دروس في مسائل علم الأصول - ج ٢

آية الله الميرزا جواد التبريزي

دروس في مسائل علم الأصول - ج ٢

المؤلف:

آية الله الميرزا جواد التبريزي


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: منشورات دار الصديقة الشهيدة عليها السلام
المطبعة: نگين
الطبعة: ٢
ISBN: 978-964-8438-61-1
ISBN الدورة:
978-964-94850-1-0

الصفحات: ٤٠٨

.................................................................................................

______________________________________________________

ولو فرض الترتّب في الجعل بحيث يكون المكلف معاقبا على ترك الصلاة بالقراءة الجهرية فلا بد من ايجابين نفسيين يتعلّق أحدهما بالصلاة مع القراءة الجهرية مطلقا والآخر بالصلاة مع القراءة الإخفاتية مشروطا بترك الصلاة جهرا ، ومن الظاهر أنّ الصلاة بالقراءة الجهرية مع الصلاة بالقراءة الإخفاتية من الضدين الذين لهما ثالث.

الثالث : أنّه إذا كان العنوان المأخوذ موضوعا للتكليف ممّا لا يمكن للمكلف إحرازه حال العمل فلا يمكن أخذه موضوعا له فإنّ التكليف يعتبر أن يكون صالحا لانبعاث المكلّف به ومع كون موضوعه ممّا لا يلتفت إليه المكلّف ، لا يكون صالحا للانبعاث.

وبتعبير آخر إحراز فعليّة التكليف باحراز فعليّة موضوعه وإذا لم يمكن حال العمل إحراز فعليّة الموضوع فلا يمكن إحراز فعليّة ذلك التكليف فلا يكون قابلا للانبعاث به ، وعصيان الأمر بالصلاة مع القراءة الجهرية لا يمكن إحرازه مع جهل المكلّف. وعليه فيكون استحقاق العقاب ـ في موارد ترك الجهر في القراءة بالجهل التقصيري وفي موارد ترك الصلاة قصرا ـ على مخالفة التكليف بالتعلّم أو لزوم الاحتياط لا على مخالفة التكليف بالصلاة جهرا أو بالصلاة قصرا (١).

وأجاب عنه سيدنا الأستاذ (دام ظله) : أنّه لا يلزم أن يكون الشرط في وجوب المهمّ بنحو الترتب عنوان عصيان الأمر بالأهم ليقال لا يمكن جعل هذا العنوان في موارد الجهل بالتكليف الأول موضوعا للتكليف الآخر ، بل المصحّح للترتب هو ترك أحد الفعلين وجعله شرطا في وجوب الفعل الآخر أو حرمته ، وأمّا التعبير عن ترك ذلك الفعل بالعصيان لتنجّز تكليفه ، إنّما هو من باب الغالب لا لأنّ لهذا العنوان

__________________

(١) أجود التقريرات ١ / ٣١١.

٢٤١

.................................................................................................

______________________________________________________

خصوصية (١).

أقول : لا يصح في المقام جعل ترك الصلاة مع القراءة جهرا تمام الموضوع لوجوب الصلاة الإخفاتية بل لا بدّ من تقييد تركها بما إذا كان عن جهل أو نسيان وهذا القيد لا يمكن الالتفات إليه عند إيجاب الصلاة إخفاتا أو تماما ، وهذا هو الإشكال الجاري في موارد اختصاص التكليف الأول بحال الذكر والعلم وتكليف الناسي والجاهل بالفعل الفاقد للجزء أو الشرط المنسي أو المتروك جهلا ، والجواب المذكور عنه في محلّه هو إمكان جعل الموضوع للتكليف الثاني العنوان الملازم الذي يلتفت إليه المكلف حال العمل يجري في المقام أيضا ، ولكنّه غير تامّ كما ذكر في محلّه.

كما أنّ لازم الترتب المزبور الالتزام بتعدّد العقاب فيما إذا ترك المكلف الجاهل المقصّر كلّا من التمام والقصر مثلا وأنّه لو كان الشرط في وجوب الصلاة إخفاتا ترك الصلاة جهرا في تمام الوقت فلازمه لزوم إعادتها فيما إذا علم أو تذكّر قبل خروج الوقت بالإتيان بالوظيفة الأوّلية ، وإن كان الشرط في التكليف بالثاني ترك الصلاة جهرا أو قصرا عند الإتيان بالصلاة فيعود محذور عدم الالتفات إلى الموضوع في التكليف الثاني حال العمل فلا بدّ من الالتزام بأنّ المأتي به حال الجهل والنسيان واجد لمقدار من الملاك الملزم من غير أن يكون متعلّقا للتكليف الثاني ، وعدم لزوم التدارك بعد العلم والذكر إنّما هو لعدم إمكان تداركه بعد الإتيان المزبور بناء على استحقاق العقاب على ترك الإتيان بالمأمور به الأوّل أو عدم لزوم التدارك لعدم كون الباقي من الملاك بمقدار يلزم استيفائه بناء على عدم استحقاق العقاب ولتوضيحه مقام آخر.

__________________

(١) المحاضرات ٣ / ١٧٤.

٢٤٢

فصل

لا يجوز أمر الآمر ، مع علمه بانتفاء شرطه [١] ، خلافا لما نسب إلى أكثر مخالفينا ، ضرورة أنه لا يكاد يكون الشيء مع عدم علته ، كما هو المفروض هاهنا ، فإن الشرط من أجزائها ، وانحلال المركب بانحلال بعض أجزائه مما لا يخفى ، وكون الجواز في العنوان بمعنى الإمكان الذاتي بعيد عن محل الخلاف بين الأعلام.

نعم لو كان المراد من لفظ الأمر ، الأمر ببعض مراتبه ، ومن الضمير الراجع إليه بعض مراتبه الأخر ، بأن يكون النزاع في أن أمر الآمر يجوز إنشاء مع علمه بانتفاء شرطه ، بمرتبة فعلية.

______________________________________________________

أمر الآمر مع العلم بانتفاء شرطه

[١] وحاصل ما ذكره قدس‌سره في المقام أنّه :

إن كان المراد من الأمر والضمير الراجع إليه في قولهم هل يجوز أمر الآمر مع العلم بانتفاء شرطه هو الأمر الإنشائي ليكون معنى العبارة هل يجوز جعل الأمر الإنشائي مع علم الآمر بانتفاء شرط إنشائه.

أو يكون المراد منهما الأمر الفعلي ليكون المراد جواز الأمر الفعلي مع انتفاء شرطه ، فالنزاع غير معقول لاستحالة وجود المعلول مع انتفاء علّته التي من أجزائها الشرط.

نعم لا يخرج الأمر عن إمكانه الذاتي بانتفاء علّته كما هو الشأن في جميع الممكنات حيث إنّ الممكن ممكن سواء وجدت علته أم لا ، ومع انتفاء علّته إنّما يكون امتناعه بالغير.

٢٤٣

وبعبارة أخرى : كان النزاع في جواز إنشائه مع العلم بعدم بلوغه إلى المرتبة الفعلية لعدم شرطه ، لكان جائزا ، وفي وقوعه في الشرعيات والعرفيات غنى وكفاية ، ولا يحتاج معه إلى مزيد بيان أو مئونة برهان.

وقد عرفت سابقا أنّ داعي إنشاء الطلب ، لا ينحصر بالبعث والتحريك جدا حقيقة ، بل قد يكون صوريا امتحانا ، وربما يكون غير ذلك.

ومنع كونه أمرا إذا لم يكن بداعي البعث جدا واقعا ، وإن كان في محله ، إلّا أن إطلاق الأمر عليه ، إذا كانت هناك قرينة على أنه بداع آخر غير البعث توسعا ، مما لا بأس به أصلا ، كما لا يخفى.

وقد ظهر بذلك حال ما ذكره الأعلام في المقام من النقض والإبرام ، وربما يقع به التصالح بين الجانبين ويرتفع النزاع من البين ، فتأمل جيدا.

______________________________________________________

نعم لو أريد من الأمر ، الأمر الإنشائي ومن الضمير الراجع إليه هو الأمر الفعلي ليكون معنى العبارة جواز الأمر الإنشائي مع علم الآمر بانتفاء شرط الأمر الفعلي كما في مورد الامتحان ونحوه فوقوعه في العرف والشرع مغن وكاف عن الاستدلال ، والداعي إلى إنشاء الأمر لا ينحصر في إرادة البعث والتحريك بل قد يكون غيره من الامتحان ونحوه ، والطلب في ذلك وإن كان صوريّا إلّا أنّه لا بأس بإطلاق الأمر عليه توسّعا مع القرينة.

أقول : ما ذكر قدس‌سره في المقام ينافي ما تقدّم منه في مبحث الشرط المتأخر حيث ذكر هناك أنّ ما يطلق عليه الشرط أي شرط التكليف كالاستطاعة في وجوب الحج لا يكون شرطا في الاصطلاح بأن يكون من أجزاء العلة ليمتنع تأخّره عن التكليف وذكر في المقام أنّ ثبوت التكليف مع علم الآمر بانتفاء شرطه من تحقّق المعلول بلا علّته حيث إنّ الشرط من أجزاء العلة وهذا تهافت واضح.

٢٤٤

.................................................................................................

______________________________________________________

والصحيح أن يقال : يثبت الحكم والتكليف في مقامين.

أحدهما : مقام الجعل كما في جميع الأحكام الشرعية الثابتة لموضوعاتها المقدرة وجودها بمفاد القضية الحقيقية ويكون النسخ وإلغاء الحكم في هذا المقام.

ثانيهما : مقام الفعلية أي تحقق التكليف وخروجه عن التقدير تبعا لخروج موضوعه عن التقدير في مقام الجعل ، إلى مقام الفعليّة ، وعلى ذلك يقع الكلام في صحة جعل التكليف وإنشائه بمفاد القضية الحقيقية مع علم الآمر بأنّ الموضوع للتكليف المزبور لا يصير فعليا في الخارج وأنّه لا يصل إلى مقام الفعلية أصلا.

وعليه فإن كان غرض الآمر من جعل التكليف مجرّد حصول الانبعاث إلى متعلقه على تقدير تحقق الموضوع فيمكن القول : بلغويّة الجعل في الفرض ، وإن كان معه غرض آخر ككمال شرعه لئلّا يستشكل عليه بالنقص في قوانينه وشرعه ، أو كان الغرض من جعله الممانعة عن تحقق موضوعه كما في الأمر بقطع يد السارق ونحوه فيصح جعله ويكون من الأمر الجدي لا الصوري على ما تقدم في كلام الماتن قدس‌سره.

ويتفرع على ذلك تعيّن الأخذ بمدلول بعض الخطابات من الكتاب والسنة والإفتاء بأنّ مفادها ثبوت الأحكام الجارية إلى زماننا حتى فيما أحرز بأنّ الموضوع لها لا يتحقق في زماننا خارجا كأحكام الظهار ونحوه.

وممّا ذكرنا يظهر ما في كلام المحقق النائيني قدس‌سره (١) من أنّ البحث بهذا العنوان لا معنى له.

ثمّ قيل بظهور الثمرة فيما إذا أفطر المكلف في نهار شهر رمضان ثمّ سافر قبل

__________________

(١) أجود التقريرات ١ / ٢٠٩.

٢٤٥

.................................................................................................

______________________________________________________

الزوال وما إذا أفطرت الصائمة في النهار ثمّ حاضت قبل تمام النهار فانّه بناء على جواز أمرا الآمر مع العلم بانتفاء شرطه تجب كفارة الإفطار في المثالين بخلاف ما لو قيل بعدم جواز الأمر.

ولكن لا يخفى ما فيه : فإنّه لا يرتبط وجوب الكفارة وعدم وجوبها بالمقام حيث إنّه لو قيل بانحصار التكليف بالصوم بخصوص مجموع الإمساكات من طلوع الفجر إلى غروب الشمس وأنّه تجب الكفارة في إفطار هذا الصوم الواجب فلا تجب الكفارة في المثالين ، وإن قيل إنّه يجب على المكلف الصوم إلى أن يخرج إلى السفر ويتجاوز حدّ الترخص كما هو الصحيح فالكفارة واجبة في إفطار هذا الصوم أيضا على ما ورد في الخطابات الشرعية من الروايات (١) الدالة على وجوب الصوم على من يريد الخروج إلى السفر. كما أنّ الأظهر بحسبها التفرقة بين فرض العلم بطروّ الحيض قبل انقضاء النهار وبين العلم بالخروج إلى السفر بعدم وجوب الصوم والكفارة في الأول ووجوبهما في الثاني.

ولا يخفى أنّ الآمر ، بأمره يجعل على ذمة العبد ما يمكن أن يكون ـ على فرض وصوله ـ داعيا للمكلّف إلى العمل ، وعلم الآمر بعدم انبعاث بعض المكلف على تقدير وصوله إليه لا يمنع عن الأمر ، لأنّ الانبعاث والاحتجاج على المكلف في مقام المؤاخذة يكفى في صحة الأمر والنهي ، ولذا يعمّ التكاليف الشرعية ـ من الأوامر والنواهي ـ المطيعين والعاصين ممّن يدخل في موضوعاتهما ، ويشهد لذلك صحة أمر المولى كلّا من عبديه الذين يعلم بأنّ أحدهما المعيّن لا يمتثل أمره عصيانا ،

__________________

(١) الوسائل : ج ٧ ، باب ٥ من أبواب من يصح منه الصوم ، الحديث ٨ و ٩ و ١١.

٢٤٦

.................................................................................................

______________________________________________________

ولكن لا يصح توجيه الأمر إلى كلّ من عبديه إذا علم أنّ أحدهما المعيّن غير قادر على ما يأمره به ، وكذا يصح توجيهه إلى الجاهل بالموضوع دون الغافل عنه ، حيث إنّ الجاهل يمكن أن ينبعث من احتمال التكليف فلا يكون التكليف في حقه لغوا بخلاف الغافل عن الموضوع رأسا.

٢٤٧
٢٤٨

فصل

الحق أن الأوامر والنواهي تكون متعلقة بالطبائع دون الأفراد ، ولا يخفى أن المراد [١] أن متعلق الطلب في الأوامر هو صرف الإيجاد ، كما أن متعلقه في النواهي هو محض الترك ، ومتعلقهما هو نفس الطبيعة المحدودة بحدود والمقيدة بقيود ، تكون بها موافقة للغرض والمقصود ، من دون تعلق غرض بإحدى الخصوصيات اللازمة للوجودات ، بحيث لو كان الانفكاك عنها بأسرها ممكنا ، لما كان ذلك مما يضر بالمقصود أصلا ، كما هو الحال في القضية الطبيعية في غير الأحكام ، بل في المحصورة ، على ما حقق في غير المقام.

______________________________________________________

تعلّق التكاليف بالطبائع أو الأفراد

[١] حاصل ما ذكر قدس‌سره في المقام هو أنّ الطلب المستفاد من الأمر أو النهي يتعلّق بالإيجاد أو الترك المضاف إلى الطبيعة المقيّدة بقيود والمحدودة بحدود ، وانّ الطبيعي مع تلك القيود والحدود مورد الغرض من طلب ايجاده أو تركه ، وأمّا ما يكون مع الطبيعة في الخارج من لوازم وجوداتها وعوارضها ومقارناتها من الخصوصيات فشيء منها لا يؤخذ في متعلّق الأمر أو النهي بحيث لو أمكن تحقق الطبيعي بدون اللوازم والعوارض والمقارنات لحصل المطلوب وسقط الأمر به لعدم دخل غيره في المقصود كما هو الحال في القضايا الطبيعية مثل «الإنسان حيوان ضاحك» حيث لا دخل لخصوصيات أفراده في ثبوت المحمول ، بل الأمر كذلك في القضية المحصورة مثل «كل إنسان ضاحك» فانّ ثبوت المحمول الواحد في نوعه لجميع أفراد الطبيعة ، مقتضاه عدم دخالة خصوصيات الافراد فيه ، ولو كان لخصوصية بعض الأفراد دخلا في المحمول لما كان ثابتا لغيرها من الافراد.

٢٤٩

وفي مراجعة الوجدان للانسان غنى وكفاية عن إقامة البرهان على ذلك ، حيث يرى إذا راجعه أنه لا غرض له في مطلوباته إلّا نفس الطبائع ، ولا نظر له إلّا إليها من دون نظر إلى خصوصياتها الخارجية ، وعوارضها العينية ، وإن نفس وجودها السعي بما هو وجودها تمام المطلوب ، وإن كان ذاك الوجود لا يكاد ينفك في الخارج عن الخصوصية.

فانقدح بذلك أن المراد بتعلق الأوامر بالطبائع دون الأفراد ، انها بوجودها السعي بما هو وجودها قبالا لخصوص الوجود ، متعلقة للطلب ، لا أنها بما هي هي كانت متعلقة له ، كما ربما يتوهم ، فإنها كذلك ليست إلّا هي ، نعم هي كذلك تكون متعلقة للأمر ، فإنه طلب الوجود ، فافهم.

______________________________________________________

والشاهد على كون متعلق الإيجاد أو الترك نفس الطبيعي بقيوده وحدوده التي يكون معها موافقا للغرض وأنّ خصوصيات وجوداته من لوازمها وعوارضها خارجة عن متعلق طلب الإيجاد والترك هو حكم الوجدان حيث إنّ الإنسان إذا راجع وجدانه عند طلبه يرى أنّه لا غرض له إلّا في الطبيعي ولا يريد غيره من لوازم وجوداته ومقارناته التي يكون الطبيعي معها في الخارج.

وعليه فقد ظهر أنّ المراد بتعلّق الأوامر بالطبائع هو تعلّق الطلب فيها بحصول الطبيعي ووجوده السعي يعني ما يقابل وجوده الخاص بلازمه وعارضه لا أنّ الطبيعي مع الإغماض عن وجوده متعلّق الطلب ، فإنّ ما فيه الغرض والملاك هو وجود الطبيعي لا عنوانه حيث لا غرض في الطبيعي مع قطع النظر عن وجوده الخارجي.

نعم يتعلّق الأمر بعنوانه ويستفاد من الأمر طلب إيجاده سواء كان الأمر بصيغته أو بمادّته على ما مرّ في محلّه ، فإنّ صيغة الأمر الواردة على مادة ما كصلّ ، وصم ، ونحوهما تدلّ بمادتها على المبدأ مجرّدا عن أيّة خصوصية حتى خصوصية

٢٥٠

دفع وهم : لا يخفى أن كون وجود الطبيعة أو الفرد متعلقا للطلب ، إنما يكون [١] بمعنى أن الطالب يريد صدور الوجود من العبد ، وجعله بسيطا الذي هو مفاد كان التامة ، وإفاضته ، لا أنه يريد ما هو صادر وثابت في الخارج كي يلزم طلب الحاصل ، كما توهم ، ولا جعل الطلب متعلقا بنفس الطبيعة ، وقد جعل وجودها غاية لطلبها.

وقد عرفت أن الطبيعة بما هي هي ليست إلّا هي ، لا يعقل أن يتعلق بها طلب لتوجد أو تترك ، وأنه لا بد في تعلق الطلب من لحاظ الوجود أو العدم معها ، فيلاحظ وجودها فيطلبه ويبعث إليه ، كي يكون ويصدر منه ، هذا بناء على أصالة الوجود.

وأما بناء على أصالة الماهية ، فمتعلق الطلب ليس هو الطبيعة بما هي أيضا ، بل بما هي بنفسها في الخارج ، فيطلبها كذلك لكي يجعلها بنفسها من الخارجيات والأعيان الثابتات ، لا بوجودها كما كان الأمر بالعكس على أصالة الوجود.

وكيف كان فيلحظ الآمر ما هو المقصود من الماهية الخارجية أو الوجود ، فيطلبه ويبعث نحوه ليصدر منه ويكون ما لم يكن ، فافهم وتأمل جيدا.

______________________________________________________

الوجود والعدم كما هو مقتضى التبادر في المحاورات ، وبهيئتها على طلب حصول المبدأ وايجاده في الخارج ، كما أنّه يستفاد من مادّة الأمر ذلك أيضا.

والمتحصّل أنّ القائل بتعلّق الأوامر بالافراد يلتزم بدخول خصوصياتها من اللوازم والعوارض في متعلّق الطلب بحيث لو وجد الطبيعي بدونها لما حصل المراد ولما سقط به الطلب ، بخلاف القول بتعلّقها بالطبائع.

[١] الوهم : هو أنّ أخذ الوجود في متعلّق الطلب يوجب كون الطلب من طلب الحاصل إذ وجود الطبيعي مسقط للطلب فلا يكون متعلّقا للطلب فلا بدّ من أن يتعلّق

٢٥١

.................................................................................................

______________________________________________________

الطلب بنفس الطبيعي ويكون وجوده غرضا من تعلّقه به.

وبيان الدفع : أنّ الوجود الملحوظ في متعلّق الطلب لا يكون كلحاظ الوجود في ناحية عناوين الموضوعات للأحكام والتكاليف في كون الحكم والتكليف ثابتا على تقدير حصول تلك العناوين والموضوعات ، فالأمر بتجهيز الميّت المسلم مثلا كما يلاحظ فيه الوجود في ناحية متعلّق الطلب أي التجهيز ، كذلك في ناحية الموضوع يعني الميّت المسلم أيضا يلاحظ ، ولكن لحاظه في ناحية عنوان الميت المسلم حصولي بمعنى أنّه لو انطبق على شيء أنّه ميّت مسلم فالتجهيز في فرض هذا الحصول يجب بخلاف لحاظه في ناحية التجهيز يعني متعلق الطلب فانّ لحاظه فيه تحصيلي بمعنى أنّه على تقدير الانطباق المزبور ـ أي كون الميت مسلما ـ يجب على المكلف تحقيق عنوان تجهيزه ، ومن البديهي أنّ طلب الطبيعي مع لحاظ حصوله وتقدير وجوده من طلب الحاصل ، وأمّا طلبه بلحاظ تحصيله المعبّر عنه بجعله البسيط ليس من طلب الحاصل.

والحاصل أنّ ما تميل نفس الفاعل إليه ويكون بصدده من جعل الشيء وإيجاده يتعلّق به طلب الآمر فالمتعلق للطلب الوجود بمعناه المصدري المعبر عنه بالجعل البسيط ، وهذا بخلاف الموضوعات فإنّ الأحكام الثابتة لها تثبت على تقدير حصولها خارجا ، فتكون الموضوعات للأحكام هي نفس حصولاتها الخارجيّة المفروضة حين جعل الأحكام لها بنحو القضية الحقيقية.

وبالجملة تعلّق الطلب بالإيجاد ليس من قبيل قيام العرض بالمعروض ليتوهم أنّه لا وجود للعرض بدون حصول المعروض ، وبعد حصول المعروض يكون تعلق

٢٥٢

.................................................................................................

______________________________________________________

الطلب به من قبيل طلب تحصيل الحاصل ، بل الإيجاد هو المضاف إليه للطلب بتوسيط لحاظة بمعنى أنّ الطلب يتعلق بالايجاد على ما تقدّم.

ولا يفرق في ذلك بين القول بأصالة الوجود أو الماهية ، فانّ القائل بأصالة الوجود يلتزم بأنّ ما هو حقيقة وواقع بذاته هو الوجود أي ما ينتزع عنه معنى لفظ الوجود ويكون اتّصاف الماهية بالوقوع والحصول بتبعه ولذا لا يتصف الوجود بالعدم بخلاف الماهيّة فانّها تتصف بكل منهما.

والقائل بأصالة الماهية يلتزم بأنّ الحقيقة والواقعية بالذات للماهية والوجود أمر اعتباري انتزاعي من ثبوت الثابت بالذات كما أنّ العناوين المزعومة أنّها ماهيات هي صور للماهيات الثابتات بالذات ، وبتعبير آخر المضاف إليه للطلب هو الإيجاد اللاحق بالماهية أو العينية التي تكون هي نفس الماهية.

ثم لا يخفى أنّه بناء على تعلّق الأوامر بالافراد لا يكون المأخوذ في متعلّق الأمر والتكليف جميع خصوصيات كل فرد بنحو العام الاستغراقي ، إذ المفروض سقوط التكليف بحصول فرد ما من تلك الأفراد ولو كان المطلوب خصوصيات كلّ فرد بنحو الاستغراق ، لما كان يسقط التكليف بحصول الفرد الواحد ، فعلى القائل بتعلّق الأوامر بالافراد أن يلتزم بتعلّق التكليف بكل فرد على البدل بحيث لو أمكن إيجاد الطبيعي بلا خصوصية لما حصل المطلوب ، وهذا عين الواجب التخييري الشرعي الذي يتعلّق الأمر فيه بأحد الأشياء على البدل بحيث لا يحصل المطلوب إلّا مع خصوصية إحداها.

فما قيل ، من أنّه على القول بتعلّق الأوامر بالافراد يلزم خروج الواجب التعييني الذي يكون التخيير بين أفراده عقليّا إلى التخيير الشرعي ، صحيح.

٢٥٣

.................................................................................................

______________________________________________________

وما ذكر المحقق النائيني قدس‌سره من أنّ المعتبر في التخيير الشرعي عطف أحد الشيئين أو الأشياء على الآخر منهما أو منها بأو أو نحوها ، ولا يكون الحال كذلك بناء على تعلّق الأوامر بالافراد (١) ، لا يمكن المساعدة عليه فانّ عطف بعض الأبدال على البعض الآخر بأو ونحوها إنّما هو لافادة أخذ خصوصيات الابدال في متعلق التكليف على سبيل البدليّة لا لكون التخيير شرعيّا.

ثمّ ذكر قدس‌سره أنّ الاختلاف المعقول في تعلق الأوامر بالطبائع أو الافراد هو القول بأن الفاعل عند إرادته الفعل هل يريد الطبيعي بحيث يكون تحقيق المراد بوجوده أو أنّ الخصوصيات التي يتحقق الطبيعي بها خارجا ، داخلة في متعلق إرادته بحيث تكون تلك الخصوصيات في متعلق إرادته قبل حصولها خارجا ومن المعلوم أنّ الإرادة التشريعية يتعلّق بما تتعلّق به الارادة التكوينية من الفاعل ، وعليه فإن قيل بالأوّل يكون متعلق الأوامر الطبائع وإن قيل بالثاني يكون متعلّقها الافراد (٢).

ولكن لا يخفى ما فيه : فانّه لا ملازمة بين تعلّق الإرادة التكوينية من الفاعل بخصوصية فرد وبين تعلق أمر المولى بها فانّ الفاعل بما أنّه لا بدّ له من تحقيق الطبيعي في ضمن فرد يمكن أن يختاره في مقام الفعل ولذا تكون خصوصيته داخلة في متعلّق إرادته مع عدم دخله في غرضه ، فالعطشان يريد شرب الماء من إناء خاصّ كهذا الموضوع أمامه مثلا حتى مع إحرازه عدم دخل كون الماء في ذلك الإناء في غرضه ، ولكن لا يصحّ للآمر أخذ تلك الخصوصية في متعلق تكليفه فإن أخذها

__________________

(١) أجود التقريرات ١ / ٢١٠.

(٢) أجود التقريرات ١ / ٢١١.

٢٥٤

.................................................................................................

______________________________________________________

مع عدم دخله في ملاك حكمه من اللغو كما هو ظاهر.

وقد تحصّل من جميع ما تقدم أنّ القائل بتعلّق الأوامر بالافراد ـ على ما ذكر الماتن والمحقق النائيني قدس‌سرهما ـ يلتزم بأنّ خصوصيات الطبيعي خارجا من لوازمه وعوارضه داخلة في متعلّق الأمر ، والقائل بتعلّقها بالطبائع يلتزم بخروج تلك الخصوصيات عن متعلق الأوامر ، وعلى ذلك يكون المضاف إليه للبعث وجود الطبيعي وعلى القول بتعلّقها بالافراد يكون المضاف إليه وجود الطبيعي مع خصوصياته الخارجية ، وحيث إنّ لكل وجود من الطبيعي خصوصية غير خصوصية وجوده الآخر ، فلا محالة يكون الوجوب بالإضافة إلى الافراد بنحو التخيير الشرعي.

وقد تقدم أنّ وجود الطبيعي خارجا بالنسبة إلى الطلب والبعث ليس من قبيل المعروض إلى عرضه ليكون تعلّقهما به من قيام العرض بمعروضه حتى يقال أنّ الوجود مسقط للطلب والبعث فكيف يتعلّق به الطلب بل الطلب والبعث أمر اعتباري يكون قيامه بالمعتبر والحاكم وانّما يضاف طلبه إلى فعلية الطبيعي بتوسيط لحاظه بغرض إخراج الطبيعي من القوة إلى الفعلية وبغرض تحقيقها على ما تقدم وبالفعلية يسقط الطلب والأمر كما أوضحناه آنفا.

وحيث إنّ للوجود اعتبارين أحدهما إضافته إلى الماهيّة ويعبّر عنه بالوجود بالمعنى الاسم المصدري ، وثانيهما إضافته إلى الفاعل والعلة ويعبّر عنه بالوجود بالمعنى المصدري أي الجعل والإيجاد ، فالمضاف إليه في طلب المولى وبعثه هو الوجود بالمعنى الثاني لما مرّ من أنّ إرادة الفاعل تتعلّق أي تضاف إلى الوجود فانّ الغرض والملاك في وجود الشيء.

٢٥٥

.................................................................................................

______________________________________________________

هذا ولكن قد يقال أنّ التفسير المتقدم لعنوان الخلاف غير صحيح فانّه يبتني على كون تشخص الطبيعي في الخارج بالعرض واللازم ، مع انّ وجود الطبيعي بنفسه له تشخّص ولا معنى لأن يكون وجود شيء آخر مشخّصا لوجود الطبيعي ، سواء كان الشيء الآخر عرضا ، أو لازما ، أو وجود غيرهما من جوهر مباين له أو عرض لمعروض آخر مقارنا لوجود الطبيعي ، وبتعبير آخر الوجود للطبيعي عين تشخص ذلك الطبيعي ، ووجود عرضه ولازمه تشخّص للعرض واللازم ، كما أنّ وجود مقارنه تشخص لذلك المقارن أو الملازم ، وذلك لأنّ الماهية سواء كانت جوهرا أو عرضا تتشخّص بنفس وجودها ، ووجودها يتشخّص بذاته كما هو مقتضى قاعدة كل ما بالعرض ينتهي إلى ما بالذات لا محالة.

وعليه لو أمكن أن لا يكون تشخّص الماهيّة بوجودها لأمكن أن لا تتشخص بوجود غيرها من عرض أو لازم أو ماهية أخرى مقارنة لها ، وقيام العرض في الخارج بمعروضه لا يوجب أن يتشخص العرض بوجود معروضه فالعرض وجوده مباين لوجود معروضه ولا يحمل العرض على معروضه ولا بالعكس فكيف يكون أحدهما مشخصا للآخر.

والحاصل أنّ إطلاق المشخصات للشيء على عوارضه ولوازمه مسامحة ولا يمكن أن يكون واقعيا ، وعلى ذلك فلا معنى للقول بأنّه عند تعلّق الأمر بشيء يدخل لوازم ذلك الشيء وعوارضه في متعلق الأمر سواء قيل بأنّ الأمر متعلّق بالطبيعي أو الفرد حيث إنّ الفرديّة لا تكون بتلك العوارض واللوازم بل عينية الطبيعي وتشخصه بوجوده لا بوجود فرده كما هو ظاهر.

نعم في المقام أمر غير مسألة تعلّق الأمر بالطبيعي أو الفرد حقيقة ، وهو أنّ الأمر

٢٥٦

.................................................................................................

______________________________________________________

بشيء يسري إلى عوارضه ولوازمه بل ملازماته نظرا إلى أنّ المتلازمين لا يمكن اختلافهما في الحكم بل يكونان متوافقين في الحكم ، وعلى القول بذلك لا يمكن اجتماع الأمر والنهي في مسألة جواز الاجتماع وعدمه حتى فيما كان التركيب بين عنواني المأمور به والمنهي عنه انضماميا ، وأمّا لو بني على عدم السراية فيجتمع الحكمان على تفصيل يأتي إن شاء الله تعالى ، والمقدار الثابت هو عدم جواز اختلاف المتلازمين في الحكم وأمّا توافقهما في الحكم فهو خاطئ جدّا إذن فابتناء مسألة تعلّق الأمر بالطبيعي أو الفرد على هذا التفسير غير ممكن كما لا يمكن ابتنائها على التفسير المتقدم (١).

أقول : إذا فرض عدم جواز اختلاف المتلازمين في الحكم أمر ثابت فيترتب عليه عدم جواز اجتماع الأمر والنهي في المجمع حتى فيما إذا كان العنوانان انضماميين فإنّ ثبوت الحكمين فيه يوجب اختلاف المتلازمين في الحكم فيلزم إخراج ذلك المجمع من خطاب الأمر أو خطاب النهي وإلّا لزم اختلاف المتلازمين في الحكم وهو غير جائز على الفرض.

ثمّ إنّه لا معنى لسراية الحكم إلى عارض المتعلق ولازمه إلّا بأخذ تلك اللوازم في متعلّق الحكم قيدا وهذا عبارة أخرى عن تعلّق الأمر بالشيء بلوازمه وعوارضه ، فإنّ الفرديّة للطبيعي وإن لم يكن باللوازم والعوارض ، بل تحقق الطبيعي تشخّص له والتشخّص عين الفرديّة إلّا أنّه لا ينافي التعبير عن الشيء الحاوي لعارضه ولازمه خارجا ، بالفرد لصحة حمل الطبيعي عليه بالحمل الشائع.

__________________

(١) المحاضرات ٤ / ١٩.

٢٥٧

.................................................................................................

______________________________________________________

ثمّ إنّه قد يفسّر عنوان الخلاف في تعلّق الأمر بالطبائع أو الافراد بوجه آخر كما عن سيدنا الأستاذ (دام ظلّه) وهو :

أنّ الخلاف يرجع إلى أنّ الطبيعي موجود في الخارج أم الموجود في الخارج هو الفرد ، فإنّه لا ينبغي التأمّل في تحقق الفرد من الطبيعي ويقع الكلام في أنّ المتحقق كما أنّه فرد كذلك تحقق للطبيعي أيضا فالمتحقق المزبور له إضافتان إضافة إلى الطبيعي وبهذا الاعتبار يكون تحقّقه يقينيا ونسبة التحقق إلى الطبيعي يكون من باب توصيف الشيء بوصف متعلّقه ، فمن التزم بتحقق الطبيعي يلتزم بأنّ الأمر يتعلّق بالطبيعي ومفاده طلب وجوده ، ومن يلتزم بعدم تحققه يلتزم بتعلّق الأمر بالفرد ويكون مفاده ايجاد الفرد حيث إنّ الطلب يتعلّق بما يدخل في القدرة وما هو داخل تحت القدرة ايجاد الفرد ولكن بما أنّ لنفس الطبيعي تحقق ، ويكشف عن ذلك حمله على ما في الخارج بلا عناية ، فانّه كما يقال هذا زيد كذلك يصح أنّ يقال انّه إنسان ، وبتعبير آخر تشخّص الطبيعي عين وجوده وتشخّص الوجود بنفسه ويتشخص الطبيعي بذلك الوجود بقانون كل ما بالعرض ينتهي إلى ما بالذات فلا موجب لتعلق الأمر بما هو خارج عن ذلك الطبيعي بأن يدخل في متعلّق الأمر ما لا دخل له من الغرض والمصلحة القائمة بنفس وجود الطبيعي وما في الخارج من اللازم والعارض مشخّص لذلك اللازم والعارض لا للطبيعي القائم به الغرض فتكون النتيجة أنّ القول الصحيح هو تعلق الأمر بالطبيعي لا الفرد (١).

أقول : قد تقدم بناء على وجود الطبيعي وانّ تشخّصه بعين الوجود تكون

__________________

(١) المحاضرات ٤ / ١٣.

٢٥٨

.................................................................................................

______________________________________________________

الفردية أيضا عين الوجود ، والتشخص والوجود والفردية تعابير عن شيء واحد وهي فعليّة الطبيعي فلا يمكن تعلّق الأمر بالفرد لأنّ الأمر هو طلب الوجود فانّه يصير من طلب وجود الوجود فلا بدّ للقائل بتعلّق الأمر بالفرد من إرادة معنى آخر للفرد ليمكن تعلّق الأمر به ويطلب وجوده.

وبتعبير آخر كما أنّ للطبيعي صورة في مقام لحاظه عند الأمر به وتمتاز تلك الصورة عن سائر الطبائع بصورها ويتعلّق الأمر بالطبيعي ويكون المراد من الأمر ، طلب فعليّته المعبّر عنها بالإيجاد ، كذلك لا بدّ في تعلق الأمر بالفرد من لحاظ صورة يمتاز ذلك الفرد بحسب اللحاظ عن سائر الافراد ، ومن الظاهر أنّ لحاظ الفرد يكون بلحاظ العارض واللازم ليتعلّق الأمر بصورته ويطلب ايجاد ذيها خارجا وهذا لا ينافي ما تقدّم من أنّ الفرد في مقام العين عين التشخّص والوجود للطبيعي وأنّه يمتاز فعلية الطبيعي عن فعليته الأخرى بنفس وجود ذلك الطبيعي.

وعلى ذلك فالقائل بتعلق الأمر بالفرد لا بدّ له من أن يلتزم بدخول التقيّد باللازم والعارض في متعلق الأمر وبما أنّ الفرد الواحد كاف في حصول الامتثال فلا محالة يتعلّق الأمر بالجامع الانتزاعي من الافراد نظير تعلّقه بالجامع الانتزاعي في موارد التخيير الشرعي وقد تقدم انّ الالتزام بتعلّق الأوامر بالافراد يستلزم الالتزام بانقلاب الواجبات التعيينيّة إلى التخييريّة الشرعيّة فالصحيح في تحرير محل النزاع هو ما ذكرناه في توضيح مرام صاحب الكفاية قدس‌سره والحمد لله ربّ العالمين.

٢٥٩
٢٦٠