مسعود بن عمر بن عبدالله [ سعد الدين التفتازاني ]
المحقق: الدكتور عبدالرحمن عميرة
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: منشورات الشريف الرضي
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٢٣
قال الإمام الغزالي (١) (رحمة الله تعالى عليه) : حقيقة الفضل ما هو عند الله ، وذلك مما لا يطلع عليه إلا رسول الله. وقد ورد في الثناء عليهم أخبار كثيرة ، ولا يدرك دقائق الفضل والترتيب فيه إلا المشاهدون للوحي والتنزيل بقرائن الأحوال. فلو لا فهم ذلك ، لما رتبوا الأمر كذلك إذ كان لا تأخذهم في الله لومة لائم ، ولا يصرفهم عن الحق صارف ، وأما فيمن عداهم فقد ورد النص بأن فاطمة سيدة نساء أهل الجنة ، وأن الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة ، وأن أهل بيعة الرضوان الذين بايعوه تحت الشجرة ، ومن شهد بدرا وأحدا والحديبية من أهل الجنة ، وحديث بشارة العشرة بالجنة مشهور ، يكاد يلحق بالمتواترات وهم : أبو بكر ، وعمر ، وعثمان ، وعلي ، وطلحة ، والزبير ، وعبد الرحمن بن عوف ، وسعد بن أبي وقاص ، وسعيد بن زيد ، وأبو عبيدة بن الجراح. وأما إجمالا فقد تطابق الكتاب والسنة ، والإجماع على أن الفضل للعلم والتقوى. قال الله تعالى : (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقاكُمْ) (٢).
وقال الله تعالى : (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ) (٣).
وقال الله تعالى : (يَرْفَعِ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجاتٍ) (٤).
وقال النبي (صلىاللهعليهوسلم) : «الناس سواسية كأسنان المشط ، لا فضل لعربي على عجمي ، إنما الفضل بالتقوى».
وقال (عليهالسلام) : «إن فضل العالم على العابد كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب». وإن العلماء ورثة الأنبياء.
__________________
(١) هو محمد بن محمد الغزالي الطوسي ، أبو حامد ، حجة الإسلام فيلسوف ، متصوف ، له نحو مائتي مصنف ولد عام ٤٥٠ وتوفي عام ٥٠٥ ه رحل إلى نيسابور ثم إلى بغداد فالحجاز فبلاد الشام فمصر ، وعاد إلى بلدته من كتبه : إحياء علوم الدين ، وتهافت الفلاسفة ، والاقتصاد في الاعتقاد ، ومعارج القدس وغير ذلك كثير. راجع وفيات الأعيان ١ : ٤٦٣ وطبقات الشافعية ٤ : ١٠١ وشذرات الذهب ٤ : ١٠.
(٢) سورة الحجرات آية رقم ١٣.
(٣) سورة الزمر آية رقم ٩.
(٤) سورة المجادلة آية رقم ١١.
وقال (عليهالسلام) : فضل العالم على العابد كفضلي على أدناكم.
وقال (عليهالسلام) : من سلك طريقا يلتمس فيها علما ، سهل الله له طريقا إلى الجنة(١).
فإن قيل : يكاد يقع الإجماع على أن غير القرشي ليس بكفء للقرشي ، وهذا يدل على أن القرشي ، سيما الهاشمي ، سيما العلوي ، سيما الفاطمي أفضل من غيره ، وإن اختص بالعلم.
قلنا : اعتبار الكفاءة في النكاح لغرض تحصيل رضاء الأولياء ، وعدم لحوق العار ، ونحو ذلك مما يتعلق بأمر الدنيا والكلام في الفضل عند الله وكثرة الثواب ، وعلو الدرجة في الجنة ، وهل يتصور فضل آحاد القرشيين بل العلويين على علماء الدين وعظماء المجتهدين؟
فإن قيل : قال الله تعالى : (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) (٢)
وقال النبي صلىاللهعليهوسلم : «إني تركت فيكم ما إن أخذتم به لن تضلوا ، كتاب الله وعترتي أهل بيتي» (٣).
وقال صلىاللهعليهوسلم : أنا تارك فيكم الثقلين ، كتاب الله فيه الهدى والنور ، فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به ، وأهل بيتي ، وأذكركم الله في أهل بيتي ، أذكركم الله في أهل بيتي ، أذكركم الله في أهل بيتي.
__________________
(١) رواه أبو داود في كتاب العلم ١ ورواه الإمام البخاري في كتاب العلم ١٠ والترمذي في القرآن ١٠ والعلم ١٩ وابن ماجه في المقدمة ١٧ باب فضل العلماء والحث على طلب العلم ٢٢٣ ـ بسنده عن كثير بن قيس قال : سمعت رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ وذكره ، ورواه الإمام أحمد في المسند ٢ : ٢٥٢ ، ٣٢٥ ، ٤٠٧ (حلبى).
(٢) سورة الأحزاب آية رقم ٣٣.
(٣) الحديث أخرجه الإمام الترمذي في كتاب المناقب ٣٢ باب في مناقب أهل بيت النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ٣٧٨٦ ـ بسنده عن جابر بن عبد الله قال : رأيت رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم في صحبته يوم عرفة وهو على ناقته القصواء يخطب فسمعته يقول يا أيها الناس وذكره. قال الترمذي : وهذا حديث حسن غريب من هذا الوجه.
ومثل هذا يشعر بفضلهم على العالم وغيره.
قلنا : نعم لاتصافهم بالعلم والتقوى ، مع شرف النسب. ألا يرى أنه صلىاللهعليهوسلم قرنهم بكتاب الله في كون التمسك بهما منقذا من الضلالة ولا معنى للتمسك بالكتاب إلا الأخذ بما فيه من العلم والهداية فكذا في العترة. ولهذا قال النبي صلىاللهعليهوسلم : «من أبطأ به عمله ، لم يسرع به نسبه» (١).
قال : المبحث السابع ـ
(المبحث السابع ـ اتفق أهل الحق على وجوب تعظيم الصحابة. والكف عن الطعن فيهم ، سيما المهاجرين والأنصار لما ورد في الكتاب والسنة من الثناء عليهم ، والتحذير عن الإخلال بإجلالهم : «الله الله في أصحابي ، لا تتخذوهم غرضا من بعدي» «لا تسبوا أصحابي» «خير القرون قرني» ولو كانوا فسدوا بعده لما قال ذلك ، بل نبه ، وكثير مما حكي عنهم افتراءات ، وما صح فله محامل وتأويلات).
يجب تعظيم الصحابة والكف عن مطاعنهم ، وحمل ما يوجب بظاهره الطعن فيهم على محامل وتأويلات سيما للمهاجرين والأنصار وأهل بيعة الرضوان ، ومن شهد بدرا وأحدا والحديبية فقال : انعقد على علو شأنهم الإجماع وشهد بذلك الآيات الصراح ، والأخبار الصحاح ، وتفاصيلها في كتب الحديث والسير والمناقب. ولقد أمر النبيصلىاللهعليهوسلم بتعظيمهم وكف اللسان عن الطعن فيهم حيث قال : أكرموا أصحابي فإنهم خياركم.
وقال : «لا تسبوا أصحابي فلو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه» (٢).
__________________
(١) هذا جزء من حديث طويل رواه ابن ماجه في المقدمة ١٧ باب فضل العلماء ، والحث على طلب العلم ، ٢٢٥ ـ بسنده عن أبي هريرة قال رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ وذكره ورواية أبي داود في كتاب العلم ١ ، والترمذي في كتاب القرآن ١٠ والدارمي في المقدمة ٣٢ ، وأحمد بن حنبل في المسند ٢ : ٢٥٢ ، ٤٠٧ (حلبى).
(٢) الحديث رواه الإمام مسلم ـ في كتاب فضائل الصحابة ٥٤ باب تحريم الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ
وقال رسول الله (صلىاللهعليهوسلم) : «الله الله في أصحابي ، الله الله في أصحابي ، لا تتخذوهم غرضا من بعدي ، فمن أحبهم فبحبي أحبهم ، ومن أبغضهم فببغضي أبغضهم»(١).
وللروافض سيما الغلاة منهم مبالغات في بغض البعض من الصحابة (رضي الله عنهم) والطعن فيهم بناء على حكايات وافتراءات لم تكن في القرن الثاني والثالث. فإياك والإصغاء إليها. فإنها تضل الأحداث ، وتحير الأوساط ، وإن كانت لا تؤثر فيمن له استقامة على الصراط المستقيم. وكفاك شاهدا على ما ذكرنا أنها لم تكن في القرون السالفة ، ولا فيما بين العترة الطاهرة بل ثناؤهم على عظماء الصحابة وعلماء السنة والجماعة ، والمهديين من خلفاء الدين مشهور وفي خطبهم ورسائلهم وأشعارهم ومدائحهم مذكور. والله الهادي.
قال : وتوقف علي (رضي الله عنه)
(وتوقف علي (رضي الله تعالى عنه) في بيعة أبي بكر كان للحزن والكآبة ، وعدم الفراغ للنظر والاجتهاد ، وعن نصرة عثمان بعدم رضاه ، لا برضاه ، ولهذا قال : والله ما قتلت عثمان ، ولا مالأت عليه. وتوقف في قبول البيعة إعظاما للحادثة ، وإنكارا ، وعن قصاص القتلة لشوكتهم (٢) أو لأنهم عنده بغاة. والباغي لا يؤاخذ بما أتلف من الدم والمال عند البعض)
قد استقرت آراء المحققين من علماء الدين على أن البحث عن أحوال الصحابة وما جرى بينهم من الموافقة والمخالفة ليس من العقائد الدينية ، والقواعد الكلامية ، وليس له نفع في الدين ، بل ربما يضر باليقين ، إلا أنهم ذكروا نبذا من ذلك لأمرين :
__________________
ـ ٢٢١ ـ (٢٥٤٠) بسنده عن أبي صالح عن أبي هريرة قال : قال رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ قال : وذكره. وأبو داود في السنة ١٠ والترمذي في المناقب ٥٨ ، وأحمد بن حنبل في المسند ٣ : ١١
(١) الحديث رواه الإمام أحمد في المسند ٥ : ٥٤ ، ٥٧ (حلبى).
(٢) الشوكة ، واحدة الشوك ، وشاكته الشوكة : أي دخلت في جسده ، والشوكة : شدة البأس ، والحد في السلاح وشوكة العقرب : إبرتها.
أحدهما صون الأذهان السليمة عن التدنس بالعقائد الردية التي توقعها حكايات بعض الروافض ورواياتهم.
وثانيها ابتناء بعض الأحكام الفقهية في باب البغاة عليها. إذ ليس في ذلك نصوص يرجع إليها ، ولهذا قال أبو حنيفة (١) (رحمهالله تعالى) لو لا علي لم نكن نعرف السيرة في الخوارج وكان النبي (صلىاللهعليهوسلم) خص عليا (رضي الله عنه) بتعليم تلك الأحكام لما علم من اختصاصه بالحاجة إليها أو علمها غيره أيضا ، لكنهم لم يحتاجوا إلى البيان والتبليغ لما رأوا من معاملة علي (رضي الله تعالى عنه) على وفقها من غير تغيير ، فنقول أما توقف علي (رضي الله عنه) في بيعة أبي بكر (رضي الله تعالى عنه) فيحمل على أنه لما أصابه من الكآبة والحزن بفقد رسول الله (صلىاللهعليهوسلم) لم يتفرغ للنظر والاجتهاد فلما نظر وظهر له الحق ، دخل فيما دخل فيه الجماعة. وأما توقفه عن نصرة عثمان (رضي الله تعالى عنه) ، ودفع الغوغاء عنه فلأنه لم يأذن في ذلك وكان يتجافى عن الحرب وإراقة الدماء ، حتى قال : من وضع السلاح من غلماني فهو حر. ومع ذلك فقد دفع عنه الحسنان (٢) (رضي الله عنهما) ولم ينفع ، وكان ما كان ، ولم يكن رضا من علي (رضي الله عنه) بذلك وإعانة عليه. ولهذا قال (رضي الله عنه) : والله ما قتلت عثمان ولا مالأت عليه وتوقف في قبول البيعة إعظاما لقتل عثمان وإنكارا ، وكذا طلحة والزبير. إلا أن من حضر من وجوه المهاجرين والأنصار أقسموا عليه وناشدوه الله في حفظ بقية الأمة وصيانة دار الهجرة ، إذ قتلة عثمان قصدوا الاستيلاء على المدينة ، والفتك بأهلها وكانوا جهلة لا سابقة لهم في الإسلام ، ولا علم لهم بأمر الدين ، ولا صحبة مع الرسول (صلىاللهعليهوسلم) فقبل البيعة. وتوقفه عن قصاص قتلة عثمان (رضي الله تعالى عنه) إما لشوكتهم وكثرتهم وقوتهم وحرصهم بالخروج على من يطالبهم بدمه. فاقتضى النظر الصائب تأخير الأمر احترازا عن إثارة الفتنة وإما لأنه رأى أنهم بغاة لما لهم من المنعة الظاهرة والتأويل
__________________
(١) هو النعمان بن ثابت ، أبو حنيفة ، أحد الأئمة الأربعة ولد عام ٨٠ ه وتوفي عام ١٥٠ ه وراجع تاريخ بغداد ١٣ : ٣٢٣ ـ ٤٢٣ وابن خلكان ٢ : ١٦٣ ، والنجوم الزاهرة ٢ : ١٢ والبداية والنهاية ١٠ : ١٠٧.
(٢) الحسن ، والحسين أولاد الإمام علي وأمهما فاطمة الزهراء بنت الرسول ـ صلىاللهعليهوسلم.
الفاسد حيث استحلوا دمه بما أنكروا عليه من الأمور ، وأن الباغي إذا إنقاد لإمام أهل العدل. لا يؤاخذ بما سبق منه من إتلاف أموالهم وسفك دمائهم ، على ما هو رأي بعض المجتهدين.
وقال : وامتناع سعد
(وسعيد وغيرهما عن الخروج معه إلى الحروب كان لاجتهاد منهم ، وترك إلزام منه ، لا لنزاع في إمامته أو إباء عن طاعته).
يعني أن امتناع جماعة من الصحابة (رضي الله عنهم) كسعد بن أبي وقاص (١) وسعيد بن زيد ، وأسامة بن زيد ، وعبد الله بن عمر ، وغيرهم عن نصرة علي (رضي الله عنه) والخروج معه إلى الحروب لم يكن عن نزاع منهم في إمامته ولا عن إباء عما وجب عليهم من طاعته. بل لأنه تركهم واختيارهم من غير إلزام على الخروج الى الحروب ، فاختاروا ذلك بناء على أحاديث رووها على ما قال محمد بن سلمة أن رسول الله (صلىاللهعليهوسلم) عهد إليّ إذا وقعت الفتنة أن أكسر سيفي ، واتخذ مكانه سيفا من خشب.
وروى سعد بن أبي وقاص أنه قال (صلىاللهعليهوسلم) سيكون بعدي فتنة القاعد فيها خير من القائم والقائم فيها خير من الماشي ، والماشي فيها خير من الساعي (٢).
وقال (صلىاللهعليهوسلم) : قتال المسلم كفر وسبابه فسق ، ولا يحل للمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاثة أيام. فلم تأثموا قعدوا عن الحروب.
قال : وأما في حرب الجمل
__________________
(١) هو سعد بن أبي وقاص مالك بن أهيب بن عبد مناف القرشي الزهري أبو إسحاق الصحابي الأمير فاتح العراق ، ومدائن كسرى ، وأحد الستة الذين عينهم عمر للخلافة ، وأول من رمى بسهم في سبيل الله ولد عام ٢٣ ق. ه وتوفي عام ٥٥ ه راجع الرياض النضرة ٢ : ٢٩٢ والتهذيب ٣ : ٤٨٣ وصفوة الصفوة ١ : ١٣٨
(٢) الحديث رواه الإمام الترمذي في كتاب الفتن ٢٩ باب ما جاء تكون فتنة القاعد فيها خير من القائم ، ٢١٩٤ ـ بسنده عن بسر بن سعيد أن سعد بن ابي وقاص قال عند فتنة عثمان بن عفان أشهد أن رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ قال : ورواه الإمام البخاري في كتاب الفتن ٩ ، والمناقب ٢٥ ، والإمام مسلم في الفتن ١٠ ، ١٣ والإمام أحمد بن حنبل في المسند ١ : ١٦٩ ، ١٨٥ ، ٢ : ٢٨٢ ، ٤٠٨ ، ٤ ، ١٠٦ ، ١١٠ (حلبى).
(وحرب صفين وحرب الخوارج ، فالمصيب علي ، لما ثبت له من الإمامة وظهر من التفاوت ، لا كلتا الطائفتين على ما هو رأي المصوبة ولا إحداهما من غير تعيين على ما هو رأي بعض المعتزلة والمخالفون بغاة لخروجهم على الإمام الحق لشبهة. لا فسقة أو كفرة على ما يزعم الشيعة جهلا بالفرق بين المخالفة والمحاربة بالتأويل وبدونه. ولهذا نهى علي عن لعن أهل الشام ، وقال : إخواننا بغوا علينا. وقد صح رجوع أصحاب الجمل. على أن منا من يقول : إن الحرب لم تقع عن عزيمة. وإن قصد عائشة (رضي الله عنها) لم يكن إلا إصلاح ذات البين).
قاتل علي (رضي الله عنه) ثلاث فرق من المسلمين على ما قال النبي (صلىاللهعليهوسلم) : إنك تقاتل الناكثين والمارقين والقاسطين. فالناكثون هم الذين نكثوا العهد والبيعة ، وخرجوا إلى البصرة ، مقدمهم طلحة والزبير (رضي الله عنهما) وقاتلوا عليا (رضي الله عنه) بعسكر مقدمهم عائشة (رضي الله عنها) في هودج على جمل أخذ بخطامه كعب بن مسعود ، فسمى ذلك الحرب حرب الجمل. والمارقون هم الذين نزعوا اليد عن طاعة علي (رضي الله عنه) بعد ما بايعوه وتابعوه في حرب أهل الشام زعما منهم أنه كفر حيث رضي بالتحكيم ، وذلك أنه لما طالت محاربة علي (رضي الله عنه) ومعاوية بصفين واستمرت ، اتفق الفريقان على تحكيم أبي موسى الأشعري ، وعمرو بن العاص في أمر الخلافة ، وعلي الرضا بما يريانه ، فاجتمع الخوارج على عبد الله بن وهب الراسبي (١) وساروا إلى النهروان ، وسار إليهم علي (رضي الله عنه) بعسكره وكسرهم ، وقتل الكثير منهم ، وذلك حرب الخوارج وحرب النهروان. والقاسطون معاوية وأتباعه الذين اجتمعوا عليه ، وعدلوا عن طريق الحق الذي هو بيعة علي (رضي الله عنه) والدخول تحت طاعته ، ذهابا إلى أنه
__________________
(١) هو عبد الله بن وهب الراسبي ، من الأزد من أئمة الأباضية كان ذا علم ، ورأي وفصاحة ، وشجاعة ، وكان عجبا في العبادة ، أدرك النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ، وشهد فتوح العراق مع سعد بن أبي وقاص ثم كان مع علي في حروبه ولما وقع التحكيم أنكره جماعة ، فيهم الراسبي ، فاجتمعوا في النهروان (بين بغداد وواسط) وأمروه عليهم فقاتلوا عليا وقتل الراسبي في هذه الوقعة عام ٣٨ ه.
مالأ على قتل عثمان (رضي الله عنه) حيث ترك معاونته ، وجعل قتلته خواصه وبطانته ، فاجتمع الفريقان بصفين ، وهي قرية خراب من قرى الروم على غلوة من الفرات ، ودامت الحرب بينهم شهورا ، فسمي ذلك حرب صفين. والذي اتفق عليه أهل الحق أن المصيب في جميع ذلك علي (رضي الله عنه) لما ثبت من إمامته ببيعة أهل الحل والعقد وظهر من تفاوت إما بينه وبين المخالفين سيما معاوية وأحزابه ، وتكاثر من الأخبار في كون الحق معه ، وما وقع عليه الاتفاق حتى من الأعداء إلى أنه أفضل زمانه. وأنه لا أحق بالإمامة منه. والمخالفون بغاة لخروجهم على الإمام الحق بشبهة هي تركه القصاص من قتلة عثمان (رضي الله عنه) ولقوله صلىاللهعليهوسلم لعمار : «تقتلك الفئة الباغية» وقد قتل يوم صفين على يد أهل الشام. ولقول علي (رضي الله تعالى عنه) : إخواننا بغوا علينا ، وليسوا كفارا ولا فسقة ولا ظلمة لما لهم من التأويل. وإن كان باطلا فغاية الأمر أنهم أخطئوا في الاجتهاد. وذلك لا يوجب التفسيق ، فضلا عن التكفير. ولهذا منع علي (رضي الله عنه) أصحابه من لعن أهل الشام ، وقال : إخواننا بغوا علينا. كيف وقد صح ندم طلحة والزبير (رضي الله عنهما) وانصراف الزبير (رضي الله عنه) عن الحرب ، واشتهر ندم عائشة (رضي الله عنها). والمحقون من أصحابنا على أن حرب الجمل كانت فلتة من غير قصد من الفريقين ، بل كانت تهييجا من قتلة عثمان (رضي الله عنه) حيث صاروا فرقتين ، واختلطوا بالعسكرين ، وأقاموا الحرب خوفا من القصاص ، وقصد عائشة (رضي الله عنها) لم يكن إلا إصلاح الطائفتين وتسكين الفتنة ، فوقعت في الحرب.
وما ذهب إليه الشيعة من أن محاربي علي كفرة ، ومخالفوه فسقة تمسكا بقوله (صلىاللهعليهوسلم) «حربك يا علي حربي». وبأن الطاعة واجبة ، وترك الواجب فسق ، فمن اجتراءاتهم وجهالاتهم حيث لم يفرقوا بين ما يكون بتأويل واجتهاد وبين ما لا يكون. نعم : لو قلنا بكفر الخوارج بناء على تكفيرهم عليا (رضي الله عنه) : لم يبعد ، لكنه بحث آخر.
فإن قيل : لا كلام في أن عليا أعلم وأفضل ، وفي باب الاجتهاد أكمل لكن من
أين لكم أن اجتهاده في هذه المسألة وحكمه بعدم القصاص على الباغي أو باشتراط زوال المنعة صواب ، واجتهاد القائلين بالوجوب خطأ ليصح له مقاتلتهم؟ وهل هذا إلا كما إذا خرج طائفة على الإمام ، وطلبوا منه الاقتصاص ممن قتل مسلما بالمثقل؟
قلنا : ليس قطعنا بخطئهم في الاجتهاد عائدا إلى حكم المسألة نفسه ، بل إلى اعتقادهم أن عليا (رضي الله عنه) يعرف القتلة بأعيانهم ، ويقدر على الاقتصاص منهم. كيف وقد كانت عشرة آلاف من الرجال يلبسون السلاح وينادون : أننا كلنا قتلة عثمان. وبهذا يظهر فساد ما ذهب إليه عمرو بن عبيدة (١) وواصل بن عطاء من أن المصيب إحدى الطائفتين ، ولا نعلمه على التعيين. وكذا ما ذهب إليه البعض من أن كلتا الطائفتين على الصواب بناء على تصويب كل مجتهد ، وذلك لأن الخلاف إنما هو فيما إذا كان كل منهما مجتهدا في الدين على الشرائط المذكورة في الاجتهاد ، لا في كل من يتخيل شبهة واهية ويتأول تأويلا فاسدا. ولهذا ذهب الأكثرون إلى أن أول من بغى في الإسلام معاوية ، لأن قتلة عثمان لم يكونوا بغاة بل ظلمة وعتاة ، لعدم الاعتداد بشبهتهم ، ولأنهم بعد كشف الشبهة أصروا إصرارا واستكبروا استكبارا.
قال : وفي حرب الخوارج
(الأمر أظهر إذ التحكيم لا يصلح شبهة في الخروج عن الطاعة كيف وهو نوع إصلاح وقد قال الله تعالى : (فَأَصْلِحُوا) والأمر بالقتال ليس للفور).
الأمر أظهر لأن الحكمة من نصب الإمام ، وهي تألف القلوب واجتماع الكلمة كما يحصل بالقتال فقد يحصل بالتحكيم ، سيما وقد شرط أن يحكم الحكمان
__________________
(١) هو عمرو بن عبيد بن باب التميمي بالولاء أبو عثمان البصري شيخ المعتزلة في عصره ، وفقيها ، وأحد الزهاد المشهورين كان جده من سبى فارس ، وأبوه نساجا ثم شرطيا للحجاج في البصرة ، واشتهر عمرو بعلمه وزهده وأخباره مع المنصور العباسي ، له رسائل وكتب منها «التفسير» والرد على القدرية ، توفي بمران (بقرب مكة) عام ١٤٤ ه وفي العلماء من يراه مبتدعا قال يحيى بن معين كان من الدهرية الذين يقولون : إنما الناس مثل الزرع. راجع وفيات الأعيان ١ : ٣٨٤ والبداية والنهاية ١٠ : ٧٨ وميزان الاعتدال ٢ : ٢٩٤.
بكتاب الله ثم سنة رسول الله. وأيضا ورد النص في إصلاح الزوجين بأن يبعثوا حكما من أهله ، وحكما من أهلها وغاية متشبثهم أن الله تعالى أوجب القتال لقوله تعالى : (فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلى أَمْرِ اللهِ) (١) فلا يجوز العدول عنه إلى التحكيم.
والجواب بعد تسليم كون الأمر للفور أو كون الفاء الجزائية للتعقيب أنه إنما أوجب القتال بعد إيجاب الإصلاح. وهذا إصلاح فلا يعدل عنه إلى القتال ما لم يتعذر.
فإن قيل : يزعمون أن الوقيعة في الصحابة (رضي الله عنهم) بالطعن واللعن والتفسيق والتضليل بدعة وضلالة وخروج عن مذهب الحق. والصحابة أنفسهم كانوا يتقاتلون بالسنان ويتقاولون باللسان بما يكره ، وذلك وقيعة.
قلنا : مقاولتهم ومخاشنتهم في الكلام كانت محض نسبة إلى الخطأ ، وتقرير على قلة التأمل وقصد إلى الرجوع إلى الحق. ومقاتلتهم كانت لارتفاع التباين ، والعود إلى الألفة والاجتماع بعد ما لم يكن طريق سواه.
وبالجملة فلم يقصدوا إلا الخير والصلاح في الدين وأما اليوم فلا معنى لبسط اللسان فيهم إلا التهاون بنقلة الدين ، الباذلين أنفسهم وأموالهم في نصرته ، المكرمين بصحبة خير البشر ومحبته.
قال : وأما بعدهم
(وأما بعدهم فقد جل المصاب وعظم الواقع ، واتسع الخرق على الراقع. إلا أن السلف بالغوا في مجانبة طريق الضلال خوفا من العاقبة ونظرا للمآل).
يعني أن ما وقع بين الصحابة من المحاربات والمشاجرات على الوجه المسطور في كتب التواريخ ، والمذكور على ألسنة الثقات يدل بظاهره على أن بعضهم قد حاد عن طريق الحق ، وبلغ حد الظلم والفسق. وكان الباعث له الحقد والعناد ، والحسد واللداد ، وطلب الملك والرئاسة والميل إلى اللذات والشهوات إذ
__________________
(١) سورة الحجرات آية رقم ١٠ وتكملة الآية (فَإِنْ فاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ).
ليس كل صحابي معصوما ولا كل من لقي النبي (صلىاللهعليهوسلم) بالخير موسوما (١) إلا أن العلماء لحسن ظنهم بأصحاب رسول الله (صلىاللهعليهوسلم) ذكروا لها محامل وتأويلات بها تليق ، وذهبوا إلى أنهم محفوظون عما يوجب التضليل والتفسيق صونا لعقائد المسلمين عن الزيغ والضلالة في حق كبار الصحابة ، سيما المهاجرين منهم والأنصار ، والمبشرين بالثواب في دار القرار. وأما ما جرى بعدهم من الظلم على أهل بيت النبي (صلىاللهعليهوسلم) فمن الظهور بحيث لا مجال للإخفاء ، ومن الشناعة بحيث لا اشتباه على الآراء ، إذ تكاد تشهد به الجماد والعجماء ، ويبكي له من في الأرض والسماء ، وتنهد منه الجبال ، وتنشق الصخور ، ويبقى سوء عمله على كر الشهور ومر الدهور ، فلعنة الله على من باشر ، أو رضي ، أو سعى ، ولعذاب الآخرة أشد وأبقى.
فإن قيل : فمن علماء المذهب من لم يجوز اللعن على يزيد (٢) مع علمهم بأنه يستحق ما يربو على ذلك ويزيد.
قلنا : تحاميا عن أن يرتقى إلى الأعلى فالأعلى ، كما هو شعار الروافض على ما يروى في أدعيتهم ويجري في أنديتهم فرأى المعتنون بأمر الدين إلجام العوام بالكلية طريقا إلى الاقتصاد في الاعتقاد وبحيث لا تزل الأقدام عن السواء ، ولا تضل الأفهام بالأهواء. وإلا فمن يخفى عليه الجواز والاستحقاق؟ وكيف لا يقع عليهما الاتفاق؟ وهذا هو السر فيما نقل عن السلف من المبالغة في مجانبة أهل الضلال ، وسد طريق لا يؤمن أن يجر إلى الغواية في المآل ، مع علمهم بحقيقة الحال وجلية المقال. وقد انكشف لنا ذلك حين اضطربت الأحوال واشرأبت الأهوال ،
__________________
(١) الحق يقال : أنه يجب على المسلمين عدم الخوض في هذه المسائل وتركها إلى الله تعالى وخصوصا بعد ما قال الرسول صلىاللهعليهوسلم ـ أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم وأحاديث أخرى كثيرة ، فالواجب على المسلمين أن يتركوا هذه المرحلة وأصحابها ويقولوا بقول الله تعالى : (تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَها ما كَسَبَتْ وَلَكُمْ ما كَسَبْتُمْ وَلا تُسْئَلُونَ عَمَّا كانُوا يَعْمَلُونَ). سورة البقرة آية رقم ١٤١.
(٢) هو يزيد بن معاوية بن أبي سفيان الأموي ثاني ملوك الدولة الأموية في الشام ولد بالماطرون عام ٢٥ ه ونشأ بدمشق ، وولي الخلافة بعد وفاة أبيه سنة ٦٠ ه وأبى البيعة له عبد الله بن الزبير ، والحسين ابن علي فانصرف الأول إلى مكة ، والثاني إلى الكوفة ، وفي زمنه فتح المغرب الأقصى على يد الأمير عقبة بن نافع ، وفتح سلم بن زياد بخارى وخوارزم توفي عام ٦٤ ه راجع الطبري حوادث ٦٤ وتاريخ الخميس ٢ : ٣٠٠ ومنهاج السنة ٢ : ٢٣٧ ـ ٢٥٤ وابن الأثير ٤ : ٤٩.
وحيث لا متسع ولا مجال والمشتكى إلى عالم الغيب والشهادة الكبير المتعالي.
قال : خاتمة
(قد وردت الأحاديث الصحيحة في ظهور إمام من ولد فاطمة الزهراء (رضي الله عنها) يملأ الدنيا قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما وقول الإمامية أنه قد ولد واختفى ما فوق أربعمائة سنة خوفا من الأعداء ذهاب بلا حجة إلى إمام بلا حكمة على أن الناس بعد بني العباس يطلبونه من السماء فما له. والاختفاء في نزول عيسى وخروج الدجال).
مما يلحق بباب الإمامة بحث خروج المهدي ، ونزول عيسى (صلىاللهعليهوسلم) وهما من أشراط الساعة. وقد وردت في هذا الباب أخبار صحاح ، وإن كانت آحادا. ويشبه أن يكون حديث خروج الدجال متواتر المعنى ، أما خروج المهدي فعن ابن عباس (رضي الله عنه) أنه قال : قال رسول الله (صلىاللهعليهوسلم) : «لا تذهب الدنيا حتى يملك العرب رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي».
وعن ابن سلمة ، قال : سمعت رسول الله (صلىاللهعليهوسلم) يقول : المهدي من عترتي ، من ولد فاطمة.
وعن أبي سعيد الخدري ، قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «المهدي مني ، أجلى الجبهة، أقنى الأنف ، يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا يملك سبع سنين» (١).
وعنه (رضي الله عنه) : قال : ذكر رسول الله (صلىاللهعليهوسلم) بلاء يصيب هذه الأمة حتى لا يجد الرجل ملجأ يلجأ إليه من الظلم ، فيبعث الله رجلا من عترتي ، فيملأ به الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما. فذهب العلماء إلى أنه إمام عادل من ولد فاطمة (رضي الله عنها) يخلقه الله تعالى متى شاء ، ويبعثه نصرة لدينه.
__________________
(١) هذه الأحاديث كلها أحاديث آحاد ، وأحاديث الآحاد لا يأخذ بها في إثبات العقائد ، وراجع كتابنا «المذاهب المعاصرة» وموقف الإسلام منها : طبعة لجيل».
وزعمت الإمامية (١) من الشيعة أن محمد بن الحسن العسكري اختفى عن الناس خوفا من الأعداء. ولا استحالة في طول عمره كنوح ولقمان والخضر (عليهمالسلام) وأنكر ذلك سائر الفرق ، لأنه ادعاء أمر يستبعد جدا ، إذ لم يعهد في هذه الأمة مثل هذه الأعمار من غير دليل عليه ولا أمارة ولا إشارة إقامة من النبي (صلىاللهعليهوسلم) ولأن اختفاء إمام هذا القدر من الأنام بحيث لا يذكر منه إلا الاسم بعيد جدا ، ولأن بعثه مع هذا الاختفاء عبث ، إذ المقصود من الإمامة الشريعة ، وحفظ النظام ، ودفع الجور. ونحو ذلك ولو سلم فكان ينبغي أن يكون ظاهرا ليظهر دعوى الإمامة كسائر الأئمة من أهل البيت ليستظهر به الأولياء وينتفع به الناس ، لأن أولى الأزمنة بالظهور هو هذا الزمان ، للقطع بأنه يتسارع إلى الانقياد له والاجتماع معه النسوان والصبيان ، فضلا عن الرجال والأبطال.
وأما نزول عيسى (عليهالسلام) : فعن رسول الله (صلىاللهعليهوسلم) أنه قال : «والذي نفسي بيده ليوشكن أن ينزل فيكم ابن مريم حكما عدلا ، فيكسر الصليب ، ويقتل الخنزير ..» الحديث (٢).
وقال (صلىاللهعليهوسلم) : «كيف أنتم إذا نزل ابن مريم فيكم وإمامكم منكم» ثم لم يرو في حاله مع إمام الزمان حديث صحيح سوى ما روي أنه قال (صلىاللهعليهوسلم) لا يزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين إلى يوم القيامة قال : فينزل عيسى بن مريم ، فيقول أميرهم : تعالى صل لنا. فيقول : لا ، إن بعضكم على بعض أمراء تكرمة إليه هذه الأمة. فما يقال : إن عيسى (صلىاللهعليهوسلم) يقتدي بالمهدي ، أو بالعكس شيء لا مستند له.
__________________
(١) الإمامية : هم الذين قالوا بالنص الجلي على إمامة علي رضي الله عنه ، وكفروا الصحابة ـ وهم الذين خرجوا على علي ـ رضي الله عنه عند التحكيم وكفروه ، وهم اثنا عشر ألف رجل كانوا أهل صلاة ، وصيام ، وفيهم قال النبي صلىاللهعليهوسلم يحقر أحدكم صلاته في جنب صلاتهم ، وصومه في جنب صومهم ، ولكن لا تتجاوز القراءة تراقيهم».
(٢) رواه الإمام مسلم في كتاب الإيمان ٧١ باب نزول عيسى بن مريم حاكما بشريعة نبينا محمد صلىاللهعليهوسلم ٢٤٢ ـ (١٥٥) بسنده عن أبي هريرة يقول : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم وذكره. ورواه الإمام البخاري في كتاب المظالم ٣١ ، والبيوع ١٠٢ والأنبياء ٤٩ ، وأبو داود في الملاحم ١٤ والترمذي في الفتن ٥٤ ، وابن ماجه في الفتن ٣٣ وأحمد بن حنبل في المسند ٢ : ٢٤٠ ، ٢٧٢ ٣٩٤ (حلبى).
فلا ينبغي أن يعول عليه نعم هو وإن كان حينئذ من أتباع النبي (صلىاللهعليهوسلم) فليس منعزلا عن النبوة ، فلا محالة يكون أفضل من الإمام ، إذ غاية علماء الأمة الشبه بأنبياء بني إسرائيل.
وأما قوله (صلىاللهعليهوسلم) : «لا مهدي إلا عيسى بن مريم» فلا يبعد أن يحمل على الهداية إلى طريق هلاك الدجال ، ودفع شره على ما تعلن به الأحاديث الصحاح ، فمن حديث طويل في الملاحم أنه يخرج الدجال بالشام ، فبينا المسلمون يعدون للقتال ، يسوون الصفوف إذ أقيمت الصلاة ، فينزل عيسى بن مريم فأمهم. فإذا رآه عدو الله ذاب كما يذوب الملح في الماء. فلو تركه لذاب حتى يهلك ، ولكن يقتله الله بيده فيريهم دمه في حربته. وفي هذا دليل على أن عيسى (صلىاللهعليهوسلم) يؤم المسلمين في تلك الصلاة.
وقال (صلىاللهعليهوسلم) : ليس ما بين خلق آدم إلى قيام الساعة أمر أكبر من الدجال.
وقال (صلىاللهعليهوسلم) : «ما من نبي إلا أنذر قومه الأعور الكذاب» (١) ثم وصفه ، وفصل كثيرا من أحواله.
وقال : ينزل عيسى بن مريم عند المنارة البيضاء شرقي دمشق ، فيطلبه حتى يدركه بباب لد ، فيقتله.
وقال (صلىاللهعليهوسلم) : الدجال يخرج من أرض بالشرق يقال لها خراسان ، يتبعه أقوام كأن وجوههم المجان المطرقة.
وقال (صلىاللهعليهوسلم) : يتبع الدجال من أمتي سبعون ألفا عليهم التيجان ، أي الطيالسة الخضر. ونرجو أن يكون المراد أمة الدعوة على ما قال (صلىاللهعليهوسلم) : يتبع الدجال يهود أصفهان سبعون الفا ، عليهم الطيالسة.
وقال (عليهالسلام) : من أدركه منكم فليقرأ عليه فواتح سورة الكهف ، فإنه جواركم من فتنته.
__________________
(١) الحديث رواه الترمذي في كتاب الفتن ٦٢ باب ما جاء في قتل عيسى ابن مريم الدجال ٢٢٤٥ بسنده عن قتادة قال سمعت أنسا قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم ـ وذكره وقال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح ورواه البخاري في كتاب الفتن ٢٦ ، وكتاب التوحيد ١٧ ورواه الإمام مسلم في كتاب الفتن ١٠١ ، وأبو داود في كتاب الملاحم ١٤ ، وأحمد بن حنبل في المسند ٣ : ١٠٣ (حلبى).
وقال (عليهالسلام) : من سمع بالدجال فلينأ عنه ، فو الله إن الرجل ليأتيه وهو يحسب أنه مؤمن فيتبعه مما تبعث له من الشبهات.
قال : وغير ذلك
(من الأشراط ، كدابة الأرض ، ويأجوج ومأجوج ، وطلوع الشمس من مغربها ، والخسوف الثلاثة ، وقلة العلم والأمانة ، وكثرة الفسق والخيانة ، ورئاسة الفساق والأرذال ، وفرط ازدياد عدد النساء على الرجال ، وإشفاء الإسلام على الزوال ، وانقضاء النظام إلى الانحلال ، وهذا هو الشر الذي يتبين منه خيرية القرون السابقة بحسب كثرة الثواب أيضا ، ويكون عند غاية قرب الساعة وانقراض زمن التوبة والطاعة ، فلا ينافي احتمال خيرية آخر الأمة على ما قال رسول الله (صلىاللهعليهوسلم) «مثل أمتي مثل المطر لا يدري أوله خير أم آخره»؟ (١) بناء على احتمال أن يفضل مع طول العهد وفساد الزمان ثواب المعرفة والإيقان والطاعة والإيمان ، ثبت الله قلوبنا على الدين ، ووفقنا لما يرضاه يوم الدين ، إنه خير موفق ومعين وصلى الله على النبي محمد وآله الطاهرين وأصحابه أجمعين ، والحمد لله رب العالمين).
من أشراط الساعة عن حذيفة بن أسيد الغفاري ، قال : اطلع النبي (صلىاللهعليهوسلم) علينا ونحن نتذاكر ، فقال : ما تذكرون؟ قلنا : نذكر الساعة ، قال : إنها لن تقوم حتى تروا قبلها عشر آيات ، فذكر الدخان ، والدجال ، والدابة ، وطلوع الشمس من مغربها ، ونزول عيسى بن مريم ، ويأجوج ومأجوج ، وثلاثة خسوف خسف بالمشرق وخسف بالمغرب وخسف بجزيرة العرب وآخر ذلك نار تخرج من اليمن تطرد الناس إلى محشرهم.
وقال (صلىاللهعليهوسلم) : إن أول الآيات خروجا طلوع الشمس من مغربها ، وخروج الدابة على الناس ضحى (٢).
__________________
(١) الحديث رواه الإمام الترمذي في كتاب الأمثال ٦ باب ٢٨٦٩ بسنده عن ثابت البناني عن أنس قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم ـ وذكره. قال : وفي الباب عن عمار ، وعبد الله بن عمرو ، وابن عمر وقال : هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه.
(٢) الحديث رواه ابن ماجه في كتاب الفتن ٢٨ باب الآيات ٤٠٥٥ بسنده عن حذيفة بن أسيد أبي ـ
وعن أبي ذر قال : قال رسول الله (صلىاللهعليهوسلم) حين غربت الشمس : أتدري أين تذهب هذه؟ قلت : الله ورسوله أعلم ، قال : فإنها تذهب حتى تسجد تحت العرش ، فتستأذن ، فيؤذن لها ، ويوشك أن تسجد فلا يقبل منها ، وتستأذن فلا يؤذن لها ، فيقال لها : ارجعي من حيث جئت ، فتطلع من مغربها. فذلك قوله تعالى : (وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَها) (١)
قال : مستقرها تحت العرش.
وقال (صلىاللهعليهوسلم) : إن من أشراط الساعة أن يرفع العلم ، ويكثر الجهل ، ويكثر شرب الخمر ، ويقل الرجال ، ويكثر النساء ، حتى يكون لخمسين امرأة قيم واحد (٢).
وقال رسول الله (صلىاللهعليهوسلم) : إذا ضيعت الأمانة فانتظر الساعة.
وقال رسول الله (صلىاللهعليهوسلم) : أول أشراط الساعة نار تحشر الناس من المشرق إلى المغرب.
وقال (صلىاللهعليهوسلم) : لا تقوم الساعة حتى تخرج نار من أرض الحجاز تضيء أعناق الإبل ببصرى (٣).
وقال (عليهالسلام) : لا تقوم الساعة حتى يتقارب الزمان ، فتكون السنة كالشهر ، والشهر كالجمعة ، وتكون الجمعة كاليوم ، ويكون اليوم كالساعة ، وتكون الساعة كالصرمة بالنار.
وقال (عليهالسلام) : لا تقوم الساعة إلا على شرار الخلق.
__________________
ـ سريحة قال : اطلع رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ وذكره. ورواه أبو داود في الملاحم ١٢ ، ومسلم في الفتن ٣٩ ، ٤٠ والترمذي في الفتن ٢١ وأحمد بن حنبل في المسند ٤ : ٦ ، ٧ (حلبى).
(١) سورة يس آية رقم ٣٨.
(٢) الحديث رواه الترمذي في كتاب الفتن باب ما جاء في أشراط الساعة ٢٢٠٥ ـ حدثنا محمود بن غيلان حدثنا النضر بن شميل ، حدثنا شعبة عن قتادة عن أنس قال رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ وذكره. قال الترمذي.
هذا حديث حسن صحيح.
(٣) الحديث رواه الإمام مسلم في كتاب الفتن وأشراط الساعة ١٤ باب لا تقوم الساعة حتى تخرج نار من أرض الحجاز ٤٢ ـ (٢٩٠٢) بسنده عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه أن رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ قال : وذكره.
وفي حديث آخر : لا تقوم حتى لا يقال في الأرض الله الله (١).
وذكر في حديث آخر ، من علامات الساعة أن تظهر الأصوات في المساجد ، وأن يسود القبيلة فاسقهم ، وأن يكون زعيم القوم أرذلهم ، وأن يكرم الرجل مخافة شره.
وبالجملة ، فالأحاديث في هذا الباب كثيرة رواها العدول الثقات وصححها المحدثون الأثبات ، ولا يمتنع حملها على ظواهرها عند أهل الشريعة لأن المعاني المذكورة أمور ممكنة عقلا. وزعمت الفلاسفة أن طلوع الشمس من مغربها مما يجب تأويله بانعكاس الأمور وجريانها على غير ما ينبغي وأوّل بعض العلماء النار الخارجة من الحجاز بالعلم والهداية ، سيما الفقه الحجازي ، والنار الحاشرة للناس بفتنة الأتراك ، وخروج الدجال بظهور السر والفساد ، ونزول عيسى (عليهالسلام) باندفاع ذلك وبدو الخير والصلاح ، وتقارب الزمان بقلة الخير والبركة وذهاب فائدة الأيام والأوقات ، أو بكثرة الغفلة والاشتغال بأمر الدنيا ولذاتها ، وبحدوث الفتن العظام الشاغلة لقلوب الأنام عما يمضي عليهم من الليالي والأيام. وأما يأجوج ومأجوج فقيل : من أولاد يافث بن نوح ، وقيل : جمع كثير من أولاد آدم أضعاف سائر بني آدم ، لأنه لا يموت الرجل منهم حتى ينظر إلى ألف ذكر من صلبه ، يحملون السلاح ، فمنهم من هو في غاية الطول خمسون ذراعا ، وقيل. مائة وعشرون ذراعا ، ومنهم من طوله وعرضه كذلك (٢) ومنهم من هو في غاية القصر ، كانوا يخرجون إلى قوم صالحين بقربهم ، فيهلكون زروعهم وضروعهم (٣) ويقتلونهم. فجعل ذو القرنين (٤) سدا دونهم ، فيحفرون كل يوم السد حتى إذا كادوا يرون شعاع الشمس ، قال الذي عليهم : ارجعوا فستحفرونه غدا ، فيعيده الله كما كان ، حتى إذا بلغت مدتهم حفروا حتى إذا كادوا يرون شعاع الشمس ، قال الذي
__________________
(١) الحديث رواه الإمام الترمذي في كتاب الفتن ٣٥ باب منه ٢٢٠٧ بسنده عن أنس قال : قال رسول اللهصلىاللهعليهوسلم وذكره. قال الترمذي : هذا حديث حسن.
(٢) في (ب) بزيادة (أكثر من ذلك).
(٣) في (ب) مواشيهم بدلا من (ضروعهم).
(٤) قال تعالى في سورة الكهف : (قالُوا يا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجاً عَلى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا).
عليهم : ارجعوا فستحفرونه غدا إن شاء الله فيعودون وهو كهيئته فيحفرونه ويخرجون ، مقدمتهم بالشام ، وساقتهم بخراسان فيشربون المياه ، وينحصر الناس منهم في حصونهم ، ولا يقدرون على إتيان مكة والمدينة وبيت المقدس ، فيرسل الله عليهم نغفا في أمعائهم ، فيهلكون جميعا ، فيرسل طيرا فيلقيهم في البحر ، ويرسل مطرا فيغسل الأرض. وخروجهم يكون بعد خروج الدجال وقتل عيسى إياه.
فإن قيل : بعض هذه الأحاديث يشعر بأن الأمة في آخر الزمان شر الخلق قليل الخير ، وقد قال النبي (صلىاللهعليهوسلم) : «مثل أمتي مثل المطر ، لا يدري أوله خير أم آخره» (١).
قلنا : الشرارة الظاهرة التي لا شك معها في خيرية القرون السابقة إنما هي عند غاية قرب الساعة ، وحين انقراض زمن التكليف ، أو كاد على ما ورد في الحديث أنه يمكث عيسى بن مريم في الناس بعد قتل الدجال سبع سنين ، ليس بين اثنين عداوة ، ثم يرسل الله ريحا باردة من قبل الشام فلا يبقى على وجه الأرض أحد في قلبه مثقال ذرة من خير أو إيمان (٢) إلا قبضته ، ويبقى شرار الناس في خفة الطير وأحلام السباع ، لا يعرفون معروفا ولا ينكرون منكرا ، فيأمرهم الشيطان بعبادة الأوثان ، وهم في ذلك دارّ رزقهم حسن عيشهم ، ثم ينفخ في الصور. وهذا ما قال (صلىاللهعليهوسلم) : «لا تقوم الساعة على أحد يقول : الله الله»(٣).
وأما في آخر الزمان عند كون الأمة في الجملة على الطاعة والإيمان ، فلا يبعد كونهم خيرا عند الله وأكثر ثوابا باعتبار انقيادهم وإيمانهم مع الغيبة عن مشاهدة نزول الوحي وظهور المعجزات ، وهبوط الخيرات والبركات ، وباعتبار ثباتهم على الإيمان والطاعات والعلوم والمعارف ، وإرشاد الطوائف مع فساد الزمان وشيوع المنكرات ، وكساد الفضائل ، ورواج الرذائل ، واستيلاء أهل
__________________
(١) سبق تخريج هذا الحديث في هذا الجزء.
(٢) سقط من (ب) لفظ (إيمان).
(٣) سبق تخريج هذا الحديث في هذا الجزء.
الجهل والعناد والشر والفساد. وهذا لا ينافي خيرية القرون الأولى ومن يليهم بكثرة الطاعات والعبادات ، وصفاء العقائد ، وخلوص النيات ، وقرب العهد بالنبي (صلىاللهعليهوسلم) وأصحابه ، ونحو ذلك على ما قال (صلىاللهعليهوسلم) : «خير القرون القرن الذي أنا فيهم ، ثم الذين يلونهم ، ثم الذين يلونهم ، ثم يفشو الكذب» (١).
فإن قيل : في أحاديث قرب الساعة ما يشعر بأنها تقوم قريبا ، كقوله (صلىاللهعليهوسلم) : «بعثت أنا والساعة كهاتين» (٢) يعني السبابة والوسطى. بل على أنها تكون قبل مائة سنة ، كقوله (صلىاللهعليهوسلم) : «يسألونني عن الساعة ، وإنما علمها عند الله ، وأقسم بالله ما على الأرض من نفس منفوسة يأتي عليها مائة سنه». وكقوله (صلىاللهعليهوسلم) : «لا يأتي مائة سنة وعلى الأرض نفس منفوسة» وها نحن اليوم شارفنا ثمان مائة سنة ، ولم يظهر شيء من تلك العلامات.
قلنا : المراد أن قرب الساعة من مستقبل الزمان بالإضافة إلى ما مضى كقرب ما بين الإصبعين ، أو كفضل الوسطى على السبابة. وحديث مائة سنة إنما هو في القيامة الصغرى المشار إليها بقوله (عليهالسلام) : «من مات فقد قامت قيامته» ، وقوله لجمع من الأعراب سألوه عن الساعة ، وقد أشار الى أصغرهم : «إن يعش هذا لا يدركه الهرم حتى يقوم عليكم ساعتكم» (٣) وإنما الكلام في القيامة الكبرى التي هي
__________________
(١) الحديث رواه الترمذي في كتاب الفتن ٤٥ باب ما جاء في القرن الثالث ٢٢٢٢ ـ بسنده عن عمران ابن حصين قال : قال رسول الله ـ وذكره. وقال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح ورواه البخاري في الشهادات ٩ وفضائل أصحاب النبي وابن ماجه في الأحكام ٢٧ ، وأحمد بن حنبل ١ : ٣٧٨ ، ٤١٧ (حلبى).
(٢) رواية الإمام البخاري في كتاب الرقاق ٣٩ ، والطلاق ٢٥ وتفسير سورة ٧٩ ، ورواه الإمام مسلم في الجمعة ٤٣ ، ١٣ باب تخفيف الصلاة والخطبة ٤٣ (٨٦٧) ـ بسنده عن جابر بن عبد الله قال رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ وذكره. ورواه أيضا في الفتن ١٣٢ ـ ١٣٥ ورواه ابن ماجه في المقدمة ٧ باب اجتناب البدع والجدل ٤٥ بسنده عن جابر بن عبد الله قال : كان رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ وذكره ..
(٣) الحديث رواه الإمام مسلم في كتاب الفتن وأشراط الساعة ٢٧ باب قرب الساعة ١٣٦ (٢٩٥٢) بسنده عن هشام عن أبيه عن عائشة قالت : كان الأعراب إذا قدموا على رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ سألوه عن الساعة متى الساعة. فنظر إلى أحدث إنسان منهم : وذكره.
حشر الكل وسوقهم إلى المحشر ، على أن الحديث ليس على عمومه لبقاء الخضر ، بل إلياس أيضا ، على ما ذهب إليه العظماء من العلماء من أن أربعة من الأنبياء في زمرة الأحياء. الخضر وإلياس في الأرض ، وعيسى وإدريس في السماء (عليهم لصلاة والسلام).
النهاية
تم بعون الله (الجزء الخامس)
من كتاب (شرح المقاصد)
وبانتهائه تم الكتاب
وكان الفراغ منه بحمد الله وتوفيقه
في ١٤ جمادى الآخرة ١٤٠٧ ه
في سلطنة عمان
وبالله التوفيق
وصلى الله وبارك على سيدنا
محمد وعلى آله وسلّم
(المحقق)