كتاب الكنّاش في فنّي النّحو والصّرف - ج ١

عماد الدين أبي الفداء إسماعيل بن الأفضل علي الأيّوبي [ صاحب الحماة ]

كتاب الكنّاش في فنّي النّحو والصّرف - ج ١

المؤلف:

عماد الدين أبي الفداء إسماعيل بن الأفضل علي الأيّوبي [ صاحب الحماة ]


المحقق: الدكتور رياض بن حسن الخوّام
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: المكتبة العصريّة للطباعة والنشر
الطبعة: ٠
ISBN: 9953-34-369-1
ISBN الدورة:
9953-34-369-1

الصفحات: ٤١٥
الجزء ١ الجزء ٢

وردوه بأنّ أخيّ وأبيّ بالتشديد جمع سلامة وأصله : أخون وأبون فحذفت النون للإضافة وقلبت واو الجمع ياء وأدغمت في ياء المتكلّم على القياس كما فعلوا في مسلميّ ، واستشهدوا على ذلك بقول الشاعر : (١)

ضربت أخيك ضربة لا جبان

ضربت بمثلها قدما أبيكا

أراد أخينك وأبينك / فحذف النون للإضافة فبقي : أخيك وأبيك ، وأمّا «ذو» فإنّها لا تضاف إلى مضمر ولا تقطع عن الإضافة ، وإنّما لم تضف ذو إلى المضمر ، لأنّها جعلت وصلة إلى الوصف باسم الجنس (٢) نحو : مال وعلم كما جعلوا الذي وصلة إلى وصف المعارف بالجمل ، وهمزة الوصل وصلة إلى النطق بالساكن ، والفاء وصلة إلى المجازاة بالجملة الإسميّة ، وأيا وصلة إلى نداء ما فيه اللام ، والوصل في كلامهم كثير ، فلمّا كان ذو وصلة إلى الوصف لم تكن وصفا بل ما بعدها هو الوصف ، والمضمر لا يوصف به ولا يوصف ، فلم يدخل على المضمر إلّا شاذّا نادرا (٣) نحو : صلّ على محمّد وذويه ، وكذا ما روي : (٤)

إنّما يعرف ذا الفض

ل من النّاس ذووه

وإنّما لم تقطع ذو عن الإضافة لأنّها وصلة إلى ما بعدها ، وهو المقصود لا هي ، فلو قطعت لخرجت عن وضعها ، وفي إضافة الفم لغتان :

إحداهما : فمي ، لأنّه في الإفراد فم ، والثانية : فيّ وهو الفصيح ، لأنّ ميم الفم أبدلت من الواو في الإفراد على ما سنذكره في قسم التصريف (٥) وإذا زال الإفراد بالإضافة رجعت الواو فصار فوي ، فاجتمعت الواو والياء ، وسبقت إحداهما بالسكون ، فقلبت الواو ياء وأدغمت الياء في الياء وكسر ما قبل الياء للمجانسة فصار

__________________

(١) البيت لم أهتد إلى قائله.

(٢) شرح المفصل ، ٣ / ٣٧.

(٣) قال السيوطي في الهمع ، ٢ / ٥٠ والمختار جوازها أي إضافتها إلى ضمير كما يفهم من كلام أبي حيان ، أن الجمهور عليه ، خلافا للكسائي والنحاس والزبيدي والمتأخرين في منعهم ذلك إلا في الشعر».

(٤) لم يعرف قائله ، انظره في شرح المفصل ، ١ / ٥٣ ، ٣ / ٣٨ ولسان العرب ذو ، والمقاصد الحسنة ١٠٨ وهمع الهوامع ، ٢ / ٥٠.

(٥) ٢ / ٢٣٩.

٢٢١

فيّ (١) ، وإذا قطعت هذه الأسماء عن الإضافة كان إعرابها بالحركات الثلاث ، فتقول : هذا أخ وأب وحم وهن وفم ، ورأيت أبا وأخا وحما وهنا ، ومررت بأخ وأب وحم وهن وفم بفتح الفاء من فم على الأفصح ، ويجوز كسرها ، وضمّها بتشديد الميم ، وتخفيفها (٢) وفي حم لغات غير ما تقدّم منها : أن تجري مجرى خبء ، تقول حمء وحمؤك بالهمز فيهما كما تقول خبؤك ، والخبء ما خبيء ، وخبء السموات ، القطر ، وخبء الأرض. النّبات ومنها : أن تجرى مجرى دلو وعصا تقول : حمو وحموك مثل : دلو ودلوك ، وحما وحماك مثل : عصا وعصاك ، ويجوز في هن ، أن تجري مجرى يد ، تقول : هنك كما تقول يدك فتخالف اللغة الأولى في الإضافة ، لأنّ الأولى في الإضافة هنوك ، وأمّا في الإفراد فمتّفقتان في اللفظ ، لأنّ كلّا منهما هن (٣).

ذكر بقيّة الكلام على الإضافة

وهي عدّة مسائل :

منها : أنّ الإضافة المعنويّة بمعنى في لم يثبتها صاحب المفصّل (٤) ، ولذلك شرط إذهاب تقدير في حتّى تبقى نسيا منسيا ، وزعم أنّ الاسم يضاف إلى ظرفه بدون تقدير في (٥) ويؤوّل نحو : (٦)

يا سارق الليلة أهل الدّار

بأنّه سرق الليلة نفسها على سبيل المبالغة.

__________________

(١) شرح الوافية ، ٢٥٤ وانظر شرح المفصل ، ٣ / ٣٨.

(٢) شرح الكافية ، ١ / ٢٠٧.

(٣) شرح الوافية ، ٢٥٥ وانظر شرح المفصل ، ٣ / ٣٨.

(٤) قال الزمخشري في مفصله ، ٨٢ «ولا تخلو ـ أي الإضافة المعنوية ـ في الأمر العام من أن تكون بمعنى اللام كقولك : مال زيد ... أو بمعنى من كقولك : خاتم فضة».

(٥) في المفصل ، ٥٥ ، ٥٦ : وقد يذهب بالظرف عن أن يقدّر فيه معنى في اتساعا فيجري لذلك مجرى المفعول به فيقال : الذي سرته يوم الجمعة ، ويضاف إليه كقولك : يا سارق الليلة أهل الدار ... وانظر شرح المفصل ، ٢ / ٤٥ ـ ٤٦.

(٦) هذا الرجز لا يعرف له قائل ولا تتمة انظره في الكتاب ، ١ / ١٧٥ ـ ١٩٣ ، وأمالي ابن الشجري ، ٢ / ١٥٠ وشرح المفصل ، ٢ / ٤٥ ـ ٤٦. وخزانة الأدب ، ٣ / ١٠٨.

٢٢٢

ومنها : أن الإضافة المعنويّة تفيد تعريفا مع معرفة المضاف إليه (١) إلّا إذا توغّل المضاف في الإبهام نحو : غير وشبه ومثل ، إلّا إذا اشتهر المضاف بمغايرة المضاف إليه نحو : (غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ)(٢) أو بمماثلته نحو : مررت بزيد مثل عمرو إذا اشتهر بمماثلته (٣).

ومنها : أنّ شرط الإضافة المعنويّة تجريد المضاف من التعريف بأن تزال اللام من المعرّف باللام ، ويؤوّل العلم بواحد من الأمة المسمّاة به نحو : ربيعة الفرس (٤).

ومنها / ما ورد من إضافة الاسم إلى مماثله نحو : سعيد كرز ، وزيد بطة ، بإضافة الاسم إلى اللّقب ، وهو مؤوّل بأنّ اللقب لمّا كان أشهر من الاسم تنزّل الأوّل منزلة المجهول ، والثاني منزلة المعلوم فتغايرا (٥).

ومنها ، أنّ العامل في المضاف إليه هو المضاف (٦) لا الحرف ولا معناه ليشمل القبيلين أعني المعنويّة واللفظيّة.

ذكر التّوابع (٧)

وهي كلّ ثان بإعراب سابقه من جهة واحدة ، قوله : من جهة واحدة ، يخرج خبر المبتدأ والمفعول الثاني من علمت وأعطيت ، والثالث من أعلمت ، والمراد باتّحاد الجهة اشتراك التابع والمتبوع في الجملة التي تنسب إلى المتبوع ، لأنّك إذا قلت : ضرب زيد الجاهل عمرا العاقل ، كانت الصفة مشاركة للموصوف في جهة

__________________

(١) في المفصل ، ٨٦ : وكلّ اسم معرفة يتعرّف به ما أضيف إليه إضافة معنويّة إلا أسماء توغلت في إبهامها فهي نكرات وإن أضيفت إلى المعارف وهي نحو : غير ومثل وشبه ذلك ولذلك وصفت بها النكرات فقيل : مررت برجل غيرك ... اللهم إلا إذا شهر المضاف بمغايرة المضاف إليه كقوله عزوجل : غير المغضوب عليهم ، أو بمماثلته.

(٢) من الآية ٧ من سورة الفاتحة.

(٣) شرح المفصل ، ٤ / ١٢٥ وشرح التصريح ، ٢ / ٢٦ ـ ٢٧.

(٤) شرح المفصل ، ٣ / ١٢ ـ ١٣.

(٥) شرح التصريح ، ٢ / ٣٣.

(٦) هذا مذهب سيبويه ، وعند الزجاج هو معنى اللام ، وبحرف مقدر ناب عن المضاف عند ابن الباذش.

وانظر لذلك الكتاب ، ١ / ٤١٩ وشرح الكافية ، ١ / ٢٧٢ والهمع ، ٢ / ٤٦.

(٧) الكافية ، ٣٩٩.

٢٢٣

الفاعلية والمفعوليّة (١).

ذكر النّعت (٢)

وهو تابع يدلّ على معنى في متبوعه أو متعلّقه مطلقا قوله : تابع ، كالجنس لأنّه يشمل جميع التوابع ، وقوله : يدلّ على معنى في متبوعه كالفصل ، فإنّه يخرج جميع التوابع سوى النّعت لأنّ جميعها لا تدلّ على معنى في متبوعها (٣) ، وقوله : مطلقا ، احترز به عن الحال من المنصوب ، لأنّها من غير المنصوب لا تشتبه لأنّها ليست تابعة لذي الحال في الإعراب وذلك نحو : ضربت زيدا قائما ، فإنّ قائما وإن توهم فيه أنّه تابع يدل على معنى في متبوعه ، لكن لا يدلّ عليه مطلقا بل حال صدور الفعل عنه (٤) والنّعت والوصف والصّفة ألفاظ مترادفة (٥) ومثال النّعت : جاءني رجل عالم ، فعالم يدلّ على معنى ، وهو العلم في متبوعه الذي هو رجل ، واشترط بعضهم أن يكون النعت مشتقّا (٦) والصحيح أنّه لا يجب ذلك لأنّ نحو : جاءني رجل تميميّ أو علويّ أو ذو مال ، نعت لرجل (٧) وليس بمشتقّ إلّا بتأويل ، نحو أن يقال في تميمي وعلوي : منسوب ، وفي ذو مال : صاحب مال.

والنعت يفيد التخصيص إن كان للنكرة (٨) نحو : جاءني رجل طويل ، ويفيد التوضيح إن كان للمعرفة نحو : جاءني زيد الطويل ، ويكون لمجرّد الثناء نحو : بسم الله الرّحمن الرّحيم ، ولمجرّد الذمّ نحو : من الشيطان الرجيم ، ويكون النّعت أيضا للترحمّ

__________________

(١) شرح الكافية ، ١ / ٢٩٨ ـ ٢٩٩ وشرح الأشموني ، ٢ / ٥٧.

(٢) الكافية ، ٣٩٩ ، وقوله «أو متعلقه مطلقا» ليس في متن الكافية المطبوع ، ولا في شرح الوافية ، ٢٥٥.

(٣) شرح الكافية ، ١ / ٣٠١.

(٤) المقتضب ، ٤ / ٣٠٠ وشرح الكافية ، ١ / ٣٠٢.

(٥) النعت مصطلح كوفي ، والصفة بصري ، وذهب بعضهم إلى أن النعت يكون بالحلية نحو : طويل وقصير ، والصفة تكون بالأفعال نحو : ضارب وخارج ، شرح المفصل ، ٣ / ٤٧ وحاشية الصبان ، ٣ / ٥٦ وحاشية الخضري ، ٢ / ٥١.

(٦) المقتضب ، ١ / ٢٦ ـ ٣ / ١٨٥ وشرح المفصل ، ٣ / ٤٨.

(٧) هذا رأي ابن الحاجب وجمع من المحققين حاشية الصبان ، ٣ / ٦٢ وانظر إيضاح المفصل ، ١ / ٤٤١ ـ ٤٤٢.

(٨) الكافية ، ٣٩٩ ـ ٤٠٠.

٢٢٤

نحو : بزيد المسكين ، واعلم أنه يجيء أيضا للتوكيد (١) كقوله تعالى : (نَفْخَةٌ واحِدَةٌ)(٢).

وتوصف النكرة بالجمل الخبريّة ويلزم الضمير ، والخبريّة هي التي تحتمل الصدق والكذب ، وهي اسميّة وفعليّة وشرطيّة وظرفيّة نحو : مررّت برجل أبوه قائم ، ورجل قام أبوه ، ورجل إن قام أبوه قمت ، ورجل في الدّار (٣) واختصت النكرة بذلك دون المعرفة لكون الجملة نكرة ووجوب مطابقة الموصوف الصفة في التعريف والتنكير ، ولا تكون الجملة الإنشائيّة صفة للنكرة (٤) لأنّها لا تكون خبرا إلّا بتأويل نحو قول الشّاعر : (٥)

حتّى إذا جاء الظّلام المختلط

جاؤوا بمذق هل رأيت الذئب قطّ

/ فهل رأيت الذئب قط جملة إنشائيّة وهي صفة لمذق في موضع جرّ ، والمعنى جاؤوا بمذق لونه مثل لون الذئب لغبرته ، والمذق اللّبن الممزوج ، وقيل التقدير : جاؤوا بمذق مقول فيه عند رؤيته هذا القول (٦).

واعلم أنّ الموصوف يوصف تارة باعتبار حاله (٧) نحو : مررت برجل عالم ، وتارة باعتبار متعلّقه نحو : مررت برجل حسن غلامه ، ومنيع جاره ، ومؤدّب غلمانه ، ومعنى وصف الشيء باعتبار حاله ، أن يوصف بالمعنى القائم به ، ففي المثال المذكور العلم معنى قائم بذات رجل ، وأما وصفه بحال متعلّقه ، فحال متعلّقه هي المعنى

__________________

(١) شرح الوافية ، ٢٥٦ ، وشرح المفصل ، ٣ / ٤٧.

(٢) من الآية ١٣ من سورة الحاقة.

(٣) المفصل ، ١١٥ والمغني ، ٢ / ٤٢٤ ـ ٤٢٨.

(٤) شرح الوافية ، ٢٥٦ وانظر شرح الأشموني ، ٣ / ٦٣.

(٥) الرجز للعجاج ورد في ملحقات ديوانه ، ٢ / ٨١ برواية يختلط ، وورد منسوبا له في أمالي الزجاجي ، ٢٣٧ وأمالي ابن الشجري ، ٢ / ١٤٩ وشرح الشواهد ، ٣ / ٦٤ وشرح التصريح ، ٢ / ١١٢ وخزانة الأدب ، ٢ / ١٠٩ وورد الرجز من غير نسبة في المحتسب ، ٢ / ١٦٥ والإنصاف ، ١ / ١١٥ والمقرب ، ١ / ٢٢٠ وشرح المفصل ، ٣ / ٥٣ ومغني اللبيب ، ١ / ٢٤٦ ـ ٢ / ٥٨٥. ويروى جن مكان جاء ، واختلط مكان المختلط ، وضيح مكان مذق. المختلط : كناية عن انتشاره واتساعه ، المذق : اللبن الممزوج بالماء شبهه بالذئب لاتفاق لونهما لأن فيه غبرة وكدرة.

(٦) الإنصاف ، ١ / ١١٥.

(٧) الكافية ، ٤٠٠.

٢٢٥

القائم بذات متعلّقه ، ومتعلّق الموصوف هو أن يكون فاعل الصفة مضافا إلى ضمير الموصوف نحو : غلامه في مررت برجل حسن غلامه ، فحسن صفة لرجل في اللفظ وهو في المعنى للغلام وصار الغلام من متعلّقات الرجل بإضافته إلى ضميره العائد عليه ، أعني على الرجل ، وقد يكون المتعلّق المذكور مفعولا للصفة نحو : مررت برجل مخالط أباه داء ، فالمتعلّق وهو أباه مفعول للصفة التي هي مخالط (١).

والنعت الذي هو حال الموصوف يتبع الموصوف في عشرة أشياء : وهي الرفع والنصب والجرّ والتعريف والتنكير والإفراد والتثنية والجمع والتذكير والتأنيث ، أي تجب موافقة الصفة للموصوف في هذه الأشياء ، ولا يعنون أنّ العشرة تجتمع ، لأنها متضادّة وإنّما يعنون أنّه لا بدّ من واحد من كلّ نوع فتجتمع أربعة من الرفع والنصب والجرّ ، أحدها ، ومن التعريف والتنكير أحدهما ، ومن الإفراد والتثنية والجمع ، أحدها ، ومن التذكير والتأنيث أحدهما (٢) ، والنعت الذي هو بحال متعلّق الموصوف يتبع الموصوف في الخمس الأول : أعني في اثنين من الخمس الأول : وهي الرفع والنّصب والجرّ والتعريف والتنكير ، ولم يجعل تابعا للموصوف في الخمس الباقية وهي : الإفراد والثنية والجمع والتذكير والتأنيث بل كأنّ حكم النّعت بالنّظر إلى المتعلّق حكم الفعل ، لأنّه مسند إلى الظاهر الذي بعده ، وكما أنّ الفعل إذا أسند إلى الظاهر الذي بعده يجب إفراده ، وإذا كان الفاعل مذكرا يجب تذكيره ، وإذا كان الفاعل مؤنّثا حقيقيّا يجب تأنيثه ، فكذلك الصفة لأنّها واقعة موقع الفعل وعاملة عمله (٣) فتقول : مررت بامرأة قائم أبوها ، وبرجل قائمة امرأته ، ومررت برجل قاعد غلامه وبرجلين قاعد غلامهما ، وبرجال قاعد غلمانهم بإفراد قاعد مع كون فاعله جمعا ، وضعف قام رجل قاعدون غلمانه ، لأنّ «قاعدون» مثل يقعدون لفظا ومعنى ، فكما ضعف : قام رجل يقعدون غلمانه ، ضعف قام رجل قاعدون غلمانه (٤) ، ولكن يجوز من غير ضعف أن يقال : قام رجل / قعود غلمانه ، لأنّ قعود ليس مثل يقعدون لفظا (٥).

__________________

(١) شرح المفصل ، ٣ / ٥٤ وشرح الكافية ، ١ / ٣٠٨.

(٢) شرح الوافية ، ٢٥٧ ـ ٢٥٨.

(٣) شرح الوافية ، ٢٥٨.

(٤) لأن لحاق علامتي التثنية والجمع في الفعل المسند إلى الظاهر المثنى والمجموع ضعيف. شرح الكافية ، ١ / ٣١١.

(٥) شرح المفصل ، ٣ / ٥٤ وشرح التصريح ، ٢ / ١٠٩.

٢٢٦

فصل (١)

والنّظر في الوصف على أربعة أضرب لأنّ اللفظ منه ما لا يوصف ولا يوصف به وهو المضمر كما سيذكر ، ومنه ما يوصف ولا يوصف به وهو العلم ، ومنه ما يوصف به ولا يوصف وهو الجملة الخبريّة ، ومنه ما يوصف ويوصف به وهو المعرّف باللام والمضاف والإشارة ، وإنّما لم يوصف المضمر لأنّ بعض المضمرات وهو أنا في غاية الوضوح فلا يحتاج إلى توضيحه بالصفة ، وكذلك المخاطب يوضحه الحضور والمشاهدة فلا اشتراك فيما هذا شأنه ، وإذا انتفى موجب الوصف وهو الاشتراك انتفى الوصف ، لأنّ الوصف إنّما هو للإيضاح وقد ثبت إيضاح المضمر بدونه وحمل باقي المضمرات على ذلك (٢) وإنّما لم يوصف بالمضمر ؛ لأنّ الصفة تدلّ على معنى في الموصوف ، والمضمر وضع ليدلّ على الذات ، ويجب أن يكون الموصوف أخصّ من الصفة أي أعرف منها أو مساويا لها ، ولا يجوز أن تكون الصفة أخصّ منه أي أعرف منه ؛ لأنّه المقصود بالنسبة المفيدة والصفة غير مقصودة بذلك فلا يوصف المعرّف باللام باسم الإشارة لأنّه أخصّ من المعرّف باللام (٣) فلا يقال : مررت بالرجل هذا ، وتراد الصّفة ، ويلزم أن يوصف اسم الإشارة بالمعرّف باللّام لأنّ اسم الإشارة مبهم الذات ، واسم الجنس يدلّ على حقيقة الذّات وتعريفه بالألف واللام ، فمن ثمّ وجب أن توصف أسماء الإشارة بما فيه الألف واللام لدلالته على حقيقة الذّات فيتّضح به اسم الإشارة لكونه مبهم الذات (٤).

والعلم يوصف بثلاثة أشياء ، بالمبهم ، وبالمعرّف باللام ، وبالمضاف ، لكون

__________________

(١) الكافية ، ٤٠٠.

(٢) شرح الكافية ، ١ / ٣١١.

(٣) ذهب جمهور النحويين إلى أنّ المضمرات أخصّ المعارف ثم العلم ثم المبهم ، وما أضيف إلى معرفة من المعارف فحكمه حكم ذلك المضاف إليه في التعريف ثم ما فيه الألف واللام ، وذهب قوم إلى أن المبهم أعرف المعارف ، وذهب قوم آخرون إلى أنّ أعرف المعارف العلم ثمّ المضمر ثم المبهم ثم ما عرّف بالألف واللام ، وما أضيف إلى معرفة فحكمه حكم ذلك المضاف إليه في التعريف انظر الإنصاف ٢ / ٧٠٧ وشرح المفصل ، ٣ / ٥٦ وتسهيل الفوائد ، ١٧٠ وشرح الكافية ١ / ٣١٢.

(٤) شرح الوافية ، ٢٥٨ ـ ٢٥٩.

٢٢٧

العلم أخصّ من هذه الثلاثة ، لأنّه في أوّل أحواله وضع لشخص معيّن بخلاف المبهم فإنّه لا يستقرّ على مسمّى ، وبخلاف المعرّف باللام فإنّ تعريفه لا بذاته بل بالألف واللام ، ولذلك يزول عنه التعريف بزوالهما ، وكذلك تعريف المضاف بغيره فالعلم أخصّ منها.

واعلم أنّ اسم الإشارة نحو : هذا ، لمّا كان (١) مبهم الذّات احتاج إلى ما يبيّن حقيقته وذلك لا يكون إلّا بأحد أمرين : إمّا باسم الجنس نحو : الرجل لدلالته على حقيقة الذات ، أو بوصف يختصّ بالذات التي يراد بيانها كالعالم والكاتب بالنسبة إلى ذات الإنسان ، فلذلك قالوا : جاءني هذا الرجل ، ومررت بهذا العالم ، لأنّ العلم وصف خاص بذات الرجل لا يوجد إلّا في نوعه ، بخلاف قولك : هذا الأبيض لعدم اختصاصه بنوع دون نوع وبسبب ما شرح ، حسن مررت بهذا العالم وضعف : مررت بهذا الأبيض (٢).

فصل (٣)

واعلم أنّ المصدر يقع صفة نحو : رجل عدل ورجال صوم أو فطر ، وشبه ذلك وفائدة الوصف بالمصدر الاختصاص لأنّ تقديره : ذو عدل ، فلمّا وصف به بتوسط ذو وعرف مكانه ، حذفت تخفيفا لأنّه لا يلتبس ، لأنّ (٤) الرجل ليس هو الصوم وكذلك رجل / خصم فإنّه أخصّ من مخاصم ، وأكثر ما يوصف بالمصدر الثلاثي ، وإنّما ساغ الوصف بالمصدر ، لأنّ الصفة في الأصل مأخوذة من المصدر ، لأنّ تأويل ضارب ، ذو ضرب ، وإذا وصف بالمصدر فالأحسن الأكثر أن لا يثنّى ولا يجمع ولا يؤنّث (٥) كقولك : مررت برجلين صوم ، ورجال صوم ، ونساء صوم إلّا ما دخله كثرة الاستعمال نحو : رجل عدل ورجلين عدلين.

__________________

(١) غير واضحة في الأصل.

(٢) لأن الأبيض عام لا يخص نوعا دون آخر كالإنسان والفرس بخلاف هذا العالم فإن العالم مختص بنوع من الحيوان ، فكأنك قلت : بهذا الرجل العالم. شرح الكافية ، ١ / ٣١٤.

(٣) في المفصل ، ١١٥ : ويوصف بالمصادر كقولهم : رجل عدل وصوم وفطر وزور.

(٤) في الأصل أن.

(٥) شرح المفصل ، ٣ / ٥٠ وشرح التصريح ، ٢ / ١١٣.

٢٢٨

ذكر العطف (١)

وحدّه : تابع مقصود ينسب إليه مع متبوعه ، يتوسّط بينه وبين متبوعه أحد الحروف العشرة التي ستذكر ، وقد خرج بذلك التوابع كلّها لأنّها ليست مقصودة بالنسبة غير البدل فإنّه وإن كان مقصودا بالنسبة لكنّ متبوعه ليس مقصودا بالنسبة (٢) ومثاله : قام زيد وعمرو ، فعمرو تابع مقصود بنسبة القيام مع زيد ، وشرط صحّة العطف على المضمر المرفوع المتّصل أن يؤكّد بمنفصل (٣) كقولك : قمت أنا وزيد ، أمّا إذا وقع الفصل بين المضمر المذكور ، وبين المعطوف فإنّ العطف عليه حينئذ يجوز من غير تأكيد سواء وقع الفاصل قبل حرف العطف نحو : ضربت اليوم وزيد ، أو بعد ، كقوله تعالى : (ما أَشْرَكْنا وَلا آباؤُنا)(٤) وإذا عطف على الضمير المجرور ، أعيد الجارّ حرفا كان أو مضافا (٥) نحو : مررت بك وبزيد ، وجلس بيني وبين زيد ، لأنّ الضمير المجرور صار كالجزء من الجار فكرهوا أن يعطفوا المستقلّ على ما هو كالجزء ، أمّا قراءة حمزة (٦) واتقوا الله الذي تسائلون به والأرحام (٧) بالخفض (٨) فغير متعيّن للعطف لاحتمال القسم (٩).

__________________

(١) الكافية ، ٤٠٠ ـ ٤٠١.

(٢) شرح الكافية ، ١ / ٣١٧.

(٣) الإنصاف ، ٢ / ٤٧٤ وشرح المفصل ، ٣ / ٧٤ وتسهيل الفوائد ، ١٧٧.

(٤) من الآية ١٤٨ من سورة الأنعام.

(٥) انظر الأنصاف ، ٢ / ٤٦٣ وتسهيل الفوائد ، ١٧٧.

(٦) هو حمزة بن حبيب بن عمارة الزّيّات أحد القرّاء السبعة أخذ القراءة عن سليمان الأعمش وطلحة بن مصرف وصارت إليه الإمامة بعد عاصم والأعمش له من الكتب كتاب قراءة حمزة وكتاب الفرائض ، توفي سنة ١٥٦ ه‍ انظر ترجمته في الفهرست ، ٤٤ ووفيات الأعيان ، ٢ / ٢١٦ وغاية النهاية ، ١ / ٢٦١ ـ ٢٦٣ وتهذيب التهذيب ، لابن حجر ٣ / ٢٧ والنشر ، ١ / ١٦٦.

(٧) من الآية ١ من سورة النساء.

(٨) على العطف على الهاء في به وذلك مذهب الكوفيين ، وقرأ الباقون بالنصب عطفا على لفظ الجلالة على معنى واتقوا الأرحام أن تقطعوها ، أو على به كقولك مررت به وزيدا الكشف ١ / ٣٧٦ والبحر المحيط ، ٣ / ١٥٧ والإتحاف ، ١٨٥.

(٩) قال ابن يعيش ٣ / ٨٧ بعد ذكره القراءة ما نصه : «فإن أكثر النحويين قد ضعف هذه القراءة نظرا إلى العطف على المضمر المخفوض ... وهذا القول غير مرضي لأنه قد رواها إمام ثقة ولا سبيل إلى رد نقل الثقة مع

٢٢٩

وقول الشاعر : (١)

 ...

فاذهب فما بك والأيّام من عجب

فشاذ ، وحكم المعطوف مثل حكم المعطوف عليه (٢) فيما جاز له ، ووجب وامتنع فإذا قلت : زيد قائم وعالم ، فلا بدّ من ضمير في عالم المعطوف ، كما لا بدّ منه في قائم المعطوف عليه ، وكذلك : جاءني الذي قام أبوه وسافر غلامه ، فلا بدّ من ضمير في الجملة الثانية كما في الأولى ، فالمعطوف على الخبر يجب أن يصحّ كونه خبرا ، وكذلك المعطوف على الصّلة يجب أن يصحّ كونه صلة ، وكذا لا يعطف على الحال إلّا ما يصحّ أن يكون حالا (٣) فإن أبى الثاني حكم العطف ، أي لم يستقم لفوات المصحّح ، فاجعله مستقلا لا معطوفا نحو منطلق في قولك : ما أنت قائما ولا منطلق عمرو ، فلو جعلت منطلق منصوبا عطفا على خبر ما ، الذي هو قائم لم يستقم لوجود الضمير في المعطوف عليه وهو قائم وامتناعه في المعطوف وهو منطلق لكون عمرو فاعلا له ، فيجعل قوله : ولا منطلق عمرو جملة معطوفة على الأولى ، كأنه قيل : ما أنت قائما ولا عمرو منطلق (٤) فإن أورد في هذا الباب قولهم : الذي يطير فيغضب زيد الذباب ، من حيث كان يطير صلة للذي ، وفيه ضمير عائد ، وقد عطف فيغضب عليه وليس فيه ضمير يعود ، فالجواب : أنّ هذه فاء السببيّة لا فاء العطف ، لأنّك لو قدّرت موضعها حرف عطف / وقلت : الذي يطير ويغضب زيد أو ثمّ يغضب

__________________

أنه قد قرأتها جماعة من غير السبعة كابن مسعود ، وابن عباس ، والأعمش والحسن البصري ، وإذا صحت الرواية لم يكن سبيل إلى ردها ، وتحتمل وجهين آخرين غير العطف ، أحدهما : أن تكون الواو واو القسم وهم يقسمون بالأرحام ويعظمونها وجاء التنزيل على مقتضى استعمالهم ويكون قوله : إن الله كان عليكم رقيبا ، جواب القسم. والوجه الثاني : أن يكون اعتقد أن قبله باء ثانية حتى كأنه قال : وبالأرحام ، ثم حذف الباء لتقدم ذكرها ، وقد كثر عنهم حذف حرف الجر ، وانظر الخصائص ١ / ٢٥٨ وشرح الكافية ، ١ / ٣٢٠.

(١) هذا عجز بيت لقائل مجهول ، وصدره :

فاليوم قرّبت تهجونا وتشتمنا

ورد في الكتاب ، ٢ / ٣٨٣ والكامل ، ٣ / ٣٩ والإنصاف ، ٢ / ٤٦٤ وشرح المفصل ، ٣ / ٧٨ ـ ٧٩ والمقرب ، ١ / ٢٣٤ وشرح الكافية ١ / ٣٢٠ وشرح الشواهد ، ٣ / ١١٥ وهمع الهوامع ، ١ / ١٢٠ ـ ٢ / ١٣٩ وشرح الأشموني ، ٣ / ١٥ وخزانة الأدب ، ٥ / ١٢٣.

(٢) الكافية ، ٤٠١.

(٣) شرح الكافية ، ١ / ٣٢١.

(٤) شرح الوافية ، ٢٦١ والنقل منه.

٢٣٠

زيد ، لم يستقم وتقديره : الذي يطير فبسببه يغضب زيد الذباب (١).

وقد اختلف في صحّة العطف بعاطف واحد على معمولي عاملين مختلفين (٢) والمختار جوازه لا مطلقا ، بل إذا كان المجرور متقدّما على المرفوع أو المنصوب في المعطوف والمعطوف عليه نحو : في الدار زيد والحجرة عمرو ، فالحجرة معطوفة على الدار ، والعامل في الدار لفظة في ، وعمرو معطوف على زيد ، والعامل فيه الابتداء ، والمجرور متقدّم على المرفوع في المعطوف والمعطوف عليه ، أمّا لو كان المتقدم منصوبا نحو : إنّ زيدا قائم وعمرا منطلق لم يكن عطفا على معمولي عاملين بل على معمولي عامل واحد وهو جائز باتفاق والشاهد على صحّة العطف على معمولي عاملين مختلفين بالشرائط المذكورة قوله تعالى في سورة الجاثية : (إِنَّ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ لَآياتٍ لِلْمُؤْمِنِينَ ، وَفِي خَلْقِكُمْ وَما يَبُثُّ مِنْ دابَّةٍ آياتٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَما أَنْزَلَ اللهُ مِنَ السَّماءِ مِنْ رِزْقٍ فَأَحْيا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها ، وَتَصْرِيفِ الرِّياحِ آياتٌ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ)(٣) فعطف واختلاف على قوله وفي خلقكم ، وآيات وآيات الأخيرتين في قراءة حمزة والكسائي على آيات (٤).

وقول الشّاعر : (٥)

أكلّ امرىء تحسبين امرأ

ونار توّقّد في الليل نارا

وقولهم في المثل (٦) : «ما كلّ سوداء تمرة ولا بيضاء شحمة» ، فبيضاء معطوفة

__________________

(١) شرح الوافية ، ٢٦٢.

(٢) الكافية ، ٤٠١.

(٣) الآيات ٣ ـ ٤ ـ ٥ من سورة الجاثية.

(٤) وقرأ الباقون بالرفع ، السبعة لابن مجاهد ٥٩٤ ، والكشف ، ٢ / ٢٦٧ وانظر معاني القرآن ٣ / ٤٥ وإعراب القرآن المنسوب للزجاج ـ القسم الثالث ٩٠٩ والتبيان للعكبري ٢ / ١١٥٠.

(٥) البيت مختلف حول قائله فقد نسب لأبي داؤد الأيادي في الكتاب ، ١ / ٦٦ وشرح المفصل ، ٣ / ٢٦ ـ ٢٧ وشرح الشواهد ، ٢ / ٢٧٣ وشرح شواهد المغني ، ٢ / ٧٠٠ ونسب لعدي بن زيد في الكامل ، ٣ / ٩٩ وورد من غير نسبة في أمالي ابن الشجري ، ١ / ٢٩٦ والإنصاف ، ٢ / ٤٧٣ وشرح المفصل ، ٣ / ٧٩ ـ ٥ / ١٤٢ ـ ٨ / ٥٢ ٩ / ١٠٥ ومغني اللبيب ، ١ / ٢٩٠ وشرح الأشموني ، ٢ / ٢٧٣.

(٦) وهو مثل يضرب في موضع التهمة وفي اختلاف أخلاق الناس. انظر المثل في الكتاب ، ١ / ٦٥ والمقتضب ، ٤ / ١٩٥ والمستقصى ، ٢ / ٣٢٨ وفرائد اللآل ، ٢ / ٢٤٤.

٢٣١

على سوداء ، والعامل فيهما كلّ ، وشحمة معطوفة على تمرة (١) والعامل فيهما «ما» (٢) وقد منع ذلك سيبويه مطلقا ، وتأوّل آيات الثاني والثالث بأنهما توكيد ، وهو تأويل بعيد (٣) ، وأجاز الفرّاء العطف على عاملين مطلقا (٤).

ذكر التأكيد (٥)

وهو لفظيّ ومعنويّ ، فاللفظيّ أن يكرّر اللفظ الأوّل بعينه وهو جار في الاسم والفعل والحرف ، والجملة ، نحو : زيد زيد ، وضرب ضرب وإلى إلى ، والله أكبر الله أكبر ، والمعنويّ : تابع يقرّر أمر المتبوع في النسبة أو الشمول ، فبقوله : يقرر أمر المتبوع ، خرج العطف بالحرف والبدل ، وبقوله : في النسبة ، خرج النّعت وعطف البيان ، فإنّهما يقرّران أمر المتبوع لكن لا في النّسبة (٦) ومثال التأكيد الذي يقرر أمر المتبوع في النسبة قولك : جاءني زيد نفسه ، وما أشبهه ، والذي يقرّره في الشمول ، نحو : جاء القوم كلّهم ، وللمعنويّ ألفاظ معدودة ، وهي : نفسه وعينه وكلاهما وكلتاهما ، وكلّ وأجمع وأكتع وأبصع وأبضع ، وهي تالية لأجمع ، لأنّها لا تتقدّم عليه لكونها توابع له ، خلافا لابن كيسان (٧) فإنّه جوّز الابتداء بكلّ واحد منها (٨) والنفس / والعين مختلفة صيغهما ، ويأتي الضمير معهما لمن هما له تقول : زيد نفسه والزيدان نفساهما وأنفسهما وهو الأكثر ، والزيدون أنفسهم وهند نفسها والهندان نفساهما أو أنفسهما وهو الأكثر (٩) كما في المذكّر ، والهندات أنفسهنّ ولا يجري

__________________

(١) في الأصل وتمر معطوفة على شحمة.

(٢) لأنهما خبران لها انظر شرح المفصل ، ٣ / ٢٧.

(٣) الكتاب ١ / ٦٥ وفي شرح الوافية ، ٢٦٣ بعد ذلك ما نصه : فإنا نقطع بأن المراد من آيات الأول غير المراد من الثاني وكذلك الثالث إذ المعنى أن في كل واحد مما ذكر آيات ، فكيف يستقيم أن يؤول بالتأكيد.

(٤) معاني القرآن ، ٣ / ٤٥ وبعدها في شرح الوافية ، ٢٦٣ «وهو بعيد».

(٥) الكافية ، ٤٠١.

(٦) شرح الكافية ، ١ / ٣٢٨.

(٧) هو أبو الحسن محمد بن أحمد بن كيسان ، كان نحويا فاضلا خلط بين المذهبين وأخذ عن الفريقين له من الكتب كتاب المهذب في النحو ، وكتاب القراءات وكتاب المقصور والممدود توفي سنة ٢٩٩ ه‍. انظر ترجمته في الفهرست ، ١٢٠ ونزهة الألباء ، ٢٣٥ وإنباه الرواة ، ٣ / ٥٧ ـ ٥٨.

(٨) شرح الكافية ، ١ / ٣٣٦ وهمع الهوامع ، ٢ / ١٢٣.

(٩) شرح التصريح ، ٢ / ١٢١ وهمع الهوامع ، ٢ / ١٢٢ وشرح الأشموني ، ٣ / ٧٤.

٢٣٢

كلا ، إلّا على المثنّى خاصّة كما أنّ كلّه لا يجري إلّا على غير المثنّى ، وكذلك أجمع وما بعده يقع تأكيدا لغير المثنّى ، سواء كان مفردا أو مجموعا مذكرا أو مؤنثا كما سنمثله ، وليس في صيغتي كلا وكلتا اختلاف بل الاختلاف في الضمير الذي أضيفتا إليه فإنّهما يضافان إلى ضمير من هما له كقولك : كلاهما كلتاهما ، والباقي من ألفاظ التأكيد لغير المثنّى باختلاف الضمير نحو : كلّها وكلّه وكلّهم وكلّهنّ وباختلاف الصيغ في الباقي (١) كما سنذكره.

واعلم أنّ أجمع لا ينصرف للتعريف ووزن الفعل ، وجمعاء لا ينصرف للتأنيث ولزوم التأنيث ، وأجمع وبابه يختلف باختلاف الصيغ لا بضمير ، فإنّه لا يضاف تقول : اشتريت العبد كلّه أجمع أكتع أبتع أبصع ، وجاءني القوم كلّهم أجمعون أكتعون أبتعون أبصعون واشتريت الجارية كلّها جمعاء كتعاء بتعاء بصعاء ، وجاءتني النسوة كلّهنّ كتع بتع بصع ، وأجمعون يختصّ بالمذكرين العقلاء ولا يؤكّد بكلّ وأجمع وبابه إلّا ذو أجزاء يصحّ افتراقها حسا أو حكما (٢) ، لأنّها وضعت لمعنى الشمول ، نحو : جاءني القوم كلّهم ، لأنّ للقوم أجزاء ولكن يصحّ افتراقها حسا وهي : زيد وعمرو وغيرهم فإن لم يكن للشيء أجزاء أو كان له أجزاء ولكن لا يصح افتراقها حسا ولا حكما لم يجز تأكيده بكل وأجمع ، لأنّهما للشمول كما تقدّم ، فيصحّ قولك : اشتريت العبد كلّه ، لأنّ أجزاءه يصحّ افتراقها حكما لأنّه يجوز أن يكون المشترى نصف العبد ، أو أقلّ أو أكثر (٣) ولم يصحّ : قام زيد أو جاء زيد كلّه والمراد بالشمول ما يشمل الشيء أي ما يحيط به ، وقد استعملت حروف كل في معنى الشمول كثيرا فمنه : الإكليل لاحاطته بالرأس ، والكلال لإحاطة التّعب بالبدن (٤) وغير ذلك ، وإذا أكّد بالنفس والعين ضمير متصل مرفوع فلا بدّ أن يفصل بينهما بضمير منفصل مطابق للمؤكّد (٥)

__________________

(١) شرح الوافية ، ٢٦٥.

(٢) الكافية ، ٤٠١ ـ ٤٠٢.

(٣) شرح الوافية ، ٢٦٦ وشرح الكافية ، ١ / ٣٣٥ وشرح الأشموني ، ٣ / ٧٥.

(٤) الإكليل : شبه عصابة مزيّنة بالجواهر والجمع أكاليل ، ويسمّى التاج إكليلا ويقال : كلّ يكلّ كلالا وكلالة : إذا تعب. اللسان ، كلل.

(٥) الكافية ، ٤٠٢.

٢٣٣

كقولك : ضربت أنت نفسك ، فالضمير المرفوع المتصل المؤكّد هو التاء في ضربت ، والمنفصل المطابق للمؤكّد هو أنت ، وكذلك المضمر المتكلّم ضربت أنا نفسي وبابه ، والمضمر الغائب نحو ضرب هو نفسه وجاءا هما أنفسهما ، وجاؤوا هم أنفسهم وبابه ، وإنّما وجب تأكيده بمنفصل لكون المرفوع المتصل كالجزء ، فكرهوا أن يؤكّدوا ما هو كجزء الكلمة بالمستقل فأتوا بالضمير المنفصل ليجري المستقلّ على المستقلّ وما سوى المرفوع المتصل وهو المنصوب المتصل والمجرور المتصل ، والمرفوع غير المتصل يؤكّد بغير شريطة (١) كقولك : ضربتك نفسك ومررت بك نفسك ، وأنت / نفسك فعلت ، وغير النفس والعين يؤكّد به من غير شريطة كقولك : جاؤوا كلّهم وخرجوا أجمعون إلى آخرها ، واختصّ النفس والعين بذلك لكونهما يستعملان مستقلّين دون غيرهما وألفاظ التأكيد المعنويّ كلّها معارف ، لأنّها توكيد للمعرفة ، وتعريفها من قبيل تعريف علم الجنس ، ولمّا كانت ألفاظ التوكيد معارف ، لم يجوّز البصريون أن تؤكّد غير المعرفة (٢) لئلّا يؤدي إلى الجمع بين متنافيين ، لأنّ مدلول النكرة غير معيّن ، ومدلول المعرفة معيّن ، والكوفيون أجازوا تأكيد النكرة بشرط أن تكون محدودة (٣) قالوا : لأنّها حينئذ تشابه المعرفة من حيث إنّها معلومة ممتازة ، واستشهدوا بقول الشاعر : (٤)

قد صرّت البكرة يوما أجمعا

فأكّد يوما وهو نكرة بأجمع ، والبصريون يؤولون ذلك وشبهه لخروجه عن القياس واستعمال الفصحاء (٥).

__________________

(١) الكتاب ، ١ / ٢٧٨ وشرح المفصل ، ٣ / ٤٢ وشرح الوافية ، ٢٦٧.

(٢) الإنصاف ، ٢ / ٤٥١ وشرح ابن عقيل ٢ / ٢١١ وهمع الهوامع ، ٢ / ١٢٤ ـ ٢٦٧.

(٣) مثل يوم وليلة وشهر وانظر شرح الوافية ، ٢٦٧.

(٤) الرجز لم يعرف قائله ورد في الإنصاف ، ٢ / ٤٥٤ وأسرار العربية ، ٢٩١ وشرح المفصل ، ٣ / ٤٥ والمقرب ، ١ / ٢٤٠ وشرح الكافية ، ١ / ٤٣ ـ ٣٣٥ وشرح ابن عقيل ، ٣ / ٢١١ وشرح الشواهد ، ٣ / ٧٨ وهمع الهوامع ، ٢ / ١٢٤ وشرح الأشموني ، ٣ / ٧٨ وخزانة الأدب ، ١ / ١٨١ صرّت : صوّتت ، والبكرة ، للبئر.

(٥) قالوا إن البيت مجهول ـ وهو شاذ قليل في بابه وإنّ الرواية الصحيحة يوما أجمع بلا تنوين أراد يومي أجمع ، فالألف بدل من ياء الإضافة ، وقيل هو بدل أو نعت. الإنصاف ، ٢ / ٤٥٦ والهمع ، ٢ / ١٢٤.

٢٣٤

ذكر البدل (١)

وهو تابع مقصود بما نسب إلى المتبوع من غير توسّط حرف العطف فخرج بقوله : مقصود بما نسب إلى المتبوع ، التوابع كلّها إلّا المعطوف بالحرف فإنّه خرج بقوله : من غير توسّط حرف العطف (٢) والبدل في اللغة : هو العوض تقول : اجعل هذا بدلا من ذاك أي اجعله عوضا منه ، والبدل أربعة أقسام :

بدل الكلّ من الكلّ ، وبدل البعض من الكلّ ، وبدل الاشتمال ، وبدل الغلط فبدل الكلّ هو أن يكون مدلوله مدلول الأوّل ، نحو : جاءني زيد أخوك ، وبدل البعض هو أن يكون مدلوله بعض مدلول الأوّل ، نحو : ضربت زيدا رأسه ، وبدل الاشتمال : هو أن يكون بينه وبين الأول ملابسة بغير البعضيّة والكليّة ، نحو : سلب زيد ثوبه ، وبدل الغلط : هو أن تقصد إليه بعد أن غلطت بغيره نحو : مررت بزيد حمار ، أردت أن تقول : بحمار فسبقك لسانك فقلت بزيد ، ثمّ استدركته وقلت : حمار ، ومعناه بدل الشيء من الغلط ، قال ابن الحاجب : البدل هو المقصود بالنسبة دون الأوّل ، لأنّ منه بدل البعض فإذا قلت : مررت بالرجال بعضهم ، فالمخبر عنه بالمرور هو البعض ، وكذا بدل الاشتمال فإذا قلت : سلبت زيدا ثوبه ، فالمخبر عنه بالسّلب هو الثوب ، وأما بدل الغلط فالأمر فيه ظاهر أنّ الأوّل غير مقصود (٣) ، وأمّا بدل الكلّ ؛ فيشكل الفرق بينه وبين عطف البيان ، ويفرّق بينهما في نحو : قام أخوك زيد ، أنّ الأوّل إن كان أشهر من الثاني أو كانا في الشهرة على السواء ، فالثاني بدل ، وإلّا فهو عطف بيان ، وأيضا ؛ فعطف البيان لا يكون إلّا مظهرا والبدل يكون مظهرا ومضمرا (٤) ثم

__________________

(١) الكافية ، ٤٠٢.

(٢) قوله : من غير توسط حرف العطف ، سقط من متن الكافية ، ولم يرد في إيضاح المفصل ، ١ / ٤٤٩ ولا في شرح الوافية ، ٢٦٨ ولا في شرح الكافية ، لابن الحاجب ٢ / ٤٤٧. وانظر شرح ابن عقيل ، ٣ / ٢٤٧ وشذور الذهب ، ٤٣٩.

(٣) وفي إيضاح المفصل ، ١ / ٤٤٩ البدل تابع مقصود بالذكر ، وذكر المتبوع قبله للتوطئة والتمهيد ، ثم قال : وهذا الحد إنما يكون شاملا لغير بدل الغلط إذ بدل الغلط لم يذكر ما قبله لتوطئة ولا لتمهيد فإن قصدت دخوله في الحد قلت : ذكر المتبوع وليس هو المقصود.

(٤) شرح المفصل ، ٣ / ٧٢ ـ ٧٤ وشرح الأشموني ، ٣ / ٨٨.

٢٣٥

البدل والمبدل منه يكونان معرفتين (١) نحو : (اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ ، صِراطَ الَّذِينَ)(٢) ونكرتين نحو (رِزْقٌ مَعْلُومٌ / فَواكِهُ)(٣) ومعرفة ونكرة نحو : (لَنَسْفَعاً بِالنَّاصِيَةِ ناصِيَةٍ كاذِبَةٍ)(٤) ونكرة ومعرفة نحو : (إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ صِراطِ اللهِ)(٥) وهذه الأمثلة في بدل الكلّ ، وتقع كذلك في كلّ واحد من بدل البعض والاشتمال والغلط ، فذلك ستة عشر قسما ، ويجيء البدل والمبدل منه مظهرين ومضمرين ومختلفين ، فيكون في كلّ قسم من أقسام البدل أربعة أقسام أيضا فتكون الجملة ستة عشر ، وإذا ضممنا إليها أقسام المعرفة والنكرة وهي ستة عشر أيضا ، صار جميع أمثلة البدل اثنين وثلاثين مثالا ، وقد رتّبناها في هذه الزائجة (٦) التي اقترحناها ترتيبا لم يسبق إليه ، لتتضحّ منها :

__________________

(١) الكافية ، ٤٠٢.

(٢) من الآيتين ٥ ـ ٦ من سورة الفاتحة.

(٣) من الآيتين ٤١ ـ ٤٢ من سورة الصافات.

(٤) من الآيتين ١٥ ـ ١٦ من سورة العلق.

(٥) من الآيتين ٥٢ ـ ٥٣ من سورة الشورى.

(٦) الزيج فارسي «زيك» وهو جدول يستدل به على حركات الكواكب ومواقعها ، تفسير الألفاظ الدخيلة ، للعنيسي ، ٣٣ والظاهر أنه صار يطلق على الدائرة.

٢٣٦

ومنه (١)

على حالة لو أن في القوم حاتما

على جوده لضنّ بالماء حاتم (٢)

فجرّ حاتما على البدل من هاء جوده.

__________________

(١) جوّز أبو الفداء تبعا لابن الحاجب إبدال المضمر من الظاهر بدل كلّ ، وقد منع ابن مالك ذلك ، قال : والصحيح عندي أن يكون نحو : رأيت زيدا إياه ، من وضع النحويين وليس بمسموع من كلام العرب لا نثرا ولا شعرا ولو سمع كان توكيدا. وفيما قاله نظر ؛ لأنّه لا يؤكّد القويّ بالضعيف وقد قالت العرب : زيد هو الفاضل ، وجوّز النحويون في هو أن يكون بدلا وأن يكون مبتدأ وأن يكون فصلا. انظر إيضاح المفصل ١ / ٤٥٣ وتسهيل الفوائد ١٣٢ وشذور الذهب ٤٤١.

(٢) البيت للفرزدق ورد في ديوانه ، ٢ / ٨٤٢ برواية :

على ساعة لو كان في القوم حاتم

على جوده ضنّت به نفس حاتم

وورد البيت من غير نسبة في الكامل ، ١ / ٢٣٣ ـ ٢٣٤ وشرح المفصل ، ٣ / ٦٩ وشرح شذور الذهب ، ٤٤٢ وحاشية الشيخ ياسين على مجيب النداء ، ٢ / ٢٥٥.

٢٣٧

/ وإذا أبدلت النكرة من المعرفة لزمت الصفة لئلا يترجّح غير المقصود على المقصود في البيان (١) كقوله تعالى (لَنَسْفَعاً بِالنَّاصِيَةِ ناصِيَةٍ كاذِبَةٍ)(٢) وهو مذهب الكوفيين (٣) واختاره الزمخشري (٤) وابن الحاجب (٥) وأجاز جمهور البصريين ذلك بدون الصفة محتجّين بأنّه تحصل من اجتماعهما فائدة لم تحصل في الانفراد نحو : مررت بصاحبيك عاقل وجاهل ، ومنه قول الشاعر : (٦)

فلا وأبيك خير منك إنّي

ليؤذيني التّحمحم والصّهيل

فأبدل خير منك وهو نكرة من أبيك وهو معرفة ، ولا يجوز في بدل الكلّ أن يبدل الظاهر من المضمر من غير ضمير الغائب (٧) نحو : ضربته زيدا ، وأمّا ضمير المتكلّم والمخاطب فلا يجوز أن يجعل الظاهر بدلا منهما فإنك لو قلت : رأيتك زيدا ، وقمت زيد ، وجعلت زيدا بدلا من كاف رأيتك وتاء قمت لم يجز ذلك ، لأنّ ضمير الغائب يحتمل أن يكون لكلّ غائب سبق ذكره ، فإذا أبدلت الظاهر منه حصلت الفائدة ، بخلاف ضمير المخاطب والمتكلّم فإنّه لا يحتمل أن تكون الكاف في مررت بك لغير الذي تخاطبه ، ولا التاء في : كلّمتك لغير المتكلّم ، وأيضا فإنّ ضمير المخاطب والمتكلم أعرف من الظاهر وفي البدل والمبدل ، الثاني منهما هو المقصود بالنسبة ، فلو جعل الظاهر بدلا من ضمير المتكلّم والمخاطب ، وهما أعرف منه ، لكان لغير المقصود مزيّة على المقصود (٨) ، وأجازه بعضهم (٩) محتجّا بقولهم : رأيتكم أوّلكم وآخركم وصغيركم وكبيركم ، فأوّلكم وما بعده بدل من الكاف في رأيتكم ، وأمّا بدل البعض والاشتمال

__________________

(١) لأنّ البدل للإيضاح ، والشيء لا يوضح بما هو أخفى منه ، فلا تحصل فائدة بدون الصفة انظر حاشية ياسين على مجيب الندا ، ٢ / ٢٥٥.

(٢) الآيتان ، ١٥ ـ ١٦ من سورة العلق.

(٣) همع الهوامع ، ٢ / ١٢٧.

(٤) المفصل ، ١٢١ ـ ١٢٢. والزمخشري هو أبو القاسم محمود بن عمر من أهل خوارزم ، معتزلي مشهور ، توفي ٥٣٨. انظر ترجمته في نزهة الألباء ، ٣٩١ وإنباء الرواة ، ٣ / ٢٦٥ والبلغة ٢٥٦.

(٥) وجعله ابن الحاجب في الكافية ٤٠٢ ـ واجبا.

(٦) شمير بن الحارث الضبي ، ورد منسوبا له في النوادر ١٥٤ وخزامة الأدب ٥ / ١٧٩ ومن غير نسبة في المقرب ، ١ / ٢٤٥ وشرح الكافية ١ / ٣٣٨. التحم+ صوت الفرس إذا طلب العلف.

(٧) الكافية ، ٤٠٢.

(٨) شرح الوافية ، ٢٧٠ وشرح المفصل ، ٣ / ٦٩ وشرح التصريح ، ٢ / ١٦٠.

(٩) كالأخفش والكوفيين ، شرح الكافية ، ١ / ٣٤٢ والهمع ، ٢ / ١٢٧ ـ ١٢٨.

٢٣٨

والغلط ؛ فإنّه يجوز فيها كلّها إبدال الظاهر من المضمر مطلقا ، لاختلاف البدل والمبدل منه في المعنى ، فتقول في بدل البعض ، اشتريتك نصفك واشتريتني نصفي ، فالنصف فيهما وهو ظاهر بدل من كاف المخاطب في اشتريتك ومن ياء ضمير المتكلّم وتقول في بدل الاشتمال : مدحتك علمك ومدحتني علمي ، وفي بدل الغلط ضربتك الحمار وضربتني الحمار.

ذكر عطف البيان (١)

وحدّه (٢) : بأنّه تابع غير صفة يوضّح متبوعه ، فقال : غير صفة ليخرج الصفة ، ووجه تغايرهما ؛ أنّ عطف البيان لا يدلّ على معنى في متبوعه زائد على الذّات ، بخلاف الصفة وقوله : يوضّح متبوعه ليخرج التأكيد والبدل فإنّهما لا يوضّحان متبوعهما (٣) ومثاله (٤) :

أقسم بالله أبو حفص عمر

فعمر موضّح لأبي حفص ، لأنّ أبا حفص كنية عمر رضي‌الله‌عنه ، ولما كان في الكنية اشتراك أتي بعمر ليوضّح الكنية ، ومما ينفرد به عطف البيان عن البدل قول المرّار : (٥)

أنا ابن التارك البكريّ بشر

علية الطّير ترقبه وقوعا

لأنّ البدل في حكم تكرير العامل ، فيمتنع جرّ بشر على البدل ؛ لأنّه يصير التقدير أنا ابن التارك بشر فيمتنع لما ذكرنا من امتناع الضارب زيد (٦) ، ويتعيّن أن

__________________

(١) في الكافية ، ٤٠٢ «تابع غير صفة يوضح متبوعه».

(٢) في الأصل وحدوه.

(٣) شرح المفصل ، ٣ / ٧٠ وتسهيل الفوائد ، ١٧١.

(٤) الرجز لعبد الله بن كيسبه ، وبعده :

ما مسّها من نقب ولا دبر

ورد منسوبا في خزانة الأدب ، ٥ / ١٥٤ ، ونسبه ابن يعيش في شرح المفصل ، ٣ / ٧١ لرؤبة بن العجاج وردّه العيني في شرح الشواهد ، ١ / ١٢٩ بقوله : وهذا خطأ لأن وفاة رؤبة في سنة خمس وأربعين ومائة ، ولم يدرك عمر ولا عدّه أحد من التابعين وورد الرجز من غير نسبة في شرح الكافية ، ١ / ٣٤٣ وشرح شذور الذهب،٤٣٥ وشرح ابن عقيل ،٣ / ٢١٩ وشرح التصريح،١ / ١٣١ وشرح الأشموني ١/ ١٢٩.

(٥) والمرار بن سعيد بن حبيب بن خالد الفقعسي للأسدي. شاعر إسلامي. انظر أخباره في معجم الشعراء ١٧٦. ورد منسوبا له في الكتاب ، ١ / ١٨٢ وشرح المفصل ، ٣ / ٨٣ وشرح الشواهد ، ٣ / ٨٧ وشرح التصريح ، ٢ / ١٣٣ وخزانة الأدب ، ٤ / ٢٨٤ وورد من غير نسبة في المقرب ، ١ / ٢٤٨ وشرح الكافية ، ١ / ٣٤٣ وشرح شذور الذهب. ٤٣٦ وشرح الأشموني ، ٣ / ٨٧.

(٦) أي امتناع إضافة الوصف المقترن بأل إلى المعرفة.

٢٣٩

يكون عطف بيان ، وقد أجاز أبو علي أن يكون عطف البيان نكرة (١) لقوله تعالى : (يُوقَدُ)(٢) مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ فقال (٣) : زيتونة ، عطف بيان لشجرة ، وينفرد عطف البيان عن البدل أيضا في باب النّداء نحو : يا أخانا زيدا ، بالنصب ولو جعل بدلا لقيل : يا أخانا زيد ، بالبناء على الضمّ لأنّ البدل في حكم تكرير العامل.

ذكر المبنيّ (٤)

المبنيّ ما ناسب مبنيّ الأصل أو وقع غير مركّب ، وقال ناسب : ولم يقل شابه لكون المناسبة أعمّ من المشابهة ، ومبنيّ الأصل الفعل الماضي وأمر المخاطب والحرف ، وأحد سببي البناء وجوديّ ، وهو مناسبة مبنيّ الأصل نحو : من أبوك؟ والآخر عدميّ وهو انتفاء موجب الاعراب الذي هو التركيب ، نحو : واحد ، اثنان ، و ، أ ، ب ، ت ، ث ، وقوله في الحدّ : أو وقع غير مركّب ، ليست أو هنا للشكّ لأنّ المراد هاهنا ما كان على أحد هذين الأمرين اللذين هما مشابهة مبنيّ الأصل ، وعدم التركيب (٥) وحكم المبنيّ أن لا يختلف آخره باختلاف العوامل في أوله لكونه مقابلا للمعرب فجعل حكمه مقابل حكم المعرب وألقاب البناء : ضمّ نحو منذ : وفتح نحو : أين ، وكسر نحو : جير ، ووقف نحو : من ، وألقاب الإعراب الرفع والنّصب والخفض والجزم ، فخالفوا بين ألقاب المبنيّ والمعرب ليمتاز كلّ واحد منهما عن الآخر لأنّهما لمّا افترقا في المعنى من حيث إنّ الإعراب لا يكون إلّا بعامل ولا يكون لازما ، والبناء بخلافه ، افترقا في اللّقب (٦).

والمبنيّات هي : المضمرات ، وأسماء الإشارة ، والموصولات ، والمركّبات ، والكنايات ، وأسماء الأفعال والأصوات ، وبعض الظروف.

والبناء في الأسماء على وجهين : لازم وغير لازم ، فاللازم كبناء : من وأين ، وكم وكيف ونزال ومنذ في قولك : ما رأيته منذ يومان ، والعارض خمسة أشياء : الأول :

__________________

(١) وهو مذهب الكوفيين ، وذهب غيرهم إلى المنع ، ويخصون عطف البيان بالمعارف انظر شرح الأشموني ، ٣ / ٨٦ وشرح التصريح ، ٢ / ١٣١.

(٢) كذا في الأصل بالتاء وهي قراءة أبي بكر وحمزة والكسائي. الكشف ، ٢ / ١٣٨.

(٣) من الآية ٣٥ من سورة النور.

(٤) الكافية ، ٤٠٢ ـ ٤٠٣.

(٥) شرح الكافية ، ٢ / ٢.

(٦) شرح الوافية ، ٢٧٢ وانظر شرح المفصل ، ٣ / ٨٤.

٢٤٠