كتاب الكنّاش في فنّي النّحو والصّرف - ج ١

عماد الدين أبي الفداء إسماعيل بن الأفضل علي الأيّوبي [ صاحب الحماة ]

كتاب الكنّاش في فنّي النّحو والصّرف - ج ١

المؤلف:

عماد الدين أبي الفداء إسماعيل بن الأفضل علي الأيّوبي [ صاحب الحماة ]


المحقق: الدكتور رياض بن حسن الخوّام
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: المكتبة العصريّة للطباعة والنشر
الطبعة: ٠
ISBN: 9953-34-369-1
ISBN الدورة:
9953-34-369-1

الصفحات: ٤١٥
الجزء ١ الجزء ٢

الفصل الثالث

مصنفاته وشعره

كان من نتيجة الثقافة المتنوعة التي حصّلها أبو الفداء أن ألّف في عدد من الفنون كتبا ذاع صيتها ـ لأهميتها ـ وانتشر أمرها ـ لشهرة مؤلفها ، ـ وهي :

١ ـ في التاريخ :

أ ـ المختصر في أخبار البشر (١) وقد أرّخ فيه حتى سنة ٧٢٩ ه‍ ويعدّ هذا الكتاب ـ بحق ـ سبب شهرة أبي الفداء ، فقد أتمّه وذيّله من حيث وقف أبو الفداء إلى آخر سنة ٧٤٩ ه‍ زين الدين عمر المعروف بابن الوردي المتوفى سنة ٧٥٠ ه‍ (٢) وسمى كتابه «تتمة المختصر في أخبار البشر» واختصر القاضي أبو الوليد محمد بن محمد ابن الشحنة الحلبي المتوفى سنة ٨١٥ ه‍ كتاب أبي الفداء وذيله إلى زمانه (٣) واهتم المستشرقون أيضا بكتاب المختصر فترجموه إلى عدة لغات ، وطبعوه مرارا (٤).

ب ـ التّبر المسبوك في تواريخ أكابر الملوك : وهو مخطوط بدار الكتب المصرية تحت رقم ٥٤٧ نظرت فيه فوجدته يقع في ١٩ ورقة من الحجم الصغير سرد فيه أبو الفداء أسماء بعض الملوك من غير أن يذكر شيئا عن أخبارهم.

ج ـ تاريخ الدولة الخوارزمية : وقد انفرد بذكره الزركلي في كتابه الأعلام (٥)

__________________

(١) البداية والنهاية لابن كثير ، ١٤ / ١٥٨ والمنهل الصافي ، ١ / ٢١٠ و ، والبدر الطالع للشوكاني ، ١ / ١٥٢.

(٢) كشف الظنون لحاجي خليفة ، ٢ / ١٦٢٩.

(٣) كشف الظنون ، ٢ / ١٦٢٩.

(٤) انظر ترجمات الكتاب وطبعاته في تاريخ آداب اللغة العربية لجورجي زيدان ، ٣ / ١٨٧ ـ ١٨٨ والمستشرقون لنجيب العفيفي ، ١ / ١٤٠ ـ ١٩٧ ، ٢ / ٤٧١ ـ ٤٧٢ ـ ٦٥٥.

(٥) الأعلام ، ١ / ٣١٧.

٢١

وأضاف بأنه مطبوع أيضا ، غير أني لم أجد أحدا ممن ترجم لأبي الفداء ذكر له هذا الكتاب ، ولم أستطع العثور على نسخة منه ، وأحسبه قطعة مطبوعة مأخوذة من كتاب المختصر.

د ـ مختصر اللطائف السنية في التواريخ الإسلامية ، وكتاب اللطائف السنية ألفه فخر الدين إسماعيل بن علي المعروف بالعدولي الحمصي ، قيل عن هذا الكتاب إنه مختصر من كتاب التاريخ الكبير له ، اختصره أبو الفداء في مجلّد صغير أوله الحمد لله مصور (مصرف) الدهور ومقدر الأمور ... ذكر فيه أنه اختصره من تاريخ الذهبي وابن عساكر وابن كثير وغيرهم إلى سنة ٧٢١ ه‍ ـ ١٣٣٠ م (١).

ولعل أبا الفداء قد أودع هذا الكتاب مختصره فقد ذكر في المختصر ما نصه «ومن هنا نشرع في التواريخ الإسلامية» (٢) فلعل التشابه في جزء من العنوان مع وصف صاحب الكشف له بأنه في مجلد صغير ، وكونه إلى سنة ٧٢١ ه‍ ، إن صح هذا ـ كل ذلك يقوي ما زعمناه.

٢ ـ في الجغرافيا :

أ ـ تقويم البلدان (٣) ، وقد طبع مرارا ، وترجم إلى عدة لغات (٤) ثم إن المولى محمد بن علي الشهير بسباهي زاده المتوفى سنة ٩٩٧ ه‍. رتّبه على الحروف المعجمة ، وأضاف إليه ما التقطه من المصنفات ليكون أخذه يسيرا ونفعه كثيرا وسماه .. «أوضح المسالك إلى معرفة البلدان والممالك» ، وأهداه إلى السلطان مراد خان الثالث (٥).

__________________

(١) كشف الظنون ، ٢ / ١٥٥٣ وفيه «إلى سنة ٧٨١ إحدى وثمانين وسبعمائة وهي كروضة ابن الشحنة» والظاهر أن الأستاذ قدري الكيلاني قد صوب التاريخ على نحو ما أثبتناه ولست أدري على أي مصدر اعتمد الأستاذ قدري في تصويبه ، وإذا سلمنا لصاحب الكشف تأريخه ، فذا يدعو إلى الشك في نسبة الكتاب إلى أبي الفداء المتوفى ٧٣٢ ه‍ ، وانظر «أبو الفداء ملكا وعالما» لقدري الكيلاني ٢٤٩.

(٢) المختصر ، ١ / ١١٥.

(٣) المنهل الصافي ، ١ / ٢١٠ وشذرات الذهب ، ٦ / ٩٨.

(٤) انظر طبعات الكتاب وترجماته في تاريخ آداب اللغة العربية لجورجي زيدان ، ٣ / ١٨٨ ـ ١٨٩ والمستشرقون ، للعفيفي ، ١ / ١٨٤ ـ ١٨٩ ـ ٢٠٥ ـ ٢ / ٤٦٥.

(٥) كشف الظنون ١ / ٤٦٩ وتاريخ آداب اللغة العربية ٣ / ١٨٨ ـ ١٨٩.

٢٢

٣ ـ في الفقه :

أ ـ نظم أبو الفداء كتاب الحاوي في الفقه الشافعي (١) لنجم الدين عبد الغفار بن عبد الكريم القزويني الشافعي المتوفى سنة ٦٧٥ ه‍ (٢) وهو من الكتب المعتبرة بين الشافعية ، ولو لم يعرفه معرفة جيدة ما نظمه (٣) وقد قام قاضي القضاة شرف الدين ابن البارزي بشرح النظم شرحا حسنا في أربع مجلدات (٤).

٤ ـ في الطب :

ذكر الدكتور رمضان ششن في كتابه «نوادر المخطوطات العربية في مكتبات تركيا» أن لأبي الفداء «قطعة من كتاب له في الطب في مكتبة مدينة مغنيسا تحت رقم ١٨٣٦ / ٢ كتب في آخرها : قرأت جميع هذا الكتاب قراءة .. على مؤلفه مولانا السلطان الملك المؤيد عماد الدنيا والدين أبي الفداء إسماعيل صاحب حماه المحروسة ..» (٥) وكتب أبو الفداء بخط يده أيضا : بلغت هذه النسخة قراءة عليّ في شهور آخرها ثامن ذي القعدة سنة ثماني وعشرين وسبعمائة وكتبه إسماعيل بن محمود بن محمد بن عمر بن شاهنشاه بن أيوب (٦).

ولعله الكتاب الثالث من الكناش ، فقد أشار أبو الفداء في خطبة الكناش إلى أن الكتاب الثالث سيكون معقودا للطب ، ومما يؤكد ذلك أن الدكتور حسن الساعاتي قد نقل عن رينو والبارون ويسلان محققي كتاب تقويم البلدان أن لأبي الفداء عدة أجزاء في الطب بعنوان الكناش (٧).

__________________

(١) تاريخ ابن الوردي ، ٢ / ٢٩٧ والبداية والنهاية ، ١٤ / ١٥٨ والدرر الكامنة ، ١ / ٣٩٧.

(٢) كشف الظنون ، ١ / ٦٢٥ ـ ٦٢٧.

(٣) فوات الوفيات ، ١ / ٢٩.

(٤) تاريخ ابن الوردي ، ٢ / ٢٩٧ وكشف الظنون ، ١ / ٦٢٧.

(٥) نوادر المخطوطات العربية في مكتبات تركيا للدكتور رمضان ششن ، ١ / ٢٧٢.

(٦) المرجع السابق ، ١ / ٢٧٣.

(٧) منهج أبي الفداء في البحث ، ٥٩.

٢٣

٥ ـ في العروض :

أ ـ شرح قصيدة ابن الحاجب (المقصد الجليل في علم الخليل) والشرح مخطوط في مكتبة جورليلي علي باشا تحت رقم ٣٧١ ويقع في أربعين ورقة (١).

٦ ـ في النحو والصرف :

أ ـ شرح منظومة الكافية لابن الحاجب ، أوله : الحمد لله الذي علّم بالقلم إلخ وهو شرح لطيف علقه من شرح المصنف لهذه المنظومة ومن غيرها من شروح الكافية وفرغ من تعليقه في شعبان سنة ٧٢٢ ه‍ (٢).

ولعل أبا الفداء جعله ضمن كناشه فيما بعد ، فقد ألفيته في الكناش قد علق أكثر المباحث النحوية من شرح الوافية نظم الكافية لابن الحاجب وهو ما صرح به صاحب الكشف بقوله «علقه من شرح المصنف ... إلخ».

ب ـ كشف الوافية في شرح الكافية : وهو شرح أبيات شواهد (المتوسط المسمى بالوافية في شرح الكافية) للسيد ركن الدين حسن بن محمد الاستراباذي المتوفى سنة ٧١٥ ه‍ ، وأول شرح الأبيات لك الحمد يا من صرف قلوبنا نحو المعاني والبيان ... إلخ (٣).

ج ـ الكناش : وهو الكتاب الذي بين أيدينا.

٧ ـ وله من الكتب :

أ ـ الموازين : جوده وهو صغير ، ويشتمل على علوم كثيرة (٤). وقيل هو نظم في الفلك منه نسخة في مكتبة بودليان في اكسفورد (٥).

__________________

(١) تاريخ الأدب العربي لبروكلمان ، ٥ / ٣٣٢ ونوادر المخطوطات العربية للدكتور رمضان ششن ، ١ / ١٧٢.

(٢) كشف الظنون ، ٢ / ١٣٧٤ ، وجعلها د. طارق الجنابي في كتابه ابن الحاجب النحوي وآثاره ومذهبه ٦٠ من شروح الكافية ، والصواب فيما أثبتناه.

(٣) كشف الظنون ، ٢ / ١٣٧٠ ـ ١٣٧١.

(٤) الوافي بالوفيات ، ٩ / ١٧٤ وفوات الوفيات ، ١ / ٢٩ والمنهل الصافي ، ١ / ٢١٠ ظ. وتاريخ حماة ، للصابوني ، ١٢٦.

(٥) تقويم البلدان ، ٣٠ ، ومنهج أبي الفداء في البحث ، للساعاتي ٥٩.

٢٤

ب ـ نوادر العلم : ويقع في مجلدين (١).

ج ـ مجموع في الأخلاق والآداب والزهد والوعظ يقع في ٧٠ ورقة تحت رقم ٦٧٩٤ ـ المغرب (٢).

ذكره الأستاذ قدري الكيلاني ، فلعله اطلع عليه ، ولعله قطعة من الكناش ، لأن أبا الفداء قد ذكر في خطبته أن الكتاب الخامس منه ، هو في الأخلاق والسياسة والزهد.

تصويب :

ذكر البغدادي في كتابه هدية العارفين أن لأبي الفداء إسماعيل بن علي المتوفى ٧٣٢ ه‍ كتابا اسمه «الأحكام الصغرى في الحديث» (٣) غير أني لم أجد أحدا ممن ترجم له ذكر له هذا الكتاب والصحيح أنه لعماد الدين أبي الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير الدمشقي الشافعي المتوفى سنة ٧٤٤ ه‍ ، وذلك لأن صاحب كشف الظنون ذكره منسوبا لابن كثير المذكور (٤) ويبدو أن سبب وهم البغدادي هو التشابه في الكنية.

شعره :

رأينا فيما سبق أن أبا الفداء نظم كتاب الحاوي في الفقه ، وبدهي أنه لو لم يكن شاعرا ماهرا ما نظمه ، وقد تناثرت قطع من شعره في كتب التراجم ، ووصف أصحابها شعره بأنه بديع حسن (٥) والناظر في هذه القطع يلحظ أن أبا الفداء قد تناول في شعره غرضين هما : الوصف والغزل. فمن شعره قطعة في وصف الفرس يقول فيها : (٦)

أحسن به طرفا أفوت به الفضاء

إن رمته في مطلب أو مهرب

__________________

(١) هدية العارفين ، ١ / ٢١٤ ، والأعلام ، ١ / ٣١٧.

(٢) أبو الفداء ملكا وعالما ، ٢٤٩.

(٣) هدية العارفين ، ١ / ٢١٤.

(٤) كشف الظنون ، ١ / ١٩.

(٥) كتاب السلوك ، ٢ / ٣٥٤ ، وشذرات الذهب ، ٦ / ٩٩.

(٦) الدرر الكامنة ، ١ / ٣٧٢ وانظر أبياتا أخرى نسبت له في المنهل الصافي ، ١ / ٢١١ و. والنجوم الزاهرة ، ٩ / ٢٩٢ وفوات الوفيات ، ١ / ٢٩ ..

٢٥

مثل الغزالة ما بدت في مشرق

إلا بدت أنوارها في المغرب

وله في الغزل : (١)

كم من دم حلّلت وما ندمت

تفعل ما تشتهي فلا عدمت

لو أمكن الشمس عند رؤيتها

لثم مواطىء أقدامها لثمت

وشارك أبو الفداء في نظم الموشحات ، فقد ذكرت له كتب التراجم هذه الموشحة التي وصفها الصفدي بقوله : وهذه الموشحة جيدة في بابها منيعة على طلابها ، وقد عارض بوزنها موشحة لابن سناء الملك رحمه‌الله تعالى (٢) ومطلع موشحة أبي الفداء :

أوقعني العمر في لعلّ وهل

يا ويح من قد مضى بهل ولعل

والشيب واف وعنده نزلا

وفرّ منه الشباب وارتحلا

ما أوقح الشيب الآتي

إذ حلّ لاعن مرضاتي

أما مطلع موشحة ابن سناء الملك فهو :

عسى ويا قلّما تفيد عسى

أرى لنفسي من الهوى نفسا

مذبان عني من قد كلفت به

قلبي قد لجّ في تقلّبه

وبي أذى شوق عاتي

ومدمعي يوم شات (٣)

__________________

(١) الوافي بالوفيات للصفدي ٩ / ١٧٦.

(٢) المرجع السابق ، ٩ / ١٧٨ وفي فوات الوفيات ، ١ / ٢٨ ـ ٢٩ ، قال هذا الموشح ومات في بقية السنة رحمه‌الله تعالى ..

(٣) المرجع السابق ، ٩ / ١٧٦ ـ ١٧٨ ، وانظر المنهل الصافي ، ١ / ٢١١ ظ ..

٢٦

الفصل الرابع

منهج أبي الفداء في كتاب «الكناش»

يتّضح لنا منهجه في كنّاشه مما يأتي :

أ ـ قدّم أبو الفداء لكناشه بخطبة موجزة بيّن فيها أنّ هذا «كناش مشتمل على عدة كتب : الأول : في النحو والتصريف ، الثاني : في الفقه ، الثالث : في الطب ، الرابع : في التاريخ ، الخامس : في الأخلاق والسياسة والزهد ، السادس : في الأشعار ، السابع : في فنون مختلفة (١)» غير أنه لم يبيّن لنا فيها الهدف من تأليفه ، ولم يشر إلى الكتب التي سيقوم بشرحها ، ولم يذكر الكتب التي اعتمد عليها في صنعه لكناشه كما صنع في مقدمة «المختصر» حين ذكر في مقدمته كلّ الكتب التي أخذ عنها ، ولعله كان عازما على كتابة خطبة طويلة يبين فيها ذلك بعد انتهائه من تأليف كل الكتب التي ذكرها في خطبته الموجزة ، ولكنّ المنيّة حالت دون ذلك.

٢ ـ شرح أبو الفداء في الكناش أجزاء من مفصل الزمخشري ، وأجزاء من كافية ابن الحاجب وشافيته فأتى من ذلك على الموضوعات النحوية والصرفية والإملائية جميعها.

٣ ـ سار أبو الفداء في تقسيم كناشه وراء تقسيم الزمخشري لمفصله فقسم الكناش إلى أربعة أقسام :

١ ـ الاسم

٢ ـ الفعل

٣ ـ الحرف

__________________

(١) الكناش ، ١ / ١١٣.

٢٧

٤ ـ المشترك

وأنهى الكناش بعقد فصل خاصّ عن الخط والإملاء ، التزم فيه بالشافية لابن الحاجب كما التزم في القسم الرابع (المشترك) بالمفصل للزمخشري فقط (١).

وقد صدّر أبو الفداء عناوين موضوعاته بكلمات (ذكر ـ فصل ـ القول على) (٢) فيقول مثلا : «ذكر الخبر ـ فصل في المقصور والممدود ـ القول على إبدال الواو من غيرها ـ ثم يورد بعد ذكره العنوان «الحدّ» الذي يختاره من الكتب الثلاثة (المفصل أو الكافية أو الشافية) ، من غير أن يشير إلى صاحبه صراحة ، وكان أحيانا ينسبه إلى صاحبه باستعماله لفظة «وقوله» مثال ذلك ما ذكره عن التمييز إذ قال «وهو الاسم النكرة الذي يرفع الإبهام المستقر عن ذات مذكورة أو مقدرة ... وقوله : الإبهام المستقر ، احترز به عن الأسماء المشتركة ... وقوله : «الاسم النكرة إنما هو على المختار وهو مذهب البصريين» (٣) غير أن طريقة إيراد الحد لم تطرد ففي القسم الرابع «المشترك» اختلط كلام أبي الفداء بنصوص المفصل ، وفي الفصل العاشر المعقود للخط امتزج فيه كلام ابن الحاجب في الشافية بكلام أبي الفداء ، ومثل ذلك نلمسه في عدد من الموضوعات النحوية والصرفية المتفرقة (٤).

٤ ـ تميز أسلوبه في الكناش بسهولة التعبير ، وسلاسة الألفاظ ، وانتظامها في تراكيب واضحة ، هادفا من ذلك بيان المسألة النحوية وإبرازها في أوضح صورة وأتمّ بيان ، فيسهب حين يرى الإسهاب لازما ويوجز حين لا فائدة منه ، ويورد ما تتطلبه المسألة حين تكون للمختصين ويعرضها مجردة مما يثقل فهمها حين تكون للمبتدئين ، فجاء الكناش كتابا تعليميا من جهة ، تخصصيا من جهة ثانية.

٥ ـ اهتم أبو الفداء بصنع دوائر وجداول لتوضيح بعض الأحكام النحوية والصرفية من ذلك الدائرة التي رسمها للبدل (٥) والجدول الذي ضمّنه أمثلة نون

__________________

(١) أشار إلى ذلك في الكناش ٢ / ١٥١.

(٢) انظر فهرس الموضوعات ليتضح منه ذلك.

(٣) الكناش ، ١ / ١٨٨.

(٤) انظر الصفحات ١ / ٢٨٢ ـ ٣٤٤. ٢ / ٢٩٢ ـ ٢٩٣ ـ ٢٩٩ ـ ٣٠١.

(٥) الكناش ، ١ / ٢٣٧ ، وقد صدر هذه الدائرة بقوله : لم يسبق إليها ، وانظر دائرة الضمائر في الكناش ١ / ٢٤٨ ـ ـ ودائرة الصفة المشبهة ١ / ٣٣٧.

٢٨

التأكيد جميعها (١).

٦ ـ أورد أبو الفداء في كناشه عددا من الأبيات التعليمية التي يسهل حفظها من ذلك البيت الجامع في أوائل كلمة أحرف الإخفاء مع النون وهو :

ترى جار دعد قد ثوى زيد في ضنى

كما ذاق طير صيد سوءا شبا ظفر (٢)

ومن ذلك أيضا البيت الجامع للحروف التي تبدل الياء منها وهو : ـ

هل كان سرّ بصدّي

أثمت عوّض بحدّ (٣)

٧ ـ أكثر أبو الفداء من الاستشهاد بالآيات القرآنية والأشعار لتوضيح الأحكام النحوية أو لتعضيدها ، مثال ذلك قوله عن أن المصدرية والمخففة «وأن المصدرية لا تقع بعد العلم ، والمخففة تقع بعده ومثال المخففة مع حرف النفي : علمت أن لا يخرج زيد ، وكقوله تعالى : (أَفَلا يَرَوْنَ أَلَّا يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلاً)(٤) وقد استعملت معها «ليس» مكان «لا» لشبهها بها في النفي كقوله تعالى : (وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى)(٥) وقد عوضوا «لم» عنها قال الله تعالى : (أَيَحْسَبُ أَنْ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ)(٦) وأما قوله تعالى : (وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتابِ أَنْ إِذا سَمِعْتُمْ آياتِ اللهِ يُكْفَرُ بِها وَيُسْتَهْزَأُ بِها)(٧) فلما في إذا من معنى الشرط المختص بالاستقبال صارت بمنزلة السين وسوف ، ومثالها مع «قد» علمت أن قد خرج زيد ومثالها مع السين قوله تعالى : (عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضى)(٨)(٩).

ومثال استكثاره من الشعر قوله عن زيادة إن الخفيفة المكسورة بعد ما النافية :

__________________

(١) الكناش ، ٢ / ١٣٣.

(٢) الكناش ، ٢ / ٣٣٢.

(٣) المرجع السابق ، ٢ / ٢٢٨.

(٤) من الآية ٨٩ من سورة طه.

(٥) من الآية ٣٩ من سورة النجم.

(٦) من الآية ٧ من سورة البلد.

(٧) من الآية ١٤٠ من سورة النساء.

(٨) من الآية ٢٠ من سورة المزمل.

(٩) الكناش ، ٢ / ٩٨ ـ ٩٩.

٢٩

«وإن المكسورة الخفيفة تزاد بعد ما النافية لتأكيد النفي ويبطل عمل ما حينئذ كقول الشاعر :

فما إن طبّنا جبن ولكن

منايانا ودولة آخرينا

وكقول النابغة :

ما إن أتيت بشيء أنت تكرهه

إذن فلا رفعت سوطي إليّ يدي

وكقول امرىء القيس :

حلفت لها بالله حلفة فاجر

لناموا فما إن من حديث ولا صالي (١)

٨ ـ يعيّن أبو الفداء أحيانا موضع الشاهد في الأشعار التي يسوقها ويوضحه ، وأحيانا يعربه ويشرح غريبه من ذلك قوله عن جرير :

تعدون عقر النّيب أفضل مجدكم

بني ضوطرى لو لا الكميّ المقنّعا

«فنصب الكميّ بفعل مقدّر أي هلّا تعدّون الكميّ ، والضوطرى الضخم لا غناء عنده ومعنى البيت تفتخرون بعقر النيب ـ وهو جمع ناب وهي المسنّة من الإبل ـ وليس لكم في الشجاعة نصيب» (٢).

ومثل ذلك قوله على بيت لبيبد :

فأرسلها العراك ولم يذدها

ولم يشفق على نغص الدّخال

يصف حمار الوحش بأنه أرسل الأتن إلى الماء مزدحمة ، فالعراك وإن كان لفظه معرفة فمعناه التنكير أي معتركة ، وقال أبو علي الفارسي : تأويله تعترك العراك ، فتعترك المقدّر هو الحال والعراك منصوب على المصدر ، والعراك الزّحام» (٣).

٩ ـ تأثر أبو الفداء في عرضه ومناقشاته لبعض القضايا النحوية والصرفية بعلمي الكلام والمنطق ، من ذلك قوله حين عرض خلاف النحويين حول تعريف المخصوص بالمدح أو الذم : «وقيل تعريف الرجل في قولك : نعم الرجل ، هو تعريف الجنس لا

__________________

(١) الكناش ، ٢ / ١١٠.

(٢) المرجع السابق ، ٢ / ١١٥.

(٣) المرجع السابق ، ١ / ١٨٣.

٣٠

تعريف العهد لأنك إذا مدحت جنس الشيء لأجل ذلك الشيء بالغت في مدح ذلك الشيء» (١).

ويندرج تحت ذلك أيضا استعماله لمصطلحات أصحاب الكلام والمنطق كالفصول العدمية والماهية الاعتبارية والعوارض والحقائق والمحكوم والمحكوم عليه ، والخاص والعام ... إلخ (٢).

١٠ ـ نقل أبو الفداء كثيرا من الآراء الخلافية غير أنه كان يعرضها غالبا من غير أن يبدي رأيه فيها من ذلك عرضه للخلاف حول جواز تقديم خبر ليس عليها فقال : «وأما جواز تقديم خبرها عليها نفسها فقد اختلف فيه ، فمنهم من ألحقها بكان لكونها فعلا محقّقا ، ومنهم من ألحقها بما فتىء ، واستدلّ من ألحقها بكان بقوله تعالى (أَلا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفاً عَنْهُمْ)(٣) ووجه الاستدلال أن يوم يأتيهم معمول ل «مصروفا» وإذا قدّم المعمول صحّ أن يقدّم العامل ، لأنّ المعمول فرع للعامل وأجيب عن ذلك أنه من الجائز أن يكون تقديمه لاتساعهم في الظروف فلا يجوز تقديم غير الظرف» (٤).

١١ ـ عرض أبو الفداء كثيرا للخلاف بين النحويين والقرّاء ، وتردّد في تأييد أحد الطرفين ، فنراه أحيانا يؤيد القراء كقوله : «وإدغام الراء في اللام لحن كذا قال في المفصل وهو مذهب سيبويه والخليل قال السّخاوي وقد أدغم أبو عمرو الراء في اللام فيما يزيد عن ثمانين موضعا في القرآن الكريم وأبو عمرو حجة فيما ينقل وفيما يقرأ فيجب الرجوع إليه في ذلك» (٥) وأحيانا يؤيّد النحويين كقوله : وقد أدغمت الجيم في التاء في قراءة أبي عمرو في قوله : ذي المعارج تعرج (٦) بإدغام جيم المعارج في تاء تعرج وليس بالقويّ لأنّ الجيم قريبة من الشين فكما أنّ الشين لا تدغم لفضيلتها

__________________

(١) الكناش ، ٢ / ٥٣ ـ ٥٤.

(٢) المرجع السابق ، ١ / ١١٥ ـ ١٧٧ ـ ٢ / ٤١.

(٣) من الآية (٨) من سورة هود.

(٤) الكناش ، ٢ / ٤٤.

(٥) المرجع السابق ، ٢ / ٣٣٠.

(٦) من الآيتين ، ٣ ـ ٤ من سورة المعارج.

٣١

فكذلك الجيم» (١).

هذه أبرز المعالم التي تتضح منها خطة أبي الفداء في تأليفه لكناشه ومنهجه العام فيه ولعل هذا المنهج يبدو أكثر وضوحا حين نرى شواهده ومصادره التي ضمّنها كناشه ، وذلك في الفصل الآتي.

__________________

(١) الكناش ، ٢ / ٣٢٦ ، وانظر الكناش ، ٢ / ٣٢٤ ـ ٣٢٥ ـ ٣٢٨.

٣٢

الفصل الخامس

شواهده ومصادره

أولا ـ شواهده : (١)

نوّع أبو الفداء شواهده ، فاستشهد بالآيات القرآنية والأحاديث النبوية والأشعار والأقوال والأمثال.

١ ـ الآيات القرآنية

رأينا من قبل أنّ أبا الفداء كان حافظا للقرآن الكريم فلا عجب حين يجعل غالب شواهده من القرآن الكريم لتعضيد الظواهر النحوية والصرفية وتأصيلها ، مثال ذلك قوله : فالواو للجمع المطلق ليس فيها دلالة على أنّ الأوّل قبل الثاني ولا العكس ولا أنهما معا بل كل ذلك جائز ، ويدلّ على ذلك قوله تعالى : (ما هِيَ إِلَّا حَياتُنَا الدُّنْيا نَمُوتُ وَنَحْيا)(٢) فالموت بعد الحياة مع أنه قدّمه عليها (٣) ومثل ذلك أيضا قوله : وإي بكسر الهمزة حرف للتحقيق وهي للإثبات بعد الاستفهام ويلزمها القسم ، قال الله تعالى : (وَيَسْتَنْبِئُونَكَ أَحَقٌّ هُوَ ، قُلْ إِي وَرَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌّ وَما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ)(٤) فيلزم أن يقع قبلها الاستفهام وبعدها القسم (٥).

وكان أبو الفداء ينص كثيرا حين يورد القضايا النحوية ويوضحها على أنها قد وردت

__________________

(١) انظر الفهارس التي أعددناها في آخر الكتاب ليتضح لك منها أماكن الشواهد جميعها.

(٢) من الآية ٢٤ من سورة الجاثية.

(٣) الكناش ، ٢ / ١٠٢ ـ ١٠٣.

(٤) الآية : ٥٣ من سورة يونس.

(٥) الكناش ، ٢ / ١٠٩.

٣٣

في القراءات السبع مثال ذلك قوله : «والظروف المضافة إلى الجملة يجوز بناؤها على الفتح ويجوز إعرابها كقوله تعالى : (هذا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ)(١) بفتح يوم ورفعه في السبعة ، وكذلك الظرف المضاف إلى إذ ، نحو قوله تعالى : (لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذابِ يَوْمِئِذٍ)(٢) بفتح ميم يوم وجره في السبعة ، وكذلك يجوز بناء غير ومثل على الفتح إذا أضيفا إلى ما ، أو إلى أن المخففة أو المشددة كقوله تعالى : (إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ ما أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ)(٣) برفع مثل وفتحه في السبعة» (٤).

ولم يقتصر أبو الفداء على استشهاد بالقراءات السبع بل استشهد أيضا بالقراءات الشاذة فكان يوردها إما لدعم رأي نحوي يورده كقوله : «وأجاز المازنيّ نصب الرجل في يا أيها الرجل قياسا على صفة غير المبهم ، فإنّه أجرى صفة المبهم مجرى الظريف في قولك : يا زيد الظريف فكما جاز نصب الظريف حملا على المحل جاز نصب المبهم نحو : الرجل في يا أيها الرجل وقرىء في الشاذ قل يا أيها الكافرين (٥)(٦) وإما لبيان خروجها عن القياس كقوله وقرىء (لَمَثُوبَةٌ مِنْ عِنْدِ اللهِ)(٧) والقياس ...

مثابة (٨).

٢ ـ الأحاديث النبوية الشريفة

أجاز أبو الفداء الاستشهاد بالحديث النبوي الشريف فأورده في كناشه لأمرين :

أ ـ للكشف عن أصل بعض الألفاظ ذات الصلة بقضية نحويّة أو صرفيّة كقوله في النسب : «وإذا نسب إلى اسم على حرفين وكان متحرك الوسط في الأصل والمحذوف منه لام ولم يعوض همزة وصل كأب وأخ وست ، وجب ردّ المحذوف

__________________

(١) من الآية ١١٩ من سورة المائدة.

(٢) من الآية ١١ من سورة المعارج.

(٣) من الآية ٢٣ من سورة الذاريات.

(٤) الكناش ، ١ / ٢٩١ ـ ٢٩٢.

(٥) الآية ١ من سورة الكافرون.

(٦) الكناش ، ١ / ١٦٥.

(٧) من الآية ١٠٣ من سورة البقرة.

(٨) الكناش ، ٢ / ٢٧٤.

٣٤

فيقال : أبويّ وأخويّ وستهيّ إذ أصل ست ، سته بالتحريك ، وتحذف عينها فتبقى «سه» ، وتحذف لامها فتبقى «ست» ، وفي الحديث «العين وكاء السّه» وجاء وكاء السّت» (١).

ب ـ لتوضيح بعض الظواهر النحويّة والصرفيّة كذكره الحديث الشريف لبيان أنواع ما فيقول : «ومثال الصفة قوله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أحبب حبيبك هونا ما ، عسى أن يكون بغيضك يوما ما. وأبغض بغيضك هونا ما عسى أن يكون حبيبك يوما ما ، أي أحبب حبيبك حبا قليلا ، وأبغض بغيضك بغضا قليلا ، وقيل : ما هنا حرف يفيد التقليل وقيل زائدة للتأكيد» (٢).

ويحاول أحيانا تخريج الحديث على مقتضى القواعد النحوية كقوله في الجمع المؤنث السالم : «فإن قيل قد جمع خضراء أخضر بالألف والتاء في قوله عليه‌السلام : «ليس في الخضراوات صدقة» فالجواب : أنه مؤول بأنه جمع لمسمى الخضراوات نحو البقل وغيره لا للصفة التي هي خضراء ، فإنّ مسمى الخضروات مذكر غير عاقل ، وهو مما يجمع جمع السلامة أعني بالألف والتاء» (٣).

٣ ـ الأشعار

أكثر أبو الفداء من الشواهد الشعرية مراعيا ما وضعه البصريون من قواعد للاستشهاد بالشعر من حيث الزمان والمكان وقد أورد بيتا لأبي نواس مخطئا استعماله فعلى تأنيث أفعل التفضيل مجردة من أل التعريف والإضافة فقال : ومن ثمّ خطّىء أبو نواس في قوله :

كأنّ صغرى وكبرى من فواقعها

حصباء درّ على أرض من الذّهب (٤)

وأورد أيضا بيتين لأبي العلاء المعري على سبيل اللغز وهما :

وخلّين مقرونين لمّا تعاونا

أزالا قصيّا في المحلّ بعيدا

__________________

(١) الكناش ، ١ / ٣٧١ ـ ٢ / ١٩٦.

(٢) انظر الكناش ، ١ / ٢٧٠.

(٣) الكناش ، ١ / ٣١٨.

(٤) المرجع السابق ، ١ / ٣٤٩.

٣٥

وينفيهما إن أحدث الدهر دولة

كما جعلاه في الدّيار طريدا (١)

يريد بذلك أن الألف واللام إذا دخلا على الاسم طردا التنوين ، وأنّ التنوين إذا دخل على الاسم طردهما كما طرداه.

٤ ـ الأقوال والأمثال

ساق أبو الفداء في كناشه بعض أقوال الصحابة والتابعين ، فقد استشهد بقول عمر بن الخطاب : «لو أطيق الأذان مع الخلّيفى لأذّنت» وبقول عمر بن عبد العزيز : لاردّيدى في الصدقة» ليؤكد أن وزن فعّيلى يأتي مصدرا قياسيا (٢) واستخدم أبو الفداء الأمثال غالبا لتوضيح بعض الظواهر الشاذة عن القياس من ذلك قوله في الندبة وقد شذّ حذف حرف النداء في قولهم : أصبح ليل بمعنى : يا ليل وأطرق كرا أي يا كروان وفي أطرق كرا شذوذان ؛ حذف حرف النداء والترخيم (٣) ، ويؤكد أبو الفداء دائما على أنّ الأمثال يجوز فيها من الحذف والتخفيف ما لا يجوز في غيرها (٤).

ثانيا ـ مصادره :

اعتمد أبو الفداء في تصنيف كناشه على عدد كبير من المصادر ذكر منها ما يأتي :

١ ـ الكتاب لسيبويه المتوفى ١٨٠ ه‍ وقد أشار إليه في تقديمه لبعض الأبيات الشعرية بقوله : ومثله بيت الكتاب أو من ذلك بيت الكتاب (٥).

٢ ـ الجمل للزجاجي المتوفى ٣٤٠ ه‍ وقد ذكره في موضع واحد (٦).

٣ ـ تاج اللغة وصحاح العربية للجوهري المتوفى ٣٩٨ ه‍ وقد أشار إليه في موضعين (٧).

__________________

(١) الكناش ، ٢ / ١٤٢.

(٢) الكناش ، ١ / ٣٢٤ ـ ٣٢٥.

(٣) الكناش ، ١ / ١٧١.

(٤) الكناش ، ١ / ١٧١.

(٥) المرجع السابق ، ٢ / ٣٨ ـ ٩٤ ـ ٩٩.

(٦) المرجع السابق ، ١ / ٢٨٩.

(٧) انظر الكناش ، ١ / ٣٥١ ـ ٣٨٤.

٣٦

٤ ـ المفصل للزمخشري المتوفى ٥٣٨ ه‍ وقد أشار إليه ونقل منه في ستة عشر موضعا (١).

٥ ـ شرح المفصل لابن يعيش المتوفى ٦٤٣ وقد أشار إليه في موضع واحد (٢).

٦ ـ شرح المفصل للسخاوي المتوفى ٦٤٦ ه‍ وقد أشار إليه في ثلاثة أماكن (٣).

٧ ـ شرح المفصل الموسوم بالإيضاح لابن الحاجب المتوفى ٦٤٦ ه‍ وقد أشار إليه في موضع واحد (٤).

٨ ـ شرح الشافية للسيد ركن الدين الاستراباذي المتوفى ٧١٥ ه‍ وقد ذكره في موضع واحد (٥).

٩ ـ شرح مقدمة ابن الحاجب لتقي الدين النيلي من أهل القرن السابع ، وقد أشار إليه في موضع واحد (٦).

وذكر أبي الفداء لهذه المصادر الأصلية لا يعني أنه قد اقتصر عليها ، إذ يدلنا الكناش على أن أبا الفداء قد اطّلع واعتمد على كثير من كتب النحو والقراءات واللغة والتفسير وإن لم يذكرها صراحة ، ولقد وقفت على نصوص كثيرة جدا قد نقلها أبو الفداء من شرح الوافية وشرح الكافية وإيضاح المفصل لابن الحاجب ، ومن شرح المفصل لابن يعيش ، ـ غير تلك التي أشار إليها ـ ومن شرح التسهيل لابن مالك أيضا ، وقد ذكرنا أيضا في منهجه أن المفصل والكافية والشافية هي المتون الثلاثة التي أدار عليها أبو الفداء كناشه فكانت هي المادة الأولى عنده ، ومع ذلك لم يذكرها

__________________

(١) انظر الكناش ، ١ / ١٢٨ ـ ٢٢٢ ـ ٣٧٨ ـ ٢ / ١٣٦ ـ ١٥١ ـ ١٧٩ ـ ٢١٧ ـ ٢١٨ ـ ٢٢٢ ـ ٢٤٢ ـ ٢٥٩ ـ ٣٠٥ ـ ٣١٠ ـ ٣١٧ ـ ٣٣٠ ـ ٣٣٨.

(٢) الكناش ، ٢ / ١٩٦.

(٣) الكناش ، ١ / ٢٨٢ ـ ٣٦٦ ـ ٢ / ١٣٦.

(٤) المرجع السابق ، ٢ / ٣١٣.

(٥) المرجع السابق ، ٢ / ٣٥٨.

(٦) الكناش ، ١ / ٢٤٧.

٣٧

صراحة ، ما عدا ذكره أن القسم الرابع «المشترك» خاص بالمفصل.

وأخيرا لا شك أن ذكر أبي الفداء للأعلام اللغويين والنحويين والقراء والشعراء يبين لنا مدى اعتماده على كتبهم ـ أو كتب من ذكرهم ـ ودواوينهم (١).

__________________

(١) تنظر الفهارس العامة.

٣٨

الفصل السادس

مذهب أبي الفداء النحوي وموقفه من النحاة (١)

نستطيع أن نقرّر على ضوء ما رأينا في كتاب الكناش أن أبا الفداء بصريّ المذهب والنزعة كغيره من النحويين المتأخرين ، فقد أيد البصريين في عدد كبير من آرائهم ووافقهم في الأسس التي قامت عليها مدرستهم يتّضح ذلك مما يأتي :

١ ـ العامل

أيد أبو الفداء البصريين في نظرية العامل «اللفظي والمعنوي» ، فقد أورد في كناشه عددا من المسائل تدل على اتجاهه هذا ، من ذلك :

أ ـ تقريره أن العامل في الفاعل والمفعول به هو الفعل ، والدلالة على كون الفعل هو العامل في الفاعل تتضح من قوله : «والضمير المرفوع المتصل خاصة يستتر في الفعل الماضي للمذكر الغائب نحو : زيد ضرب ... وإنما استتر المتصل بخلاف المنصوب والمجرور المتصلين نحو : إنه وله ، لشدة اتصال المرفوع بالعامل دونهما» (٢) وقال في موضع آخر : «والضمائر مع ثبوت عواملها لا تتغير عن حالها ألا ترى أن الياء في تضربين والنون في تضربن والواو في تضربون ، والألف في تضربان لا تتغير بوجه لأنها ضمائر» (٣).

ودلّ في موضع آخر على أن هذه الضمائر هي الفاعل فقال : «إن الألف في يفعلان اسم وهي ضمير الفاعل ... وهي في يضربان اسم وكذلك القول في واو يضربون ونحوه فإنها اسم وهو ضمير الفاعل ... وكذلك الياء في تضربين ضمير

__________________

(١) آثرنا الإيجاز والاختصار في هذا الفصل والاكتفاء ببيان المعالم العامة لنزعته النحوية.

(٢) الكناش ، ١ / ٢٤٩.

(٣) الكناش ، ١ / ٢٥٠.

٣٩

الفاعل وهي اسم» (١) ، وأفاد أن الفعل هو العامل في المفعول إذ ذكر أنه «قد يحذف الفعل الناصب للمفعول به جوازا لقرينة تدل عليه كقولك : زيدا ، لمن قال : من أضرب أي أضرب زيدا» (٢) وأكد على ذلك في موضع آخر فقال : «وقد يتقدم المفعول به على الفعل العامل فيه لأن الفعل قوي في العمل» (٣) ومعلوم أن الكوفيين قد ذهب أكثرهم إلى أن العامل في المفعول به هو الفعل والفاعل جميعا (٤).

ب ـ نصه على أن عامل الرفع في المبتدأ معنوي ، ذكر ذلك حين تحدث عن مواضع تعذر اتصال الضمير إذ قال : «أو يكون العامل معنويا كالمبتدأ والخبر نحو : أنا زيد وأنا قائم لأنه إذا كان معنويا تعذر الاتصال به» (٥) وما ذهب إليه أبو الفداء هو مذهب البصريين في حين ذهب الكوفيون إلى أن المبتدأ يرفع الخبر ، والخبر يرفع المبتدأ فهما يترافعان (٦).

ج ـ ذكره أن عامل النصب في المفعول معه هو الفعل خلافا للكوفيين الذين رأوا أنه منصوب على الخلاف ، وخلافا للجرجاني القائل بأن ناصبه الواو ، وخلافا للزجاج القائل بأن ناصبه فعل مضمر بعد الواو (٧). قال أبو الفداء «والفعل العامل في المفعول معه يكون لفظا نحو : جئت وزيدا ويكون معنى نحو : ما لك وزيدا ، والمراد بالفعل لفظا الفعل وشبهه من أسماء الفاعل والصفة المشبهة والمصدر ونحوها والمراد بالفعل معنى أي تقديرا غير ما ذكر مما يستنبط فيه معنى الفعل نحو : ما لك وزيدا وما شأنك وعمرا ، لأن التقدير ما تصنع وعمرا ، فأمّا إذا لم يكن في الكلام فعل ولا معنى فعل فلا يجوز النصب فإذا قلت : ما أنت وعبد الله وكيف أنت وقصعة من ثريد فالوجه الرّفع لانتفاء الناصب» (٨).

__________________

(١) الكناش ، ٢ / ٧.

(٢) الكناش ، ١ / ١٦٠.

(٣) الكناش ، ١ / ١٦٠.

(٤) الإنصاف ، للأنباري ١ / ٧٨ ، وشرح الكافية للرضي ١ / ١٢٨.

(٥) الكناش ، ١ / ٢٥٠.

(٦) الإنصاف ، ١ / ٤٤.

(٧) الإنصاف ، ١ / ٢٤٨ وشرح المفصل ، ٢ / ٤٩ وتسهيل الفوائد ٩٩ وشرح التصريح ١ / ٣٤٣.

(٨) الكناش ، ١ / ١٨٠.

٤٠