إختيار معرفة الرّجال - ج ١

أبي جعفر محمّد بن الحسن بن علي بن الحسن الطّوسي [ شيخ الطائفة ]

إختيار معرفة الرّجال - ج ١

المؤلف:

أبي جعفر محمّد بن الحسن بن علي بن الحسن الطّوسي [ شيخ الطائفة ]


المحقق: السيد مهدي الرجائي
الموضوع : رجال الحديث
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤١٦
الجزء ١ الجزء ٢

قال : فأجابه عمار كما قال : فغضب عثمان من ذلك فلم يستطيع أن يقول لعلي شيئا. فقال لعمار يا عبد يا لكع! ومضى. فقال علي عليه‌السلام لعمار رضيت بما قال لك ، ألا تأتي النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فتخبره ، قال ، فأتاه فأخبره ، فقال يا نبي الله ان عثمان قال لي يا عبد يا لكع ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من يعلم ذلك؟ فقال علي. فدعاه وسأله ، قال ، فقال له كما قال عمار ، فقال لعلي عليه‌السلام اذهب فقال له حيث ما كان يا عبد يا لكع أنت القائل لعمار يا عبد يا لكع ، فذهب علي عليه‌السلام فقال له ذلك ثم انصرف.

٦١ ـ جعفر بن معروف ، قال حدثني محمد بن الحسن ، عن جعفر بن بشير ، عن حسين بن أبي حمزة ، عن أبيه أبي حمزة ، قال والله اني لعلى ظهر بعيري بالبقيع اذ جاءنى رسول فقال : أجب يا أبا حمزة ، فجئت وأبو عبد الله عليه‌السلام جالس ، فقال اني لاستريح اذا رأيتك ، ثم قال : ان أقواما يزعمون أن عليا عليه‌السلام

______________________________________________________

و « عرض بوجهه » بالتشديد ، أي أعرض على التفعيل بمعنى الافعال ، وفي بعض النسخ « أعرض ».

قوله عليه‌السلام : فقال لعمار : يا عبد يا لكع‌

في الصحاح : رجل لكع أي لئيم ، ويقال : هو العبد الذليل النفس ، وامرأة لكاع مثل قطام ، تقول في النداء : يا لكع للاثنين يا ذوي لكع (١).

قوله رحمه الله تعالى : جعفر بن معروف قال : حدثنى‌

السند صحيح نقي ، ومحمد بن الحسن هو ابن أبي الخطاب ، وجعفر بن بشير هو قفة العلم ، وحسين بن أبي حمزة هو ابن أبي حمزة الثمالي ، عن أبيه أبي حمزة ثابت بن دينار أبي صفية.

قوله عليه‌السلام : ان أقواما يزعمون‌

يعني عليه‌السلام بهم الزيدية المشرطين في الامامة الخروج بالسيف.

__________________

(١) الصحاح : ٣ / ١٢٨٠‌

١٤١

لم يكن اماما حتى شهر سيفه ، خاب اذا عمار وخزيمة بن ثابت وصاحبك أبو عمرة ، وقد خرج يومئذ صائما بين الفئتين بأسهم فرماها قربي يتقرب بها الى الله تعالى حتى قتل ، يعني عمارا.

______________________________________________________

قوله عليه‌السلام : حتى شهر سيفه‌

في الصحاح وغيره : شهر سيفه يشهره شهرا : أي سله (١).

وفي المغرب : أشهره بمعنى شهره غير ثبت.

قوله عليه‌السلام : خاب اذن عمار وخزيمة بن ثابت وصاحبك أبو عمرة‌

وكذلك أبو ذر وسلمان والمقداد وحذيفة وغيرهم من السابقين ، اذ كان علي عليه‌السلام امامهم حين اذ لم يشهر سيفه.

قوله عليه‌السلام : وقد خرج يومئذ صائما بين الفئتين بأسهم‌

أي قائما واقفا ثابتا للقتال ، من الصوم بمعنى القيام والوقوف يقال : صام الفرس صوما أي قام على غير اعتلاف ، وصام النهار صوما اذا قام قائم الظهيرة واعتدل ، والصوم ركود الريح ، ومصام الفرس ومصامته موقفه.

والصوم أيضا الثبات والدوام والسكون والسكوت وماء صائم ودائم وقائم وساكن بمعنى.

والباء في بأسهم للملابسة والمصاحبة. أو خرج بين الفئتين وكان صائما من الصوم المصطلح بمعنى الصيام الشرعي ، والباء أيضا للملابسة.

أو من الصوم بمعنى البيعة ، أي خرج مبايعا على بذل المهجة في سبيل الله ، أو خرج بين صفي الفئتين راميا بأسهم ، من قولهم صام النعام أي رمى بذرقه وهو صومه ، فالباء أيضا للصلة أو للدعامة ، فقد جاء الصوم بهذه المعاني كلها في الصحاح وأساس البلاغة والمعرب والمغرب والقاموس والنهاية (٢).

__________________

(١) الصحاح : ٢ / ٧٠٥‌

(٢) أساس البلاغة : ٣٦٥ ونهاية ابن الاثير : ٣ / ٦١‌

١٤٢

٦٢ ـ ومن طريق العامة : خلف بن محمد الملقب بمنان الكشي ، قال حدثنا محمد بن حميد ، قال حدثنا أبو نعيم ، قال حدثنا سفيان ، عن سلمة ، عن مجاهد ، قال رآهم وهم يحملون حجارة المسجد فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ما لهم ولعمار يدعوهم الى الجنة ويدعونه الى النار ، وذاك دار الاشقياء الفجار.

٦٣ ـ خلف بن محمد ، قال حدثنا عبيد بن حميد ، قال حدثنا هاشم بن القاسم ، قال حدثنا شعبة ، عن اسماعيل بن أبي خالد ، قال سمعت قيس بن أبي حازم ، قال ، قال عمار بن ياسر : ادفنوني في ثيابي فاني مخاصم.

٦٤ ـ خلف بن محمد ، قال حدثنا عبيد بن حميد قال أخبرنا أبو نعيم ، قال حدثنا سفيان ، عن حبيب ، عن أبي البختري ، قال : أتي عمار يومئذ بلبن ، فضحك ،

______________________________________________________

قوله : رآهم‌

يعني رآهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهم يحملون حجارة المسجد فأعجبه اهتراز عمار واخلاصه في العمل ، فكأنه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم استذكر ما كان يعلمه بالوحي من أمر الخلافة بعده وما يصيب عمارا في قتال الفئة الباغية فاستحضر الحال فقال : ما لهم ولعمار يدعوهم الى الجنة ويدعونه الى النار ، يعني بهم الفئة الباغية من القاسطين.

قوله رحمه الله تعالى : عن حبيب‌

قال أبو عبد الله الذهبي من علماء العامة في ميزان الاعتدال : حبيب بن أبي ثابت من ثقاة التابعين.

وقال في مختصره في الرجال : حبيب بن أبي ثابت الاسدي عن ابن عباس وزيد بن أرقم ، وعنه شعبة وسفيان وأمم ، كان ثقة مجتهدا فقيها مات ١١٩.

قوله رحمه الله تعالى : عن أبى البخترى‌

اسمه سعيد بن فيروز على الاشهر ، ذكره البرقي في أصحاب علي عليه‌السلام من‌

١٤٣

ثم قال : قال لي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم آخر شراب تشربه من الدنيا مذقة من لبن حتى تموت.

______________________________________________________

اليمن (١) ونقله عنه في الخلاصة (٢).

وقال الشيخ في كتاب الرجال في باب السين المهملة من أسماء من روى عن أمير المؤمنين عليه‌السلام : سعد بن عمران ويقال سعد بن فيروز كوفي مولى ، كان خرج يوم الجماجم مع ابن الاشعث يكنى أبا البختري (٣).

وقال أبو عبد الله الذهبي : أبو البختري بفتح الموحدة والمثناة من فوق بينهما معجمة ساكنة سعيد بن فيروز الطائي مولاهم الكوفي ، قال : حبيب بن أبي ثابت كان أعلمنا وأفهمنا توفى ٨٣.

قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : مذقة من لبن‌

الميم فيها أصلية من جوهر الكلمة مضمومة أو مفتوحة ، على فعلة بالضم أو على فعلة بالفتح ، من الممذق بمعنى الخلط والمزج واللبن الممذوق هو الممزوج المخلوط بالماء ، والممذوق ممتزج المختلط.

قال في الفائق : (٤) المذقة الشربة من اللبن الممذوق وقال : امذقه اللبن اختلط بالماء ، ومنه رجل الممذق الممتزج المختلط.

وقال في أساس البلاغة : مذق اللبن بالماء يمذقه ومذق الشراب مزجه فأكثر ماءه ولبن مذيق وسقاني مذقا ومذقة قال أعرابي :

إذا ما أصبنا كل يوم مذيقة

وخمس تميرات صغار خوانز

فنحن ملوك الارض خصبا ونعمة

ونحن اسود الغيل عند الهزاهز

__________________

(١) رجال البرقى : ٧ ط جامعة طهران‌

(٢) الخلاصة : ١٩٤ والظاهر منها التعدد بين أبى البخترى وسعيد بن فيروز‌

(٣) رجال الشيخ : ٤٣‌

(٤) الفائق : ٣ / ٣٥٤ وفيه : أمذقه اللبن : اختلط بالماء ، ومنه رجل ممذقر : مخلوط النسب‌

١٤٤

وفي خبر آخر : أنه قال له : آخر زادك من الدنيا ضياح من لبن.

٦٥ ـ خلف بن محمد ، قال حدثنا عبيد ، قال حدثنا أبو نعيم ، قال حدثنا سفيان عن أبي قيس الاودي ، عن الهزيل ، قال : قيل للنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ان عمارا سقط عليه جدار‌

______________________________________________________

ومن المجاز : فلان يمذق الود ووده ممذوق وهو ممذوق الود (١).

وفي النهاية الاثيرية : المذق المزج والخلط ، يقال ، مذقت اللبن فهو مذيق اذا خلطته بالماء ، والمذقة الشربة من اللبن الممذوق انتهى (٢).

وفي القاصرين من يحسب الميم زائدة ، والصيغة مأخوذة من ذاق الشي‌ء يذوقه ذوقا ومذاقا ، وذلك حسبان فاسد فساده غير خاف على المتمهر.

قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : في خبر آخر ضياح من لبن‌

بفتح الضاد المعجمة والياء المثناة من تحت واهمال الحاء بعد الالف ، وهو اللبن الرقيق الممزوج ، وكذلك الضيح بالفتح ، وضيحت اللبن تضييحا وضوحته تضويحا مزجته بالماء حتى صار ضيحا وضياحا ، وضيحت فلانا وضوحته سقيته الضيح والضياح.

قوله رحمه الله تعالى : عن ابى قيس الاودى عن الهزيل :

بضم الهاء وفتح الزاء على تصغير الهزل.

قال الذهبي في مختصره : عبد الرحمن بن ثروان أبو قيس الاودي عن شريح وسويد بن غفلة وعنه صفوان وشعبة ثقة توفى ١٢٥.

وقال ابن الاثير في جامع الاصول : هزيل هو هزيل بن شرحبيل الاودي الكوفي سمع عبد الله بن مسعود ، روى عنه أبو قيس عبد الرحمن بن ثروان وطلحة بن مصرف وغير هما ، هزيل بضم الهاء وفتح الزاء. وشرحبيل بضم الشين المعجمة‌

__________________

(١) أساس البلاغة : ٥٨٦‌

(٢) نهاية ابن الاثير : ٤ / ٣١١‌

١٤٥

فمات ، فقال ان عمارا لن يموت.

٦٦ ـ خلف ، قال حدثنا فتح بن عمرو الوراق ، قال حدثنا يحيى بن آدم ، قال حدثنا اسرائيل وسفيان ، عن أبي اسحاق ،

______________________________________________________

وفتح الراء. وثروان بفتح الثاء المثلثة وبالنون ومصرف بضم الميم وفتح الصاد المهملة وتشديد الراء المكسورة.

وفي القاموس : هزيل كزبير ابن شرحبيل تابعي (١).

قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ان عمارا لن يموت‌

يعني عمارا لا يموت بل يقتل في سبيل الله تقتله الفئة الباغية ، أو أنه لن يموت أبدا لقوله سبحانه ( وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ فَرِحِينَ بِما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ ) (٢).

قوله رحمه الله تعالى : قال : حدثنا اسرائيل‌

في مختصر الذهبي وفي ميزان الاعتدال : اسرائيل بن يونس بن أبي اسحاق السبيعي أحد الاعلام ، عن جده وزياد بن علاقة وآدم بن علي ، وعنه يحيى بن آدم ومحمد بن كثير وأمم ، قال : أحفظ حديث أبي اسحاق كما أحفظ سورة من القرآن ، وقال أحمد بن حنبل : ثقة ، وقال أبو حاتم : صدوق من أتقن أصحاب أبي اسحاق توفى ١٦٢.

قوله رحمه الله تعالى : عن أبى اسحاق‌

هذا هو أبو اسحاق السبيعي اسمه عمرو بن عبد الله يروي عنه سفيان.

قال الكرماني في شرح صحيح البخاري : عمرو بن عبد الله بفتح المهملة الكوفي (٣).

__________________

(١) القاموس : ٤ / ٦٩‌

(٢) سورة آل عمران : ١٦٩‌

(٣) شرح صحيح البخارى للكرمانى : ٢٥ / ١٨٤‌

١٤٦

عن هاني بن هاني ، قال : قال علي عليه‌السلام استأذن عمار على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فعرف صوته‌

______________________________________________________

وقال ابن الاثير في جامع الاصول : هو أبو اسحاق عمرو بن عبد الله السبيعي الهمداني الكوفي رأى عليا وابن عباس واسامة بن زيد وابن عمر ، وسمع برآء بن عازب وزيد بن أرقم ، روى عنه منصور والاعمش وشعبة والثوري ، وهو تابعي مشهور كثير الرواية ، ولد لستين من خلافة عثمان ومات سنة تسع وعشرين ومائة وقيل : سنة سبع وعشرين ، السبيعي بفتح السين المهملة وكسر الباء الموحدة وبالعين المهملة.

وفي القاموس : السبيع كأمير ابن سبع أبو بطن من همدان ، منهم الامام ابو اسحاق عمرو بن عبد الله محله بالكوفة منسوبة اليهم أيضا (١).

والشيخ رحمه الله تعالى في كتاب الرجال قال في باب الكنى من أصحاب أمير المؤمنين عليه‌السلام : أبو اسحاق الهمداني (٢).

وفي باب الكنى من أصحاب أبي محمد الحسن بن علي عليهما‌السلام قال : أبو اسحاق الهمداني ، أبو اسحاق السبيعي (٣).

قلت : والظاهر المستبين أنهما واحد.

وفي باب العين من أصحاب أبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق عليهما‌السلام قال : عمر بن عبد الله بن علي أبو اسحاق الهمداني السبيعي الكوفي (٤).

قلت : ولعل اسقاط الواو من عمرو من تلقاء الناسخين لا من قلم الشيخ.

قوله رحمه الله تعالى : عن هانى بن هانى‌

عده البرقي من أصحاب أمير المؤمنين من اليمن (٥).

__________________

(١) القاموس : ٣ / ٣٦‌

(٢) رجال الشيخ : ٦٤‌

(٣) المصدر : ٧١‌

(٤) المصدر : ٢٤٦ وفيه عمرو بن عبد الله الخ‌

(٥) رجال البرقى : ٧‌

١٤٧

______________________________________________________

وكذلك ذكره الشيخ في كتاب الرجال قال في باب الهاء من أصحاب أمير المؤمنين عليه‌السلام : هاني بن هاني الهمداني كان يروي أبو اسحاق عنه (١). يعني به أبا اسحاق السبيعي (٢).

وقال الحسن بن داود في كتابه : وبخط الشيخ المرادي كان أبو اسحاق يروي عنه (٣).

وربما ينقل ايراده في كتاب الرجال في أصحاب أبي عبد الله الصادق عليه‌السلام ، ولست أجده هناك في نسخ عتيقة مصححة.

قال الذهبي في مختصره : هاني بن هاني عن علي ، وعنه أبو اسحاق ، قال النسائي : ليس به بأس.

وقال ابن الاثير في جامع الاصول : هاني بن نيار هو أبو بردة هاني بن نيار وقيل : هاني بن عمرو نيار وقيل : اسمه الحارث بن عمرو ، وقيل : مالك بن هبيرة ، والاول أشهر ما قيل فيه فهو هاني بن نيار بن عمرو بن كلاب بن غنم بن هبيرة بن هاني البلوي (٤) ، وفي نسبه خلاف ، حليف بني حارثة بن خزرج من الانصار ، كان عقبيا شهد العقبة الثانية مع السبعين وشهد بدرا وما بعدها من المشاهد وهو خال البراء بن عازب ، ولا عقب له مات في أول زمن معاوية بعد شهوده مع علي حروبه كلها ، روى عنه البراء بن عازب ، وجابر بن عبد الله ، وعبد الله بن أبي بكر بن أبي الجهم.

بردة بضم الباء الموحدة وسكون الراء ، وهاني بكسر النون وبعدها همزة ، ونيار بكسر النون وتخفيف الياء بعدها تحتها نقطتان وبالراء انتهى كلام جامع الاصول.

__________________

(١) رجال الشيخ : ٦٢ وفيه المرادى مكان الهمدانى‌

(٢) رد على من زعم انه أبو اسحاق النحوى ثعلبة بن ميمون‌

(٣) رجال ابن داود : ٣٦٦‌

(٤) قال في القاموس : البلى قبيلة وهو بلوى « منه » ٤ / ٣٠٥‌

١٤٨

فقال : مرحبا ائذنوا للطيب ابن الطيب.

٦٧ ـ خلف ، قال حدثنا حاتم بن نصير ، قال حدثنا حاتم بن يونس ، عن أبي بكر ، قال حدثنا أبو اسحاق ، عن هاني بن هاني ، عن علي عليه‌السلام قال استأذن عمار على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال من هذا؟ قال عمار قال : مرحبا بالطيب المطيب.

٦٨ ـ خلف قال حدثنا حاتم ، قال سمعت أحمد بن يونس ، قال سمعت أبا بكر بن عياش ، في قوله عز وجل ( أَمَّنْ هُوَ قانِتٌ آناءَ اللَّيْلِ ) ( قال ساعات الليل ) ( ساجِداً وَقائِماً يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُوا رَحْمَةَ رَبِّهِ ) ( قال : عمار ) ( هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ ) ( قال : عمار ) ( وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ ) مواليه بنو المغيرة.

٦٩ ـ خلف ، قال حدثنا حاتم ، قال حدثنا عمرو بن مرزوق ، قال حدثنا شعبة ، قال‌

______________________________________________________

قلت : يستبين من ذلك أن هاني بن هاني هو أبو بردة هاني بن نيار.

وذكره الشيخ في أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (١).

ويسار في اسم أبيه بالمهملة بعد المثناة من تحت على ما في نسخ عديدة من كتاب الرجال تصحيف ، وجده الاقدم هاني فنسب اليه فقيل هاني بن هاني فاعلم فلا تكونن من الغافلين.

وقال الشيخ في باب الكنى : أبو بردة الازدي (٢).

وفي مختصر الذهبي : أبو بردة بن نيار البلوي هاني ، ويقال الحارث ، وقيل : مالك ، من كبار الصحابة ، روى عنه براء وجابر ، مات عام الجماعة.

قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : مرحبا ائذنوا للطيب بن الطيب‌

وفي المشكاة عن علي عليه‌السلام قال : استأذن عمار على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال : ائذنوا له مرحبا بالطيب المطيب رواه الترمذي (٣).

__________________

(١) رجال الشيخ : ٣١ وفيه هانى بن يسار أبو بردة.

(٢) المصدر : ٦٣‌

(٣) رواه ابن الاثير عن الترمذى في جامع الاصول : ١٠ / ٢٨‌

١٤٩

حدثنا سلمة بن كهيل ، قال سمعت محمد بن عبد الرحمن بن عوف عن عبد الرحمن ابن زيد ، عن الاشتر ، قال كان بين عمار وخالد بن الوليد كلام فشكى خالد الى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال انه من يعادي عمارا يعاديه الله ومن يبغض عمارا يبغضه الله ومن سبّه سبّه الله. قال سلمة : هذا أو نحوه.

٧٠ ـ خلف ، قال حدثنا أبو حاتم ، قال حدثنا أحمد بن يونس ، قال حدثنا الليث بن سعد ، عن عمر مولى غفرة ، قال : حبس عمار فيمن حبس وعذب ، قال‌

______________________________________________________

قوله رحمه الله تعالى : قال : حدثنا سلمة بن كهيل‌

أورده البرقي في خواص أمير المؤمنين عليه‌السلام من مضر (١) ، وذكره الشيخ في أصحابه عليه‌السلام ، وفي أصحاب السجاد والباقر والصادق عليهم‌السلام ، وقال : سلمة بن كهيل بن الحصين أبو يحيى الحضرمي الكوفي تابعي (٢).

وسيرد ذكره في الكتاب في عداد البترية.

قال الذهبي في مختصره : سلمة بن كهيل أبو يحيى الحضرمي من علماء الكوفة رأى زيد بن أرقم ، وعنه سفيان وشعبة ، ثقة له مائتا حديث وخمسون حديثا.

قوله : فشكى خالد الى رسول الله (ص)

وفي المشكاة عن خالد بن الوليد قال : كان بيني وبين عمار بن ياسر كلام فأغلظت له في القول ، فانطلق عمار يشكوني الى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فرفع النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم رأسه ، وقال : من عادا عمارا عاداه الله ومن أبغض عمارا أبغضه الله.

قوله : قال : حدثنا الليث بن سعد عن عمر مولى غفرة‌

في مختصر الذهبي : الليث بن سعد أبو الحارث الامام ثبت من نظراء مالك وفيه عمر بن عبد الله مولى غفرة يقال : أدرك ابن عباس وسمع أنسا ، وثّقه ابن سعد ، وضعفه النسائي.

__________________

(١) رجال البرقى : ٤‌

(٢) رجال الشيخ : ٤٣ و ٩١ و ١٢٤ و ٢١١ على ترتيب المتن.

١٥٠

فانفلت فيمن انفلت من الناس فقدم على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال : أفلح ابو اليقظان! قال ما أفلح ولا أنجح لفتنته لأنهم لا يزالون يعذبونه حتى نال منك ،

______________________________________________________

قوله : فانفلت فيمن انفلت‌

قال في المغرب : الانفلات خروج الشي‌ء فلتة أي بغتة ، وكذا الافلات والتفلت ، ومنه الدابة اذا فلتت من المشرك وليس لها سائق ولا قائد : أي خرجت من يده ونفرت ، وروي انفلتت وأجبر القصار اذا انفلتت منه المدقة أي خرجت من يده.

قوله رضى الله تعالى عنه : ما أفلح ولا أنجح لفتنته‌

الفلح محركة الفلاح والفوز والنجاة والبقاء في الخير ، والنجاح بالفتح والنجح بالضم الفوز والظفر بالشي‌ء ، وأفلح فلان وانجح صار ذا فلاح وذا نجح.

يعني فتنته التي ألمت به وفدحته من تعذيب المشركين اياه فوق الطاقة حجزته وأبعدته عن أن يفلح وينجح.

وفي بعض النسخ « لنفسه » (١) مكان لفتنته ، أي لم يدخل في فلاح ونجاح لنفسه بما أصابته من داهية تعذيب المشركين اياه للإتيان بكلمة الكفر.

قوله رضى الله تعالى عنه : لأنهم لا يزالون يعذبونه حتى نال منك‌

من النيل فانه اذا استعمل بمن كان بمعنى الاضرار والشتم ، أي حتى وقع فيك وعابك وسبك.

قال في المغرب ، ونال من عدوه أضربه ومنه قوله تعالى ( لا يَنالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلاً ) (٢) وباسم الفاعلة منه سميت نائلة بنت الفرافصة الكلبية ، تزوجها عثمان على نسائه وهي نصرانية.

__________________

(١) كما في المطبوع من الرجال‌

(٢) سورة التوبة : ١٢٠‌

١٥١

قال ان سألوا من ذاك فزد.

______________________________________________________

وفي الاساس : نال من عدوه ونيل فلان قتل (١).

وفي القاموس : ونال من عرضه سبه (٢).

ومن هناك قال في الفائق في و ـ ذ : بينا هو يخطب ذات يوم ـ يعني عثمان ـ فقام رجل فنال منه ، فوذأه ابن سلام فاتذأ فقال له رجل : لا يمنعك مكان ابن سلام أن تسب نعثلا فانه من شيعته ، وذاءه : زجره ، واتذأ مطاوعه. كان يشبه عثمان برجل من أهل مصر اسمه نعثل لطول لحيته. وقيل : من أهل اصبهان ، والنعثل الضبعان والشيخ الاحمق (٣).

وفي المغرب : نعثل اسم رجل من مصر أو من اصبهان كان طويل اللحية فكان عثمان اذا نيل منه شبه بذلك الرجل لطول لحيته.

وقال ابن الاثير في النهاية : كان أعداء عثمان يسمونه نعثلا تشبيها برجل من مصر كان طويل اللحية اسمه نعثل ، وقيل : النعثل الشيخ الاحمق ، وذكر الضباع ، ومنه حديث عائشة اقتلوا نعثلا قتل الله نعثلا تعني عثمان ، وهذا كان منها لما غاضبته وذهبت الى مكة انتهى كلامه (٤).

قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ان سألوا من ذاك فزد‌

وفي نسخة من ذلك فزدهم. يعني لا عليك مما صدر منك من غير اختيارك من شي‌ء أصلا ، فان لحمك ودمك مسوط بالايقان ، وصدرك وقلبك منشرح بالايمان ، فان عادوا الى تعذيبك وسألوك شيئا من ذاك وعذبوك في ذلك فزدهم منه ولا تبال ، فنكال ذلك ووباله عليهم لا عليك ، وانما أنت مفلح بايمانك منجح بايقانك ، فيا طوبى‌

__________________

(١) أساس البلاغة : ٦٦٢‌

(٢) القاموس : ٤ / ٦٢‌

(٣) الفائق : ٤ / ٥٢‌

(٤) نهاية ابن الاثير : ٥ / ٨٠‌

١٥٢

٧١ ـ خلف ، قال حدثنا الفتح بن عمرو الوراق ، قال حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا العوام بن حوشب : قال أخبرني أسود بن مسعدة ، عن حنظلة بن خويلد العنزي ، قال : اني لجالس عند معاوية اذ أتاه رجلان يختصمان في رأس عمار يقول‌

______________________________________________________

لعمار قال له النبي الكريم : أفلح أبو اليقظان ونزل فيه التنزيل الحكيم ( وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ ) (١).

قال في الكشاف : روي أن ناسا من أهل مكة فتنوا فارتدوا عن الإسلام بعد دخولهم فيه ، وكان فيهم من أكره فاجرى كلمة الكفر على لسانه وهو معتقد للإيمان منهم عمار وأبواه ياسر وسمية وصهيب وبلال وخباب وسالم عذبوا ، فأما سمية فقد ربطت بين بعيرين ووجأ في قبلها بحربة وقالوا انك أسلمت من أجل الرجال فقتلت وقتل ياسر وهما أول قتيلين في الإسلام ، وأما عمار فقد أعطاهم ما أرادوا بلسانه مكرها فقيل : يا رسول الله ان عمارا كفر؟ فقال : كلا ان عمارا ملي‌ء ايمانا من قرنه الى قدمه واختلط الايمان بلحمه ودمه ، فأتى عمار رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهو يبكي فجعل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يمسح عينيه فقال : مالك ان عادوا فعد بما قلت انتهى ما في الكشاف (٢).

قوله : أخبرنا العوام بن حوشب‌

في مختصر الذهبي : العوام بن حوشب الواسطي أحد الاعلام ، عن ابراهيم ومجاهد ، وعنه شعبه ويزيد بن هارون وخلق وثّقوه ، له نحو مأتي حديث توفى ١٤٨‌

قوله : العنزى (٣)

في جامع الاصول : العنزي بفتح العين وفتح النون وبالزاء منسوب الى عنزة بن أسد بن ربيعة بن نزار بن معد بن عدنان ، واسم عنزة عامر العنزي مثل الذي قبله الا أن نونه ساكنة منسوب الى عنز بن وائل بن قاسط ، وقد تقدم باقي النسب في العجلى.

__________________

(١) سورة النحل : ١٠٦‌

(٢) الكشاف : ٢ / ٤٣٠‌

(٣) وفي المطبوع من الرجال بجامعة مشهد : العنبرى.

١٥٣

كل واحد منهما أنا قتلته ، فقال عبد الله بن عمرو :

______________________________________________________

قوله : فقال عبد الله بن عمرو‌

في جامع الاصول : هو أبو عبد الرحمن ، وقيل : أبو محمد عبد الله بن عمرو ابن العاص بن وائل بن هاشم سعيد بن سعد بن سهم بن عمرو بن هصيص بن كعب ابن لوي السهمي القرشي ، أسلم قبل أبيه وكان أبوه أكبر منه بثلاث عشرة سنة ، وقيل : باثنتي عشرة سنة ، وكان عابدا عالما حافظا ، قرأ الكتب واستأذن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في أن يكتب حديثه فأذن له.

وقد اختلف في وفاته وقيل : مات في ليالي الحرة في ذي الحجة سنة ثلاث وستين ، وقيل : سنة ثلاث وسبعين وقيل : مات بفلسطين سنة خمس وستين ، وقيل : مات بمكة سنة خمس وستين وهو ابن اثنين وسبعين سنة ، وقيل : مات بالطائف سنة خمس وخمسين ، وقيل : مات بمصر سنة خمس وستين.

سعيد بضم السين وفتح العين وسكون الياء وهصيص بضم الهاء وفتح الصاد المهملة الاولى وسكون الياء.

روى عنه مسروق وسعيد بن المسيب ، وأبو سلمة بن عبد الرحمن ، وعروة ابن الزبير ، وحميد بن عبد الرحمن ، وخلق كثير سواهم انتهى كلام جامع الاصول.

وهو في المشهور من العبادلة.

قال في المغرب : العبادلة الثلاثة ابن مسعود وابن عباس وابن عمر. هذا رأي الفقهاء وأما في عرف المحدثين فالعبادلة أربعة ابن عمر وابن عباس وابن عمرو وابن الزبير ، ولم يذكر فيهم ابن مسعود ، لأنه من كبار الصحابة. وعن طاوس في الاقعاء رأيت العبادلة يفعلون ذلك عبد الله بن عمر وابن عباس وابن الزبير ، وهي اما جمع عبدل في معنى عبد كزيدل في زيد ، أو اسم جمع غير مبني على واحده.

وقال في القاموس : عبدل بن حنظلة المعروف بالنهاس كان شريفا ومزيد (١)

__________________

(١) فمزيد كمحمد اسم رجل ومحارب اسم قبيلة من فهر قاله في الصحاح « منه » ١ / ١٠٩ و ٤٧٧‌

١٥٤

ليطيب به أحدكم نفسا لصاحبه فاني سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول تقتله الفئة الباغية ، فقال معاوية ألا تغني عنا مخبرتك يا بن عمرو فما بالك معنا؟ قال اني معكم ولست‌

______________________________________________________

المحاربي والحكم الكوفي ابنا عبدل شاعران ، والعبادلة من الصحابة مائتان وعشرون ، واذا اطلقوا أرادوا أربعة ابن عباس وابن عمر وابن عمرو بن العاص وابن الزبير ، وليس منهم ابن مسعود كما توهم الجوهري (١).

قوله : ليطيب به أحدكم نفسا لصاحبه‌

« نفسا » نصب على التمييز يعنى لتطيب نفس أحدكم بذلك لصاحبه ، بأن يكون قاتل عمار صاحبه لا هو.

وفي نسخة عتيقة « بصاحبه » بالباء مكان اللام ، فيكون الكلام على سياق التهكّم والباء للبدل أو للمجاوزة كما « عن » ، أي ليكن أحد كم طيب النفس بأن يكون هو قاتل عمار بدل صاحبه ، أو بأن يكون سابقا على صاحبه ومجاوزا اياه في قتل عمار ، وصرح بأنه انما قال ذلك تهكّما بقوله « فاني سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : تقتله الفئة الباغية ».

قال في القاموس في عد معاني الباء : وللبدل فليت لي بهم قوما اذا ركبوا شنوا الاغارة فرسانا وركبانا ، وللمقابلة اشتريته بألف وكافأته بضعف احسانه ، وللمجاوزة كعن وقيل : تختص بالسؤال ( فَسْئَلْ بِهِ خَبِيراً ) أو لا تختص نحو ( وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّماءُ بِالْغَمامِ ) و ( ما غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ ) (٢).

قوله : ألا تغنى عنا مخبرتك يا بن عمرو‌

« تغنى » بضم حرف المضارعة للخطاب على الافعال من غني بالمكان كفرح فهو غان ، أي أقام به فهو مقيم فيه ، وهمزة الافعال للإزالة والسلب ، والمعنى اما تصرف وتنحي عنا.

__________________

(١) القاموس : ٤ / ١١‌

(٢) القاموس : ٤ / ٤٠٨ والآيات على الترتيب سورة الفرقان : ٥٩ ، و ٢٥ ، وسورة الانفطار : ٦‌

١٥٥

______________________________________________________

قال ابن الاثير في النهاية : في حديث عثمان « أن عليا أرسل (١) اليه بصحيفة فقال للرسول : أغنها عنا » أي اصرفها وكفها كقوله تعالى ( لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ ) أي يكفه ويكفيه ، يقال : أغن عني شرك أي اصرفه وكفه ، ومنه قوله تعالى و ( لَنْ يُغْنُوا عَنْكَ مِنَ اللهِ شَيْئاً ) وفي حديث علي « ورجل سماه الناس عالما ولم يغن في العلم يوما سالما » أي لم يلبث في العلم يوما تاما ، من قولك غنيت بالمكان أغني اذا أقمت به (٢).

وقال المطرزي في المغرب : الغناء بالفتح والمد الاجزاء والكفاية ، يقال : أغنيت عنك مغني فلان ومغناته اذا أجزأت عنه ونبت منابه وكفيت كفايته ، ويقال : أغن عني كذا ، أي نحه عني وبعده ، وعليه حديث عثمان في صحيفة الصدقة التي بعثها علي على يد محمد بن الحنفية « أغنها عنا » وهو في الحقيقة من باب القلب كقولهم عرض الدابة على الماء.

قلت : على ما حققناه يستقيم الحمل على الحقيقة من غير تجشم الارجاع الى باب القلب ، على أنه اذا أخذ من الغنى بمعنى ضد الفقر والاجزاء والكفاية كما ارتكبه لم يكن يستجدى فيه باب القلب أيضا فليتعرف.

و « المخبرة » بفتح الميم واسكان المعجمة وفتح الموحدة أو ضمها والراء قبل الهاء ، بمعنى الخبر بالضم ويقال : بالكسر أيضا وهو العلم ، وكذلك الخبرة.

قال الجوهري في الصحاح : الخبر واحد الاخبار : وأخبرته بكذا وخبرته بمعنى ، والاستخبار السؤال عن الخبر ، وكذلك التخبر ، والمخبر خلاف المنظر وكذلك المخبرة والمخبرة أيضا وهو نقيض المرآة ، ويقال أيضا : من أين خبرت هذا الامر؟ أي من أين علمت؟ والاسم الخبر بالضم وهو العلم بالشي‌ء والخبير العالم (٣).

__________________

(١) وفي المصدر : بعث‌

(٢) نهاية ابن الاثير : ٣ / ٣٩٢‌

(٣) الصحاح : ٢ / ٦٤١‌

١٥٦

أقاتل ، ان أبي شكاني الى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال لي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أطع أباك ما دام حيا ولا تعصه ، فأنا معكم ولست أقاتل.

______________________________________________________

وفي القاموس : الخبر والخبرة بكسر هما ويضمان ، والمخبرة والمخبرة العلم بالشي‌ء كالاختبار والتخبر (١).

وقال الراغب في المفردات : الخبر العلم بالاشياء ، وأخبرت أعلمت بما حصل لي من الخبر ، وقيل : الخبرة المعرفة ببواطن الامور (٢).

فالمعنى : ألا تصرف علمك وتنحيه عنا. ولا يبعد أن تحمل المخبرة هنا على اسم المكان ، ويعنى بها الصدر فانه مكان العلم.

فيكون المعنى : ألا تولي عنا وجهك وتصرف عنا صدرك وترينا ظهرك ، أي تنصرف عنا وتتنحى عن معسكرنا ، فما خطبك تكون مع الفئة الباغية.

قوله : فأنا معكم ولست أقاتل‌

صريح هذا الكلام من عبد الله بن عمرو بن العاص أنه لم يكسن يقاتل ، ولم يخرج في معسكر معاوية بقصد القتال ، بل انما أطاع اياه ، فكان معهم اطاعة لأبيه لا مقاتلة لحرب الحق وذويه ، ولم يعلم أن اطاعة الوالد في معصية الله معصية لله ، وأن تكثير سواد الضلال ضلال ، والانخراط في سلك الفئة الباغية بغي.

وعلامة زمخشر في بعض كتبه ليس يصدقه في هذا المقال أيضا فقد ذكر حديثه « سيأتي على جهنم زمان ينبت من قعرها الجرجير » ثم أنكر عليه أشد الانكار ، وقال : أنى له الحديث عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقد كان مع معاوية يقاتل علي بن أبي طالب بسيفين ويبارز أعلام المهاجرين والانصار برمحين.

وقال في الكشاف : وما ظنك بقوم نبذوا كتاب الله ، لما روى لهم بعض النوابت عبد الله بن عمرو بن العاص « ليأتين على جهنم يوم تصفق فيه أبوابها ، ليس فيها أحد‌

__________________

(١) القاموس : ٢ / ١٧‌

(٢) مفردات الراغب : ١٤١‌

١٥٧

______________________________________________________

وذلك بعد ما يلبثون أحقابا.

وبلغني أن من الضلال من اغتر بهذا الحديث فاعتقد أن الكفار لا يخلدون في النار ، وهذا ونحوه والعياذ بالله من الخذلان المبين ، زادنا الله هداية الى الحق ومعرفة بكتابه ، وتنبها على أن نغفل عنه.

ولئن صح هذا عن ابن ابن العاص فمعناه ، أنهم يخرجون من حر النار الى برد الزمهرير فذلك خلق جهنم وصفق أبوابها ، وأقول : أما كان لابن عمرو في سيفيه ومقاتلته بهما علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه ما يشغله عن تسيير هذا الحديث (١) انتهى قول الكشاف.

ولكن السواد الاعظم من النقلة الثقات وحملة الاخبار والروايات قد أطبقوا على هذا النقل عن ابن ابن العاص مثل ما رواه أبو عمرو الكشي جزاه الله عن دين أهل البيت خير الجزاء.

قال المسعودي رحمه الله تعالى في مروج الذهب : وتقدم عمار فقاتل ثم رجع الى موضعه فاستسقى فأتته امرأة من نساء بني شيبان من مصافهم بعس فيه لبن فدفعته اليه ، فقال : الله أكبر الله أكبر اليوم ألقى الاحبة تحت الاسنة صدق الصادق وبذلك أخبرني الناطق ، هذا اليوم الذي وعدت فيه.

ثم قال : أيها الناس هل من رايح الى الله تحت العوالي ، والذي نفسي بيده لنقاتلنكم على تأويله كما قاتلناكم على تنزيله ، ويقدم وهو يقول : نحن ضربناكم على تنزيله فاليوم نضربكم على تأويله.

فتوسط القوم واشتبكت علية الاسنة ، فقتله أبو العادية العاملي وابن جون السكسكي ، واختلفا في سلبه فاحتكما في سلبه على عبد الله بن عمرو بن العاص فقال : اخرجا عني فاني سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول أو قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : وولعت‌

__________________

(١) لم أظفر عليه في الكشاف‌

١٥٨

______________________________________________________

قريش لعمار مالهم ولعمار تقتله الفئة الباغية ، يدعوهم الجنة ويدعونه الى النار ، وكان قتله عند المساء وله ثلاث وتسعون سنة وقبره بصفين وصلى عليه علي عليه‌السلام ولم يغسله انتهى كلام مروج الذهب (١)

وقال أيضا في مروج الذهب وقتل بصفين سبعون ألفا من أهل الشام خمسة وأربعون ألفا ، وكان المقام بصفين مائة يوم وعشرة أيام ، وقتل بها من الصحابة ، فمن كان مع علي عليه‌السلام خمسة وعشرون رجلا ، منهم عمار بن ياسر أبو اليقظان المعروف بابن سمية وهو ابن ثلاث وتسعين سنة انتهى كلامه.

في حذيفة بن اليمان رضى الله تعالى عنه

حذيفة بن اليمان العبسي أبو عبد الله أحد الاركان الاربعة على قول ، من كتاب أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ومن السابقين من أنصار أمير المؤمنين عليه‌السلام ، أنصاري سكن الكوفة ومات بالمدائن بعد بيعة أمير المؤمنين عليه‌السلام بأربعين يوما قاله الشيخ (ره) في كتاب الرجال (٢).

وأبو الحسن المسعودي في مروج الذهب بعد ذكر شهادة عمار بن ياسر وهاشم ابن عتبة المر قال قال : واستشهد في هذا اليوم صفوان وسعد ابنا حذيفة بن اليمان ، وقد كان حذيفة عليلا بالكوفة في سنة ست وثلاثين ، فبلغه قتل عثمان وبيعة الناس لعلي عليه‌السلام فقال : أخرجوني وادعوا الصلاة جامعة ، فوضع على المنبر فحمد الله وأثنى عليه وصلى على النبي وعلى آله.

ثم قال ، أيها الناس ان الناس قد بايعوا علي بن أبي طالب فعليكم بتقوى الله وانصروا عليا ووازروه ، فو الله أنه على الحق آخرا وأولا وأنه لخير من مضى بعد‌

__________________

(١) مروج الذهب : ٢ / ٣٨١‌

(٢) رجال الشيخ : ١٦‌

١٥٩

حذيفة‌

٧٢ ـ حدثنا ابن مسعود ، قال أخبرني أبو الحسن علي بن الحسن بن علي ابن فضّال ، قال حدثني محمد بن الوليد البجلي ، قال حدثني العباس بن هلال ،

______________________________________________________

نبيكم ومن بقي الى يوم القيامة ، ثم أطبق يمينه على يساره ، ثم قال : اللهم اشهد أني قد بايعت عليا.

وقال : الحمد لله الذي أبقاني الى هذا اليوم ، وقال لابنيه صفوان وسعد : احملاني وكونا معه ، فستكون له حروب كثيرة يهلك فيها خلق من الناس فاجتهدا أن تستشهدا معه ، فانه والله على الحق ومن خالفه على الباطل ، ومات بعد هذا بسبعة أيام وقيل : بأربعين يوما انتهى كلام مروج الذهب (١).

قوله رحمه‌الله : محمد بن الوليد البجلى‌

هو أبو جعفر محمد بن الوليد البجلي الخزاز الكوفي.

قال النجاشي رحمه الله تعالى : ثقة عين نقي الحديث ، ذكره الجماعة بهذا ، روى عن يونس بن يعقوب وحماد بن عثمان ومن كان في طبقتهما ، وعمر حتى لقيه محمد بن الحسن الصفار وسعد ، له كتاب نوادر (٢) :

ولم يذكر كونه فطحيا ، وسيجي‌ء في الكتاب ذكره في عداد الاجلة الفقهاء العدول الكوفيين من الفطحية.

قوله رحمه الله تعالى : العباس بن هلال‌

في كتاب النجاشي : عباس بن هلال السايي روى عن أبي الحسن الرضا عليه‌السلام ، يروي عنه محمد بن الوليد الخزاز (٣).

__________________

(١) مروج الذهب : ٣٨٤‌

(٢) رجال النجاشى : ٢٦٥‌

(٣) رجال النجاشى : ٢١٧ وفيه الشامى بدل السايى.

١٦٠