الصحيح من سيرة النبي الأعظم صلّى الله عليه وآله - ج ١٠

السيد جعفر مرتضى العاملي

الصحيح من سيرة النبي الأعظم صلّى الله عليه وآله - ج ١٠

المؤلف:

السيد جعفر مرتضى العاملي


الموضوع : سيرة النبي (ص) وأهل البيت (ع)
الناشر: دار الحديث للطباعة والنشر
المطبعة: دار الحديث
الطبعة: ١
ISBN: 964-493-181-5
ISBN الدورة:
964-493-171-8

الصفحات: ٣٥٢

بدر الصفراء ، فلم نف بموعده ، واجترأ علينا بذلك. وقد كنت كارها لميعاد أبي سفيان يومئذ.

فخرجت اليهود حتى أتت غطفان [وقيس عيلان] وأخذت قريش في الجهاز ، وسيرت في العرب تدعوهم إلى نصرها ، وألّبوا أحابيشهم ومن تبعهم.

ثم خرجت اليهود حتى جاؤوا بني سليم ، فوعدوهم يخرجون معهم إذا سارت قريش ، ثم ساروا في غطفان ، فجعلوا لهم تمر خيبر سنة ، وينصرونهم ويسيرون مع قريش إلى محمد ، إذا ساروا.

فأنعمت بذلك غطفان ، ولم يكن أحد أسرع إلى ذلك من عيينة بن حصن.

قال ابن خلدون : وخرج بهم عيينة بن حصن على أشجع (١).

__________________

(١) المغازي للواقدي ج ١ ص ٤٤١ ـ ٤٤٣ ، وذكرت هذه النصوص باختصار أو بتفصيل في المصادر التالية : سبل الهدى والرشاد ج ٤ ص ٥١٢ و ٥١٣ وعيون الأثر ج ٢ ص ٥٥ وحبيب السير ج ١ ص ٣٥٩ والكامل في التاريخ ج ٢ ص ١٧٨ والثقات ج ١ ص ٢٦٤ و ٢٦٥ والدر المنثور ج ٢ ص ١٧٢ عن ابن إسحاق ، وابن جرير وجامع البيان ج ٥ ص ٨٦ والإكتفاء للكلاعي ج ٢ ص ١٥٨ والسيرة النبوية لابن هشام ج ٣ ص ٢٢٥ و ٢٢٦ وإعلام الورى ص ٩٠ وتفسير القرآن الكريم ج ٢ ص ٥١٣ ، والوفاء ص ٦٩٢ وأنساب الأشراف ج ١ ص ٣٤٣.

وراجع : دلائل النبوة للبيهقي ج ٣ ص ٣٩٩ و ٣٩٨ ففيه نصوص تختلف عن الذي ذكرناه وراجع ص ٤٠٨ و ٤٠٩ وتاريخ الأمم والملوك ج ٢ ص ٢٣٣ وتاريخ الإسلام للذهبي (المغازي) ص ٢٣٣ فما بعدها والبداية والنهاية ج ٤ ص ٩٤ و ٩٥ وجوامع السيرة النبوية ص ١٤٨ والسيرة النبوية لابن كثير ج ٣ ص ١٨١ و ١٨٢ والبدء والتاريخ ج ٤ ص ٢١٦ و ٢١٧ وتجارب الأمم ج ١ ص ١٤٩ ـ

١٤١

وذكر البعض : أن كنانة بن أبي الحقيق جعل نصف تمر خيبر لغطفان في كل عام (١).

وذكروا أيضا : أن قريشا كتبت إلى رجال من بني سليم ، بينهم وبينهم أرحام ، استمدادا لهم ، فأقبل أبو الأعور بمن تبعه من بني سليم مددا لقريش. ثم كتب اليهود إلى حلفائهم من بني سعد أن يأتوا إلى إمدادهم (٢).

وحسب نص البلاذري : «وكان عيينة بن حصن الفزاري أسرع القوم إلى إجابتهم ، ثم أتوا بني سليم بن منصور فسألوهم مثل ذلك فأنجدوهم

__________________

ـ ونهاية الأرب ج ١٧ ص ١٦٦ و ١٦٧ وزاد المعاد ج ٢ ص ١١٧ والعبر وديوان المبتدأ والخبر ج ٢ ق ٢ ص ٢٩ والسيرة الحلبية ج ٢ ص ٣٠٩ و ٣١٠ والسيرة النبوية لدحلان ج ٢ ص ٢ وتهذيب سيرة ابن هشام ص ١٨٨ و ١٨٩ وتفسير القمي ج ٢ ص ١٧٦ ـ ١٨٨ والبحار ج ٢٠ ص ٢١٦ ـ ٢٣٣ و ١٩٧ و ٢٥٠ و ٢٥١ وشرح بهجة المحافل ج ١ ص ٢٦٢ و ٢٦٣ وتاريخ الخميس ج ١ ص ٤٨٠ والمواهب اللدنية ج ١ ص ١١٠ وإمتاع الأسماع ج ١ ص ٢١٦ ـ ٢١٨ وحدائق الأنوار ج ٢ ص ٥٨٤ باختصار ، والإرشاد للمفيد ص ٥٠ و ٥١ وكشف الغمة للأربلي ج ١ ص ٢٠١ و ٢٠٢ ومجمع البيان ج ٨ ص ٣٤٠.

(١) الإكتفاء للكلاعي ج ٢ ص ١٥٨ ، لكن ذكرت مصادر أخرى : أنهم جعلوا لهم تمر خيبر سنة ، فراجع : إمتاع الأسماع ج ١ ص ٢١٧ وأنساب الأشراف ج ١ ص ٣٤٣ والسيرة الحلبية ج ٢ ص ٣١٠. وراجع أيضا : تاريخ الخميس ج ١ ص ٤٨٠ والمغازي للواقدي ج ٢ ص ٤٤٣ ووفاء الوفاء ج ١ ص ٣٠١ وفتح الباري ج ٧ ص ٣٠١ والسيرة النبوية لدحلان ج ٢ ص ٢.

(٢) تاريخ الخميس ج ١ ص ٤٨٠ وراجع : الإكتفاء للكلاعي ج ٢ ص ١٥٩ ودلائل النبوة للبيهقي ج ٣ ص ٣٩٨ و ٣٩٩.

١٤٢

وساروا في جميع العرب ممن حولهم ، فنهضوا معهم. فخرجت قريش في من ضوى إليها ولافها من كنانة وثقيف وغيرهم ولحقتهم أفناء العرب عليه قادتها وكبراؤها» (١).

تجمع القوى :

ويستمر الواقدي فيقول :

وخرجت قريش ومن تبعها من أحابيشها أربعة آلاف.

وعقدوا اللواء في دار الندوة.

زاد في بعض المصادر قوله : «وحمله عثمان بن أبي طلحة ، وقائد القوم أبو سفيان».

وقادوا معهم ثلاث مئة فرس ، وكان معهم من الظهر ألف بعير ، وخمس مئة بعير.

وأقبلت سليم فلاقوهم بمر الظهران ، وبنو سليم يومئذ سبع مئة يقودهم سفيان بن عبد شمس ، حليف حرب بن أمية ، وهو أبو أبي الأعور ، الذي كان مع معاوية بن أبي سفيان بصفين.

لكن عند القمي : أن قائدهم هو عباس بن مرداس. وخرج أيضا الأقرع بن حابس في قومه.

وخرجت قريش يقودها أبو سفيان بن حرب.

وخرجت بنو أسد ، وقائدها طلحة (طليحة ظ) بن خويلد الأسدي.

__________________

(١) أنساب الأشراف ج ١ ص ٣٤٣.

١٤٣

وخرجت بنو فزارة وأوعبت (١) ، وهم ألف يقودهم عيينة بن حصن.

ونص آخر يقول : «خرجت غطفان وقائدها عيينة بن حصن».

وخرجت أشجع وقائدها مسعود بن رخيلة (أو مسعر بن زحيلة أو جبلة) وهم أربع مئة ، ولم توعب أشجع.

[وعند المفيد : ووبرة بن طريف في قومه من أشجع].

وخرج الحارث بن عوف يقود قومه بني مرة ، وهم أربع مئة (٢).

__________________

(١) أوعب القوم : خرجوا كلهم إلى الغزو.

(٢) المغازي للواقدي ج ١ ص ٤٤٤ وذكر ذلك باختصار أو بتفصيل في المصادر التالية : الإكتفاء ج ٢ ص ١٥٩ إعلام الورى ص ٩٠ وفاء الوفاء ج ١ ص ٣٠١ والسيرة النبوية لدحلان ج ٢ ص ٢ وتاريخ الخميس ج ١ ص ٤٨٠ و ٤٨١ وتاريخ الأمم والملوك ج ٢ ص ٢٣٣ و ٢٣٦ والوفاء ص ٦٩٢ و ٦٩٣ والثقات ج ١ ص ٢٦٥ ، وعيون الأثر ج ٢ ص ٥٥ وتهذيب سيرة ابن هشام ص ١٩٠ والكامل في التاريخ ج ٢ ص ١٧٨ والسيرة النبوية لابن هشام ج ٣ ص ٢٣٠ و ٢٣١ ومناقب آل أبي طالب ج ١ ص ١٩٧ وتهذيب سيرة ابن هشام ص ١٨٩ وراجع : جوامع السيرة النبوية ص ١٤٨ وتاريخ الإسلام للذهبي (المغازي) ص ٢٣٣ و ٢٣٤ والسيرة النبوية لابن كثير ج ٣ ص ١٨٢ والبداية والنهاية ج ٤ ص ٩٥ وراجع ص ١٠٢ وراجع : المواهب اللدنية ج ١ ص ١١٠ والسيرة الحلبية ج ٢ ص ٣١١ والإمتاع ج ١ ص ٢١٨ و ٢١٩ وسبل الهدى والرشاد ج ٤ ص ٥١٣ و ٥١٤ والإرشاد للمفيد ص ٥١ وكشف الغمة للأربلي ج ١ ص ٢٠٢ وتفسير القمي ج ٢ ص ١٧٧ والبحار ج ٢٠ ص ٢١٧ عنه وص ١٩٧ و ٢٥١ ومجمع البيان ج ٨ ص ٣٤٠ ونهاية الأرب ج ١٧ ص ١٦٧ وعيون الأثر ج ٢ ص ٥٦ ومحمد في المدينة ص ٥٤ وراجع : فتح الباري ج ٧ ص ٣٠١ وشرح الأخبار ج ١ ص ٢٩١.

١٤٤

الأحزاب إلى المدينة :

ووافى الأحزاب المدينة بعد أن فرغ رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» من حفر الخندق (١). وكان الذين وافوا من قريش ، وسليم ، وغطفان ، وأسد عشرة آلاف بقيادة أبي سفيان ؛ فنزلت قريش برومة ، ووادي العقيق في أحابيشها ، ومن ضوى إليها من العرب ، ونزلت غطفان بالزغابة إلى جانب أحد.

وجعلت قريش تسرح ركابها في وادي العقيق ، في عضاهه وليس هناك شيء للخيل إلا ما حملوه معهم من علف ، وكان علفهم الذرة. وسرحت غطفان إبلها إلى الغابة ، في أثلها وطرفائها.

وقدموا في زمان حصد الناس زرعهم قبله بشهر. وأدخلوا حصادهم ، وأتبانهم. وكانت غطفان ترسل خيلها في أثر الحصاد ـ وكانت خيل غطفان ثلاث مئة ـ فيمسك ذلك من خيلهم لكن إبلهم كادت تهلك من الهزال. وكانت المدينة ليالي قدموا جديبة (٢).

__________________

(١) تاريخ الإسلام للذهبي (المغازي) ص ٢٣٦ والسيرة النبوية لابن هشام ج ٣ ص ٢٦٢ والإكتفاء للكلاعي ج ٢ ص ١٦٢ وتاريخ الخميس ج ١ ص ٤٨٣ وحدائق الأنوار ج ٢ ص ٥٨٧ وكشف الغمة للأربلي ج ١ ص ١٩٧ وغير ذلك.

(٢) المغازي للواقدي ج ٢ ص ٤٤٤. وراجع إجمال أو تفصيل ذلك في : الكامل في التاريخ ج ٢ ص ١٨٠ ووفاء الوفاء ج ١ ص ٣٠١ والثقات ج ١ ص ٢٦٦ والإكتفاء للكلاعي ج ٢ ص ١٦٢ وتهذيب سيرة ابن هشام ص ١٩٠ والسيرة النبوية لابن هشام ج ٣ ص ٢٣٠ و ٢٣١ وتاريخ الإسلام للذهبي (المغازي) ص ٢٣٦ وتاريخ الأمم والملوك ج ٢ ص ٢٣٦ و ٢٣٧ والسيرة النبوية لابن كثير ـ

١٤٥

ويقول نص آخر : نزلت كنانة برومة ، وغطفان بالزغابة إلى نقمي (١).

وعند البعض : نزلت قريش بمجتمع السيول من رومة ، بين الجرف وزغابة. ونزل عيينة في غطفان ومن معه من أهل نجد إلى جانب أحد بباب نعمان (أو ذنب نقمي) (٢).

ونص آخر يقول : نزلت قريش بمجتمع السيول من رومة ، بين الجرف ورباعة (٣) ولعله تصحيف : زغابة.

أما القمي فقال : نزلت قريش وحلفاءها من كنانة بالعقيق ونزلت فزارة بالزغابة ونزلت سليم وغيرهم حصن بني ذبيان (٤).

مناقشات وإيضاحات :

ولنا فيما تقدم العديد من المناقشات والتحفظات ، كما أنه يحتاج إلى بعض الإيضاحات. ونحن نذكر فيما يأتي نماذج لكلا هذين الأمرين ، فنقول :

__________________

ـ ج ٣ ص ١٩٧ و ١٩٨ والبداية والنهاية ج ٤ ص ١٠٢ و ١٠٣ وراجع : سبل الهدى والرشاد ج ٤ ص ٥٢٥ و ٥٢٦ وتفسير القمي ج ٢ ص ١٧٩ و ١٨٠ والبحار ج ٢٠ ص ٢٢١ وعيون الأثر ج ٢ ص ٥٨.

(١) المغازي للواقدي ج ٢ ص ٤٥٥.

(٢) الإكتفاء للكلاعي ج ٢ ص ١٦٢ وتاريخ الإسلام للذهبي (المغازي) ص ٢٣٦ وفتح الباري ج ٧ ص ٣٠٧ ووفاء الوفاء ج ١ ص ٣٠١ وتاريخ الخميس ج ١ ص ٤٨٣ وفيه : أنه واد بجانب أحد. وراجع : دلائل النبوة للبيهقي ج ٣ ص ١٠٩ وفيه : نزلوا بنقمين. وجوامع السيرة النبوية ص ١٤٩.

(٣) تاريخ الخميس ج ١ ص ٤٨٣.

(٤) تفسير القمي ج ٣ ص ١٨٠ والبحار ج ٢٠ ص ٢٢١ عنه.

١٤٦

تاريخ غزوة الخندق :

لقد اختلف المؤرخون في تاريخ غزوة الخندق.

فقالت طائفة منهم : إنها كانت سنة خمس من الهجرة.

ذهب إلى ذلك : الواقدي وابن إسحاق ، والمقريزي ، والطبري ، وابن الأثير ، والبيهقي ، والذهبي ، وابن حبيب ، وابن الكازروني والمقدسي ، وابن القيم ، وابن حجر ، وابن العماد ، والمسعودي.

وكذا روي عن عروة ، وقتادة وأحمد ، وغيرهم كثيرون ، كما يتضح من المصادر في الهامش (١).

__________________

(١) لكي تجد القول بأن هذه الغزوة كانت في السنة الخامسة ، إما بصورة قول تبناه المؤلف أو يذكره بلفظ قيل ، راجع المصادر التالية : المغازي للواقدي ج ٢ ص ٤٤٠ و ٤٤١ وتاريخ ابن الوردي ج ١ ص ١٦٠ والسيرة النبوية لابن هشام ج ٣ ص ٢٢٤ و ٢٤١ والإكتفاء للكلاعي ج ٢ ص ١٥٨ ودلائل النبوة للبيهقي ج ٣ ص ٣٩٥ والبدء والتاريخ ج ٤ ص ٢١٧ وصححه ، وشذرات الذهب ج ١ ص ١١ ، ومختصر التاريخ ص ٤٢ والمختصر في اخبار البشر ج ١ ص ١٣٤ وعيون الأثر ج ٢ ص ٥٥ و ٦٤ وتاريخ اليعقوبي ج ٢ ص ٥٠ والكامل في التاريخ ج ٢ ص ١٧٨ وتاريخ الأمم والملوك ج ٢ ص ٢٣٣ وتهذيب سيرة ابن هشام ص ١٨٨ و ١٩٥ وتفسير القمي ج ٢ ص ١٧٦ والبحار ج ٢٠ ص ٢١٦ و ٢٠٨ عنه ونقله في ص ٢٧١ عن إعلام الورى لكن الموجود في إعلام الورى أنها في الرابعة. والمحبر ص ١١٣ ومروج الذهب ج ٢ ص ٢١٩ والثقات ج ١ ص ٢٦٤ ووفاء الوفاء ج ١ ص ٣٠٠ وحبيب السير ج ١ ص ٣٥٩ وشرح بهجة المحافل ج ١ ص ٢٦٢ وبهجة المحافل ج ١ ص ٢٦٢ بلفظ : قيل. وإمتاع الأسماع ج ١ ص ٢١٦ والجامع للقيرواني ص ٢٧٩ و ٢٨١ والتنبيه والإشراف ص ١١٥ وأنساب ـ

١٤٧

أما اليعقوبي فيقع في الغلط ، حيث يقول : إن الخندق كانت «في السنة السادسة ، بعد مقدم رسول الله بالمدينة بخمسة وخمسين شهرا» (١).

فإن عدد الأشهر المذكور يقتضي أن تكون في السنة الخامسة لا السادسة ، كما هو ظاهر.

وثمة فريق آخر يقول : إن هذه الغزوة كانت في السنة الرابعة وهو ما ذهب إليه مالك ، ورواه أحمد في مسنده عنه.

وذهب إليه أيضا : ابن العربي ، وعياض ، وابن حزم ، وابن الديبع ، والصاحب بن عباد وابن حبيب ، وصححه ابن خلدون ، والنووي في الروضة وقوّاه البخاري ورواه موسى بن عقبة عن الزهري ، وبه قال

__________________

ـ الأشراف ج ١ ص ٣٤٣ ومجمع البيان ج ٨ ص ٢٠٨ ونهاية الأرب ج ١٧ ص ١٦٦ وراجع : فتح الباري ج ٧ ص ٣٠٢ عن ابن إسحاق والسيرة النبوية لدحلان ج ٢ ص ٢ وسبل الهدى والرشاد ج ٤ ص ٥٦١ ونسبه إلى الجمهور. وراجع : البداية والنهاية ج ٤ ص ٩٣ و ٩٤ والسيرة النبوية لابن كثير ج ٣ ص ١٨٠ و ١٨١ وتاريخ الخميس ج ١ ص ٤٧٩ و ٤٨٠ عن ابن إسحاق وفتوح البلدان ج ١ ص ٢٣ وصفة الصفوة ج ١ ص ٤٥٥ ـ ٤٥٩ والطبقات الكبرى ج ٢ ق ٢ ص ٤٧ وج ٤ ق ١ ص ٦٠ والمصنف للصنعاني ج ٥ ص ٣٦٧ وسيرة مغلطاي ص ٥٦ والعبر وديوان المبتدأ والخبر لابن خلدون ج ٢ ق ٢ ص ٢٩ والسيرة الحلبية ج ٢ ص ٣٢٨ والمواهب اللدنية ج ١ ص ١١٠ والرصف ج ١ ص ٦٠ بلفظ قيل. وراجع : جوامع السيرة النبوية ص ١٤٨ وتاريخ الإسلام للذهبي والمغازي ص ٢٠٥ وسير أعلام النبلاء ج ١ ص ٢٨٩ و ٢٩٠.

(١) تاريخ اليعقوبي (ط دار صادر) ج ٢ ص ٥٠.

١٤٨

الفاكهاني في رياض الأفهام ، ويعقوب بن سفيان (١).

بل قال ولي الدين العراقي : «المشهور أنها في السنة الرابعة» (٢).

ومقتضى هذا القول : أن أبا سفيان قد خرج لبدر الموعد في شعبان ثم

__________________

(١) راجع المصادر التالية ، فإنها قد ذكرت هذا القول في : عنوان المعارف في ذكر الخلائف ص ١٢ وجوامع السيرة النبوية ص ١٤٨ وقال : الثابت أنها في الرابعة بلا شك. والمحبر ص ١١٣ وصحيح البخاري ج ٣ ص ٢٠ وفتح الباري ج ٧ ص ٣٠٢ والبداية والنهاية ج ٤ ص ٩٣ والسيرة النبوية لابن كثير ج ٣ ص ١٨٠ وإعلام الورى ص ٩٠ وتاريخ ابن الوردي ج ١ ص ١٦٠ وشرح صحيح مسلم للنووي بهامش إرشاد الساري ج ٨ ص ٦٤ والعبر وديوان المبتدأ والخبر لابن خلدون ج ٢ ق ٢ ص ٢٩ و ٣٣ وتاريخ الخميس ج ١ ص ٤٨٠ والمواهب اللدنية ج ١ ص ١١٠ وتاريخ مختصر الدول ص ٩٥ ووفاء الوفاء ج ١ ص ٣٠٠ وتاريخ الإسلام (المغازي) للذهبي ص ٢٠٥ و ٢٤٤ عن ابن عقبة عن ابن شهاب ، وعروة عن ابن عقبة ، والنووي. وشذرات الذهب ج ١ ص ١١ عن النووي.

وراجع : الجامع للقيرواني ص ٢٧٩ و ٢٨١ عن مالك ، وسيرة مغلطاي ص ٥٦ وبهجة المحافل ج ١ ص ٢٦٢ وعيون الأثر ج ٢ هامش ص ٥٥ ودلائل النبوة للبيهقي ج ٣ ص ٣٩٣ و ٣٩٥ و ٤٠٠ و ٣٩٤ ومجمع الزوائد ج ٩ ص ٣٤٥ وتهذيب الكمال ج ١٠ ص ٣١ ومناقب آل أبي طالب ج ٤ ص ٧٦ ومرآة الجنان ج ١ ص ٩ والسيرة النبوية لدحلان ج ٢ ص ٢ والسيرة الحلبية ج ٢ ص ٣٢٨ وراجع : إمتاع الأسماع ج ١ ص ٢١٦ وسبل الهدى والرشاد ج ٤ ص ٥٦١ وحدائق الأنوار ج ١ ص ٥٢ متنا وهامشا عن الدرر في اختصار المغازي. والسير للقرطبي ص ١٧٩ وذهب إليه العاقولي في الرصف ج ١ ص ٦٠.

(٢) تاريخ الخميس ج ١ ص ٤٨٠ والمواهب اللدنية ج ١ ص ١١٠.

١٤٩

عاد وخرج إلى الخندق في شوال السنة الرابعة ، كما ذهب إليه البعض (١).

وعند الواقدي : أنها كانت في ذي القعدة.

وقد حاول البيهقي الجمع بين هذين القولين ، فقال : «قلت : لا اختلاف بينهم في الحقيقة ، وذلك لأن رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» قاتل يوم بدر لسنتين ونصف من مقدمه المدينة في شهر رمضان ، ثم قاتل يوم أحد من السنة القابلة لسنتين ونصف من مقدمه المدينة في شوال ، ثم قاتل يوم الخندق بعد أحد بسنتين على رأس أربع سنين ونصف من مقدمه المدينة.

فمن قال سنة أربع ، أراد : بعد أربع سنين ، وقبل بلوغ الخمس.

ومن قال : سنة خمس ، أراد : بعد الدخول في السنة الخامسة وقبل انقضائها (٢).

ونقول :

إن الظاهر هو صحة قولهم : إن غزوة الخندق كانت في السنة الرابعة ، وفقا لما اعتادوه من التاريخ ، ولا حاجة إلى وجه الجمع الذي ذكره البيهقي ولا لغيره ، وذلك لما يلي :

١ ـ لقد قوّى البخاري القول بأنها كانت في السنة الرابعة بقول ابن عمر : إن النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» قد عرضه يوم أحد ، وهو ابن أربع عشرة سنة ، فلم يجزه ، ثم عرضه يوم الخندق ، وهو ابن خمس عشرة سنة فأجازه ..

ومن المعلوم : أن أحد كانت في سنة ثلاث.

__________________

(١) دلائل النبوة للبيهقي ج ٣ ص ٣٩٦.

(٢) دلائل النبوة للبيهقي ج ٣ ص ٣٩٥.

١٥٠

وقد استدل بهذا أيضا : النووي ، وابن حزم ، وابن خلدون وغيرهم (١).

وقد احتمل البعض : أن يكون ابن عمر في غزوة أحد أول ما طعن في الرابعة عشرة ، وفي الأحزاب كان قد استكمل الخامسة عشرة. وبهذا أجاب البيهقي (٢).

__________________

(١) راجع : صحيح البخاري ج ٣ ص ٢٠ وج ٢ ص ٦٩ والعبر وديوان المبتدأ والخبر ج ٢ ق ٢ ص ٢٩ و ٣٣ وجوامع السيرة النبوية ص ١٤٨ وتاريخ الإسلام للذهبي (المغازي) ص ٢٠٥ و ٢٤٤ وفتح الباري ج ٧ ص ٣٠٢ وشرح صحيح مسلم للنووي (مطبوع بهامش إرشاد الساري) ج ٨ ص ٦٤ والسيرة النبوية لابن كثير ج ٣ ص ١٨١ والبداية والنهاية ج ٤ ص ٩٤ وتاريخ الخميس ج ١ ص ٤٨٠ و ٤٨١ والمواهب اللدنية ج ١ ص ١١٠ والطبقات الكبرى لابن سعد ج ٤ ص ١٠٥ وأنساب الأشراف ج ١ ص ٣٤٣ و ٣٤٤ بإضافة كلمة : «وأشف منها». والمغازي للواقدي ج ٢ ص ٤٥٣ والمصنف للصنعاني ج ٥ ص ٣١٠ و ٣١١ ومسند أحمد بن حنبل ج ٢ ص ١٧ وصحيح مسلم ج ٦ ص ٣٠ وسنن ابن ماجة ج ٢ ص ٨٥٠ والسيرة الحلبية ج ٢ ص ٣٢٩ و ٣١٥ وسبل الهدى والرشاد ج ٤ ص ٥٦١ ودلائل النبوة للبيهقي ج ٣ ص ٣٩٦ والجامع الصحيح للترمذي ، كتاب الأحكام ، باب ما جاء في حد بلوغ الرجل والمرأة ج ٣ ص ٦٣٢ و ٦٣٣ وشرح النهج للمعتزلي ج ١٣ ص ٢٤١ و ٢٤٢ والغدير ج ١٠ ص ٤ عن البخاري ، وفتح الباري ، وعن عيون الأثر ج ٢ ص ٦ و ٧ وعن تاريخ الطبري ج ٢ ص ٢٩٦.

(٢) راجع : تاريخ الخميس ج ١ ص ٤٨٠ وفتح الباري ج ٧ ص ٣٠٢ والسيرة الحلبية ج ٢ ص ٣٢٩ والمواهب اللدنية ج ١ ص ١١٠ وتاريخ الإسلام للذهبي (المغازي) ص ٢٤٤ والسيرة النبوية لابن كثير ج ٣ ص ١٨١ والبداية والنهاية ج ٤ ص ٩٤ والسيرة الحلبية ج ٢ ص ٣٢٩ وسبل الهدى والرشاد ج ٤ ص ٥٦١ وراجع دلائل النبوة للبيهقي ج ٣ هامش ص ٣٩٥.

١٥١

ثم أيد البعض هذا الاحتمال : بأن أبا سفيان قال للمسلمين ، حين انتهت حرب أحد : موعدكم العام المقبل ببدر.

ثم لم يأت إلى بدر في ذلك الموعد ، بسبب الجدب. وخرج إليها النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» في شعبان سنة أربع ، ورجع ، ولم يلق كيدا. وهي الغزوة المسماة ببدر الموعد.

فلم يكونوا ليأتوا إلى المدينة بعد ذلك بشهرين لأجل غزوة الخندق (١).

ويؤيد ذلك أيضا : قول البعض : «كانت وقعة الأحزاب بعد أحد بسنتين (٢).

ونقول :

لو صح ما ذكروه لكان الفرق بين أحد التي هي في شوال السنة الثالثة ، والخندق التي هي في ذي القعدة السنة الخامسة سنتين وشهرا ، وهذا يعني : ان ابن عمر كان عمره في الخندق ست عشرة سنة.

فإذا جاز أن يقول : إنه ابن أربع عشرة سنة ، لأنه كان أول ما طعن فيها ، كان عليه أن يقول : إنه كان في الخندق ابن ست عشرة سنة ، لأنه كان طعن فيها أيضا بصورة أوفى ، وذلك ليجري الكلام في صدره وذيله على نسق واحد.

__________________

(١) راجع : البداية والنهاية ج ٤ ص ٩٣ و ٩٤ والسيرة النبوية لابن كثير ج ٣ ص ١٨٠ وفتح الباري ج ٧ ص ٣٠٢ والطبقات الكبرى لابن سعد ج ٢ ق ١ ص ٤٣ وسبل الهدى والرشاد ج ٤ ص ٥٦١.

(٢) المصنف للصنعاني ج ٥ ص ٣٦٢ و ٣٦٧ أنساب الأشراف ج ١ ص ٣٤٥ والمغازي للذهبي (تاريخ الإسلام) ص ٢٤٤ والسيرة الحلبية ج ٢ ص ١٤٨.

١٥٢

ولكان على عمر بن عبد العزيز وعمر بن الخطاب أن يجعلا العطاء لمن بلغ ست عشرة سنة ، استنادا إلى قضية ابن عمر المذكورة ، فكيف فرضا إلى ابن خمس عشرة سنة استنادا إلى ذلك؟! (١).

وقد صرح ابن حزم : بأنه قد صح أنه لم يكن بين أحد والخندق إلا سنة واحدة فقط وأنها قبل دومة الجندل بلا شك (٢).

أما قولهم : إنه لا يعقل أن يأتوا المدينة بعد شهرين من بدر الموعد ،

فجوابه : إن ذلك معقول ، إذا كان التعلل من قبل المشركين بالجدب كان جبنا منهم ، وهروبا من المواجهة ، ثم لما وجدوا الرجال والأموال ، وجمعوا عشرة آلاف مقاتل أو أكثر بكثير ، فلا شيء يمنعهم عن انتهاز الفرصة ، في أي من الظروف والأحوال.

٢ ـ ومما يدل على أن غزوة الخندق كانت سنة أربع ، قولهم : إن أبا زيد بن ثابت قد قتل يوم بعاث ، وكان عمر زيد حينئذ ست سنين ، وكانت بعاث قبل الهجرة بخمس سنين (٣) وكان عمر زيد حين قدم النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» المدينة إحدى عشرة سنة (٤).

__________________

(١) المصنف للصنعاني ج ٥ ص ٣١١ وراجع : السيرة النبوية لابن كثير ج ٣ ص ١٨١ والبداية والنهاية ج ٤ ص ٩٤.

(٢) جوامع السيرة النبوية ص ١٤٨.

(٣) تهذيب الكمال ج ١٠ ص ٣٠ و ٣١ ومستدرك الحاكم ج ٣ ص ٤٢١ وتذكرة الحفاظ ج ١ ص ٣٠ وشذرات الذهب ج ١ ص ٥٤ وتهذيب تاريخ دمشق ج ٥ ص ٤٤٩ وراجع : تهذيب التهذيب ج ٣ ص ٣٩٩ عن الواقدي.

(٤) مجمع الزوائد ج ٩ ص ٣٤٥ عن زيد نفسه ، وتهذيب التهذيب ج ٣ ص ٣٩٩ ـ

١٥٣

ثم يقولون : إن أول مشاهد زيد الخندق (١) لأنه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» قد أجازه يوم الخندق (٢) وهو ابن خمس عشرة سنة (٣).

ويروى عن زيد قوله : أجازني رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» يوم الخندق وكساني قبطية (٤).

وعنه : أجزت يوم الخندق ، وكانت وقعة بعاث وأنا ابن ست سنين (٥).

وعنه : لم أجز في بدر ، ولا في أحد ، وأجزت في الخندق (٦).

__________________

ـ والثقات ج ٣ ص ١٣٦ وصفة الصفوة ج ١ ص ٧٠٤ وسير أعلام النبلاء ج ٢ ص ٤٢٧ و ٤٢٨ وتهذيب الكمال ج ١٠ ص ٢٥ و ٢٧ وتهذيب الأسماء ج ١ ص ٢٠٠ و ٢٠١ والإستيعاب (مطبوع بهامش الإصابة) ج ١ ص ٥٥١ وشذرات الذهب ج ١ ص ٥٤ وتهذيب تاريخ دمشق ج ٥ ص ٤٤٩.

(١) تهذيب الكمال ج ١٠ ص ٣٠ و ٣١ ومستدرك الحاكم ج ٣ ص ٤٢١ وتذكرة الحفاظ ج ١ ص ٣٠ وشذرات الذهب ج ١ ص ٥٤ وتهذيب تاريخ دمشق ج ٥ ص ٤٤٩ وراجع : تهذيب التهذيب ج ٣ ص ٣٩٩ عن الواقدي.

(٢) تهذيب تاريخ دمشق ج ٥ ص ٤٤٦ ومجمع الزوائد ج ٩ ص ٣٤٥ وتهذيب الكمال ج ١٠ ص ٣١ وكنز العمال ج ١٠ ص ٢٨١ عن الطبراني وص ٢٨٤ عن ابن عساكر.

(٣) تهذيب الكمال ج ١٠ ص ٣٠ و ٣١ ومستدرك الحاكم ج ٣ ص ٤٢١ ومجمع الزوائد ج ٩ ص ٣٤٥.

(٤) سير أعلام النبلاء ج ٢ ص ٤٣٢ وفي هامشه عن الطبراني وتهذيب الكمال ج ١٠ ص ٢٩ وتهذيب تاريخ دمشق ج ٥ ص ٤٤٩.

(٥) سير أعلام النبلاء ج ٢ ص ٤٣٣ ومستدرك الحاكم ج ٣ ص ٤٢١ وتهذيب تاريخ دمشق ج ٥ ص ٤٤٩ وتهذيب الكمال ج ١٠ ص ٣٠.

(٦) الإصابة ج ١ ص ٥٦١.

١٥٤

وتوفي زيد سنة ثمان وأربعين ، وعمره تسع وخمسون سنة (١).

وقال الواقدي : مات سنة خمس وأربعين ، وهو ابن ست وخمسين سنة (٢) وكل ذلك يؤيد ما قلناه ، ويدل عليه.

وأورد بعضهم : على كون الخندق في السنة الرابعة ، بأن من المعلوم : أن غزوة بني قريظة قد كانت في السنة الخامسة ، ومعلوم أنها كانت عقيب الخندق (٣).

وأجيب عن ذلك : بأن الخندق يمكن أن تكون قد استمرت إلى أواخر الرابعة (٤) ، لا سيما إذا صح قولهم : إنهم استمروا في حفر الخندق شهرا (٥) وأن الحصار قد استمر شهرا أيضا (٦) مع ملاحظة : أن ابن سعد يقول : إن الخندق قد كانت في شهر ذي القعدة (٧).

هذا ، بالإضافة إلى حصاره «صلى‌الله‌عليه‌وآله» الطويل لبني قريظة حسبما سيأتي. بعد ما تقدم نقول : إنه لا حاجة إلى الإفاضة في بيان خطأ قول البعض : أن الخندق كانت سنة خمس باتفاق المؤرخين باستثناء ابن خلدون (٨).

__________________

(١) مجمع الزوائد ج ٩ ص ٣٤٥ وتهذيب الكمال ج ١٠ ص ٣١.

(٢) صفة الصفوة ج ١ ص ٧٠٤ و ٧٠٥.

(٣) راجع : مرآة الجنان ج ١ ص ٩ والسيرة الحلبية ج ٢ ص ٢٢٨ و ٢٢٩.

(٤) راجع : مرآة الجنان ج ١ ص ٩ وراجع السيرة الحلبية ج ٢ ص ٢٢٩

(٥) السيرة الحلبية ج ٢ ص ٣١٤ والسيرة النبوية لدحلان ج ٢ ص ٤.

(٦) ستأتي الأقوال في ذلك ، حينما نتكلم عن مدة حفر الخندق في هذه الغزوة

(٧) السيرة الحلبية ج ٢ ص ٢٢٨ ، وراجع : المغازي للواقدي ج ٢ ص ٤٤٠.

(٨) محمد رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» تأليف محمد رضا ص ٢٢٧.

١٥٥

غزوة الخندق في زمن الحصاد :

وذكرت النصوص الآنفة الذكر : أن الأحزاب قدموا المدينة في زمان حصد الناس زرعهم قبله بشهر ، وأدخلوا حصادهم وأتبانهم.

وكانت غطفان ترسل خيلها في أثر الحصاد ـ وكان خيل غطفان ثلاث مئة ـ فيمسك ذلك من خيلهم. لكن إبلهم كادت تهلك من الهزال ، وكانت المدينة ليالي قدموا جديبة (١).

ومن جهة ثانية : فإن غزوة بني قريظة كانت بعد الخندق مباشرة.

ويذكر الزهري : أن أبا لبابة الذي خان الله ورسوله فيها ، قد ارتبط في المسجد في حر شديد (٢) وكان يوما صائفا (٣).

ومعنى ذلك هو : أن الأحزاب قد قدموا المدينة في أواسط فصل الصيف ، أو أواخره ، لأن الحصاد يكون عادة في أوائل فصل الصيف لا سيما في بلاد الحجاز المتميزة بشدة الحر فيها.

وهذا يلقي ظلالا من الشك على ما يزعمونه من أن غزوة الخندق كانت «في أيام شاتية» (٤) أو «في برد شديد» (٥) أو «في زمن شات ، وليال باردة

__________________

(١) المغازي للواقدي ج ٢ ص ٤٤٤ والإمتاع ج ١ ص ٢١٩ وسبل الهدى والرشاد وغير ذلك من مصادر تقدمت.

(٢) المغازي للواقدي ج ٢ ص ٥٠٧.

(٣) المغازي للواقدي ج ٢ ص ٥١٤.

(٤) تاريخ ابن الوردي ج ١ ص ١٦٢.

(٥) الجامع للقيرواني ص ٢٨١ وراجع : السيرة النبوية لابن كثير ج ٣ ص ١٨٤ والبداية والنهاية ج ٤ ص ٩٥ و ٩٦ عن البخاري.

١٥٦

كثيرة الرياح» (١).

وسيأتي : أن عائشة كانت تدفئ رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» وهم يحفرون الخندق ، كما يزعمون.

وستأتي : سائر النصوص والمصادر لذلك ، حينما نتكلم عن أسباب هزيمة الأحزاب وعن حفر الخندق.

إلا أن يقال : أن الحصاد قد يستمر إلى الخريف ، فلا مانع من البرد والشتاء حينئذ.

هل أخطأ التقويم التطبيقي؟!

وبالمناسبة ؛ فإن كتاب «التقويم التطبيقي لألف وخمس مئة سنة هجرية قمرية وميلادية» (٢). قد ذكر : أن أول شهر شوال للسنة الرابعة الهجرية يوازي يوم ٦ من شهر آذار سنة ٦٢٦ م ، وأول شهر ذي القعدة يوازي يوم ٤ من شهر نيسان ، وأول ذي الحجة يوازي ٤ أيار.

أما في سنة خمس ؛ فإن شوال وذاالقعدة ، وذاالحجة توازي ٢٣ شباط حتى ٢٣ أيار.

وهذا التطبيق يخالف ما ذكره المؤرخون في تاريخ غزوة الخندق.

أما بناء على ما ذكره الواقدي فواضح ، لأننا قدمنا أن مقتضى كلام الواقدي هو أن غزوة الخندق قد حصلت في أواخر الصيف وأن انصراف

__________________

(١) تجارب الأمم ج ٢ ص ١٥٢.

(٢) راجع الكتاب : تقويم تطبيقي هزار وبانصد ساله هجري قمري وميلادي قسم الجداول ص ١ تأليف : فرديننادو وستنفد ، وإدوارد ماهلر.

١٥٧

الأحزاب من الخندق كان في الخريف.

وأما بناء على ما ذكره الآخرون ، فإن من الواضح : أنهم يذكرون : أن الأحزاب قد انصرفوا في ليلة باردة شاتية ، وأن انصرافهم كان في أواخر ذي الحجة ، أي في أواخر شهر أيار.

ومن الواضح : أن الجو في الحجاز ، وفي المدينة لا يكون في هذا الوقت باردا ولا شاتيا فضلا عما يذكرونه من برد كان يقاسيه رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» وهم يحفرون الخندق ـ كما سيأتي ـ في شوال أو في ذي القعدة. فإن الجو في المدينة يكون في هذه الأيام في أعدل أحواله ، كما هو معلوم من حال منطقة الحجاز لكل أحد.

مشاركة الحارث بن عوف في الخندق :

قد ذكرت النصوص المتقدمة : أن الحارث بن عوف قد شارك في حرب الخندق. ولكن قد روى الزهري ، وكذلك بنو مرة خلاف ذلك ، فذكروا : أنه لما أجمعت غطفان على السير أبى الحارث بن عوف المسير ، وقال لقومه :

«تفرقوا في بلادكم ، ولا تسيروا إلى محمد ، فإني أرى أن محمدا أمره ظاهر. ولو ناوأه من بين المشرق والمغرب ؛ لكانت له العاقبة ؛ فتفرقوا في بلادهم ، ولم يحضر واحد منهم» (١).

وفي نص آخر : أنه قال لعيينة بن حصن ، ولقومه من غطفان : «يا قوم أطيعوني ، ودعوا قتال هذا الرجل ، وخلوا بينه وبين عدوه من العرب»

__________________

(١) المغازي للواقدي ج ٢ ص ٤٤٣ وراجع : الإكتفاء ج ٢ ص ١٥٩.

١٥٨

فغلب عليهم الشيطان ، وقطع أعناقهم الطمع ، ونفذوا لأمر عيينة على قتال رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» وكتبوا إلى حلفائهم من بني أسد فأقبل طلحة في من اتبعه من بني أسد الخ .. (١).

وقال المقريزي والحلبي الشافعي : «وقيل : لم تحضر بنو مرة» (٢).

لكن الواقدي يصر على : أن بني مرة قد شهدوا الخندق ، بقيادة الحارث بن عوف ، وهجاه حسان شعرا.

وذكروا : أنه كان بينه وبين النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» جوار.

وقال الواقدي : «فكان هذا أثبت عندنا : أنه شهد الخندق في قومه. ولكنه كان أمثل تقية من عيينة» (٣).

وقال الواقدي أيضا : «لم يحضر الخندق الحارث بن عوف ولا قومه.

ويقال : حضرها الحارث بن عوف.

قال ابن واقد : وهو أثبت القولين عندنا» (٤).

أبو رافع قتل بعد أحد :

وقد ذكرت بعض النصوص أيضا : أبا رافع اليهودي في جملة من حرض المشركين وحزّب الأحزاب في غزوة الخندق (٥).

__________________

(١) تاريخ الخميس ج ١ ص ٤٨٠ والإكتفاء ج ٢ ص ١٥٩.

(٢) السيرة الحلبية ج ٢ ص ٣١١ والإمتاع ج ١ ص ٢١٩.

(٣) المغازي للواقدي ج ٢ ص ٤٤٤.

(٤) المغازي ج ٤ ص ٤٧٧ وعيون الأثر ج ٢ ص ٥٧.

(٥) راجع : جامع البيان ج ٥ ص ٨٦ والدر المنثور ج ٢ وتفسير القرآن العظيم ج ١ ص ٥١٣.

١٥٩

ونقول :

إن أبا رافع قد قتل كما يقولون في السنة الثالثة في جمادى الآخرة منها (١) ، وذلك بعد قتل ابن الأشرف ، وقيل بعد أحد ، وقيل في السنة الرابعة (٢).

ولكن من الواضح : أن ذلك كان قبل وقعة الخندق ، التي كانت في أواخر الرابعة ، واستمرت حتى الخامسة ، هي وغزوة بني قريظة ، كما رجحناه ، أو كانت في السنة الخامسة.

ولو كان أبو رافع حيا في غزوة الخندق ، لكان المناسب أن يذكر مقتله بعد الخندق ، لا بعد أحد ، فراجع ولاحظ كلماتهم.

هل كان أبو الأعور في الخندق؟! :

وقد ذكرت بعض النصوص المتقدمة : أن أبا الأعور السلمي كان قائد بني سليم في غزوة الأحزاب ضد المسلمين (٣).

ولكن الظاهر : هو صحة ما ذكره الواقدي وغيره ، من أن أبا الأعور السلمي هو الذي حضر مع الأحزاب في حرب الخندق (٤).

__________________

(١) راجع : تاريخ الأمم والملوك ج ٢ ص ١٨٢ والكامل في التاريخ ج ٢ ص ١٤٦.

(٢) راجع : الكامل في التاريخ ج ٢ ص ١٤٨ وتاريخ الأمم والملوك ج ٢ ص ١٨٣.

(٣) تاريخ الخميس ج ١ ص ٤٨٠ ومناقب آل أبي طالب ج ١ ص ١٩٧ ومجمع البيان ج ٨ ص ٣٤٠ ونهاية الأرب ج ١٧ ص ١٨٠ والبحار ج ٢٠ ص ١٩٧ ودلائل النبوة للبيهقي ج ٣ ص ٣٩٩ والبدء والتاريخ ج ٤ ص ٢١٧ والإكتفاء ج ٢ ص ١٥٩.

(٤) راجع المغازي للواقدي ج ٢ ص ٤٤٤ وإمتاع الأسماع ج ١ ص ٢١٨.

١٦٠