الزبدة الفقهيّة - ج ٤

السيّد محمّد حسن ترحيني العاملي

الزبدة الفقهيّة - ج ٤

المؤلف:

السيّد محمّد حسن ترحيني العاملي


الموضوع : الفقه
الناشر: دار الفقه للطباعة والنشر
المطبعة: سليمان‌زاده
الطبعة: ٥
ISBN: 964-8220-35-2
ISBN الدورة:
964-6307-53-1

الصفحات: ٦٨٠

(ويستحب للحاكم وعظ الحالف قبله) (١) وترغيبه في ترك اليمين ، إجلالا لله تعالى ، أو خوفا من عقابه على تقدير الكذب ، ويتلو عليه ما ورد في ذلك من الأخبار والآثار ، مثل ما روي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، من أجلّ الله أن يحلف به أعطاه الله خيرا مما ذهب منه ، وقول الصادق عليه‌السلام : من حلف بالله كاذبا كفر ، ومن حلف بالله صادقا أثم ، إن الله عزوجل يقول : (وَلٰا تَجْعَلُوا اللّٰهَ عُرْضَةً لِأَيْمٰانِكُمْ) ، وعنه عليه‌السلام (٢) قال حدثني أبي أن أباه كانت عنده امرأة من الخوارج فقضي لأبي أنه طلّقها ، فادعت عليه صداقها فجاءت به إلى أمير المدينة تستعديه ،

______________________________________________________

(١) للأخبار منها : خبر يعقوب الأحمر عن أبي عبد الله عليه‌السلام (من حلف على يمين وهو يعلم أنه كاذب فقد بارز الله) (١) وخبر جابر بن يزيد عن أبي جعفر عليه‌السلام (قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إياكم واليمين الفاجرة فإنها تدع الديار بلاقع) (٢) ، وخبر السكوني عن أبي عبد الله عليه‌السلام (قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من أجلّ الله أن يحلف به أعطاه الله خيرا مما ذهب منه) (٣) ، وخبر أبي أيوب الخزاز عن أبي عبد الله عليه‌السلام (لا تحلفوا بالله صادقين ولا كاذبين ، فإنه عزوجل يقول : (وَلٰا تَجْعَلُوا اللّٰهَ عُرْضَةً لِأَيْمٰانِكُمْ)) (٤) ، وخبر أبي سلام المتعبد أنه سمع أبا عبد الله عليه‌السلام يقول لسدير : (يا سدير من حلف بالله كاذبا كفر ، ومن حلف بالله صادقا أثم ، إن الله عزوجل يقول : ولا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم) (٥) ، وخبر علي بن أبي حمزة عن أبي بصير عن أبي جعفر عليه‌السلام (إن أباه كانت عنده امرأة من الخوارج ، أظنه قال : من بني حنيفة ، فقال له مولى : يا بن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إن عندك امرأة تبرأ من جدك ، فقضى لأبي أن طلقها فادعت عليه صداقها فجاءت به إلى أمير المدينة تستعديه فقال له أمير المدينة : يا علي إما أن تحلف وإما تعطيها ، فقال لي : يا بني قم فأعطها أربعمائة دينار ، فقلت له : يا أبه ، جعلت فداك ، ألست محقا؟ قال : بلى يا بنيّ ، ولكنّي أجللت الله أن أحلف به يمين صبر) (٦) واليمين الصبر هي يمين الصدق لأن الحالف يصبر عليها كما قيل ، وعن المغرب أنها هي التي يصبر عليها ، أي يحبس حتى يحلف.

(٢) والخبر مروي عن أبي جعفر عليه‌السلام كما تقدم.

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٤ ـ من كتاب الأيمان حديث ٤ و ٦.

(٣ و ٤) الوسائل الباب ـ ١ ـ من كتاب الأيمان حديث ٣ و ٥.

(٥) الوسائل الباب ـ ١ ـ من كتاب الأيمان حديث ٦.

(٦) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من كتاب الأيمان حديث ١.

١٢١

فقال له أمير المدينة : يا علي إما أن تحلف ، أو تعطيها فقال لي يا بني : قم فأعطها أربعمائة دينار ، فقلت : يا أبه جعلت فداك ، ألست محقا قال : بلى ولكني أجللت الله عزوجل أن أحلف به يمين صبر.

(ويكفي الحلف على نفي الاستحقاق (١) وإن أجاب) في إنكاره (بالأخص) كما إذا أدعي عليه قرضا فأجاب بأني ما اقترضت ، لأن نفي الاستحقاق يشمل المتنازع وزيادة ، ولأن المدعي قد يكون صادقا فعرض ما يسقط الدعوى ، ولو اعترف به وادعى المسقط طولب بالبينة ، وقد يعجز عنها فدعت الحاجة إلى قبول الجواب المطلق ، وقيل : يلزمه الحلف على وفق ما أجاب به ، لأنه بزعمه قادر على

______________________________________________________

(١) لقد أجاد الشارح في المسالك في تحرير هذه المسألة حيث قال : (إذا ادّعى عليه شيئا فإما أن يطلق الدعوى كقوله : لي عليك مائة ، أو يخصصها في سبب معين ، كقوله : من ثمن مبيع أو أجرة أو غصب ، وإنكار المدعى عليه إما أن يكون مطلقا أيضا ، كقوله : لا تستحق عندي شيئا أو معينا ، كقوله : لم أغصب أو لم اشتر أو لم استأجر ، فمع اطلاق الإنكار يكفيه الحلف على نفي الاستحقاق مطلقا اتفاقا ، لأن الغرض يحصل به ، ونفي العام يستلزم نفي الخاص ، فإن أجاب بنفي الخاص فإذا حلف عليه فكذلك لأنه هو المطابق للإنكار ويأتي على الدعوى.

وإن أراد الحلف على نفي الاستحقاق ـ عند كون إنكاره بنفي الخاص ـ ففي إجابته قولان ، أظهرهما نعم لما تقدم من دخول الخاص في ضمن نفيه ، وجاز تعلق غرض صحيح بالعدول إلى العام بأن كان قد غصب أو اشترى أو استأجر ولكن برئ من الحق بدفع أو إبراء فحلفه على نفي الخاص كذب ، والعدول إلى العام مع كونه صدقا يتضمن الفرض الصحيح من براءته من حقه ، وقال الشيخ : يلزمه في هذه الصورة الحلف على وفق الجواب ، لأنه المطابق للدعوى ، وجوابه بنفي الأخص يقتضي عدم تلك الاحتمالات الموجبة للعدول إلى الأعم ، ولو وقعت لأجاب ابتداء بنفي الاستحقاق.

ويضعّف بأنه مع تسليم قدرته على الحلف على وفق الجواب لا يلزم منه وجوب إجابته إليه ، وإنما اللازم له الحلف على البراءة من حقه بأي لفظ اتفق ، فله العدول إلى نفي الاستحقاق اقتراحا ، مع أنا نمنع من استلزام جوابه بنفي الأخص إمكان حلفه عليه لما استقر عليه من العادات من التساهل في جواب المحاورات بما لا يتساهل به في وقت الأيمان ونحوها) انتهى. والمنع الثاني شرحه صاحب الجواهر بقوله : (ربما كان له غرض بتغيير المحلوف عليه عما أجاب به لمعلومية التسامح في العادة في المحاورة بما لا يتسامح به في حال الحلف) انتهى.

١٢٢

الحلف عليه حيث نفاه بخصوصه إن طلبه منه المدعي ويضعف بما ذكرناه ، وبإمكان التسامح في الجواب بما لا يتسامح في اليمين.

(و) الحالف (يحلف) أبدا (على القطع (١) في فعل نفسه وتركه وفعل غيره) ، لأن ذلك يتضمن الاطلاع على الحال الممكن معه القطع ، (وعلى نفي العلم في نفي فعل غيره) كما لو ادّعي على مورّثه مالا فكفاه الحلف على أنه لا يعلم به ، لأنه يعسر الوقوف عليه ، بخلاف إثباته فإن الوقوف عليه لا يعسر.

(القول في الشاهد واليمين (٢)

(كل ما يثبت بشاهد وامرأتين يثبت بشاهد ويمين (٣) ،) ...

______________________________________________________

(١) أي البيت إثباتا ونفيا لأنه أعرف بنفسه ، وكذا لو أراد الحلف على فعل الغير فيحلف على البت لأنه يسهل الوقوف عليه كما أنه يشهد به ، وأما لو أراد الحلف على نفي فعل الغير فيحلف على عدم العلم به ، لأن النفي المطلق بمعنى أنه لم يفعله الغير واقعا مما يعسر الوقوف على سببه ولهذا لا تجوز الشهادة على النفي.

(٢) لا خلاف ولا إشكال في القضاء بالشاهد واليمين في الجملة ، وهو عندنا موطن وفاق ووافقنا عليه الكثير من العامة ، وخالف أبو حنيفة وأصحابه ففي خبر أبي العباس بن هلال عن أبي الحسن الرضا عليه‌السلام (إن جعفر بن محمد عليهما‌السلام قال له أبو حنيفة : كيف تقضون باليمين مع الشاهد الواحد؟ فقال جعفر عليه‌السلام : قضى به رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وقضى به علي عليه‌السلام عندكم ، فضحك أبو حنيفة ، فقال له جعفر عليه‌السلام : أنتم تقضون بشهادة واحد شهادة مائة ، قال : ما نفعل ، فقال عليه‌السلام : بلى يشهد مائة فترسلون واحدا يسأل عنهم ثم تجيزون شهادتهم بقبوله) (١) ، وصحيح منصور بن حازم عن أبي عبد الله عليه‌السلام (كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقضي بشاهد واحد مع يمين صاحب الحق) (٢) وصحيح حماد (سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : حدثني أبي أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قضى بشاهد هو ويمين) (٣) ومثلها غيرها.

(٣) وقع الخلاف فيه فعلى المشهور أن الشاهد واليمين يجري في حقوق الناس المالية لصحيح محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام (لو كان الأمر إلينا أجزنا شهادة الرجل الواحد إذا علم منه خير مع يمين الخصم في حقوق الناس ، فأما ما كان من حقوق الله عزوجل أو ـ

__________________

(١ و ٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ١٤ ـ من أبواب كيفية الحكم حديث ١٣ و ٢ و ٤.

١٢٣

.................................................................................................

______________________________________________________

ـ رؤية الهلال فلا) (١).

وعن الشيخ وابن زهرة وجماعة من القدماء اختصاص ذلك بالدين فقط للأخبار.

منها : خبر أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام (عن الرجل يكون له عند الرجل الحق وله شاهد واحد فقال : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقضي بشاهد واحد ويمين صاحب الحق ، وذلك في الدين) (٢) وخبر حماد بن عثمان عن أبي عبد الله عليه‌السلام (كان علي عليه‌السلام يجيز في الدين شهادة رجل ويمين المدعي) (٣) وخبر محمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليه‌السلام (كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يجيز في الدين شهادة رجل واحد ويمين صاحب الدين ، ولم يجز في الهلال إلا شاهدي عدل) (٤) ، وخبر القاسم بن سليمان عن أبي عبد الله عليه‌السلام (قضى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بشهادة رجل مع يمين الطالب في الدين وحده) (٥) ، ومقتضى الجمع بين الأخبار يقتضي اختصاص ذلك بالدين.

وعلى المشهور لم يعمل بهذه الأخبار إما للاعراض عنها وإما لأنها غير صالحة للتقييد لأنها بصدد بيان فعل النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في الدين ولا تدل على أنه لا يجوز ذلك في غير الدين.

وفيه : كثرتها مع العمل بها من جماعة من القدماء يوجب التمسك بها هذا من جهة ومن جهة أخرى فهي صريحة في التقييد ، ومن جهة ثالثة فصحيح محمد بن مسلم المتقدم مطلق غير ظاهر في حقوق الناس المالية ، إذ حمله على هذه الحقوق المالية فقط من دون مستند ولذا ذهب صاحب الكفاية ومال إليه في الجواهر من باب التمسك بها إلى كل حقوق الناس سواء كانت مالية أو لا كعيوب النساء والوكالة والعتق والرجعة والطلاق والخلع والتدبير والنسب وغير ذلك ممّا لا يختص بخصوص المال ، بالإضافة إلى أن المشهور غير متفق في تحديد الحقوق المالية ، بل كلامهم في غاية التشويش ، بل يختلف كلام الشخص الواحد في كتابين بل في كتاب واحد في ضابطة الحقوق المالية ومصاديقها ، فالأقوى اختصاص ذلك بالدين فقط.

وأما شهادة امرأتين وشاهد فلا يثبت بهما شي‌ء من حقوق الله سبحانه الموجبة للحد ، وأما حقوق الآدميين فإن كان كالطلاق والخلع والوكالة والوصية إليه والنسب ورؤية الاهلة فلا خلاف في عدم القبول إلا من الشيخ وابن الجنيد في الطلاق والنسب والخلع ، وأما في العتق والنكاح والقصاص ففيه خلاف ، وأما إذا كانت حقوق الآدميين من قبيل الدين والقرض والغصب والبيع والصرف والسلم والصلح والإجارة والوصية له والجناية التي ـ

__________________

(١ و ٢ و ٣ و ٤ و ٥) الوسائل الباب ـ ١٤ ـ من أبواب كيفية الحكم حديث ١٢ و ٥ و ٣ و ١ و ١٠.

١٢٤

(وهو (١) كل ما كان مالا ، أو كان المقصود منه المال كالدين والقرض) (٢) تخصيص بعد التعميم (٣) ، (والغصب ، وعقود المعاوضات (٤) كالبيع والصلح) ، والإجارة ، والهبة المشروطة بالعوض (٥) ، (والجناية الموجبة للدية كالخطإ ، وعمد الخطأ ، وقتل)

______________________________________________________

ـ توجب الدية فعلى المشهور القبول ، وقد اتفق الجميع في قبولها بالدين ، كل ذلك للأخبار الواردة في ذلك وسيأتي تفصيل ذلك في باب الشهادات وسترى أن موارد قبول شهادة المرأتين مع الشاهد هي عين موارد الشاهد واليمين ، إلا في الدم بالنسبة للدية لئلا يذهب حق المسلم ، هذا وهل تقبل شهادة امرأتين ويمين بدل شاهد ويمين ، الأكثر على ذلك لخبر منصور بن حازم (حدثني الثقة عن أبي الحسن عليه‌السلام أنه قال : إذا شهدت لصاحب الحق امرأتان ويمينه فهو جائز) (١) وصحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أجاز شهادة النساء مع يمين الطالب في الدين يحلف بالله أن حقه لحق) (٢).

وعن ابن إدريس عدم قبول شهادة المرأتين مع اليمين محتجا بعدم الاجماع وبعدم تواتر الأخبار ، وهو مبني على أصله من عدم الأخذ بخبر الواحد وهو ضعيف ، نعم الرجوع إلى الأخبار يعطى أن جواز ذلك مختص بالدين ومنه تعرف أن جواز ذلك في مطلق المال كما عليه المشهور ليس في محله.

(١) أي ما يثبت بشاهد ويمين وضابطه : ما كان مالا كالدين والقرض والغصب والالتقاط والاحتطاب والأسر ، أو ما يقصد به المال كما في المعاوضات كالبيع والصرف والصلح والاجارة والهبة والوصية له والجناية الموجبة للدية كالخطإ المحض وقتل الوالد ولده ، وقتل الحر العبد ، وكسر العظام والجائفة والمأمومة ، ويخرج عنه غيرهما كالخلع والطلاق والرجعة والعتق والتدبير والكتابة والنسب والوكالة والوصية إليه وعيوب النساء على خلاف في بعضها كما سيأتي ، ولكن نحن في غنى عن هذا البحث بتمامه لاختصاص الشاهد واليمين في الدين فقط.

(٢) أمثلة القسم الأول ومنها الغصب وغيره.

(٣) فالدين ما ثبت بالذمة ولو من مهر أو جناية أو تلف ، وأما القرض فهو ما يثبت بالذمة بالاستدانة فهو أخص.

(٤) أمثلة القسم الثاني.

(٥) وأما الهبة غير المشروطة بعوض فليست من المعاوضات ، على أن إنكارها يعد رجوعا عنها إذا لم تكن على الرحم ولم يستعملها الآخذ.

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ١٥ ـ من أبواب كيفية الحكم حديث ٤ و ٣.

١٢٥

(الوالد ولده ، وقتل الحر العبد ، والمسلم الكافر ، وكسر العظام) وإن كان عمدا ، (و) كذا (الجائفة (١) والمأمومة) (٢) ، والمنقّلة (٣) لما في إيجابها (٤) القصاص على تقدير العمد من التغرير.

(ولا يثبت) بالشاهد واليمين (عيوب النساء) وكذا عيوب الرجال ، لاشتراكهما في عدم تضمنهما المال ، (ولا الخلع) (٥) لأنه إزالة قيد النكاح بفدية وهي شرط فيه ، لا داخلة في حقيقته ، ومن ثم أطلق المصنف والأكثر وهذا يتم مع كون المدعي هو المرأة ، أما لو كان الرجل فدعواه تتضمن المال وإن انضم إليه أمر آخر ، فينبغي القطع بثبوت المال كما لو اشتملت الدعوى على الأمرين في غيره (٦) كالسرقة ، فإنهم قطعوا بثبوت المال. (٧) وهذا قوي وبه جزم في الدروس (والطلاق) المجرد عن المال وهو واضح ، (والرجعة) (٨) لأن مضمون الدعوى إثبات الزوجية وليست مالا وإن لزمها النفقة ، لخروجها عن حقيقتها (٩) ، (والعتق (١٠) على قول) مشهور لتضمنه إثبات الحرية وهي ليست مالا ، وقيل :

______________________________________________________

(١) التي تصل إلى الجوف من أي الجهات.

(٢) التي تصل إلى أم الرأس وهي الخريطة التي تجمع الدماغ.

(٣) بالتشديد وهي التي تنقل العظام من محل إلى آخر.

(٤) فيما ذكر من الجائفة واختيها وإن كانت على سبيل العمد فلا يثبت القصاص لما فيه من تغرير بنفس الجاني لو أريد الاقتصاص منه.

(٥) قال في المسالك (فإن كان مدعيه الزوج فهو يتضمن دعوى المال ، وإن كان تدعيه الزوجة فلا) وهو واضح.

(٦) أي غير الخلع.

(٧) دون الحد فيما لو ثبت السرقة بشاهد ويمين.

(٨) لأنها من حيث هي رجعة لا توجب النفقة وإنما يوجبها النكاح السابق ، والرجعة رفعت حكم الطلاق فهي بذاتها لا توجب المال ولذا وقع الاتفاق عليها عند أصحاب هذا القول على أنها لا تثبت بشاهد ويمين.

(٩) أي خروج النفقة عن حقيقة الرجعة.

(١٠) فلا يثبت بشاهد ويمين على قول مشهور إنه يتضمن تحرير الرقبة ، والحرية ليست مالا ، وعن البعض أن المملوك مال وتحريره مستلزم لتفويته على المالك فالحرية وإن لم تكن مالا لكنها تتضمن مالا من هذه الحيثية.

١٢٦

يثبت بهما لتضمنه المال من حيث إن العبد مال للمولى فهو يدعي زوال المالية ، (والكتابة والتدبير والاستيلاد) (١). وظاهره عدم الخلاف فيها ، مع أن البحث (٢) آت فيها (٣). وفي الدروس ما يدل على أنها بحكمه ، لكن لم يصرحوا بالخلاف فلذا أفردها ، (والنسب) (٤) وإن ترتب عليه وجوب الإنفاق ، إلا أنه خارج عن حقيقته كما مر ، (والوكالة) (٥) لأنها ولاية على التصرف وإن كان في مال ، (والوصية إليه) (٦) كالوكالة (بالشاهد واليمين) متعلق بالفعل السابق ، أي لا تثبت هذه المذكورات بهما.

(وفي النكاح قولان) (٧) : أحدهما وهو المشهور عدم الثبوت مطلقا (٨) ، لأن المقصود الذاتي منه الإحصان ، وإقامة السنة ، وكفّ النفس عن الحرام والنسل وأما المهر والنفقة فإنهما تابعان. والثاني القبول مطلقا (٩) نظرا إلى تضمنه المال ولا نعلم قائله ، وفي ثالث قبوله من المرأة دون الرجل لأنها تثبت النفقة والمهر ، وذهب إليه العلامة. والأقوى المشهور (١٠) ،

(ولو كان المدّعون جماعة) وأقاموا شاهدا واحدا

______________________________________________________

(١) فلا تثبت هذه الأمور الثلاثة بالشاهد واليمين ، لأن الذي يدعيها يدعي ملزوم الحرية وقد عرفت أن الحرية ليست مالا فكذا ملزومها ، وفيه : إنه يدعي تفويت العبد على سيده والعبد مال فيجري فيه الخلاف السابق في العتق.

(٢) أي البحث المتقدم في العتق.

(٣) أي في هذه الثلاثة.

(٤) لأن المال ليس داخلا في حقيقته وإن ترتب عليه.

(٥) ومن الواضح عدم دخل المال في حقيقتها ولا يقصد بها المال.

(٦) بأن يوصى أن يقوم بعمل ما بخلاف الوصية له ، فالمال ليس داخلا في حقيقة الأول دون الثاني.

(٧) فعن المشهور عدم ثبوته بالشاهد واليمين لأن المقصود منه بالذات التناسل وإقامة السنة وكف النفس عن الحرام ، والمهر والنفقة من التوابع ، وقيل : يثبت من حيث تضمنه المهر والنفقة ، وعن العلامة في القواعد الثبوت إذا كانت الزوجة مدعية لأنها تدعي المهر والنفقة باللازم بخلاف الزوج لو كان مدعيا فلا يثبت.

(٨) سواء كان المدعي الزوج أو الزوجة.

(٩) سواء كان المدعي الزوج أو الزوجة.

(١٠) أي الأول ، هذا وقد أجاد صاحب الجواهر حيث قال : (عدم ثبوت كون العنوان للحكم ـ

١٢٧

(فعلى كل واحد يمين) ، لأن كل واحد يثبت حقا لنفسه ولا يثبت مال لأحد بيمين غيره (١).

(ويشترط شهادة الشاهد أولا (٢) ، وتعديله) (٣) والحلف بعدهما ، (ثم الحكم يتم بهما (٤) لا بأحدهما فلو رجع الشاهد غرم النصف) ، لأنه أحد جزئي سبب فوات المال على المدعى عليه ، (والمدعي لو رجع غرم الجميع) (٥) ، لاعترافه بلزوم المال له مع كونه قد قبضه ، ولو فرض تسلم الشاهد المال ثم رجع أمكن ضمانه

______________________________________________________

ـ المتعلق بالمال في شي‌ء من النصوص المروية من طرقنا كي نرجع في المراد منه إلى العرف ، وكلامهم غير منقح بل فيه من التشويش ما لا يخفى ـ إلى أن قال ـ ومن الغريب اتفاقهم على خروج الوكالة على المال وإن كانت بجعل ، وكذا الوصية ، واختلافهم في العتق ، وبالجملة كل من أعطى النظر حقه في كلماتهم وخلع ربقة التقليد يعلم أنها في غاية التشويش ، والسبب فيه هو الضابط المذكور الذي لم نجده في شي‌ء من النصوص ، وإنما الموجود فيها عنوانا للحكم (حقوق الناس بعدم تقييدها بنصوص الدين) انتهى ، وقد عرفت لا بدية التقييد وحصر مورد الشاهد واليمين في خصوص الدين ، فهذا البحث في مصاديق ضابط المشهور من كونه مالا أو قد قصد به المال ساقط من أساسه.

(١) حلف كل واحد مع الشاهد ، لأن هذه الدعوى تنحل إلى دعاوى متعددة وإن كانت واحدة ظاهرا بلا خلاف فيه إلا من المقدس البغدادي حيث اجتزأ بيمين واحد من أحدهم ، وفيه : إنه لو اجتزئ بيمين واحدة لبثت مال الغير بيمين غيره وهو مخالف للقواعد والأصول المقررة في هذا الباب.

(٢) ثم الحلف بلا خلاف فيه وذلك لأن المدعي وظيفته البينة لا اليمين بالأصالة ، فإذا أقام شاهدا صارت ـ البينة التي هي وظيفته ـ ناقصة فيتممها باليمين ، بخلاف ما لو قدم اليمين فإنه ابتدأ بما ليس من وظيفته ولم يتقدمه ما يكون متمما له ، ولأن الشاهد أقوى جانبا من اليمين فلا بد من تقديمه ، ولأصالة عدم ثبوت الحق بدون تقدم الشاهد على اليمين بعد الشك في إرادة غيره من إطلاق الأدلة.

(٣) اشتراط العدالة معلوم حتى تكون شهادته معتبرة ، وسيأتي الدليل على اشتراط العدالة في الشاهد في باب الشهادات.

(٤) لأن النصوص السابقة قد وردت بهما ، فتكون اليمين قائمة مقام الشاهد الآخر فكل منهما جزء حينئذ.

(٥) لأن يده على المال فيضمنه بتمامه لأنها يد عدوان.

١٢٨

الجميع (١) إن شاء المالك ، لاعترافه بترتب يده على المغصوب ، فيتخير المالك في التضمين (ويقضى على الغائب عن مجلس القضاء) (٢) سواء بعد أم قرب وإن كان

______________________________________________________

(١) فيده على المال ـ حسب الفرض ـ بعد يد المدعي ، فمع فرض رجوع الشاهد عن شهادته والمدعي عن يمينه ودعواه فقد أقر بالحق للمدعى عليه ، ولازم اقرارهما أن يدهما على المال يد عدوان ، ومع تعاقب الأيدي العدوانية الضامنة على المال فالمالك بالخيار في الرجوع على أيهما شاء.

(٢) القضاء على الغائب مشروع وثابت في الجملة بلا خلاف فيه للأخبار.

منها : خبر جميل بن دراج عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام (الغائب يقضى عليه إذا قامت عليه البينة ويباع ماله ، ويقضى عنه دينه وهو غائب ، ويكون الغائب على حجته إذا قدم ، قال : ولا يدفع المال إلى الذي أقام البينة إلا بكفلاء) (١) وصحيح زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام (كان علي عليه‌السلام يقول : لا يحبس في السجن إلا ثلاثة : الغاصب ، ومن أكل مال اليتيم ظلما ، ومن ائتمن على أمانة فذهب بها ، وإن وجد له شي‌ء باعه غائبا كان أو شاهدا) (٢).

وما ورد في خبر أبي البختري عن جعفر عن أبيه عن علي عليهم‌السلام (لا يقضى على غائب) (٣) محمول على أنه لا يجزم بالقضاء عليه بل يكون على حجته عند حضوره.

ومقتضى الأخبار جواز القضاء على الغائب المسافر سواء كان دون المسافة أو بعدها وخالف يحيى بن سعيد فاعتبر المسافة والاطلاق المتقدم حجة عليه ، وأما إذا كان في البلد ولم يحضر مجلس الحكم لعارض فكذلك لإطلاق الأخبار المتقدمة ، وأما إذا لم يحضر قصدا فالمشهور جواز القضاء عليه للإطلاق المذكور ، وعن الشيخ في المبسوط العدم اقتصارا فيما خالف الأصل على المتيقن وهو ما لو غاب على نحو الضرورة. والإطلاق أيضا يدفعه.

ثم إن القضاء على الغائب مخصوص بحقوق الآدميين كالديون والعقود والايقاعات فإذا ثبتت البينة يحكم بها عليه لئلا تضيع حقوق الناس وليس فيها حيف على الغائب لأنه على حجته إذا حضر ، وأما في حقوق الله كالحد المترتب على الزنا وغيره فلا ، لأنها مبنية على التخفيف فلعله فعل الزنا بعنوان وطء الشبهة ولذا تدرأ الحدود بالشبهات بلا خلاف في ذلك كله ، وإنما الخلاف فيما اشتمل على الحقين كالسرقة فلا إشكال في ثبوت حق الآدمي وهو المال ، وأما القطع الذي هو حق الله فمقتضى ما تقدم عدم الثبوت وقد تردد ـ

__________________

(١ و ٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٢٦ ـ من أبواب كيفية الحكم حديث ١ و ٢ و ٤.

١٢٩

في البلد ولم يتعذر عليه حضور مجلس الحكم على الأقوى ، لعموم الأدلة ، ولو كان في المجلس لم يقض عليه إلا بعد علمه (١) ، ثم الغالب على حجته لو حضر ، فإن ادعى بعده قضاء أو إبراء أقام به البينة ، وإلا أحلف المدعي ، ومحله حقوق الناس ، لا حقوق الله تعالى ، لأن القضاء على الغائب احتياط ، وحقوق الله تعالى مبنية على التخفيف لغنائه ، ولو اشتمل على الحقين كالسرقة قضي بالمال دون القطع.

(وتجب اليمين مع البينة على بقاء الحق) (٢) إن كانت الدعوى لنفسه ، ولو

______________________________________________________

ـ المحقق من حيث إنه حق الله فلا يثبت ، ومن أن القطع والمال هنا معلولان لعلة واحدة فإذا ثبت معلول فلا بد أن يثبت الآخر حتما لأنه لا يعقل ثبوت أحدهما دون الآخر ، وفيه : إن التفكيك بين المتلازمين في الفقه غير عزيز وذلك لأنها ليست معاليل لعلة حقيقية بل العلة هنا من قبيل المعرّفات للأحكام. ومثله ما لو أقر بالسرقة فإنه يثبت المال دون القطع بالاتفاق.

(١) لعدم صدق الغائب عليه فلا تشمله الأخبار المتقدمة.

(٢) قد تقدم أنه لا يستحلف المدعي مع بينته بالاتفاق ويدل عليه مضافا إلى ما تقدم خبر محمد بن مسلم (سألت أبا جعفر عليه‌السلام : عن الرجل يقيم البينة على حقه هل عليه أن يستحلف؟ قال : لا) (١) وخبر أبي العباس عن أبي عبد الله عليه‌السلام (إذا أقام الرجل البينة على حقه فليس عليه يمين) (٢).

وما عن بعض العامة من ضم اليمين إلى البينة في المدعي ضعيف ، نعم قد ورد في حديث سلمة بن كهيل عن علي عليه‌السلام يقول لشريح : (وردّ اليمين على المدعي مع بينته فإن ذلك أجلى للعمى وأثبت في القضاء) (٣) ، فهو محمول على الدعوى على الميت كما سيأتي أو أنه يرد إلى أهله لعدم صلاحيته لمعارضة ما تقدم.

إذا تقرر هذا فقد استثنى الأصحاب من ذلك ما لو كانت الدعوى على الميت فإذا ادعى عليه حقا وشهدت البينة بذلك فإنه يستحلف على بقاء الحق في ذمة الميت استظهارا إذ لعله قد وفّاه حقه ببينة أخرى أو من دون بينة ، وهذه اليمين تسمى بيمين الاستظهار ، وهذا مما لا خلاف فيه لخبر عبد الرحمن بن أبي عبد الله (قلت للشيخ عليه‌السلام ـ يعني موسى بن جعفر ـ : خبّرني عن الرجل يدعي قبل الرجل الحق فلم تكن له بينة بما له ـ

__________________

(١ و ٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٨ ـ من أبواب كيفية الحكم حديث ١ و ٢ و ٤.

١٣٠

كانت لموكله ، أو للمولى عليه فلا يمين عليه (١) ، ويسلّم المال بكفيل إلى أن يحضر المالك ، أو يكمل (٢) ويحلف (٣) ما دام المدعى عليه غائبا (٤) ، (وكذا تجب) اليمين مع

______________________________________________________

ـ قال : فيمين المدعى عليه ، فإن حلف فلا حق له ، وإن ردّ اليمين على المدعي فلم يحلف فلا حق له ، وإن كان المطلوب بالحق قد مات فأقيمت عليه البينة ، فعلى المدعي اليمين بالله الذي لا إله إلا هو لقد مات فلان وأن حقه لعليه ، فإن حلف وإلا فلا حق له ، لأنا لا ندري لعله قد أوفاه ببينة لا نعلم موضعها ، أو غير بينة قبل الموت ، فمن ثمّ صارت عليه اليمين مع البينة ، فإن ادعى بلا بينة فلا حق له ، لأن المدعى عليه ليس بحي ، ولو كان حيا لألزم اليمين أو الحق أو يرد اليمين عليه ، فمن ثم لم يثبت الحق) (١) وهي نص في المطلوب ، وفي طريقها محمد بن عيسى العبيدي وهو ضعيف عند جماعة ، وياسين الضرير وهو لم يمدح ولم يذم إلا أن المناقشة في السند مدفوعة لانجبارها بعمل الأصحاب.

ثم هل يتعدى من الميت إلى من يساويه في المعنى كالدعوى على الغائب والطفل والمجنون حيث لا لسان لهم ، فذهب الأكثر إلى التعدي لاشتراك الجميع في العلة المومى إليها في النص وهي أن المدعى عليه ليس له لسان يجيب به.

وفيه : إن العلة الظاهرة من الخبر هو كون المدعى عليه ليس بحي ، وهذه العلة منتفية في المذكورين ، بالإضافة إلى أن الميت قد انتفى جوابه مطلقا في دار الدنيا بخلاف الصبي والمجنون والغائب فإن لهم لسانا يرتقب جوابهم في المستقبل فهم باقون على حجتهم ، بالإضافة إلى الأخبار المتقدمة في جواز القضاء على الغائب حيث دلت بإطلاقها على عدم ضم يمين الاستظهار إلى بينة المدعي ، ولذا ذهب المحقق وجماعة إلى عدم الالحاق. ثم إن مورد النص ما لو كانت الدعوى على الميت دينا ، أما لو كانت الدعوى عينا في يد الميت بعارية أو غصب وقامت البينة للمدعي أنها له إلى حين الدعوى دفعت إليه من دون ضم اليمين للقطع بنفي احتمال خروج الميت عن حق المدعي ، وأما لو قامت البينة للمدعي أنه قد أعطى الميت العين بعارية أو غصب ولم تشهد أنها باقية على ملك المدعي إلى حين الدعوى فالأقوى ضم يمين الاستظهار لاحتمال خروج الميت عن حق المدعي.

(١) لما تقدم من عدم اليمين من شخص يدعي المال لغيره.

(٢) أي يتحقق به الكمال من البلوغ والعقل.

(٣) يمين الاستظهار.

(٤) بناء على إلحاقه بالميت.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٤ ـ من أبواب كيفية الحكم حديث ١.

١٣١

البينة (في الشهادة على الميت والطفل أو المجنون) أما على الميت فموضع وفاق ، وأما على الغائب والطفل والمجنون فلمشاركتهم له في العلة المومى إليها في النص ، وهو أنه لا لسان له (١) للجواب فيستظهر الحاكم بها (٢) ، إذ يحتمل لو حضر كاملا أن يجيب بالإيفاء ، أو الإبراء فيتوجه اليمين ، وهو (٣) من باب اتحاد طريق المسألتين ، لا من باب القياس.

وفيه نظر للفرق مع فقد النص (٤) ، وهو (٥) أن الميت لا لسان له مطلقا في الدنيا بخلاف المتنازع (٦) فيمكن مراجعته إذا حضر ، أو كمل ، وترتيب حكم على جوابه ، بخلاف الميت فكان أقوى في إيجاب اليمين فلا يتحد الطريق. وإطلاقه (٧) يقتضي عدم الفرق بين دعوى العين والدين وقيل بالفرق ، وثبوت اليمين في الدين خاصة ، لاحتمال الإبراء منه وغيره (٨) من غير [علم] الشهود ، بخلاف العين فإن ملكها إذا ثبت استصحب ، ويضعف بأن احتمال تجدد نقل الملك ممكن في الحالين والاستظهار وعدم اللسان آت فيهما (٩).

(القول في التعارض)

أي تعارض الدعوى في الأموال (لو تداعيا ما في أيديهما) (١٠) فادعى كل

______________________________________________________

(١) للميت كما هو مورد النص.

(٢) أي باليمين.

(٣) أي الحاق الطفل والمجنون والغائب بالميت.

(٤) إذ النص قد ورد في الميت وهو مفقود في الطفل والمجنون والغائب.

(٥) أي الفرق.

(٦) من الطفل والمجنون والغائب.

(٧) أي إطلاق النص.

(٨) أي غير الإبراء كالوفاء.

(٩) في الدين والعين ، وقد عرفت عدم الاحتياج إلى اليمين إذا قامت البينة على ثبوت العين للمدعي إلى حين الدعوى ، إلا أن يقال إنها شهادة على النفي لا تقبل لأنها تشهد على عدم ملكية الميت للعين بنقل من بيع وغيره ، وهو ضعيف لأنها تتضمن إثباتا ، وهو استمرار ملكية المدعي إلى حين الدعوى فلا تغفل.

(١٠) لو تنازعا في عين وكلّ منهما يدعي مجموعها له ولا بينة لهما ، فلا يخلو إما أن تكون العين في يدهما ، أو في يد أحدهما أو في يد ثالث.

١٣٢

[واحد] منهما المجموع ولا بينة (حلفا) كل منهما على نفي استحقاق الآخر (واقتسماه) بالسوية ، وكذا لو نكلا عن اليمين (١) ، ولو حلف أحدهما ونكل الآخر فهو للحالف (٢) ، فإن كانت يمينه بعد نكول صاحبه حلف يمينا واحدة تجمع النفي والإثبات ، وإلا (٣) افتقر إلى يمين أخرى للإثبات ، (وكذا) يقتسمانه (إن أقاما

______________________________________________________

ـ وعلى الأول فكل منهما مدع النصف الذي هو في يد غيره ومدعى عليه في النصف الآخر الذي هو في يده ، فيحلف كل واحد منهما على نفي ما يدعيه الآخر ، ولا يتعرض واحد منهما في يمينه لاثبات ما في يده بل يقتصر على أنه لاحق لصاحبه فيما في يده ، لأن اليمين هنا يمين المدعى عليه فإذا حلف ثبت قوله فيما هو مدعى عليه ، وهو ثبوت ما في يده له وهو نصف المجموع ، ولم يخالف في ذلك إلا المحقق حيث أورد الحلف بصورة القيل المشعر بالتضعيف مع أن القاعدة بأن البينة على المدعي واليمين على من أنكر تقتضي الحلف كما ذكرنا.

(١) وقلنا بالحكم على المدعى عليه بمجرد النكول ، فما في يد كل منهما ينتقل إلى الآخر وتكون النتيجة قسمة المدعى فيه نصفين بينهما.

ولو قلنا برد الحاكم اليمين المردودة على المدعي ، فكل منهما مدع للنصف الموجود عند الآخر ، وكل منهما ناكل عن اليمين المردودة بحسب الفرض فتسقط دعوى كل منهما حينئذ ، مع بقاء ما في يد كل منهما له والنتيجة هي التنصيف بينهما.

(٢) أي المتنازع فيه ، فهو له كله ، لأن هذا الحالف مدع ومدعى عليه ، فيما أنه مدعى عليه بالنصف الذي تحت يده فيحتاج إلى يمين المنكر وهي يمين نفي استحقاق الغير ، وبما أنه مدع بالنصف الذي في يد خصمه ـ والمفروض أن الخصم قد نكل عن اليمين ـ فلو حكمنا بمجرد النكول فالنصف الذي في يد خصمه له بلا حلف منه ، ولو رددنا اليمين المردودة عليه فعليه بما هو مدع يمين وهي يمين إثبات أن ما في يده له ، فإذن عليه يمينان هذا كله إذا رغب الحالف باليمين فحلف على إبطال دعوى الخصم ، ثم إن الحاكم قد طلب اليمين من ذلك الخصم بالنسبة لدعوى الحالف فنكل فرد اليمين عليه فعليه يمين أخرى وهي يمين إثبات كما عرفت ، وأما إذا نكل الخصم من الأول قبل حلف الحالف فيكفيه يمين واحدة يجمع بين النفي والاثبات فيها بأن يقول : والله لا حق له في النصف الذي يدعيه والنصف الآخر لي ، مع احتمال تعدد اليمين هنا لتعدد السبب المقتضي لتعدد المسبب.

(٣) أي وإن كانت يمينه قبل نكول صاحبه فيجب عليه حينئذ يمين المنكر ثم بعد نكول صاحبه فعليه يمين المدعي وهي يمين إثبات.

١٣٣

بينة (١) ويقضى لكل منهما بما في يد صاحبه) ، بناء على ترجيح بينة الخارج. ولا فرق هنا بين تساوي البينتين عددا وعدالة واختلافهما.

(ولو خرجا) (٢) فذو اليد من صدّقه من هي بيده مع اليمين (٣) ، وعلى المصدّق اليمين للآخر (٤) ، فإن امتنع (٥) حلف الآخر (٦)    

______________________________________________________

ثم هذا الكلام بتمامه بناء على وجود المتنازع بين أيديهما ولا بينة لهما ، وأما إذا كان المتنازع تحت يد أحدهما أو تحت يد ثالث فسيأتي التعرض لهما عند تعرض الشارح في الروضة.

(١) وكان المتنازع فيه تحت أيديهما فتقسم العين نصفين بينهما بلا خلاف ولا ينظر إلى ترجيح إحدى البينات على الأخرى بأعدلية أو أكثرية ، لأن يد كل واحد على النصف وقد أقام الآخر بينة عليه فيقضى له بما في يد غريمه بناء على تقديم بينة الخارج ، فكل من البينتين قد اعتبرت فيما لا تعتبر فيه الأخرى ولذا لم يلحظ الترجيح بالعدد والعدالة هذا ما عليه الأشهر.

وقيل : إن التنصيف ناشئ من تساقط البينتين بعد التعارض ويبقى الحكم كما لو لم تكن هناك بينة ، وفيه : إنه يلزم حينئذ اليمين على كل منهما لصاحبه كما تقدم في المسألة السابقة.

وقيل : إن مع كل واحد مرجحا باليد فتقدم بينته على ما في يده وكذا خصمه فلذا لا بد من التنصيف ، وفيه : إن ترجيح البينة باليد هو عمل بالراجح بحسب الحقيقة ، ولازمه عدم اليمين مع عدم البينة لوجود اليد وهذا مما لا يمكن الالتزام به.

(٢) بأن كانت العين المتنازع فيها تحت يد ثالث ، فذو اليد من صدقه الثالث وعليه اليمين للآخر ، لأنه بالاقرار له صار كذي اليد فهو مدعى عليه وخصمه مدع ، فلو حلف اليمين فهي له ، وعلى المصدّق اليمين للآخر كما في القواعد ، وفيه : إن المصدّق لا دخل له بها بعد التصديق فالدعوى متعلقة بالعين وبعد انتقالها إلى المصدّق تنتقل الدعوى كذلك ، إلا أن يكون الآخر قد ادعى على المصدّق العلم بملكه فله عليه اليمين لنفي العلم.

(٣) من المصدّق.

(٤) إن ادعى الآخر على المصدق علمه بملكه لا مطلقا كما عرفت.

(٥) المصدّق.

(٦) أي الخصم الآخر واغرم المصدّق قيمة العين له ، لأن المصدّق باقراره أنها لغير الحالف قد حال بين الحالف وبين العين بعد استقرار العين لغير الحالف للاقرار السابق ، وهذا مثل ما لو أقر الثالث أولا أن العين لاحدهما ثم أقر ثانيا بأنها للآخر فتدفع العين للأول وقيمتها للثاني فكذا ما هو بحكمه وهو الحلف هنا.

١٣٤

وأغرم له (١) لحيلولته (٢) بينه وبينها (٣) بإقراره الأول ، ولو صدقهما فهي لهما بعد حلفهما ، أو نكولهما (٤) ولهما إحلافه إن ادعيا علمه (٥) ، ولو أنكرهما (٦) قدم قوله بيمينه ، ولو كان لأحدهما بينة في جميع هذه الصور (٧) (فهي لذي البينة) مع يمينه (٨) ، (ولو أقاماها (٩) رجّح الأعدل) شهودا ، فإن تساووا في العدالة (فالأكثر)

______________________________________________________

(١) أي وأغرم المصدّق للحالف بقيمة العين.

(٢) أي لحيلولة المصدّق باقراره.

(٣) أي بين الحالف وبين العين.

(٤) فإن حلفا باعتبار أن كل واحد منهما مدعى عليه بما في يده ، فيثبت لكل منهما ما في يده ، وإن نكلا فإن حكمنا بالنكول فكذلك ولكن لكل واحد منهما ما في يد خصمه ، وإذا رددنا اليمين وكلّ منهما نكل عن اليمين المردودة بما هو مدع بما في يد غيره تسقط الدعوى ويبقى ما في يد كل منهما تحت يده.

(٥) بحيث كل منهما يدعي على الثالث بأنه عالم بملكه بتمام العين ، وهو منكر فلهما إحلافه.

(٦) حلف لهما سواء ادعاها لنفسه أو لا ، لأن الثالث هنا منكر وهما مدعيان فالقول قوله مع يمينه.

(٧) التي تكون العين تحت يد الثالث سواء صدق أحدهما أو صدقهما معا أو أنكرهما.

(٨) لا معنى لضم اليمين هنا إلى البينة على ذي البينة ، لأن صاحب البينة خارج باعتبار كون العين تحت يد الثالث ، فهو مدع على كل حال ووظيفته البينة وقد أتى بها ، فلا داعي لليمين ، ولذا اقتصر الشهيد في الدروس على البينة من دون ضم اليمين.

وهذا يتم في صورة إنكارهما ، أما في صورة تصديق أحدهما وكان هو صاحب البينة فلا تقبل منه لأنه ذو يد على العين بالاقرار فهو المنكر وخصمه المدعي ، ولا تسمع البينة من المنكر بل وظيفته اليمين ، وكذا يأتي الإشكال في صورة تصديقهما وأتى أحدهما بالبينة فالإشكال السابق يأتي بالنسبة لما صدقه فيه.

(٩) وكانت العين في يد ثالث ولم يصدق أحدهما وكل منهما قد أقام بينة قضي بأرجح البينتين عدالة ، فإن تساويا قضى لأكثرهما شهودا ، ومع التساوي في العدالة والعدد أقرع بينهما ، فمن خرج اسمه حلف وقضى له ، ولو امتنع أحلف الآخر وقضي له ، وإن نكلا قضى بالعين بينهما بالسوية على المشهور للأخبار.

منها : خبر البصري عن أبي عبد الله عليه‌السلام (كان علي عليه‌السلام إذا أتاه رجلان يختصمان بشهود ، عدلهم سواء وعددهم سواء ، أقرع بينهم على أيهم بصير اليمين ، وكان يقول : ـ

١٣٥

شهودا ، فإن تساووا فيهما (فالقرعة) فمن خرج اسمه حلف وأعطي الجميع فإن نكل أحلف الآخر وأخذ ، فإن امتنعا قسّمت نصفين (١) ، وكذا يجب اليمين على من رجّحت بينته (٢) وظاهر العبارة عدم اليمين فيهما (٣) ، والأول (٤) مختاره في الدروس

______________________________________________________

ـ اللهم رب السموات السبع ، أيهم كان الحق له فأدّه إليه ، ثم يجعل الحق للذي بصير عليه اليمين إذا حلف) (١) والمرسل في الدعائم عن أمير المؤمنين عليه‌السلام (في البينتين يختلفان في الشي‌ء الواحد يدعيه الرجلان أنه يقرع بينهما فيه إذا اعتدلت بينة كل واحد منهما وليس في أيديهما ، فإن كان في أيديهما فهو فيما بينهما نصفان ، وإن كان في يد أحدهما فالبينة فيه على المدعي واليمين على المدعى عليه) (٢) فالخبر الأول قد دل على أن القرعة مع اليمين بعد تساوي البينتين عدالة وعددا ، والمرسل قد دل على أنه إذا لم تكن العين في أيديهما ، وهناك أخبار مثلها قد تركناها اختصارا.

(١) لأن العين ليست خارجة عنهما.

(٢) كما صرح بذلك جماعة على ما في الجواهر لظاهر بعض الأخبار كخبر أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام (عن الرجل يأتي القوم فيدعى دارا في أيديهم ويقيم البينة ، ويقيم الذي في يده البينة أنه ورثها عن أبيه ، ولا يدرى كيف كان أمرها؟ قال عليه‌السلام : أكثرهم بينة يستحلف وتدفع إليه ، وذكر أن عليا عليه‌السلام أتاه قوم يختصمون في بغلة فقامت البينة لهؤلاء أنهم انتجوها على مذودهم ولم يبيعوا ولم يهبوا ، وقامت البينة لهؤلاء بمثل ذلك ، فقضى عليه‌السلام بها لأكثرهم بينة واستحلفهم) (٣) الخبر ، وهو ظاهر في الحلف مع ترجيح بينة الأكثرية وهو الظاهر من عبارة الدروس دون الأعدلية ، وعن البعض كصاحب الجواهر وغيره ثبوت الحلف مع ترجيح البينة للأكثرية والأعدلية وهو الظاهر من كلام الشارح هنا حيث إن المستفاد من الخبر أن الترجيح هو لتعين من يقدم قوله ويكون بمنزلة المنكر ، لا لكون البينة حجة فعلية في إثبات الحق حتى يستغنى عن اليمين.

(٣) أي عند تقديم ذي البينة ولا بينة للآخر ، وعند تقديم الأرجح عدالة أو أكثرية أو بالقرعة عند إقامة البينة من كليهما.

(٤) أي ما ذكر أولا في كلام الشارح من لزوم اليمين.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٢ ـ من أبواب كيفية الحكم حديث ٥.

(٢) الوسائل الباب ـ ١٠ ـ من أبواب كيفية الحكم حديث ١.

(٣) الوسائل الباب ـ ١٢ ـ من أبواب كيفية الحكم حديث ١.

١٣٦

في الثاني قطعا (١) ، وفي الأول (٢) ميلا.

(ولو تشبث أحدهما) (٣) أي تعلق بها بأن كان ذا يد عليها (فاليمين عليه) إن لم يكن للآخر بينة ، سواء كان للمتشبث بينة أم لا ، (ولا يكفي بينته (٤) عنها) أي عن اليمين ، لأنه منكر فيدخل في عموم اليمين على من أنكر وإن كان له بينة ، فلو نكل عنها حلف الآخر وأخذ فإن نكل أقرت في يد المتشبث (٥) ، (ولو أقاما) أي المتشبث والخارج (بينة ففي الحكم لأيهما خلاف). فقيل : تقدم بينة (٦) الداخل

______________________________________________________

(١) عند ترجيح الأعدل أو الأكثر من البينتين ، وفيه : قد عرفت أن ظاهر العبارة أن الحلف عند ترجيح الأكثر كما هو ظاهر الخبر دون ترجيح الأعد.

(٢) أي في صورة إقامة أحدهما البينة. وقد عرفت أن الشهيد في الدروس جزم بعدم اليمين وإليك نص عبارته (ولو خرجا فذو اليد من صدقه الثالث ، وعليه اليمين للآخر ، فإن امتنع حلف الآخر واغرم ، ولو صدقهما فهي لهما بعد حلفهما أو نكولهما ، ولهما إحلافه إن ادعيا علمه ، ولو أنكرهما حلف ، ولو قال : هي لأحدكما ولا أعرفه احتمل القرعة واليمين ، ولو كان لأحدهما بينة فهي له في الصور كلها ، وإن أقاما بينتين وخرجا فهي للأعدل شهودا ، فإن تساووا فالأكثر مع اليمين قاله ابن بابويه والشيخ في النهاية ، ومع التساوي القرعة أو اليمين) انتهى.

(٣) قد تقدم أن الأقسام ثلاثة ، فإن كانت تحت أيديهما أو تحت يد ثالث فقد تقدم الكلام فيهما ، وأما إذا كانت تحت يد أحدهما فهو المنكر وخصمه المدعي ، فعلى القاعدة ، من كون اليمين على من أنكر فهي له مع يمينه ، نعم إن نكل المتشبث عن الحلف حلف خصمه المدعي إن لم يقض بالنكول ، هذا وحلف المنكر هنا على نفي الاستحقاق وحلف المدعي هنا على الاثبات على ما تقدم في أول هذه المسألة.

(٤) أي بينة المتشبث لأنه منكر فلا تسمع منه البينة لأن وظيفته اليمين فيطالب بها.

(٥) لأنه مع نكول المدعى عن اليمين المردود ، تسقط دعواه ويكون الحق للمنكر.

(٦) فقيل : يقضى بها للخارج دون المتشبث مع التساوي في العدد والعدالة وعدمه كما عن سلار وابن زهرة وابن إدريس والشيخ في موضع من الخلاف للأخبار.

منها : خبر منصور بن حازم عن أبي عبد الله عليه‌السلام (قلت له : رجل في يده شاة فجاء رجل فادعاها وأقام البينة العدول أنها ولدت عنده لم يبع ولم يهب ، وجاء الذي في يده بالبينة مثلهم عدول أنها ولدت عنده لم يبع ولم يهب ، قال عليه‌السلام : حقها للمدعي ولا أقبل من الذي هي في يده بينة ، لأن الله عزوجل أمر أن تطلب البينة من المدعي ، فإن ـ

١٣٧

.................................................................................................

______________________________________________________

ـ كانت له بينة وإلا فيمين الذي هو في يده ، هكذا أمر الله عزوجل) (١) ، وهي نصّ في عدم قبول البينة من المنكر سواء تعارضت البينات كما هو مورد الخبر أو لا ، وهذا ما ذهب إليه سيد الرياض ، وهي مؤيدة بالعموم الدال على أن اليمين على من أنكر والبينة على المدعي ، وعليه فكل الأخبار التي ترجح البينة الأكثر عدالة أو عددا عند التعارض مع كون العين في يد أحدهما كخبر أبي بصير المتقدم تكون معارضة له.

وذهب الشيخ في الخلاف إلى ترجيح بينة ذي اليد مطلقا لخبر غياث بن إبراهيم عن أبي عبد الله عليه‌السلام (أن أمير المؤمنين عليه‌السلام اختصم إليه رجلان في دابة وكلاهما أقاما البينة أنه انتجها ، فقضى بها للذي في يده ، وقال : لو لم تكن في يده جعلتها بينهما نصفين) (٢) ، ولخبر جابر الأنصاري (إن رجلين تداعيا في دابة فأقام كلّ بينة أنها دابته انتجها فقضى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم للذي هي في يده) (٣).

وذهب الشيخ في النهاية والاستبصار والتهذيب والمحقق والقاضي وجماعة إلى ترجيح بينة الداخل إن شهدت بسبب الملك سواء انفردت به أم شهدت بينة الخارج به أيضا ، وتقديم بينة الخارج إن شهدتا بالملك المطلق أو انفردت بينته بالسبب ، ووجهه الجمع بين الأخبار التي دل بعضها على تقديم الداخل مع بيان السبب كخبر غياث وخبر جابر المتقدمين ، وبين الأخبار الدالة على تقديم الخارج وهي محمولة على ما إذا أطلقتا أو اختصت بينة الخارج بالسبب.

وعن المفيد ترجيح الأعدل من البينتين أو الأكثر عددا مع تساويهما في العدالة مع اليمين ، ومع التساوي يقضى للخارج ، وعن ابن حمزة التفريق بين السبب المتكرر كالبيع والصباغة وغير المتكرر كالنتاج ونساجة الثوب فحكم بتقديم ذي اليد مع كون السبب مما يتكرر ، وتوقف جماعة كما في الدروس واللمعة والمسالك والكفاية ، إلى غير ذلك من الأقوال وقد أنهاها في المستند إلى تسعة ، مع الاختلاف بينهم في نسبة الأقوال إلى أصحابها أيضا. والانصاف أن التفريق بين ذكر الشاهد السبب وعدمه مثل أن الدابة انتجت على مذوده أو تملكها بالشراء ونحو ذلك وبين كون الشي‌ء مما يتكرر أو لا يتكرر هو من القيود التي لا تستفاد من الأخبار ، لأنها وإن ذكرت في بعض الأخبار لكن قد ذكرت في كلام السائل فلا يستفاد منها القيدية هذا من جهة ومن جهة أخرى فاصل النزاع قائم على جواز قبول البينة من المنكر عند التعارض بين البينات ، وإلا فإذا قلنا ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٢ ـ من أبواب كيفية الحكم حديث ١٤.

(٢) الوسائل الباب ـ ١٢ ـ من أبواب كيفية الحكم حديث ٣.

(٣) سنن البيهقي ج ١٠ ص ٢٥٦.

١٣٨

مطلقا لما روي (١) أن عليا عليه‌السلام قضى بذلك ، ولتعارض البينتين فيرجع إلى

______________________________________________________

ـ بعدم القبول فالمتعين تقديم بينة الخارج وأما الداخل فوظيفته اليمين ليس إلا وما عثرت عليه من الأخبار الدالة على تقديم بينة الخارج لأن الداخل وظيفته اليمين فلا تقبل منه البينة هي : خبر منصور المتقدم فقال عليه‌السلام (حقها للمدعي ولا أقبل من الذي في يده بينة ، لأن الله تعالى أمر أن يطلب البينة من المدعي فإن كانت له بينة وإلا فيمين الذي هو في يده هكذا أمر الله عزوجل) (١) وخبر الدعائم المرسل عن أمير المؤمنين عليه‌السلام (وإن كان في يد أحدهما فالبينة فيه على المدعي واليمين على المدعى عليه) (٢) مع أن صدره صريح في اختلاف البينات في الشي‌ء الواحد ، والفقه الرضوي (فإذا ادعى رجل على رجل عقارا أو حيوانا أو غيره ، وأقام بذلك بينة ، وأقام الذي في يده شاهدين ، فإن الحكم فيه أن يخرج الشي‌ء من يد مالكه إلى المدعي لأن البينة عليه) (٣) ، وهو مؤيد بعموم النبوي (البينة على من ادعى واليمين على من ادعى عليه) (٤). وفي قبال ذلك ورود أخبار تدل على قبول البينة من المنكر عند التعارض وهي : خبر إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام (قيل : فإن كانت في يد أحدهما وأقاما جميعا بينة ، قال : اقض بها للحالف الذي هو في يده) (٥) وخبر غياث عن أبي عبد الله (أن أمير المؤمنين عليه‌السلام اختصم إليه رجلان في دابة كلاهما أقاما البينة أنه أنتجها فقضى بها للذي هي في يده) (٦) وخبر جابر (إن رجلين تداعيا دابة وأقام كلّ بينة أنها دابته أنتجها فقضى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم للذي في يده) (٧) ، وخبر أبي بصير (سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الرجل يأتي القوم فيدّعى دارا في أيديهم ويقيم البينة ، ويقيم الذي في يده الدار البينة أنه ورثها عن أبيه ولا يدرى كيف كان أمرها ، قال : أكثرهم بينة يستحلف وتدفع إليه) (٨) ، والترجيح للطائفة الثانية بضعف أسانيد الأولى ليس في محله لأن أسانيد الطائفة الثانية ضعيفة أيضا ، والترجيح للطائفة الثانية بكثرة العدد معارض بتأييد الطائفة الأولى للعموم الوارد أن اليمين على من أنكر ، فالعمل بالطائفة الأولى وإلا فلا بد من التوقف لأن المسألة ما زالت محل إشكال والله العالم الهادي.

(١) وهو خبر غياث المتقدم.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٢ ـ من أبواب كيفية الحكم حديث ١٤.

(٢ و ٣) مستدرك الوسائل الباب ـ ١٠ ـ من أبواب كيفية الحكم حديث ١ و ٣.

(٤) الوسائل الباب ـ ٣ ـ من أبواب كيفية الحكم حديث ١.

(٥ و ٦) الوسائل الباب ـ ١٢ ـ من أبواب كيفية الحكم حديث ٢ و ٣.

(٧) سنن البيهقي ج ١٠ ص ٢٥٦.

(٨) الوسائل الباب ـ ١٢ ـ من أبواب كيفية الحكم حديث ١.

١٣٩

تقديم ذي اليد ، وقيل : الخارج مطلقا عملا بظاهر الخبر المستفيض ، من أن القول قول ذي اليد ، والبينة بينة المدعي ، الشامل لموضع النزاع (١) ، وقيل : تقدم بينة الخارج (٢) إن شهدتا بالملك المطلق ، أو المسبب ، أو بينته (٣) خاصة (٤) بالسبب ، ولو انفردت به (٥) بينة الداخل قدّم ، وقيل مع تسببهما تقدم بينة الداخل أيضا ، وتوقف المصنف هنا وفي الدروس مقتصرا على نقل الخلاف ، وهو في موضعه لعدم دليل متين من جميع الجهات ، وفي شرح الإرشاد رجّح القول الثالث ، وهو مذهب الفاضلين. ولا يخلو من رجحان.

(ولو تشبثا وادعى أحدهما الجميع والآخر النصف) (٦) مشاعا (ولا بينة اقتسماها) نصفين (بعد يمين مدعي النصف) للآخر (٧) ، من دون العكس (٨) ، لمصادقته إياه على استحقاق النصف الآخر ، ولو كان النصف المتنازع معينا (٩)

______________________________________________________

(١) وهو تعارض البينتين.

(٢) وحاصله تقديم بينة الخارج مطلقا إلا إذا انفردت بينة الداخل بالسبب.

(٣) أي الخارج.

(٤) أي شهدت بينته خاصة.

(٥) بالسبب.

(٦) فتارة يقيمان البينة وأخرى لا بينة لهما وثالثة البينة لأحدهما.

فعلى الأول فالنصف لمدعي الكل بغير معارض ، وأما النصف الآخر الذي في يد مدعي النصف فقد تعارضت فيه البينتان فعلى القول بتقديم الخارج في المسألة السابقة فهو لمدعي الكل أيضا ولا شي‌ء لمدعي النصف ، وعلى القول بتقديم بينة ذي اليد فهو لمدعي النصف.

وعلى الثاني فالعين بالسوية بينهما ، أما النصف الذي في يد مدعي الكل فهو له لعدم التنازع فيه بحسب الفرض ، وأما النصف الآخر الذي في يد مدعي النصف فهو منكر لموافقة قوله الظاهر ومدعي الكل مدع هنا ولا بينة له فيقدم قول المنكر مع يمينه.

وعلى الثالث فالنصف الذي لا تنازع فيه فهو لمدعي الكل ، وأما النصف الآخر المتنازع فيه فهو لمدعي البينة.

(٧) الذي هو مدعي الكل.

(٨) أي من دون حلف مدعي الكل على النصف الأول ، لأن مدعي النصف مصادق معه في صحة دعواه في النصف الأول ، فهو له بلا منازع.

(٩) فالنصف الآخر يقينا خارج عن التنازع وهو لمدعي الكل بلا منازع ، وأما النصف المتنازع ـ

١٤٠