الزبدة الفقهيّة - ج ٤

السيّد محمّد حسن ترحيني العاملي

الزبدة الفقهيّة - ج ٤

المؤلف:

السيّد محمّد حسن ترحيني العاملي


الموضوع : الفقه
الناشر: دار الفقه للطباعة والنشر
المطبعة: سليمان‌زاده
الطبعة: ٥
ISBN: 964-8220-35-2
ISBN الدورة:
964-6307-53-1

الصفحات: ٦٨٠

يزول ، والمغبون إما البائع ، أو المشتري أو هما.

فهذه جملة أقسام المسألة ، ومضروبها يزيد عن مائتي مسألة وهي مما تعم بها البلوى ، وحكمها غير مستوفي في كلامهم.

وجملة الكلام فيه أن المغبون إن كان هو البائع (١) لم يسقط خياره بتصرف المشتري مطلقا (٢) فإن فسخ ووجد العين باقية على ملكه لم تتغير تغيرا يوجب زيادة القيمة ، ولا يمنع من ردها أخذها ، وإن وجدها متغيرة بصفة محضة (٣) كالطحن والقصارة فللمشتري أجرة عمله. ولو زادت قيمة العين بها (٤) شاركه في الزيادة بنسبة القيمة ، وإن كان (٥) صفة من وجه ، وعينا من آخر كالصبغ (٦) صار شريكا بنسبته كما مرّ ، وأولى هنا (٧) ، ولو كانت الزيادة عينا محضة كالغرس (٨) أخذ المبيع

______________________________________________________

(١) وقد تصرف المشتري بمطلق التصرفات السابقة فلا يسقط خيار البائع ، لأصالة بقاء الخيار بالاستصحاب ، مع عدم الدليل الدال على سقوطه إذ فعل المشتري بالتصرف لا يدل على رضا البائع بالعقد ، ثم إذا فسخ البائع فإن وجد العين باقية عند المشتري ولم تتغير تغيرا يوجب زيادة قيمتها ولا مانع من ردها أخذها البائع لأنها ملكه وهذا مما لا شك فيه.

(٢) مهما كان تصرفه.

(٣) وهي الموجبة للزيادة الحكمية ، قال في المسالك : (وفي استحقاق المشتري أجرة عمله وجه قوي) ، وفي الروضة هنا جزم به لأنها عمله وعمله محترم ، وردّ عليه صاحب الجواهر بأن عمله قد وقع في ملكه فلا يستحق عليه عوضا ، نعم لو وقع في ملك غيره فيستحق حينئذ أجرة إذا لم يكن بداعي التبرع.

(٤) أي لو زادت قيمة العين بالزيادة الحكمية كحرث البستان ، وكان المشتري شريكا لأن الزيادة مال للمشتري ، والفرق بين هذا الفرع وبين الفرع السابق أن الزيادة الحكمية هنا لها مالية ، بخلاف الزيادة الحكمية في الفرع السابق فلا قيمة لها معتدّ بها عند العرف كغسل الثوب.

(٥) أي تصرف المشتري.

(٦) فهو من ناحية تغير الثوب فهو صفة ، ومن ناحية كونه عوضا موجودا فهو عين ، وهذا مثال للزيادة المشوبة ، وهذا الصبغ ملك للمشتري فهو شريك مع البائع بنسبته.

(٧) لعينية الصبغ هنا بخلاف الزيادة في السابق فإنها صفة محضة.

(٨) وهو مثال للزيادة العينية ، فلو أخذ البائع العين هنا وهي الأرض بحسب المثال ـ كان ـ

٦٠١

وتخير بين قلع الغرس بالأرش وإبقاءه بالأجرة ، لأنه وضع بحق ، ولو رضي ببقائه بها (١) واختار المشتري قلعه فالظاهر أنه لا أرش له ، وعليه تسوية الحفر حينئذ ، ولو كان زرعا وجب إبقاؤه (٢) إلى أوان بلوغه بالأجرة.

وإن وجدها ناقصة (٣) أخذها مجّانا كذلك إن شاء ، وإن وجدها ممتزجة بغيرها (٤) فإن كان بمساو ، أو أردأ صار شريكا إن شاء وإن كان بأجود ففي

______________________________________________________

ـ جزء منها وهو الغرس ملكا للمشتري فيتخير البائع بين قلعه مع ضمان الأرش إذا نقص أو يبقيه بأجرة على المشتري جمعا بين الحقين ، لأن المشتري قد وضعه بحق حال كون الأرض ملكه.

(١) أي رضي البائع ببقاء الغرس بالأرض فاختار المشتري قلعه فلا أرش للمشتري حينئذ ، لأنه هو الذي اختار القلع فيكون راضيا بما يرد عليه من النقصان فلا ضمان على البائع ، بل يجب على المشتري تسوية الحفر حينئذ لأنها بسبب عمله.

(٢) ولا يتخير البائع بين قلعه وإبقائه بالأجرة بخلاف الغرس ، لأن الزرع يتلف بمجرد القلع بخلاف الغرس ، مع أن الزرع له أحد ينتظر بخلاف الغرس.

(٣) فتارة يكون النقص في العين المبتاعة من فعل المشتري وأخرى من فعل غيره ، وعلى الثاني يأخذ البائع المغبون العين ولا شي‌ء على المشتري لأن النقصان ليس من فعله ، وعلى الأول فكذلك لأن التصرف الواقع من المشتري قد وقع في ملكه وهو تصرف مأذون فيه فلا يتعقبه ضمان.

وأشكل عليه بأن النقص كالتلف ، لأن النقص تلف البعض ، وبالتلف يرجع البائع عند الفسخ على المشتري بالقيمة فكذا هنا.

(٤) أي بغير العين المبتاعة ، ومراده ما لو تم الامتزاج بجنس العين كخلط الحنطة بالحنطة ، وهو تارة يكون بالمساوي أو بالأردإ أو بالأجود ، فإن كان بالمساوي أن بالأردإ فالبائع بالخيار بين عدم الفسخ مع رضاه بالبيع وبين الفسخ وكون المشتري شريكا بنسبة الزائد لاختلاط المالين ، وهذا كله على تقدير التمييز بين المالين.

وأشكل عليه بأن المزج بالأردإ يوجب نقصان مال البائع فيجري فيه ما جرى في الفرع السابق.

وإن كان بالأجود ففيه احتمالات ، سقوط خياره لأن المشتري شريك بالأجود فلو فسخ البائع المغبون لدخل الضرر على المشتري لنقص الأجور بالخلط ، وعدم سقوط خياره ، لأن الضرر على المشتري بسبب فعله فيستصحب بقاء الخيار ، والجمع بين الحقين بالصلح ، وبأن يصالح البائع المشتري على أن يبقى العين عند المشتري فلا ضرر على المشتري.

٦٠٢

سقوط خياره ، أو كونه شريكا بنسبة القيمة ، أو الرجوع إلى الصلح أوجه ، ولو مزجها بغير الجنس (١) بحيث لا يتميز فكالمعدومة ، وإن وجدها منتقلة عن ملكه (٢) بعقد لازم كالبيع والعتق رجع إلى المثل ، أو القيمة ، وكذا لو وجدها على ملكه مع عدم إمكان ردها كالمستولدة (٣). ثم إن استمر المانع استمر السقوط (٤) ، وإن زال قبل الحكم بالعوض (٥) بأن رجعت إلى ملكه ، أو مات الولد أخذ العين مع احتمال العدم (٦) ، لبطلان حقه بالخروج فلا يعود ، ولو كان العود بعد الحكم بالعوض ففي رجوعه إلى العين وجهان (٧) من بطلان حقه من

______________________________________________________

(١) لو مزج زيت الزيتون بزيت الذرة ، فالحكم كالحكم بأنها كالمعدومة وقد خرجت عن ملك المشتري بعقد لازم لأنه لا يمكن التمييز بينهما ، فيرجع إلى المثل أو القيمة كما سيأتي ، وأشكل عليه بأن المزج لا يوجب خروج العين عن البائع غايته له الشركة ، إلا أن يكون المزج مستهلكا كوضع القليل من زيت الزيتون بزيت الذرة الكثير بحيث يعدّ عند العرف كأنه معدوم فهنا يرجع إلى المثل أو القيمة.

(٢) ولا بد من التقييد بكون الخروج بعقد لازم كما فعل الشارح ، وإلا لو كان الخروج بعقد جائز فيجب على المشتري الفسخ لترجع العين إلى البائع لأنها ملكه ، وعلى كل فلو خرجت بعقد لازم فيرجع البائع هنا إلى المثل أو القيمة وهذا هو مقتضى القاعدة إذ العين للبائع عند الفسخ فمع وجودها يرجع إليها ، ومع عدمها المسبّب بفعل المشتري فيثبت في ذمته مثلها أو قيمتها.

(٣) لأن الممنوع منه شرعا كالممتنع عقلا ، فيرجع إلى المثل أو القيمة.

(٤) أي إذا استمر المانع الذي يمنع من الرجوع إلى العين إما لكونها منتقلة بعقد لازم أو مستولدة فيستمر سقوط الخيار الموجب لأخذ العين فقط ، وإلا فالخيار الموجب لأخذ المثل أو القيمة ثابت كما ذكره الشارح.

(٥) أي إذا زال المانع ، وزواله برجوع العين المبتاعة إلى المشتري إما بفسخ أو إقالة أو شراءها أو موت الولد في الأمة المستولدة ، فإذا زال المانع قبل أن نحكم بوجود عوض العين أخذ البائع العين لوجود المقتضي لأنها ملكه ، وعدم المانع لأن الفرض أن المانع قد ارتفع.

(٦) أي عدم جواز أخذ البائع العين ، لأن حق البائع قد بطل في العين حين وجود المانع ، فلو رجعت إلى يد المشتري نشك برجوع حق البائع إليها فيستصحب العدم.

(٧) من أن حق البائع قد بطل في العين عند الحكم بالعوض فلو رجعت العين إلى يد المشتري فلا يعود حق البائع إليها استصحابا ، ومن أن حق البائع قد بطل وحكم ـ

٦٠٣

العين ، وكون العوض للحيلولة وقد زالت.

ولو كان الناقل مما يمكن إبطاله كالبيع بخيار ألزم بالفسخ (١) ، فإن امتنع فسخه الحاكم ، فإن تعذر فسخه المغبون ، وإن وجدها منقولة المنافع (٢) جاز له الفسخ ، وانتظار انقضاء المدة ، وتصير ملكه من حينه وليس له فسخ الإجارة ولو كان النقل جائزا كالسكنى المطلقة فله الفسخ (٣).

هذا كله إذا لم يكن تصرّف في الثمن تصرفا يمنع من رده (٤) وإلا سقط خياره ، كما لو تصرف المشتري في العين ، والاحتمال السابق (٥) قائم فيهما فإن قلنا به (٦) دفع مثله ، أو قيمته (٧).

______________________________________________________

ـ بالعوض للحيلولة والمانع ، فإذا زال المانع فلا بد أن يزول الحكم ، نعم قال في الجواهر : (أنه لا يعقل للحكم بالعوض بعد الفسخ معنى معتبر يترتب عليه ما ذكره ، بل المدار على حال الفسخ الذي به يتشخص ما للفاسخ من العين أو المثل أو القيمة) انتهى ، ولقد أجاد فيما أفاد ، رحمه‌الله تعالى.

(١) لإرجاع الحق إلى أهله ، وهو دليل فسخ الحاكم أو المغبون أيضا.

(٢) فيما لو أوقع المشتري على العين إجارة لازمة ، فإما أن يفسخ البائع وينتظر مدة الإجارة ، وإما أن يرضى بالبيع ولا يستعمل حقه بالخيار ، وإذا فسخ لأن له حق الخيار صارت العين ملكه من حين الفسخ ويجب عليه الانتظار مع عدم جواز فسخه للإجارة اللازمة الواقعة على منافع العين ، لأن الإجارة من فعل المشتري التي وقعت منه في حال كونها ملكا للمشتري وفعله مأذون فيه فلا يتعقبه الضمان.

(٣) أي للبائع الذي فسخ عقد البيع بخيار الغبن فله ففسخ العقد الجائز الواقع على منافع العين.

(٤) أي يجوز للبائع في جميع الصور المتقدمة أن يفسخ ما لم يتصرف تصرفا مانعا في الثمن وإلا فيسقط خياره ، وقد جعله احتمالا قويا في المسالك ، والدليل عليه أن المشتري المغبون لو تصرف في العين تصرفا مانعا لسقط خيار المشتري حينئذ لأنه تصرف دال على الرضا بالعقد واستمراره كما تقدم ، فكذا تصرف البائع في الثمن.

(٥) أي وجه التنظر السابق من المصنف يأتي عليهما ، لأن سقوط الخيار بالتصرف الناقل موجب للضرر على المغبون مع أن الضرر مستند خيار الغبن.

(٦) بالاحتمال السابق.

(٧) إذا فسخ المغبون بعد تصرفه الناقل فيما تحت يده فلا بد من دفع مثله أو قيمته.

٦٠٤

وإن كان المغبون هو المشتريّ لم يسقط خياره بتصرف البائع في الثمن مطلقا (١) فيرجع إلى عين الثمن ، أو مثله ، أو قيمته ، وأما تصرفه فيما غبن فيه فإن لم يكن ناقلا عن الملك على وجه لازم ، ولا مانعا من الرد ، ولا منقصا للعين فله ردها. وفي الناقل والمانع ما تقدم (٢).

ولو كان قد زادها فأولى بجوازه (٣) ، أو نقصها ، أو مزجها ، أو آجرها فوجهان ، وظاهر كلامهم أنه غير مانع (٤) ، لكن إن كان النقص من قبله ردّها مع الأرش ، وإن كان من قبل الله تعالى فالظاهر أنه كذلك كما لو تلفت (٥).

ولو كانت الأرض مغروسة فعليه قلعه (٦) من غير أرش إن لم يرض البائع بالأجرة ، وفي خلطه بالأردإ الأرش (٧). وبالأجود (٨) إن بذل له بنسبته فقد

______________________________________________________

(١) سواء كان تصرفا مانعا أو لا ، لأن تصرف أحدهما لا يدل على رضا الآخر باستمرار العقد.

(٢) من سقوط الخيار لتعذر إرجاع العين مع تنظر المصنف السابق.

(٣) فالرد أولى لأن العين قد زادت فيرجع البائع المغبون لو فسخ على عين ماله مع زيادة بخلاف الصور السابقة من كون التصرف غير ناقل ولا مانع فإنه يرجع على عين ماله فقط.

(٤) أي أن التصرف بالنقص أو المزج أو الإجارة غير مانع ، لأنه تصرف مأذون فيه وإن غيّر العين ، واحتمال عدم الرد أنه لو فسخ وجب أن يرجع على نفس العين لا غير ذلك وهي متعذرة.

(٥) فمع التلف يضمن مثلها أو قيمتها ، وهو رد بدل العين ، فكذلك مع النقصان فعليه أن يرد العين وبدل النقص فيها.

(٦) أي على المغبون الذي تصرف فيما غبّن فيه ، فإذا اختار الفسخ فلا بد من تخليص ماله من مال صاحبه الذي هو البائع.

(٧) لأن المشتري هنا قد انقص العين عند ما خلطها بالأردإ فعليه أرش النقصان.

(٨) فمع الفسخ فلو بذل البائع له نسبة ما زاده فقد أنصفه وإلا فإشكال من أنه مزج العين بغيرها فيسقط خياره لتعذر إرجاع المبيع ، ومن أنه زاد في المبيع فيكون شريكا للبائع.

هذا وقال الشارح في المسالك : (واعلم أن هذه المسألة من المهمات وفروعها متكثرة ، والأصحاب لم يحرروها على وجهها ، وفي كثير من فروعها اشكال ، ناشئ من عدم النص والفتوى) انتهى.

٦٠٥

أنصفه ، وإلا فإشكال.

(الثامن ـ خيار العيب (١) ، وهو كل ما زاد عن الخلقة الأصلية) (٢) وهي خلقة أكثر النوع (٣) الذي يعتبر فيه ذلك ذاتا وصفة (٤) ، (أو نقص) عنها (عينا كان) الزائد والناقص (كالإصبع) زائدة على الخمس ، أو ناقصة منها ، (أو صفة)

______________________________________________________

(١) لو ظهر عيب سابق في العين على العقد فالمشتري خاصة بالخيار بين فسخ العقد وبين أخذ الأرش ، بلا خلاف فيه لحديث (لا ضرر ولا ضرار) (١) ، ولمرسل جميل عن أحدهما عليه‌السلام (في الرجل يشتري الثوب أو المتاع فيجد به متاعا ، قال : إن كان قائما رده على صاحبه وأخذ الثمن ، وإن كان الثوب قد قطع أو خيط أو صبغ يرجع بنقصان العيب) (٢) ومثله غيره.

(٢) والضابط في العيب أن كل ما كان في أصل الخلقة فزاد أو نقص فهو عيب ، والزيادة كالإصبع الزائد والنقصان كفوات عضو ، والمستند في ذلك ما رواه في الكافي عن الحسين بن محمد عن السيّاري (روى عن ابن أبي ليلى أنه قدّم إليه رجل خصما له فقال : إن هذا باعني هذه الجارية فلم أجد على ركبها حين كشفتها شعرا وزعمت أنه لم يكن لها قط ، فقال له ابن أبي ليلى : إن الناس يحتالون لهذا بالحيل حتى يذهبوا به ، فما الذي كرهت؟ قال : أيها القاضي إن كان عيبا فاقض لي به ، قال : اصبر حتى اخرج إليك فإني أجد أذى في بطني ، ثم دخل وخرج من باب آخر فأتى محمد بن مسلم الثقفي فقال له : أي شي‌ء تروون عن أبي جعفر عليه‌السلام في المرأة لا يكون على ركبها شعرا ، يكون ذلك عيبا؟ فقال محمد بن مسلم : أما هذا نصا فلا أعرفه ، ولكن حدثني أبو جعفر عليه‌السلام عن أبيه عن آبائه عليهم‌السلام عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه قال : كل ما كان في أصل الخلقة فزاد أو نقص فهو عيب ، فقال له ابن أبي ليلى : حسبك ثم رجع إلى القوم فقضى لهم بالعيب) (٣). وقال في مصباح المنير : (والركب بفتحتين ، قال ابن السكيت : هو منبت العانة ، وعن الخليل هو للرجل خاصة ، وقال الفراء : للرجل والمرأة).

(٣) أي أكثر أفراد النوع ، حتى يعلم أنه من لوازم النوع.

(٤) أي هذا أصل الخلقة بحسب الذات أو بحسب الصفة.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٧ ـ من أبواب الخيار حديث ٣.

(٢) الوسائل الباب ـ ١٦ ـ من أبواب الخيار حديث ٣.

(٣) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب أحكام العيوب حديث ١.

٦٠٦

(كالحمّى ولو يوما) (١) بأن يشتريه فيجده محموما ، أو يحمّ قبل القبض وإن برئ ليومه ، فإن وجد ذلك في المبيع سواء أنقص قيمته ، أم زادها (٢) فضلا عن المساواة (فللمشتري الخيار مع الجهل) بالعيب عند الشراء (بين الرد والأرش ، وهو (٣) جزء) من الثمن نسبته إليه (٤) (مثل نسبة التفاوت بين القيمتين) فيؤخذ ذلك (من الثمن) بأن يقوّم المبيع صحيحا ومعيبا ويؤخذ من الثمن مثل تلك النسبة ، لا تفاوت ما بين المعيب والصحيح ، لأنه قد يحيط بالثمن ، أو يزيد عليه (٥) فيلزم

______________________________________________________

(١) قال في المسالك : (ولو كحمى يوم المعروف من حمى يوم ، أنها التي تأتي في يوم من الأيام وتذهب فيه ، ثم لا تعود ، فلو عادت كل يوم لم تسم حمى يوم بل حمى الورود ، أو حمى بعد يوم فحمى الغب إلى آخر الأسبوع ، وحينئذ فثبوت العيب بحمى اليوم يتحقق بأن يشتريه فيجده محموما أو يحمّ قبل القبض فإنه يجوز له الفسخ وإن ذهب عنه الحمى في ذلك اليوم ، وليس المراد بها ما ينوب يوما معينا من الأسبوع كما فسره بعضهم ، فإن تلك لا تسمى حمى ، ولا ما تأتي كل يوم كما مرّ) انتهى ، وكلامه ظاهر في أن الحمى عيب سواء كانت حمى يوم أو حمى الورود أو حمى الغب ، وهي كذلك في الأخيرين ، وأما في الأول فمحل اشكال لعدم صدق العيب عليها عرفا.

(٢) ذهب الفاضل ويحيى بن سعيد أنه يجب في العيب نقصان المالية ، وعن غيره الاطلاق بأن العيب لا يجب أن يكون موجبا للنقص ، بل قد يزيد الثمن كعدم الشعر على الركب كما في خبر السيّاري المتقدم.

(٣) أي الأرش.

(٤) أي نسبة هذا الجزء ـ وهو الأرش ـ إلى الثمن كنسبة التفاوت بين القيمتين ، قيمة العين صحيحة وقيمة العين معيبة ، فمثلا عين تساوي مائة بالقيمة السوقية لكنها بيعت بعشرين ، ثم تبين فيها عيب ، ومع العيب كانت قيمتها السوقية ثمانين ، فنسبة التفاوت بين القيمتين السوقيتين عشرون ، والعشرون خمس المائة التي هي القيمة السوقية حال كونها صحيحة ، فيكون الأرش خمس قيمتها الشرائية أو خمس الثمن فيرجع المشتري على البائع بخمس العشرين التي دفعها ثمنا فيرجع بأربعة دراهم.

ولا يعقل أن يكون الأرش هو التفاوت بين القيمة السوقية حال كونها صحيحة وبين القيمة السوقية حال كونها معيبة ، لأن التفاوت حينئذ مقداره عشرون بحسب المثال ، فلو رجع المشتري على البائع بعشرين لرجع عليه بتمام الثمن الذي دفعه ، فيكون قد أخذ المبتاع ولم يدفع في قباله شيئا وقد جمع بين العوض والمعوض وهذا مما لا يمكن الالتزام به.

(٥) كما لو اشترى عينا بعشرة وقيمتها السوقية مائة إذا كانت صحيحة وثمانين إذا كانت ـ

٦٠٧

أخذه العوض والمعوّض ، كما إذا اشتراه بخمسين وقوّم معيبا بها وصحيحا بمائة ، أو أزيد ، وعلى اعتبار النسبة يرجع في المثال (١) بخمسة وعشرين وعلى هذا القياس.

(ولو تعدّدت القيم) (٢) إما لاختلاف المقوّمين ، أو لاختلاف قيمة أفراد ذلك النوع المساوية للمبيع ، فإن ذلك (٣) قد يتفق نادرا (٤) ، والأكثر منهم المصنف رحمه‌الله في الدروس عبروا عن ذلك (٥) باختلاف المقوّمين (أخذت قيمة واحدة (٦) متساوية النسبة إلى الجميع (٧) أي منتزعة منه نسبتها إليه (٨) بالسوية (فمن القيمتين) يؤخذ(نصفهما) ، ومن الثلاث ثلثها ، (ومن الخمس خمسها) وهكذا.

______________________________________________________

ـ معيبة ، وقيمة التفاوت بين القيمتين السوقيتين عشرون ، فلو رجع المشتري بالعشرين لرجع إليه الثمن وزيادة.

(١) وهو عند ما اشترى العين بخمسين وقيمتها السوقية مائة لأنها صحيحة ، وخمسين إذا كانت معيبة فنسبة التفاوت بين القيمتين السوقيتين النصف فيرجع المشتري بنصف الثمن الذي دفعه وهو خمسة وعشرون.

(٢) بحيث اختلف أهل الخبرة في التقويم ، ففي الجواهر يعمل بالصلح ، وعن المفيد والمحقق والفاضل والشهيدين يعمل على الأوسط ، وقال في المسالك : (والمراد بالأوسط قيمة منتزعة من مجموع القيم ، نسبتها إليه كنسبة الواحد إلى عدد تلك القيم ، فمن تلك القيمتين نصف مجموعهما ، ومن الثلاثة ثلثه وهكذا ، وإنما اعتبروا ذلك لانتفاء الترجيح لقيمة على أخرى ، ولانتفاء الوسط في نحو القيمتين والأربعة فلم يبق إلا أن يراد بالوسط معنى آخر ، وهو انتزاع قيمته من المجموع بحيث لا تكون القيمة المنتزعة أقرب إلى واحدة منها ، وطريقه أن يجمع القيم الصحيحة على حدة والمعيبة كذلك ، وينسب إحداها إلى الأخرى ، ويأخذ بتلك النسبة ، ولا فرق في ذلك بين اختلاف المقوّمين في القيمة الصحيحة والمعيبة معا وفي احداهما) انتهى.

(٣) أي اختلاف قيمة أفراد ذلك النوع.

(٤) فيما إذا اختلفت الأسواق وتعددت فيكون للصنف سعران أو ثلاثة بحسب تعدد الأسواق.

(٥) أي تعدد القيم.

(٦) أي قيمة منتزعة من مجموع القيم.

(٧) أي جميع القيم.

(٨) أي نسبة القيمة المنتزعة إلى مجموع القيم.

٦٠٨

وضابطه أخذ قيمة منتزعة من المجموع نسبتها إليه كنسبة الواحد إلى عدد تلك القيم (١) ، وذلك لانتفاء الترجيح (٢).

وطريقه (٣) أن تجمع القيم الصحيحة على حدة ، والمعيبة كذلك وتنسب إحداهما إلى الأخرى ويؤخذ بتلك النسبة (٤).

ولا فرق بين اختلاف المقوّمين في قيمته صحيحا ومعيبا ، وفي إحداهما (٥).

______________________________________________________

(١) فلو كانت القيم ثلاثة أخذ ثلثها وهكذا.

(٢) أي انتفاء ترجيح قيمة على أخرى فلا بد من أخذ قيمة منتزعة من الجميع.

(٣) أي طريق انتزاع قيمة واحدة تكون نسبتها إلى المجموع بالسوية.

(٤) فلو قالت إحدى البينتين أن قيمة المبيع بالقيمة السوقية اثنا عشر صحيحا وعشرة معيبا ، وقالت بينة أخرى : ثمانية صحيحا وخمسة معيبا ، فمجموع القيمتين الصحيحتين عشرون ، ومجموع القيمتين المعيبتين خمسة عشر ، والتفاوت بينهما خمسة ، وهو الربع بلحاظ المجموعين ، فيرجع بربع الثمن حينئذ فلو كان الثمن اثنى عشر فالأرش هو ثلاثة ، لأنها ربع الاثني عشر.

وعن الشهيد الأول بل عن إيضاح النافع أنه الحق أنه ينسب معيب كل قيمة إلى صحيحها ويجمع قدر النسبة ، ويؤخذ من المجتمع بنسبة القيم ، ففي المثال المتقدم تفاوت ما بين المعيبة والصحيحة على قول البينة الأولى السدس ، لأن الفرق بين الاثني عشر والعشرة اثنان ، والاثنان سدس الاثني عشر ، وعلى قول البينة الثانية هو ثلاثة أثمان لأن الفرق بين الثمانية والخمسة ثلاثة ، والثلاثة من الثمانية ثلاثة أثمان.

ومجموع النسبتين من الثمن الذي هو اثنا عشر بحسب الفرض ستة ونصف ، لأن سدس الاثني عشر اثنان ، وثمن الاثني عشر واحد ونصف وثلاثة أثمانه أربعة ونصف ، فإذا جمع ثلاثة أثمانه مع سدسه فيرتقى الحاصل إلى ستة ونصف ، وهذا المجتمع ـ أعني ستة ونصف ـ لا بدّ أن يؤخذ نصفه ، لأنه حاصل على قيمتين والعين لها قيمة واحدة فيكون الحاصل ثلاثة وربع ، وهذا هو الأرش الذي يرجع به المشتري على البائع إذا كان الثمن اثني عشر ، مع أنه على الطريقة الأولى رجع بثلاثة وهنا رجع بثلاثة وربع.

هذا كله إذا اختلفت البينات في قيمته صحيحا ومعيبا ، وأما لو اختلفت في احداهما فسيأتي الكلام فيه.

(٥) أن تتفق البينتان على القيمة الصحيحة وتختلف في المعيبة ، فتتفق على أن قيمته اثنا عشر صحيحا ، ثم قالت أحدهما : عشرة معيبا ، وقالت الأخرى : ستة. ـ

٦٠٩

وقيل : ينسب معيب كل قيمة إلى صحيحها ويجمع قدر النسبة ويؤخذ من المجتمع بنسبتها (١) ، وهذا الطريق منسوب إلى المصنف ، وعبارته هنا وفي الدروس لا تدل عليه.

وفي الأكثر يتحد الطريقان (٢). وقد يختلفان في يسير ، كما لو قالت إحدى البينتين : إن قيمته اثنا عشر صحيحا ، وعشرة معيبا ، والأخرى : ثمانية صحيحا ،

______________________________________________________

ـ فمجموع القيمتين الصحيحتين أربعة وعشرون ، ومجموع القيمتين المعيبتين ستة عشر ، والتفاوت بين المجموعين ثمانية ، ونسبته إلى مجموع الصحيحتين الثلث ، فيرجع المشتري بثلث الثمن حينئذ ، فلو كان الثمن اثني عشر كما هو المفروض فيرجع بأربعة.

وعلى قول الشهيد فالتفاوت بين الصحيح والمعيب على قول الأول اثنان ونسبته السدس ، وعلى قول الثانية ستة ونسبتها النصف.

ومجموع النسبتين ـ أعني النصف والسدس ـ من الثمن ـ الذي هو اثنا عشر ـ ثلثان ، ولا بد من تنصيفه لأن العين لها قيمة واحدة ، فيكون الأرش من الثمن هو الثلث ، فيرجع المشتري على البائع بثلث الثمن وهو أربعة.

وفي هذه الصور ، اتفق التقدير على الصورتين.

ولو ارتفقت البينتان على المعيبة دون الصحيحة ، كأن اتفقت على أن قيمته معيبا ستة ، وقالت إحدى البينتين : قيمته ثمانية صحيحا ، والأخرى قالت : عشرة.

فعلى طريقة الأكثر : فمجموع الصحيحتين ثمانية عشرة ، ومجموع المعيبتين اثنا عشر ، والتفاوت ستة ، ونسبته إلى مجموع الصحيحتين الثلث ، فيرجع المشتري على البائع بثلث الثمن ، وهو أربعة إذا كان الثمن اثني عشر كما هو المفروض. وعلى طريقة الشهيد فالتفاوت بين الصحيح والمعيب على قول الأولى اثنان ، ونسبته الربع ، والتفاوت على قول الثانية أربعة ونسبته خمسان. ومجموع النسبتين من الثمن هو (٨ ، ٧) ، ولا بد من تنصيفه لأن العين لها قيمة واحدة فيكون الأرش هو (٩ ، ٣) من اثني عشر الذي هو الثمن.

وهذه صورتان ، فالمجموع ثلاث صور مع ضميمة ما لو اختلفت البينتان في قيمته صحيحا ومعيبا على ما تقدم ، وهذا كله إذا كان الاختلاف بين بينتين ، وأما لو تعددت البينات بأن كانت ثلاثة أو أكثر فيعرف حكمها مما تقدم.

(١) أي بنسبة القيم فلو كانت ثلاثة أخذ ثلث المجموع وهكذا.

(٢) أي طريق الأكثر وطريق الشهيد ، والاتحاد بالنتيجة كما هو واضح ، كما في الصورة الثانية المتقدمة في الشرح ، والأولى بالشارح أن يقول : وفي الأكثر يختلف الطريقان وقد يتحدان في يسير.

٦١٠

وخمسة معيبا (١) ، فالتفاوت بين القيمتين الصحيحتين ومجموع المعيبتين الربع فيرجع بربع الثمن ، وهو ثلاثة من اثني عشر لو كان كذلك (٢) ، وعلى الثاني (٣) يؤخذ تفاوت ما بين القيمتين على قول الأولى وهو السدس ، وعلى قول الثانية ثلاثة أثمان. ومجموع ذلك من الاثني عشر ستة ونصف. يؤخذ نصفها : ثلاثة وربع. فظهر التفاوت.

ولو كانت ثلاثا (٤) فقالت إحداها : كالأولى والثانية : عشرة صحيحا وثمانية معيبا ، والثالثة : ثمانية صحيحا وستة معيبا. فالصحيحة ثلاثون ، والمعيبة أربعة وعشرون والتفاوت ستة هي الخمس ، وعلى الثاني (٥) يجمع سدس الثمن وخمسه وربعه ويؤخذ ثلث المجموع وهو يزيد عن الأول بثلث خمس.

______________________________________________________

(١) هذه هي الصورة الأولى المتقدمة.

(٢) أي لو كان الثمن اثني عشر.

(٣) أي قول الشهيد.

(٤) أي كانت البينات ثلاثة فقالت إحداها كالأولى في الصورة المتقدمة من كلام الشارح : بأن قيمته اثنا عشر صحيحا وعشرة معيبا ، وقالت الثانية : قيمته عشرة صحيحا وثمانية معيبا ، والثالثة : ثمانية صحيحا وستة معيبا ، فعلى طريقة الأكثر فالقيم الصحيحة ثلاثون ، والمعيبة أربعة وعشرون ، والتفاوت بينهما ستة ، وهي خمس مجموع القيم الصحيحة ، فيرجع المشتري بخمس الثمن الذي دفعه ، فلو كان الثمن اثني عشر فيرجع ب ٥ / ٢ ٢. وعلى قول الشهيد فالتفاوت بين الصحيح والمعيب على الأولى اثنان ونسبته السدس ، وعلى الثانية اثنان ونسبته الخمس ، وعلى الثالثة اثنان ونسبته الربع ، ومجموع النسب من الثمن الذي هو اثنان عشر بحسب الفرض هو : ٢ / ٥ ٧ ، لأن السدس اثنان ، والخمس ٢ / ٥ ٢ ، والربع ثلاثة.

ولا بد من تقسيم هذا المجموع على ثلاثة ، لأن العين لها قيمة واحدة فالحاصل بعد التقسيم هو : ٧ / ١٥ ٢.

والفرق بين النتيجتين هو ثلث الخمس ، لأن الحاصل على الطريقة الأولى ٢ / ٥ ٢ ، والحاصل على الطريقة الثانية ٧ / ١٥ ٢ ، والفرق بينهما ١ / ١٥ ، وإليك البيان : إن الكسر إذا ضربنا مخرجه بعدد وكذلك صورته بنفس العدد تبقى قيمته على ما هي عليه من دون تغيير ، وعليه فلو ضربنا ٢ / ٥ بثلاثة فالحاصل ٦ / ١٥ ، من دون تغيير للقيمة ، لأن القيمة في كليهما هي خمسان ، فلو طرحنا ٦ / ١٥ ٢ من ٧ / ١٥ ٢ فيبقى ١ / ١٥ ، وهذا ثلث الخمس ، لأن الخمس هو ٣ / ١٥ ، وثلثه ١ / ١٥ كما هو واضح.

(٥) أي قول الشهيد.

٦١١

ولو اتّفقت على الصحيحة كاثني عشر (١) ، دون المعيبة فقالت إحداهما : عشرة ، والأخرى : ستة ، فطريقه تنصيف المعيبتين (٢) ، ونسبة النصف إلى الصحيحة ، أو تجمع المعيبتين مع تضعيف الصحيحة وأخذ مثل نسبة المجموع إليه (٣) وهو الثلث. وعلى الثاني (٤) يؤخذ من الأولى (٥) السدس ، ومن الثانية النصف ، ويؤخذ نصفه (٦) وهو الثلث أيضا (٧).

ولو انعكس (٨) بأن اتفقتا على الستة معيبا وقالت إحداهما : ثمانية صحيحا ، وأخرى : عشرة ، فإن شئت جمعتهما وأخذت التفاوت وهو الثلث ، أو أخذت نصف الصحيحتين ونسبته إلى المعيبة وهو الثلث أيضا. وعلى الثاني (٩) يكون التفاوت ربعا (١٠) وخمسين (١١) فنصفه وهو ثمن وخمس (١٢) ، ينقص عن الثلث

______________________________________________________

(١) هذه هي الصورة الثانية المتقدمة في شرحنا.

(٢) قد تقدم شرح هذه الصورة وشرحها قائم على جمع القيمتين المعيبتين وتكرار الصحيحتين ، وأخذ نسبة المجموع إلى المجموع ، وهو الثلث ، وهناك طريق آخر بتنصيف المعيبتين ونسبة التنصيف إلى الصحيحة فيظهر الثلث.

فالمعيبتان : ١٠+ ٦ ١٦ ، ونصفها ثمانية ، ونسبة الثمانية إلى الاثني عشر التي هي قيمة الصحيحة على اختلاف البينتين هي الثلث ، فيرجع المشتري بثلث الثمن على البائع ، وثلث الثمن أربعة.

(٣) أي نسبة مجموع المعيبتين إلى مضاعف الصحيحة.

(٤) أي قول الشهيد.

(٥) أي البينة الأولى.

(٦) أي نصف المجموع من السدس والنصف ، والمجموع ثلثان ونصفه ثلث.

(٧) كالثلث على طريقة الأكثر وفي هذه الصورة اتحدت الطريقتان.

(٨) هذه هي الصورة الثالثة المتقدمة في شرحنا.

نصف الصحيحتين : فالصحيحتان تساوي ثمانية عشر ناشئة من ٨+ ١٠ ، ونصفها تسعة ، ونسبة التسعة إلى الستة ـ التي هي قيمة المعيبة ـ هي : الثلث.

(٩) أي قوال الشهيد.

(١٠) هو التفاوت في البينة الأولى.

(١١) وهو مقدار التفاوت في البينة الثانية.

(١٢) فالثمن نصف الربع ، والخمس نصف الخمسين ، هذا وقد عرفت سابقا أن الأرش من ـ

٦١٢

بنصف خمس. وعلى هذا القياس.

(ويسقط الرد بالتصرف) (١) في المبيع ، سواء كان قبل علمه بالعيب أم بعده (٢) ، وسواء كان التصرف ناقلا للملك أم لا ، مغيرا للعين أم لا ، عاد إليه بعد خروجه عن ملكه أم لا. وما تقدم في تصرف الحيوان آت هنا (٣) ، (أو

______________________________________________________

ـ الثمن الذي هو اثنا عشر هو : ٩ و ٣ ، وهو يساوي ثمنا وخمسا ، لأن ثمن الاثني عشر واحد ونصف ، وخمس الاثني عشر اثنان وأربعة من عشرة ، فالمجموع : ٥ و ١+ ٤ و ٢ ٩ و ٣.

وهو ينقص عن ثلث الاثني عشر بنصف الخمس ، لأن ثلث الاثني عشر أربعة ، وطرح ٩ و ٣ من أربعة يبقى ١ و ٠ ، وهذا نسبته إلى الواحد الصحيح عشر ، والعشر نصف الخمس.

(١) فالتصرف هنا مسقط لخيار العيب أما الأرش فباق ، كما كان التصرف مسقطا لخيار الحيوان ، فيشمل ما لو كان ناقلا أو مانعا من الرد ، أو مغيّرا للعين بزيادة أو نقيصة أو امتزاج أو غير ذلك.

بلا خلاف فيه لمرسل جميل عن أحدهما عليه‌السلام (في الرجل يشتري الثوب أو المتاع فيجد فيه عيبا ، فقال : إن كان الشي‌ء قائما بعينه ردّه على صاحبه وأخذ الثمن ، وإن كان الثوب قد قطع أو خيط أو صبغ يرجع بنقصان العيب) (١) ، وخبر زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام (أيّما رجل اشترى شيئا ، وبه عيب وعوار لم يتبرأ إليه ولم يبين له فأحدث فيه بعد ما قبضه شيئا ثم علم بذلك العوار وبذلك الداء أنه يمض عليه البيع ويردّ عليه بقدر ما نقص من ذلك الداء والعيب من ثمن ذلك لو لم يكن به) (٢).

وفهم الأصحاب من الحدث في خبر زرارة مطلق التصرف حتى ركوب الدابة كما في خيار الحيوان ، وقد عرفت أن مطلق التصرف الدال على الرضا باستمرارية العقد هو المسقط للخيار فضلا عن الحدث الموجب للتغيير.

(٢) ولم يخالف في ذلك إلا ابن حمزة حيث جعل التصرف بعد العلم مانعا من الأرش كما يمنع من الرد ، وردّ عليه الشارح في المسالك بقوله : (وهو ضعيف إذ لا دلالة للتصرف على اسقاطه ـ أي الأرش ـ والأصل يقتضي بقاءه ، نعم يدل على الالتزام بالعقد فيسقط الرد) انتهى.

(٣) وأن التصرف للاستخبار مسقط أو لا وهكذا.

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ١٦ ـ من أبواب الخيار حديث ٣ و ٢.

٦١٣

حدوث عيب بعد القبض) (١) مضمون على المشتري ، سواء كان حدوثه من جهته أم لا.

واحترزنا بالمضمون عليه عما لو كان حيوانا وحدث فيه العيب في الثلاثة (٢) من غير جهة المشتري (٣) ، فإنه حينئذ لا يمنع من الرد ولا الأرش ، لأنه مضمون على البائع.

ولو رضي البائع برده (٤) مجبورا بالأرش ، أو غير مجبور جاز.

وفي حكمه (٥) ما لو اشترى صفقة متعددا وظهر فيه (٦) عيب وتلف أحدها ، أو اشترى اثنان صفقة (٧) فامتنع أحدهما من الرد فإن الآخر يمنع منه وله الأرش ،

______________________________________________________

(١) فإنه يسقط خيار المشتري ، لأنه بعد قبض المشتري لا ضمان على البائع فلو ارجعه بالعيب القديم للزم الضرر على البائع من جهة العيب الحادث ، بلا فرق بين كون العيب الحادث من جهة المشتري أو من جهة أجنبي.

(٢) فيجوز للمشتري الفسخ حينئذ وإن كان المبتاع معيوبا بعيبين ، العيب القديم قبل العقد وهو مضمون على البائع بحسب الفرض ، والعيب الحادث بعد العقد في الثلاثة بالنسبة للمبتاع إذا كان حيوانا ، وهو مضمون على البائع أيضا لأنه وقع في زمن خيار المشتري.

(٣) أما لو كان من جهته فهو يسقط خياره.

(٤) قد تقدم أن العيب الحادث بعد قبض المشتري مسقط لخيار الفسخ لأنه غير مضمون على البائع ، نعم لو رضي البائع بالرد ورضي بالمبيع مع الأرش لنقصانه أو بدونه يجوز ، لأن الناس مسلطون على أموالهم.

(٥) أي حكم سقوط الرد بالعيب بعد القبض.

(٦) أي في المبيع وذلك ما لو اشترى شيئين صفقة واحدة بثمن واحد ، ثم تبين وجود عيب في أحدهما فلا يجوز للمشتري رد المعيب فقط لتبعض الصفقة على البائع وهو ضرر منفي ، فالمشتري إما أن يردهما معا أو يأخذ الأرش ، فلو تلف غير المعيب فيسقط الرد حينئذ لتلف بعض المبيع فيتعذر إرجاع المبيع على البائع لو فسخ المشتري فيتعين كذلك أخذ الأرش العيب فقط.

(٧) بأن اشترى شخصان شيئين على نحو الشركة بينهما ، وكان بيع الشيئين صفقة أي بثمن واحد ، فإن ظهر عيب في أحد الشيئين فللمشتريين الرد أو الامساك مع الأرش وهو مما لا خلاف فيه ، نعم ليس لأحدهما رد نصيبه دون صاحبه على المشهور ، لأن الرد المذكور موجب لتبعض الصفقة على البائع وهو ضرر منفي. ـ

٦١٤

وإن (١) أسقطه (٢) الآخر سواء اتحدت العين أم تعددت ، اقتسماها أم لا.

وأولى بالمنع من التفرق الورّاث عن واحد (٣) ، لأن التعدد هنا طارئ على العقد. سواء في ذلك خيار العيب وغيره.

وكذا الحكم لو اشترى شيئين فصاعدا (٤) فظهر في أحدهما عيب ، فليس له ردّه ، بل ردّهما ، أو إمساكهما بأرش المعيب.

وكذا يسقط الرد ، دون الأرش إذا اشترى من ينعتق عليه ، لانعتاقه بنفس الملك ، ويمكن رده إلى التصرف ، وكذا يسقط الرد بإسقاطه (٥) مع اختياره الأرش أو لا معه.

(و) حيث يسقط الرد (يبقى الأرش ، ويسقطان) أي الرد والأرش معا (بالعلم به) أي بالعيب (قبل العقد) (٦) ، فإن قدومه عليه عالما به رضا بالمعيب ،

______________________________________________________

ـ وعن الشيخ والقاضي والحلي وفخر المحققين أنه يجوز لأحدهما الرد دون صاحبه لإطلاق أدلة خيار العيب ، ولأن هذا العقد بمنزلة عقدين لأنه باع شخصين مع العلم بجواز رد أحدهما دون الآخر في العقدين ، وهو ضعيف لوجود الفرق الواضح.

(١) إن وصلية والمعنى أن الآخر الذي هو الممتنع من الرد لو أسقط أرشه فإن الأرش ثابت للأول ، لأنه ماله والناس مسلطون على أموالهم لا على أموال غيرهم.

(٢) والمعنى أنه لو اشترى شيئا وظهر فيه عيب سابق على العقد فيثبت له خيار العيب ، فلو مات وكان له ورثة متعددون فيرثون هذا الخيار ، فلو امتنع بعض الورثة عن الرد فليس لبقية الورثة الرد لتبعض الصفقة على البائع ، بل إن الحكم هنا أولى من الفرع السابق وهو ما لو لا اشترى شريكان شيئين صفقة واحدة ، ووجه الأولوية أن التعدد في السابق كان قبل العقد ، وهنا التعدد بعد العقد طارئ عليه ولم يكن حاصل قبله.

(٣) قد تقدم الكلام فيه.

(٤) كما لو اشترى أباه الذي ينعتق عليه ، ثم بان فيه عيب ، فيمنع المشتري من الرد ، لأن رده إرجاع الأب إلى الرقية مع أنه أصبح حرا بمجرد دخوله في ملك المشتري.

بل يمكن إرجاع هذا الفرع إلى صورة التصرف المانع من الرد لأنه موجب للنقل عن الملك.

(٥) لأن الناس مسلطون على أموالهم وهم مسلطون على حقوقهم أيضا ، والخيار حق.

(٦) فعلم المشتري بالعيب قبل العقد موجب لرضاه به فلا يكون له خيار بلا خلاف فيه.

٦١٥

(وبالرضا به بعده (١) غير مقيد بالأرش ، وأولى منه (٢) إسقاط الخيار ، (وبالبراءة (٣) أي براءة البائع (من العيوب ولو إجمالا) كقوله : برئت من جميع العيوب على أصح القولين (٤) ، ولا فرق بين علم البائع والمشتري بالعيوب وجهلهما (٥) ، والتفريق ، ولا بين الحيوان وغيره ، ولا بين العيوب الباطنة وغيرها ، ولا بين الموجودة حالة العقد والمتجددة (٦) ، حيث تكون مضمونة على البائع ، لأن

______________________________________________________

(١) بعد العقد ، ورضاه به تنازل عن حقه فلا يثبت له فسخ ولا أرش.

(٢) أي وأولى من الرضا ما لو صرح بإسقاط الخيار ، ووجه الأولوية أن الرضا بالعيب غير صريح في إسقاط الأرش بخلاف إسقاط الخيار لأن الخيار أمر يقتضي جواز إرادة كل من الرد والأرش صريحا ، فيكون إسقاطه تصريحا بإسقاطهما.

(٣) بأن يقول البائع : بعتك هذا وأنا بري‌ء من كل عيب أو نحو ذلك ، فهو مسقط للفسخ والأرش بلا خلاف فيه ، لأن المشتري رضي بهذا الاسقاط في متن العقد ، وهو شرط يجب الوفاء به ، ولمفهوم خبر زرارة المتقدم (١) ، وخبر جعفر بن عيسى (كتبت إلى أبي الحسن عليه‌السلام : جعلت فداك ، المتاع يباع فيمن يزيد ، فينادي عليه المنادي ، فإذا نادى عليه برئ من كل عيب فيه ، فإذا اشتراه المشتري ورضيه ولم يبق إلا نقد الثمن فربما زهد ، فإذا زهد فيه ادعى فيه عيوبا وأنه لم يعلم بها ، فيقول المنادي : قد برئت منها ، فيقول المشتري : لم أسمع البراءة منها ، أيصدق فلا يجب عليه الثمن ، أم لا يصدّق فيجب عليه الثمن؟ فكتب عليه‌السلام : عليه الثمن) (٢).

(٤) وهذا ما عليه الأكثر ، وذهب الاسكافي والقاضي أنه لا يكفي التبري اجمالا بل لا بد من التفصيل للجهالة ، وهو قول مردود للأخبار المتقدمة.

(٥) لإطلاق الأدلة ، والاطلاق شامل للمبيع سواء كان حيوانا أم لا ، وسواء كانت العيوب باطنة أم لا.

(٦) بل ظاهر التذكرة الاجماع عليه وهو الحجة ، ولا يقدح في الثاني أنه براءة مما لا يجب فيكون كإسقاط ما لم يثبت لأن التبري من العيب الموجب للخيار ، وهو العيب الذي يوجبه بحسب أصل العقد ، وما هذا شأنه لا يكون إلا العيب الموجود حال العقد ، لا المتجدد.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٦ ـ من أبواب الخيار حديث ٢.

(٢) الوسائل الباب ـ ٨ ـ من أبواب أحكام العيوب حديث ١.

٦١٦

الخيار بها ثابت بأصل العقد وإن كان السبب (١) حينئذ (٢) غير مضمون (٣).

(والإباق) عند البائع (٤) (وعدم الحيض) ممن شأنها الحيض (٥) بحسب سنها

______________________________________________________

ـ وفيه : إن العيب المتجدد بعد العقد وكان مضمونا على البائع كعيب الحيوان في الثلاثة مما يوجب الخيار بحسب أصل العقد أيضا.

(١) أي سبب الخيار وهو العيب.

(٢) أي حين العقد.

(٣) لأنه غير موجود.

(٤) لو أبق العبد عند المشتري بعد القبض وحيث لا يكون مضمونا على البائع وذلك بعد الثلاثة ، فلا يثبت للمشتري بهذا الإباق حق الفسخ ولا الأرش كما في سائر العيوب الحادثة عند المشتري كفقد عينه ونحو ذلك وهو مما لا خلاف فيه ، لمرسل ابن أبي حمزة عن أبي جعفر عليه‌السلام (ليس في الإباق عهدة) (١) ، وخبر محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه‌السلام (قضى عليّ عليه‌السلام أنه ليس في إباق العبد عهدة إلا أن يشترط المبتاع) (٢).

نعم لو أبق عند البائع قبل قبض المشتري كان للمشتري فسخ العقد بخيار العيب ، لأن الإباق عيب بلا خلاف فيه لخبر أبي همام (سمعت الرضا عليه‌السلام يقول : يردّ المملوك من أحداث السنة من الجنون والجذام والبرص ، فقلت : كيف يردّ من أحداث السنة؟ قال : هذا أول السنة فإذا اشتريت مملوكا فحدث به حدث من هذه الخصال ما بينك وبين ذي الحجة رددته على صاحبه ، فقال له محمد بن علي : فالإباق؟ قال : ليس الإباق من ذا ، إلا أن يقيم البينة أنه كان أبق عنده ـ أي البائع ـ) (٣).

(٥) على مذهب الأكثر ، لأن عدم الحيض لا يكون حينئذ إلا لعارض ، ويترتب عليه عدم قبولها للحمل وانحراف مزاجها ، ويدل عليه صحيح داود بن فرقد (سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن رجل اشترى جارية مدركة فلم تحض عنده حتى مضى لها ستة أشهر ، وليس بها حمل ، فقال : إن كان مثلها تحيض ولم يكن ذلك من كبر فهذا عيب تردّ منه) (٤).

وخالف ابن إدريس بناء على أصله من المنع بالعمل بخبر الواحد وهو ضعيف.

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ١٠ ـ من أبواب أحكام العيوب حديث ١ و ٢.

(٣) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من أبواب أحكام العيوب حديث ٢.

(٤) الوسائل الباب ـ ٣ ـ من أبواب أحكام العيوب حديث ١.

٦١٧

(عيب) ويظهر من العبارة الاكتفاء بوقوع الإباق مرّة قبل العقد (١) ، وبه صرح بعضهم ، والأقوى اعتبار اعتياده ، وأقل ما يتحقق بمرتين ، ولا يشترط إباقه عند المشتري (٢) ، بل متى تحقق ذلك عند البائع جاز الرد ، ولو تجدد عند المشتري في الثلاثة (٣) من غير تصرّف فهو كما لو وقع عند البائع ، ولا يعتبر في ثبوت عيب الحيض مضي ستة أشهر (٤) كما ذكره جماعة ، بل يثبت بمضي مدة تحيض فيها أسنانها (٥) في تلك البلاد ، (وكذا الثفل (٦) بضم المثلثة وهو ما استقر تحت المائع من كدرة (في الزيت) وشبهه (غير المعتاد) (٧). أما المعتاد منه فليس بعيب ،

______________________________________________________

(١) كما ذهب إليه العلامة في التذكرة والمحقق في الشرائع وثاني المحققين في جامعه لظهور الأخبار المتقدمة في أن مطلق الإباق عيب ، وهو يتحقق بالمرة ، ولأن الإقدام عليه يوجب الجرأة عليه ويصير للشيطان عليه سبيل ، وشرط بعض الأصحاب اعتياده وهو اللائح من مبسوط الشيخ كما قيل ومال إليه الشارح في المسالك وقواه هنا ، وأقل ما يتحقق بمرتين.

(٢) قد تقدم الكلام فيه.

(٣) أي ثلاثة أيام التي هي خيار الحيوان.

(٤) ن سب ذلك إلى جماعة لوروده في الخبر المتقدم ، وردّ بأن هذا قد ورد في السؤال فقط ، والجواب لم يتقيد به ولم يجعل الحكم دائرا مداره ليكون قيدا فيه.

(٥) أي نظيراتها.

(٦) قال في مصباح المنير : (الثفل مثل قفل حثالة الشي‌ء ، وهو الثخين الذي يبقى أسفل الصافي).

(٧) فهو عيب بلا خلاف فيه لكونه عيبا عرفا ، ولخبر ميسّر بن عبد العزيز عن أبي عبد الله عليه‌السلام (قلت له : رجل اشترى زق زيت فوجد فيه درديا ، فقال : إن كان يعلم أن ذلك يكون في الزيت لم يردّه ، وإن لم يكن يعلم أن ذلك يكون في الزيت ردّه على صاحبه).

وهو صريح بأنه مع العلم بالثفل غير المعتاد لا خيار له ، لأن اقدامه مع العلم رضا منه بالمعيب ، ويستثنى من ذلك ما لو جرت العادة بكون الزيت فيه مقدار من الثفل ، فلا شبهة أن الزيت مع هذه العادة تكون له طبيعة ثانية فلو خرج الزيت وفيه ثفل متعارف فلا عيب لتطابقه مع هذه الطبيعة الثانوية.

٦١٨

لاقتضاء طبيعة الزيت وشبهه كون ذلك فيه غالبا ، ولا يشكل صحة البيع مع زيادته عن المعتاد (١) بجهالة قدر المبيع المقصود بالذات فيجهل مقدار ثمنه لأن مثل ذلك غير قادح مع معرفة مقدار الجملة كما تقدم في نظائره.

(التاسع ـ خيار التدليس) (٢) وهو تفعيل من الدلس محركا (٣) ، وهو الظلمة كأنّ المدلّس يظلم الأمر ويبهمه حتى يوهم غير الواقع ، ومنه (٤) اشتراط صفة فتفوت (٥) ، سواء كان من البائع أم من المشتري (فلو شرط صفة كمال كالبكارة ،)

______________________________________________________

(١) قال في المسالك : (وربما أشكل الحكم فيما لو كان ـ الثفل ـ كثيرا وعلم به باعتبار الجهل بقدر المقصود بالذات الموجب للغرر ، والمشاهدة في مثل ذلك غير كافية ، وربما اندفع بأن معرفة الجميع كافية كما في معرفة مقدار السمن بظروفه جملة من دون العلم بالتفصيل) انتهى.

(٢) قال في مصباح المنير : (دلس البائع تدليسا ، كتم عيب السلعة من المشتري وأخفاه قاله الخطابي وجماعة ، ويقال أيضا : دلس دلسا من باب ضرب ، والتشديد أشهر في الاستعمال ، قال الأزهري : سمعت أعرابيا يقول : ليس في الأمر ولس ولا دلس ، أي لا خيانة ولا خديعة ، والدلسة بالضم الخديعة أيضا ، وقال ابن فارس : وأصله من الدلس وهو الظلمة) انتهى.

(٣) على قول ابن فارس.

(٤) أي من التدليس ، هذا واعلم أن صريح عبارة الخطابي وغيره من أهل اللغة ، وغيره من الفقهاء كالمسالك أن التدليس هو إخفاء عيب السلعة ، وأن عبارة الأزهري أن التدليس هو الخدعة والخديعة ، والثاني أعم لأن الخديعة كما تتحقق بإخفاء عيب في السلعة تتحقق بإظهار السلعة على صفة كمالية ليست فيها ، فالخديعة في الثاني بالإظهار ، وفي الأول بالاخفاء.

وبما أن الأول من موارد خيار العيب خصّ التدليس بالثاني وهو إظهار شي‌ء في السلعة على خلاف واقعها.

فالتدليس إيهام المشتري أن السلعة على صفة كذا ثم يتبين أنها ليست كذلك ، وايجاب العقد على المشتري ضرر عليه وهو منفي بالإضافة إلى النصوص الواردة في بعض موارد التدليس كالشاة على ما سيأتي بيانه ، فالتدليس يوجب له خبار الفسخ ، وبتسلطه على الفسخ يرتفع عنه الضرر ، ولا دليل على الأرش هنا بل يظهر من الجواهر الاجماع عليه.

(٥) فلو اشترط المشتري صفة كمال في المثمن ، أو البائع صفة كمال في الثمن ففاتت كان ـ

٦١٩

(أو توهمها) المشتري كمالا ذاتيا (١) (كتحمير الوجه ، ووصل الشعر فظهر الخلاف ، تخير) بين الفسخ والإمضاء بالثمن ، (ولا أرش) لاختصاصه (٢) بالعيب ، والواقع ليس بعيب ، بل فوات أمر زائد ، ويشكل ذلك في البكارة (٣) من حيث إنها بمقتضى الطبيعة وفواتها نقص يحدث على الأمة ويؤثر في نقصان القيمة تأثيرا بينا فيتخير بين الرد والأرش ، بل يحتمل ثبوتهما وإن لم يشترط (٤) ، لما ذكرناه خصوصا

______________________________________________________

ـ للمشترط خيار الاشتراط ، وهو يوجب الفسخ أو الامساك من دون أرش ، إلا أن هذا المورد أيضا من موارد خيار التدليس ، والفرق بينهما على ما قاله سيد الرياض : (والفرق بين خيار التدليس وخيار الاشتراط ، أي تخلف الشرط ، أن خيار التدليس إنما هو فيما شرط صفة كمال للمبيع فظهر خلافه ، والاشتراط إنما هو فيما شرط غير ما هو كمال ، ولو كان وصفا ، أو شرط ما ليس بوصف أصلا ، هذا مع الاشتراط ، وأما بدونه فالفرق ظاهر).

(١) كما لو اشتراها أنها محمرة أو ذات شعر بدون اشتراط ، فبانت أنها ليست كذلك ، فالمشهور على أنها تدليس فيثبت له خياره ، وذهب الشيخ في الخلاف أنه لا خيار له ، لأنه لا دليل عليه ، ووجوب الوفاء بالعقد ينفيه ، وردّ بأن الأغراض تختلف في ذلك فربما رغب المشتري فيما شاهد أولا ولم يسلم له فيكون مخدوعا بما رأى.

(٢) أي اختصاص الأرش ، وقد تقدم الكلام فيه.

(٣) أي يشكل عدم ثبوت الأرش في البكارة ، لأن البكارة أمر تقتضيه الطبيعة الأنوثية ، ففواتها عيب ، فلا بد من إثبات خيار العيب له الموجب للفسخ أو الامساك مع الأرش ، وثانيا أن فوات البكارة نقص في الأمة ولذا ينقص من قيمتها شي‌ء بيّن من المالية ، وهذا كاشف عن كون عدم البكارة عيبا ، فلا بد من ثبوت من خيار العيب للمشتري لينجبر الضرر الواقع عليه.

(٤) أي يحتمل ثبوت الرد والأرش وإن لم يشترط البكارة لما تقدم ، هذا وذهب المشهور أن الثيبوبة ليست عيبا في الإماء ، لأن أكثر الإماء لا يوجدن إلّا ثيبات ، فتكون الثيبوبة بمنزلة الخلقة الأصلية وإن كانت عارضة.

وفيه : إن هذا ثابت في خصوص المجلوب من بلاد الشرك فلا يوجب كون الطبيعة في الجميع قائمة على عدم البكارة ، وأيضا لو سلم كون الطبيعة في الإماء على عدم البكارة فلا تجري في الصغيرة التي ليست محل الوطء ، فإن أصل الخلقة والغالب فيها البكارة فتكون الثيبوبة عيبا.

وذهب ابن البراج وصاحب الجواهر إلى أن عدم البكارة مطلقا عيب باعتبار أن كلما زاد ـ

٦٢٠