كتاب الكنّاش في فنّي النّحو والصّرف - ج ١

عماد الدين أبي الفداء إسماعيل بن الأفضل علي الأيّوبي [ صاحب الحماة ]

كتاب الكنّاش في فنّي النّحو والصّرف - ج ١

المؤلف:

عماد الدين أبي الفداء إسماعيل بن الأفضل علي الأيّوبي [ صاحب الحماة ]


المحقق: الدكتور رياض بن حسن الخوّام
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: المكتبة العصريّة للطباعة والنشر
الطبعة: ٠
ISBN: 9953-34-369-1
ISBN الدورة:
9953-34-369-1

الصفحات: ٤١٥
الجزء ١ الجزء ٢

ما أضيف إلى ياء المتكلّم عند بعضهم (١) نحو : غلامي ، والثاني ، المنادى المفرد نحو : يا زيد ، والثالث : النكرة المنفيّة بلا التي لنفي الجنس ، كقولك : لا غلام في الدار ، وكقوله تعالى : (لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ)(٢) والرابع : ما قطع من الظروف عن الإضافة فصار غاية ، نحو : قبل وبعد ، أو ضمّن الحرف نحو : أمس ، والخامس : المركّبات نحو : خمسة عشر وهو جاري بيت بيت. (٣)

ذكر المضمرات (٤)

المضمر ما وضع لمتكلّم نحو : أنا أو لمخاطب نحو : أنت أو لغائب متقدم قطعا ، ولا بدّ أن يكون متقدّما ، إمّا لفظا تحقيقا ، نحو : زيد ضربته أو تقديرا نحو : ضرب غلامه زيد ، أو يكون / متقدّما معنى يفهم من اللّفظ نحو : (اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوى)(٥) أي العدل هو أقرب ، فإنّ لفظ اعدلوا يدلّ على العدل ، أو يفهم من سياق الكلام ، نحو : (وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ)(٦) أي لأبوي الميّت الموروث ، لأنّه لمّا كان الكلام في الميراث لم يكن بد من موروث يعود الضمير إليه ، أو يكون متقدّما حكما (٧) وله عدّة صور :

الأولى : ما يعود إليه ضمير الشّأن نحو : (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ)(٨) أي الحديث الذي في ذهني هو كذا ، والمراد من ذكره مبهما أولا ، التعظيم والتفخيم لأنّ الشيء إذا ذكر مبهما ثمّ فسّر كان أوقع في النّفس.

الثانية : ما يعود إليه الضمير في نعم وبابه ، نحو : نعم رجلا زيد ، ففي نعم ضمير يعود إلى معهود ذهني ذي حقائق مختلفة ، واسم الجنس يدلّ على حقيقة الذّات ، فأتي به لتمييز الجنس المقصود ـ أعني المضمر في نعم ـ فقالوا : نعم رجلا ، ونعم ضاربا زيد ، أي نعم الرجل رجلا زيد ، ولهذا لو قلت : نعم زيد لم يجز.

__________________

(١) كالجرجاني وابن الخشاب ، شرح الأشموني ، ٢ / ٣٨٢.

(٢) من الآية ، ٩٢ من سورة يوسف.

(٣) شرح المفصل ، ٣ / ٨٢.

(٤) الكافية ، ٤٠٣.

(٥) من الآية ٨ من سورة المائدة.

(٦) من الآية ١١ من سورة النساء.

(٧) شرح الكافية ، ٢ / ٤.

(٨) الآية ١ من سورة الإخلاص.

٢٤١

الثالثة : ما يعود إليه الضمير في ربّ نحو : ربّه رجلا ، لما قيل في نعم واعلم أنّ ربّ دخلت هنا على الضمير ، وهي لا تدخل على المعارف ؛ لأنّ الضمير لمّا لم يعد على مذكور جرى مجرى الظاهر النكرة ومن أجل ذلك احتاج هذا الضمير إلى التفسير بالنكرة المنصوبة ، ولو كان كسائر المضمرات لم يحتج إلى تفسير.

الرابعة : ما يعود إليه الضمير في : ضرباني وضربت الزيدين ، وإنّما جوّزوا فيه الإضمار قبل الذكر ، لأنّه لمّا ذكر المفسّر بعده كان مقدّما حكما.

وبني المضمر لشبهه بالحرف في افتقاره إلى ما يرجع إليه كافتقار الحرف إلى أمر غيره ، لا يتمّ معناه إلّا به إنّ وقيل : إنّ صيغها المختلفة لمّا كانت دالة على أنواع الإعراب أغنى ذلك عن إعرابها (١).

ذكر تقسيم المضمر (٢)

المضمر إمّا متصل أو منفصل ، أمّا المتصل فهو الذي لا يستقلّ بنفسه أي لا ينفك عن كلمة أخرى يتصل بها ، وينقسم إلى بارز وإلى مستتر ، فالبارز ، إمّا أن يتصل باسم كالكاف في غلامك أو بفعل كالتاء في ضربت أو بحرف كالكاف في لك ، والمستتر نحو ما في ضرب في قولنا ، زيد ضرب كما سيأتي شرحه. وأمّا المنفصل فهو ما استقلّ بنفسه نحو : أنا ، ونحن ، والمضمر يكون مرفوعا ومنصوبا ومجرورا ، لانّه اسم واقع موقع الظاهر ، والظاهر على أحد هذه الأمور ، لكنّ المرفوع متصل ومنفصل ، والمنصوب أيضا متصل ومنفصل ، وأمّا المجرور فلا يكون إلّا متصلا ، لامتناع الفصل بين الجار والمجرور ، فالمضمرات حينئذ خمسة أنواع (٣).

ذكر الضمير المرفوع المتّصل (٤)

وهو يقع لكلّ واحد من المتكلم والمخاطب والغائب على ستّة معان ، لأنّ كلّا من المتكلّم والمخاطب والغائب إمّا مفرد ، أو مثنّى ، أو مجموع ، وكلّ واحد منها إمّا مذكر أو مؤنث ، وضعوا للمتكلّم لفظين : ضربت وضربنا ، فضربت للمفرد المذكّر والمؤنث فالتاء ضمير الفاعل ، وحرّك لأنّه اتصل بالفعل فلو سكّن اجتمع ساكنان على

__________________

(١) تسهيل الفوائد ، ٢٩ والمساعد ، ١ / ١١٨ ـ ١١٩ وشرح الأشموني ، ١ / ١١٠.

(٢) الكافية ، ٤٠٣.

(٣) شرح الوافية ، ٢٧٣.

(٤) الكافية ، ٤٠٣.

٢٤٢

غير حدّه (١) وضربنا للاثنين / وللجماعة فيهما ، فضربت حينئذ مشترك في معنيين (٢) وضربنا مشترك في أربعة (٣).

ووضعوا للمخاطب خمسة ألفاظ : أربعة نصوص ، وهي ضربت للمذكّر وضربت للمؤنث ، وضربتم للجمع المذكّر وضربتنّ للجمع المؤنث ، وواحد مشترك بين المذكّرين والمؤنّثين وهو ضربتما ، فالميم إيذان بأنك جاوزت الواحد ، والألف للتثنية وإنّما ضمّت تاء ضربتما وكانت في المفرد مفتوحة لئلا يتوهم المخاطب أن ضربت كلمة وما كلمة أخرى ، ووضعوا للغائب خمسة على مثال المخاطب أربعة نصوص وهي : ضرب وضربت وضربوا وضربن (٤) وواحد مشترك وهو : ضربا ضربتا وهو مشترك باعتبار ألف الضمير وإن اختلفت الصيغة بزيادة التاء ، فإنّ التاء في ضربتا جيء بها علامة للتأنيث وليست بضمير.

ذكر الضمير المرفوع المنفصل (٥)

وهو للمتكلّم والمخاطب والغائب على ما شرح في المرفوع المتصل من النصّ والمشترك ، وهو : أنا ونحن للمتكلّم ، وينبغي أن يعلم أنّ الهمزة والنون في أنا هما الاسم عند الأكثر (٦) وزيدت الألف لبيان حركة النون ، وقد تبيّن بالهاء كقولك أنه ، وقال قوم أنا كلّه هو الاسم (٧) ومنه قول الأعشى : (٨)

__________________

(١) شرح الوافية ، ٢٧٤ وانظر شرح المفصل ، ٣ / ٨٦.

(٢) أي مشترك بين الواحد المذكر والمؤنث.

(٣) أي المثنى المذكر والمثنى المؤنث ، والمجموع المذكر والمؤنث.

(٤) شرح الوافية ، ٢٧٤.

(٥) الكافية ، ٤٠٣.

(٦) هذا مذهب البصريين وأصل أنا عندهم أن بفتح النون ، ولكون النون مفتوحة زيدت فيها الألف في الوقف لبيان الحركة كهاء السكت ولذلك تعاقبها فيقال : أنه ، وإذا وصلت حذفتها انظر شرح المفصل ، ٣ / ٩٣ ، وشرح الأشموني ومعه حاشية الصبان ، ١ / ١١٤.

(٧) وهو مذهب الكوفيين واختاره ابن مالك في التسهيل واحتجّوا بإثبات الألف وصلا في لغة وقالوا إنّ الهاء في أنه بدل من الألف. انظر شرح المفصل ، ٣ / ٩٣ تسهيل الفوائد ، ٢٥ وهمع الهوامع ، ١ / ٦٠ وشرح الأشموني ، ١ / ١١٤.

(٨) هو ميمون بن قيس بن جندل يكنى أبا بصير ، شاعر جاهليّ أدرك الإسلام ولم يسلم انظر ترجمته في طبقات فحول الشعراء ، ١ / ٥٢ والشعر والشعراء ، ١ / ١٧٨ ومعجم الشعراء ، ١٢. والبيت في ديوانه ، ١٠٣ برواية :

فما أنا أم ما انتحالي القوا

في بعد المشيب كفى ذاك عارا

٢٤٣

فكيف أنا وانتحالي القوافي

 ...

وهي لغة ربيعة وبعض قيس ، وأنت وأنت وأنتما وأنتم وأنتنّ للمخاطب ، وهو وهي وهما وهم وهنّ للغائب ، وينبغي أن يعلم أنّ الهمزة والنون في أنت هما الاسم (١) وأمّا التاء فللخطاب وفتحت لخفّة الفتحة وكسرت في المؤنّث للفرق.

ذكر المنصوب المتّصل (٢)

وهو للمتكلّم والمخاطب والغائب على ما شرح ، تقول في المتكلّم : ضربني ، فالياء هي الاسم المنصوب المتصل وهي ضمير المتكلّم والنون قبلها نون الوقاية كما سيذكر وتقول إذا أخبرت عن نفسك ومعك غيرك : ضربنا وفي المخاطب : ضربك ، وضربك ، وضربكما ، وضربكم ، وضربكنّ ، وفي الغائب ضربه وضربها وضربهما ، وضربهم وضربهنّ ، ويتصل الضمير المنصوب بالحرف أيضا ، نحو : إنّني إنّنا إلى إنّهنّ ، واعلم أنّ الهاء وحدها في ضربه هي الاسم عند الزجاج وهي ضمير الغائب ، وإنّما زيدت الواو تقوية للهاء لتخرجها من الخفاء إلى الظهور ، وكذلك في رأيتها ، الهاء وحدها هي الاسم ، وزيدت الألف للفرق بين المذكّر والمؤنّث (٣).

ذكر المنصوب المنفصل (٤)

وهو أيضا كما تقدّم تقول : إيّاي إيّانا للمتكلّم وإيّاك إيّاك إيّاكما إيّاكم إيّاكنّ للمخاطب وإيّاه إيّاها إيّاهما إيّاهم إيّاهنّ للغائب ، وينبغي أن يعلم أنّ إيّا وحده هو الاسم المضمر ، وما لحق به في إيّاي وإيّانا وإيّاك إلى إياكنّ دلائل على من ترجع إليه من مخبر أو مخاطب أو غائب (٥) وكما أنّ الهمزة والنون في أنت هي الاسم المضمر والتاء علامة للخطاب ، فكذلك الكاف في إيّاك للخطاب وكذلك أخوات الكاف مما

__________________

ورواه ابن منظور في نحل منسوبا له أيضا. وروي من غير نسبة في شرح المفصل ،٤ / ٤٥ والمقرب ، ٢ / ٣٥.

(١) هذا مذهب البصريين والكوفيون حكموا بأصالة التاء. انظر الإنصاف ، ٢ / ٧٠٠ ، وهمع الهوامع ، ١ / ٦٠ وشرح الأشموني ، ١ / ١١٤.

(٢) الكافية ٤٠٣.

(٣) شرح الوافية ، ٢٧٤ ، وشرح المفصل ، ٣ / ٩٧ وشرح التصريح ، ١ / ٩٦ ـ ١٠٣ وهمع الهوامع ، ١ / ٥٩ ـ ٦٠.

(٤) الكافية ٤٠٣.

(٥) شرح الوافية ، ٢٧٥ وانظر الكتاب ، ١ / ٣٥٥.

٢٤٤

هو للخطاب تارة وللغيبة أخرى ، قال آخرون (١) / إيّا وما بعده الكلّ اسم واحد ، وهذا لا يصحّ ؛ لأنّه لا يعرف اسم على هذا النحو يجيء آخره بحروف مختلفة ، فصحّ أنّ إيّا هو الاسم المضمر ، وليست الحروف اللواحق بأسماء (٢) وإنّما اختلفت لاختلاف عدد المضمرين وأحوالهم.

ذكر الضمير المجرور (٣)

ولا يكون إلّا متصلا ، تقول : غلامي غلامنا للمتكلّم وغلامك غلامك غلامكما غلامكم غلامكنّ للمخاطب ، وغلامه غلامها غلامهما وغلامهم غلامهنّ للغائب ، ولا يتصل المجرور إلّا باسم نحو : غلامي أو بحرف جر نحو : لي لنا لك لك لكما لكم لكنّ ، له لها لهما لهم لهنّ ، وإنّما اتصل كذلك ، ضرورة أنّ الجرّ في الكلام إمّا بالإضافة أو بحرف الجرّ.

واعلم أنّ الأصل في جمع المذكّر أن تقول : مررت بكمو وهذا غلامكمو ؛ فالميم والواو للجمع ، وقد تحذف الواو وتسكّن الميم للتخفيف كما تقدّم في قولنا : غلامكم ، وتقول في جماعة المؤنّث غلامكنّ ومررت بكنّ وهذا لكنّ ، بنون مشدّدة ليكون بإزاء حرفي جمع المذكّر ، وتقول للغائب غلامهو وهذا لهو ومررت بهي فتكسر الهاء إذا كان قبلها كسرة ، وإنّما أصلها الضمّ ، وكذلك تكسرها إذا كان قبلها ياء ساكنة نحو : فيهي وعليهي ، وإنّما كسرتها كراهة الخروج من كسر إلى ضمّ ، وإذا تحرّك ما قبل هذه الهاء نحو : له وبه ، فلا يجوز عند البصريين حذف ما يتصل بها من الواو والياء لأنّها لخفائها قويت بذلك (٤). وقد حذفت هذه الصلة في الشّعر نحو قوله : (٥)

__________________

(١) ومنهم ابن كيسان. انظر الإنصاف ٢ / ٦٩٥ وشرح الكافية ، ٢ / ١٢ ـ ١٣ وهمع الهوامع ١ / ٦١.

(٢) هذا مذهب سيبويه والبصريين ونسب للأخفش ، قيل : وهو أسدّ الآراء. الإنصاف ، ٢ / ٢٩٥ وشرح المفصل ، ٣ / ٩٨. والهمع ١ / ٦١.

(٣) الكافية ، ٤٠٣.

(٤) شرح الكافية ، ٢ / ١١ والهمع ، ١ / ٥٨.

(٥) هذا صدر بيت للشماخ بن ضرار الغطفاني ورد في ديوانه ، ١٥٥ برواية :

له زجل أصوت حاد

إذا طلب الوسيقة أو زمير

وورد منسوبا له في الكتاب ، ١ / ٣٠ ولسان العرب ، مادة ها وورد من غير نسبة في المقتضب ، ١ / ٢٦٧ والخصائص ، ١ / ١٢٧ ـ ٢ / ١٧ ـ ٣٥٨ والإنصاف ، ٢ / ٥١٦ وهمع الهوامع ، ١ / ٥٩. الزجل :

٢٤٥

له زجل كأنه صوت حاد

 ...

ومنه : (١)

وما له من مجد طريف وماله

 ...

قال سيبويه : فأمّا إذا كان قبل الهاء حرف لين فإنّ حذف الواو والياء في الوصل حسن (٢) ومنه : (نَزَّلْناهُ تَنْزِيلاً)(٣) و (إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ) (٤) (وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ)(٥).

واعلم أن عدّة أقسام المضمرات بحسب القسمة العقليّة تسعون قسما ؛ لأنّ المضمرات ثلاثة للمتكلّم والمخاطب والغائب ، والمتكلّم إمّا مفرد أو مثنّى أو مجموع ، والمخاطب مثله ، والغائب مثله ، فذلك تسعة ، وكلّ واحد منها إمّا مذكّر أو مؤنث ، فذلك ثمانية عشر قسما ، وكلّ واحد من الثمانية عشر يكون مرفوعا متصلا ومرفوعا منفصلا ومنصوبا متصلا ومنصوبا منفصلا ، ومجرورا ولا يكون إلّا متصلا فهذه خمسة أنواع ، وإذا ضربنا فيها ثمانية عشر كان الحاصل تسعين قسما ؛ إلّا أنهم سوّوا بين مذكّر المتكلّم وبين مؤنّثه ، وبين مثنّاه ومجموعه ، فسقط منه أربعة وسوّوا بين المثنّى المذكر والمؤنث في المخاطب والغائب فسقط اثنان أيضا فسقط من ثمانية عشر ستة ؛ أربعة من المتكلم واثنان من المثنى المخاطب فبقي من ثمانية عشر ، اثنا عشر ، ضربت في الخمسة ، وهي المرفوع المتصل والمنفصل والمنصوب المتصل والمنفصل والمجرور المتصل فبلغت ستين لفظا (٦) واعلم أنّ قولهم إنّه قد سوّي بين

__________________

صوت فيه حنين وترنم ، الزمير : صوت المزمار ، والوسيقة : أراد بها أنثى حمار الوحش.

(١) هذا صدر بيت للأعشى وعجزه :

من الرّيح فضل لا الجنوب ولا الصّبا

ورد في ديوانه ، ١٦٥ ونسب له في الكتاب ، ١ / ٣٠ ومن غير نسبة في المقتضب ، ١ / ٣٨ ـ ٢٦٦ والإنصاف ، ٢ / ٥١٦ وروي تليد مكان طريف. وما عنده مكان وماله.

(٢) الكتاب ، ٤ / ١٨٩.

(٣) من الآية ١٠٦ من سورة الإسراء.

(٤) من الآية ١٧٦ من سورة الأعراف.

(٥) من الآية ٢٠ من سورة يوسف.

(٦) شرح التصريح ، ١ / ١٠٤ وحاشية الصبان ، ١ / ١١٤.

٢٤٦

مثنّى المذكّر والمؤنّث في الغائب إنّما هو باعتبار الضمير / لا باعتبار علامة التأنيث ؛ فإنّك تقول للمذكرين قاما وللمؤنّثتين قامتا ؛ فقامتا مغايرة لقاما ، وأمّا باعتبار ألف الضمير فلا تغاير بينهما ، وقد أشار تقيّ الدين النيلي في شرحه لمقدّمة ابن الحاجب إلى ذلك في تفسير قوله : الخامس : غلامي ولي إلى غلامهنّ ولهنّ (١) فإنه فسّر ذلك ، وأتبعه بذكر أقسام المضمرات وقال في جملة ذلك (٢) وسوّوا بين مثنّى المذكّر والمؤنّث في المخاطب والغائب في غير غائب المرفوع المتصل ، فأراد عدم التسوية باعتبار اللفظ لا باعتبار الضمائر ، فإنّهم قد أجمعوا على أنّ المضمرات ستون ، والساقط ثلاثون ، ويتبيّن ذلك من هذه الدائرة التي اقترحناها :

__________________

(١) الكافية ، ٤٠٣.

(٢) قال النيلي في شرح الكافية ، مخطوط ٣٨ ظ : «وسووا بين المذكّر والمؤنّث في هما ، وإنما جازت التسوية لأن هما إمّا أن يقع مبتدأ فيستغنى عن تأنيثه بتأنيث الخبر نحو : هما فعلا ، وهما فعلتا وإن كان فاعلا فيؤتى بعلامة التأنيث في الفعل نحو : الرجلان ما ضربت إلّا هما والمرأتان ما ضربت إلّا هما فاعرفه.

٢٤٧

٢٤٨

/ ذكر الضمير المستتر (١)

وهو كلّ مضمر محتاج إليه لم يضعوا له لفظا يخصّه ، واستغنوا بدلالة سياق الكلام عليه نحو : زيد قام ، زيد منطلق ، فلا بدّ في قام ومنطلق من ضمير يعود على زيد وهو ضمير لم يضعوا له لفظا ، فلا يقال إنّه محذوف ، بخلاف قولك : جاءني الذي ضربت ، فإنّه لا بدّ من ضمير مفعول لضربت يعود على الذي ؛ لكنّه محذوف لأنّ له لفظا يخصّه ، ويجوز ذكره فكان المحذوف فيه محققا بخلاف الضمير في زيد منطلق لما ذكر (٢).

والضمير المرفوع المتصل خاصة يستتر (٣) في الفعل الماضي للمذكّر الغائب نحو : زيد ضرب ، وللغائبة بقرينة تاء التأنيث الساكنة نحو : هند ضربت ، وإنما استتر المرفوع المتصل بخلاف المنصوب والمجرور المتصلين نحو : إنّه وله ، لشدّة اتصال المرفوع بالعامل دونهما ، ويستتر الضمير المذكور أيضا في المضارع للمتكلّم مطلقا ، للمفرد وغيره لقيام القرينة ، إذ الهمزة قرينة المفرد المتكلّم ، والنون قرينة غيره مطلقا ، ويستتر أيضا في المضارع للمخاطب نحو : أنت تقوم ، وللغائب نحو : زيد يقوم ، ويستتر أيضا في فعل الأمر للمخاطب نحو : قم وللمؤنّث الغائبة نحو : هند تقوم ، بخلاف المخاطبة والمخاطبين المذكّرين والمخاطبتين المؤنّثتين والمخاطبات ، فإنّه أبرز في ذلك لرفع الالتباس نحو : تضربين فالياء ضمير المؤنّث ، وزعم الأخفش أنها علامة التأنيث (٤) وأنّ الضمير مستكنّ كما في المذكّر ، وهو مردود ؛ لأنّ الياء في نحو : تقومين وتضربين لو كانت للتأنيث لما فارقت في التثنية ، وكان يلزم أن يقال ؛ تقوميان لكنّها فارقت ، فهي ضمير متصل بارز ، وكذلك ألف تضربان ونون تضربن ، وتضربان مشترك بين المخاطبين المذكّرين والمخاطبتين المؤنّثتين ، ويستتر الضمير

__________________

(١) الكافية ، ٤٠٣.

(٢) شرح الوافية ، ٢٧٥ ـ ٢٧٦ وانظر شرح التصريح ، ١ / ١٠٢.

(٣) غير واضحة في الأصل.

(٤) وشبهة الأخفش أن فاعل المضارع المفرد لا يبرز بل يفرق بين المذكر والمؤنث بالتاء أول الفعل في الغيبة ، ولما كان الخطاب بالتاء في الحالتين احتيج إلى الفرق ، فجعلت الياء علامة للمؤنث ، ورد زعمه بما ذكره المصنف. انظر شرح المفصل ، ٣ / ٨٨ والهمع ، ١ / ٥٧.

٢٤٩

المذكور أيضا في الصفة مطلقا ، مفردا كان أو مثنّى أو مجموعا ومذكّرا كان أو مؤنّثا ، سواء كانت الصفة اسم فاعل أو مفعول أو غيرهما ، نحو : زيد ضارب وهند ضاربة والزيدان ضاربان والهندان ضاربتان والزيدون ضاربون والهندات ضاربات ، وكذلك مضروب ومضروبة ومضروبين ومضروبين ومضروبتين ومضروبات فالألف في ضاربان والواو في ضاربون ، إنّما هما علامتا الإعراب ، ودالّتان على التثنية والجمع ، وليستا بضميرين ، لأنّهما لو كانا ضميرين لم يتغيّرا في النصب والجرّ ، والضمائر مع ثبوت عواملها لا تتغيّر عن حالها ، ألا ترى أنّ الياء في تضربين ، والنون في تضربن والواو في تضربون والألف في تضربان ، لا تتغيّر (١) بوجه ، لأنّها ضمائر ، فلو كانت ألف ضاربان وواو ضاربون وياء ضاربين ضمائر لما تغيّرت.

ذكر أحكام الضمير المنفصل (٢)

لا يعدلون إلى الضمير المنفصل إلّا عند تعذّر المتصل لأنّه أخصر ، فالتزموه ما لم يمنع مانع (٣) ، ويتعذّر الاتصال إمّا بتقديم الضمير على عامله نحو : (إِيَّاكَ نَعْبُدُ / وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ)(٤) وإمّا بالفصل بين الضمير وبين عامله لغرض مثل : ما ضربت إلّا إيّاك ، وما ضربك إلّا أنا ، بخلاف ضربك أنا ؛ فإنّه فصل لغير غرض ، لأن ضربك أنا ، وضربتك لا يختلف في المعنى ، وإمّا بأن يحذف العامل في الضمير فإنّه إذا حذف تعذّر إتصال الضمير به فيجب انفصاله نحو : أن يقال من أكرمت؟ فتقول : إيّاك ، ولو قلت : أكرمتك لأتيت بالضمير متصلا (٥) ، أو يكون العامل معنويّا كالمبتدإ أو الخبر نحو : أنا زيد وأنت قائم ، لأنّه إذا كان معنويّا تعذّر الاتصال به ، إذ لا يتصل لفظ بما ليس بلفظ ، فيمتنع اتصال الضمير لامتناع اتصال الملفوظ بما ليس بملفوظ ، وكذلك يتعذّر الاتصال إذا كان العامل في الضمير حرفا والضمير مرفوع مثل : ما هو قائما ، لأنّه لو اتصل ب «ما» مضمر لاستتر في مثل : ما هو قائما والحروف لا استتار فيها ،

__________________

(١) في الأصل لا تتعين. وانظر شرح الوافية ، ٢٧٧.

(٢) الكافية ، ٤٠٣.

(٣) شرح الوافية ، ٢٧٧.

(٤) الآية ٤ من سورة الفاتحة.

(٥) شرح الوافية ، ٢٧٧ وشرح المفصل ، ٣ / ١٠١ وتسهيل الفوائد ، ٢٦ وشرح الكافية ، ٢ / ١٤.

٢٥٠

وإنّما قال : والضمير مرفوع ، ليخرج نحو : إنّ وأخواتها ، وحروف الجر ، فإنّها حروف ويتصل بها الضمير بارزا ، لأنّه إمّا منصوب مثل : إنّه أو مجرور مثل : له فلا يؤدي إلى استتار (١) ، وكذلك يجب إنفصال الضمير على ما يقتضيه من هو له إذا كان الضمير مرفوعا بصفة جرت على غير من هي له نحو : زيد عمرو ضاربه هو ، فتفصل الضمير خوف اللّبس لأنك لو اقتصرت على الضمير المتصل لم يعلم الضارب من هو ، وبالمنفصل علم أنه زيد ؛ لكون الضارب يقع للضمائر بلفظ واحد ، تقول : أنا ضارب وأنت ضارب وهو ضارب ، بخلاف الفعل نحو : أنا زيد أضربه ، فإنه يعلم بالهمزة أنّ الفعل للمتكلّم وكذلك : أنا زيد يضربني ، يعلم بياء المضارعة أنّ الفعل لزيد ، ولمّا التبس في باب ضارب التزموا إبرازه أيضا فيما لا يلتبس نحو : هند زيد ضاربته هي ، طردا للباب ، فهند مبتدأ وزيد مبتدأ ثان ، وضاربته خبر المبتدإ الثاني ، والضمير المنفصل أعني هي فاعل ضاربته ، ووجب انفصاله لأنّ ضاربته التي هي الصفة قد جرت على غير من هي له ، لأنّها خبر زيد ، وهي في المعنى هند ، والجملة في محل الرفع لأنّها (٢) خبر المبتدإ الأول (٣) والكوفيون لا يشترطون انفصال الضمير في مثل ذلك ، ويجرونه مجرى الفعل ، فكما تقول : هند زيد تضربه تقول : هند زيد ضاربته ، وكذلك : الهندان الزيدان ضاربتاهما كما تقول : تضربانهما (٤).

ذكر الضمائر التي يجوز فيها الاتصال والانفصال (٥)

وهي عدّة ضمائر :

منها : المضمران إذا لم يكن أحدهما مرفوعا ، وكان أحدهما أعرف وقدّمته جاز في الثاني الاتصال والانفصال (٦) سواء كانا منصوبين نحو : الدرهم أعطيتكه أو

__________________

(١) شرح الوافية ، ٢٧٧ ، والنقل منه.

(٢) غير واضحة في الأصل.

(٣) شرح الكافية ، ٢ / ١٧.

(٤) شرح الوافية ، ٢٧٨.

(٥) الكافية ، ٤٠٣.

(٦) جاء في الحاشية : «إيضاح ما في الأصل إذا وجدت ضميرين منصوبين أحدهما أعرف من الآخر فقدم الأعرف وجاز لك في الثاني الاتصال والانفصال وكذلك المجرور والمنصوب مثله».

٢٥١

أحدهما منصوبا والآخر مجرورا نحو : ضربيك (١) ففي أعطيتكه ضميران الكاف والهاء ، وليس أحدهما مرفوعا ، وكاف الخطاب متقدّمة وهي أعرف من الهاء التي للغائب فجاز أعطيتكه وأعطيتك إيّاه ، وكذلك جاز ضربيك وضربي إيّاك ، أما وجه الاتصال فلإمكانه مع عدم الاستثقال ، وأمّا وجه الانفصال فلإيهام / ثلاث كلمات كواحدة فإن لم يكن أحدهما أعرف أو كان ، ولكن لم يقدّم الأعرف وجب الانفصال ، وقد جاء ذلك في الغائبين قالوا : أعطاهاه ، وأعطاهوها ، وهو شاذ (٢) وإنّما لم يجز ذلك إذا كان أحدهما مرفوعا لأنّه إذا أتى الضمير متصلا نحو : ضربتك ، تعيّن الاتصال ولم يجز الانفصال.

ومنها : المضمر الواقع خبرا لكان ، فإنّ فيه لغتين ؛ المختار منهما أن يكون منفصلا نحو : زيد عالم وكان عمرو إيّاه ، لأنّ خبر كان وأخواتها في الأصل إنما هو خبر مبتدأ ، وخبر المبتدأ إذا كان ضميرا لم يقع إلّا منفصلا قال الشّاعر : (٣)

ليت هذا الليل شهر

لا نرى فيه عريبا

ليس إيّاي وإيّا

ك ولا نخشى رقيبا

وعريب بالعين المهملة بمعنى أحد ، وأمّا على غير الأشهر فيجوز أن يقع متصلا تشبيها له بالمفعول فكما يتصل ضمير المفعول نحو : ضربته ، فكذلك يتصل خبر كان فتقول : كنته ، ومنه قول أبي الأسود الدؤلي : (٤)

__________________

(١) في قولنا : يؤلمني ضربيك.

(٢) لم يشذذ سيبويه ذلك بل حكم عليها بالقلة ، قال بعد ذكره ذلك ما نصه «وهذا ليس بالكثير في كلامهم والأكثر في كلامهم أعطاه إياه» الكتاب ، ٢ / ٣٦٥ وانظر شرح المفصل ، ٣ / ١٠٤ وشرح الوافية ، ٢٧٨.

(٣) البيتان لعمر بن أبي ربيعة وردا في ديوانه ، ٣٦ برواية : غريبا مكان عريبا. وقيل : هما للعرجي وردا في ديوانه ، ٦٢ برواية :

ليت هذا الليل شهر

لا نرى فيه غريبا

غير أسماء وجمل

ثم لا نخشى رقيبا

وقد سجل الخلاف حول قائلهما البغدادي في خزانة الأدب ، ٥ / ٣٢٢ ونسبهما الرضي في شرح الكافية ، ٢ / ١٩ لعمر. وورد البيتان من غير نسبة في الكتاب ، ٢ / ٣٥٨ والمقتضب ، ٣ / ٩٨ والمنصف ، ٣ / ٦٢ وشرح المفصل ، ٣ / ٧٥ ـ ١٠٧. عريبا : أحدا ، فعيل بمعنى مفعل أي متكلما يخبر عنا ويعرب عن حالنا.

(٤) هو ظالم بن عمر كان من سادات التابعين وأعيانهم ، صحب عليّ بن أبي طالب وشهد معه وقعة صفّين ، قيل هو أول من وضع النحو وله شعر حسن توفي بالبصرة سنة ٦٩ ه‍. انظر ترجمته في الشعر والشعراء ،

٢٥٢

ذر الخمر يشربها الغواة فإنّني

رأيت أخاها مجزيا بمكانها

فإن لا يكنها أو تكنه فإنّه

أخوها غذته أمّها بلبانها

ولو فصل لقال : فإلّا يكن إيّاها أو تكن إيّاه.

ومنها : المضمر الواقع بعد لو لا ، فإنّ فيه لغتين (١) أيضا ، أكثرهما أن يكون مرفوعا منفصلا نحو : لو لا أنت ولو لا نحن إلى لولاهنّ ، قال الله تعالى : (لَوْ لا أَنْتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ)(٢) وأما وجوب رفعه فلأنّ الضمير كناية عن المظهر ، ولم يأت المظهر بعد لو لا إلّا مرفوعا ، فوجب أن يكون المضمر كذلك ورفعه بالابتداء عند البصريين ، وبفعل مضمر عند الكوفيين (٣) وأمّا وجوب مجيئه منفصلا ، فلأنّه عند البصريين مبتدأ ، فوجب فصله لعدم ما يتصل به ، وأمّا عند الكوفيين فيجب فصله لحذف الفعل الرافع له وهو مثل قولك : إن أنت قمت قمت ، وأمّا لغة إتصاله فستذكر مع عسى.

ذكر المضمر الواقع بعد عسى (٤)

اعلم أنّ المضمر الواقع بعد عسى لا يكون إلّا متصلا ولكن فيه لغتان ، باعتبار كونه ضميرا مرفوعا ، أو غير مرفوع فاللغة الكثيرة منها أن يكون مرفوعا متصلا (٥) نحو : عسيت عسينا للمتكلّم ، وعسيت عسيتما عسيتم عسيت عسيتنّ للمخاطب ، وعسى عسيا عسوا عست عسين للغائب. كما تقول : رميت رمينا إلى رمين ، وأمّا اللغة التي ليست بكثيرة فهو أنّه جاء بعد لو لا ضمير مجرور ، وبعد عسى ضمير

__________________

٢ / ٦١٥ ومعجم الشعراء ، ١٥٨ ـ ٢٤٠ ووفيات الأعيان ، ٢ / ٢٣٥ والبيتان وردا في ديوانه ، ١٨٩ وورد البيت الأول منسوبا له في الكتاب ، ١ / ٤٦ وورد البيت الثاني منسوبا له في شرح المفصل ، ٣ / ١٠٧ وشرح الشواهد ، ١ / ١١٨ وروي البيتان من غير نسبة في الإنصاف ، ٢ / ٨٢٣ ، وروي البيت الثاني من غير نسبة في المقتضب ، ٣ / ٩٨ وشرح الكافية ، ٢ / ١٩ وشرح الأشموني ، ١ / ١١٨ ويروى دع مكان ذر ومغنيا مكان مجزيا وأرضعته مكان غذته وأمه مكان أمها ، رأيت أخاها : أراد الزبيب لأنهما تغذيان من شجرة واحدة.

(١) الكتاب ، ٢ / ٢٧٣ وشرح المفصل ، ٣ / ١١٨ وشرح الكافية ، ١ / ٢٠.

(٢) من الآية ٣١ من سورة سبأ.

(٣) الإنصاف ، ٢ / ٦٨٧ وشرح المفصل ، ٣ / ١١٨.

(٤) الكافية ، ٤٠٣.

(٥) شرح المفصل ، ٣ / ١١٩.

٢٥٣

منصوب متصل بها ، نحو : لولاي لولاك لولاه وعساي عساك عساه إلى لو لا هنّ وعساهنّ ، قال الشّاعر (١) :

وكم موطن لولاي طحت كما هوى

بأجرامه من قلّة النّيق منهوى

وقال ابن أبي ربيعة : (٢)

أومت بكفّها من الهودج

لولاك هذا العام لم أحجج

وقد اختلف في الضمير المذكور المتصل بلو لا وعسى ، فعند سيبويه (٣) أنّ الياء في لولاي والكاف في لولاك في موضع جرّ لبطلان الرفع والنّصب ، أما بطلان الرفع فلكون الكاف والياء ليسا من ضمائر / المرفوع وأمّا النصب فلعدم النّاصب ، فيتعيّن الجرّ قال سيبويه : ويكون للولا مع المضمر حال ليس لها مع المظهر كما أنّ للدن حالا مع غدوة ليست لها مع غيرها (٤) ، لأنّها تجرّ ما بعدها وتنصب غدوة فقط ، فكذلك لو لا تجرّ المضمر المتصل فقط ، فحالها معه مخالف لحالها مع غيره (٥) وأمّا عسى فعند سيبويه محمولة على لعلّ (٦) فينصب الاسم ، كما حملت لعلّ على عسى

__________________

(١) البيت ليزيد بن الحكم ، ورد منسوبا له في الكتاب ، ٢ / ٤٧٤ والكامل ، ٣ / ٣٤٥ والأمالي للقالي ، ١ / ٦٧ والخصائص ٢ / ٢٥٩ وأمالي ابن الشجري ، ١ / ١٨١ ـ ٢ / ٢١٢ وشرح المفصل ، ٣ / ١١٨ ـ ٩ / ٢٣ وشرح الشواهد ، ٢ / ٢٠٦ وخزانة الأدب ، ٥ / ٣٣٦ وروي البيت من غير نسبة في المنصف ١ / ٧٢ والإنصاف ، ٢ / ٦٩١ وشرح المفصل ٧ / ١٥٩ وشرح الكافية ، ٢ / ٢٠ ورصف المباني ، ١٩٥ وهمع الهوامع ، ٢ / ٣٣ وشرح الأشموني ، ٢ / ٢٠٦ ـ ٤ / ٥٠. وروي من قنّة مكان من قلّة.

النّيق بكسر النون : أرفع الجبل ، والقلّة : ما استدقّ من رأسه ، ومنهوى : ساقط ، وأجرامه جمع جرم وهو جثته.

(٢) هو عمر بن عبد الله بن أبي ربيعة المخزومي يكنى أبا الخطّاب شاعر غزلي مشهور انظر أخباره في الشعر والشعراء ، ٢ / ٤٥٧ والبيت ورد في ديوانه ، ٤٣ برواية بعينيها مكان بكفيها وروي البيت من غير نسبة في أمالي ابن الشجري ، ١ / ١٨١ وشرح المفصل ، ٣ / ١١٨ ـ ١٢٠ وشرح الكافية ، ٢ / ٢٠ وهمع الهوامع ، ٢ / ٣٣ ورواه البغدادي في خزانة الأدب ، ٥ / ٣٣٩ ـ ٣٤٢. منسوبا لعمر بن أبي ربيعة. وقال : يقال إنه للعرجي أيضا ولم أجده في ديوانه.

(٣) انظر الكتاب ، ٢ / ٣٧٣.

(٤) الكتاب ، ٢ / ٣٧٥.

(٥) شرح الوافية ، ٢٨٠. وانظر خلافهم حول هذه التراكيب في الكتاب ، ٢ / ٣٧٣ والإنصاف ، ٢ / ٦٨٧ وشرح المفصل ، ٣ / ١١٨.

(٦) قال في الكتاب ٢ / ٣٧٤ ـ ٣٧٥ : وأما قولهم عساك فالكاف منصوبة ... والدليل على أنها منصوبة أنك إذا

٢٥٤

في دخول أن في خبرها قال الشاعر : (١)

لعلّك يوما أن تلمّ ملمّة

 ...

وقد قيل : إنّ عسى في مثل هذا حرف لا فعل ، فتقول : عساك أن تقوم كما تقول : لعلّك أن تقوم ، وقال : (٢)

يا أبتا علّك أو عساكا

فلو أنّ عسى فعل لم يصحّ عطفها على لعلّ ، لأنّها حرف وأمّا الأخفش فيرى أنّ الياء والكاف في قولك : لولاي لولاك في موضع رفع (٣) وقد أوقعوا الضمير المجرور موقع الضمير المرفوع ، وكذلك الضمير بعد عسى في موضع رفع واحتجوا لسيبويه ، أنّ تغيير لو لا أقل من تغيير الضمير الذي بعدها ، لأنّه اثنا عشر مضمرا ، للمتكلّم اثنان ولكلّ من المخاطب والغائب خمسة ، فتغيير المضمر على رأي الأخفش يؤدّي إلى اثني عشر تغييرا على سبيل الاستقلال ، وتغيير لو لا على رأي سيبويه تغيير واحد على سبيل الاستقلال ، واحتجّوا للأخفش أن وقوع الضمائر بعضها موضع بعض كثر في

__________________

عنيت نفسك كانت علامتك «ني» قال عمران بن حطان :

ولي نفس أقول لها إذا ما

تنازعني لعلّي أو عساني

فلو كانت الكاف مجرورة لقال : عساي ولكنهم جعلوها بمنزلة لعل في هذا الموضع.

(١) هذا صدر بيت لمتمّم بن نويرة وعجزه :

عليك من اللائي يدعنك أجدعا

ورد البيت منسوبا له في الكامل ، ١ / ١٩٦ ـ ٢ / ٣٨ والمفضليات ، ٢٧٠ وشرح المفصل ، ٨ / ٨٦ وشرح شواهد المغني ، ٢ / ٥٦٧ وخزانة الأدب ، ٥ / ٣٤٥ وورد من غير نسبة في المقتضب ، ٣ / ٧٤ وشرح الكافية ، ٢ / ٢٠ ومغنى اللبيب ، ١ / ٢٨٨.

الملمّة : البليّة النازلة ، الأجدع : المقطوع الأنف.

(٢) الرجز لرؤبة بن العجاج ، ورد في ملحقات ديوانه ، ٣ / ١٨١ وبعده :

تقول بنتي قد أنى أناكا

وورد منسوبا له في الكتاب ، ٢ / ٣٧٤ ـ ٣٧٥ وشرح المفصل ٣ / ١٢٠ ـ ٧ / ١٢٣ وشرح شواهد المغني ، ١ / ٤٤٣ وشرح الشواهد ، ٣ / ١٥٨ وروي من غير نسبة في المقتضب ٣ / ٧١ والخصائص ، ٢ / ٩٦ والمحتسب ٢ / ٢١٣ والإنصاف ، ١ / ٢٢٢ وشرح الكافية ، ٢ / ٢١ ومغني اللبيب ، ١ / ١٥١ ـ ٢ / ٦٩٩ وشرح التصريح ، ١ / ٢١٣ ـ ٢ / ١٧٨ وهمع الهوامع ، ١ / ١٣٢ وشرح الأشموني ، ١ / ٢٦٧ ـ ٣ / ١٥٨.

(٣) شرح الوافية ، ٢٨٠ وانظر شرح التصريح ، ١ / ٢١٤.

٢٥٥

كلامهم ، نحو : أنا كأنت ، ومررت بك أنت وضربته هو : فأكّد المضمر المنصوب بالضمير المرفوع ، فقد وقع المرفوع موقع المنصوب (١).

ذكر نون الوقاية (٢)

وهي لازمة مع ياء ضمير المتكلّم في الفعل الماضي مطلقا ، نحو : ضربني وضرباني وضربوني ، وشذّ حذف نون الوقاية من الماضي المتصل به ضمير جماعة الإناث نحو : النساء ضربني ، قال الشاعر : (٣)

تراه كالثّغام يعلّ مسكا

يسوء الفاليات إذا فليني

أراد فلينني ، فحذف نون الوقاية تخفيفا ، وكذلك هي لازمة أيضا في الأمر قولك أكرمني ، وأمّا قولك : اضربي يا هند ، فلا مدخل للنون مع هذه الياء ، لأنّ نون الوقاية مشروطة بضمير المفعول لا بضمير الفاعل ، لأنّ ضمير الفاعل بمنزلة الجزء من الفعل فأشبهت هذه الياء الياء التي من نفس الفعل نحو : يرمي ، وكذلك هي لازمة في المضارع العري (٤) عن نون الإعراب نحو : يضربني ، وسمّيت نون الوقاية لأنّها وقت الفعل الكسر الذي هو أخو الخفض (٥) وأمّا الفعل المضارع الذي يلحقه نون الإعراب فأنت مخيّر بين إثباتها وحذفها استغناء بنون الإعراب ، فتقول : يضرباني ويضربانني ، ويضربوني ويضربونني ، وتضربيني وتضربينني ، وتجب نون الوقاية في قولك : النساء يضربنني ، ولا يجوز يضربني ، لأنّ نون الإعراب في يضربوني ، خارجة عن الفعل ، فأمكن جعلها وقاية ، ونون يضربن فاعل متصل كالجزء من الفعل ، فلم تجعل وقاية

__________________

(١) الكتاب ، ٢ / ٣٧٤ ـ ٣٧٥ والمقتضب ، ٣ / ٧١ ـ ٧٣ وشرح المفصل ، ٣ / ١٢٢ وشرح الكافية ، ١ / ٢١ وشرح التصريح ، ١ / ٢١٣.

(٢) الكافية ، ٤٠٤.

(٣) البيت لعمرو بن معد يكرب ورد منسوبا له في الكتاب ، ٣ / ٥٢٠ ولسان العرب مادة فلا ، وخزانة الأدب ، ٥ / ٣٧٢. ومن غير نسبة في شرح ديوان الحماسة ، للمرزوقي ، ١ / ٢٩٤ وشرح المفصل ، ٣ / ٩١ وشرح الكافية ، ٢ / ٢٢ ومغني اللبيب ، ٢ / ٦٢١.

الثّغام : نبت له نور أبيض يشبّه به الشيب ، يعلّ : يطيّب شيئا بعد شيء ، الفالية هي التي تفلي الشعر أي تخرج القمل منه.

(٤) غير واضحة في الأصل.

(٥) شرح الوافية ، ٢٨٠ وانظر شرح المفصل ، ٣ / ٢٢٣.

٢٥٦

كذلك (١) وأنت مع لدن مخيّر في إثبات نون الوقاية لحفظ بنائها على السكون ، وفي حذفها (٢) / قال الله تعالى (قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْراً)(٣) قرىء في السّبعة بالتشديد والتخفيف (٤) وكذا أنت مخيّر بين الإثبات والحذف في : إنّ وأنّ وكأنّ ولكنّ كقولك : إنّي وإنني ، وكذلك أخواتها الثلاث ويختار إثباتها في ليت كقولك : ليتني ، لشبهها بالفعل (٥) ولا يختار في لعلّ ، لأنّ بعض لغاتها لعنّ فحذفت منها كراهة اجتماع النونات ، وحملت لعلّ عليها ، ويختار إثباتها في : من وعن وقد وقط ، لحفظ سكونها (٦) نحو : مني وعني وقدني وقطني وقال الشاعر : (٧)

امتلأ الحوض وقال قطني

أي حسبي.

ذكر الفصل (٨)

ويتوسّط بين المبتدإ والخبر قبل دخول العوامل وبعد دخولها صيغة ضمير مرفوع منفصل ، نحو : زيد هو المنطلق ، وكان زيد هو المنطلق وإنما قال : صيغة

__________________

(١) شرح الوافية ، ٢٨١.

(٢) حذف نون الوقاية من لدن لا يجوز عند سيبويه والزجاج إلّا للضرورة وعند غيرهما الثبوت راجح وليس الحذف للضرورة لثبوته في القراءات السبع ، انظر الكتاب ٢ / ٣٧٠ وشرح الكافية ، ٢ / ٢٢.

(٣) من الآية ٧٦ من سورة الكهف.

(٤) قرأ نافع وأبو بكر بالتخفيف وشدّده الباقون وكلّهم ضم الدال إلّا أبا بكر فإنه أسكنها وأشمّها الضمّ وحجة من شدّد أنه أدغم نون لدني في النون التي دخلت مع الياء ليسلم سكون نون لدن كما قالوا : إني وعني ، وحجّة من خفف أنه لم يأت بنون مع الياء لأنّه ضمير مخفوض كغلامي وداري فاتصلت الياء بنون لدن فكسرتها انظر الكشف ، ٢ / ٦٩ والتبيان ، ٢ / ٨٥٧ والنشر ، ٢ / ٣١٣.

(٥) وأجاز سيبويه حذفها في الشعر للضرورة الكتاب ، ٢ / ٣٧٠.

(٦) شرح المفصل ، ٣ / ٩١ وشرح الكافية ، ٢ / ٢٣.

(٧) الرجز لم يعرف قائله ، وبعده :

مهلا رويدا قد ملأت بطني.

ورد في مجالس ثعلب القسم الأول ، ١٥٨ والخصائص ، ١ / ٣٢ وأمالي ابن الشجري ، ١ / ٣١٣ ـ ٢ / ١٤٠ وشرح المفصل ، ٢ / ١٣١ ـ ٣ / ١٢٥ ولسان العرب ، قطط وشرح الشواهد ، ١ / ١٢٥ وشرح الأشموني ، ١ / ١٢٥.

(٨) الكافية ٤٠٤.

٢٥٧

ضمير مرفوع ولم يقل : ضمير ، لعدم تحقق كونه ضميرا ، وتسمّى هذه الصيغة فصلا عند البصريين وعمادا ضد الكوفيين (١) وهو يفصل بين الصفة والخبر ، لأنّ ما بعده يتعيّن للخبر ، وتمتنع الصفة لامتناع الفصل بين الصفة والموصوف ، فإنّك إذا قلت : زيد القائم ، صلح القائم أن يكون صفة للمبتدإ فيتوقّع السامع الخبر ، وصلح أن يكون خبرا فيبقى السامع متردّدا ، فإذا أدخلت هو وقلت : زيد هو القائم ، علم أنّه لم يبق من المبتدأ بقيّة ، وتعيّن ما بعد «هو» للخبر ، وشرط إثبات هذه الصيغة أن يكون الخبر معرفة (٢) نحو : زيد هو القائم ، أو أفعل من كذا نحو : كان زيد هو أفضل من عمرو ، وكذلك إذا كان الخبر مشابها للمعرفة لفظا نحو : مثل وغير والاسم المضاف إلى معرفة إضافة لفظيّة ، وكذلك إذا كان الخبر فعلا مضارعا (٣) نحو : زيد هو يقوم ، قال الله تعالى : (وَمَكْرُ أُولئِكَ هُوَ يَبُورُ)(٤) ولا بدّ أن تكون هذه الصيغة مطابقة للمبتدإ في الإفراد والتثنية والجمع والتذكير والتأنيث والخطاب والتكلّم والغيبة (٥) تقول : زيد هو القائم ، والزيدان هما القائمان ، والزيدون هم القائمون ، وهند هي القائمة ، قال تعالى حكاية عن عيسى عليه‌السلام (فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ)(٦) ولا موضع لهذه الصيغة من الإعراب عند الخليل (٧) مع قوله بأنّه اسم (٨) لأنّه إنّما دخل للفصل كالكاف في أولئك ، والتاء في أنت فكما أنّ هذه لا محلّ لها من

__________________

(١) سمّي فصلا عند البصريين لأنّه فصل بين المبتدأ والخبر ، وقيل : لأنّه فصل بين الخبر والنّعت لأن الفصل به يوضّح كون الثاني خبرا لا تابعا ، والكوفيون يسمونه عمادا ، لأنّه يعتمد عليه في الفائدة إذ به يتبيّن أنّ الثّاني خبر لا تابع وبعض الكوفيين يسميه دعامة لأنّه يدعم به الكلام أي يقوّى به ويؤكّد ، والتأكيد من فوائد مجيئه وبعض المتقدمين سماه صفة. الإنصاف ، ٢ / ٧٠٦ والهمع ، ١ / ٦٨ وانظر شرح الوافية ، ٢٨٢.

(٢) الكتاب ، ٢ / ٣٩٢ والمقتضب ، ٤ / ١٠٣.

(٣) شرح الكافية ، ٢ / ٢٥.

(٤) من الآية ١٠ من سورة فاطر.

(٥) همع الهوامع ١ / ٦٨.

(٦) من الآية ١١٧ من سورة المائدة.

(٧) الكافية ، ٤٠٤.

(٨) الكتاب ٢ / ٣٩١ ـ ٣٩٧ والإنصاف ، ٢ / ٧٠٧.

٢٥٨

الإعراب ، لا يكون لصيغة الضمير المذكور محلّ من الإعراب ، وبنو تميم يجعلونه مبتدأ (١) فيرفعون ما بعده على أنه خبره ، والجملة خبر عن كان أو غيره على حسب ما معه من العوامل ، وخصّ بصيغة المرفوع لأنّه في معنى التأكيد ، كما تقول في التأكيد ضربتك أنت ونحو ذلك (٢).

ذكر ضمير الشّأن (٣)

ويتقدّم قبل الجملة ضمير يسمّى ضمير الشّأن (٤) يفسّر بالجملة التي بعده لأنّ كلّ جملة هي شأن وأمر وقصّة وإذا قلت : هو زيد قائم ، فكأنّك / قلت : الواقع والشأن زيد قائم ثمّ أضمرت الشّأن وقلت : هو زيد قائم ، واحترز بقوله : يتقدّم قبل الجملة ، عن الضمير في نعم رجلا زيد ، وربّه رجلا ؛ فإنّه متقدّم على المفسّر له لكن تقدّمه على المفرد لا على الجملة ، ويكون مرفوعا منفصلا ومستترا ، ومنصوبا متصلا بارزا ، فالمرفوع المنفصل نحو : هو زيد قائم والمستتر نحو : كان زيد قائم وليس زيد قائم ، والمنصوب المتصل : إنه زيد قائم ، وإذا وقع مبتدأ انفصل نحو : هو زيد قائم ، لأنّ عامل المبتدأ الابتداء ، وهو معنى ، واستحال اتصال الضمير بالمعنى الذي هو الابتداء لكونه غير لفظ ، وكذا إذا وقع بعد ما الحجازية نحو : ما هو زيد قائم ، لتعذر اتصاله مرفوعا بغير الفعل ، وحذف ضمير الشأن إذا كان منصوبا ضعيف قال الله تعالى : (إِنَّهُ مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِماً)(٥) وجاء حذفه في الشعر (٦) نحو قوله : (٧)

إذا هبّت رياحك فاغتنمها

فإنّ لكلّ خافقة سكون

فسكون مبتدأ ولكلّ خافقة خبره ، واسم إنّ هو ضمير الشأن محذوف والتقدير فإنّه لكلّ خافقة.

__________________

(١) في الكتاب ، ٢ / ٣٩٢ هم ناس كثير من العرب وفي البحر ٨ / ٣٦٧ هم بنو تميم ، وانظر المقتضب ٤ / ١٠٥.

(٢) شرح الوافية ، ٢٨٢ والنقل منه وانظر شرح المفصل ٣ / ١١١ ـ ١١٣.

(٣) الكافية ، ٤٠٠.

(٤) ويسميه الكوفيون الضمير المجهول. شرح المفصل ، ٣ / ١١٤ وشرح الكافية ، ٢ / ٢٨.

(٥) من الآية ٧٤ من سورة طه.

(٦) شرح الوافية ، ٢٨٣ والنقل منه بتصرف.

(٧) لم أهتد إلى قائله ولم أجده في المصادر التي بين يديّ.

٢٥٩

ومنه قول الشّاعر : (١)

إنّ من يدخل الكنيسة يوما

يلق فيها جآذرا وظباء

فمن مبتدأ ، ويدخل خبره ، ولا يجوز أن يكون من هو اسم إنّ ، لأنّ من شرط ، والشّرط له صدر الكلام ، واسم إنّ ليس له صدر الكلام ، فالمبتدأ والخبر في موضع رفع بأنه خبر إن ، واسم إنّ ضمير الشأن ، وهو محذوف ، وتقديره : إنّه من يدخل ، وكذلك يضعف : وجدت زيد قائم بحذف الضمير ، لأنّه مراد ، لكونه جزء الجملة وليس على حذفه دليل ، وأمّا ضمير الشأن مع أنّ المفتوحة إذا خفّفت فإنّ حذفه لازم ، لأنّهم لو لم يقدّروا ذلك لكان للمخفّفة المكسورة على المخفّفة المفتوحة مزيّة في العمل ، والمفتوحة أقرب إلى الفعل ، وقد جوّزوا إعمال المخفّفة المكسورة ، قال الله تعالى : (وَإِنَّ كُلًّا لَمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ رَبُّكَ أَعْمالَهُمْ)(٢) ولم يجيزوا إعمال المخفّفة المفتوحة قال الشاعر : (٣)

 ...

أن هالك كلّ من يحفى وينتعل

فلم تنصب هالك ، فوجب تقدير عملها في ضمير الشأن (٤) لكونها أشبه بالفعل من المكسورة ، ألا ترى أنّ قولك : أنّ على لفظ أنّ الذي مضارعه يئن من الأنين.

ولم يأت ضمير الشأن مجرورا كما جاء مرفوعا ومنصوبا ، لأنّه كناية عن

__________________

(١) البيت للأخطل ورد في ديوانه ، ٣٧٦ وورد منسوبا في الحلل ٢٨٧ وشرح شواهد المغني ، ١ / ١٢٢ ـ ٢ / ٩١٨ وخزانة الأدب ، ١ / ٤٥٧ ـ ٥ / ٤٢٠ وورد البيت من غير نسبة في أمالي ابن الشجري ، ١ / ٢٩٥ وشرح المفصل ، ٣ / ١١٥ والمقرب ، ١ / ١٠٩ ـ ٢٧٧ وشرح الكافية ، ٢ / ٢٩ ومغني اللبيب ، ١ / ٣٧٠ ، ٢ / ٥٨٩ والعمدة للقيرواني ٢ / ٢٧٣ وهمع الهوامع ١ / ١٣٦.

الجآذر : أولاد البقر واحدها جؤذر.

(٢) من الآية ١١١ من سورة هود ، قرأ الحرميان وأبو بكر وإن كلا بتخفيف إنّ ، وشدد الباقون ، وقرأ عاصم وحمزة وابن عامر «لما» بالتشديد ، وخفف الباقون. الكشف ١ / ٥٣٦ وانظر الإتحاف ، ٢٦٠.

(٣) هذا عجز بين للأعشى ، ورد في ديوانه ، ١٠٩ برواية :

إمّا ترينا حفاة لا نعال لنا

إنّا كذلك ما نحفى وننتعل

وورد منسوبا له في الكتاب ، ٢ / ١٣٧ ـ ٣ / ٧٤ ـ ٤٥٤ والمنصف ، ٣ / ١٢٩ والمحتسب ١ / ٣٠٨ وأمالي ابن الشجري ، ٢ / ٢ والإنصاف ، ١ / ١٩٩ ومن غير نسبة في الخصائص ٢ / ٤٤١ وشرح المفصل ، ٨ / ٧٤ وهمع الهوامع ، ١ / ١٤٢. وروى بعضهم صدر البيت : في فتية كسيوف الهند قد علموا.

(٤) شرح الوافية ، ٢٨٤ ـ ٢٨٥.

٢٦٠