إختيار معرفة الرّجال - ج ١

أبي جعفر محمّد بن الحسن بن علي بن الحسن الطّوسي [ شيخ الطائفة ]

إختيار معرفة الرّجال - ج ١

المؤلف:

أبي جعفر محمّد بن الحسن بن علي بن الحسن الطّوسي [ شيخ الطائفة ]


المحقق: السيد مهدي الرجائي
الموضوع : رجال الحديث
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤١٦
الجزء ١ الجزء ٢

عن أبي الحسن الرضا عليه‌السلام ذكر أن حذيفة لما حضرته الوفاة وكان آخر الليل ، قال لابنته أيّة ساعة هذه؟ قالت : آخر الليل. قال : الحمد لله الذي بلغني هذا المبلغ ولم أوال ظالما على صاحب حق ولم أعاد صاحب حق ، فبلغ زيد بن عبد الرحمن بن عبد يغوث ، فقال : كذب والله لقد والى على عثمان ، فأجابه بعض من حضره ان عثمان والله يا أخا زهرة والحديث منقطع.

______________________________________________________

قلت : السايي بالمهملة قبل الالف والمثناة من تحت بعدها قبل ياء النسبة المشددة نسبة الى سايه ، وهي قرية بمكة أو واد بين الحرمين : كما ذكرناه في أول الكتاب في علي بن سويد السايي ، والقاصرون يصحفون الياء بالباء الموحدة.

وفي كتاب الرجال للشيخ في أصحاب أبي الحسن الرضا عليه‌السلام : العباس بن هلال الشامي (١).

بالميم بعد الالف والشين المعجمة قبلها ، على ما في عامة ما وقعت إلينا من النسخ ، وذلك أيضا تصحيف ، كأنه من النساخ لا من الشيخ.

قوله رحمه الله تعالى : الحديث منقطع‌

الانقطاع على أن عثمان والله يا أخا زهرة ، من باب الاختصار بالحذف كما في أنه وانه ، وقد أسلفنا بيانه في لو لا ما ، أي أن عثمان والله يا أخا زهرة جائر وظالم وعات ومنحرف عن السبيل ومستأثر بالحق على أهله.

في سهل بن حنيف رضى الله تعالى عنه‌

سهل بن حنيف باهمال الحاء المضمومة قبل النون المفتوحة واسكان المثناة من تحت قبل الفاء ، ابن واهب أبو ثابت الانصاري العقبي البدري الاحدي ، من النقباء الاثنى عشر.

عده البرقي وأخاه عثمان بن حنيف من شرطة الخميس (٢)

__________________

(١) رجال الشيخ : ٣٨٢‌

(٢) رجال البرقى : ٤‌

١٦١

______________________________________________________

وقال الفضل بن شاذان : انه من السابقين الذين رجعوا الى أمير المؤمنين عليه‌السلام.

والشيخ رحمه الله تعالى في كتاب الرجال أورده في باب من روى عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من الصحابة (١).

ثم ذكره في أصحاب أمير المؤمنين عليه‌السلام فقال : سهل بن حنيف أنصاري عربي ، وكان واليه على المدينة ، يكنى أبا محمد (٢).

وقال الذهبي من العامة في مختصره : سهل بن حنيف الاوسي بدري جليل ، عنه ابن أبي ليلى وأبو وائل ، مات ٣٨ ، وكبّر عليه علي عليه‌السلام ستا.

قلت : وذلك بعد الرجوع من صفين. في صحيح البخاري بأسناده عن أبي حصين قال : قال أبو وائل : لما قدم سهل بن حنيف من صفين أتيناه نستخبر فقال : اتهموا الرأي فلقد رأيتني يوم أبي جندل ، ولو استطيع أن أرد على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أمره لرددته والله ورسوله أعلم ، وما وضعنا أسيافنا على عواتقنا لأمر يفظعنا الا أسهلن (٣) بنا الى أمر نعرفه قبل هذا الامر ، ما نسد منه (٤) خصما الا انفجر علينا خصم ما ندري كيف نأتي له.

وفيه بأسناده عن حبيب بن أبي ثابت قال : أتيت أبا وائل أسأله فقال : كنا بصفين فقال رجل : ألم تر الى الذين يدعون الى كتاب الله فقال علي : نعم فقال سهل ابن حنيف : اتهموا أنفسكم فلقد رأيتنا يوم الحديبية ، يعني الصلح الذي كان بين النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والمشركين ، ولو نرى قتالا لقاتلنا ، فجاء عمر فقال : ألسنا على الحق وهم على الباطل؟ أليس قتلانا في الجنة وقتلاهم في النار؟

__________________

(١) رجال الشيخ : ٢٠‌

(٢) رجال الشيخ : ٤٣‌

(٣) سهل الامر بنا الى كذا أفضى اليه « منه ».

(٤) وفي خ ل منها.

١٦٢

سهل بن حنيف‌

٧٣ ـ محمد بن مسعود : قال حدثني أحمد بن عبد الله العلوي ، قال حدثني علي بن محمد ، عن أحمد بن محمد الليثي ، عن عبد الغفار ، عن جعفر بن محمد عليهما‌السلام أن عليا عليه‌السلام كفن سهل بن حنيف في برد أحمر حبرة.

______________________________________________________

قال : بلى قال : فبم نعطي الدنية في ديننا ونرجع ولما يحكم الله بيننا ، فقال : يا بن الخطاب اني رسول الله ولن يضيعني الله أبدا ، فرجع متغيظا فلم يصبر حتى جاء أبا بكر فقال : يا أبا بكر ألسنا على الحق وهم على الباطل؟ قال : يا بن الخطاب انه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ولن يضيعه الله أبدا. فنزلت سورة الفتح (١) انتهى ما في صحيح البخاري هاهنا.

وزاد فيه أكثرهم من طرق عديدة فقال عمر : والله ما شككت في ديني منذ أسلمت الا يومي هذا. وعلى هذه الزيادة أورده علامتهم الشهرستانى في كتاب الملل (٢) والنحل.

قوله رحمه الله تعالى : عن عبد الغفار‌

هو أبو مريم الانصاري عبد الغفار بن القاسم بن قيس بن قيس بن قهد ، بفتح القاف واسكان الهاء ، الثقة من أصحاب الباقر والصادق عليهما‌السلام. لا عبد الغفار بن حبيب الطائي الجازي ، بالجيم والزاء ، من أهل الجازية قرية بالنهرين الثقة أيضا من أصحاب الصادق عليه‌السلام.

والحسن بن داود قال في كتابه : ورأيت بخط الشيخ أبي جعفر في كتاب الرجال عبد الغفار بن حبيب الحارثي بالحاء المهملة والراء والثاء المثلثة (٣).

قوله عليه‌السلام : في برد أحمر حبرة‌

يستحب التكفين في القطن الابيض الا الحبرة ، فان المستحب فيها أن تكون‌

__________________

(١) صحيح البخارى : ٦ / ٤٦‌

(٢) لم أظفر عليه مع التفحص التام ولعله صحف وأسقط منه.

(٣) رجال ابن داود : ٢٢٦‌

١٦٣

٧٤ ـ محمد بن مسعود ، قال حدثني أحمد بن عبد الله العلوي ، قال حدثني علي بن الحسن الحسيني ، عن الحسن بن زيد ، أنه قال : كبر علي بن أبي طالب على سهل بن حنيف سبع تكبيرات ، وكان بدريا ، وقال لو كبّرت عليه سبعين لكان أهلا.

٧٥ ـ محمد بن مسعود ، قال حدثني محمد بن نصير ، قال حدثنا محمد بن عيسى ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد ، عن الحلبي ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال كبّر علي عليه‌السلام على سهل بن حنيف وكان بدريّا خمس تكبيرات ،

______________________________________________________

بردا أحمر قاله في الذكرى ، وقال أيضا : يستحب عندنا أن يزاد الرجل والمرأة حبرة ـ بكسر الحاء وفتح الباء ـ يمنية عبرية منسوبة الى موضع باليمن أو جانب واد ، لقول أبي مريم الانصاري سمعت الباقر عليه‌السلام يقول : كفن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في ثلاثة أثواب : برد حبرة أحمر وثوبين صحاريين. وقال : ان الحسن بن علي عليه‌السلام كفن اسامة بن زيد في برد أحمر ، وأن عليا عليه‌السلام كفن سهل بن حنيف ببرد أحمر حبرة (١).

وقال المحقق في المعتبر وابن ادريس في السرائر : الحبرة من التحبير وهو التحسين والتزيين ، ويمنية منسوبة الى اليمن ، وعبرية منسوبة الى العبر ، وهو باهمال العين المكسورة أو المضمومة واسكان الباء الموحدة شط النهر وجانب الوادي (٢).

قوله رضى الله تعالى عنه : سبع تكبيرات‌

أي سبع صلوات كل منها بخمس تكبيرات فتكون جميعها خمسا وثلاثين تكبيرة.

__________________

(١) الذكرى : ٤٧ ـ ٤٨‌

(٢) المعتبر : ٧٦‌

١٦٤

ثم مشى به ساعة ثم وضعه ثم كبّر عليه خمس تكبيرات أخر ، فصنع به ذلك حتى بلغ خمسا وعشرين تكبيرة.

______________________________________________________

قوله عليه‌السلام : ثم مشى به ساعة ثم وضعه ثم كبر عليه خمس تكبيرات‌

السيد جمال الدين أحمد بن طاوس قدس الله نفسه الزكية في اختياره من كتاب أبي عمرو الكشي ذكر هذا الحديث وقال : الطريق علي بن الحكم عن سيف ابن عميرة عن أبي بكر الحضرمي عن أبي جعفر عليه‌السلام. ووافقه العلامة في الخلاصة (١)

والطريق في كتاب الاختيار للشيخ وهو المعروف في هذا الاعصار بكتاب الكشي في عامة النسخ على هذه الصورة : محمد بن مسعود عن محمد بن نصير قال :

حدثني محمد بن عيسى عن ابن أبي عمير عن حماد عن الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : كبر علي عليه‌السلام علي سهل بن حنيف الحديث.

ورواه رئيس المحدثين في جامعه الكافي (٢) والصدوق في الفقيه (٢) ، والشيخ في التهذيب (٣) من طرق مختلفة.

قال العلامة في نهايته : (٤) وصلى علي عليه‌السلام على سهل بن حنيف خمسا وعشرين تكبيرة ، اما لتعظيمه واظهار شرفه ، أو لتلاحق من لم يصل (٥).

وقال شيخنا الشهيد في الذكرى : وفي الحسن عن الحلبي عن الصادق عليه‌السلام قال : كبر أمير المؤمنين عليه‌السلام على سهل بن حنيف وكان بدريا خمس تكبيرات ، ثم مشى به ساعة ، ثم وضعه وكبر عليه خمس تكبيرات أخرى يصنع ذلك حتى كبّر‌

__________________

(١) الخلاصة : ٨١‌

(٢) فروع الكافى : ٣ / ١٨٦‌

(٣) من لا يحضره الفقيه : ١ / ١٠٢‌

(٤) تهذيب الاحكام : ٣ / ٣١٧ والاستبصار : ١ / ٤٧٦‌

(٥) نهاية الاحكام : ٢٥٩ مخطوط وتوجد نسخة منها في مكتبتنا.

١٦٥

______________________________________________________

عليه خمسا وعشرين تكبيرة.

وفي خبر عقبة أن الصادق عليه‌السلام قال : أما بلغكم أن رجلا صلى عليه علي عليه‌السلام فكبّر عليه خمسا حتى صلى عليه خمس صلوات ، وقال : انه بدري عقبي أحدي من النقباء الاثنى عشر ، وله خمس مناقب فصلى عليه لكل منقبة صلاة.

وفي خبر أبي بصير عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : كبّر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على حمزة سبعين تكبيرة ، وكبر علي عليه‌السلام عندكم على سهل بن حنيف خمسا وعشرين تكبيرة كلما أدركه الناس قالوا : يا أمير المؤمنين لم ندرك الصلاة على سهل ، فيضعه ويكبّر حتى انتهى الى قبره خمس مرات.

فتبيّن رجحان الصلاة بظهور الفتوى وكثرة الاخبار. وقال الفاضل : ان خيف على الميت كره تكرار الصلاة والا فلا (١) انتهى كلام الذكرى.

وما عدّه حسن الطريق عن الحلبي فهو صحيح الطريق عندي ، والفتوى عندي على استحباب التكرار لشرف الرجل ، أو تلا حق من لم يدرك الصلاة على الجنازة والجواز على كراهية عند فقد السبب والتحريم اذا خيف على الميت ظنا قويا يتأخم علما عاديا.

ومن طريق العامة : أن عليا عليه‌السلام كرر الصلاة على سهل بن حنيف ستا (٢).

قلت : كل منها بخمس تكبيرات فيكون على هذه الرواية قد كبّر عليه‌السلام عليه ثلاثين تكبيرة ، وقوم من علماء العامة يحملونها على أربع وعشرين ، زعما منهم أن كلا منها كانت بأربع تكبيرات.

قال في الذكرى : تجب فيها خمس تكبيرات لخبر زيد بن أرقم أنه كبر على جنازة خمسا وقال : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يكبرها أوردها مسلم وأكثر المسانيد ، ولفظ كان يشعر بالدوام والاربع وان رويت فالاثبات مقدم على النفي ، وجاز أن يكون راوي‌

__________________

(١) الذكرى : ٥٦‌

(٢) راجع جامع الاصول وذيله : ٧ / ١٤٣‌

١٦٦

______________________________________________________

الاربع لم يسمع الخامسة أو نسيها. قال بعض العامة الزيادة ثابتة عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والاختلافات المنقولة في العدد من جملة الاختلافات في المباح والكل سائغ ، وفي كلام بعض شراح مسلم انما ترك القول بالخمس لأنه صار علما للتشيع ، وهذا عجيب وأما الاصحاب فمتفقون على ذلك وبه أخبار كثيرة.

قلت : عني ببعض العامة ابن شريح من الشافعية وكذلك الرافعي فانه قال : الاكثر على أن الزيادة لا تبطل لثبوتها عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الا ان الاربع استقر أمر الصحابة عليها ، وكلام النووي أيضا قريب من ذلك.

وعني ببعض شراح مسلم المازري وهو شيخهم الفقيه الامام المتقدم أبو عبد الله محمد بن علي التميمي المازري قال في شرح صحيح مسلم : ان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كبّر أربعا ، وفي حديث آخر ، ان زيدا كبر خمسا على جنازة وقال : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يكبرها وقد قال به بعض الناس ، وهذا المذهب الان متروك ، لان ذلك صار علما على القول بالرفض.

وفي الاخبار من طريق الاصحاب عن أبي بصير عن الصادق عليه‌السلام ومن طريقهم عن أم سلمة كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم اذا صلى على ميت كبر وتشهد ثم كبر وصلى على الانبياء ودعا ، ثم كبر ودعا للمؤمنين ، ثم كبر الرابعة ودعا للميت ، ثم كبر وانصرف ، فلما نهاه الله عن الصلاة على المنافقين كبر وتشهد ، ثم كبر فصلى على النبيين ، ثم كبر ودعا للمؤمنين ، ثم كبر الرابعة وانصرف ولم يدعو للميت (١).

قال في الذكرى : وفي خبر عبد الله بن سنان عن الصادق عليه‌السلام ان هبة الله صلى على أبيه آدم وكبر خمسا ، وانها سنة جارية في ولده الى يوم القيامة ، وروى هشام بن سالم عنه عليه‌السلام كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يكبر على قوم خمسا وعلى قوم أربعا ، فاذا كبر على رجل أربعا اتهم يعني بالنفاق ، ومثله روى اسماعيل بن همام عن أبي الحسن عليه‌السلام ،

__________________

(١) جامع أحاديث الشيعة : ٣ / ٢٩٤‌

١٦٧

______________________________________________________

وروى اسماعيل بن سعد الاشعري عن الرضا عليه‌السلام ، أما المؤمن فخمس تكبيرات وأما المنافق فأربع ، فهذا جمع حسن بين ما رواه العامة لو كانوا يعقلون الى هنا كلام الذكرى (١).

أبو أيوب الانصارى‌

اسمه خالد بن زيد ، ذكره المسعودى في مروج الذهب ، والعلامة في الخلاصة (٢) ، وهو أنصاري مشكور من السابقين الذين رجعوا الى أمير المؤمنين عليه‌السلام وسيجي‌ء في ذكر السابقين ومن الذين شهدوا لأمير المؤمنين عليه‌السلام أنهم سمعوا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول يوم غدير خم : « من كنت مولاه فعلي مولاه » ، وسيجي‌ء في ترجمة البراء بن عازب وأنس بن مالك ، وقد نزل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم منزله بالمدينة أول قدومه في الهجرة.

قال الشيخ في كتاب الرجال في باب من روى عن النبي (ص) من الصحابة : خالد بن زيد الانصاري (٣).

ثم ذكره في أصحاب أمير المؤمنين عليه‌السلام وقال : خالد بن زيد مدني عربي خزرجي يكنى أبا أيوب الانصاري من الخزرج (٤).

وقال الحسن بن داود : أبو أيوب خالد بن زيد الانصاري في ي جخ كش : عظيم الشأن (٥).

وقال الذهبي في مختصره : خالد بن زيد أبو أيوب انصاري بدري جليل ، عنه جبير بن نفير وأبو سلمة وعروة ، وفد على ابن عباس البصرة فقال : اني أخرج‌

__________________

(١) الذكرى : ٥٨‌

(٢) الخلاصة : ٦٥‌

(٣) رجال الشيخ : ١٨‌

(٤) رجال الشيخ : ٤٠‌

(٥) رجال ابن داود : ٣٩٢‌

١٦٨

ابو ايوب الانصارى‌

٧٦ ـ روى الحارث بن حصيرة الازدي ،

______________________________________________________

عن مسكني لك كما خرجت عن مسكنك لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فأعطاه ذلك بما حوى وعشرين ألفا وأربعين عبدا ، مات ٥١.

قوله رحمه الله تعالى : روى الحارث بن حصيرة الازدى‌

في أكثر النسخ (١) « نصير » بالنون قبل الصاد ، وهو تصحيف من غلط الناسخين ولم يتفطن القاصرون لفساد ذلك مع شدة ظهوره من وجوه عديدة.

والصواب الحارث بن حصيرة بفتح الحاء وكسر الصاد المهملتين والراء بعد الياء المثناة من تحت والهاء أخيرا ، وربما يذكر باسقاط الهاء.

وهو أبو نعمان الازدي الكوفي التابعي من أصحاب أمير المؤمنين عليه‌السلام وبقي الى زمن أبي جعفر الباقر وأبي عبد الله الصادق وروى عنهما عليهما‌السلام ، ثقه جليل مطعون عند العامة بالتشيع والرفض.

قال في القاموس في ح ص ر : والحارث بن حصيرة محدث (٢).

والشيخ رحمه الله تعالى في كتاب الرجال قال في أصحاب أمير المؤمنين عليه‌السلام الحارث بن حصيرة (٣).

وقال في أصحاب أبي جعفر الباقر عليه‌السلام : الحارث بن حصير ـ بغير هاء ـ الازدي تابعي أبو النعمان كوفي (٤).

وفي أصحاب أبي عبد الله الصادق عليه‌السلام قال : الحارث بن حصيرة ـ باثبات الهاء ـ أبو النعمان الازدي كوفي تابعي (٥).

__________________

(١) كما في المطبوع من رجال الكشى بجامعة مشهد.

(٢) القاموس : ٢ / ٩‌

(٣) رجال الشيخ : ٣٩‌

(٤) رجال الشيخ : ١١٨ وفيه حصين بدل حصير.

(٥) رجال الشيخ : ١٧٨‌

١٦٩

عن أبي صادق ،

______________________________________________________

وقال أبو عبد الله الذهبي من العامة في ميزان الاعتدال : الحارث بن حصيرة الازدي أبو النعمان الكوفي ، عن زيد بن وهب وعكرمة وطائفة ، وعنه مالك بن مغول وعبد الله بن نمير وطائفة.

قال أبو احمد الزبيري : كان يؤمن بالرجعة. وقال يحيى بن معين : ثقة خشبي ينسبون الى خشبة زيد بن علي لما صلب عليها. وقال النسائي ثقة وقال ابن عدي : يكتب حديثه على ضعفه ، وهو من المتحرفين بالكوفة في التشيع. وقال ربيح : سئلت جريرا أرأيت الحارث بن حصيرة؟ قال : نعم رأيته شيخا كبيرا طويل السكوت يصر على أمر عظيم (١).

عباد بن يعقوب الرواجني حدثنا عبد الله بن عبد الملك المسعودي عن الحارث ابن حصيرة عن زيد بن وهب سمعت عليا يقول : أنا عبد الله وأخو رسوله لا يقولها بعدي الا كذاب.

وروى الحارث عن أبي سعيد عقيصا عن علي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : مهما ضيعتم فلا تضيعوا الصلاة : وقال أبو حاتم الرازي هو من الشيعة العنق (٢) لو لا الثوري روى عنه لترك انتهى كلام الذهبي.

قوله رحمه الله تعالى : عن أبى صادق‌

أبو صادق هذا هو كيسان بن كليب الحرمي ، ويقال له : أبو عاصم وهو من أصحاب أمير المؤمنين وأبي محمد الحسن وأبي عبد الله الحسين عليهم‌السلام ، ذكره البرقي في عداد أصحاب أمير المؤمنين عليه‌السلام من اليمن (٣) وأورده العلامة في الخلاصة نقلا‌

__________________

(١) أى على سب الشيخين.

(٢) العنق بضمتين اما بالنون بمعنى الرؤساء الكبار ، أو بالتاء المثناة من فوق جمع العتيق بمعنى القديم « منه » ‌

(٣) رجال البرقى : ٦‌

١٧٠

______________________________________________________

عنه قال : وأبو صادق كليب الحرمي بالحاء المهملة والراء والميم (١).

والشيخ رحمه الله تعالى في كتاب الرجال قال في باب من عرف بكنيته أو بقبيلته من أصحاب أمير المؤمنين عليه‌السلام : أبو صادق ، وهو أبو عاصم بن كليب الحرمي عربي كوفي (٢).

وقال في أصحاب أبي محمد الحسن بن علي عليهما‌السلام : كيسان بن كليب يكنى أبا صادق (٣) :

وكذلك في أصحاب أبي عبد الله الحسين بن علي عليهما‌السلام قال : كيسان بن كليب يكنى أبا صادق (٤).

في جامع الاصول : كيسان بفتح الكاف وسكون الياء تحتها نقطتان وبالسين المهملة.

ولنا أيضا في أصحاب أمير المؤمنين عليه‌السلام : أبو صادق الازدي عبد خير بن ناجد ، وفي أصحاب أبي عبد الله الحسين من أصحاب أمير المؤمنين عليهما‌السلام ، أبو صادق بشر بن غالب الاسدي الكوفي.

ذكر هما الشيخ أيضا في كتاب الرجال في أصحاب أبي جعفر الباقر عليه‌السلام : ربيعة بن ناجد بن كثير أبو صادق الكوفي ، روى عنه وعن أبي عبد الله عليهما‌السلام (٥). وفي أصحاب أمير المؤمنين عليه‌السلام : ربعية بن ناجد الاسدي الازدي عربي كوفي (٦).

وفي مختصر الذهبي : أبو صادق الازدي مسلم. وقيل : عبد الله بن ناجد ،

__________________

(١) الخلاصة : ١٩٤‌

(٢) رجال الشيخ : ٦٣ وفيه الجرمى بدل الحرمى‌

(٣) رجال الشيخ : ٧٠‌

(٤) رجال الشيخ : ٧٩‌

(٥) رجال الشيخ : ١٢١‌

(٦) رجال الشيخ : ٤١‌

١٧١

عن محمد بن سليمان قال : قدم علينا أبو أيوب الانصاري فنزل ضيعتنا يعلف خيلا له ، فآتيناه فأهدينا له ، قال ، قعدنا عنده فقلنا يا أبا ايوب قاتلت المشركين بسيفك هذا مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ثم جئت تقاتل المسلمين؟ فقال : ان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أمرني بقتال القاسطين‌

______________________________________________________

عن على وأخيه ربيعة ، وعنه الحكم وشعيب بن جنحاب وثق ، وقيل ـ لم يلق عليا.

واما عبد خير الخيواني الهمداني من خواص أمير المؤمنين عليه‌السلام فهو غير عبد خير أبي صادق الازدي.

وقد ذكره الشيخ أيضا في كتاب الرجال (١).

وفي ترجمته قال في جامع الاصول : يقال : أدرك زمن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الا انه لم يلقه وصحب عليا ، وهو من كبار أصحابه ثقة مأمون سكن الكوفة ، يقال : أتى عليه مائة وعشرون سنة.

وقال الذهبي : عبد خير الهمداني عن أبي بكر وعلي ، وعنه أبو اسحاق وحصين ثقة محضرم (٢).

قوله رحمه الله تعالى : عن محمد بن سليمان‌

وهو محمد بن سليمان الذي يروي عن أبي امامة أسعد بن سهل بن حنيف.

قال في جامع الاصول : واسم أبي امامة أسعد بن سهل بن حنيف الانصاري الاوسي المدني سمع أباه ، روى عنه مالك بن أنس.

وذكره الذهبي في مختصره وقال : وثق.

وأبو امامة هذا من أصحاب أمير المؤمنين عليه‌السلام وهو صحابي‌

قال الشيخ في كتاب الرجال : أبو امامة له صحبة ، وكان معاوية وضع عليه الحرس لئلا يهرب الى علي عليه‌السلام (٣).

__________________

(١) رجال الشيخ : ٥٣ وفيه الخيرانى بالراء المهملة.

(٢) أى سكن حضرموت‌

(٣) رجال الشيخ : ٦٥‌

١٧٢

والمارقين والناكثين ، فقد قاتلت الناكثين وقاتلت القاسطين ، وأنا نقاتل إن شاء الله بالمسعفات بالطرقات بالنهروانات ،

______________________________________________________

وفي طبقته محمد بن سليمان بن أبي جثمة.

ذكره الذهبي أيضا وقال : عن أبيه وعمه سهل ، وعنه ابن اسحاق وغيره وثق.

وفي بعض النسخ عن محمد بن سلمة ، وليس بصحيح لبعد طبقته عن أبي صادق ، فانه لو كان لكان محمد بن سلمة الحراني لكونه أقرب من غيره ، وهو أيضا بعيد الطبقة منه.

قال الذهبي : في معناه سمع ابن عجلان وابن اسحاق ، وعنه أحمد قال ابن سعد : ثقة عالم له فضل ورواية وفتوى مات ١٩٢.

قوله رضى الله تعالى عنه : وانا نقاتل إن شاء الله بالمسعفات بالطرقات بالنهروانات‌

باء بالمسعفات ظرفية بمعنى في ، أي في أراضي القرى المسعفات ، وهي في أكثر النسخ بالميم المضمومة ثم السين المهملة الساكنة قبل العين المهملة المكسورة ثم الفاء ، على اسم الفاعل من باب الافعال الغير المتعدي في معنى الاصل المجرد ، أي المصقبات الدانيات من الطرقات ، على استعمال الباء في معنى « من » الاتصالية أو الابتدائية أو التبعيضية ، كما في التنزيل الكريم ، عينا يشرب بها عباد الله » (١) ( وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ ) (٢). ‌

قال في أساس البلاغة : أسعفته بحاجته قضيتها له وأسعفت الحاجة حانت وأسعفت الدار بفلان أصقبت وهو يساعدني على ذلك ويسافعني به ، وفلان قد ساعده جده وساعفته الدنيا وتقول : الدنيا لك شاعفة الا انها غير مساعفة (٣).

__________________

(١) سورة الانسان : ٦‌

(٢) سورة المائدة : ٦‌

(٣) أساس البلاغة : ٢٩٧‌

١٧٣

______________________________________________________

وقال : صقبت داره صقبا دنت : وفي الحديث. المرء أحق بصقبه وأصقب الله داره أدناها ، وأصقبت داره بمعنى صقبت ، وداره صقب مني وداره أصقب من داره ، وأتي علي رضي‌الله‌عنه بقتيل وجد بين قريتين فحمله على أصقب القريتين اليه ، وصاقبه صقابا قاربه وواجهه (١).

وفي القاموس : سعف بحاجته كمنع وأسعف قضاها له وأسعف دنا وله الصيد أمكنه وباهله ألم ، والتسعيف تخليط المسك ونحوه بأفاويه الطيب وساعفه ساعده أو وأتاه في مصافاة ومعاونة ، ومكان مساعف قريب (٢).

و « الطرقات » بضمتين جمع الجمع للطريق والجمع الاطرقة والطرق.

و « النهروانات » هي مواضع وقرى قريبة من بلدة نهروان.

قال في القاموس : والنهروان بفتح النون وتثليث الراء وبضمهما ثلاث قرى أعلا وأوسط وأسفل هي بين واسط وبغداد (٣).

وفي الصحاح : ونهروان ـ بفتح النون والراء ـ بلد ، والمنهرة فضاء يكون بين أفنية القوم يلقون فيها كناستهم (٤).

وفي كتاب المساحة والبلدان للفاضل البيرجندي : نهروان بفتح النون سكون الهاء وضم الراء وو او بعدها ألف ونون بلد قديم قريب بغداد منه الى دجلة أربعة فراسخ.

وقال في المغرب : في الحديث « تقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين » هم الذين نكثوا البيعة أي نقضوها واستزلوا عائشة وساروا بها الى البصرة على جمل اسمه عسكر ، ولهذا سميت الوقعة يوم الجمل ، والقاسطون معاوية وأشياعه لا نهم قسطوا‌

__________________

(١) أساس البلاغة : ٣٥٨‌

(٢) القاموس : ٣ / ١٥٢‌

(٣) القاموس : ٢ / ١٥٠‌

(٤) الصحاح : ٢ / ٨٤٠‌

١٧٤

______________________________________________________

أي حاروا حين حاربوا امام الحق ، والوقعة تعرف بيوم صفين ، واما المارقون فهم الذين مرقوا أي خرجوا من دين الله واستحلوا (١) القتال مع خليفة رسول الله ، وهم عبد الله بن وهب الراسبي وحرقوص بن زهير البجلي المعرف بـ « ذي ثدية » وتعرف تلك الوقعة بيوم النهروان ، وهي من أرض العراق على أربعة فراسخ من بغداد انتهى كلام المطرزي بعبارته.

وفي نسخ معدودات « بالسعفات » أي في أرض ذات السعفات بالتحريك جمع السعف محركة ، والباءات كلها للظرفية.

قال في المغرب : السعف ورق جريد النخل الذي تسف منه الزبل والمراوح وعن الليث أكثر ما يقال له السعف اذا يبس ، واذا كانت رطبة فهي الشطبة ، وقد يقال للجريد نفسه سعف الواحد سعفة.

وفي الصحاح : السعفة بالتحريك غصن النخل والجمع سعف (٢).

ويعاضد هذه النسخة أن الخوارج لعنهم الله كانوا بالرميلة اذ أشرف أمير المؤمنين عليه‌السلام فقاتلهم وقتلهم ثم عسكر عليه‌السلام بالنخيلة ، كلاهما على التصغير.

قال في القاموس : كجهينة موضع بالبادية وموضع بالعراق فيه قاتل علي عليه‌السلام الخوارج (٣).

قال المسعودي رحمه الله تعالى في مروج الذهب : ان رسول الخوارج الى علي عليه‌السلام أخبر أن القوم قد عبروا نهر طخارستان (٤) ، وهذا النهر عليه قنطرة تعرف بقنطرة طخارستان الى هذا الوقت بين حلوان وبغداد من جادة طخارستان ، فقال علي عليه‌السلام : والله ما عبروا ولا يقطعونه حتى نقتلهم بالرميلة دونه.

__________________

(١) أى استحلوا مقاتلته عليه‌السلام « منه » ‌

(٢) الصحاح : ٤ / ١٣٧٤‌

(٣) القاموس : ٤ / ٥٥‌

(٤) وفي المصدر كلها طبرستان‌

١٧٥

وما أدري أنّى هي.

______________________________________________________

ثم تواترت عليه الاخبار بقطعهم هذا النهر وعبورهم هذا الجسر ، وهو يأبى ذلك ويحلف أنهم لم يعبروه وأن مصارعهم دونه ، ثم قال : سيروا الى القوم فو الله لا يفلت منهم الا عشرة ولا تقتل منكم الا عشرة فسار علي عليه‌السلام فأشرف عليهم وقد عسكروا بالموضع المعروف بالرميلة على حسب ما قال لأصحابه.

فلما أشرف عليهم قال : الله أكبر صدق الله ورسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فتصاف القوم فوقف عليهم عليه‌السلام بنفسه فدعاهم الى الرجوع والتوبة ، فأبوا ورموا أصحابه ، ثم بعد ذكر القتال وقتلهم عن آخرهم إلا عشرة منهم وقتل مخدج وصفته ووقوع كل ما أخبر به علي عليه‌السلام على طباق ما قد أخبر به عليه‌السلام.

قال : فعسكر عليه‌السلام بالنخيلة فجعل أصحابه يتسللون ويلحقون بأوطانهم ، فلم يبق معه الا نفر يسير (١).

قوله رضي‌الله‌عنه : وما أدرى أنى هى‌

أنّى بفتح الهمزة وتشديد النون المفتوحة بعدها ظرفية ، أي ما أدري أين تكون هذه المسعفات الصاقبات من الطرقات أو أين تكون هذه السعفات أي جرائد النخل بالطرقات.

وفي بعض النسخ « أي هي » بالياء المشددة المنونة بالرفع بعد الهمزة المفتوحة أي ما أدري أيّ مكان هي.

في مروج الذهب : ان أول من قاتل من أصحاب أمير المؤمنين عليه‌السلام يوم النهروان أبو أيوب الانصاري حمل على زيد بن حصين من الخوارج فقتله (٢) ،

__________________

(١) مروج الذهب : ٢ / ٤٠٥ ـ ٤٠٧‌

(٢) مروج الذهب : ٢ / ـ ٤٠٦‌

١٧٦

٧٧ ـ وسئل الفضل بن شاذان عن أبي أيوب خالد بن زيد الانصاري وقتاله مع معاوية المشركين؟ فقال : كان ذلك منه قلة فقه وغفلة ، ظن أنه انما يعمل عملا لنفسه يقوي به الإسلام ويوهي به الشرك وليس عليه من معاوية شي‌ء كان معه أو لم يكن‌

______________________________________________________

قوله رحمه الله تعالى : كان ذلك منه قلة فقه‌

« كان » اما ناقصة و « قلة فقه » نصب على الخبر ، أو تامة ، ونصب « قلة فقه » على التمييز.

و « غفلة » منونة بالنصب عطفا على قلة فقه ، اما على الخبر بعد الخبر ، أو على التميز ، أو الواو بمعنى أو ، أي وقع ذلك منه اما من جهة قلة الفقه أو من جهة الغفلة.

و « ظن أنه » الخ جملة فعلية بيانا للغفلة وقلة الفقه.

و « يوهي » بضم ياء المضارعة وكسر الهاء على البناء للفاعل من باب الافعال يقال : وهي يهي وهيا أي ضعف ، وأوهاه غيره يوهيه إيهاء أي أضعفه.

وفي نسخة « يوهن » بالنون من الوهن بمعنى الضعف أيضا يتعدي ولا يتعدي يقال : وهن اذا وهي وضعف ، وأوهنتهم الحمى ، ووهنتهم أيضا أي أوهنتهم وأضعفتهم.

في ابن مسعود وحذيفه ومنزلتهما‌

هو أبو عبد الرحمن عبد الله بن مسعود من كبار الصحابة ، ذكر نسبه بما فيه من الاقوال في جامع الاصول ثم قال : وكان أبوه مسعود قد حالف في الجاهلية عبد الله بن الحارث بن زهرة ، وكان اسلام عبد الله قديما في أول الإسلام قبل دخول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم دار الارقم وقبل عمر بزمان ، وقيل : كان سادسا في الإسلام ثم ضمه اليه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

وكان من خواصه ، وكان صاحب سر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وسواكه ونعليه وظهوره في السفر ، هاجر الى الحبشة وشهد بدرا وما بعدها من المشاهد ، وصلى الى القبلتين وشهد له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الجنة وقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : رضيت لأمتي ما رضي لها ابن‌

١٧٧

حذيفة وعبد الله بن مسعود‌

٧٨ ـ وسأل عن ابن مسعود وحذيفة؟ فقال : لم يكن حذيفة مثل ابن مسعود

______________________________________________________

أم عبد ، وسخطت لها ما سخط لها ابن أم عبد (١).

وكان خفيف اللحم قصيرا شديد الادمة ، يكاد طوال (٢) الرجل يوازيه جلوسا ولي القضاء بالكوفة وبيت مالها لعمر وصدرا من خلافة عثمان ، ثم صار الى المدينة فمات بها سنة اثنين وثلاثين ، ودفن بالبقيع ، وله بضع وستون سنة.

حذيفة بن يمان أبو عبد الله العبسي من عظماء الصحابة ومن الاركان الاربعة في الاستقامة مع علي عليه‌السلام بعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على قول ، وقد أسلفنا ترجمته وما ينبغي أن يذكر في معناه (٣).

واليمان اسمه حسيل بن جابر بن ربيعة العبسي ، حسيل بضم الحاء وفتح السين المهملتين واسكان الياء المثناة من تحت واللام أخيرا ، حالف بني عبد الاشهل فسماه قومهم يمان ، لأنه حالف اليمانية ، فحذيفة يعد من حلفاء الانصار.

وخرج حذيفة هو وأبوه فأخذهما كفار قريش فقالوا : انكما تريدان محمدا فقالا : ما نريد الا المدينة ، فأخذوا منهما عهد الله ان لا يقاتلا مع النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأن ينصرفا الى المدينة.

فأتيا النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فأخبراه وقالا : ان شئت قاتلنا معك قال : بل نفي ونستعين الله عليهم ففاتتهما بدر ، وشهد حذيفة أحدا وما بعدها ، ومات بعد قتل عثمان بأيام يسيرة بعد أن بايع أمير المؤمنين عليه‌السلام وهو بالكوفة وعلي عليه‌السلام بالمدينة وقد بويع له.

قوله رحمه الله تعالى : لم يكن حذيفة مثل ابن مسعود‌

لان حذيفة كان ركنا بضم الراء واسكان الكاف قبل النون ، أي كان ركنا من‌

__________________

(١) رواه ابن عبد البر في الاستيعاب : ٢ / ٣١٩‌

(٢) اى الطويل من الرجال قال في القاموس : طال طولا بالضم امتد كاستطال فهو طويل وطوال كغراب وهى ـ اى يقال للمؤنث طويلة بالهاء ـ بهاء « منه » ٤ / ٩‌

(٣) أى في شأنه وأمره أو معناه اللغوى‌

١٧٨

لان حذيفة كان ركنا وابن مسعود خلط ووالى القوم ومال معهم وقال بهم ، وقال أيضا :

______________________________________________________

الاركان الاربعة بالاستقامة في موالاة علي بن أبي طالب عليه‌السلام ومتابعته ومطاوعتة اياه بعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وهذا أحد القولين ، وقد نقله الشيخ رحمه الله تعالى في كتاب الرجال (١)

والقول الاشهر أن رابع الاركان عمار بن ياسر مكان حذيفة بن يمان رضي الله تعالى عنهما.

قوله رحمه الله تعالى : وابن مسعود خلط ووالى القوم ومال معهم وقال بهم‌

« خلط » بتشديد اللام من التخليط ، « ووالى القوم » أي أظهر موالاتهم ، « ومال معهم » أي حاص معهم عن طريق الحق ، وحاد عن سواء السبيل ، كما حاصوا وحادوا « وقال بهم » أي أذعن لهم وانقاد في ظاهر الامر.

وقد ورد الاخبار وصح أن ابن مسعود قد رجع عما وقع منه وتندم وتظاهر بالتندم عليه.

ومن ذلك ما رواه الحاكم صاحب المستدرك على الصحيحين وشواهد التنزيل والحافظ أبو نعيم صاحب حلية الاولياء وابن عبد البر صاحب الاستيعاب وأبو بكر ابن مردويه وأبو عبد الله بن السراج ورهط غيرهم بأسانيد معتبرة عن عبد الله بن مسعود قال : قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يا بن مسعود انه قد نزلت في علي آية ( وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً ) (٢) وأنا مستودعكها ومسم لك خاصة الظلمة ، لكن لا أقول واعيا وعني له مؤديا ، من ظلم عليا مجلسي هذا فهو كمن جحد نبوتي ونبوة من كان قبلي.

فقال له الراوي : يا أبا عبد الرحمن أسمعت هذا من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم؟! قال : نعم قلت له : كيف؟ وأتيت الظالمين ، قال : لا جرم جليت عقوبة عملي وذلك أني‌

__________________

(١) رجال الشيخ : ٣٧‌

(٢) سورة الانفال : ٢٥‌

١٧٩

______________________________________________________

لم استأذن امامي كما استأذنه جندب وعمار وسلمان وأنا أستغفر الله وأتوب اليه (١).

ولهذا الحديث طرق متظافرة عن غير ابن مسعود من طريق ابن عباس ومن طريق عمار بن ياسر ومن طريق أبي ذر ومن عداهم من كبار الصحابة رضي الله تعالى عنهم ، قد أوردناها ونقلناها عن العامة والخاصة في كتاب شرح التقدمة.

و « أتيت » من المواتاة بمعنى المجازات والمماشاة والمساعفة والمساعدة.

و « جليت » بضم الجيم وتشديد اللام المكسورة على البناء للمفعول ، وأصله جلّلت بلامين مشددة مكسورة وأخرى بعدها ساكنة فاجتمعت ثلاث لا مات فقلبت الاخيرة منها ياء ، كما في التظني والتقضي ومشاكلتهما.

و « عقوبة عملي » منصوبة على أنها منزوعة الخافض.

والمعنى : غطيت بعقوبة عملي فشملتني وعمتني عقوبة ذلك ، كما يشمل الثوب البدن ويغطيه ويعمه.

قال في أساس البلاغة : وجلّله غطاه ، وتجلّل بثوبه تغطي به ، ومن المجاز تجلّله الهم والمرض (٢).

وفي الصحاح : وجلل الشي‌ء تجليلا أي عم ، والمجلل السحاب الذي يجلل الارض بالمطر أي يعم ، وتجليل الفرس أن تلبسه الجل ، وتجلله أي علاه ، وتجلله أي أخذ جلاله (٣).

__________________

(١) شواهد التنزيل : ١ / ٢٠٦ رواه عن طرق مختلفة ، والطرائف : ٣٦ والبحار ٣٨ / ١٥٥‌

(٢) أساس البلاغة : ٩٨‌

(٣) الصحاح : ٤ / ١٦٦٠‌

١٨٠