كتاب الكنّاش في فنّي النّحو والصّرف - ج ١

عماد الدين أبي الفداء إسماعيل بن الأفضل علي الأيّوبي [ صاحب الحماة ]

كتاب الكنّاش في فنّي النّحو والصّرف - ج ١

المؤلف:

عماد الدين أبي الفداء إسماعيل بن الأفضل علي الأيّوبي [ صاحب الحماة ]


المحقق: الدكتور رياض بن حسن الخوّام
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: المكتبة العصريّة للطباعة والنشر
الطبعة: ٠
ISBN: 9953-34-369-1
ISBN الدورة:
9953-34-369-1

الصفحات: ٤١٥
الجزء ١ الجزء ٢

١٤ ـ فعل : كعمل وغضب.

١٥ ـ فعل : كلعب وكذب.

١٦ ـ فعل : كشبع وكبر.

١٧ ـ فعل : كهدى وسرى.

١٨ ـ فعلة : كغلبة.

١٩ ـ فعلة : كسرقة.

٢٠ ـ فعال : كسماع ونبات.

٢١ ـ فعال : ككذاب وإياب.

٢٢ ـ فعال بالضم : كنعاس وهو كثير في الأصوات كصراخ (١).

٢٣ ـ فعالة : كنصاحة وجهالة.

٢٤ ـ فعالة بالكسر كحماية وسراية (٢).

٢٥ ـ فعول : كقعود.

٢٦ ـ فعول وهو ثلاثة : قبول وولوع ووقود (٣).

٢٧ ـ فعيل : كصهيل.

٢٨ ـ فعولة : كسهولة وصعوبة.

٢٩ ـ مفعل بفتح الميم والعين : كمدخل.

٣٠ ـ مفعل بفتح الميم وكسر العين : كمرجع ومنبت.

٣١ ـ مفعلة بالفتح : كمرحمة.

٣٢ ـ مفعلة : كمحمرة ومعصية.

__________________

(١) الكتاب ، ٤ / ١٤ ـ ١٦ وشرح الشافية للرضي ، ١ / ١٥٥.

(٢) وفي لسان العرب ، سرى : والسّراية سرى الليل ، وهو مصدر ، ويقلّ في المصادر أن تجيء على هذا البناء لأنه من أبنية الجمع.

(٣) في الكتاب ٤ / ٤٢ والمقتضب ٢ / ١٢٦ بزيادة الوضوء وفي شرح شافية ، ١ / ١٥٩ ـ ١٦٠ بزيادة الطهور وانظر المزهر للسيوطي ، ٢ / ٧٣.

٣٢١

فهذه مصادر الثلاثي السماعية ، وقد زادوا على ذلك ثلاثة أخر : فعالية : كطواعية وكراهية (١) ، وفعالة بضم الفاء : كبغاية (٢) ، وتفعال بكسر التاء كتبيان وتلقاء (٣) ، وأمّا غير ذلك من نحو : التّفعال بفتح (٤) التاء (٥) ، والفعّيلى بتشديد العين فللمبالغة (٦).

وأمّا الفعل الغير الثلاثي وهو الرباعي فصاعدا ، فمصدره قياسيّ ، وهو رباعيّ وخماسيّ وسداسيّ ، والرباعيّ منه ما حروفه كلها أصول ، ومنه (٧) ما أحد حروفه زائد ، ويكون من فعلل فعللة وفعلا لا نحو : دحرج دحرجة ودحراجا ، ومن فعول فعولة ، نحو : عنون عنونة ، ومن فعيل فعيلة نحو : عذيط (٨) عذيطة ، ومن فيعل فيعلة ، نحو بيطر بيطرة ، ومن فوعل فوعلة / نحو : حوقل حوقلة ، ومن فعّل تفعيلا وتفعلة ، نحو : كرّم تكريما وتكرمة وكلّم تكليما ، فزادوا التاء في أول هذه المصادر عوضا من تضعيف عين الفعل (٩) فإن كان آخره معتلا رجع التفعيل إلى تفعلة نحو : ولّى تولية ، وسمّى تسمية ، وإن كان آخره مهموزا جاز التفعيل والتّفعلة ، نحو : نبّأ تنبيئا وتنبئة (١٠) ، ومن أفعل إفعالا نحو : أكرم إكراما ، فإن كان أفعل معتلّ العين رجع إفعال إلى إفالة ، نحو : أشار إشارة وأقال إقالة (١١) والتزمت التاء في الأكثر ، لأنّها

__________________

(١) شرح الشافية ، ١ / ١٥١.

(٢) قال الأصمعي : بغى الرجل حاجته أو ضالته يبغيها بغاء وبغية وبغاية إذا طلبها. لسان العرب ، بغا.

(٣) الكتاب ، ٤ / ٨٤ والمقرب ، ٢ / ١٤٠ وشرح الشافية ، ٢ / ٣٢٩.

(٤) في الأصل فبفتح التاء.

(٥) الكتاب ، ٤ / ٨٤ وشرح الشافية ، ١ / ١٦٧ وشرح الأشموني ، ٢ / ٣٠٦ ، ونقل الصبان في حاشيته ، ٢ / ٣٠٩ عن الدماميني قوله : ومذهب البصريين أنّ التّفعال بالفتح مصدر فعل المخفف جيء به كذلك للتكثير ، وقال الفرّاء وجماعة من الكوفيين : بأنه مصدر فعّل المضعف العين ، أما التفعال بكسر التاء فهو بمنزلة اسم المصدر.

(٦) الكتاب ، ٤ / ٢٦٤ وتسهيل الفوائد ، ٢٥٥ ، وشرح الشافية ، ١ / ١٦٧.

(٧) في الأصل منها.

(٨) العذيوط والعذيوط الذي إذا أتى أهله أبدى أي سلح أو أكسل لسان العرب ، عذط.

(٩) المقتضب ٣ / ٩٣ وشرح المفصل ٦ / ٤٨ وشرح الشافية ، ١ / ١٦٣.

(١٠) في الأصل تنبيئة.

(١١) الكتاب ، ٤ / ٨٣ وشرح المفصل ، ٢ / ٦ وشرح الأشموني ، ٢ / ٣٠٢.

٣٢٢

جعلت عوضا من العين المحذوفة إذ كان الأصل إفعالة كما سنذكر له زيادة شرح ، ومن فاعل مفاعلة وفعالا ، نحو : ضارب مضاربة وضرابا (١) ، وجاء في معتلّه فعاليا ، مثل : ترامى تراميا ، ومن انفعل انفعالا ، نحو : انطلق انطلاقا ، ومن افتعل افتعالا ، نحو : اختصم اختصاما ، واقتتل اقتتالا ، وجاء قتالا وقيتالا على البدل (٢) ومن استفعل استفعالا ، نحو : استخرج استخراجا (٣) فإن كان استفعل معتلّ العين ، رجع الاستفعال إلى استفالة ، مثل : استعان استعانة واستكان استكانة ، ومن افعلّ افعلالا نحو : احمر احمرارا ، ومن تفعّل تفعّلا نحو : تلبّث تلبّثا ومن تفاعل تفاعلا (٤) نحو : تطاول تطاولا ، ومن تفعلل تفعللا نحو : تدحرج تدحرجا ومن تفوعل تفوعلا نحو : تجوهر تجوهرا ، ومن تفعّل تفعّالا نحو : تحمّل تحمّالا (٥) ، ومن افعنلل افعنلالا نحو : احرنجم احرنجاما ، ومن افعوعل افعيلالا نحو : اغدودن اغديدانا ، ومن افعوّل افعوّالا نحو : اعلوّط اعلوّاطا (٦) ومن افعللّ افعلالا نحو : اقشعرّ اقشعرارا (٧) وإذا تقارب معنى فعلين جاز أن يستعمل مصدر أحدهما للآخر نحو : انطويت تطويا وتطويت انطواء.

واعلم أنّ أفعل معتل العين نحو : أقام وأجاز وأطاق ، مصدره بحسب الأصل إفعالا ، لأنّ مصدر أفعل من الصحيح إفعالا كما تقدّم من أكرم إكراما ، فمصادر هذه الأمثلة المذكورة بحسب الأصل إقواما ، وإجوازا وإطواقا ، إلّا أنهم أعلّوا المصدر كما أعلوا فعله فنقلوا الحركة عن حرف العلّة إلى الساكن قبله ، وبعد الساكن ألف ولا يكون ما قبل الألف إلا مفتوحا ، فينقلب حرف العلة ألفا ، فاجتمعت ألفان فحذفت إحداهما لالتقاء الساكنين وعوض عنها الهاء في الآخر ، فقيل : إقامة وإجازة وإطاقة (٨).

__________________

(١) الكتاب ، ٤ / ٨٠ ـ ٨٦.

(٢) الكتاب ، ٤ / ٨٠ وشرح المفصل ، ٦ / ٤٨ وشرح التصريح ، ٢ / ٧٦.

(٣) الكتاب ، ٤ / ٧٩.

(٤) غير واضحتين في الأصل.

(٥) الكتاب ، ٤ / ٨٠.

(٦) يقال : اعلّوط بعيره اعلواطا إذا تعلق بعنقه وعلاه ، وجدّ به السير ، والاعلواط : ركوب الرأس والتقحم على الأمور بغير روية ، الصحاح واللسان ، علط. وانظر الكتاب ٤ / ٧٦.

(٧) الكتاب ، ٤ / ٨٥.

(٨) الكتاب ، ٤ / ٨٣ وشرح الشافية ، ١ / ١٦٥.

٣٢٣

واعلم أنّ المصدر قد يرد على وزن اسمي الفاعل والمفعول سماعا لا قياسا (١) فوروده على وزن اسم الفاعل نحو : قم قائما بمعنى قياما ومنه قول الشّاعر : (٢)

أقاتل حتّى لا أرى لي مقاتلا

 ...

أي لا أرى قتالا ، ومنه العافية في عافاه الله عافية ، ووروده على وزن المفعول نحو : الميسور والمعسور والمرفوع والموضوع بمعنى اليسر والعسر والرّفع والوضع (٣) وكما جاء اسم الفاعل في موضع المصدر جاء أيضا المصدر في موضع اسم الفاعل. نحو جاء ركضا / ومشيا أي راكضا وماشيا (٤) ، ومنه قوله تعالى (ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْياً)(٥) أي ساعيات ، وهذا السّماعي إنّما هو في الفعل الثلاثي المجرّد ، وأمّا المزيد فيه والرباعي ، فيجيء منه اسم المفعول في موضع المصدر قياسا ، كأخرجته مخرجا ، وانطلق منطلقا ، ومن المصادر ما جاءت لتكثير الفعل والمبالغة نحو : ما جاء على تفعال سماعا مثل : التّهدار ، والتّرحال والتّرداد (٦) بمعنى الهدر والرحيل والتردّد ، ونحو : ما جاء على تفعيل وهو قياسي مثل : التقطيع ونحو :

__________________

(١) الكتاب ، ٤ / ٩٥ وشرح المفصل ، ٦ / ٥٠.

(٢) هذا صدر بيت لكعب بن مالك ورد في ديوانه ، ١٨٤ وقيل : هو لمالك بن أبي كعب وعجز البيت :

وأنجو إذا غمّ الجبان من الكرب

ورد البيت منسوبا إلى مالك بن أبي كعب في الكتاب ، ٤ / ٩٦ وشرح المفصل ، ٦ / ٥٠ ـ ٥٥ وروي البيت منسوبا لكعب بن مالك في لسان العرب ، قتل ، وشرح لامية الأفعال ، لابن الناظم ، ٥٧ وفي المخصص ، ١٤ / ٢٠٠ لأبي كعب بن مالك وروي البيت من غير نسبة في المقتضب ، ١ / ٧٥ والخصائص ، ١ / ٣٦٧ ـ ٢ / ٣٠٤ والمحتسب ، ٢ / ٦٤ وشرح الأشموني ، ٢ / ٣١٠ ومن الجائز أن يكون مراد الشارح بيتا آخر لزيد الخيل يتشابه صدره مع ما رواه الشارح وعجزه :

وأنجو إذا لم ينج إلّا المكيّس

انظر ديوان زيد الخيل ، ٣٣ ، والمخصص ، ١٤ / ٢٠٠ وهذا البيت في الكتاب ، ٤ / ٩٦ والنوادر ، ٧٩ والخصائص ، ١ / ٣٦٧ ـ ٢ / ٣٠٤ والمحتسب ، ٢ / ٦٤ وسمط اللآلي للبكري ، ١ / ٣٤٥ وشرح المفصل ، ٦ / ٥٠ ـ ٥٥ ولسان العرب ، قتل ، وشرح الأشموني ، ٢ / ٣١٠ ورواية أبي الفداء بكسر التاء ، فهو اسم فاعل أريد به المصدر ، أي قتالا ، وروي بفتحها ، فهو اسم مفعول أريد به المصدر أيضا أو اسم مكان.

(٣) وزاد في الكتاب ٤ / ٩٧ المعقول وانظر المخصص ، ١٤ / ٢٠٠ والمزهر ، ٢ / ٢٤٦.

(٤) شرح المفصل ، ٦ / ٥٠.

(٥) من الآية ٢٦٠ من سورة البقرة.

(٦) وثمة ألفاظ أخرى انظرها في الكتاب ، ٤ / ٨٤.

٣٢٤

فعّيلى كقول عمر رضي‌الله‌عنه : (١) «لو أطيق الأذان مع الخلّيفى لأذّنت» وقول عمر بن عبد العزيز : (٢)(٣) «لا ردّيدى في الصّدقة» أي لا تردّ.

والمصدر يعمل عمل فعله (٤) سواء كان المصدر بمعنى الماضي أو الحال أو الاستقبال ، لأنّ عمله لكونه في تقدير «أن» مع الفعل سواء كان ماضيا أو غيره ، وإنّما يعمل المصدر إذا لم يكن مفعولا مطلقا ، أي إذا لم يكن منصوبا بفعله المذكور معه لفظا أو تقديرا ، ولا يضمر الفاعل في المصدر كما سيأتي (٥) وإنّما سمّي المصدر مصدرا لأنّ الأفعال صدرت عنه ، أي أخذت منه تشبيها بمصدر الإبل ، وهو المكان الذي ترده الإبل ثم تصدر عنه (٦) ولا يتقدّم معمول المصدر عليه فلا يقال : أعجبني زيدا ضرب عمرو ، لكون المصدر في تقدير أن مع الفعل ، فكما لا يتقدّم ما في حيّز صلة أن عليها ، فكذلك لا يتقدّم ما في حيّز صلة المصدر عليه (٧) ، ولا يلزم ذكر فاعل المصدر بل يجوز أن تقول : أعجبني ضرب زيدا ، ولم يذكر الفاعل ، وإنّما لم يلزم ذكر الفاعل لأن التزامه كان يؤدي إلى الإضمار فيه عند ما يكون لغائب متقدم ذكره ، ولا يضمر فيه الفاعل وإنّما لم يضمر فاعل المصدر فيه ، فرقا بينه وبين الفعل والصفة ، حيث يضمر فاعلهما فيهما ، لأنّ الفعل خبر أو وصف جار مجرى الخبر في اقتضائه مسندا إليه ، وكذلك الصفات فلو قدّر خلوّهما من الضمير لم ترتبط الصفة بالموصوف ولا الخبر بالمبتدأ ، والمصدر اسم على كل حال ، وليس بصفة ، والاسم لا يلزم أن يكون مسندا إلى شيء ، فلذلك لم يضمر فيه فرقا بينه وبين ما وجب فيه الإضمار ، ويجوز إضافة المصدر إلى الفاعل ،

__________________

(١) انظره في المقاصد الحسنة ، ٣٤٨ وكتاب تمييز الطيب من الخبيث ، ١٣٧. والمخصص ، ١٤ / ١٥٥.

(٢) عمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم الأموي ، قيل عنه خامس الخلفاء الراشدين تشبيها له بهم روى عن أنس بن مالك وسعيد بن المسيب عددا من الأحاديث توفي سنة ١٠١ ه‍ انظر أخباره في تاريخ ابن خلدون ، ٣ / ١٣١ ـ ١٣٢ ـ ١٤٥ ـ ١٥٦ وتاريخ اليعقوبي ، ٣ / ٤٤ وطبقات الحفاظ ، ٤٦ والأعلام ، ٥ / ٢٠٩.

(٣) انظره في الصحاح واللسان ، ردد.

(٤) الكافية ، ٤١٢.

(٥) بعدها في الأصل مشطوب عليه «كما يضمر في الصفة لأن الصفة تقتضي الموصوف فلو قدر خلوها من الضمير لما حصل ارتباطها بالموصوف ولا كذلك المصدر ، والاسم لا يلزم أن يكون مسندا إلى شيء ولا مفتقرا إلى موصوف فلا يحتاج إلى ضمير يربطه فلا يضمر فيه».

(٦) اللسان ، صدر.

(٧) شرح الوافية ، ٣٢٢ والتسهيل ، ١٤٢ وشرح المفصل ، ٦ / ٥٩.

٣٢٥

فيبقى المفعول منصوبا نحو : أعجبني دقّ القصّار الثوب (١) ، وقد يضاف إلى المفعول فيبقى الفاعل أكثر.

واعلم أن عمله منونا أولى ، لأنّه حينئذ أكثر مشابهة للفعل لكونه نكرة حينئذ ، كالفعل ثم عمله مضافا أولى ، وإعماله / باللّام قليل (٢)(٣) وإن كان المصدر مفعولا مطلقا ، فإمّا أن يكون مما التزم فيه حذف الفعل وصار المصدر بدلا عنه نحو : سقيا ، أو لم يكن كذلك. فإن كان نحو : سقيا ، ففيه وجهان : أحدهما : أن يكون الفعل عاملا ، والثاني : أن يكون المصدر عاملا من حيث إنّه نائب عن الفعل فإذا قلت : سقيا زيدا ، فزيدا منصوب بسقيا من حيث قام مقام سقى الله ، لا من حيث كونه مصدرا ، وإن لم يكن المصدر بدلا من الفعل ، بل كان الفعل مذكورا نحو : ضرب ضربا زيدا أو محذوفا غير لازم نحو قولك لمن رفع السّوط : ضربا زيدا ، فالعمل للفعل ، لأنّه مراد لفظا أو تقديرا ، وليس المصدر بدلا عنه (٤).

ذكر اسم الفاعل (٥)

اسم الفاعل ما اشتقّ من فعل لمن قام به بمعنى الحدوث ، قوله : ما اشتقّ من فعل كالجنس يدخل فيه المحدود وغيره من اسم المفعول والصفة المشبّهة وغير ذلك ، وقوله : لمن قام به ، يخرج به نحو اسم المفعول ، وقوله : بمعنى الحدوث يخرج الصّفة المشبّهة ، لأنّ وضعها أن تدلّ على معنى ثابت ، ولو قصد بها الحدوث ردّت إلى صيغة اسم الفاعل (٦) كما سيأتي في الصفة المشبّهة.

ذكر اسم الفاعل من الفعل الثلاثي المجرّد (٧)

وهو إن كان على فعل بفتح العين فيطرد منه اسم الفاعل على صيغة فاعل ،

__________________

(١) شرح الوافية ، ٣٢٢ وشرح الأشموني ، ٢ / ٢٩١.

(٢) الكتاب ، ١ / ١٩٢ وشرح الكافية ، ٢ / ١٩٧ والهمع ، ٢ / ٩٤.

(٣) الكافية ، ٤١٢.

(٤) شرح الوافية ، ٣٢٣ وتسهيل الفوائد ، ١٤٢ وشرح الكافية ، ٢ / ١٩٧ وشرح التصريح ، ٢ / ٦٢.

(٥) الكافية ، ٢١٤.

(٦) شرح الكافية ، ٢ / ١٩٨.

(٧) الكافية ، ٢١٤.

٣٢٦

مثل : ضرب فهو ضارب وقعد فهو قاعد (١) وأمّا ما جاء من الفعل الثلاثي المذكور على خلاف ذلك فمسموع ولا يقاس (٢) عليه ، وذلك نحو عتق العبد فهو عتيق.

ذكر اسم الفاعل من غير الثلاثي (٣)

ويأتي منه على صيغة المضارع وهو أن يحذف حرف المضارعة ويجعل موضعه ميم ، مثل : مكرم من يكرم ، ومنطلق من ينطلق ، ومدحرج من يدحرج ، ومستخرج من يستخرج ، وهذه الميم في اسم الفاعل لا تكون (٤) إلا مضمومة سواء كان حرف المضارعة مضموما نحو : يخرج ، أو مفتوحا : نحو يستخرج فإنك تقول : مخرج ومستخرج بضم الميم فيهما ، وما قبل آخر اسم الفاعل المذكور لا يكون إلّا مكسورا نحو كسرة اللام في منطلق ، والراء في مدحرج ومستخرج (٥) فرقا بينه وبين المفعول ، وأمّا ما جاء من أسماء الفاعلين من هذا الباب على صيغة اسم الفاعل من الفعل الثلاثي فشاذ يؤخذ بالسّماع ، وذلك نحو : وارق من أورق العود ، وما حل من محل البلد ، وعاشب من أعشب المكان ، ويافع من أيفع الغلام ، فإنّ قياس ذلك ، أن يكون اسم الفاعل منه على مفعل لا على فاعل.

ذكر عمل اسم الفاعل (٦)

وهو يعمل عمل فعله المضارع المبنيّ للفاعل ، لكن يشترط لعمله أن يكون بمعنى الحال أو الاستقبال مع اعتماده على صاحبه ، أو على همزة استفهام ، أو ما النافية ، أما اشتراط كون اسم الفاعل المذكور بمعنى الحال أو الاستقبال ، فلأنّه إنّما عمل لمشابهة الفعل المضارع في الموازنة والدلالة على المصدر (٧) فضارب

__________________

(١) المقتضب ، ٢ / ١١٣ وشرح المفصل ، ٦ / ٦٨.

(٢) في الأصل يقياس.

(٣) الكافية ، ٤١٢.

(٤) في الأصل لا يكون.

(٥) شرح الوافية ، ٣٢٤ وانظر الكتاب ، ٤ / ٢٨٢ والمقتضب ، ١ / ٧٤ وشرح المفصل ، ٦ / ٨٦ وشرح الكافية ، ٢ / ١٩٩.

(٦) الكافية ، ٤١٢.

(٧) شرح الوافية ، ٣٢٤ وشرح المفصل ، ٦ / ٦٨ والتسهيل ، ١٣٦.

٣٢٧

موازن يضرب ، ومكرم موازن يكرم ، فلمّا / انعقد هذا الشبه بينهما عمل عمله ، ولهذه المشابهة أيضا أعطيت الأفعال المضارعة الإعراب ، وليس بين اسم الفاعل والفعل الماضي هذه الموافقة ، فإنّ ضاربا مثل يضرب لا مثل ضرب ، فإذا شرط فيه معنى الحال أو الاستقبال قوي شبهه به لفظا ومعنى ، سواء كان الحال أو الاستقبال تحقيقا أو حكاية كقوله تعالى : (وَكَلْبُهُمْ باسِطٌ ذِراعَيْهِ بِالْوَصِيدِ)(١) فإنّ باسطا ها هنا ، وإن كان ماضيا لكنّ المراد به حكاية الحال (٢) والمراد بقولنا : يعمل عمل فعله : أنه يعمل عمله في التقديم والتأخير ، والإظهار والإضمار ، وفي اللزوم والتّعدي إلى مفعول أو إلى اثنين أو ثلاثة ، وإنّ الفعل كما يتعدّى إلى الحال والمصدر والمفعول له والمفعول معه وسائر الفضلات ، فكذلك اسم الفاعل منه ، فمثال عمله في التقديم : زيد ضارب غلامه عمرا ، وفي التأخير : زيد عمرا مكرم ، فتنصب عمرا بمكرم ، وفي الإظهار المثال المتقدّم ، وفي الإضمار : زيد ضارب بكر وعمرا ، بخفض بكر ونصب عمرا ، أي ضارب عمرا لأنّ بكرا مخفوض فلما نصب عمرا ، عطفا عليه لم يكن نصبه إلّا على تقدير وضارب عمرا (٣) ومثاله في اللزوم : زيد قائم أبوه ، وفي التعدي (٤) إلى واحد : زيد ضارب عمرا وإلى مفعولين : زيد معط عمرا درهما ، وظانّ خالدا منطلقا ، وإلى ثلاثة نحو : زيد معلّم أباه عمرا منطلقا (٥) وأمّا اشتراط اعتماد اسم الفاعل على صاحبه أو على الهمزة أو على ما النافية ، فالمراد بصاحب اسم الفاعل ، اسم قبله محكوم عليه فلو قلت : ضارب زيد عمرا من غير اعتماد لم يجز ، لأنّ اسم الفاعل صفة في المعنى ، فلا بدّ من موصوف نحو : مررت برجل ضارب أبوه عمرا ، وقد يكون ذا حال نحو : جاءني الرجل (٦) ضاربا عمرا.

__________________

(١) من الآية ١٨ من سورة الكهف.

(٢) وبذلك رد النحاة رأي الكسائي المجيز إعمال اسم الفاعل وهو بمعنى المضيّ مستدلا بالآية الكريمة. انظر شرح الكافية ٢ / ٢٠٠ ـ ٢٠١.

(٣) وقدر بعضهم الناصب فعلا لا وصفا ، شرح المفصل ٦ / ٦٩.

(٤) غير واضحة في الأصل.

(٥) شرح التصريح ٢ / ٦٥ وحاشية الصبان ، ٢ / ٢٩٢.

(٦) في الأصل رجل ، ولم يجز أبو الفداء في باب الحال ٨٢ ـ ٨٣ مجيء صاحب الحال نكرة تبعا لسيبويه ، وانظر الكتاب ، ٢ / ١١٢ وحاشية الصبان ، ٢ / ١٨١.

٣٢٨

وأما الهمزة وما النافية فنحو : أقائم زيد ، وما قائم زيد ، فلوقوعهما (١) موقعا هو بالفعل أولى ، واعلم أنه لا يختصّ ذلك بالهمزة وما ، بل جميع أدوات الاستفهام أسماء كانت أو حروفا وجميع حروف النفي في ذلك سواء ، وأجاز الأخفش ، إعماله من غير اعتماد على شيء (٢) نصّ عليه السّخاوي ، وابن يعيش (٣).

وإن كان اسم الفاعل بمعنى الماضي وجبت إضافته إلى معموله إضافة معنوية (٤) فتقول : زيد ضارب عمر أمس ، خلافا للكسائي فإنه قال : لا يجب إضافته لأنه يعمل عنده سواء كان بمعنى الماضي أو الحال أو الاستقبال ، واستدلّ الكسائيّ بقوله تعالى : فالق الإصباح وجاعل الليل سكنا (٥) فيقول : لا ناصب لسكنا سوى جاعل ، وهو بمعنى الماضي ، وإذا نصب المفعول الثاني فلأن ينصب الأول أقرب (٦) ، وردّ بأنّ نصبه يكون بفعل مقدّر ، وتقديره : وجاعل الليل جعله سكنا (٧) واعلم أنه يجوز أن يقوّى اسم الفاعل المتعدي بدخول حرف الجرّ فتقول : زيد ضارب

__________________

(١) في الأصل فلوقوعه.

(٢) قال ابن يعيش في شرح المفصل ٦ / ٧٩ وقد أجاز أبو الحسن أن يعمل من غير اعتماد فتقول على مذهبه قائم زيد ، فيكون قائم مبتدأ وزيد مرفوع بفعله وقد سد مسدّ الخبر ، ولا ضمير في اسم الفاعل عنده لأنه قد رفع ظاهرا فلا يكون له فاعلان.

(٣) هو يعيش بن علي بن يعيش أبو البقاء ولد بحلب ، وقدم إلى دمشق وجالس الكندي ثم تصدّر بحلب للإقراء زمانا كان من كبار أئمة العربية ماهرا في النحو والتصريف صنف شرح المفصل وشرح تصريف ابن جني ومات بحلب سنة ٦٤٣. انظر ترجمته في بغية الوعاة ٢ / ٣٥١ ـ ٣٥٢.

(٤) الكافية ، ٤١٢.

(٥) من الآية ٩٦ من سورة الأنعام. وقد قرأ الكوفيون وجعل من غير ألف وبنصب اللام من الليل. وقرأ الباقون بالألف وكسر العين ورفع اللام وخفض الليل ، الكشف ، ١ / ٤٤١ والنشر ، ٢ / ٢٦٠ والاتحاف ، ٢١٤.

(٦) بعدها في شرح الوافية ٣٢٥ ورد بأن ذلك يستعمل كثيرا فلو كان بمعنى المضي لوقع قطعا عاملا في الأول ولو وقع لنقل ، ولما لم يقع المنصوب إلّا الثاني ، ونصبه يجوز أن يكون بفعل مقدر وجب تقديره فيكون التقدير وجاعل الليل جعله سكنا.

(٧) قال الأنباري في البيان ، ١ / ٣٣٢ فمن قرأ جاعل الليل أضاف اسم الفاعل إلى الليل ويكون سكنا منصوب بتقدير فعل مقدر وتقديره : وجعل الليل سكنا ، والليل على قراءة من قرأ وجعل مفعول أول وسكنا مفعول ثان ، وللتوسع في ذلك انظر شرح المفصل ٦ / ٧٧ والتسهيل ، ١٣٧ وشرح الكافية ، ٢ / ٢٠٠ وشرح التصريح ، ٢ / ٦٦ وهمع الهوامع ، ٢ / ٩٦ وشرح الأشموني ، ٢ / ٢٩٣.

٣٢٩

عمرا وضارب لعمرو / وإنّما كان كذلك لأنّ أصل العمل إنّما هو للأفعال كما أنّ أصل الإعراب إنما هو للأسماء ، فكلّ منهما فرع على الآخر فيما هو أصل فيه ، والفروع أبدا منحطة عن الأصول ، فلذلك جاز تقوية اسم الفاعل بحرف الجرّ ، ولم يجز في الفعل لكون اسم الفاعل أضعف منه ، هذا إذا تأخّر المفعول عن الفعل ، فإن تقدّم عليه جاز إدخال اللّام تقوية لهما (١) تقول : لزيد عمرو ضارب ، ولزيد ضربت قال الله تعالى : (إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّءْيا تَعْبُرُونَ)(٢) وإذا جاءت اللّام في اسم الفاعل نحو : الضارب والقاتل ، عمل ، وإن كان بمعنى المضي ، لأنّها موصولة ، وأصل صلتها صريح الفعل وإنّما سبك (٣) اسم فاعل ليناسب اللّام التي معناها معنى لام التعريف ، فمن ثمّ قوي إعمال اسم الفاعل معها وإن كان بمعنى المضيّ (٤).

ذكر أبنية المبالغة (٥)

وهي : فعول كضروب ، وفعّال كضرّاب ، وفعيل كسميع ، وفعل كحذر ، ومفعال كمضراب ، وهي مثل اسم الفاعل في العمل (٦) نحو : زيد ضرّاب أبوه عمرا ، وإنّما عملت هذه ، وإن فات ما ذكرناه من الزنة ، لأنّ فيها من معنى المبالغة ما يقوم مقام ذلك الشّبه ، مع أنها لم تعمل بدون اللّام إلّا إذا كانت بمعنى الحال أو الاستقبال (٧). ومثنّى اسم الفاعل ومجموعه مثل مفرده في العمل تقول : الزيدان ضاربان عمرا ، والزيدون ضاربون عمرا الآن أو غدا ، ويجوز حذف نوني تثنية اسم الفاعل وجمعه السّالم المعرّفين مع العمل أي مع نصب ما بعدهما نحو قول الشّاعر : (٨)

__________________

(١) شرح الكافية ، ٢ / ٢٠١ ـ ٢٠٢.

(٢) من الآية ٤٣ من سورة يوسف.

(٣) غير واضحة في الأصل.

(٤) شرح الوافية ، ٣٢٥ وانظر شرح المفصل ، ٦ / ٧٦.

(٥) الكافية ، ٤١٢.

(٦) الكتاب ، ١ / ١١٠ والمقتضب ، ٢ / ١١٥ ـ ١١٦.

(٧) شرح المفصل ، ٦ / ٧٠ وشرح الكافية ، ٢ / ٢٠٣.

(٨) البيت اختلف حول قائله فقيل : هو لقيس بن الخطيم وقيل لعمرو بن امرىء القيس الخزرجي وقد ورد في ديوان قيس بن الخطيم ، ٤٥ وروي منسوبا له في الحلل ، ١٢٢ وروي منسوبا لعمرو في الكتاب ، ١ / ١٨٦

٣٣٠

الحافظو عورة العشيرة لا

يأتيهم من ورائهم نطف

فحذف النون من الحافظون تخفيفا واستطالة لصلة اللام التي هي بمعنى الذي ، مع نصب عورة ، وليعلم أنّه لا يجوز حذف النون مع العمل من غير تعريف ، لأنّه لا يكون صلة حينئذ فلا يقال : ضاربو عمرا بنصب عمرو بل بالجر (١).

ذكر اسم المفعول (٢)

وهو ما اشتقّ من فعل لمن وقع عليه ، فقوله : ما اشتقّ من فعل كالجنس ، وقوله : لمن وقع عليه فصله ، واسم المفعول يعمل عمل الفعل الذي لم يسمّ فاعله ، إذ معنى زيد مضروب غلامه ، زيد يضرب غلامه ، وكذلك مستخرج ومكرم بمعنى يستخرج ويكرم ، وتقول فيما يتعدّى بحرف الجر : زيد منطلق به ، كما تقول ينطلق به. واسم المفعول لا يبنى إلّا من فعل متعدّ ثلاثي لكون اسم المفعول جاريا على فعل ما لم يسمّ فاعله فإن عدّي اللازم بحرف الجرّ جاز بناء اسم المفعول منه (٣) ، وفي التنزيل : (غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ)(٤) فعدّاه بقوله : «عليهم» ، وهو إن كان من الثلاثي فصيغته على مفعول كمضروب (٥) وكان قياسه أن يأتي على مفعل كمضرب إذ قياسه أن يكون على زنة مضارعه المبني للمفعول ، كما أنّ أصل اسم الفاعل أن يكون على زنة مضارعه المبني للفاعل. لكنه عدل لئلّا يلتبس باسم المفعول والفاعل من أفعل نحو : مكرم من أكرم ، وأمّا مسعود فهو اسم مفعول من الفعل الثلاثي أي من سعده ،

__________________

والمقتضب ، ٤ / ١٤٥ وخزانة الأدب ، ٤ / ٢٧٢ وسجل الخلاف حوله ابن منظور في اللسان ، وكف وروي البيت من غير نسبة في المنصف ١ / ٦٧ والمحتسب ، ٢ / ٨٠ وهمع الهوامع ، ١ / ٤٩ وشرح الأشموني ، ٢ / ٢٤٧ وروي من ورائنا مكان ورائهم. ووكف مكان نطف. النطف : العيب ، والوكف : العيب والإثم.

(١) شرح الوافية ، ٣٢٦.

(٢) الكافية ، ٤١٢ ـ ٤١٣.

(٣) شرح الكافية ، ٢ / ٢٠٤.

(٤) من الآية ٧ من سورة الفاتحة.

(٥) الكافية ، ٤١٢ ـ ٤١٣.

٣٣١

لأنّه يجوز أن يقال : سعده الله بمعنى أسعده الله (١) وكذلك محبوب (٢) ومحزون فإنه / جاء أحبّه وحبّه ، وأحزنه وحزنه بمعنى (٣) ، وأمّا اسم المفعول من الزائد على الثلاثي مطلقا فصيغته مثل صيغة اسم الفاعل ، إلّا أنّ اسم المفعول يفتح ما قبل آخره فرقا بينه وبين اسم الفاعل نحو : مستخرج ومدحرج بفتح الرّاء فيهما ، وشذّ في هذا الباب ما ورد بخلاف ذلك نحو : أزكمه البرد فهو مزكوم وأحمّه الله فهو محموم ، وأجنّه فهو مجنون ، فإنّ قياس هذه المفاعيل أن يقال : مزكم ومحمم ومجنّ على مفعل مثل مكرم ، لا على مفعول ، لأنها ليست من الثلاثي (٤) وكما شذت هذه المفاعيل كذلك شذّ في أفعالها بناؤها لما لم يسم فاعله من هذه الأفعال كما شذّت أسماء المفاعيل منها ، وأمّا اسم المفعول من الفعل الثلاثي المعتل نحو : قال وباع فسيأتي في المشترك في فصل الإعلال (٥).

واعلم أنه قد يجيء المفعول من الثلاثي على صيغة المصدر نحو : هذا الدرهم ضرب الأمير ، وهذا الثوب نسج اليمن أي مضروب الأمير ومنسوج اليمن ، وقد جاء للمبالغة قليلا على وزن فعلة بضم الفاء وسكون العين نحو : زيد ضحكة غلامه.

واعلم أنّ نحو : محمرّ اسم مفعول ، ومختار اسم مفعول ، موافق في اللفظ لاسم الفاعل ، وهما في التقدير مختلفان ، فاسم الفاعل في التقدير : محمرر بكسر ما قبل آخره ، واسم المفعول في التقدير : محمرر بفتح ما قبل الآخر ، وكذلك تقدير مختار فيهما ، أعني مختير ومختير ، فلمّا جاء الإدغام في محمرّ والإعلال في مختار استوى لفظهما في البابين ، وأمر اسم المفعول في عمله عمل فعله وفي اشتراط

__________________

(١) يقال سعده الله يسعده ، فهو مسعود والأكثر أن يتعدى بالهمزة فيقال : أسعده الله فهو مسعود ويقال : مسعد كأنهم استغنوا عنه بمسعود. انظر الصحاح واللسان ، والمصباح المنير سعد.

(٢) في لسان العرب ، مادة حبب : الحبّ نقيض البغض ، وأحبّه فهو محبّ وهو محبوب على غير قياس هذا الأكثر وقد قيل : محبّ على القياس.

(٣) نقل ابن منظور في مادة حزن عن أبي عمرو قوله : وفي استعمال الفعل منه لغتان : تقول حزنني يحزنني حزنا فأنا محزون ، ويقولون : أحزنني فأنا محزن وهو محزن وانظر المصباح المنير ، حزن.

(٤) الكتاب ٤ / ٦٧.

(٥) في ٢ / ٢٦٩.

٣٣٢

الزمانين ، والاعتماد كأمر اسم الفاعل (١) ثم إن كان فعله يتعدّى إلى مفعول ارتفع وبطل نصبه نحو : زيد مضروب غلامه ، وإن تعدّى إلى اثنين ارتفع الأول وبقي الثاني منصوبا نحو : زيد معلوم قائما ، ومعطى درهما ، وكذلك يرفع الأول فقط إذا تعدّى إلى ثلاثة نحو : زيد معلّم (٢) عمرا منطلقا ، ولا يثنّى ولا يجمع إذا رفع به الظاهر نحو : أمضروب الزيدان (٣) وقد يستوي اسم المفعول من الزائد عن الثلاثي وظرف الزمان والمكان والمصدر في الصيغة ، تقول : هذا مقامك أي موضع إقامتك أو زمن إقامتك ، وهذا مقامك أي إقامتك ، قال الشّاعر : (٤)

أظليم إنّ مصابكم رجلا

يهدي السّلام تحيّة ظلم

يريد : إنّ إصابتكم رجلا ، فرجل منصوب بالمصدر الذي هو مصاب وهو على زنة المفعول من الرباعي.

ذكر الصّفة المشبّهة (٥)

وهي ما اشتقّ من فعل لازم لمن قام به على معنى الثبوت (٦) قوله : الصفة المشبّهة أي المشبهة باسم الفاعل ، وقوله : ما اشتقّ من فعل لازم ، يخرج به اسم المفعول واسم الفاعل من الفعل المتعدي ، وقوله : لمن قام به ، يخرج نحو : المجلس والمقام من أسماء المكان ، والمطلع والمغرب من أسماء الزمان ، لأنّ هذه وإن كانت مشتقة من الأفعال اللازمة لكن ليست لمن قام / به ، أي ليست صفات لموصوفات ،

__________________

(١) شرح الوافية ، ٣١٧.

(٢) في الأصل معلوم.

(٣) شرح المفصل ، ٦ / ٨٠ وتسهيل الفوائد ، ١٣٨ وشرح الكافية ، ٢ / ٢٠٤ وشرح التصريح ، ٢ / ٧١ وهمع الهوامع ، ٢ / ٩٧ وشرح الأشموني ، ٢ / ٣٠٢.

(٤) البيت اختلف حول قائله فقيل هو للحارث بن خالد المخزومي وقد نسب له في شرح الشواهد ، ٢ / ٢٨٨ وقيل : هو للعرجي ، وقد ورد في ديوانه ، ١٩٣ ونسب له في المغني ، ٢ / ٥٣٨ ، وسجل الخلاف حوله السيوطي في شرح شواهد المغني ، ٢ / ٨٩٢ وورد البيت من غير نسبة في مجالس ثعلب ، القسم الأول ، ٢٢٤ وأمالي ابن الشجري ، ١ / ١٠٧ والمغني ، ٢ / ٦٧٣ وشرح شذور الذهب ، ٤١١ وهمع الهوامع ، ٢ / ٩٤ وشرح الأشموني ، ٢ / ٢٨٨. الكافية ، ٤١٣.

(٥) الكافية ، ٤١٣.

(٦) بعدها في الأصل مشطوب عليه «زمانا ثابتا» وسيثبتها بعد.

٣٣٣

وقوله : بمعنى الثبوت ، أي بمعنى بقائها زمانا ثابتا ، ليخرج به اسم الفاعل من الفعل اللّازم نحو : قائم وقاعد إن قصدت الحدوث بهذه الصفة جئت بها على لفظ اسم الفاعل كقوله تعالى : (فَلَعَلَّكَ تارِكٌ بَعْضَ ما يُوحى إِلَيْكَ وَضائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ)(١) ولم يقل ضيّق ليدل على أنّ الضيق عارض في بعض الأحوال غير ثابت (٢) وإنّما عدلوا بهذه الصفات عن صيغة اسم الفاعل (٣) لأنّهم أرادوا أن يصفوا موصوفاتها بالمعنى الثابت ، الذي ليس هو لاسم الفاعل ، فقالوا : حسن وشديد وصعب وظريف وضيّق وكريم ، أي إنّ هذه المعاني ثابتة للموصوف ومستقرة له. زمانا ثابتا فإذا أرادوا الحدوث أتوا بالصفة على صيغة الفاعل (٤) كما قلنا في ضيّق وضائق ، ومثل ذلك غضبان وغاضب وطويل وطائل وما أشبه ذلك.

ذكر التشابه والاختلاف بين الصّفة المشبّهة وبين اسم الفاعل

وهي تشابهه في التذكير والتأنيث والتثنية والجمع ، فحسن كضارب وحسنة كضاربة وحسنان (٥) كضاربان ، وحسنون كضاربون (٦) وأمّا مخالفتها لاسم الفاعل فمن وجوه :

منها : الصيغة وصيغها سماعيّة وتجيء على فيعل كسيّد ، وعلى فعل كعم وعلى فعلان كعطشان ، وتأتي صيغها في الألوان على أفعل قياسا ، كأحمر وأبيض وأسود وأحور وحوراء وأهيف وأغيد.

ومنها : أنّها لا يتقدّم معمولها عليها فلا يقال : زيد وجها حسن كما يقال : زيد عمرا ضارب.

ومنها : أنها لا تكون إلّا ثابتة أي باقية زمانا ثابتا واسم الفاعل لا يكون ثابتا أي ليس باقيا زمانا ثابتا.

__________________

(١) من الآية ١٢ من سورة هود.

(٢) غير واضحة في الأصل.

(٣) الكافية ، ٤١٣.

(٤) شرح المفصل ، ٦ / ٨٢.

(٥) غير واضحة بالأصل.

(٦) تسهيل الفوائد ١٣٩ وشرح التصريح ، ٢ / ٨٠.

٣٣٤

ومنها : أنها لا تكون إلّا من فعل لازم.

ومنها : أنها لا يجوز أن يعطف على المجرور بها بالنّصب كما في اسم الفاعل فلا يقال : زيد كثير المال والعبيد ، بنصب العبيد وجرّ المال ، كما يقال : زيد ضارب عمرو وبكرا ، بجرّ عمرو بالإضافة ونصب بكر ، لأنّ بكرا عطف على موضع عمرو وهو النصب ، وليس معمول الصفة المشبّهة كذلك بل هو مرفوع في المعنى ، لأنّ أصل كثير المال ، كثير ماله ، وتعمل عمل فعلها المشتقة هي منه مطلقا (١) من غير اشتراط الحال أو الاستقبال لكونها بمعنى الثبوت (٢) فحسن مثل حسن ، لكنّ عمل هذه الصفات أوسع من عمل أفعالها ، فإنّها تنصب معمولها على التشبيه باسم الفاعل المتعدّي.

واعلم أنّ هذه الصفة المشبّهة وإن لم يشترط فيها معنى الحال أو الاستقبال كما اشترط في اسم الفاعل ، فلا بدّ من اعتمادها على صاحبها أو الهمزة أو النفي كما قيل في اسم الفاعل ، لما تبيّن من أنّ مطلق الصفة محتاجة إلى الاعتماد ، وهذه الصفة (٣) إمّا أن تكون باللام نحو : الحسن وإمّا أن تكون مجردة عن اللام نحو : حسن ومعمولها إمّا مضاف ، وإمّا بلام التعريف ، وإمّا مجرّد عنهما ، وإذا ضربنا اثنين في ثلاثة ، كان الحاصل ستة ، وهي : الصفة باللام ومعمولها مثلها ، ومضاف ومجرّد ، والصفة مجردة ومعمولها مثلها ، وباللّام ومضاف ، وإعراب معمولها المذكور ، رفع ونصب وجرّ ، وإذا ضربت الستة في أقسام الإعراب / وهو ثلاثة كان الحاصل ثماني عشرة مسألة.

ذكر مسائلها الثماني عشرة (٤)

وهي : الصفة مجرّدة ومعمولها مضاف ، نحو : رجل حسن وجهه ، برفع وجهه ونصبه وجرّه ، والصفة مجردة ومعمولها معرّف باللام ، نحو : رجل حسن الوجه برفع

__________________

(١) الكافية ، ٤١٣.

(٢) شرح الكافية ، ٢ / ٢٠٦.

(٣) الكافية ، ٤١٣.

(٤) الكافية ، ٤١٣.

٣٣٥

الوجه ونصبه وجره ، والصفة مجردة ومعمولها مجرّد عنهما نحو : رجل حسن وجه برفع وجه ونصبه وجرّه ، فالمجموع تسعة ، وكذلك تجيء الصفة باللّام على تسعة أقسام : فمثالها باللام ومعمولها مضاف ، الرجل الحسن وجهه بالرفع والنصب والجرّ ، ومثالها باللّام ومعمولها مجرّد ، الرجل الحسن وجه بالرفع والنصب والجرّ ، ومثالها ومعمولها باللّام ، الرجل الحسن الوجه ، بالرفع والنّصب والجر (١) فذلك ستة ، وهي مع التسعة الأولى ثماني عشرة ، اثنتان من هذه الثماني عشرة ممتنعتان ، إحداهما : الحسن وجهه ، والثانية : الحسن وجه بخفضهما على الإضافة لعدم إفادة الإضافة فيهما خفة (٢). واختلف في صحّة مسألة واحدة وهي : حسن وجهه بالإضافة ، فقال قوم : إنّها لا تصحّ لاستلزامها إضافة الشيء إلى نفسه لأن الوجه هو الحسن ، وقال قوم : إنها تصحّ ، ومنعوا استلزامها إضافة الشيء إلى نفسه لكون الحسن أعمّ من الوجه (٣) والبواقي من الثماني عشرة على ثلاثة أقسام (٤) أحدها : أحسن ، وهو ما كان فيه ضمير واحد لتحقّق ما يحتاج إليه من غير زيادة. والثاني : حسن ، وليس بأحسن ، وهو ما كان فيه ضميران ، أما حسنه فلوجود المحتاج إليه ، وأمّا عدم أحسنيته فلوجود الزائد على المحتاج ، والثالث : قبيح وهو ما لا ضمير فيه وقد بيّنا في هذه الدائرة التي اقترحناها المسائل الثماني عشرة ، وبيّنا الأحسن والحسن والقبيح والممتنع والمختلف فيه وهذه صورتها /:

__________________

(١) شرح المفصل ، ٦ / ٨٣ وشرح التصريح ، ٢ / ٨٤.

(٢) شرح الكافية ، ٢ / ٢٠٧ وهمع الهوامع ، ٢ / ٩٩.

(٣) قال الرضي ، ٢ / ٢٠٧ ذهب البصريون إلى جواز ذلك على قبح في ضرورة الشعر ، وأجازها الكوفيون دون قبح في السعة.

(٤) الكافية ، ٤١٣.

٣٣٦

٣٣٧

ذكر الرّافع والنّاصب والجارّ لمعمول الصّفة المشبّهة (١)

إنّما يرفع معمولها على الفاعليّة وهو الأصل في عمل هذه الصفة ، إذ لا تقتضي إلّا مرفوعا كفعلها اللازم ، والمختار في النّصب التفصيل ؛ وهو إن كان المعمول معرفة فنصبه على التشبيه بالمفعول ، وهو الحسن الوجه ، لئلا يقع التمييز معرفة ، وإن كان نكرة فنصبه على التمييز نحو : الحسن وجها (٢) ومنهم من يقول : إنّ نصب معمول الصفة سواء كان معرفة أو نكرة إنّما هو على التشبيه بالمفعول لا على التمييز (٣) عكس مذهب الكوفيين ، فإنّ نصب معمولها عندهم على التمييز ، سواء كان معرفة أو نكرة لجواز أن يكون التمييز معرفة عندهم ، وأما جرّ معمولها فبإضافتها هي إليه ليس إلّا (٤).

ذكر الصفة التي فيها ضمير أو ضميران ، أو لا ضمير فيها أصلا (٥)

وهو أن الصفة إذا نصبت ما بعدها ، أو جرّته كان فيها ضمير ، لاحتياج الصفة إلى الفاعل فتونّث وتذكّر وتثنّى وتجمع بحسب الضمائر المستكنّة فيها / وتطابق من هي له ، فيقال : مررت بهند الحسنة الوجه ، ومررت برجلين حسني الوجهين ، وبرجال حسني الوجوه ، وإذا رفعت ما بعدها لم يكن فيها ضمير ، لأنّ الضمير إنّما يكون حيث لم يكن الظاهر فاعلا ، فإذا لم يكن فيها ضمير ، وجب أن تكون مفردة لأنّها كالفعل رافعا ما بعده فلا تثنّى ولا تجمع فيقال في التثنية : مررت برجلين حسن وجهاهما ، ومررت برجلين حسنة جاريتهما ، كما يقال : حسنت جاريتهما ومررت برجال حسن غلمانهم ولا يقال : حسنين غلمانهم إلّا على ضعف ، لكن يقال : حسان غلمانهم ، على أنه جمع تكسير ليطابق مرفوعه (٦) وإذا عرفت أن الصفة ليس فيها ضمير إذا كان

__________________

(١) الكافية ، ٤١٣.

(٢) المقتضب ٤ / ١٦١ ـ ١٦٢ وشرح المفصل ، ٦ / ٨٤ ـ ٨٥ وتسهيل الفوائد ، ١٣٩ ـ ١٤٠ وشرح الكافية ، ٢ / ٢١٠.

(٣) قال الرضي في شرح الكافية ، ٢ / ٢١٠ والتفصيل أولى.

(٤) شرح الوافية ، ٢٣٠ وتسهيل الفوائد ، ١٤٠.

(٥) الكافية ، ٤١٣.

(٦) شرح الوافية ، ٢٣٠ وهمع الهوامع ، ٢ / ١٠٠.

٣٣٨

ما بعدها مرفوعا ، وأنّه يجب أن يكون فيها ضمير إذا كان ما بعدها منصوبا أو مجرورا ، فاعلم أنّه إذا لم يكن في معمولها المرفوع ضمير نحو : الحسن الوجه برفع الوجه ، فهو قبيح لعدم الضمير فيها ، وإن كان فيه ضمير نحو : الحسن وجهه برفعه أيضا فهو الأحسن ، لوجود ضمير واحد ، وأمّا المنصوب أو المجرور ، فإن كان فيه ضمير نحو : حسن وجهه أو وجهه فهو حسن ، لوجود ضميرين ، أحدهما : ضمير الفاعل المستكنّ في الصفة ، والثاني : الضمير المضاف إليه الوجه ، وإن لم يكن في المعمول المنصوب أو المجرور ضمير نحو : حسن وجها وحسن وجه فهو الأحسن لوجود ضمير واحد ، أعني في الصفة فقط.

واسم الفاعل اللّازم والمفعول غير المتعدي إلى مفعولين مثل الصفة المشبّهة (١) فيما ذكر من المسائل الست عشرة ، لأنّ الصفة إذا شبّهت في ذلك باسم الفاعل ، فاسم الفاعل والمفعول أولى بالشبه به فتقول : زيد قائم الأب ومضروب الأب برفع الأب ونصبه وجرّه ، إذا نونت قائم ومضروب في الرفع والنصب ، وأضفته في الجرّ ، وكذلك ضامر البطن ، وجائلة الوشاح ، ومعمور الدار ، ومؤدّب الخدّام ، يعرب كلّ واحد من هذه / الأمثلة بالحركات الثلاث على الوجه المذكور (٢)(٣).

ذكر اسم التفضيل (٤)

وهو ما اشتقّ من فعل لموصوف بزيادة على غيره ، وإنّما قال : اسم التفضيل ولم يقل (٥) أفعل التفضيل ليتناول صيغ التفضيل مثل : خير وشرّ ، وفضلى وفضليان

__________________

(١) الكافية ، ٤١٣.

(٢) شرح المفصل ، ٦ / ٨٢.

(٣) بعدها في الأصل مشطوب عليه «لو استعمل كذلك حصل الالتباس ، لأنك لو قلت في الفعل المتعدي :

زيد ضارب أباه لم يعلم هل أباه مفعول لضارب أو فاعل له وقد نصب تشبيها على المفعول ، ولو قلت في المفعول المتعدي إلى اثنين : زيد معطى أباه ، لم يعلم هل أباه مفعول ثاني لمعطى أو مفعول أول أقيم مقام الفاعل ونصب تشبيها على المفعول ، ومفعول الثاني محذوف ، وكذا إذا قلنا : زيد ضارب أبيه ومعطى أبيه لم يعلم أن أبيه في المثال الأول مفعول ضارب أو فاعل له أضيف إليه وأن أبيه في المثال الثاني مفعول أول لمعطى أقيم مقام الفاعل أو مفعول ثاني أضيف إليه وليست ... (وبعدها بياض).

(٤) الكافية ، ٤١٣.

(٥) في الأصل لم يقال.

٣٣٩

وغيرها من الصّيغ وقوله : ما اشتقّ من فعل ، كالجنس يدخل فيه سائر المشتقّات قوله لموصوف ، يخرج به أسماء الزمان والمكان فإنّها مشتقات ولكن ليست بصفات ، فلم يكن لموصوف وقوله : بزيادة على غيره ، يخرج اسم الفاعل والمفعول والصفة المشبّهة.

والأصل في صيغته أن تكون (١) على أفعل ، إلّا أن يكون قد حذف منه شيء نحو : خير وشرّ ، فإنّ أصل خير أخير ، وأصل شرّ أشرّ ، على وزن أفعل فنقلت حركة العين إلى الفاء وحذفت الهمزة وأدغم في شرّ الراء الأولى في الثانية (٢)

ذكر بناء أفعل التفضيل (٣)

وهو لا يبنى إلّا من فعل ثلاثيّ مجرّد ليس بلون ولا عيب أمّا امتناع بنائه من الثلاثي المزيد فيه أو الرباعي ، فلما فيه من الحذف المخلّ ، ألا ترى أنك لو أردت بناءه من استخرج لم يكن إلّا بحذف يخرجه عن معناه (٤) وأمّا امتناعه من اللون والعيب فلأنّ منهما أفعل لا للتفضيل ، فلو بني منهما أفعل التفضيل حصل اللّبس (٥) فإنّك لو قلت : زيد الأسود وأنت تريد به التفضيل كما تقول : زيد الأكرم لم يعلم أنك أردت بذلك أنه ذو سواد ، أو أنك فضّلته في السّواد على غيره (٦) وأجاز الكوفيون بناء أفعل من السّواد والبياض خاصّة (٧) وأنشدوا على ذلك (٨).

جارية في درعها الفضفاض

أبيض من أخت بني إباض

وردّ بأنّه شاذ ، وأمّا قوله تعالى : (مَنْ كانَ فِي هذِهِ أَعْمى فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمى

__________________

(١) في الأصل يكون.

(٢) شرح الكافية ، ٢ / ٢١٢.

(٣) الكافية ، ٤١٤.

(٤) شرح المفصل ، ٦ / ٩١.

(٥) شرح الوافية ، ٣٣١.

(٦) الكتاب ، ٤ / ٩٨.

(٧) الإنصاف ، ١ / ١٤٨ وشرح المفصل ، ٦ / ٩١ ـ ٩٣.

(٨) الرجز منسوب لرؤبة بن العجّاج ورد في ملحقات ديوانه ، ٣ / ١٧٦ وروي من غير نسبة في الإنصاف ، ١ / ١٤٩ والحلل ، ١٣٨ وشرح المفصل ، ٦ / ٩٣ ـ ٧ / ١٤٧ وشرح الكافية ، ٢ / ٢١٣ ولسان العرب بيض. بنو إباض : قوم ، الدّرع : قميص المرأة.

٣٤٠