شرح المقاصد - ج ٥

مسعود بن عمر بن عبدالله [ سعد الدين التفتازاني ]

شرح المقاصد - ج ٥

المؤلف:

مسعود بن عمر بن عبدالله [ سعد الدين التفتازاني ]


المحقق: الدكتور عبدالرحمن عميرة
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: منشورات الشريف الرضي
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٢٣

تابوا لا يتناول الفاسق فإن المراد تابوا عن الشرك ، إذ لا معنى لطلب مغفرة من تاب عن المعاصي وعمل صالحا (١) عندكم لكونه عبثا أو طلبا لترك الظلم بمنع المستحق حقه. هذا بعد تسليم دلالة التخصيص بالوصف على نفي الحكم عما عداه.

وعن الثالث ـ بما سبق في مسألة انقطاع (٢) عذاب صاحب الكبيرة.

وعن الرابع ـ أن المراد «اجعلنا من أهل الشفاعة» على تقدير المعاصي كما في قولنا : اجعلنا من أهل المغفرة وأهل التوبة. وتحقيقه أن المتصف بالصفات إذا اختص بكرامة منشأها بعض تلك الصفات دون البعض ، لم يكن استدعاء أهلية تلك الكرامة ، الا استدعاء الصفة التي هي منشأ تلك الكرامة. ألا يرى أن المعالجة ، وإن لم تكن إلا للمريض لكن قولك : اللهم اجعلني من أهل العلاج ليس طلبا للمرض ، بل لقوة المزاج. فكذا هاهنا الشفاعة ، وإن اختصت بأهل الكبائر ، لكن منشأها الإيمان ، وبعض الحسنات التي تصير سببا لرضى الشفيع عنه ، وميله إليه. وبهذا يخرج الجواب عما قالوا أن من حلف بالطلاق أن يعمل ما يجعله أهلا للشفاعة أنه يؤمر بالطاعات ، لا المعاصي.

(خاتمة) الكبيرة المعصية التي تشعر بعلة الاكتراث بالدين. وقيل : التي توعد عليها الشارع بخصوصها. وقيل ، الشرك (٣) ، والقتل (٤) ، والقذف (٥) ، والزنا (٦) والفرار من الزحف ، والسحر ، وأكل مال اليتيم والعقوق والإلحاد في الحرم ، وقد يراد أكل الربا والسرقة وشرب الخمر.

__________________

(١) في (ب) بزيادة (وعمل عملا صالحا).

(٢) في (ب) انتهاء بدلا من (انقطاع).

(٣) قال تعالى : (إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ).

(٤) قال تعالى : (مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّما قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً).

(٥) قال تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ الْغافِلاتِ الْمُؤْمِناتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ). سورة النور آية ٢٣.

(٦) قال تعالى : (وَلا تَقْرَبُوا الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ). سورة الأنعام آية رقم ١٥١.

١٦١

ظاهر قوله تعالى : (إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ) (١).

يدل على أن الكبائر متميزة عن الصغائر بالذات ، لا كما قيل أن كل سيئة فهي بالنسبة إلى ما فوقها صغيرة ، وبالنسبة إلى ما تحتها كبيرة ، لأنه لا يتصور حينئذ اجتناب الكبائر إلا بترك جميع المنهيات ، سوى واحدة هي دون الكل ، وأني للبشر ذلك. فمن هاهنا ذهب بعضهم إلى تفسير الكبيرة بأنها التي تشعر بقلة الاكتراث بالدين ، أو التي توعد عليها الشارع بخصوصها. وبعضهم إلى تعيين الكبائر ، ففي رواية ابن عمر (رضي الله تعالى عنه) أنها : الشرك بالله ، وقتل النفس بغير حق ، وقذف المحصنة ، والزنا ، والفرار من الزحف ، والسحر ، وأكل مال اليتيم ، وعقوق الوالدين المسلمين ، والإلحاد في الحرم. وزاد في رواية أبي هريرة : أكل الربا. وفي رواية على : السرقة ، وشرب الخمر.

قال : المبحث الرابع عشر ـ في التوبة.

(الندم على المعصية لكونها معصية. وهل الندم لخوف النار ، أو طمع الجنة ، ولقبح المعصية مع غرض آخر ، وعند مرض مخوف توبة؟ فيه تردد ، وقد يزاد قيد العزم على الترك في الاستقبال ، ويزاد على تقدير الخطور والاقتدار حتى لو سلب القدرة ، لم يشترط العزم على الترك. والظاهر أنه للبيان ، دون الاحتراز. ومعنى الندم الأسف والحزن ، وتمنى كونه لم يفعل.

__________________

(١) الحديث أخرجه الإمام البخاري في كتاب الأدب ٥ باب إجابة دعاء بر الوالدين ٥٩٧٧ ـ حدثني محمد بن الوليد حدثنا محمد بن جعفر ، حدثنا شعبة ، حدثني عبيد بن عبد الله بن أبي بكر قال : سمعت أنس بن مالك ـ رضي الله عنه قال : ذكر رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ الكبائر ، أو سئل عن الكبائر فقال : وذكره. ورواه أيضا في الإيمان ١٦ والديات ٢ والاستتابة ١ ورواه الإمام الترمذي في تفسير سورة ٤ ، ٤ ، ٦ ، ٧ والنسائي في التحريم ٣ والقسامة ٤٨ والدارمي في الديات ٩ ، ورواه الإمام أحمد ابن حنبل في المسند ٢ ، ٢٠١ ٢١٤ ، ٣ : ٣٩٥؟ (حلبى).

١٦٢

وعلامته طول الحسرة والبكاء. واكتفى المعتزلة باعتقاد أنه إساءة ، وأنه لو أمكنه رد المعصية ، لردها. لأن أهل الجنة يندمون على تقصيرهم ، ولا حزن. ولأن العاصي مكلف بالتوبة دائما. وقد لا يمكنه تحصيل الحزن).

وهي في اللغة الرجوع. يقال : تاب وناب أو أناب إذا رجع. فإذا أسند إلى العبد ، أريد رجوعه عن الزلة إلى الندم. وإذا أسند إلى الله تعالى ، أريد رجوع نعمه وألطافه إلى عباده.

وفي الشرع هي الندم على المعصية لكونها معصية ، وقيد بذلك ، لأن الندم على المعصية لإضرارها ببدنه ، أو إخلالها بعرضه أو ماله ، أو نحو ذلك لا تكون توبة. وأما الندم لخوف النار ، أو طمع الجنة ، فهل تكون توبة؟ فيه تردد مبني على أن ذلك هل يكون ندما عليها لقبحها ولكونها معصية أم لا؟ وكذا في الندم عليها لقبحها مع غرض آخر. والحق أن جهة القبح إن كانت بحيث لو انفردت لتحقق الندم فتوبة. وإلا فلا ، كما إذا كان الغرض مجموع الأمرين ، لا كل واحد منهما. وكذا في التوبة عند مرض مخوف بناء على أن ذلك الندم هل يكون لقبح المعصية أم لا؟ بل للخوف ، كما في الآخرة عند معاينة النار ، فيكون بمنزلة إيمان اليأس.

والظاهر من كلام النبي (عليه‌السلام) قبول التوبة ما لم تظهر علامات الموت. ومعنى الندم تحزن وتوجع على أن فعل ، وتمني كونه لم يفعل. ولا بد من هذا للقطع بأن مجرد الترك كالماجن إذا مل مجونه فاستروح إلى بعض المباحات ليس توبة. ولقوله (عليه‌السلام) : الندم توبة (١). وقد يزاد قيد العزم على ترك المعاودة في المستقبل. واعترض بأن فعل المعصية في المستقبل قد لا

__________________

(١) الحديث رواه ابن ماجه في كتاب الزهد ٣٠ والإمام أحمد بن حنبل في المسند ١ : ٢٧٦ ، ٤٢٣ ، ٤٢٣ (حلبى).

١٦٣

يخطر بالبال لذهول أو جنون أو موت ، ونحو ذلك. وقد لا يقتدر عليه لعارض آفة ، كخرس في القذف ، وشلل أوجب في الزنا ، فلا يتصور العزم على الترك لما فيه من الإشعار بالقدر والاختيار. فأجيب بأن المراد العزم على الترك على تقدير الخطور والاقتدار ، حتى لو سلب القدرة لم يشترط العزم على الترك. بهذا يشعر كلام إمام الحرمين حيث قال : إن العزم على ترك المعاودة إنما يقارن التوبة في بعض الأحوال ، ولا يطرد في كل حال ، إذ العزم إنما يصح فيمن يتمكن من مثل ما قدمه. ولا يصح من المجبوب العزم على ترك الزنا ، ولا من الأخرس العزم على ترك القذف. فما ذكر في المواقف (١) من أن قولنا : «إذا قدر» لأن من سلب القدرة على الزنا ، وانقطع طمعه عن عود القوة إذا عزم على تركه ، لم يكن ذلك توبة منه ، ليس على ما ينبغي لإشعاره بأن العزم على الترك يصح مع عدم القدرة على الفعل. وبأن الندم على الفعل مع العزم على الترك لا يكفي في التوبة ، لكن لا بد من أمر ثالث هو بقاء القدرة. وكلام الإمام وغيره أن عند عدم القدرة لا يشترط في التوبة العزم ، بل لا يصح. ويكفي مجرد الندم. لا يقال : مراد المواقف أن مجرد هذا العزم بدون الندم ليس بتوبة ، لأنا نقول : هذا لغو (٢) من الكلام ، لا بيان لفائدة التقييد بالقدرة. وقد يتوهم أن تقديره القدرة قيد للترك ، لا للعزم. أي يجب العزم على أن لا يفعل على تقدير القدرة حتى يجب على من عرض له الآفة أن يعزم على أن لا يفعل لو فرض وجود القدرة. بهذا يشعر ما قال في المواقف أن الزاني المجبوب إذا ندم وعزم على أن لا يعود على تقدير القدرة ، فهو توبة عندنا ، خلافا لأبي هاشم. ثم التحقيق أن ذكر العزم إنما هو للتقدير والبيان ، لا التقييد والاحتراز. إذ النادم على المعصية لقبحها لا يخرج

__________________

(١) هو كتاب مكون من ثمانية أجزاء في أربعة مجلدات طبع قديما وعليه بعض الحواشي ويعتبر من أهم المراجع في علم الكلام للأشاعرة وصاحبه عضد الدين الايجي يسمى : عبد الرحمن بن أحمد توفي عام ٧٥٦ ه‍.

(٢) اللغو : الباطل ، وهو يشتمل الشرك كما قاله بعضهم ، والمعاصي كما قاله آخرون ، وما لا فائدة فيه من الأقوال والأفعال كما قال تعالى (وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ). سورة المؤمنون آية رقم ٣ وقال تعالى : (وَإِذا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِراماً). سورة الفرقان آية رقم ٧٢.

١٦٤

عن ذلك العزم البتة على تقدير الخطور والاقتدار.

هذا وقد شاع في عرف العوام إطلاق اسم التوبة على الاستئناف وإظهار العزم على ترك المعصية في المستقبل. وليس من التوبة في شيء ما لم يتحقق الندم والأسف على ما مضى ، وعلامته طول الحسرة والحزن ، وانسكاب الدموع. ومن نظر في باب التوبة من كتاب الإحياء للإمام حجة الإسلام ، وتأمل فيما يرى من قصة استغفار داود (عليه‌السلام) علم صعوبة (أمر التوبة) (١). والمعتزلة لما خرجوا بالكبيرة عن الإيمان ، وجزموا بالدخول ، بل الخلود في النيران ما لم يتوبوا ، هونوا أمر التوبة حتى اعتقد عوامهم أنه يكفي مجرد قول العاصي : تبت ورجعت. وخواصهم أنه يكفي أن يعتقد أنه أساء ، وأنه لو أمكنه رد تلك المعصية ، لردها. ولا حاجة إلى الأسف والحزن ، لأن أهل الجنة يندمون على تقصيرهم ، ولا حزن. وإنما الحزن لتوقع الضرر ، ولا ضرر مع الندم. ولأن العاصي مكلف بالتوبة في كل وقت ، ولا يمكنه تحصيل الغم والحزن ، فيلزم تكليف ما لا يطاق.

قال : وهي واجبة.

(وهي واجبة عندنا سمعا لقوله تعالى : (تُوبُوا إِلَى اللهِ جَمِيعاً).

وعند المعتزلة عقلا لما فيها من دفع الضر ، ووجوبها على الفور. فآثام التارك متلاحقة ، وقبولها ثابت عندنا بدليل ظني ، وواجب عند المعتزلة ذهابا

__________________

(١) التوبة النصوح. هو توثيق العزم على أن لا يعود لمثله قال ابن عباس ـ رضي الله عنهما : التوبة النصوح : الندم بالقلب ، والاستغفار باللسان والاقلاع بالبدن والاضمار على أن لا يعود. وقيل التوبة في اللغة : الرجوع عن الذنب وكذلك التوب قال الله تعالى غافر الذنب وقابل التوب ، وقيل التوب جمع توبة ، والتوبة في الشرع الرجوع عن الأفعال المذمومة إلى الممدوحة ، وهي واجبة على الفور عند عامة المسلمين أما الوجوب فلقوله تعالى : (وَتُوبُوا إِلَى اللهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) ، وأما الفورية فلما في تأخيرها من الإصرار المحرم ، والإنابة : قريبة من التوبة لغة وشرعا. والله أعلم.

١٦٥

إلى أن العقاب بعد التوبة ظلم. لأن من بالغ في الاعتذار إلى من أساء إليه ، سقط ذنبه. ولأن التكليف باق ، وهو تعريض للثواب. ولا يتصور إلا بسقوط العقاب. ولا طريق سوى التوبة. وضعفه ظاهر. ثم سقوط العقوبة عند أكثر المعتزلة بنفس التوبة. وعند بعضهم بكثرة ثوابها. وعندنا بمحض الكرم. والتوبة الصحيحة عبادة لا يبطل ثوابها بمعاودة الذنب. والتوبة ثانيا عبادة أخرى.

لا نزاع في وجوب التوبة. أما عندنا فسمعا لقوله تعالى : (وَتُوبُوا إِلَى اللهِ جَمِيعاً)(١). (تُوبُوا إِلَى اللهِ تَوْبَةً نَصُوحاً) (٢).

ونحو ذلك. وأما عند المعتزلة فعقلا لما فيها من دفع ضرر العقاب. ولما أن الندم على القبيح من مقتضيات العقل الصحيح. وهذا يتناول الصغائر أيضا ، فيكون حجة على البهشمية القائلين بوجوب التوبة عن الصغائر سمعا لا عقلا ، لسقوط عقوبتها. ثم المصرح في كلام المعتزلة أن وجوب التوبة على الفور حتى يلزمه بتأخير ساعة إثم آخر يجب التوبة عنه ، وهلم جرا. حتى ذكروا أن بتأخير التوبة عن الكبيرة ساعة واحدة تكون له كبيرتان : المعصية ، وترك التوبة. وساعتين أربع الأوليان ، وترك التوبة عن كل منهما. وثلاث ساعات ثمان ، وهكذا. وأما قبول التوبة ، فلا يجب عندنا إذ لا وجوب على الله تعالى. وهل ثبت سمعا ووعدا؟.

قال إمام الحرمين : نعم ، بدليل ظني ، إذ لم يثبت في ذلك نص قاطع لا يحتمل التأويل. وعند المعتزلة يجب ، حتى قالوا : إن العقاب بعد التوبة ظلم. لكن بمقتضى الجود على رأي البغدادية ، وبمقتضى العدل والحكمة على رأي الجمهور. واحتجوا بأن العاصي قد بذل وسعه في التلافي ، فيسقط عقابه ، كمن بالغ في الاعتذار إلى من أساء إليه سقط ذمه بالضرورة ، وبأن التكليف باق ، وهو

__________________

(١) سورة النور آية رقم ٣١.

(٢) سورة التحريم آية رقم ٨.

١٦٦

تعريض للثواب. ولا يتصور إلا بسقوط العقاب ، فوجب أن يكون له مخلص (١) من العقاب ، وليس غير التوبة ، فوجب أن يكون مخلصا (٢) ، وأكثر المقدمات مزخرف بل ربما يدعي القطع بأن من أساء إلى غيره ، وانتهك حرماته ، ثم جاء معتذرا لا يجب في حكم العقل قبول اعتذاره ، بل الخيرة إلى ذلك الغير ، إن شاء صفح ، وإن شاء جازاه.

وأما احتجاجنا بالإجماع على الابتهال إلى الله تعالى في وجوب قبول التوبة ، وعلى وجوب شكره على ذلك ، فربما يدفع بأن المسئول هو استجماعها بشرائط القبول. فإن الأمر فيه خطير. ووجوب القبول لا ينافي وجوب الشكر لكونه إحسانا في نفسه ، كتربية الوالد لولده ، يجب شكرها مع وجوبها. ثم اختلفوا في مسقط العقوبة. فعند أكثر المعتزلة بنفس التوبة ، وعند بعضهم بكثرة ثوابها ، إذ لو كان بنفس التوبة ، لسقط بتوبة لملجإ ، ويندم العاصي عند معاينة النار. ورد بمنع الندم في صورة الإلجاء ، وبمنع كونه للقبح في صورة المعاينة. واحتج الأكثرون بأنه لو كان بكثرة الثواب ، لما اختصت التوبة عن معصية معينة (٣) بسقوط عقابها دون أخرى ، لأن نسبة كثرة الثواب إلى الكل على السوية. ولما بقى فرق بين التوبة المتقدمة على المعصية والمتأخرة عنها في إسقاط عقابها ، كسائر الطاعات التي تسقط العقوبات بكثرة ثوابها. واللازم باطل للقطع بأن من تاب عن المعاصي كلها ، ثم شرب الخمر لا يسقط عنه عقاب الشرب (٤). وأما عندنا فهو بمحض عفو الله تعالى وكرمه وتوبته الصحيحة عبادة يثاب عليها تفضلا ، ولا تبطل بمعاودة الذنب ، ثم إذا تاب عنه ثانيا يكون عبادة أخرى.

فإن قيل : فعندكم حكم المؤمن المواظب (٥) على الطاعات ، المعصوم عن

__________________

(١) في (ب) منجى بدلا من (مخلص).

(٢) في (ب) منجيا بدلا من (مخلصا).

(٣) في (ب) بعينها بدلا من (معينة).

(٤) في (أ) بزيادة لفظ (الخمر).

(٥) في (ب) المؤدي بدلا من (المواظب).

١٦٧

المعاصي ، والمؤمن المصر على المعاصي طول عمرة ، من غير عبادة أصلا ، والمؤمن الجامع بين الطاعات والمعاصي من غير توبة ، والمؤمن التائب عن المعاصي واحد ، وهو التفويض إلى مشيئة الله تعالى من غير قطع بالثواب أو العقاب. فلا رجاء من الطاعة والتوبة ، ولا خوف من المعصية والإصرار. وهذه جهالة جاهلة ، ومكابرة تائهة.

قلنا : حكم الكل واحد في أنه لا يجب على الله تعالى في حقهم شيء. لكن يثيب المطيع والتائب البتة بمقتضى الوعد على تفاوت درجات. ويعاقب العاصي المصر بمقتضى الوعيد على اختلاف دركات. لكن مع احتمال العفو احتمالا مرجوحا ، فأين التساوي ، وانقطاع الخوف (١) والرجاء. نعم ، خوفنا لا ينهي إلى حد اليأس والقنوط ، إذ لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون.

ثم اختلفت المعتزلة في أنه إذا سقط استحقاق عقاب المعصية بالتوبة ، هل يعود استحقاق ثواب الطاعة الذي أبطله تلك المعصية؟ فقال أبو علي ، وأبو هاشم : لا ، لأن الطاعة تنعدم في الحال. وإنما يبقى استحقاق الثواب ، وقد سقط ، والساقط لا يعود.

وقال الكعبي : نعم ، لأن الكبيرة لا تزيل الطاعة ، وإنما تمنع حكمها ، وهو المدح والتعظيم ، فلا تزيل ثمرتها. فإذا صارت بالتوبة كأن لم تكن ، ظهرت ثمرة الطاعة كنور الشمس إذا زال الغيم.

وقال بعضهم ، وهو اختيار المتأخرين : لا يعود ثوابه السابق ، لكن تعود طاعته السالفة مؤثرة في استحقاق ثمراته ، وهو المدح. والثواب في المستقبل بمنزلة شجرة أحرقت النار أغصانها وثمارها ، ثم انطفأت النار ، فإنه يعود أصل الشجرة وعروقها إلى خضرتها وثمرتها.

__________________

(١) الخوف : لغة وعرفا : توقع حلول مكروه أو فوات محبوب وفي الاصطلاح الإشفاق من عذاب الله تعالى. وأما الرجاء فهو في اللغة : الأمل وفي العرف : تعلق القلب بحصول محبوب في المستقبل ، وفي الاصطلاح : الطمع في ثواب الله مع وجود الطاعة ، وكلاهما واجب على المكلف فلا يجوز خلو قلبه من أحدهما. قال تعالى : (يَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخافُونَ عَذابَهُ) وقال تعالى : (وَيَدْعُونَنا رَغَباً وَرَهَباً). وقال تعالى : (ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً).

١٦٨

قال : ولا يلزم تجديد الندم كلما ذكر.

(ولا يلزم تجديدها كلما ذكر الذنب خلافا للقاضي والجبائي ، ولا تعميمها).

المعصية ، لأنه قد أتى بما كلف به ، وخرج عن عهدته خلافا للقاضي منا ، وأبي علي من المعتزلة. وشبهتهما أنه لو لم يندم كلما ذكرها ، لكان مشتهيا لها ، فرحا بها ، وذلك إبطال للندم (١) ، ورجوع إلى الإصرار.

والجواب المنع ، إذ ربما يضرب عنها صفحا من غير ندم عليها ، ولا اشتهاء لها ، وابتهاج بها. ولو كان الأمر كما ذكر ، لزم أن لا تكون التوبة السابقة صحيحة.

وقال القاضي (٢) : إنه إن لم يجدد ندما ، كان ذلك معصية جديدة يجب الندم عليها ، والتوبة الأولى مضت على صحتها ، إذ العبادة الماضية لا ينقضها شيء بعد ثبوتها.

قال : ولا تعميمه لتصح

(للإجماع على صحة إسلام من أصر على بعض معاصيه. ولأن حقيقتها الرجوع والندم والعزم ، وقد وجدت.

وقال أبو هاشم : يجب أن يكون الندم لقبحها ، وهو شامل للكل ، ورد بأن الشامل للكل هو القبح ، لا قبحها).

المذهب أنه تصح التوبة عن بعض المعاصي مع الإصرار على بعض ، خلافا لأبي هاشم لنا الإجماع على أن الكافر إذا أسلم وتاب عن كفره ، مع استدامة بعض المعاصي ، صحت توبته وإسلامه ، ولم يعاقب إلا عقوبة تلك المعصية. وأيضا ليست التوبة عن تلك المعاصي إلا الرجوع عنها والندم عليها ،

__________________

(١) الندم : غم يصيب الإنسان ويتمنى أن ما وقع منه لم يقع ويقول الرسول ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم : (الندم توبة).

(٢) هو محمد بن الطيب بن محمد بن جعفر أبو بكر : قاض من كبار علماء الكلام توفي عام ٤٠٣ ه‍ راجع في ترجمته وفيات الأعيان ١ : ٤٨١ وقضاة الأندلس ٣٧ ـ ٤٠ وتاريخ بغداد ٥ : ٣٧٩ وفي دائرة المعارف الإسلامية ٣ : ٢٩٤ مزج علم الكلام بآراء جديدة أخذها عن الفلسفة اليونانية وله ترجمة واسعة كتبها بالتركية : ايزميرلي إسماعيل حقى في مجلة دار الفنون ، وله في ترتيب المدارك ترجمة واسعة.

١٦٩

والعزم على أن يعاودها ، وقد وجدت. وشبهة أبي هاشم الندم عليها يجب أن يكون لقبحها ، وهو شامل للمعاصي كلها ، فلا يتحقق الندم على قبيح مع الإصرار على قبيح.

وأجيب بأن الشامل للكل هو القبح ، لا قبحها. والتحقيق على ما ذكره صاحب التجريد هو أن الدواعي إلى الندم عن القبائح ، وإن اشتركت في كون الندم على القبيح لقبحه. لكن يجوز أن تترجح بعض الدواعي بأمور تنضم إليه ، كعظم المعصية أو قلة غلبة الهوى فيها. فيبعثه ذلك الترجح على الندم عن هذا البعض خاصة دون البعض الآخر ، لانتفاء ترجيح الداعي بالنسبة إليه. ولا يلزم من ذلك أن يكون الندم على البعض الذي تحقق (١) منه الترجيح ، لا قبحه. إذ لا يخرج الداعي بالنسبة إليه ، ولا يلزم من ذلك أن يكون الندم على البعض الذي تحقق منه الترجيح ، لا قبحه. إذ لا يخرج الداعي بهذا الترجيح عن الاشتراك في كونه داعيا إلى الندم على القبيح لقبحه. وهذا كما في الدواعي إلى الفعل لحسنه ، قد يترجح البعض ، فيخصص بعض الأفعال الحسنة بالوقوع. ولا يلزم من ترك البعض الآخر كون إيقاع هذا (٢) البعض ، لا لحسنه ، بل لغرض. غاية ما في الباب أنه حصل للداعي إلى هذا الفعل لحسنه رجحان لم يحصل للداعي إلى الفعل الآخر. وهذا ما قال أصحابنا أنه كما يجوز الإتيان بواجب لحسنه مع ترك واجب آخر ، يجوز ترك قبيح لقبحه مع الإصرار على قبيح آخر.

قال : ويكفي في الإجماع.

(وإن علمت الذنوب مفصلة ، خلافا لبعض المعتزلة. قالوا : وفي حق الله تعالى قد يكفي الندم كما في الفرار عن الزحف ، وترك الأمر بالمعروف. وقد يفتقر إلى زائد كما في الشرب ، وترك الصلاة والزكاة في حق العبد ، لا بد من تسليم حق العبد أو بدله إن كان الذنب ظلما ، كالغصب (٣) والقتل ، ومن إرشاده إن كان إضلالا (٤) ، ومن الاعتذار إليه إن كان إيذاء كالغيبة. والتحقيق أن الزائد

__________________

(١) في (ب) ارتكبه بدلا من (تحقق منه).

(٢) سقط من (ب) لفظ (هذا).

(٣) في (أ) الغضب وهو تحريف.

(٤) في (ب) ضالا بدلا من (إضلالا).

١٧٠

واجب آخر. إلا أنه قد لا يصح الندم بدونه ، كرد المغصوب).

يعني يكفي التوبة عن المعاصي كلها الإجمال ، وإن علمت مفصلة لحصول الندم والعزم (١). وذهب بعض المعتزلة إلى أنه لا بد من الندم تفصيلا فيما علم مفصلا. ورد بأنه مكلف بالتوبة في كل وقت مع امتناع اجتماع الذنوب الكثيرة في وقت واحد. فلو لم يكف الإجمال ، لزم تكليف ما لا يطاق.

قالوا : ثم إن كانت المعصية في خالص حق الله تعالى كالواجب ، فقد يكفي الندم ، كما في ارتكاب الفرار من الزحف وترك الأمر بالمعروف. وقد يفتقر إلى أمر زائد ، كتسليم النفس للحد في الشرب ، وتسليم ما وجب في ترك الزكاة ، ومثله في ترك الصلاة. وإن تعلقت بحقوق العباد ، لزم مع الندم إيصال حق العبد (٢) ، أو بدله إليه إن كان الذنب ظلما ، كما في الغصب ، والقتل العمد. ولزم إرشاده إن كان الذنب إضلالا له. والاعتذار إليه إن كان إيذاء كما في الغيبة. ولا يلزم تفصيل ما اغتابه به إلا إذا بلغه على وجه أفحش.

والتحقيق أن هذا الزائد واجب آخر خارج عن التوبة على ما قال إمام الحرمين أن القاتل إذا ندم من غير تسليم نفسه للقصاص ، صحت توبته في حق الله تعالى ، وكان منعه القصاص من مستحقه معصية متجددة تستدعي توبة. ولا يقدح في التوبة عن القتل. ثم قال: وربما لا يصح التوبة بدون الخروج من حق العبد ، كما في الغصب (٣) ، فإنه لا يصح الندم عليه مع إدامة اليد على المغصوب ، ففرق بين القتل والغصب.

قال : المبحث الخامس عشر

(المبحث الخامس عشر ـ قد أطبق الكتاب والسنة والإجماع على وجوب الأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر. فالمراد بالمعروف الواجب ، والمنكر الحرام. وإلا فالأمر بالمندوب ، أو النهي عن المكروه ليس بواجب ، بل مندوب. وقوله تعالى : (عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ) (٤).

__________________

(١) في (أ) لعزم بدلا من (العزم).

(٢) أي رد الحقوق لأصحابها كاملة غير منقوصة.

(٣) وهذا يكاد شبه اتفاق بين جميع الأئمة.

(٤) سورة المائدة آية رقم ١٠٥.

١٧١

معناه : أصلحوا أنفسكم لأداء الواجبات ، وترك المعاصي وبالأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر لا يضركم بعد النهي عنادهم وإصرارهم ، (لا إِكْراهَ فِي الدِّينِ) (١) منسوخ بآيات القتال ، ورخصة النبي (صلى‌الله‌عليه‌وسلم) في الترك إنما هي عند انتفاء الشرط ، وهو العلم بوجه المعروف والمنكر بتجويز التأثير وانتفاء المفسدة).

في الأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر. قد جرت عادة المتكلمين بإيرادهما في علم الكلام ، مع أنهما بالفروع أشبه ، وكأنهما يشبهان التوبة في الزجر عن ارتكاب المعصية ، والإخلال بالواجب. والمراد بالمعروف الواجب ، وبالمنكر الحرام ، ولهذا بتوا القول بأنهما واجبان مع القطع بأن الأمر بالمندوب ليس بواجب ، بل مندوب. والدليل على وجوبهما ، من غير توقف على ظهور الإمام كما يزعم الروافض ، الكتاب والسنة والإجماع.

أما الكتاب فقوله تعالى : (وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ) (٢). وقوله تعالى : (وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ) (٣).

وأما السنة فلقوله (عليه‌السلام) : «مر بالمعروف ، وانه عن المنكر ، واصبر على ما أصابك» (٤).

وقوله (عليه‌السلام) : «لتأمرون بالمعروف ولتنهون عن المنكر ، أو ليسلطن الله عليكم شراركم ، ثم يدعوا خياركم فلا يستجاب لكم».

وقوله (عليه‌السلام) : «من رأى منكم منكرا فليغيره بيده. فإن لم يستطع ، فبلسانه. فإن لم يستطع فبقلبه. وهذا أضعف الإيمان».

__________________

(١) سورة البقرة آية رقم ٢٥٦.

(٢) سورة آل عمران آية رقم ١٠٤.

(٣) سورة لقمان آية رقم ١٧.

(٤) الحديث رواه الإمام أحمد في المسند ٤ : ٢٩٩ وفيه زيادة «فإن لم تطق ذلك فكف لسانك إلا من الخير».

١٧٢

وأما الإجماع فهو أن المسلمين في الصدر الأول وبعده كانوا يتواصون بذلك ، ويوبخون تاركه مع الاقتدار عليه. فإن استدل على نفي الواجب بقوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ) (١).

وقوله تعالى : (لا إِكْراهَ فِي الدِّينِ) (٢).

وبما روي عن عائشة (رضي الله عنها) أنها قالت : قلنا : يا رسول الله ، متى لا يؤمر بالمعروف ولا ينهى عن المنكر؟ قال : «إذا كان البخل في خياركم ، وإذا كان الحكم في رذالكم ، وإذا كان الادهان في كباركم ، وإذا كان الملك في صغاركم» (٣).

أجيب بأن المعنى : أصلحوا أنفسكم بأداء الواجبات وترك المعاصي ، وبالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، ولا يضركم بعد النهي عنادهم وإصرارهم على المعصية أو لا يضر المهتدي إذا نهى ضلال الضال. وقوله : (لا إِكْراهَ) منسوخ بآيات القتال. على أنه ربما يناقش في كون الأمر والنهي إكراها. وأما الحديث فلا يدل إلا على نفي الوجوب عند فوات الشرط بلزوم المفسدة وانتفاء الفائدة. فإن من شرائط وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر علم الفاعل بوجههما من أنه واجب معين ، أو مخير مضيق ، أو موسع. عين أو كفاية. وكذا في المنفى.

وبالجملة العلم بما يختلف باختلافه حال الأمر والنهي ليقعا على ما ينبغي. ومنها تجويز التأثير بأن لا يعلم عدم التأثير قطعا لئلا يكون عبثا واشتغالا بما لا يعني.

فإن قيل : يجب ـ وإن لم يؤثر ـ إعزازا للدين.

قلنا : ربما تكون ذلك إذلالا. ومنها انتفاء مضرة ومفسدة أكثر من ذلك المنكر أو مثله. وهذا في حق الوجوب ، دون الجواز. حتى قالوا : يجوز وإن ظن أنه يقتل ولا ينكى نكاية بضرب ونحوه ، لكن يرخص له السكوت. بخلاف

__________________

(١) سورة المائدة آية رقم ١٧٥.

(٢) سورة البقرة آية رقم ٢٥٦.

(٣) لم نعثر على هذا الحديث في كتاب الصحاح والله أعلم

١٧٣

من يحمل وحده على المشركين ، ويظن أنه يقتل فإنه إنما يجوز إذا غلب على ظنه أنه ينكى فيهم بقتل أو جرح أو هزيمة.

قال : ولا يختص بالولاة.

(ولا يختص بالولاة إلا إذا انتهى إلى القتل ، ولا بأهل الاجتهاد إلا إذا كان مدركه الاجتهاد. ولا بمن لا يرتكب مثله لأنهما واجبان متميزان. ويسقط بقيام البعض عن الباقين لأنه فرض كفاية. وإذا نصب واحد كالمحتسب تعين عليه. وهل يجوز للمجتهد الاعتراض على آخر في محل الخلاف وفيه خلاف).

كان المسلمون في الصدر الأول وبعده يأمرون الولاة بالمعروف ، وينهونهم عن المنكر من غير نكير من أحد ولا توقيف على إذن ، فعلم أنه لا يختص بالولاة ، بل يجوز لآحاد الرعية بالقول والفعل. لكن إذا انتهى الأمر إلى نصب القتال ، وشهر السلاح ، ربط بالسلطان ، حذرا عن الفتنة. كذا ذكر إمام الحرمين ، وقال : إن الحكم الشرعي إذا استوى في إدراكه الخاص والعام ففيه للعالم وغير العالم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. وإذا اختص مدركه بالاجتهاد ، فليس للعوام فيه أمر ونهي بل الأمر فيه موكول إلى أهل الاجتهاد ثم ليس لمجتهد أن يتعرض بالردع والزجر على مجتهد آخر في موضع الخلاف. إذ كل مجتهد مصيب في الفروع عندنا.

ومن قال إن المصيب واحد ، فهو غير متعين عنده. وذكر في محيط الحنفية (١) أن للحنفي أن يحتسب على الشافعي في أكل الضبع. ومتروك التسمية عمدا. وللشافعي أن يحتسب على الحنفي في شرب المثلث ، والنكاح بلا ولي ، ثم لا يختص وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لمن يكون ورعا لا يرتكب مثله. بل من رأى منكرا وهو يرتكب مثله فعليه أن ينهى عنه. لأن تركه للمنكر ونهيه عنه فرضان متميزان ، ليس لمن ترك أحدهما ترك الآخر ، ثم هو فرض كفاية إذا قام به في كل بقعة (٢) من فيه غناء ، سقط الفرض عن الباقين. وهذا لا ينافي القول بأنه فرض على الكل ، لأن المذهب أن فرض

__________________

(١) هم أصحاب الإمام النعمان ثابت التميمي بالولاء الكوفي أبو حنيفة إمام الحنفية المجتهد توفي عام ١٥٠ ه‍ راجع تاريخ بغداد ١٣ : ٣٢٣ ـ ٤٢٣ وابن خلكان ٢ : ١٦٣ والنجوم الزاهرة ٢ : ١٢ والبداية والنهاية ١٠ : ١٠٧

(٢) في (ب) البعض بدلا من (بفعه).

١٧٤

الكفاية فرض على الكل ويسقط بفعل البعض. نعم ، إذا نصب لذلك أحد تعين عليه ، فيحتسب فيما يتعلق بحقوق الله تعالى من غير بحث وتجسس. وفيما يتعلق بحقوق العباد لا على وجه العموم كمطل المديون الموسر ، وتعدي الجار في جدار الجار ، يحتسب إذا استعداه صاحب الحق. وعلى العموم كتعطل شرب البلد. وانهدام سوره (١) وترك أهله رعاية أبناء السبيل المحتاجين مع عدم المال في بيت المال ، يحتسب ويأمر على الإطلاق ، وينكر على من يغير هيئات العبادات ، كالجهر في الصلاة السرية وبالعكس ، وعلى من يزيد في الأذان ، وعلى من يتصدى للإفتاء أو التدريس أو الوعظ وهو ليس من أهله ، وعلى القضاة إذا حجبوا (٢) الخصوم ، أو قصروا في النظر في الخصومات ، وعلى أئمة المساجد المطروقة إذا طولوا في الصلاة. وبهذا يعلم أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا يقتصر على الواجب والحرام ، وينبغي أن يحتسب برفق وسكون ، متدرجا إلى الأغلظ فالأغلظ ، بحسب حال المنكر. ذكر في المحيط (٣) للحنفية أن من رأى غيره مكشوف الركبة ينكر عليه برفق ، ولا ينازعه إن لج ، وفي الفخذ ينكر عليه بعنف ولا يضربه وإن لج ، وفي السوءة أدبه وإن لج قتله.

قال : الفصل الثالث في الأسماء والأحكام :

وفيه مباحث. هذه الترجمة شائعة في كلام المتقدمين ، ويعنون بالأسماء أسامي المكلفين في المدح ، مثل المؤمن ، والمسلم ، والمتقي ، والصالح ، وفي الذم مثل : الكافر ، والفاسق ، والمنافق. وبالأحكام ما لكل منها في الآخرة من الثواب والعقاب وكيفيتهما.

قال : المبحث الأول ـ الإيمان في اللغة : التصديق ، إفعال من الأمن للصيرورة أو التعدية.

(ويعدى بالباء واللام لملاحظة معنى الاعتراف والإذعان ، ولما أن مآله إلى أخذ الشيء صادقا ، والصدق مما يوصف به المتكلم ، والكلام والحكم تعلق بالشيء باعتبارات مختلفة مثل : آمنت بالله وبالملائكة ، وبالكتاب ، وبالرسول ، وباليوم

__________________

(١) في (ب) حوائطه بدلا من (سورة).

(٢) في (ب) منعوا بدلا من (حجبوا).

(٣) في (ب) بزيادة لفظ (كتاب).

١٧٥

الآخر ، وبالقدر. وأما في الشرع فإما أن يجعل لفعل القلب فقط ، او اللسان فقط ، أو كليهما وحدهما أو مع سائر الجوارح.

فعلى الأول هو اسم للتصديق (١) عند الأكثرين ، أعني تصديق النبي (صلى‌الله‌عليه‌وسلم) فيما علم مجيئه به بالضرورة. وللمعرفة عند الشيعة ، وجهم (٢) ، والصالحي.

وعلى الثاني للإقرار بشرط المعرفة عند الرقاشي ، وبشرط التصديق عند القطان ، وبلا شرط عند الكرامية.

وعلى الثالث لمجموع التصديق والإقرار ، وعليه أكثر المحققين ، إلا أنه كثيرا ما يقع في عباراتهم مكان التصديق المعرفة أو العلم أو الاعتقاد.

وعلى الرابع للإقرار باللسان ، والتصديق بالجنان ، والعمل بالأركان ، إما على أن يجعل تارك العمل خارجا عن الإيمان ، داخلا في الكفر ، وعليه الخوارج ، أو غير داخل فيه ، وعليه المعتزلة ، مختلفين في أن الأعمال فعل الواجبات ، وترك المحظورات ، أو مطلق فعل الطاعات. وإما على أن لا يجعل خارجا وعليه أكثر السلف. وهو المحكي عن مالك والشافعي ذهابا إلى أنه قد يطلق على ما هو الأساس في النجاة. وعلى الكامل المنجي بلا خلاف ، وإلا فانتفاء الشيء بانتفاء جزئه ضروري)

بحسب الأصل كأن المصدق صار ذا أمن من أن يكون مكذوبا ، أو جعل الغير آمنا من التكذيب والمخالفة. ويعدى بالباء لاعتبار معنى الإقرار والاعتراف ، كقوله تعالى : (آمَنَ الرَّسُولُ بِما أُنْزِلَ إِلَيْهِ) (٣).

وباللام لاعتبار معنى الإذعان والقبول كقوله تعالى حكاية : (وَما أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ

__________________

(١) في (أ) اسم للصديق وهو تحريف.

(٢) هو جهم بن صفوان السمرقندي أبو محرز من موالي بني راسب رأس الجهمية قال الذهبي : الضال المبدع هلك في زمان صغار التابعين ، وقد زرع شرا عظيما ، كان يقضي في عسكر الحارث ابن سريج ، الخارج على الأمراء فقبض عليه نصر وأمر بقتله فقتل. راجع ميزان الاعتدال ١ : ١٩٧ والكامل لابن الأثير حوادث سنة ١٢٨ ولسان الميزان ٢ : ١٤٢.

(٣) سورة البقرة آية رقم ٢٨٥.

١٧٦

لَنا وَلَوْ كُنَّا صادِقِينَ) (١).

ولما أنه في التحقيق عائد إلى أخذ الشيء صادقا ، والصدق مما يوصف به المتكلم ، والكلام والحكم يقع تعليقه بالشيء باعتبارات مختلفة مثل : آمنت بالله أي بأنه واحد متصف بما يليق ، منزه عما لا يليق ، وآمنت بالرسول ، أي بأنه مبعوث من الله تعالى ، صادق فيما جاء به. وآمنت بملائكته ، أي بأنهم عباده المكرمون ، المطيعون ، المعصومون ، لا يتصفون بذكورة ولا أنوثة ، ليسوا بنات الله ، ولا شركاءه وآمنت بكتبه وكلماته ، أي بأنها منزلة من عند الله ، صادقة فيما تتضمنه من الأحكام. وآمنت باليوم الآخر ، أي بأنه كائن البتة. وآمنت بالقدر ، أي بأن الخير والشر بتقدير الله ومشيئته ، ومرجع الكل إلى القبول والاعتراف. وأما في الشرع فاختلف الآراء في تحقيق الإيمان وفي كونه اسما لفعل القلب فقط ، أو فعل اللسان فقط ، أو لفعلهما جميعا ، وحدهما أو مع سائر الجوارح. وهذه طرق أربعة.

فعلى الأول قد يجعل اسما للتصديق. أعني تصديق النبي فيما علم مجيئه به بالضرورة. أي فيما اشتهر كونه مع الدين. بحيث يعلمه من غير افتقار إلى نظر واستدلال ، كوحدة الصانع ، ووجوب الصلاة ، وحرمة الخمر ، ونحو ذلك. ويكفي الإجمال فيما يلاحظ إجمالا. ويشترط التفصيل فيما يلاحظ تفصيلا ، حتى لو لم يصدق بوجوب الصلاة عند السؤال عنه. وبحرمة الخمر عند السؤال عنه كان كافرا. وهذا هو المشهور. وعليه الجمهور. وقد يجعل اسما للمعرفة. أعني معرفة ما ذكرناه ، ويتناول معرفة الله تعالى بوحدانيته ، وسائر ما يليق به ، وتنزهه عما لا يليق به ، وهو مذهب الشيعة (٢) ، وجهم بن صفوان ، وأبي الحسين الصالحي من القدرية. وقد يميل إليه الأشعري. وستعرف فرقا بين المعرفة والتصديق. ومن الناس من يكاد يقول

__________________

(١) سورة يوسف آية رقم ١٧.

(٢) الشيعة : هم الذين شايعوا عليا ـ رضي الله عنه على الخصوص ، وقالوا بإمامته وخلافته نصا ووصيه إما جليا وإما خفيا ، واعتقدوا أن الإمامة لا تخرج من أولاده وإن خرجت فبظلم يكون من غيره أو بتقية من عنده ، وقالوا ليست الإمامة بقضية مصلحة بل قضية أصولية. راجع الملل والنحل ١ : ١٤٦

١٧٧

بأنه اسم لمعنى آخر ، غير المعرفة. والتصديق هو التسليم. إلا أنه يعود بالآخرة إلى التصديق على ما يراه أهل التحقيق.

وعلى الثاني ، وهو أن يجعل اسما لفعل اللسان. أعني الإقرار بحقية ما جاء به النبي (عليه‌السلام). وقد يشترط معه معرفة القلب ، حتى لا يكون الإقرار بدونها إيمانا. وإليه ذهب الرقاشي زاعما أن المعرفة ضرورية يوجد لا محالة. فلا يجعل من الإيمان لكونه اسما لفعل مكتسب ، لا ضروري. وقد يشترط التصديق. وإليه ذهب القطان ، (١) وصرح بأن الإقرار الخالي عن المعرفة والتصديق لا يكون إيمانا. وعند اقترانه بهما يكون الإيمان هو الإقرار فقط. وقد لا يشترط شيء منهما. وإليه ذهب الكرامية ، حتى إن من أضمر الكفر ، وأظهر الإيمان ، يكون مؤمنا ، إلا أنه يستحق الخلود في النار. ومن أضمر الإيمان ، وأظهر الكفر ، لا يكون مؤمنا. ومن أضمر الإيمان ، ولم يتفق منه الإظهار والإقرار ، لم يستحق الجنة. وإذا تحققت فليس لهؤلاء الفرق الثلاث كثير خلاف في المعنى وفيما يرجع إلى الأحكام.

وعلى الثالث ، وهو أن يكون اسما لفعل القلب واللسان ، فهو اسم للتصديق المذكور ، مع الاقرار. وعليه كثير من المحققين ، وهو المحكي عن أبي حنيفة (رحمه‌الله تعالى). وكثيرا ما يقع في عبارات النحارير من العلماء مكان التصديق ، تارة المعرفة ، وتارة العلم ، وتارة الاعتقاد. فعلى هذا من صدق بقلبه ، ولم يتفق له الإقرار باللسان في عمره مرة ، لا يكون مؤمنا عند الله تعالى ، ولا يستحق دخول الجنة ، ولا النجاة من الخلود في النار. بخلاف ما إذا جعل اسما للتصديق فقط. فإن الإقرار حينئذ شرط لإجراء الأحكام في الدنيا من الصلاة عليه ، وخلفه ، والدفن في مقابر المسلمين ، والمطالبة بالعشور والزكاة ، ونحو ذلك. ولا يخفى أن الإقرار بهذا الغرض لا

__________________

(١) هو يحيى بن سعيد بن فروخ القطان التميمي بوسعيد من حفاظ الحديث ثقة حجة من أقران مالك وشعبة من أهل البصرة كان يفتي بقول أبي حنيفة وأورد له البلخي سقطات ولم يعرف له تأليف إلا ما في كشف الظنون من أن له كتاب المغازي. قال أحمد بن حنبل : ما رأيت بعيني مثل يحيى القطان توفي عام ١٩٨ ه‍ راجع تذكرة الحفاظ ١ : ٢٧٤ وتهذيب التهذيب ١١ : ٢١٦ وتاريخ بغداد ١٤ : ١٣٥ وكشف الظنون ١٤٦ والعبر للذهبي ١ : ٣٢٧.

١٧٨

بد أن يكون على وجه الإعلان والإظهار على الإمام وغيره من أهل الإسلام. بخلاف ما إذا كان لإتمام الإيمان ، فإنه يكفي مجرد التكلم ، وإن لم يظهر على غيره. ثم الخلاف فيما إذا كان قادرا ، وترك التكلم ، لا على وجه الإباء. إذا العاجز كالأخرس مؤمن وفاقا. والمصر على عدم الإقرار مع المطالبة به كافر وفاقا لكون ذلك من أمارات عدم التصديق. ولهذا أطبقوا على كفر أبي طالب. (١) وإن كابرت الروافض غير متأملين في أنه كان أشهر أعمام النبي (عليه‌السلام) ، وأكثرهم اهتماما به ، وأوفرهم حرصا من النبي (عليه‌السلام) على إيمانه. فكيف اشتهر إيمان حمزة والعباس (رضي الله عنهما) ، وشاع على رءوس المنابر فيما بين الناس ، وورد في إيمانهما الأحاديث المشهورة ، وكثر منهما في الإسلام المساعي المشكورة دون أبي طالب.

وأما على الرابع ، وهو أن يكون الإيمان اسما لفعل القلب واللسان والجوارح على ما يقال إنه إقرار باللسان ، وتصديق بالجنان ، وعمل بالأركان. فقد يجعل تارك العمل خارجا عن الإيمان ، داخلا في الكفر ، وإليه ذهب الخوارج ، أو غير داخل فيه ، وهو القول بالمنزلة بين المنزلتين ، وإليه ذهب المعتزلة ، إلا أنهم اختلفوا في الأعمال ، فعند أبي علي ، وأبي هاشم ، فعل الواجبات ، وترك المحظورات ، وعند أبي الهذيل ، وعبد الجبار ، فعل الطاعات واجبة كانت أو مندوبة ، إلا أن الخروج عن الإيمان ، وحرمان دخول الجنة بترك المندوب مما لا ينبغي أن يكون مذهبا لعاقل. وقد لا يجعل تارك العمل خارجا عن الإيمان ، بل يقطع بدخول الجنة ، وعدم خلوده في النار ، وهو مذهب أكثر السلف ، وجميع أئمة الحديث ، وكثير من المتكلمين ، والمحكى عن مالك والشافعي والأوزاعي (٢) ، وعليه إشكال ظاهر ، وهو أنه كيف لا ينتفي الشيء؟

__________________

(١) هو عبد مناف بن عبد المطلب بن هاشم من قريش أبو طالب والد علي ـ رضي الله عنه ، وعم النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ وكافله ومربيه وناصره كان من أبطال بني هاشم ورؤسائهم ومن الخطباء العقلاء الأباة ، وله تجارة نشأ النبي في بيته وسافر معه إلى الشام في صباه ولما ظهر الرسول ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ كان أبو طالب له نعم المساعد والمعين لم يسلم واستمر على ذلك إلى أن توفي عام ٣ ق. ه.

(٢) هو عبد الرحمن بن عمرو بن يحمد الأوزاعي أبو عمرو إمام الديار الشامية في الفقه والزهد ، ـ

١٧٩

أعني الإيمان. مع انتفاء ركنه ، أعني الأعمال. وكيف يدخل الجنة من لم يتصف بما جعل اسما للإيمان؟ وجوابه أن الإيمان يطلق على ما هو الأصل والأساس في دخول الجنة ، وهو التصديق وحده ، أو مع الإقرار. وعلى ما هو الكامل المنجي بلا خلاف ، وهو التصديق مع الإقرار والعمل على ما أشير إليه بقوله تعالى : (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذا ذُكِرَ اللهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ ...) (١) إلى قوله : (أُولئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا).

وموضع الخلاف أن مطلق الاسم للأول أم الثاني؟ وذكر الإمام في وجه الضبط أن الإيمان إما أن يكون اسما لعمل القلب فقط ، وهو المعرفة عند الإمامية ، وجهم ، والتصديق عندنا ، وإما لعمل الجوارح. فإن كان هو القول ، فمذهب الكرامية. أو سائر الأعمال ، فمذهب المعتزلة. وإما مجموع عمل القلب والجوارح ، وهو مذهب السلف. وفيه اختلال من جهة ترك عمل القلب في مذهب الاعتزال ، وعدم التعرض لمذهب التصديق والإقرار.

فإن قيل : قد ذكرت من المذاهب ما يبلغ عشرة ونحن قاطعون بأن النبي (عليه‌السلام) ومن بعده كانوا يأمرون بأمر معلوم يمتثل من غير افتقار إلى بيان ، ولا استفسار إلا بحسب المتعلق. أعني ما يجب الإيمان به ، فكيف ذلك؟

قلنا : لا خفاء ولا خلاف في أنهم كانوا يأمرون بالتصديق وقبول الأحكام ، ويكتفون في حق الأحكام الدنيوية بما يدل على ذلك ، وهو الإقرار. إلا أنه وقع اختلاف واجتهاد في أن مناط الأحكام الأخروية مجرد هذا المعنى أم مع الإقرار ، أم كلاهما مع الأعمال. وفي أن ذلك مجرد معرفة واعتقاد أم أمر زائد على ذلك. وهذا لا بأس به.

__________________

ـ وأحد الكتاب المترسلين ، ولد في بعلبك ونشأ في البقاع وسكن بيروت وتوفي بها عام ١٥٧ ه‍ وعرض عليه القضاء فامتنع له كتاب السنن في الفقه والمسائل. وغير ذلك راجع ابن النديم ١ :

٢٢٧ ، والوفيات ١ : ٢٧٥ وتاريخ بيروت ١٥ ، وحلية الأولياء ٦ : ١٣٥.

(١) سورة الأنفال آية رقم ٢ ، ٤ وتكملة الآيات (وَإِذا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زادَتْهُمْ إِيماناً وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ ، أُولئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ دَرَجاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ).

١٨٠