرجائي
الموضوع : رجال الحديث
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤١٦
الجزء ١ الجزء ٢

قال : قال أبو الحسن موسى بن جعفر عليهما‌السلام اذا كان يوم القيامة نادى مناد أين حواري محمد بن عبد الله رسول الله الذين لم ينقضوا العهد ومضوا عليه؟ فيقوم سلمان والمقداد وأبو ذر؟ ثم ينادي مناد أين حواري علي بن أبي طالب عليه‌السلام وصي‌

______________________________________________________

المضمومة والراء قبل الالف وبعدها (١).

وكذلك ضبطه العلامة أيضا في الايضاح نسبة الى زرارة بن أعين.

وذلك عندي منظور في صحته.

قوله عليه‌السلام : أين حوارى محمد بن عبد الله رسول الله عليه‌السلام

قال في الكشاف : حواري الرجل صفوته وخالصته ، ومنه قيل للحضريات الحواريات لخلوص ألوانهن ونظافتهن وفي وزنه الحوالي وهو الكثير الحيلة (٢).

قلت : واما الذي بمعنى حول الشي‌ء وجوانبه وأطرافه كما يقال : حوالينا وحواليكم وبين ظهرانينا وبين ظهرانيكم ، فعلى هيئة صيغة المثناة من غير ارادة معنى التثنية لا على وزن الحواري ولا على هيئة وزن الجمع. ومنه في حديث الاستسقاء : اللهم حوالينا ولا علينا (٣).

والمشهور أن الحواري أصله من الحور بمعنى خلوص البياض ، والتحوير بمعنى التبييض ، والخبز الحواري الذي نخل طحينه مرة بعد مرة. ومنه في الحديث : الحواري من امتي أي خاصتي من أصحابي وأنصاري.

والحواريون من أصحاب عيسى عليه‌السلام أول من آمن به من أصفيائه وخلصائه‌

__________________

(١) رجال ابن داود : ٢٤٥ قال : وبعض الاصحاب أثبته « الرازى » وهما ، بناء على الوهم الاول. وقال في ص ٤١ : وبعض فضلاء أصحابنا ـ وهو العلامة في الخلاصة ـ أثبته في تصنيفه « أبو غالب الرازى » وأن الامام عليه‌السلام قال : « وأما الرازى » وهو غلط ، وانما هو « الزرارى » نسبة الى زرارة بن أعين.

(٢) الكشاف : ١ / ٤٣٢‌

(٣) رواه مسلم في صحيحه : ٢ / ٦١٤‌

٤١

______________________________________________________

وكانوا اثني عشر رجلا قيل : كانوا قصارين يحورون الثياب أي يبيضونها فسموا الحواريين ، ثم صار هذا الاسم مستعملا فيمن أشبههم من الذين خلصوا من كل ريب ونقوا من كل عيب وأخلصوا سرائرهم ونياتهم في نصرة الانبياء والاوصياء والتصديق بهم.

وقيل : كانوا صيادين وقيل : كانوا ملوكا يلبسون البيض من الثياب قاله العزيزي في غريب القرآن وغيره.

وقال الراغب في المفردات : قال بعض العلماء : انما سموا حواريين لأنهم كانوا يطهرون نفوس الناس بافادتهم الدين والعلم المشار اليه بقوله عز وجل ( إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ) (١). وقال : انما كانوا قصارين على التمثيل والتشبيه ، وتصور منه من لم يتخصص بمعرفة الحقائق المهنة المتداولة بين العامة. قال : وانما كانوا صيادين لاصطيادهم نفوس الناس من الحيرة وقودهم الى الحق (٢).

وعندي أنه يجوز أن يعتبر أصل الحواري من الحور بمعنى الرجوع ، لان حواري الرجل يرجع اليه في أموره ، وحواري النبي أو الوصي يرجع اليه في دينه لا الى غيره.

ومنه المحاورة والتحاور : أي المراجعة في التكلم والتراجع في المخاطبة ، وكلمته فلم يحر جوابا ولا أحار خطابا أي لم يرجع إليّ كلاما ، ونعوذ بالله من الحور بعد الكور ، أي من الرجوع الى النقصان بعد كمال الزيادة.

__________________

(١) سورة الاحزاب : ٣٣‌

(٢) المفردات : ١٣٥‌

٤٢

محمد بن عبد الله رسول الله؟ فيقوم عمرو بن الحمق الخزاعي ومحمد بن أبي بكر وميثم بن يحيى التمار مولى بني أسد وأويس القرني.

قال ثم ينادي المنادي أين حواري الحسن بن علي بن فاطمة بنت محمد بن عبد الله رسول الله؟ فيقوم سفيان بن أبي ليلى الهمداني وحذيفة بن أسيد الغفاري. قال ، ثم ينادي المنادي أين حواري الحسين بن علي عليه‌السلام؟ فيقوم كل من استشهد معه ولم يتخلّف عنه. قال ، ثم ينادي المنادي أين حواري علي بن الحسين عليه‌السلام؟ فيقوم جبير ابن مطعم ويحيى بن أم الطويل وأبو خالد الكابلي وسعيد بن المسيب. ثم ينادي المنادي اين حواري محمد بن علي وحواري جعفر بن محمد؟ فيقوم عبد الله بن شريك العامري وزرارة بن أعين وبريد بن معاوية العجلي ومحمد بن مسلم وأبو‌

______________________________________________________

قوله عليه‌السلام : فيقوم عمرو بن الحمق الخزاعى‌

قال في القاموس : الحمق ككتف الخفيف اللحية وعمرو بن الحمق صحابي (١).

والشيخ رحمه الله تعالى في كتاب الرجال ذكره في رجال أمير المؤمنين عليه‌السلام (٢) وفي أصحاب أبي محمد الحسن بن علي عليهما‌السلام (٣).

وسيتكرر بعده في الكتاب مدحه.

قوله عليه‌السلام : جبير بن مطعم ويحيى بن أم الطويل وابو خالد الكابلى‌

جبير بن مطعم بضم الجيم وفتح الموحدة على صيغة التصغير ، وضم الميم وفتح العين على اسم المفعول من الاطعام.

ذكره الشيخ رحمه الله تعالى في كتاب الرجال في باب من روى عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

__________________

(١) القاموس : ٣ / ٢٢٣‌

(٢) رجال الشيخ : ٤٧‌

(٣) المصدر : ٦٩‌

٤٣

______________________________________________________

من الصحابة قال في باب الجيم : جبير بن مطعم بن عدي بن نوفل بن عبد مناف يكنى أبا محمد مات سنة ثمان وخمسين (١).

وفي مختصر أبي عبد الله الذهبي : جبير بن مطعم بن عدي بن نوفل ممن حسن اسلامه ، عنه ابناه محمد ونافع وابن المسيب ، سيد حليم وقور نسابة ، مات سنة ستة وخمسين.

فمن العجب قول الحسن بن داود في كتابه جبير بن مطعم « كش » أنه من حواري « ين » ولم أره في كتب الشيخ رحمه‌الله (٢).

وسيرد في الكتاب من طريق أبي عمرو الكشي عن الفضل بن شاذان مسندا عن أبي عبد الله عليه‌السلام : ارتد الناس بعد قتل الحسين عليه‌السلام الا ثلاثة أبو خالد الكابلي ويحيى بن أم الطويل وجبير بن مطعم. وفي رواية يونس عن حمزة بن محمد الطيار مثله ، وزاد فيه وجابر بن عبد الله الانصاري ، ثم ان الناس لحقوا وكثروا (٣). وقد روى الفضل بن شاذان وغيره.

ونقله حسن بن داود في كتابه : أن يحيى بن أم الطويل أمه وشيكته كانت ظئر علي بن الحسين سيد الساجدين عليه‌السلام وكان عليه‌السلام يدعوها أمّا ، وهي التي زوجها فعابه على ذلك عبد الملك بن مروان بأنه زوج أمه توهما منه أنها والدته عليه‌السلام وكانت والدته عليه‌السلام شهر بانوى قد توفيت وهو صغير السن (٤).

قلت : فاذن قد ظهر أن يحيى بن أم الطويل أخو سيد العابدين عليه‌السلام من جهة الرضاع ، وأمه من النسب أمه عليه‌السلام من الرضاعة.

__________________

(١) رجال الشيخ : ١٤‌

(٢) رجال ابن داود : ٨١‌

(٣) رجال الكشى : ١٢٣‌

(٤) رجال ابن داود : ٣٧١ ـ ٣٧٢‌

٤٤

بصير ليث بن البختري المرادي وعبد الله بن أبي يعفور وعامر بن عبد الله بن جداعة وحجر بن زائدة وحمران بن أعين. ثم ينادي سائر الشيعة مع سائر الائمة عليهم‌السلام يوم القيامة ، فهؤلاء المتحورة أول السابقين وأول المقربين وأول المتحورين من التابعين.

______________________________________________________

واستبان معنى ما رواه أبو جعفر الكليني رضوان الله تعالى عليه في جامعه الكافي : أن علي بن الحسين عليه‌السلام كان له أخ من أمه.

وكذلك ما في كتاب المحاضرات للراغب : ان أم علي بن الحسين بن زين العابدين عليه‌السلام تزوجت في زمانه بعد أبيه الحسين عليه‌السلام سيد الشهداء وعابه على ذلك عبد الملك بن مروان فليعلم (١).

قوله عليه‌السلام : عامر بن عبد الله بن جداعة‌

بضم الجيم واهمال الدال على ما قد ضبطه العلامة في الايضاح ، وربما يضبط باعجام الدال بعد الجيم المضمومة.

و « حجر بن زائدة » باهمال الحاء المضمومة قبل الجيم الساكنة.

و « حمران بن أعين » بضم الحاء المهملة على ما ضبطه الاكثر ، وقيل : بكسرها أخو زرارة بن أعين باهمال العين الساكنة بين الهمزة والياء المثناة من تحت المفتوحتين ، وهو من القراء المتقنين قرأ عليه حمزة ، وعلماء العامة يعرفون جلالته ويطعون فيه بالرفض.

قال الذهبي في ميزان الاعتدال : حمران بن أعين كوفي روى عن أبي الطفيل وغيره ، وقرأ عليه حمزة ، وكان يتقن بالقرآن. وقال أبو حاتم : شيخ. وقال أبو داود : رافضي. وروى حمزة عن حمران بن أعين أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قرأ : ان لدينا أنكالا وجحيما. فصعق.

قوله عليه‌السلام : فهؤلاء المتحورة أول السابقين‌

على التفعل من الحواري أي الجاعلون أنفسهم حواريين ، فهذه الرواية معول‌

__________________

(١) راجع رجال ابن داود : ٣٧٢‌

٤٥

٢١ ـ جبريل بن أحمد ، قال حدثني محمد بن عيسى ، عن ابن أبي نجران ، عن صفوان بن مهران الجمّال ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال ، قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ان الله تعالى أمرني بحب أربعة ، قالوا : ومن هم يا رسول الله؟ قال : علي بن أبي طالب ثم سكت ، ثم قال : ان الله أمرني بحب أربعة قالوا : ومن هم يا رسول الله؟ قال علي بن أبي طالب عليه‌السلام والمقداد بن الاسود وأبو ذر الغفاري وسلمان الفارسي.

٢٢ ـ حمدويه بن نصير ، قال حدثني محمد بن عيسى. ومحمد بن مسعود ، قالا حدثنا جبريل بن أحمد ، قال حدثنا محمد بن عيسى ، عن النضر بن سويد ، عن محمد ابن بشير ، عمن حدثه ، قال ما بقي أحد الا وقد جال جولة الا المقداد بن الاسود فان قلبه كان مثل زبر الحديد.

______________________________________________________

عليها في ارتفاع منزلة هؤلاء المتحورين السابقين المقربين.

وقول بعض شهداء المتأخرين في حواشي الخلاصة (١) أن في طريقها علي بن سليمان وهو مجهول ، لا تعويل عليه كما دريت ومرفوعة الحسين بن سعيد في ذم عامر وحجر غير صالحة للمعارضة ، وسيستبين لك إن شاء الله العزيز العليم.

قوله رحمه‌الله : جبرئيل بن أحمد قال : حدثنى محمد بن عيسى‌

يعني به العبيدي اليقطيني‌

قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ان الله أمرنى بحب أربعة قالوا : ومن هم يا رسول الله قال : على بن أبى طالب عليه‌السلام

هذا الحديث ثابت الصحة عند العامة من طرقهم في صحاحهم وأصولهم ومصابيحهم ومشكاتهم بأسانيد غير محصورة.

قوله رحمه‌الله : الا وقد جال جولة‌

بالجيم أي انزعج في سره انزعاجة ما ، وحاد قلبه عن سبيله حيدة ما.

__________________

(١) هو الشهيد الثانى رحمة الله عليه في حاشيته على الخلاصة غير مطبوع.

٤٦

٢٣ ـ طاهر بن عيسى الوراق ، رفعه الى محمد بن سفيان ، عن محمد بن سليمان الديلمى ، عن علي بن أبي حمزة ، عن أبي بصير ، قال سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يا سلمان لو عرض علمك على مقداد لكفر ، يا مقداد لو عرض علمك على سلمان لكفر.

٢٤ ـ علي بن الحكم ، عن سيف بن عميرة ، عن أبي بكر الحضرمي ، قال : قال‌

______________________________________________________

قال في المغرب : أصاب المسلمين جولة هي كناية عن الهزيمة ولا تستعمل الا في حق الاولياء ، وأصلها من الجولان.

قوله رحمه الله تعالى : طاهر بن عيسى الوراق‌

هو أبو محمد من أهل كش من مشيخة الشيوخ.

قال الشيخ في كتاب الرجال : صاحب كتاب روى عنه الكشي ، وروى هو عن أحمد بن جعفر الخزاعي عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب (١).

وهذا الطريق بعد الرفع ضعيف بمحمد بن سليمان الديلمي عن علي بن أبي حمزة البطائني عن أبي بصير المكفوف يحيى بن القاسم ، أو أبي القاسم.

قوله عليه‌السلام : لكفر‌

بالتخفيف على المجرد من الكفور بالشي‌ء والكفران به ، بمعنى الجحود والانكار ، أو بالتشديد على التفعيل للنسبة من كفره تكفيرا ، أي نسبه الى الكفر.

قوله رحمه‌الله : على بن الحكم عن سيف بن عميرة‌

الطريق صحيح على التعليق لان طريق أبي عمرو الكشي الى علي بن الحكم صحيح معروف.

وليعلم أن رواية ارتداد الناس الا القليل منهم بعد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم غير مختصة بطريق أصحابنا رضوان الله تعالى عليهم ، بل أن حديث أنباء رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه ترتد‌

__________________

(١) رجال الشيخ ص ٤٧٧ وفيه صاحب كتب‌

٤٧

______________________________________________________

الصحابة وترجع القهقرى بعده عليه وآله السّلام ، عند علماء العامة صحيح ثابت في أصولهم الستة الصحاح وجامع أصولهم ومستدركهم ومسندهم ومصابيحهم ومشكاتهم وغيرها من كتبهم المعتبرة بأسانيدهم المتصلة ومسانيدهم المعتمدة من طرق متكثرة ، تحكم في القدر المشترك بينها بالتواتر وفي كثير منها نصوص على أن ذلك الارتداد انما هو في الامامة والخلافة ، لا بعبادة الاوثان والشرك بالله عز وجل (١).

فمن جملة ذلك في صحيحي البخاري ومسلم وغيرهما عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب أنه كان يحدث أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : يرد عليّ يوم القيامة رهط من أصحابي فيحلئون عن الحوض فأقول يا رب أصحابي فيقال : انه لا علم لك بما أحدثوا بعدك ، انهم ارتدوا على أدبارهم القهقرى (٢).

عن ابن المسيب أنه كان يحدث عن أصحاب النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : يرد علي الحوض رجال من أصحابي فيحلئون عنه فأقول : يا رب أصحابي فيقول : انك لا علم لك بما أحدثوا بعدك ، انهم ارتدوا على أدبارهم القهقرى (٣).

عن أنس عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : ليردن عليّ ناس من أصحابي الحوض حتى اذا عرفتهم اختلجوا دوني فأقول : أصحابي فيقول : لا تدري ما أحدثوا بعدك (٤).

أبو حازم عن سهل بن سعد قال : قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : اني فرطكم على الحوض من مرّ عليّ شرب ومن شرب لم يظمأ أبدا ، ليردن علي اقوام أعرفهم ويعرفوني ثم يحال بيني وبينهم. قال أبو حازم : فسمعني النعمان بن أبي عياش فقال : هكذا سمعت من سهل فقلت : نعم فقال : أشهد على أبي سعيد الخدري لسمعته وهو يزيد فيها فأقول :

__________________

(١) وقد أوردنا مصادر رواية الارتداد في ذيل كتاب الطرائف : ٣٧٦‌

(٢) صحيح البخارى : ٧ / ٢٠٨ ط دار الطباعة العامرة باستانبول.

(٣) نفس المصدر من البخارى.

(٤) صحيح البخارى : ٧ / ٢٠٧. وروى نحوه عن أنس مسلم في صحيحه : ٤ / ١٨٠٠‌

٤٨

______________________________________________________

انهم مني فيقال : انك لا تدري ما أحدثوا بعدك فأقول : سحقا سحقا لمن غير بعدي (١).

عن المغيرة قال : سمعت أبا وائل عن عبد الله عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : أنا فرطكم على الحوض ، وليرفعن معي رجال منكم ثم ليختلجن دوني فأقول : يا رب أصحابي فيقال : انك لا تدري ما أحدثوا بعدك (٢).

عن عطاء بن يسار عن أبي هريرة عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : بينا أنا قائم اذا زمرة حتى اذا عرفتهم خرج رجل من بيني وبينهم فقال : هلم فقلت : أين؟ قال الى النار والله قلت : وما شأنهم؟ قال : انهم ارتدوا على أدبارهم القهقرى ، ثم اذا زمرة حتى اذا عرفتهم خرج رجل من بيني وبينهم فقال : هلم فقلت : أين؟ قال : الى النار والله ، قلت : ما شأنهم؟ قال ، انهم ارتدوا على أدبارهم القهقرى بعدك ، فلا أراه يخلص فيهم الامثل همل النعم (٣).

عن عقبة أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خرج يوما فصلى على [ أهل ] أحد صلاته على الميت ثم انصرف الى المنبر فقال : اني فرطكم وأنا شهيد عليكم واني والله لا نظر الى حوضي الان واني أعطيت مفاتيح خزائن الارض أو مفاتيح الارض ، واني والله ما أخاف عليكم أن تشركوا بعدي ولكني أخاف عليكم أن تنافسوا فيها (٤).

ففي الصحيحين من المتفق عليه في باب الحرص على الامارة عن أبي هريرة عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : انكم ستحرصون على الامارة وستكون ندامة يوم القيامة فنعمت المرضعة وبئست الفاطمة (٥).

__________________

(١) صحيح البخارى : ٧ / ٢٠٧ ـ ٢٠٨ وصحيح مسلم : ٤ / ١٧٩٣‌

(٢) صحيح البخارى : ٧ / ٢٠٦ وصحيح مسلم : ٤ / ١٧٩٦.

(٣) صحيح البخارى : ٧ / ٢٠٨ ـ ٢٠٩‌

(٤) صحيح البخارى : ٧ / ١٧٣ و ٢٠٩. وصحيح مسلم : ٤ / ١٧٩٥‌

(٥) جامع الاصول : ٤ / ٤٥٠ قال : أخرجه البخارى والنسائى.

٤٩

______________________________________________________

وفي صحيحي الترمذي والنسائي والمصابيح والمشكاة عن كعب بن عجرة قال : قال لي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أعيذك بالله من امارة السفهاء قال : وما ذاك يا رسول الله؟ قال : أمراء سيكون بعدي من دخل عليهم فصدقهم بكذبهم وأعانهم على ظلمهم ، فليسوا مني ولست منهم ولن يردوا علي الحوض ، ومن لم يدخل عليهم ولم يصدقهم بكذبهم ولم يعنهم على ظلمهم فاولئك مني وأنا منهم وأولئك يردون علي الحوض (١).

وعن أبي ذر قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كيف أنتم وأئمة من بعدي يستأثرون بهذا الفي‌ء قلت : أما والذي بعثك بالحق أضع سيفي على عاتقي فأقاتلهم حتى ألقاك قال : أولا أدلك على خير من ذلك تصبر حتى تلقاني (٢).

وفي صحيح مسلم وسنن أبي داود عن ابن عباس عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : انكم محشورون حفاة عراة غرلا ، ثم قرء ( كَما بَدَأْنا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْداً عَلَيْنا إِنّا كُنّا فاعِلِينَ ) (٣) وأول من يكسي يوم القيامة ابراهيم عليه‌السلام ، وان ناسا من أصحابي يؤخذ بهم ذات الشمال فأقول : أصحابي أصحابي ، فيقول : انهم لم يزالوا مرتدين على أعقابهم منذ فارقتهم فأقول ، كما قال العبد الصالح : ( وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً ما دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ ) الى قوله ( الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ) (٤) » قال أبو داود في السنن : هذا حديث متفق على صحته أخرجه مسلم من محمد بن مثنى ، وغيره عن محمد بن‌

__________________

(١) جامع الاصول : ٤ / ٤٦٠‌

(٢) جامع الاصول : ١٠ / ٣٩٤ ـ ٣٩٥. والفى‌ء ما يحصل للمسلمين من أموال الكفار وأملاكهم عن غير قتال ولا حرب. والاستئثار : الانفراد بالشي‌ء والتخصص به‌

(٣) الانبياء : ١٠٤‌

(٤) المائدة : ١١٧ و ١١٨‌

٥٠

أبو جعفر عليه‌السلام ارتد الناس : الا ثلاثة نفر سلمان وأبو ذر والمقداد. قال : قلت فعمار؟ قال : قد كان جاض جيضة ثم رجع ، ثم قال : ان اردت الذي لم يشك ولم يدخله شي‌ء فالمقداد ، فأما سلمان فانه عرض في قلبه عارض ان عند أمير المؤمنين عليه‌السلام اسم الله‌

______________________________________________________

جعفر عن شعبة عن المغيرة (١).

و « الغرل » جمع أغرل وهو الاغلف ، وقوله « لم يزالوا مرتدين ».

لم يرد به الردة عن الإسلام ، انما معناه التخلف عن بعض الحقوق الواجبة.

قال ابن الاثير في النهاية وجامع الاصول : انهم كانوا يمشون بعدك القهقرى قال الازهري : معناه الارتداد عما كانوا عليه ، وقد قهقر وتقهقر والقهقرى مصدر (٢) ،

فهذه نبذة مما في أصول المخالفين وصحاحهم ، ومن أحب الاستقصاء فعليه بما أوردناه في كتبنا (٣).

قوله عليه‌السلام : قد كان جاض جيضة‌

يروى بالجيم قبل الالف والضاد المعجمة بعدها يقال : جاض عن الحق جيضة أي عدل ، وجاض في القتال اذا فر ، وأصل الجيض الميل عن الشي‌ء.

ويروى باهمال الحاء والصاد من حاشيتي الالف من حاص عن الشي‌ء اذا حاد عنه ، وحاص القوم في القتال حيصا وحيصة : أي جالوا جولة يطلبون الفرار ، والمحيص : المحيد والمهرب.

وبعض القاصرين أهمل الحاء وأعجم الضاد من حيض النساء ، وتحامل توجيهه بما لا يتفوه به ذو مسكة ما.

__________________

(١) صحيح مسلم : ٤ / ٢١٩٥ كتاب الجنة. وغر لا جمع أغرل ، وهو الذى لم يختن وبقيت معه غرلته وهى الجلدة التى تقطع في الختان.

(٢) نهاية ابن الاثير : ٤ / ١٢٩.

(٣) ومن أحسن ما كتب المصنف في ذلك هو كتاب شرح تقدمة تقويم الايمان غير مطبوع‌

٥١

الاعظم لو تكلّم به لأخذتهم الارض وهو هكذا ، فلبب ووجئت عنقه حتى تركت كالسلقة ، فمر به أمير المؤمنين عليه‌السلام فقال له يا أبا عبد الله هذا من ذاك بايع ، فبايع ، وأما أبو ذر فأمره أمير المؤمنين عليه‌السلام بالسكوت ولم يكن يأخذه في الله لومة لائم فأبى الا أن يتكلم فمر به عثمان فأمر به ، ثم أناب الناس بعد فكان أول من أناب أبو سنان الانصاري وأبو عمرة وشتيرة وكانوا سبعة ، فلم يكن يعرف حق أمير المؤمنين عليه‌السلام الا هؤلاء السبعة.

٢٥ ـ حمدويه بن نصير ، قال حدثنا أبو الحسين بن نوح ، قال حدثنا صفوان ابن يحيى ، عن ابن بكير ، عن زرارة ، قال سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : أدرك سلمان العلم الاول والعلم الاخر ، وهو بحر لا ينزح ، وهو منّا أهل البيت.

بلغ من علمه : أنه مر برجل في رهط فقال له : يا عبد الله تب الى الله عز وجل من الذي عملت به في بطن بيتك البارحة ، قال : ثم مضى ، فقال له القوم : لقد رماك سلمان بأمر فما دفعته عن نفسك. قال : انه أخبرني بأمر ما اطلّع عليه الا الله وأنا.

وفي خبر آخر مثله ، وزاد في آخره : ان الرجل كان أبا بكر بن أبي قحافة.

______________________________________________________

قوله عليه‌السلام : فلبب ووجئت عنقه‌

كلتاهما على ما لم يسم فاعله ، اللبة : المنخر. واللبب : موضع القلادة من الصدر.

قال في الصحاح : لببت الرجل تلبيبا : اذا جمعت ثيابه عند صدره ونحره في الخصومة ثم جررته (١).

وفي النهاية الاثيرية : لببت الرجل لبا ولبيته تلبيا اذا جعلت في عنقه ثوبا أو غيره وجررته ، وأخذت بتلبيب فلان : اذا جمعت عليه ثوبه الذي هو لا بسه وقبضت عليه تجره ، والتلبيب : مجمع ما في موضع اللبب من ثياب الرجل (٢).

والوجي‌ء : الضرب باليد أو بالسكين. يقال : وجأه في عنقه من باب منع ،

__________________

(١) الصحاح : ١ / ٢١٦‌

(٢) نهاية ابن الاثير : ٤ / ٢٢٣‌

٥٢

______________________________________________________

ومنه ليس في كذا وكذا ولا في الوجاءة قصاص ، والوجاء : بالكسر على فعال نوع من الخصاء ، وهو أن تضرب العروق بحديدة وتطعن فيها من غير اخراج البيضتين يقال : كبش موجوء اذا فعل به ذلك قاله في المغرب.

والسلقة : بالهاء واحدة السلق. باهمال السين المكسورة واسكان اللام قبل القاف ، وهو اسم لجنس النبت المعروف يؤكل يقال له في بلاد العجم « چقندر ».

قال في القاموس : السلق بالكسر مسيل الماء ، والجمع كعثمان وبقلة معروفة تجلو وتحلل وتلين وتسر النفس نافع للنقرس والمفاصل ، وعصيره اذا صب على الخمر خللها بعد ساعتين ، وعلى الخل خمره بعد أربع ، وعصير أصله سعوطا ترياق وجع السن والاذن والشقيقة ، وسلق الماء وسلق البر نباتان ، والسلق أيضا أثر التسع في جنب البعير ، وكذلك السلق بالتحريك ، وسلق فلانا طعنه وصرعه وألقاه على ظهره وسلقه باللسان أذاه بالكلام وسلق اللحم عن العظم نحاه عنه (١).

ومعنى الحديث : ان سلمان عرض في قلبه عارض الشك والاعتراض أن أمير المؤمنين عنده الاسم الاعظم فليته يدعو الله عز وجل به عليهم ، فاذا القوم قد هجموا عليه فلببوه ووجاؤا عنقه يجرونه الى أبي بكر للبيعة وهو ممتنع منها حتى تركوا عنقه الموجوء.

وتأنيث الضمير العائد اليه باعتبار معنى الرقبة ، كأنه السلقة من فرط ما وجاؤها فمر به أمير المؤمنين عليه‌السلام ، وقد اطلعه الله جل وعز على ما قد خالجه في سره وعرض له في قلبه ، فقال له : يا أبا عبد الله هذا من ذاك بايعهم على التقية ، وكن بقضاء الله وقدره من الراضين ، ولا تكونن عن سر القدر من الغافلين ، ولا على ما جف به القلم في القضاء الاول من المعترضين ، فرضي سلمان وسارع وسمع وأطاع وبايع.

__________________

(١) القاموس : ٣ / ٢٤٦‌

٥٣

٢٦ ـ جبريل بن أحمد ، قال حدثني الحسن بن خرزاذ ، قال حدثني أحمد بن علي وعلي بن أسباط ، قالا : حدثنا الحكم بن مسكين ، عن الحسن بن صهيب ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : ذكر عنده سلمان الفارسي قال فقال أبو جعفر عليه‌السلام : مه لا تقولوا سلمان الفارسي ولكن قولوا سلمان المحمدي ، ذلك رجل منّا أهل البيت.

______________________________________________________

وعلى نمط آخر : أنه عرض في قلبه العارض وتخالج في صدره الخاطر ، ثم تنبه وأناب ، فأخذ بتلبيبه فوجأ عنقه حتى تركها كالسلقة زجرا وعقوبة لنفسه ، فمر به أمير المؤمنين عليه‌السلام فقال له ، هذا من ذاك وأن ذاك منك حيود ما عن السبيل ، فاستأنف الانابة وجدد البيعة فأناب اليه عليه‌السلام ، وبايع على تنقية السر من عوارض الشكوك وخواطر الاوهام.

قوله رحمه‌الله : جبرئيل بن أحمد قال : حدثنى الحسن بن خرزاذ‌

يعني بالحسن بن خرزاذ الذي هو من أهل كش من طبقات باب « لم » لا القمي المعدود من أصحاب أبي محمد الحسن العسكري عليه‌السلام ،

ذكر الشيخ الاول في باب « لم » (١) والثاني في أصحاب العسكري عليه‌السلام (٢).

وقال النجاشي ، الحسن بن خرزاذ قمي كثير الحديث له كتاب أسماء رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وكتاب المتعة ، وقيل : انه غلا في آخر عمره ، أخبرنا محمد بن محمد قال : حدثنا جعفر بن محمد قال : حدثنا محمد بن الوارث السمرقندي قال : حدثنا أبو علي بن الحسن بن علي القمي قال : حدثنا الحسن بن خرزاذ بكتابه (٣).

قوله رحمه الله تعالى : الحكم بن مسكين‌

قال النجاشي في كتابه : الحكم بن مسكين أبو محمد كوفي مولى ثقيف المكفوف روى عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، ذكره أبو العباس ، له كتاب الوصايا كتاب‌

__________________

(١) رجال الشيخ : ٤٦٣‌

(٢) بل في أصحاب الهادى عليه‌السلام رجال الشيخ : ٤١٣.

(٣) رجال النجاشى : ٣٥. ط طهران‌

٥٤

٢٧ ـ جبريل بن أحمد ، قال حدثني الحسن بن خرّزاذ ، قال حدثني الحسن بن علي بن فضّال ، عن ثعلبة بن ميمون ، عن زرارة ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : كان علي عليه‌السلام محدثا ، وكان سلمان محدثا.

______________________________________________________

الطلاق كتاب الظهار ، أخبرنا الحسين بن عبيد الله قال : حدثنا أحمد بن جعفر بن سفيان (١) قال : حدثنا حميد بن زياد قال : حدثنا الحسن بن موسى الخشاب عن الحكم بكتاب الطلاق والظهار (٢).

وشيخنا الشهيد في الذكرى نقل عن العلامة في المختلف في باب صلاة الجمعة أنه قال : في طريق رواية محمد بن مسلم « الحكم بن مسكين » ولا يحضرني الان حاله فنحن نمنع صحة السند ، ثم اعترض عليه فقال قلت : الحكم ذكره الكشي ولم يتعرض له بذم (٣) ، والرواية لا يطعن فيها كون الراوي مجهولا عند بعض الاصحاب (٤).

ونحن نقول : نعم ذكر الكشي الرجل من دون أن يتعرض لنقل طعن فيه أو غميزة آية جلالة الرجل.

ولكن الحكم بن مسكين لا ترجمة له في كتاب الاختيار هذا للشيخ رحمه الله تعالى ، ولا في كتاب اختيار السيد جمال الدين أحمد بن طاوس من كتاب الكشي ، فكأنه قدس الله لطيفه قد وجده في أصل كتاب الكشي ، أو كان رائما للنقل عن النجاشي فجرى على لسان قلمه الكشي والله سبحانه أعلم.

قوله عليه‌السلام : كان على عليه‌السلام محدثا وكان سلمان محدثا‌

بفتح الدال المشددة على اسم المفعول من باب التفعيل ، أما علي عليه‌السلام

__________________

(١) وفي المصدر : سفين ولعله هو سفيان كتب على هذا النحو.

(٢) رجال النجاشى : ١٠٥‌

(٣) وفي المصدر : بذم في الرواية مشهورة جدا بين الاصحاب لا يظهر فيها الخ.

(٤) الذكرى : ٢٣١‌

٥٥

٢٨ ـ محمد بن مسعود ، قال حدثني أحمد بن منصور الخزاعي ، عن أحمد ابن الفضل الخزاعي ، عن محمد بن زياد ، عن حمّاد بن عثمان ، عن عبد الرحمن ابن أعين ، قال سمعت أبا جعفر عليه‌السلام يقول : كان سلمان من المتوسمين.

٢٩ ـ جبريل بن أحمد ، قال حدثني الحسن بن خرزاذ ، قال حدثني اسماعيل ابن مهران ، عن علي بن أبي حمزة ، عن أبي بصير ، قال سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : سلمان علّم الاسم الاعظم.

______________________________________________________

فمحدث على المعنى المصطلح عليه حقيقة ، وأما سلمان فكان محدثا على التجوز بمعنى المفهم الملهم ، وسيستبين لك شرح ذلك إن شاء الله تعالى.

قوله رحمه الله تعالى : أحمد بن منصور الخزاعى‌

هو الذي يقال له محمد بن منصور بن نصر الخزاعي من أصحاب أبي الحسن الرضا عليه‌السلام.

صرح بذلك الشيخ رحمه الله تعالى في كتاب الرجال حيث ذكر في أصحاب علي بن موسى الرضا عليه‌السلام محمد بن منصور بن نصر الخزاعي ، ثم كرر ذكره فقال : محمد بن نصر الخزاعي ، ويقال له : أحمد بن منصور (١).

قوله رحمه الله تعالى : عن محمد بن زياد‌

يعني به محمد بن الحسن بن زياد العطار فانه يقال له : محمد بن زياد أيضا ، كما قاله النجاشي في أسناد طريقه اليه وقال : كوفي ثقة روى أبوه عن أبي عبد الله عليه‌السلام (٢).

قوله عليه‌السلام : كان سلمان من المتوسمين‌

قال الراغب في المفردات : الوسم التأثير والسمة الاثر ، قال تعالى ( سِيماهُمْ

__________________

(١) رجال الشيخ : ٣٩١ و ٣٨٩‌

(٢) رجال النجاشى : ٢٨٥‌

٥٦

٣٠ ـ جبريل بن أحمد ، قال حدثني الحسن بن خرزاذ ، عن اسماعيل بن مهران ، عن أبان عن جناح ، قال حدثني الحسن بن حمّاد ، بلغ به ، قال : كان‌

______________________________________________________

فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ) (١) » وقال : ( تَعْرِفُهُمْ بِسِيماهُمْ ) (٢) وقوله تعالى ( إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ ) (٣) أي للمتبرين العارفين المتعظين ، وهذا التوسم هو الذي سماه قوم الذكاء : وقوم الفطنة ، وقوم الفراسة ، وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : اتقوا فراسة المؤمن وقال : المؤمن ينظر بنور الله (٤).

قوله رحمه الله تعالى : عن أبان عن جناح‌

أبان الذي يروي عنه اسماعيل بن مهران هو أبان بن محمد البجلي ابن أخت صفوان بن يحيى ، كان ثقة وجها في أصحابنا الكوفيين قاله النجاشي (٥).

أو هو أبان بن عثمان الاحمر البجلي أحد من أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنهم.

و « جناح » الذي روى أبان عنه هو جناح بن عبد الحميد الكوفي ، ويحتمل جناح بن رزين مولى مفضل بن قيس الاشعري ، ذكرهما الشيخ في أصحاب أبي عبد الله الصادق عليه‌السلام (٦).

وما في بعض النسخ (٧) أبان بن جناح مكان « عن » فمن تصحيف الناسخين.

__________________

(١) سورة الفتح : ٢٩‌

(٢) سورة البقرة : ٢٧٣‌

(٣) سورة الحجر : ٧٥‌

(٤) المفردات : ٥٢٤‌

(٥) رجال النجاشى : ١٢‌

(٦) رجال الشيخ : ١٦٤‌

(٧) كما في المطبوع من رجال الكشى بجامعة مشهد والنجف الاشرف.

٥٧

سلمان اذا رأى الجمل الذي يقال له عسكر يضربه ، فيقال له يا أبا عبد الله ما تريد من هذه البهيمة؟ فيقول : ما هذا بهيمة ولكن هذا عسكر بن كنعان الجني ، يا أعرابي لا ينفق جملك هاهنا ولكن اذهب به الى الحوأب فانك تعطى به ما تريد.

٣١ ـ جبريل بن أحمد ، حدثني الحسن بن خرزاذ ، قال حدثني اسماعيل بن مهران ، عن علي بن أبي حمزة ، عن أبي بصير ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : اشتروا عسكرا بسبعمائة درهم وكان شيطانا.

______________________________________________________

قوله رحمه‌الله : اذا رأى الجمل الذى يقال له عسكر يضربه‌

كان هودج عائشة في وقعة الجمل على جمل اسمه عسكر قاله المطرزى في المغرب في : ن ك.

وقال أبو الحسن المسعودى رحمه الله تعالى في مروج الذهب : انصرف عن اليمن عامل عثمان فأتي مكه ، فصادف فيها عائشة وطلحة والزبير ومروان بن الحكم في آخرين من بني أمية ، فكان ممن حرض على الطلب بدم عثمان وأعطي عائشة وطلحة والزبير أربعمائة ألف درهم وكراعا وسلاحا وبعث الى عائشة بالجمل المسمى « عسكرا » وكان شراؤه من اليمن بمأتي دينار انتهى (١).

قلت : فلذلك كان يضربه سلمان رضي الله تعالى عنه.

قوله رحمه‌الله : لا ينفق جملك هاهنا‌

أي لا يروج من النفاق بمعنى الرواج ، ولكن اذهب به الى الحوأب بفتح الحاء المهملة واسكان الواو بعدها همزة مفتوحة ثم باء موحدة.

وفي طائفة من النسخ الحوب بتشديد الواو للقلب والادغام.

وفي الحديث المتواتر المشهور انه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : ايتكن صاحبة الجمل تنبحها كلاب الحوأب.

__________________

(١) مروج الذهب : ٢ / ٣٥٧ ط دار الاندلس.

٥٨

٣٢ ـ حمدويه بن نصير ، قال : حدثني محمد بن عيسى ، عن حنان بن سدير ، عن أبيه عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : جلس عدة من أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ينتسبون وفيهم سلمان الفارسي ، وان عمر سأله عن نسبه وأصله؟ فقال : أنا سلمان بن عبد الله كنت ضالا فهداني الله بمحمد ، وكنت عائلا فأغناني الله بمحمد ، وكنت مملوكا فاعتقني الله بمحمد ، فهذا حسبي ونسبي.

ثم خرج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فحدثه سلمان وشكى اليه ما لقي من القوم وما قال لهم فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يا معشر قريش ان حسب الرجل دينه ، ومروته خلقه ، وأصله عقله ، قال الله تعالي : ( إِنّا خَلَقْناكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثى وَجَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَقَبائِلَ لِتَعارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقاكُمْ ). يا سلمان ليس لا حد من هؤلاء عليك فضل الا بتقوى الله ، وان كان التقوى لك عليهم فأنت أفضل.

٣٣ ـ جبريل بن أحمد. قال حدثني أبو سعيد الادمي سهل بن زياد ، عن منخّل ، عن جابر ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : دخل أبو ذر على سلمان وهو يطبخ قدرا له ، فبيناهما يتحدثان اذا انكبّت القدر على وجهها على الارض ، فلم يسقط من مرقها‌

______________________________________________________

قال ابن الاثير في النهاية وجامع الاصول : الحوأب منزل بين بصرة ومكة وهو الذي نزلته عائشة فنبحتها الكلاب لما جاءت الى البصرة وفي وقعة الجمل (١).

قوله عليه‌السلام : فبينا هما يتحدثان اذا انكبت القدر‌

اختلفت النسخ في « بينا » و « بينما » و « اذ » و « اذا » و « انكبت » و « انكفأت » والمعنى في ذلك كله واحد يزاد في بين ما او الالف فيجعل بمنزلة حين ، فيقال : بينما زيد يفعل كذا وبينا يفعل كذا ،

واذ وقتية لما مضى من الزمان ، وقد تكون للمفاجأة وهي التي بعد بينا وبينما.

واذا تكون للمفاجأة وتكون ظرفا زمانيا للماضي ، أو للمستقبل ، أو للحال ، وقد تكون ظرف مكان وتكون شرطية.

__________________

(١) نهاية ابن الاثير : ١ / ٤٥٦‌

٥٩

ولا ودكها شي‌ء ، فعجب من ذلك أبو ذر عجبا شديدا ، وأخذ سلمان القدر فوضعها على وجهها حالها الاول على النار ثانية ، وأقبلا يتحدثان ، فبيناهما يتحدثان اذ انكبت القدر على وجهها ، فلم يسقط منها شي‌ء من مرقها ولا ودكها ، قال : فخرج أبو ذر وهو مذعور من عند سلمان ، فبينا هو متفكر اذ لقى أمير المؤمنين عليه‌السلام قال له : يا أبا ذر ما الذي أخرجك من عند سلمان وما الذي ذعرك؟ فقال له أبو ذر : يا أمير المؤمنين رأيت سلمان صنع كذا وكذا فعجبت من ذلك. فقال أمير المؤمنين عليه‌السلام : يا أبا ذر ان سلمان لو حدثك بما يعلم لقلت رحم الله قاتل سلمان ، يا أبا ذر أن سلمان باب الله في الارض من عرفه كان مؤمنا ومن أنكره كان كافرا ، وان سلمان منا أهل البيت.

٣٤ ـ طاهر بن عيسى الوارق الكشي قال : حدثني أبو سعيد جعفر بن أحمد بن أيوب التاجر السمرقندي

______________________________________________________

وكببت الاناء فانكب وكفأته فانكفأ وقلبته فانقلب كلها بمعنى واحد ،

والودك وسم اللحم وهو بالتحريك كالمرق.

قوله عليه‌السلام : وما الذى ذعرك‌

باعجام الذال واهمال العين. وفي بعض النسخ « أذعرك » من باب الافعال ، وهما بمعنى يقال : ذعره يذعره ذعرا بالفتح فهو مذعور من باب منع خوفه ، وأذعره اذعارا فهو مذعر أيضا أخافه ، كما فزعه يفزعه فزعا وأفزعه يفزعه افزاعا ،

و « الذعر » بالضم الخوف ، والفعل منه ذعر يذعر فهو ذاعر من باب فرح يفرح ، والذعر بالتحريك الدهش والفعل منه أيضا من باب فرح.

قوله رحمه‌الله : أبو سعيد جعفر بن أحمد بن أيوب التاجر السمرقندى‌

في نسخ كتاب أبي العباس النجاشي التي وقعت إليّ جميعا « العاجز » أو « المعاجز » بالعين المهملة قبل الالف وبالجيم والزاء بعدها قال : جعفر بن أحمد بن أيوب السمرقندي أبو سعيد يقال له ابن العاجز كان صحيح الحديث والمذهب روى‌

٦٠