الصحيح من سيرة النبي الأعظم صلّى الله عليه وآله - ج ١٠

السيد جعفر مرتضى العاملي

الصحيح من سيرة النبي الأعظم صلّى الله عليه وآله - ج ١٠

المؤلف:

السيد جعفر مرتضى العاملي


الموضوع : سيرة النبي (ص) وأهل البيت (ع)
الناشر: دار الحديث للطباعة والنشر
المطبعة: دار الحديث
الطبعة: ١
ISBN: 964-493-181-5
ISBN الدورة:
964-493-171-8

الصفحات: ٣٥٢

الفصل الخامس :

جيش المسلمين وجيش المشركين في المواجهة

٢٨١
٢٨٢

الإعداد والإستعداد :

قال البلاذري : «بلغ رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» الخبر ، فندب المسلمين إلى قتال الأحزاب ، وخرج فارتاد لعسكر المسلمين» (١). وكان خروجه بعد أن استخلف على المدينة ابن أم مكتوم (٢).

وحسب نص الصالحي الشامي : «ركب فرسا ومعه عدة من المهاجرين والأنصار فارتاد موضعا ، وكان أعجب المنازل إليه أن يجعل سلعا الجبل خلف ظهره ، ويخندق الخ ..» (٣).

__________________

(١) أنساب الأشراف ج ١ ص ٣٤٣.

(٢) راجع : الثقات ج ١ ص ٢٦٦ والتنبيه والإشراف ص ٢١٦ وزاد المعاد ج ٢ ص ١١٧ وجوامع السيرة النبوية ص ١٤٩ والسيرة النبوية لابن هشام ج ٣ ص ٢٣١ والعبر ج ٢ ق ٢ ص ٢٩ والسيرة النبوية لابن كثير ج ٣ ص ١٩٧ والبداية والنهاية ج ٤ ص ١٠٣ و ١٠٢ وتاريخ الخميس ج ١ ص ٤٨١ والسيرة النبوية لدحلان ج ٢ ص ٤ والسيرة الحلبية ج ٢ ص ٣١٥ و ٣١٤ وإمتاع الأسماع ج ١ ص ٢١٦ وسبل الهدى والرشاد ج ٤ ص ٥٢٣ ونهاية الأرب ج ١٧ ص ١٦٨ والمغازي للواقدي ج ٢ ص ٤٤١ وعيون الأثر ج ٢ ص ٥٧.

(٣) سبل الهدى والرشاد ج ٤ ص ٤١٤ و ٤١٥.

٢٨٣

وكان خروجه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» لثمان خلون من ذي القعدة ، أو شوال ، حسبما تقدم ، ويقال : إن خروجه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» كان في يوم الإثنين (١).

واختار «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ذلك الموضع المكشوف للخندق ، وجعل معسكره تحت جبل سلع (٢) أو سفح سلع ، أو سطح سلع ، أو جعل سلعا وراء ظهره ، والخندق بينه وبين القوم (٣).

يقول البعض : «فلو أن العدو عبر الخندق لقدمت سلع للمدافعين

__________________

(١) راجع : نهاية الأرب ج ١٧ ص ١٧٠ وغير ذلك من المصادر السابقة واللاحقة

(٢) تاريخ الخميس ج ١ ص ٤٨١ السيرة الحلبية ج ٢ ص ٣١٥.

(٣) راجع المصادر المتقدمة في الهوامش السابقة ، وفي : البداء والتاريخ ج ٤ ص ٢١٧ ووفاء الوفاء ج ١ ص ٣٠١ و ٣٠٠ وج ٤ ص ١٢٠٤ والمغازي للواقدي ج ٢ ص ٤٥٤ والعبر وديوان المبتدأ والخبر ج ٢ ق ٢ ص ٢٩ والسيرة النبوية لابن هشام ج ٣ ص ٢٣١ وزاد المعاد ج ٢ ص ١١٧ والكامل في التاريخ ج ٢ ص ١٨٠ والإكتفاء للكلاعي ج ٢ ص ١٦٢ و ١٦٣ ، وأنساب الأشراف ج ١ ص ٣٤٣ وتاريخ الإسلام للذهبي (المغازي) ص ٢٣٦ وتاريخ الأمم والملوك ج ٢ ص ٢٣٧ وجوامع السيرة النبوية ص ١٤٩ وفتح الباري ج ٧ ص ٣٠٧ وسبل الهدى والرشاد ج ٤ ص ٤١٥ و ٥١٤ و ٥٢٣ وتهذيب سيرة ابن هشام ص ١٩٠ ودلائل النبوة للبيهقي ج ٣ ص ٤٢٨ وبهجة المحافل ج ١ ص ٢٦٤ والمواهب اللدنية ج ١ ص ١١٢ وإمتاع الأسماع ج ١ ص ١٢٥ والبداية والنهاية ج ٤ ص ١٠٢ ومجمع البيان ج ٨ ص ٣٤٢ وبحار الأنوار ج ٢٠ ص ٢٠٠ ونهاية الأرب ج ١٧ ص ١٦٨ وسعد السعود ص ١٣٨.

٢٨٤

نفس المزايا التي حصلوا عليها في أحد» (١).

ويستفاد مما تقدم : أن موقعهم كان عند سلع من جهة الشام والمغرب (٢).

مقر القيادة :

«وضربت له «صلى‌الله‌عليه‌وآله» قبة من أديم أحمر ، على القرن في موضع مسجد الفتح» (٣).

وتقدم في الفصل السابق ، حين الكلام عن قصور الروم وفارس : أنها قبة تركية.

وعلى حد تعبير الواقدي : «وضرب قبة من أدم ، وكانت القبة عند المسجد الأعلى الذي بأصل الجبل ، جبل الأحزاب» (٤).

ونسجل هنا :

ألف : إنه يستفاد من هذا ومما تقدم ـ مع أن بعض النصوص ذكرت : أن النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» جعل معسكره سطح (أو سفح) سلع ـ : أنه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» قد اختار من السفح موضعا مشرفا ، ومرتفعا نسبيا يمكنه من مراقبة الوضع بدقة ، ثم المبادرة إلى اتخاذ القرار اللازم في الموضع المناسب.

ب : إنه إذا كان المشركون إنما يفكرون بالدنيا ، ويرون العزة بما

__________________

(١) محمد في المدينة ص ٥٦.

(٢) وفاء الوفاء ج ٤ ص ١٢٠٠.

(٣) وراجع أيضا : تاريخ الخميس ج ١ ص ٤٨١.

(٤) المغازي للواقدي ج ٢ ص ٤٥٤ و ٤٥٧ وراجع : السيرة الحلبية ج ٢ ص ٣١٤ وسبل الهدى والرشاد ج ٤ ص ٥٢٤.

٢٨٥

يحصلون عليه من حطامها ، فإن رؤيتهم رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» في مكان مشرف عليهم ، وهو في قبة ذات لون متميز من أدم أحمر ، سيكون مغيظا لهم ، وسيزيد من حسرتهم وحنقهم ، حين يرغمون على التراجع ، وهم يجرون أذيال الخيبة والخسران ، وقد خلفوا وراءهم قتلى من رؤسائهم وأبطالهم ، كما سنرى.

عرض النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله الخارجين إلى الحرب :

ثم عرض «صلى‌الله‌عليه‌وآله» : الجيش ، وهو يحفر الخندق.

فعن أبي واقد الليثي قال : «رأيت رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» يعرض الغلمان ، وهو يحفر الخندق ، فأجاز من أجاز ، ورد من رد.

وكان الغلمان يعملون مع الذين لم يبلغوا ولم يجزهم ، ولكن لما لحم الأمر ، أمر من لم يبلغ أن يرجع إلى أهله ، إلى الآطام مع الذراري.

إلى أن قال : فكان ممن أجاز رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» يومئذ ابن عمر وهو ابن خمس عشرة ، وزيد بن ثابت وهو ابن خمس عشرة ، والبراء بن عازب وهو ابن خمس عشرة (١) ، وأبا سعيد الخدري ولم يردهم.

ويقال : إنه أجازهم قبل ذلك» (٢).

قال العسقلاني : «عرض الجيش اختبار أحوالهم قبل مباشرة القتال

__________________

(١) راجع : المغازي للواقدي ج ٢ ص ٤٥٣ وأنساب الأشراف ج ١ ص ٣٤٣ و ٣٤٤ وراجع تاريخ الخميس ج ١ ص ٤٨١ والسيرة النبوية لدحلان ج ٢ ص ٣١٤ و ٣١٥ وإمتاع الأسماع ج ١ ص ٢٢٤ وسبل الهدى والرشاد ج ٤ ص ٥٢٣.

(٢) أنساب الأشراف ج ١ ص ٣٤٤ وراجع : السيرة الحلبية ج ٢ ص ٣١٥.

٢٨٦

للنظر في هيبتهم وترتيب منازلهم وغير ذلك» (١).

ومهما يكن من أمر فقد أصبحت المدينة بسبب حفر الخندق كالحصن ، حسبما تقدم (٢).

النساء والأطفال في الآطام :

ويذكر المؤرخون كافة تقريبا ، وهم يتحدثون عن غزوة الخندق : أن النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» قد جعل النساء والصبيان في الآطام (٣).

قال الواقدي : «ورفع النساء والصبيان في الآطام ، ورفعت بنو حارثة الذراري في أطمهم ، وكان أطما منيعا. وكانت عائشة يومئذ فيه.

ورفع بنو عمرو بن عوف النساء والذرية في الآطام ، وخندق بعضهم حول الآطام بقباء ، وحصن بنو عمرو بن عوف ولفها ، وخطمة ، وبنو أمية ، ووائل ، وواقف فكان ذراريهم في آطامهم» (٤).

الحرس على أبواب الخندق :

ويذكر المؤرخون : أنهم بعد أن حفروا الخندق ، وحصنوه «جعل له رسول

__________________

(١) فتح الباري ج ٧ ص ٣٠٢.

(٢) إمتاع الأسماع ج ١ ص ٢٢٣ وراجع أواخر الفصل الثاني ، حين الكلام عن تشبيك المدينة بالبنيان.

(٣) قد ذكرت ذلك مختلف المصادر التي تقدمت في هذا الفصل ، فمن أرادها فليراجعها.

(٤) المغازي ج ١ ص ٤٥١.

٢٨٧

الله أبوابا (١) وجعل على الأبواب حرسا ، من كل قبيلة رجلا ، وعليهم الزبير بن العوام ، وأمره إن رأى قتالا أن يقاتل» (٢).

وفي نص آخر : «وجعل على كل باب رجلا من المهاجرين ، ورجلا من الأنصار مع جماعة يحفظونه» (٣).

وتقدم : أن أبواب الخندق كانت ثمانية.

تركيبة الحرس مثار تساؤل :

وأما لماذا اختار النبي الأكرم «صلى‌الله‌عليه‌وآله» أن تكون تركيبة الحرس على أبواب الخندق بهذا الشكل ، فربما يكون السر فيه : هو أنه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» قد أراد أن يقطع الطريق على أي تفكير تآمري ، من خلال اتصالات سرية فيما بين المشركين والمنافقين أو غيرهم ، للتواطؤ على المسلمين. ولو عن طريق الإغراء بالمال ، أو الاحتيال ، أو التغفيل ، حيث يتمكنون من إحداث ثغرة أو أكثر ، من شأنها أن تعرض المسلمين للخطر الكبير.

وحين يكون الحرس من كل قبيلة رجلا ، فإن الرقابة على بعضهم البعض تصبح طبيعية ، ولن يعود من السهل فتح علاقة مشبوهة مع أي

__________________

(١) راجع : مغازي الواقدي ج ٢ ص ٤٥٢ و ٤٥٠ وسبل الهدى والرشاد ج ٤ ص ٥١٥ وتاريخ اليعقوبي ج ٢ ص ٥٠ ، وراجع : السيرة الحلبية ج ٢ ص ٢ ص ٣١٢ والسيرة النبوية لابن هشام ج ٣ ص ٢٦٧ ووفاء الوفاء ج ٤ ص ١٢٠٦.

(٢) تاريخ اليعقوبي ج ٢ ص ٥٠.

(٣) تفسير القمي ج ٢ ص ١٧٩ وبحار الأنوار ج ٢٠ ص ٢٢٠.

٢٨٨

منهم ، ويصبح احتمال تواطؤهم أبعد ، واتفاقهم على الخيانة يكون أصعب وأعقد.

ويلفت نظرنا هنا : ذلك النص الذي بيّن فيه اهتمام النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» بمشاركة الأنصار للمهاجرين في هذا الأمر.

ونحن نعلم : أن إمكانية اختراق مشركي أهل مكة للمهاجرين أسهل وأيسر ، لأنهم إخوانهم وأبناؤهم ، ولم نزل نجد في المهاجرين من يحابي قومه ويهتم بعدم إلحاق المزيد من الأذى بهم بدءا من حرب بدر ، حسبما أوضحناه هناك في قضية فداء الأسرى.

بل لقد وجدنا حتى زوجة النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» تخرج عن وقارها ، وتندفع لتحرض على رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» في بدر ، فراجع ما ذكرناه هناك أيضا عن سودة بنت زمعة.

وتجد في كتابنا هذا ، وفي كتاب «الغدير والمعارضون» شواهد كثيرة وغزيرة ومثيرة عن مواقف قريش من النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» وأهل بيته. ولا نرى حاجة لإعادة التذكير بها هنا.

الذراري والنساء في الآطام :

وإن جعل النساء والذراري في مواضع حصينة ، وتجميعهم في أماكن معينة يعتبر إجراء حكيما ، لأنه يوفر على المسلمين معاناة حالة التوزع في الاهتمامات ، وانتشارها ، ويركزها في نقطة أو نقاط محددة يمكن التركيز عليها في الرعاية الأمنية ، وتسهيل تقديم المعونة الفاعلة والمؤثرة والسريعة ، وفق خطة مرسومة في الوقت المناسب لو فرض تعرضها لأي خطر من قبل الأعداء.

٢٨٩

ثم هي تمكن هؤلاء الضعفاء من أن يفيدوا من مناعة تلك الآطام للدفع عن أنفسهم بدلا من بيوت واهنة لا تساعد على حمايتهم ، ولا تدفع عنهم في شيء.

وبذلك لم يعد النساء والأطفال منتشرين على مساحات واسعة ، بصورة تجعلهم هدفا سهلا لكل عابث ، وعرضة لأطماع الأعداء والسفهاء ، الأمر الذي يوجب إرباكا نفسيا لدى القوى التي يفترض فيها أن تصب كل اهتماماتها على نقطة واحدة ، وواحدة فقط ، وهي دفع العدو ، وإبطال كيده ، وإلحاق الهزيمة المخزية به.

وقد يمكن للعدو ـ لو لم تجعل الذراري والنساء في الآطام ـ أن يستفيد من الوضع القائم ، فيعتدي أو يتظاهر بالاعتداء على المواقع المختلفة المنتشرة على مساحة المدينة بأكملها ، وذلك بهدف زعزعة حالة الاتحاد والانسجام لدى الجيش الإسلامي ، ليتمكن من إنزال ضربته القاصمة في الوقت المناسب.

وقد كان بنو قريظة يعرفون تفاصيل مسالك المدينة ، لأنهم من أهلها ، فقيامهم بأي تسلل إليها سوف يربك الوضع في ساحة القتال بصورة كبيرة وخطيرة.

وقد كان المسلمون يعرفون ذلك ، فكانوا يعيشون حالة القلق لو لا هذا الإجراء الذي اتخذه النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله».

ومما زاد في الربط على القلوب ، وتهدئة المشاعر ، واستقرار الحالة النفسية : أنه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» قد جعل حراسا يطوفون في المدينة ، حتى أصبح واضحا ليهود بني قريظة ولغيرهم : أن أي تحرك سوف ينتهي بنكسة

٢٩٠

خطيرة لهم.

وقد كان في التجربة التي قام بها بعضهم للوصول إلى حصن حسان الذي كانت فيه النساء ، وانتهت بقتل ذلك الرجل على يد زينب بنت جحش عبرة لهم وبلاغ.

عقد الألوية للحرب :

أما بالنسبة لعقد ألوية الحرب ، فإننا نقول :

ألف : بالنسبة للمشركين ، فالمؤرخون يقولون : إنهم عقدوا لواءهم في دار الندوة ، وحمله عثمان بن أبي طلحة ، وقائد القوم أبو سفيان (١).

ثم وافى المشركون المدينة ، فأنكروا أمر الخندق ، وقالوا : ما كانت العرب تعرف هذا (٢).

ب : بالنسبة للمسلمين ، يقول المؤرخون : «وكان لواء المهاجرين بيد زيد بن حارثة ، ولواء الأنصار بيد سعد بن عبادة ، وكان «صلى الله عليه

__________________

(١) السيرة النبوية لدحلان ج ٢ ص ٢ وراجع : تاريخ الخميس ج ١ ص ٤٨٠ والسيرة الحلبية ج ٢ ص ٣١١ والإمتاع ج ١ ص ٢١٨ وعيون الأثر ج ٢ ص ٥٦ وسبل الهدى والرشاد ج ٤ ص ٥١٣.

(٢) تاريخ اليعقوبي ج ٢ ص ٥٠ والسيرة النبوية لدحلان ج ٢ ص ٥ وراجع : تاريخ الخميس ج ١ ص ٤٨٤ والسيرة الحلبية ج ٢ ص ٣١٥ وسبل الهدى والرشاد ج ٤ ص ٥٣٠ ، والمغازي للواقدي ج ٢ ص ٤٧٠ وتفسير القمي ج ٢ ص ١٨٢ وبحار الأنوار ج ٢ ص ٢٢٤ ونهاية الأرب ج ١٧ ص ١٧٣ والإرشاد للمفيد ص ٥٢ وكشف الغمة للأربلي ج ١ ص ٢٠٢ وإعلام الورى (ط دار المعرفة) ص ١٠٠.

٢٩١

وآله» يبعث الحرس على المدينة ، خوفا على الذراري من بني قريظة» (١).

ونقول :

إننا لا نهتم لتحريفات المؤرخين هذه ، حيث نراهم يتجاهلون الحقيقة الدامغة إرضاء لأسيادهم ، وانسياقا مع أهوائهم وعصبياتهم وتعصباتهم البغيضة.

فها هم يهملون هنا ذكر صاحب الراية العظمى للجيش كله وصاحب لواء رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» في كل مشهد ، وهو علي أمير المؤمنين «عليه‌السلام» مع تصريحهم باسم حامل لواء المهاجرين ، وحامل لواء الأنصار.

ونقول هنا :

١ ـ إنه قد تقدم في حرب أحد في فصل : قبل نشوب الحرب ، وفي بدر أيضا ، طائفة من النصوص التي تضافرت وتواترت في كتب السيرة والتاريخ والحديث بالأسانيد الصحيحة والموثوقة : أن عليا «عليه‌السلام» هو صاحب لواء وراية النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» في كل مشهد ، وتقدم أن ذلك من فضائله وخصائصه التي اشتهر بها. وهذه حقيقة مؤلمة لمبغضي وشانئي عليّ «عليه‌السلام» ولأجل ذلك فهم يحاولون تجاهلها ، والدس الرخيص للتشكيك بها ، ولو وسعهم الجهر بإنكارها لبادروا إلى ذلك.

__________________

(١) المواهب اللدنية ج ١ ص ١١٢ وتاريخ الخميس ج ١ ص ٤٨٣ وراجع ص ٤٨١ والسيرة النبوية لدحلان ج ٢ ص ٤ والسيرة الحلبية ج ٢ ص ٣١٥ وراجع : إمتاع الأسماع ج ١ ص ٢٢٥ وسبل الهدى والرشاد ج ٤ ص ٥٢٤ ، ونهاية الأرب ج ١٧ ص ١٧٠ وعيون الأثر ج ٢ ص ٥٨.

٢٩٢

٢ ـ وقد ورد في احتجاج الإمام الحسن المجتبى «عليه‌السلام» على معاوية وابن العاص ، والوليد الفاسق قوله : «ثم لقيكم يوم أحد ، ويوم الأحزاب ومعه راية رسول الله ومعك ومع أبيك راية الشرك» (١).

٣ ـ روى الحكم بن عتيبة عن مقسم عن ابن عباس ، قال : «كانت راية رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» مع علي «عليه‌السلام» في المواقف كلها :

يوم بدر ، ويوم أحد ، ويوم حنين ، ويوم الأحزاب ، ويوم فتح مكة. وكانت راية الأنصار مع سعد بن عبادة في المواطن كلها ، ويوم فتح مكة ، وراية المهاجرين مع علي «عليه‌السلام» (٢).

وهذا يدل على أن قولهم : كانت راية المهاجرين يوم الأحزاب مع زيد بن حارثة غير صحيح.

شعار الحرب :

ويقول المؤرخون : كان شعار المهاجرين أيام الخندق : «يا خيل الله» (٣).

وقالوا أيضا : كان شعار أصحاب رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» يوم

__________________

(١) كفاية الطالب ص ٣٣٦ وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج ٦ ص ٢٨٩ والغدير ج ١٠ ص ١٦٨ عنه وجمهرة الخطب ج ٢ ص ٢٣.

(٢) إعلام الورى (ط دار المعرفة) ص ١٩١.

(٣) إمتاع الأسماع ج ١ ص ٢٣٠ والمغازي للواقدي ج ٢ ص ٤٦٦ وتاريخ الخميس ج ١ ص ٤٨٥ وراجع : السيرة النبوية لدحلان ج ٢ ص ٨ والسيرة الحلبية ج ٢ ص ٣٢١.

٢٩٣

الخندق وبني قريظة : حم ، لا ينصرون (١).

ونقول :

لقد رأينا : أن شعار المسلمين في حروبهم مع أعدائهم ، سواء في زمن رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» أو في زمن علي «عليه‌السلام» في حروبه مع البغاة هو : «حم ، لا ينصرون» ، وكذا عبارة : «يا منصور أمت».

وهاتان الكلمتان لهما دلالاتهما وإيحاءاتهما في ظرف كهذا حيث إنهما تزرعان الطموح إلى النصر في قلب وروح المقاتل المسلم فيزداد جرأة على القتال وإقداما على التضحية ، ويتذرع بالصبر الجميل على ما يواجهه من مكاره يترقب الفرج والفوز بعدها بمزيد من الطمأنينة والثقة ويكون تحركه في ساحة القتال والحالة هذه تحرك الواثق ، الذي يريد من خلال تفعيل طاقاته القتالية بحكمة وحنكة وتعقل أن يتجاوز هذا الواقع ، الذي يرى فيه

__________________

(١) تاريخ الخميس ج ١ ص ٤٨٣ عن ابن هشام وص ٤٨٥ وسبل الهدى والرشاد ج ٤ ص ٥٢٤ والكافي ج ٥ ص ٤٧ ونهاية الأرب ج ١٧ ص ١٧٨ والمغازي للواقدي ج ٢ ص ٤٧٤ وعيون الأثر ج ٢ ص ٦٢ عن ابن هشام ، والسيرة النبوية لابن هشام ج ٣ ص ٢٣٧ وتهذيب سيرة ابن هشام ص ١٩٤ والسيرة النبوية لدحلان ج ٢ ص ٨ وزاد المعاد ج ٢ ص ١١٨ وبهجة المحافل وشرحه ج ١ ص ٢٧١ و ٢٧٢ عن الترمذي ، وأبي داود والوسائل ج ١١ ص ١٠٥ والكافي ج ٥ ص ٤٦ و ٤٧ وكنز العمال ج ١٠ ص ٢٩١ وجوامع السيرة النبوية ص ١٥٠ والإكتفاء للكلاعي ج ٢ ص ١٦٩ والسيرة الحلبية ج ٢ ص ٣٢١ وقال : «لعل المراد بالمسلمين الأنصار ، فلا يخالف ما في الإمتاع ، وكان شعار المهاجرين : يا خيل الله».

ونقول : إن هذا التوجيه لا يمكن المساعدة عليه.

٢٩٤

وضعا إستثنائيا ونشازا ، لا تساعد على استمراره عوامل طبيعية ومقبولة.

ثم إن هذا الشعار ، حين يبدأ بواحدة من مفردات الحروف المقطعة التي اختص بها القرآن ، فإنه يكون قد أوحى مسبقا لهذا الإنسان المؤمن بصدق هذا الوعد الإلهي ، الذي يتلفظ به هو نفسه ويطلقه شعارا له في هذا الوقت بالذات الذي يحتاج إليه عمليا. فهو شعار يتجه نحو الواقع ليتجسد حقيقة ملموسة له ، ويساهم هو في صنعها وفي بلورتها.

والأمر الملفت للنظر هنا : أن يكون هذا اليقين قد أيقظته في نفسه كلمة حم ، التي هي رمز التحدي الفكري كما تقدم في الجزء الثاني من هذا الكتاب مفصلا وقد اقترن هذا التحدي الفكري بالتحدي بالعنف والقتال ، كنتيجة طبيعية لعجز قوى الشرك ، وهزيمتها المخزية والنكراء في مجال الفكر والمثل والقيم.

وأما بالنسبة للمشركين ، فالأمر سيكون على عكس ذلك تماما ، فإنهم حين يسمعون هذه الكلمة (حم ، لا ينصرون) لسوف يتمثلون حالة العجز والسقوط والهزيمة بكل أنحائها ، وبكل مجالاتها ، ولسوف تزرع هذه الكلمة اليأس والفشل في نفوسهم ، فإنها كانت رمز التحدي القرآني لهم ولكل من هو على شاكلتهم ، بالإضافة إلى إيحاءات أخرى ـ ألمحنا إليها فيما سبق ـ كانت إيجابية بالنسبة لقوى الإيمان ولسوف تكون معكوسة وسلبية بالنسبة لقوى الشرك والطغيان.

فليتأمل المتأمل فيما ذكرناه ، وليتدبره كيف يتحول إلى الضد من ذلك على قوى الشرك ، حتى لا نضطر إلى إعادة تفصيلية له.

غير أننا نلمّح هنا إلى نقطة واحدة نضيفها إلى ما سبق ، وهي : أن هذا

٢٩٥

الشعار يقول : «لا ينصرون» بصيغة المبني للمجهول ولم يقل : «لا ينتصرون» ففيه إلماح إلى أن المشركين لا يملكون معطيات النصر في أنفسهم فلا بد أن ينتظروا النصر من غيرهم ، وليس ثمة ناصر لهم ولا معين ، فهزيمتهم حتمية لفقدهم مقومات النصر من الجهتين. فالمشرك يرى العجز والفشل الفكري والعقيدي بكلمة حم. كما أنه يتمثل الخواء من أي من القدرات والطاقات التي تخوله أن يصنع نصرا. فهو مهزوم في الحالتين ، والمؤمن يأتيه النصر من الله ، وهو على يقين من هذا النصر. فاجتمع على قوى الشرك عاملان من عوامل الضعف ولقوى الإيمان عاملان من عوامل القوة.

هذا عدا عن أن الصيغة صيغة إخبار ، تعطي : مزيدا من الثقة بتحقق ذلك ، حتى كأنه أمر واقع وملموس ، يصح الإخبار عنه بهذه الدرجة من الجزم والثبات والطمأنينة.

ولسوف يتيقن المشركون صدق هذا الوعد ، ما دام أنه هدي قرآني استقر في نفوسهم : إنهم أعجز وأصغر من أن يشككوا في أي من آياته وحقائقه.

وهذا درس نافع نستفيده من هذا الشعار. نسأل الله التوفيق للتوفر على دراسة هذا الموضوع بصورة أتم وأوفى ، وأوضح وأجلى وأصفى ، وهو الموفق والهادي إلى سواء السبيل.

عدة وعدد المسلمين :

هذا وقد اختلفت كلمات المؤرخين في عدة وعدد الجيش الإسلامي الذي واجه الأحزاب في حرب الخندق.

فأما بالنسبة للعدة ، فقد ذكر ابن سعد : «أنه كان مع المسلمين ستة

٢٩٦

وثلاثون فرسا» (١) وأما بالنسبة إلى العدد فنشير إلى الأقوال التالية :

١ ـ قيل كان المسلمون سبع مئة ، وهو قول ابن إسحاق (٢).

وقد حكم البعض على ابن إسحاق بأنه : «وهم في ذلك» وغلط. وزعم ابن القيم : أن منشأ الغلط هو ارتكاز عدد من خرج معه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» في أحد (٣).

٢ ـ قيل : كانوا ألفا أو نحوها ، وهو صريح رواية البخاري ومسلم عن جابر. وصرح به قتادة أيضا (٤).

٣ ـ وقيل : تسع مئة أضاف ابن خلدون قوله : «وهو راجل بلا شك».

وقال ابن حزم : «وهو الصحيح الذي لا شك فيه ، والأول وهم» (٥).

__________________

(١) المواهب اللدنية ج ١ ص ١١٠ وتاريخ الخميس ج ١ ص ٤٨٠ عن ابن سعد ، والسيرة النبوية لدحلان ج ٢ ص ٢ والمغازي للواقدي ج ٢ ص ٤٥٧.

(٢) تاريخ اليعقوبي ج ٢ ص ٥٠ والسيرة الحلبية ج ٢ ص ٣١٤ عن ابن إسحاق.

وراجع : إمتاع الأسماع ج ١ ص ٢٢٤ وسبل الهدى والرشاد ج ٤ ص ٥٢٤ وراجع ص ٥٦٥ وتفسير القمي ج ٢ ص ١٧٧ والبحار ج ٢٠ ص ٢١٨ عنه وزاد المعاد ج ٢ ص ١١٧.

(٣) السيرة الحلبية ج ٢ ص ٣١٤ وسبل الهدى والرشاد ج ٤ ص ٥٢٤ وإمتاع الأسماع ج ١ ص ٢٢٤ وزاد المعاد ج ٢ ص ١١٧.

(٤) راجع : وفاء الوفاء ج ١ ص ٣٠١ وفتح الباري ج ٧ ص ٣٠١ وتاريخ الخميس ج ١ ص ٤٨٠ والسيرة النبوية لدحلان ج ٢ ص ٢ وسبل الهدى والرشاد ج ٤ ص ٥٦٥ وحدائق الأنوار ج ١ ص ٢١٢ ودلائل النبوة للبيهقي ج ٣ ص ٣٩٤.

(٥) راجع : العبر وديوان المبتدأ والخبر ج ٢ قسم ٢ ص ٢٩ وراجع : إمتاع الأسماع ج ١ ص ٢٢٥ وجوامع السيرة النبوية ص ١٤٩.

٢٩٧

يريد بالأول : القول بأنهم كانوا ألفا.

٤ ـ وذهب أكثر المؤرخين إلى أنهم كانوا ثلاثة آلاف أو نحوها (١).

ونقول :

ألف : إننا نحتمل قويا : أن يكون القول الثالث هو نفس قول ابن إسحاق ، لكن النساخ صحّفوا سبعمئة بتسعمئة ، لتقارب رسم الخط في الكلمتين ، وعدم

__________________

(١) إمتاع الأسماع ج ١ ص ٢٢٤ و ٢٢٥ ومجمع البيان ج ٨ ص ٣٤٢ والبحار ج ٢٠ ص ٢٠٠ عنه ، وراجع هذا القول في المصادر التالية : سيرة مغلطاي ص ٥٦ والتنبيه والإشراف ص ٢١٦ ووفاء الوفاء ج ١ ص ٣٠١ وج ٤ ص ١٢٠٤ عن المطري عن ابن إسحاق والثقات ج ١ ص ٢٦٦ والكامل في التاريخ ج ٢ ص ١٨٠ والسيرة النبوية لابن هشام ج ٣ ص ٢٣١ والإكتفاء للكلاعي ج ٢ ص ١٦٢ والوفاء ص ٦٩٣ ومناقب آل أبي طالب ج ١ ص ١٩٧ وتاريخ الإسلام للذهبي (المغازي) ج ٢ ص ٢٣٣ و ٢٣٦ وتاريخ الأمم والملوك ج ٢ ص ٢٣٦ و ٢٣٧ والعبر وديوان المبتدأ والخبر ج ٢ قسم ٢ ص ٢٩ والسيرة النبوية لابن كثير ج ٣ ص ١٩٧ والبداية والنهاية ج ٤ ص ١٠٢ والمواهب اللدنية ج ١ ص ١١٠ و ١١٢ وتاريخ الخميس ج ١ ص ٤٨٠ و ٤٨١ و ٤٨٣ وبهجة المحافل ج ١ ص ٢٦٤ والسيرة الحلبية ج ٢ ص ٣١٤ والسيرة النبوية لدحلان ج ٢ ص ٢ وسبل الهدى والرشاد ج ٤ ص ٥٢٤ و ٥٦٥ وكشف الغمة للأربلي ج ١ ص ١٩٧ وشرح النهج للمعتزلي (منشورات دار مكتبة الحياة) ج ٤ ص ٢٦٧ والبحار ج ٢٠ ص ٢٧٢ عن المناقب ونهاية الأرب ج ١٧ ص ١٦٨ وعيون الأثر ج ٢ ص ٥٧ و ٥٨ والتهذيب سيرة ابن هشام ص ١٩٠ ودلائل النبوة للبيهقي ج ٣ ص ٤٢٨ والبدء والتاريخ ج ٤ ص ٢١٧ ومختصر التاريخ ص ٤٣ وحبيب السير ج ١ ص ٣٥٩ وجوامع السيرة النبوية ص ١٤٩ وفتح الباري ج ٧ ص ٣٠١ و ٣٠٧ وسعد السعود ص ١٣٨.

٢٩٨

وجود النقط في السابق ، وما أكثر ما يقع الاشتباه والاختلاف بين سبع وتسع ، من أجل ذلك.

ب : إننا نرجح قول ابن إسحاق ، وإن حكم عليه البعض ، كالحلبي وغيره ، بأنه قد وهم أو غلط في ذلك.

ولو تنزلنا عن ذلك ، فإننا نأخذ بالقول الثاني ، أما القول بأنهم كانوا ثلاثة آلاف ، فلا مجال للاعتماد عليه ، وذلك للأمور التالية :

١ ـ ما تقدم في قصة إطعام جابر لأهل الخندق جميعا وكانوا سبع مئة رجل ، أو ثمان مئة ، أو ألف رجل. فراجع حديث جابر المتقدم في الفصل السابق ، وراجع المصادر التي أشير إليها في الهامش هناك.

٢ ـ روي عن الإمام الصادق «عليه‌السلام» : أنه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» شهد الخندق في تسع مئة رجل (١). ويحتمل أن تكون كلمة تسع تصحيفا لكلمة سبع أيضا.

٣ ـ روي : أن النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» قال : اكتبوا لي من تلفظ بالإسلام. فكتب حذيفة بن اليمان له ألفا وخمس مئة رجل.

وفي نص آخر : ونحن ما بين الست مئة إلى السبع مئة.

قال الدماميني : قيل : كان هذا عام الحديبية (٢).

ويرى البعض : أن المسلمين كانوا في أحد بعد رجوع المنافقين سبع مئة

__________________

(١) الكافي ج ٥ ص ٤٦ والوسائل ج ١١ ص ١٠٥.

(٢) راجع : صحيح البخاري ج ٢ ص ١١٦ وصحيح مسلم ج ١ ص ٩١ ومسند أحمد ج ٥ ص ٣٨٤ وسنن ابن ماجة ج ٢ ص ١٣٣٧ والتراتيب الإدارية ج ١ ص ٢٢٠ و ٢٢٣ وج ٢ ص ٢٥١ و ٢٥٢ وعن المصنف لابن أبي شيبة ج ١٥ ص ٦٩.

٢٩٩

رجل ، وبين أحد والخندق سنة أو أكثر بقليل ، ويبعد أن يزيد المسلمون خلال سنة واحدة هذه الزيادة الكبيرة ، بحيث يصلون إلى ثلاثة آلاف (١).

وما جرى في الخندق يوضح : أن عدد سكان المدينة لا يصل إلى الخمسة آلاف نسمة بما في ذلك الأطفال والنساء.

عدد المشركين :

ووافى المشركون المدينة ، وأحاطوا بها من جميع جهاتها واشتد الحصار على المسلمين (٢). وقد اختلفت الأقوال في عدد المشركين ، وذلك على النحو التالي :

١ ـ قال المسعودي : «سارت إليه قريش ، وغطفان ، وسليم ، وأسد ، وأشجع ، وقريظة ، ونضير ، وغيرهم من اليهود ، فكان عدة الجميع أربعة وعشرين ألفا ، منها قريش وأتباعها أربعة آلاف» (٣).

٢ ـ وقال ابن شهر آشوب : «كانوا ثمانية عشر ألف رجل» (٤).

٣ ـ وقال ابن الدبيع : كانوا أحد عشر ألفا (٥).

وذكر في موضع آخر : أنهم كانوا عشرة آلاف. ولعله حين عد معهم

__________________

(١) الرسول العربي وفن الحرب ، هامش ص ٢٣٨.

(٢) راجع : حدائق الأنوار ج ٢ ص ٥٨٧.

(٣) التنبيه والإشراف ص ٢١٦.

(٤) مناقب آل أبي طالب ج ١ ص ١٩٧ والبحار ج ٢٠ ص ٢٧٢ عنه.

(٥) حدائق الأنوار ج ١ ص ٥٢ ويفهم ذلك من الزمخشري في الكشاف ج ٣ ص ٥٢٦ وعنه في سعد السعود ص ١٣٨.

٣٠٠