الزبدة الفقهيّة - ج ٤

السيّد محمّد حسن ترحيني العاملي

الزبدة الفقهيّة - ج ٤

المؤلف:

السيّد محمّد حسن ترحيني العاملي


الموضوع : الفقه
الناشر: دار الفقه للطباعة والنشر
المطبعة: سليمان‌زاده
الطبعة: ٥
ISBN: 964-8220-35-2
ISBN الدورة:
964-6307-53-1

الصفحات: ٦٨٠

ذلك إلا بإذنه ، ومعه (١) يكون تحليلا يتبع ما دل عليه لفظه حتى العورة ، ويجوز مس (٢) ما أبيح له نظره مع الحاجة ، وقيل : يباح له النظر إلى ما عدا العورة بدون الإذن ، وهو بعيد.

(ويستحب تغيير اسم المملوك عند شرائه (٣) أي بعده ، وقوى في الدروس اطراده في الملك الحادث مطلقا (٤) ، (والصدقة عنه بأربعة دراهم (٥) شرعية ، (وإطعامه) شيئا (حلوا ، ويكره وطء) الأمة (المولودة من الزنا بالملك ، أو بالعقد ، للنهي) عنه في الخبر (٦) ،           

______________________________________________________

(١) مع إذن المولى.

(٢) لخبر أبي بصير المتقدم.

(٣) لصحيح زرارة (كنت جالسا عند أبي عبد الله عليه‌السلام إذ دخل عليه رجل ومعه ابن له ، فقال له أبو عبد الله عليه‌السلام : ما تجارة ابنك؟ فقال : التنخس ، فقال له أبو عبد الله عليه‌السلام : ولا تشتر شيئا ولا عيبا ، وإذا اشتريت رأسا فلا ترينّ ثمنه في كفة الميزان ، فما من رأس يرى ثمنه في كفة الميزان فأفلح ، وإذا اشتريت رأسا فغيّر اسمه ، وأطعمه شيئا حلوا إذا ملكته ، وتصدق عنه بأربعة دراهم) (١).

(٤) بالشراء وغيره.

(٥) لصحيح زرارة المتقدم ، وهو مستند استحباب إطعامه شيئا حلوا.

(٦) والأخبار كثيرة.

منها : صحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (سئل عن الرجل تكون له الخادم ولد زنا ، هل عليه جناح أن يطأها؟ قال : لا ، وإن تنزه عن ذلك فهو أحبّ إليّ) (٢) وهو ظاهر في الكراهة ، وخبر عبد الله بن سنان (قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : ولد زنا ينكح؟ قال : نعم ولا تطلب ولدها) (٣) وخبر محمد بن مسلم (سألت أبا جعفر عليه‌السلام : الخبيثة يتزوجها الرجل ، قال : لا ، وقال : إن كان له أمة وطئها ولا يتخذها أم ولده) (٤) وصحيح محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما‌السلام (في الرجل يشتري الجارية أو يتزوجها لغير رشدة ويتخذها لنفسه ، قال : إن لم يخف العيب على ولده فلا بأس) (٥) ، وخبر ثعلبة وعبد الله بن هلال عن أبي عبد الله عليه‌السلام (في الرجل يتزوج ولد الزنا ، قال : لا بأس ، إنما يكره ذلك ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٦ ـ من أبواب بيع الحيوان حديث ١.

(٢ و ٣ و ٤ و ٥) الوسائل الباب ـ ١٤ ـ من أبواب ما يحرم بالمصاهرة حديث ٥ و ١ و ٢ و ٤ و ٨.

٤٤١

معلّلا بأن ولد الزنا لا يفلح (١) ، وبالعار (٢) ، وقيل : يحرم بناء على كفره ، وهو ممنوع ،

(والعبد لا يملك شيئا (٣)

______________________________________________________

ـ مخافة العار ، وإنما الولد للصلب وإنما المرأة وعاء ، قلت : الرجل يشتري خادما ولد زنا فيطأها؟ قال : لا بأس) (١) ، وعن ابن إدريس المنع بناء على كفر ولد زنا وتحريم وطئ الكافرة والمقدمتان ممنوعتان ، أما الأولى فلما تقدم في كتاب الطهارة وأما الثانية فلما سيأتي في كتاب النكاح.

(١) هذا خبر رواه في الغوالي (ولد الزنا لا يفلح أبدا) (٢) وهو لا يتضمن النهي عن التزويج بولد الزنا ، فلو قال الشارح هنا كما قال في المسالك لكان أجود قال في المسالك : (بعد حكم المحقق بكراهة وطئ من ولدت من الزنا : (هذا هو الأجود حملا للنهي على الكراهة ، وعلّل بأن ولد الزنا لا يفلح ، وبالعار).

(٢) كما في خبر ثعلبة وابن هلال المتقدم.

(٣) كما عليه الأكثر كما عن التذكرة لقوله تعالى : (ضَرَبَ اللّٰهُ مَثَلاً عَبْداً مَمْلُوكاً لٰا يَقْدِرُ عَلىٰ شَيْ‌ءٍ وَمَنْ رَزَقْنٰاهُ مِنّٰا رِزْقاً حَسَناً فَهُوَ يُنْفِقُ مِنْهُ سِرًّا وَجَهْراً هَلْ يَسْتَوُونَ) (٣) ووصف العبد بعدم القدرة بمنزلة الحكم عليه بذلك فهو غير قادر حتى على التملك ، وقد نسب الشارح في المسالك والروضة هنا هذا القول إلى جماعة وجعل التملك في الجملة فذهب الأكثر ، وعليه فقيل : إنه يملك فاضل الضريبة التي يضربها عليه مولاه وهو المنسوب للشيخ والقاضي لصحيح عمر بن يزيد (سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن رجل أراد أن يعتق مملوكا له وقد كان مولاه يأخذ منه ضريبة فرضها عليه في كل سنة فرضي بذلك ، فأصاب المملوك في تجارته مالا سوء ما كان يعطي مولاه من الضريبة ، فقال : إذا أدّى إلى سيده ما كان فرض عليه فما اكتسب بعد الفريضة فهو للملوك) (٤) الحديث.

وقيل : يملك أرش الجناية خاصة ، وقيل : ما ملكه مولاه مع أرش الجناية وفاضل الضريبة ، وقيل : ما ملك مولاه خاصة ، ولم يعرف القائل بها كما في الجواهر.

وذهب الصدوق وتبعه المحقق على أنه يملك مطلقا ولكنه محجور عليه بالرق حتى يأذن له المولى جمعا بين الأخبار الدالة على تملكه وهي كثيرة ومبثوثة في أكثر من باب وسيأتي ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٤ ـ من أبواب ما يحرم بالمصاهرة حديث ٨.

(٢) غوالي اللئالي ج ٣ ص ٥٣٤ حديث ٢٥.

(٣) سورة النحل ، الآية : ٧٥.

(٤) الوسائل الباب ـ ٩ ـ من أبواب بيع الحيوان حديث ١.

٤٤٢

مطلقا (١) على الأقوى ، عملا بظاهر الآية ، والأكثر على أنه يملك في الجملة ، فقيل : فاضل الضريبة وهو مروي ، وقيل : أرش الجناية ، وقيل : ما ملّكه مولاه معهما ، وقيل : مطلقا ، لكنه محجور عليه بالرق ، استنادا إلى أخبار يمكن حملها على إباحة تصرفه في ذلك بالإذن جمعا.

وعلى الأول (٢) (فلو اشتراه ومعه مال فللبائع (٣) ، لأن الجميع مال المولى ، فلا يدخل في بيع نفسه (٤) ، لعدم دلالته عليه ، (إلا بالشرط ، فيراعى فيه شروط المبيع) من كونه معلوما لهما ، أو ما في حكمه (٥) ، وسلامته من الربا بأن يكون

______________________________________________________

ـ التعرض لها في كتاب العتق. وبين الآية ، وقد استحسنه الشهيد في حواشيه ، مع أن الشارح في المسالك والروضة هنا حمل أخبار التملك على إباحة تصرفه في ذلك مع إذن المولى من دون ملكه لرقبة المال لدلالة الآية على عدم قدرته على الملك.

(١) في قبال التفصيلات الآتية.

(٢) وهو عدم التملك.

(٣) الذي هو المولى لأن المال له مع عدم اندراج المال في اسم العبد بل إضافته إليه إنما هي لأدنى ملابسة والبيع قد وقع على العبد فقط ، ولصحيح محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما‌السلام (سألته عن رجل باع مملوكا فوجد له مالا فقال : المال للبائع إنما باع نفسه ، إلا أن يكون شرط عليه أن ما كان له مال أو متاع فهو له) (١) وخبر الزهري عن سالم عن أبيه (قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من باع عبدا وله مال فماله للبائع إلا أن يشترطه المبتاع) (٢).

وعن ابن البراج التفصيل بأنه إن لم يعلم به البائع فالمال له ، وإن علم فالمال للمشتري لصحيح زرارة (قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : الرجل يشتري المملوك وله مال ، لمن ماله؟ فقال : إن كان علم البائع أن له مالا فهو للمشتري ، وإن لم يكن علم فهو للبائع) (٣) ، ويضعف بأن الملك لا ينتقل إلى المشتري بمجرد العلم من دون صيغة تدل عليه ، مع إمكان حمل هذا الصحيح على اشتراط المال للمشتري عند علم البائع فلا تعارض ، وهذا الجمع من دون شاهد ولكنه أولى من الطرح.

(٤) نفس العبد.

(٥) بأن يكون مشاهدا مما يكفي فيه المشاهدة.

__________________

(١ و ٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٧ ـ من أبواب بيع الحيوان حديث ١ و ٥ و ٢.

٤٤٣

الثمن مخالفا لجنسه (١) الربوي ، أو زائدا عليه (٢) ، وقبض مقابل الربوي في المجلس وغيرها.

(ولو جعل العبد) لغيره (جعلا على شرائه لم يلزم (٣) ، لعدم صحة تصرفه بالحجر ، وعدم الملك ، وقيل : يلزم إن كان له مال ، بناء على القول بملكه ، وهو ضعيف (٤) ،

(ويجب) على البائع (استبراء الأمة قبل بيعها (٥) إن كان قد وطئها وإن

______________________________________________________

(١) أي جنس المال الموجود عند العبد.

(٢) على المال الموجود عند العبد ، والمعنى : أن الثمن الذي دفع في قبال العبد بشرط ماله فالبيع صحيح إذا كان الثمن مخالفا لجنس المال الموجود عند العبد ، وإلا فيجب أن يكون زائدا عليه لتكون الزيادة في قبال العبد ، وفي هذه الصورة الأخيرة عند توافق الثمن للمال الموجود عند العبد بالجنس فما وقع من الثمن في قبال هذا المال يجب قبضه في المجلس وغير ذلك من شروط بيع الصرف كما هو واضح ، لأن المال منحصر في الذهب والفضة سابقا.

(٣) لعدم الملك ، وعلى القول بملكه فهو محجور عليه فيتوقف جعله على إذن المولى ، وعن الشيخ وأتباعه أنه يلزم إذا كان له مال لخبر الفضيل (قال غلام سنديّ لأبي عبد الله عليه‌السلام : إني كنت قلت لمولاي : بعني بسبعمائة درهم وأنا أعطيك ثلاثمائة درهم ، فقال له أبو عبد الله عليه‌السلام : إن كان لك يوم شرطت أن تعطيه شي‌ء فعليك أن تعطيه ، وإن لم يكن لك يومئذ شي‌ء فليس عليك شي‌ء) (١).

(٤) أي القول بالملك.

(٥) بلا خلاف فيه للأخبار.

منها : صحيح حفص بن البختري عن أبي عبد الله عليه‌السلام (وقال في رجل يبيع الأمة من رجل : عليه أن يستبرئ من قبل أن يبيع) (٢) وخبر ربيع بن القاسم (سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الجارية التي لم تبلغ المحيض ويخاف عليها الحبل قال : يستبرئ رحمها الذي يبيعها بخمسة وأربعين ليلة ، والذي يشتريها بخمسة وأربعين ليلة) (٣) ، وموثق عمار الساباطي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (الاستبراء على الذي يبيع الجارية واجب إن كان يطأها ، وعلى الذي يشتريها الاستبراء أيضا) (٤) ، وموثق سماعة (سألته عن رجل اشترى ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٩ ـ من أبواب بيع الحيوان حديث ١.

(٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ١٠ ـ من أبواب بيع الحيوان حديث ٢ و ٣.

(٤) الوسائل الباب ـ ١٨ ـ من أبواب نكاح العبيد والإماء حديث ٥.

٤٤٤

عزل ، (بحيضة ، أو مضيّ خمسة وأربعين يوما فيمن لا تحيض ، وهي في سن من تحيض ، ويجب على المشتري أيضا استبراؤها ، إلّا أن يخبره الثقة بالاستبراء (١).

والمراد بالثقة العدل ، وإنما عبّر به (٢) تبعا للرواية (٣) ، مع احتمال الاكتفاء بمن

______________________________________________________

ـ جارية وهي طامث أيستبرئ رحمها بحيضة أخرى أم تكفيه هذه الحيضة؟ قال : لا بل تكفيه هذه الحيضة فإن استبرأها أخرى فلا بأس ، هي بمنزلة فضل) (٤) ومثلها غيرها ، والحاصل وجوب الاستبراء على البائع وعلى المشتري وأن استبرائها بحيضة إن كانت ممن تحيض ، وإلا فلو كانت في سن من تحيض ولا تحيض فخمسة وأربعون يوما ، وأن الاستبراء واجب إذا وطئها البائع لموثق عمار المتقدم وإلا فلا يجب لصحيح حفص عن أبي عبد الله عليه‌السلام (الرجل يشتري الأمة من رجل فيقول : إني لم أطأها ، فقال : إن وثق به فلا بأس أن يأتيها) (٥).

ثم إن المشهور على عدم اختصاص الاستبراء بالبيع ، بل كل من ملك أمة بوجه من وجوه التملك من بيع أو هبة أو إرث أو صلح أو استرقاق أو غير ذلك وجب عليه قبل وطئها الاستبراء خلافا لابن إدريس حيث خصّه بالبيع فقط للأصل ، وهو ضعيف لأن ذكر البيع في النصوص المتقدمة من باب المثال حيث هو الغالب من أسباب التملك ولخبر الحسن بن صالح عن أبي عبد الله عليه‌السلام (نادى منادي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في الناس يوم أوطاس : أن استبرءوا سباياكم بحيضة) (١).

(١) لخبر محمد بن حكيم عن العبد الصالح عليه‌السلام (إذا اشتريت جارية فضمن لك مولاها أنها على طهر فلا بأس بأن تقع عليها) (٢) ، ومرسل المفيد في المقنعة روي أن لا بأس أن يطأ الجارية من غير استبراء لها إذا كان بايعها قد أخبره باستبرائها وكان صادقا في ظاهره مأمونا) (٢) ، والفقه الرضوي (فإن كان البائع ثقة وذكر أنه استبرأها جاز نكاحها من وقتها ، وإن لم يكن ثقة استبرأها المشتري بحيضة) (٤).

(٢) بالثقة.

(٣) وهي صحيح حفص بن البختري المتقدم ، ولكنها واردة فيما لو أخبره بعدم وطئه لها لا باستبرائها ، والأمر سهل لاتحاد الحكم فيهما.

__________________

(٤) الوسائل الباب ـ ١٠ ـ من أبواب نكاح العبيد والإماء حديث ٢.

(٥) الوسائل الباب ـ ٦ ـ من أبواب نكاح العبيد والإماء حديث ١.

(١) الوسائل الباب ـ ١٧ ـ من أبواب نكاح العبيد والإماء حديث ١.

(٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٦ ـ من أبواب نكاح العبيد والإماء حديث ٣ و ٦.

(٤) مستدرك الوسائل الباب ـ ٨ ـ من أبواب بيع الحيوان حديث ٤.

٤٤٥

تسكن النفس إلى خبره (١) ، وفي حكم إخباره له بالاستبراء إخباره بعدم وطئها (٢).

(أو تكون لامرأة) (٣) وإن أمكن تحليلها لرجل ، لإطلاق النص ، ولا يلحق بها (٤) العنين والمحبوب والصغير الذي لا يمكن في حقه الوطء وإن شارك (٥) فيما ظن كونه علة ، لبطلان القياس (٦) ، وقد يجعل بيعها من امرأة ثم شراؤها منها وسيلة إلى إسقاط الاستبراء (٧) ، نظرا إلى اطلاق النص ، من غير التفات إلى التعليل بالأمن من وطئها لأنها (٨) ليست منصوصة ، ومنع العلة المستنبطة وإن كانت

______________________________________________________

(١) وهو قوي.

(٢) كما في صحيح حفص المتقدم.

(٣) أي يسقط استبراؤها على المشتري لو كانت الجارية لامرأة على المشهور للأخبار.

منها : خبر رفاعة (سألت (سألت أبا الحسن عليه‌السلام عن الأمة تكون لامرأة فتبيعها ، قال : لا بأس بأن يطأها من غير أن يستبرأها) (١).

وعن ابن إدريس والفخر وجوب الاستبراء لاحتمال وطئها بالتحليل وهو مندفع لإطلاق الخبر ، وهل يلحق بها أمة العنين والمجبوب والصغير الذي لا يملك في حقه الوطء؟ فقد ذهب الشارح في المسالك والروضة هنا إلى عدم الإلحاق لأنه قياس وهو باطل عندنا ، وذهب صاحب الجواهر وغيره إلى الإلحاق لا للقياس الباطل في مذهبنا بل لما تقدم من أن الاستبراء من أجل العلم بوطئها من قبل المالك فلذا لو كان أمينا وأخبر بعدم وطئها سقط استبراؤها ، فكذا هنا لعدم العلم بوطئها ولو بالتحليل.

(٤) بالمرأة.

(٥) أي شارك المذكور من العنين والمجبوب والصغير المرأة فيما ظن كونه علة لعدم الاستبراء ، وهو الأمن من الوطي لعدم تحقق الدخول من قبل المالك المذكور.

(٦) تعليل لعدم الإلحاق.

(٧) كما لو وطئها المالك ثم باعها لامرأة فيجوز شراؤها حينئذ من غير استبراء ، لاندراجها في أمة المرأة فيشملهما النص المتقدم من أن أمة المرأة لا استبراء عليها إذا اشتريت ، والنص مطلق غير مقيد بكون سقوط الاستبراء عند الأمن من وطئها.

(٨) هذه العلة المذكورة.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٧ ـ من أبواب نكاح العبيد والإماء حديث ١.

٤٤٦

مناسبة (١) ، (أو تكون يائسة أو صغيرة (٢) ، أو حائضا (٣) إلا زمان حيضها (٤) وإن بقي منه لحظة.

(واستبراء الحامل بوضع الحمل) (٥) .......

______________________________________________________

(١) أي وتعليل عدم وجوب الاستبراء بالأمن من وطئها إنما هي علة مستنبطة فلا تصلح مدركا للحكم الشرعي وإن كانت مناسبة في المقام.

(٢) فالصغيرة التي لم تبلغ التسع ، واليائسة التي بلغت هو اليأس فلا استبراء لها بلا خلاف فيه للأخبار.

منها : صحيح عبد الرحمن بن عبد الله (سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الرجل يشتري الجارية التي لم تبلغ المحيض وإذا قصدت من المحيض ما عدتها؟ وما يحلّ للرجل من الأمة حتى يستبرئها قبل أن تحيض؟ قال : إذا قعدت عن المحيض أو لم تحض فلا عدة لها ، والتي تحيض فلا يقربها حتى تحيض وتطهر) (١).

(٣) فيسقط استبراؤها ويجوز له وطئها إلا زمان حيضها ، لموثق سماعة (سألته عن رجل اشترى جارية وهي طامث أيستبرئ رحمها بحيضة أخرى أو تكفيه هذه الحيضة ، قال : بل تكفيه هذه الحيضة فإن استبرأها بحيضة أخرى فلا بأس ، هي بمنزلة فضل) (٢) وصحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (سألته عن رجل اشترى جارية وهي حائض ، قال : إذا طهرت فليمسّها إن شاء) (٣) ، وعدم جواز الوطء حال الحيض لا لأنه استبرأ بل لعدم جواز الوطء فيه بما هو حيض.

وعن ابن إدريس عدم الاكتفاء بإتمام الحيضة وكأنه اجتهاد في مقابلة النص كما في الجواهر.

(٤) أي وإن سقط الاستبراء عن الحائض ولكنه لا يجوز له وطؤها في زمن الحيض وإن بقي منه مقدار لحظة.

(٥) اختلف كلام الأصحاب في تحريم الأمة الحامل ومدته بسبب اختلاف الأخبار ، ففي بعضها النهي عن وطيها حتى تضع كخبر محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه‌السلام (في الوليدة يشتريها الرجل وهي حبلى قال : لا يقربها حتى تضع ولدها) (٤) وموثق مسعدة بن ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٣ ـ من أبواب نكاح العبيد والإماء حديث ٤.

(٢) الوسائل الباب ـ ١٠ ـ من أبواب نكاح العبيد والإماء حديث ٢.

(٣) الوسائل الباب ـ ٣ ـ من أبواب نكاح العبيد والإماء حديث ١.

(٤) الوسائل الباب ـ ٨ ـ من أبواب نكاح العبيد والإماء حديث ١.

٤٤٧

مطلقا (١) ، لإطلاق النهي عن وطئها في بعض الأخبار حتى تضع ولدها ، واستثنى في الدروس ما لو كان الحمل عن زنا فلا حرمة له ، والأقوى الاكتفاء بمضي أربعة أشهر وعشرة أيام لحملها ، وكراهة وطئها بعدها إلا أن يكون من زنا فيجوز مطلقا (٢) ، على كراهة ، جمعا بين الأخبار الدال بعضها على المنع مطلقا (٣) كالسابق ، وبعض على التحديد بهذه الغاية (٤) ، بحمل الزائد على الكراهة.

______________________________________________________

ـ صدقة (قال أبو عبد الله عليه‌السلام : يحرم من الإماء عشر : لا تجمع بين الأم والبنت ، ولا بين الأختين ، ولا أمتك وهي حامل من غيرك حتى تضع) (١) ومثلها غيرها.

وفي بعضها لا بأس بنكاحها إذا جاز أربعة أشهر وعشرة أيام كصحيح رفاعة (سألت أبا الحسن موسى بن جعفر عليهما‌السلام قلت : اشتري الجارية ـ إلى أن قال ـ فإن كان حمل فمالي منها إن أردت؟ قال : لك ما دون الفرج إلى أن تبلغ في حملها أربعة أشهر وعشرة أيام ، فإذا جاز حملها أربعة أشهر وعشرة أيام فلا بأس بنكاحها في الفرج (٢).

فبعض الأصحاب حمل الطائفة الأولى فيما لو كان الحمل من حل أو شبهة أو كان مجهولا ، وحمل الطائفة الثانية على الحمل من الزنا ، ومنهم من الحق المجهول بالزنا ، ومنهم من أسقط اعتبار الزنا ، ومنهم من حمل الطائفة الثانية على التحريم والأول على الكراهة ، وهو الذي استقر به الشارح في المسالك والروضة مع عدم اعتبار الزنا فيجوز فيه الوطي قبل المدة المذكورة وبعدها.

هذا وقد اضطرب فيها كلام الأساطين حتى أن العلامة في القواعد ذهب إلى ثلاثة أقوال فيها ، ففي كتاب بيع الحيوان أنه يحرم الوطء الحامل قبل مضي أربعة أشهر وعشرة أيام ويكره بعده إن كان عن زنا ، وفي غيره إشكال ، وفي كتاب النكاح يحرم الوطي إلى الوضع فيما عدا الزنا ومجهول الحال ، مع الحكم بالكراهة في المجهول بعد أربعة أشهر وعشرة أيام ونفي البأس عن الزنا ، وفي كتاب الطلاق جعل الوطي مكروها بعد أربعة أشهر وعشرة أيام إذا كان الحمل من زوج أو مولى أو شبهة وقبل ذلك حراما مع سكوته عن الزنا والمجهول.

(١) سواء كان من حل أو شبهة أو زنا أو مجهول الحال.

(٢) حتى قبل مضي أربعة أشهر وعشرة أيام.

(٣) حتى تضع ولدها.

(٤) وهي أربعة أشهر وعشرة أيام.

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٨ ـ من أبواب نكاح العبيد والإماء حديث ٤ و ٣.

٤٤٨

(ولا يحرم في مدة الاستبراء غير الوطء) (١) قبلا ودبرا (٢) من الاستمتاع على الأقوى ، للخبر الصحيح (٣) ، وقيل : يحرم الجميع ، ولو وطئ (٤) في زمن الاستبراء أثم وعزّر مع العلم بالتحريم ، ولحق به الولد ، لأنه فراش كوطئها حائضا ، وفي سقوط الاستبراء حينئذ وجه ، لانتفاء فائدته حيث قد اختلط الماءان ،

______________________________________________________

(١) على المشهور للأخبار.

منها : صحيح رفاعة (سألت أبا الحسن موسى عليه‌السلام فقلت : اشتري الجارية ـ إلى أن قال ـ فإن كانت حبلى فمالي منها إذا أردت؟ قال : لك ما دون الفرج) (١) وخبر أبي بصير عن أبي جعفر عليه‌السلام (قلت له : الرجل يشتري الجارية وهي حامل ما يحلّ له منها؟ فقال : ما دون الفرج) (٢) ، وعن الشيخ في المبسوط حرمة جميع الاستمتاع لموثق إبراهيم بن عبد الحميد (سألت أبا إبراهيم عليه‌السلام عن الرجل يشتري الجارية وهي حبلى أيطؤها؟ قال : لا ، قلت : فدون الفرج؟ قال : لا يقربها) (٣) وهو محمول على الكراهة جمعا.

(٢) كما عن المحقق الكركي وجماعة لإطلاق بعض الأخبار ، كخبر محمد بن قيس المتقدم (لا يقربها حتى تضع ولدها) (٤) ، وخبر الرازي عن أبيه عن الرضا عن آبائه عليهم‌السلام (نهى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن وطي الحبالى حتى يضعن) (٥) ، والنهي عن المقاربة يشمل الدبر.

وعن المحقق وجماعة اختصاص حرمة الوطي بالفرج فقط ، وهو الظاهر من صحيح رفاعة وخبر أبي بصير المتقدمين وغيرهما ، حيث علّق النهي على الفرج وهو ظاهر في خصوص القبل.

(٣) وهو صحيح محمد بن بزيع كما في المسالك ، وقد رواه الشيخ في التهذيب والاستبصار (سألت أبا الحسن عليه‌السلام عن الجارية ـ إلى أن قال ـ قلت : يحلّ للمشتري ملامستها؟ قال : نعم ولا يقرب فرجها) (٦).

(٤) أي وطئها المشتري في زمن الاستبراء أثم لمخالفته النهي عن مقاربتها حال الاستبراء ، وعزّر مع العلم بالتحريم على حسب ما يراه الحاكم ، ويلحق به الولد لأنها فراشه حينئذ كما لو وطئها حائضا ، وقال الشارح في المسالك : (وهل يسقط الاستبراء حينئذ نظر ، من انتفاء فائدته وحكمته حيث قد اختلط الماءان ، ولحق به الولد الذي يمكن تجدده ، ومن إطلاق الأمر بالاجتناب في المدة وهي باقية.

__________________

(١ و ٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٥ ـ من أبواب نكاح العبيد والإماء حديث ٢ و ٣ و ٥.

(٤ و ٥) الوسائل الباب ـ ٨ ـ من أبواب نكاح العبيد والإماء حديث ١ و ٧.

(٦) الوسائل الباب ـ ٦ ـ من أبواب نكاح العبيد والإماء حديث ٥.

٤٤٩

والأقوى وجوب الاجتناب بقية المدة ، لإطلاق النهي فيها ، ولو وطئ الحامل بعد مدة الاستبراء عزل (١) ، فإن لم يفعل كره بيع الولد (٢) ، واستحب له عزل قسط من ماله يعيش به ، للخبر (٣) معللا بتغذيته بنطفته ، وأنه شارك في إتمامه (٤) ، وليس في الأخبار تقدير القسط ، وفي بعضها (٥) أنه يعتقه ويجعل له شيئا يعيش به ، لأنه غذاه بنطفته.

وكما يجب الاستبراء في البيع يجب في كل ملك زائل وحادث بغيره من العقود ، وبالسبي والإرث (٦) ، وقصره على البيع ضعيف ، ولو باعها من غير

______________________________________________________

(١) عزل استحبابا ، لموثق إسحاق بن عمار (سألت أبا الحسن عليه‌السلام عن رجل اشترى جارية حاملا قد استبان حملها فوطأها ، قال : بئس ما صنع ، فقلت : ما تقول فيها؟ قال : عزل عنها أم لا؟ قلت : أجبني في الوجهين ، قال : إن كان عزل عنها فليتق الله ولا يعد ، وإن كان لم يعزل عنها فلا يبيع ذلك الولد ، ولا يورثه ولكن يعتقه ويجعل له شيئا من ماله يعيش به فإنه غذّاه بنطفته) (١).

(٢) المحكي عن الشيخين والحليين والطوسي والديلمي حرمة البيع لظاهر النهي في الموثق المتقدم ، وفيه : إنه ظاهر بالكراهة بقرينة قوله (ولا يورثه) فيكون ظاهرا أنه بمنزلة الولد لا أنه ولد حقيقة ليحرم بيعه.

(٣) وهو الموثق المتقدم.

(٤) كما في خبر غياث بن إبراهيم عن أبي عبد الله عليه‌السلام (من جامع أمة حبلى من غيره فعليه أن يعتق ولدها ولا يسترق ، لأنه شاركنا فيه الماء تمام الولد) (٢) ، وخبر السكوني عن أبي عبد الله عليه‌السلام (إن رسول الله صلّى الله عليه و

آله وسلّم دخل على رجل من الأنصار وإذا وليدة عظيمة البطن تختلف ، فسأل عنها ، فقال : اشتريتها يا رسول الله وبها هذا الحبل قال : أقربتها؟ قال : نعم ، قال : اعتق ما في بطنها ، قال : يا رسول الله بم استحق العتق؟ قال : لأن نطفتك غذّت سمعه وبصره ولحمه ودمه) (٣).

(٥) وهو موثق إسحاق بن عمار المتقدم.

(٦) على المشهور ، وقصر ابن إدريس وجوب الاستبراء في البيع فقط وهو ضعيف وقد تقدم البحث فيه فراجع.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٩ ـ من أبواب نكاح العبيد والإماء حديث ١.

(٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٩ ـ من أبواب نكاح العبيد والإماء حديث ٢ و ٣.

٤٥٠

استبراء أثم وصح البيع (١) ، وغيره (٢) ، ويتعين حينئذ تسليمها إلى المشتري ومن في حكمه إذا طلبها ، لصيرورتها ملكا له ، ولو أمكن إبقاؤها برضاه (٣) مدة الاستبراء ، ولو بالوضع في يد عدل وجب (٤) ، ولا يجب على المشتري الإجابة.

(ويكره التفرقة بين الطفل والأم قبل سبع سنين) في الذكر والأنثى (٥) ،

______________________________________________________

(١) اثم لأنه خالف النهي ، وصحّ البيع لأن النهي قد تعلق بأمر خارج عن حقيقته.

(٢) أي غير البيع من بقية العقود.

(٣) برضا المشتري.

(٤) للاستصحاب.

(٥) ذهب المشهور إلى حرمة التفرقة بين الأطفال المماليك وأمهاتهم المملوكة قبل استغنائهم عنهن للنبوي (من فرّق بين والدة وولدها ، فرّق الله بينه وبين أحبائه في الجنة) (١) ، وصحيح معاوية بن عمار (سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : أتى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بسبي من اليمن ، فلما بلغوا الحجفة نفدت نفقاتهم فباعوا جارية من السبي كانت أمها معهم ، فلما قدموا على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم سمع بكاءها فقال : ما هذه؟ قالوا : يا رسول الله احتجنا إلى نفقة فبعنا ابنتها فبعث بثمنها فأتي بها ، وقال : بيعوهما جميعا أو أمسكوهما جميعا) (٢) ، وصحيح هشام بن الحكم عن أبي عبد الله عليه‌السلام (أنه اشتريت له جارية من الكوفة ، قال : فذهبت لتقوم في بعض الحاجة ، فقالت : يا أماه ، فقال لها أبو عبد الله عليه‌السلام : ألك أم؟ قالت : نعم ، فأمر بها فردت ، وقال : ما آمنت لو حبستها أن أرى في ولدي ما أكره) (٣) ، وخبر عمرو بن أبي نصر (قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : الجارية الصغيرة يشتريها الرجل ، فقال : إن كانت قد استغنت عن أبويها فلا بأس) (٤).

وعن الشيخ في باب العتق من النهاية والحلي والفاضل في جملة من كتبه وأول الشهيدين وابن فهد واستظهره المحقق في الشرائع أنه مكروه جمعا بين ما تقدم وبين عموم تسلط الناس على أموالهم.

هذا وترتفع الحرمة أو الكراهة مع رضاهما لصحيح ابن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام (في الرجل يشتري الغلام أو الجارية وله أخ أو أخت أو أب أو أم بمصر من الأمصار قال : لا يخرجه إلى مصر آخر إن كان صغيرا ولا يشتريه ، وإن كان له أم فطابت نفسها ونفسه فاشتره إن شئت) (٥) ، بل لا ترتفع الحرمة أو الكراهة برضا الأم بل لا بد من ـ

__________________

(١) مستدرك الوسائل الباب ـ ١٠ ـ من أبواب بيع الحيوان حديث ٤.

(٢) الوسائل الباب ـ ١٣ ـ من أبواب بيع الحيوان حديث ٢.

(٣ و ٤ و ٥) الوسائل الباب ـ ١٣ ـ من أبواب الحيوان حديث ٣ و ٥ و ١.

٤٥١

وقيل : يكفي في الذكر حولان وهو أجود ، لثبوت ذلك في حضانة الحرة ، ففي الأمة أولى ، لفقد النص هنا ، وقيل : يحرم التفريق في المدة ، لتضافر الأخبار بالنهي عنه ، وقد قال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «من فرّق بين والدة وولدها فرق الله بينه وبين أحبته».

(والتحريم أحوط) ، بل أقوى. وهل يزول التحريم ، أو الكراهة برضاهما ، أو رضى الأم وجهان ، أجودهما ذلك (١) ، ولا فرق بين البيع وغيره على الأقوى ،

______________________________________________________

ـ رضاهما معا مراعاة لحق الولد.

والأخبار قد اقتصرت على ذكر البيع ، وقد صرح جماعة بعدم الفرق بينه وبين غيره من النواقل للعين كالهبة وغيرها لأن المستفاد أن علة المنع هي التفرقة ، فيكون ذكر البيع من باب المثال ولأنه الأغلب في النواقل. وعلى فرض المنع فهل النهي هنا يقتضي فساد البيع بناء على أمة متعلق بوصف خارج عن حقيقته كالبيع وقت النداء ، أو يقتضي الفساد كما صرح به جماعة بل عن التذكرة ما يشعر بدعوى الإجماع عليه كما في الجواهر لظاهر الأخبار المتقدمة المتضمنة لرد الثمن فيكون التفريق موجبا لخروج الولد عن صلاحية المعاوضة وهذا ما استجوده الشارح.

ثم هل يختص النهي بالتفريق بين الولد وأمه ، أم يعلم غيرها من الأرحام المشارك لها في الاستئناس والشفقة ، وعن العلامة في التذكرة استقرب الأول وحكم بالكراهة في الثاني ، والشارح وثاني المحققين إلى الثاني وقد صرّح بالتعميم صحيح ابن سنان المتقدم.

ثم إن محل الخلاف قبل الاستغناء ، أما بعده فلا إشكال في الجواز ، والاستغناء يحصل ببلوغ سبع سنين من غير فرق بين الذكر والأنثى على المشهور بين الأصحاب ، وذهب الشيخان في المقنعة والنهاية وابن حمزة في المراسم إلى أن الاستغناء هو استغناؤه عن الرضاع ، وهذا الخلاف ليس له مستند بخصوصه كما في المسالك ، نعم جعل ابن فهد أن الخلاف هنا مترتب على الخلاف في الحضانة الآتي في باب النكاح ، وسيأتي أن الأخبار في الحضانة مختلفة ففي بعضها سبع مطلقا ، وفي بعضها مدة الرضاع وكل منهما قائل ، وجمع جماعة بين الروايات بحمل السبع على الأنثى والحولين الذين هما مدة الرضاع ـ على الذكر ، لمناسبة الحكمة في احتياج الأنثى إلى تربية الأم زيادة على الذكر ، وإذا كان هذا هو حكم الحرة فليكن مثله في الأمة لأن حقها لا يزيد على الحرة.

ثم إن موضع الخلاف بعد سقي الأم اللبن ، أما قبله فلا يجوز قطعا لأنه سبب لهلاك الولد كما عن جماعة ، نعم في الحدائق أنه رأى كثيرا من الأطفال قد عاش بدون ذلك ، بل ربما يتعذر اللبن من أمه لمرض أو موت ، بل قيل إنه قد لا يوجد اللبن في كثير من النساء.

(١) أي يزول الحكم برضاهما أو رضا الأم.

٤٥٢

وهل يتعدى الحكم إلى غير الأم من الأرحام المشاركة لها في الاستئناس والشفقة كالأخت ، والعمة ، والخالة قولان ، أجودهما ذلك ، لدلالة بعض الأخبار (١) عليه ، ولا يتعدى الحكم إلى البهيمة للأصل (٢) ، فيجوز التفرقة بينهما بعد استغنائه عن اللبن مطلقا (٣) ، وقبله إن كان مما يقع عليه الذكاة ، أو كان له ما يمونه من غير لبن أمه ، وموضع الخلاف بعد سقي الأم اللبأ ، أما قبله فلا يجوز مطلقا (٤) ، لما فيه من التسبب إلى هلاك الولد ، فإنه لا يعيش بدونه على ما صرح به جماعة.

(مسائل)

الأولى ـ (لو حدث في الحيوان عيب (٥) قبل القبض فللمشتري الرد والأرش) ، أما الرد فموضع وفاق ، وأما الأرش فهو أصح القولين ، لأنه عوض عن جزء فائت ، وإذا كانت الجملة مضمونة على البائع قبل القبض فكذا أجزاؤها ، (وكذا) لو حدث (في زمن الخيار) (٦) المختص بالمشتري ، أو المشترك بينه وبين البائع ، أو غيره (٧) ، لأن الجملة فيه مضمونة على البائع أيضا (٨) ، أما لو كان الخيار

______________________________________________________

(١) وهو صحيح ابن سنان المتقدم.

(٢) قال الشارح في المسالك : (ولا يتعدى الحكم إلى البهيمة اقتصارا بالمنع على مورد النص فيجوز التفرقة بينها وبين ولدها ، بعد استغنائه عن اللبن ، وقبله إن كان من يقع عليه الذكاة ، أو كان له ما يموّنه من غير لبن أمه).

(٣) سواء وقع عليه الذكاة أم لا.

(٤) سواء قلنا بالكراهة أم بالحرمة ، وأيضا سواء كان الولد آدميا أو لا.

(٥) بل لا خصوصية في الحيوان ، فلو حدث في المبيع مطلقا عيب بعد العقد وقبل القبض كان للمشتري الرد بلا خلاف فيه ، ولكن هل يثبت له الأرش لو أمضاه فالمشهور على ذلك لأن ضمان الجملة يقتضي ضمان الأجزاء ، والأول ثابت في التلف قبل القبض كما سيأتي في مسألة ما لو تلف المبيع بعد العقد وقبل القبض فإنه من مال البائع فيكون الثاني مثله ، وذهب الشيخ وابن إدريس إلى عدم الأرش لأصالة اللزوم في العقود ، وتلف الجملة قد قام الدليل عليه أما تلف البعض عند حدوث العيب فلا دليل عليه فالأصل براءة البائع فيه.

(٦) ولو كان بعد قبض المشتري.

(٧) غير البائع وهو الأجنبي.

(٨) فكذا أجزاؤها وسيأتي دليله مفصلا في تحقيق القبض من مبحث الأحكام.

٤٥٣

مختصا بالبائع ، أو مشتركا بينه ، وبين أجنبي فلا خيار للمشتري (١) ، هذا إذا كان التعيّب من قبل الله تعالى ، أو من البائع ، ولو كان من أجنبي فللمشتري عليه (٢) الأرش خاصة (٣) ، ولو كان بتفريط المشتري فلا شي‌ء (٤).

(وكذا) الحكم (في غير الحيوان) (٥) ، بل في تلف المبيع أجمع (٦) ، إلا أن الرجوع فيه بمجموع القيمة (٧) ، فإن كان التلف (٨) من قبل الله تعالى والخيار للمشتري ولو بمشاركة غيره (٩) فالتلف من البائع ، وإلا (١٠) فمن المشتري ، وإن

______________________________________________________

(١) أي خيار الرد بل له أخذ الأرش من قبل البائع أو الأجنبي إذا كان التعيب من قبل أحدهما.

(٢) على الأجنبي.

(٣) قيد للأرش بلا رد على البائع ولو كان للمشتري خيار.

(٤) من أرش أو ورد لأنه ملكه وقد أتلفه سواء كان للمشتري خيار أو كان الخيار لغيره.

(٥) إذا لا خصوصية للحيوان في هذه الأحكام وسيأتي التعرض لها مفصلا في مبحث الأحكام عند تحقيق معنى القبض ، ويأتي التعرض لها في مبحث خيار العيب أيضا.

(٦) قبل القبض أو في زمن الخيار.

(٧) لا الثمن هذا مع عدم الفسخ فيكون مجموع القيمة هنا بدلا للأرش هناك ، ومع الفسخ يرجع بالثمن فقط.

(٨) قال الشارح في المسالك : (إذا تلف المبيع بعد القبض في زمن الخيار سواء كان خيار الحيوان أم المجلس أم الشرط فلا يخلو إما أن يكون التلف من المشتري أو من البائع أو من الأجنبي ، وعلى التقادير الثلاثة فإما أن يكون الخيار للبائع خاصة أو للمشتري خاصة أو لأجنبي ، أو للثلاثة ، أو للمتبايعين ، أو للبائع وللأجنبي ، أو للمشتري وللأجنبي ، فجملة أقسام المسألة أحد عشرون ، وضابط حكمها أن التلف إن كان من المشتري فلا ضمان على البائع مطلقا لكن إذا كان له خيار أو للأجنبي واختار الفسخ رجع على المشتري بالمثل أو القيمة ، وإن كان التلف من البائع أو من أجنبي تخير المشتري بين الفسخ والرجوع بالثمن وبين مطالبة المتلف بالمثل أو القيمة إن كان له خيار.

وإن كان الخيار للبائع والمتلف أجنبي تخير كما مرّ ورجع على المشتري أو الأجنبي ، وإن كان التلف بآفة من عند الله تعالى فإن كان الخيار للمشتري أو له ولأجنبي فالتلف من البائع وإلا فمن المشتري) انتهى.

(٩) بايعا كان أو أجنبيا.

(١٠) أي وإن لم يكن الخيار للمشتري.

٤٥٤

كان التلف من البائع ، أو من أجنبي وللمشتري خيار واختار الفسخ والرجوع بالثمن (١) ، وإلا (٢) رجع على المتلف بالمثل ، أو القيمة ، ولو كان الخيار للبائع ، والمتلف أجنبي ، أو المشتري تخير (٣) ، ورجع على المتلف (٤).

(الثانية. لو حدث

في الحيوان (عيب من غير جهة المشتري (٥) في زمن الخيار (٦) فله (٧) الرد بأصل الخيار) (٨) ، لأن العيب الحادث غير مانع منه (٩) هنا (١٠) ، لأنه (١١) مضمون على البائع فلا يكون (١٢) مؤثرا في رفع الخيار ، (والأقرب جواز الرد بالعيب أيضا) ، لكونه مضمونا (١٣).

(وتظهر الفائدة (١٤) لو أسقط الخيار الأصلي (١٥) والمشترط) (١٦) فله الرد بالعيب.

______________________________________________________

(١) فيرجع بالثمن على البائع وهو يرجع على الأجنبي لو كان هو المتلف.

(٢) أي وإن لم يفسخ.

(٣) أي البائع.

(٤) فيرجع بالمثل أو القيمة.

(٥) سواء كان التلف من قبل الله تعالى أو من البائع أو الأجنبي.

(٦) سواء كان الخيار خيار حيوان أو غيره ، وسواء كان الخيار مختصا للمشتري أو مشتركا بينه وبين غيره.

(٧) للمشتري.

(٨) لأن التلف في زمن الخيار هو ممن لا خيار له كما سيأتي بحث مفصلا في مبحث الخيارات.

(٩) من الرد بالخيار.

(١٠) أي في زمن الخيار.

(١١) أي لأن الحيوان.

(١٢) أي لا يكون العيب الحادث.

(١٣) أي لكون الحيوان مضمونا على البائع ، فالعيب الحادث فيه من مال البائع حينئذ.

(١٤) أي فائدة ثبوت جواز الرد بالخيار وجواز الرد بالعيب.

(١٥) كخيار الحيوان أو خيار المجلس.

(١٦) وهو خيار الاشتراط.

٤٥٥

وتظهر الفائدة أيضا في ثبوت الخيار (١) بعد انقضاء الثلاثة (٢) وعدمه (٣) ، فعلى اعتبار خيار الحيوان خاصة (٤) يسقط الخيار (٥) ، وعلى ما اختاره (٦) المصنف رحمه‌الله يبقى (٧) ، إذ لا يتقيد خيار العيب بالثلاثة (٨) وإن اشترط حصوله (٩) في الثلاثة فما قبلها (١٠) ، وغايته ثبوته فيها بسببين (١١) وهو غير قادح ، فإنها (١٢) معرّفات يمكن اجتماع كثير منها في وقت واحد ، كما في خيار المجلس والحيوان والشرط والغبن ، إذا اجتمعت في عين واحدة قبل التفرق (١٣).

(وقال الفاضل نجم الدين أبو القاسم) جعفر بن سعيد رحمه‌الله (في الدرس) على ما نقل عنه : (لا يردّ إلا بالخيار (١٤) ، وهو (١٥) ينافي حكمه في الشرائع بأن)

______________________________________________________

(١) خيار الرد بالعيب.

(٢) وهي ثلاثة أيام التي هي مدة خيار الحيوان.

(٣) أي عدم ثبوت خيار الرد بالعيب.

(٤) من دون اعتبار جواز الرد بالعيب كما نقل عن المحقق في مجلس درسه.

(٥) أي خيار الرد بالعيب.

(٦) من جواز الرد بالعيب أيضا.

(٧) أي يبقى خيار الرد بالعيب.

(٨) أي بثلاثة أيام التي هي خيار الحيوان ، لأن خيار العيب ليس فوريا كما سيأتي ذلك في بابه.

(٩) أي حصول العيب.

(١٠) أي ما قبل الثلاثة ، وهو عبارة عما قبل العقد عند ما يكون الحيوان في ملك البائع.

(١١) أي وغاية الكلام ثبوت الخيار في الثلاثة أيام بسببين ، من خيار الحيوان وخيار العيب ، وهو غير ضائر لأن الخيار قد يكون له أكثر من سبب كما في اجتماع خيار المجلس والحيوان والشرط والغبن في عين واحدة ، وذلك لأن الأسباب الشرعية معرفات فيجوز اجتماعها على واحد وليست هي علل تامة حتى يمتنع اجتماع اثنين منها على واحد.

(١٢) أي الأسباب الشرعية.

(١٣) قيد لثبوت خيار المجلس.

(١٤) أي خيار الحيوان.

(١٥) أي حكمه بعد الرد إلا بالخيار.

٤٥٦

الحدث) الموجب لنقص الحيوان (في الثلاثة من مال البائع) (١) ، وكذا التلف (٢) ، (مع حكمه) فيها (٣) بعد ذلك بلا فصل (بعدم الأرش فيه (٤) ، فإنه إذا كان مضمونا على البائع (٥) كالجملة لزمه (٦) الحكم بالأرش (٧) ، إذ لا معنى لكون الجزء مضمونا إلا ثبوت أرشه ، لأن الأرش عوض الجزء الفائت ، أو التخيير بينه (٨) وبين الرد (٩) كما أن ضمان الجملة يقتضي الرجوع بمجموع عوضها (١٠) وهو الثمن (١١).

______________________________________________________

(١) لأنه مضمون عليه.

(٢) أي لو تلف الحيوان في الأيام الثلاثة فهو من مال البائع كما سيأتي دليله في بحث الخيارات.

(٣) في الشرائع.

(٤) أي في العيب الحادث على الحيوان في الثلاثة ، قال المحقق في الشرائع في بحث بيع الحيوان (إذا حدث في الحيوان عيب بعد العقد وقبل القبض كان المشتري بالخيار بين رده وإمساكه ، وفي الأرش تردد ، ولو قبضه ثم تلف أو حدث فيه حدث في الثلاثة كان من مال البائع ما لم يحدث فيه المشتري حدثا.

ولو حدث فيه عيب من غير جهة المشتري لم يكن ذلك العيب مانعا من الرد بأصل الخيار ، وهل يلزم البائع أرشه؟ فيه تردد ، والظاهر لا) وحيث حكم المحقق بضمان البائع في الثلاثة ثم حكم بعده بعدم الأرش لزمه القول بثبوت الرد بالعيب الحادث ؛ إذ لا معنى لضمان البائع إلا جواز الرد عليه بذلك أو أخذ الأرش منه ، وإذا انتفى الثاني ثبت الأول ، فلذا يكون حكمه في الشرائع على التفصيل المذكور منافيا لما أفتى به في الدروس.

(٥) كما حكم به في الشرائع أولا.

(٦) أي لزم المحقق.

(٧) على التفصيل المتقدم ، مع أنه مناف لما حكم به في الشرائع أخيرا.

(٨) بين الأرش.

(٩) أي الرد بالعيب مع أنه قد جزم بنفي الأرش فيتعين الرد بالعيب وهو مناف لما أفتى به في الدروس.

(١٠) أي عوض الجملة.

(١١) إذا ردّ وفسخ ، ومع عدم الرد فالرجوع بالمثل أو القيمة.

٤٥٧

والأقوى التخيير بين الرد ، والأرش كالمتقدّم (١) ، لاشتراكهما (٢) في ضمان البائع ، وعدم المانعية من الرد ، وهو المنقول عن شيخه نجيب الدين بن نما رحمه‌الله ، ولو كان حدوث العيب بعد الثلاثة منع الرد بالعيب السابق ، لكونه (٣) غير مضمون على البائع ، مع تغير المبيع ، فإن رده (٤) مشروط ببقائه على ما كان فيثبت في السابق (٥) الأرش خاصة.

(الثالثة. لو ظهرت الأمة مستحقة (٦) فأغرم)

المشتري (الواطئ العشر) إن كانت بكرا ، (أو نصفه) إن كانت ثيبا ، لما

______________________________________________________

(١) أي كالعيب المتقدم على البيع والقبض فإذا ظهر بعد القبض فإنه يوجب يوجب التخيير المذكور ، وهذا ما تقدم في المسألة السابقة.

(٢) أي العيب المتقدم والعيب في الثلاثة.

(٣) أي لكون الحيوان بعد الثلاثة غير مضمون على البائع ، فالعيب الحادث فيه حينئذ ليس من مال البائع هذا من جهة ومن جهة أخرى فلو كان فيه عيب سابق في الثلاثة ثم طرأ عيب بعد الثلاثة كان العيب اللاحق مانعا من الرد بالعيب السابق لتغير المبيع ويتعين على المشتري الرجوع بالأرش خاصة.

(٤) أي رد المبيع ، وهو تعليل لعدم جواز الرد بالعيب اللاحق مع ثبوت العيب السابق.

(٥) أي العيب السابق وهو العيب الذي ثبت في الثلاثة.

(٦) من أولد جارية قد اشتراها مثلا ثم بانت أنها مستحقة للغير ، وثبت للاستحقاق ببينة شرعية أو غيرها ، جاز للمالك انتزاعها من المشتري بلا إشكال ولا خلاف ، ويجب على الواطئ على المشهور عشر قيمتها بدخول أرش الجناية عليها إن كانت بكرا بمعنى عدم ذهاب عذرتها ونصف العشر إن كانت ثيبا لصحيح الوليد بن صبيح عن أبي عبد الله عليه‌السلام (في رجل تزوج امرأة حرة فوجدها أمة قد دلست نفسها له ، فقال : إن كان الذي زوّجه إياها من غير مواليها فالنكاح فاسد ، قلت : فكيف يصنع بالمهر الذي أخذت منه؟ فقال : إن وجد مما أعطاها شيئا فليأخذه وإن لم يجد شيئا فلا شي‌ء له عليها ، وإن كان الذي زوّجه إياها ولي لها ارتجع على وليها بما أخذت منه ، ولمواليها عليه عشر قيمتها إن كانت بكرا ، وإن كانت غير بكر فنصف عشر قيمتها بما استحلّ من فرجها ، وتعتدّ منه عدة الأمة.

قلت : وإن جاءت منه بولد ، قال : أولادها منه أحرار إذا كان النكاح بغير إذن المولى) (١) ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٦٧ ـ من أبواب نكاح العبيد والإماء حديث ١.

٤٥٨

تقدم من جواز رجوع المالك على المشتري ، عالما كان أم جاهلا بالعين ، ومنافعها المستوفاة ، وغيرها (١) ، فإن ذلك (٢) هو عوض بضع الأمة ، للنص الدال على ذلك ، (أو مهر المثل) (٣) لأنه (٤) القاعدة الكلية في عوض البضع بمنزلة قيمة المثل في غيره (٥) ، واطّراحا للنص الدال على التقدير بالعشر أو نصفه ، وهذا الترديد توقف من المصنف في الحكم ، أو إشارة إلى القولين ، لا تخيير بين الأمرين

______________________________________________________

ـ وصحيح الفضيل بن يسار ـ الوارد في التحليل ـ (قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام ـ إلى أن قال ـ قلت : أرأيت إن أحلّ له ما دون الفرج فغلبته الشهوة فاقتضها ، قال : لا ينبغي له ذلك ، قلت : فإن فعل أيكون زانيا؟ قال : لا ولكن يكون خائنا ويغرّم لصاحبها عشر قيمتها إن كانت بكرا ، وإن لم تكن فنصف عشر قيمتها) (١) ، وخبر ابن سنان (سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن رجل اشترى جارية حبلى ولم يعلم بحبلها فوطأها ، قال : يردها على الذي ابتاعها منه ، ويرد معها نصف عشر قيمتها لنكاحه إياها) (٢) ، ومثلها غيرها ، واختلاف مورد الأخبار مع المقام لا يضر بعد اتحاد طريق المسألتين من أن نكاحه إياها إذا بانت مستحقة للغير موجب للعشر إذا كانت بكرا ونصف العشر إذا كانت ثيبا.

وعن الشيخ في المبسوط وابن إدريس أنه يجب عليه مهر أمثالها الذي هو عوض منفعة البضع عند عدم التسمية من غير فرق بين الحرة والأمة ، وهو اجتهاد في مقابلة النصوص المتقدمة.

(١) قد تقدم أنه لا يرجع بالمنافع غير المستوفاة ويدل عليه خبر زرارة (قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : رجل اشترى جارية من سوق المسلمين فخرج بها إلى أرضه فولدت منه أولادا ، ثم إن أباها يزعم أنها له وأقام على ذلك البينة ، قال : يقبض ولده ويدفع إليه الجارية ، ويعوّضه في قيمة ما أصاب من لبنها وخدمتها) (٣) وذكر المنافع المستوفاة فقط مع أنه في مقام البيان دليل على عدم ضمان غيرها.

(٢) أي العشر إذا كانت بكرا ونصفه إذا كانت ثيبا.

(٣) كما هو قول الشيخ وابن إدريس.

(٤) أي مهر المثل.

(٥) غير البضع.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٣٥ ـ من أبواب نكاح العبيد والإماء حديث ١.

(٢) الوسائل الباب ـ ٥ ـ من أبواب أحكام العيوب حديث ١.

(٣) الوسائل الباب ـ ٨٨ ـ من أبواب نكاح العبيد والإماء حديث ٤.

٤٥٩

والمشهور منهما الأول ، (و) أغرم (الأجرة) عما استوفاه من منافعها ، أو فاتت تحت يده.(وقيمة الولد) (١) يوم ولادته لو كان قد أحبلها وولدته حيا (رجع بها) أي بهذه المذكورات جمع (على البائع مع جهله) بكونها مستحقة (٢) ، لما تقدم (٣) من رجوع المشتري الجاهل بفساد البيع على البائع بجميع ما يغرمه.

والغرض من ذكر هذه هنا التنبيه على مقدار ما يرجع به مالك الأمة على مشتريها الواطئ لها ، مع استيلادها ، ولا فرق في ثبوت العقر (٤) بالوطء بين علم الأمة بعدم صحة البيع ، وجهلها على أصح القولين (٥) ، وهو الذي يقتضيه إطلاق

______________________________________________________

(١) سواء قلنا أنه يغرّم بالعشر ونصفه أو يغرّم بأجرة المثل فالولد حر لتبعيته لإشراف الأبوين ، ولصريح صحيح الوليد بن صبيح المتقدم ، ولكن على أبيه قيمته يوم ولد حيا للأخبار.

منها : مرسل جميل عن أبي عبد الله عليه‌السلام (في رجل اشترى جارية فأولدها فوجدت الجارية مسروقة قال : يأخذ الجارية صاحبها ويأخذ الرجل ولده بقيمته) (١) ، وصحيح جميل بن دراج عن أبي عبد الله عليه‌السلام (في الرجل يشتري الجارية من السوق فيولدها ثم يجي‌ء مستحق الجارية ، قال : يأخذ الجارية المستحق ، ويدفع إليه المبتاع قيمة الولد ، ويرجع على من باعه بثمن الجارية وقيمة الولد التي أخذت منه) (١).

هذا ويرجع المشتري الجاهل بالاستحقاق على البائع بما اغترمه من مهر أو أجرة أو قيمة الولد كما هو مفاد صحيح جميل المتقدم ، وقد تقدم البحث فيه في مبحث الفضولي فراجع.

(٢) أما لو كان عالما بالاستحقاق فالولد رق للمالك والوطي زان ويلزمه عوض البضع ولا يرجع به ولا بما اغترمه على البائع.

(٣) في البيع الفضولي.

(٤) هو ما يؤخذ بإزاء الوطي.

(٥) لإطلاق الأخبار المتقدمة ، وذهب الشهيد في الدروس إلى ثبوت المهر عند الإكراه ، ولازمه أنها لو علمت ورضيت فلا مهر لها قال في الدروس في بحث بيع الحيوان (ولو كان عالما بالاستحقاق والتحريم فهو زان ، وولده رق وعليه المهر إن أكرهها) (٣) وحكي ـ

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٨٨ ـ من أبواب نكاح العبيد والإماء حديث ٣ و ٥.

(٣) الدروس ص : ٣٤٨.

٤٦٠