مآثر الكبراء في تأريخ سامرّاء - ج ١

الشيخ ذبيح الله المحلاتي

مآثر الكبراء في تأريخ سامرّاء - ج ١

المؤلف:

الشيخ ذبيح الله المحلاتي


الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: انتشارات المكتبة الحيدريّة
المطبعة: شريعت
الطبعة: ١
ISBN: 964-503-035-8
ISBN الدورة:
964-503-039-0

الصفحات: ٤٠٨

الملوك أنّه فيه نساء ذات جمال فأمر بحملهنّ إليه ليختار منهنّ على عينه من يريد وبلغهنّ ذلك فقمن ليلتهنّ يصلّين ويستكفين شرّه فطرق ذلك الملك طارق فأتلفه من ليلته فأصبحن صياما فلذلك يصوم النصارى الصوم المعروف بصوم العذارى إلى الآن. قال : هكذا ذكره.

وقال الشابشتي : دير العذارى بين سرّ من رأى والحظيرة. وقال الخالدي : وشاهدته وبه نسوة عذارى وحانات خمر ، وإنّ دجلة أتى بفيضانه فاذهبه حتّى لم يبق منه شيء. وذكر أنّه اجتاز به في طيّ مسافرته سنة ٣٢٠ وهو عامر ، ولجحظة أخبار سيأتي في محلّه فيه هذه الأبيات :

ألا هل إلى دير العذارى ونظرة

إلى الخير من قبل المماة سبيل

وهل لي بسوق القادسيّة سكرة

تعلّل نفسي والنسيم عليل

وهل لي بحانات المطيرة وقفة

لراعي خروج الزقّ وهو جميل

إلى فتية ما شتت العزل شملهم

شعارهم عند الصباح شمول

وقد نطق الناقوس بعد سكوته

وشمعل قسّيس ولاح فتيل

يريد انتصابا للمقام بزعمه

ويرعشه الإدمان فهو يميل

يغنّي وأسباب الصواب تمدّه

وليس له فيما يقول عديل

ألا هل إلى شمّ الخزامى ونظرة

إلى قرقرى قبل المماة مبيل

سيعرض من ذكري وتنسى مودّتي

ويحدث بعدي للخليل خليل

سقى الله عيشا لم يكن فيه علقة

لهمّ ولم ينكر عليه عزول

لعمرك ما استعملت صبرا لفقده

وكلّ اصطبار عن سواه جميل

وقال أبو الفرج : ودير العذارى بسرّ من رأى إلى الآن موجود يسكنه الرواهب فجعلها اثنين.

وحدّث الجاحظ في كتاب المعلّمين قال : حدّثني ابن فرج الثعلبي أنّ فتيانا من

١٤١

بني ملاص من ثعلبة أرادوا القطع على مال يمرّ بهم قرب دير العذارى فجاءهم من خبرهم أنّ السلطان قد علم بهم وأنّ الخيل قد أقبلت تريدهم فاستخفوا في دير العذارى فلمّا حصلوا سمعوا فيه أصوات حوافر الخيل التي تطلبهم وهي راجعة من الطلب فأمنوا. فقال بعضهم لبعض : ما الذي يمنعكم أن تأخذوا القسّ وتشدّوه وثاقا ثمّ يخلو كلّ واحد منكم بواحدة من هذه الأبكار فإذا طلع الفجر تفرّقنا في البلاد وكنّا جماعة بعدد الأبكار اللواتي كنّ أبكارا في حسابنا ، ففعلنا ما اجتمعنا عليه فوجدنا كلّهنّ ثيّبات قد فرغ منهنّ القسّ قبلنا ، فقال بعضنا في ذلك :

ودير العذارى فضوح لهنّ

وعند القسوس حديث عجيب

خلونا بعشرين صوفيّة

وعند الرواهب أمر غريب

إذا هنّ يرهزن رهز الظراف

وباب المدينة فجّ رحيب

لقد بات بالدير ليل التمام

 ... صلاب وجمع مهيب

سباع تموز وذا قولة

لها في البطالة حظّ رغيب

وللقسّ حزن يهيض القلوب

ووجد يدلّ عليه النحيب

٧ ـ دير العلث

قال في المعجم : العلث قرية على شاطئ دجلة من الجانب الغربي قرب الحظيرة دون سامرّاء ، وهذا الدير راكب على دجلة وهو من أنزه الأديرة وأحسنها ، وكان لا يخلو من أهل القصف وفيه يقول جحظة :

يا طول شوقي إلى دير ومشتاح

والسكر ما بين خمّار وملّاح

والريح طيّبة الأنفاس ناعمة

مخلوطة بنسيم الورد والراح

سقيا ورعيا لدير العلث من وطن

لا دير حنّة من ذات الأكيراح

١٤٢

وقال أيضا :

أيّها الحاذقان بالله جدّا

وأصلحا لي الشراع والسكّانا

بلّغاني هديتما البردانا

وأنزلا لي من الدنان دنانا

وأعدلا بي إلى القبيصة الز

هراء حتّى أفرّج الأحزانا

فإذا ما تممت حولا تماما

فاعدلا بي إلى كروم أوانا

واحتطا لي الشراع بالدير با

لعلث لعلّي أعاشر الرهبانا

وظباء يتلون سفرا من الإ

نجيل باكرن سحرة قربانا

لا بسات من المسوح ثيابا

جعل الله تحته أغصانا

خفرات حتّى إذا دارت الكاس

كشفن النحور والصلبانا

٨ ـ دير عمر نصر

قال في المعجم : اسم دير كان في سامرّاء وفيه يقول الحسين بن الضحّاك الخليع :

يا عمر نصر لقد هيّت ساكنة

هاجت بلابل صبّ بعد إقصار

لله هاتفة هبّت مرجّعة

زبور داود طورا بعد أطوار

يحشّها دالق بالقدس محتنك

من الأساقف مزمور بمزمار

عجّت أساقفها في بيت مذبحها

وعجّ رهبانها في عرصة الدار

خمّار خانتها إن زرت حانته

أذكى مجامرها بالعود والقار

يهتزّ كالغصن في صلب مسوّدة

كأنّ دارسها جسم من القار

تلهيك ريقته عن طيب خمرته

سقيا لذاك جنى من ريق خمّار

أغرى القلوب به ألحاظ ساحبة

مرهاء تطرف عن أجفان سحّار

١٤٣

٩ ـ دير فثيون

أوّله فاء ثمّ ثاء ثمّ مثنّاة من تحت وآخره نون ، هو دير بسرّ من رأى حسن النزهة ، مقصود لطيبه وحسن موقفه ، يقول فيه الكتّاب :

يا ربّ دير عمّرته زمنا

ثالث قسّيسه وشماسه

لا أعدم الكأس من يدي رشأ

يزري على المسك طيب أنفاسه

كأنّه البدر لاح في ظلم الليل

إذا حلّ بين جلّاسه

كأنّ طيب الحياة واللهو و

اللذّات طرّا جمعن في كاسه

في دير فثيون في ليلة الفسح

والليل مدلهمّ ناء بحرّاسه

١٠ ـ دير القادسيّة

ذكر أبو الحسن الشابشتي في كتاب الديارات : إنّ دير القادسيّة على شاطئ دجلة ، بينه وبين سرّ من رأى أربعة فراسخ والمطيرة بينهما. والقادسيّة سامرّاء كما سنتلو عليك بعد هذا.

١١ ـ دير ماسرج بيس

قال في المعجم : ماسرج بيس ـ بفتح الميم وكسر السين وسكون المعجمة وكسر الباء وسكون الياء ـ. قال أبو الفرج والخالدي : هو بالمطيرة قرب سامرّاء ، وفيه يقول عبد الله بن العبّاس بن الفضل :

ربّ صحباء من شراب المجوسي

قهوة بابليّة خندريس

وغزال مكحّل ذي دلال

ساحر الطرف بابليّ عروس

قد خلونا بظبية نجليّة

يوم سبت إلى صباح الخميس

١٤٤

بين آس وبين ورد جنيّ

وسط دير القسيس ماسرجبيس

يتثّنى بحسن جيد غزال

ذي دلال مفوّض آب نوس

كم لثمت الصليب في الجيد منه

كهلال مكلّل بشموس

١٢ ـ دير ماجرجس

قال في المعجم : دير بنواحي المطيرة قرب سامرّاء. قال فيه أبو الطيب القاسم بن محمّد النمري :

نزلت بماجرجيس خير منزل

ذكرت به أيّام لهو مضين لي

تكنّفنا فيه السرور وحفّنا

فمن أسفل يأتي السرور ومن علّ

وسالمت الأيّام فيه وساعدت

وصارت صروف الحادثات بمعزل

بدير علينا الكاس فيه مقرطق

يحثّ به كاساته ليس يأتلي

فيا عيش ما أصفى ويا لهو دم لنا

ويا وافد اللذّات حيّيت فانزل

وفيه يقول أبو جفنة القرشي :

ترنّم الطير بعد عجمته

وانحسر البرد في أزمّته

وأقبل الورد والبهار إلى

زمان قصف يمشي برمّته

ما أطيب الوصل إن نجوت ولم

يلسعني هجره بخمشته

ومثل لون النجم صافية

تذهب بالمرأ فوق همّته

نازعته من سداه لي أبدا

في العشق والعشق مثل لحمته

في دير ما جرجيس حبس وقد نفح

الفجر علينا أرواح زهرته

وفى بميعاده وزورته

وكنت أوفى له بذمّته

١٤٥

١٣ ـ دير مرماري

قال في المعجم : من نواحي سامرّاء عند قنطرة وصيف ـ وهو موضع في سامرّاء كان الناس يستقبلون عنده من قدم من طرف الحجاز كما في روايته المتضمّنة لقدوم موسى المبرقع إلى سامرّاء ـ وكان عامرا كثير الرهبان ، ولأهل اللهو به إلمام ، وفيه يقول الفضل بن عبّاس المأمون :

أفضيت في سرّ من رأى خيل لذاتي

وثلث منها هوى نفسي وحاجاتي

عمّرت فيها بقاع اللهو منغمسا

في القصف ما بين أنهار وجنّات

بدير مرماري إذ تحيى الصبوح به

وتعمل الكأس فيه بالعشيّات

بين النواقيس والتقديس آونة

وتارة بين عيدان ونايات

ولم به من غزال أغيد غزل

يصيدنا باللحاظ البابليّات

ثمّ اعلم أنّ الديارات في غير سامرّاء من أراضي العراق كثيرة ذكر جملة منها أبو الحسن عليّ بن محمّد المشهور بالشابشتي في كتاب الديارات وكذا في تاريخ الكوفة وتاريخ الحيرة والمراصد والمعجم وغيرها ولم يختاروا هذه الأراضي إلّا لطيب هوائها وعذوبة مائها وقلّة دائها وفسحة عرصتها وكثرة أورادها ورياحينها ، ويتغنّى الشعراء بعظمتها ورقّة نسيمها ، ويقصدها المترفون والأغنياء ، وبترنّح الفتيان صبابة على أصوات أفانينها ، ويرقص الشبّان تيها على أنغام أعوادها.

جاء في كتاب تاريخ الحيرة في ذكر الديارات : منها دير ابن وضّاح اللحياني. قال : وكانت تلك الأصقاع تتموّج بحصون العبادة وبيوت الفضيلة كالديارات والقلالي والصوامع ، وقد تغنّى الشعراء بوصفها ، منها :

١٤ ـ دير ابن وضّاح وكان مع ملوك الحيرة.

١٥ ـ دير ابن براق بظاهر الحيرة.

١٤٦

١٦ ـ الأعور بظاهر الكوفة.

١٧ ـ دير الأسكون بظاهر النجف كان فيه قلال وهياكل وفيه رهبان يضيفون من ورد عليهم.

١٨ ـ وزير بني مرنا بظاهر الحيرة حيث قتل رجال حجر بن عمرو أقرباء امرئ القيس الشاعر المشهور بأمر ملك الحيرة ذي القرنين المنذر بن نعمان.

١٩ ـ دير الجرعة يقال إنّه دير عبد المسيح بن بقيلة.

٢٠ ـ دير الجماجم وهو بظاهر الكوفة.

٢١ ـ دير الحريق بالحيرة.

٢٢ ـ دير حنظلة كذلك.

٢٣ ـ دير حنّة بناه المنذر لقوم من تنوخ.

٢٤ ـ دير السواء.

٢٥ ـ دير عبد المسيح غرّه.

٢٦ ـ دير اللج.

٢٧ ـ دير مارت.

٢٨ ـ دير فايئون.

٢٩ ـ دير المزعوق.

٣٠ ـ دير هند الصغرى.

٣١ ـ دير هند الكبرى.

كلّها في الحيرة ونواحيها ، ونحن الآن نذكر جملة من تاريخ هذه الديارات من كتاب الديارات لأبي الحسن عليّ بن محمّد المعروف بالشابشتي (١) ملخّصا تذكرة

__________________

(١) لفظ الشابشتي أشار ابن خلّكان في ترجمة الشابشتي إلى ضبط هذه اللفظة وقال : بفتح الشين ـ

١٤٧

لمن اعتبر وتدبّر وتفكّر ونظر إلى البيوت الخاوية كيف غرّتهم الدنيا الدنيّة.

٣٢ ـ ديار درمالس

هذا الدير في أعلى بغداد ، بالجانب الشرقي منها قريب من الدار التي بناها الديلمي أحمد بن بويه بباب الشماسية وموقعه أحسن موقع ، وهو متنزه كثير البساتين والأشجار ، وبقربه أجمة قصب وهو كبير آهل برهبانه والمتبتّلين فيه ، وهو من البقاع المعمورة بالقصف والمقصودة بالتنزّه والشرب ، ولأبي عبد الله حمدون النديم فيه :

يا دير درماليس ما أحسنك

ويا غزال الدير ما أفتنك

لئن سكنت الدير يا سيّدي

فإنّ في جوف الحشا مسكنك

ويحك يا قلب أما تنتهي

عن شدّة الوجد بمن أحزنك

ارفق به بالله يا سيّدي

فإنّه من حينه مكّنك

٣٣ ـ دير سمالو

وهذا الدير في شرقي بغداد بباب الشماسة على نهر المهدي ، وهناك أرحية للماء

__________________

ـ المعجمة وبعد الألف باء موحّدة مضمومة ثمّ شين معجمة ساكنة وبعدها تاء مثنّاة من فوقها. ونقل عن كتاب التاجي لأبي إسحاق الصابي أنّ الشابشتي حاجب وشمكير بن زياد الديلمي ، قتل في سنة ٣٢٦ بالقرب من أصبهان ويحتمل أن يكون أبو الحسن عليّ بن محمّد شابشتي منسوبا إليه بأن يكون أحد أجداده فنسب إليه وبقي النسب على أولاده. والشابشتي كلمة فارسيّة منحوتة معناها عماد أي مساعد وسناد للملك ؛ لأنّ الشاه الملك ، وپشتي العماد ، وپشت أي خلف فيكون معناها الشخص الذي يمشي خلف الملك والمانع الناس عن مزاحمته ، وهذه الوظيفة هي المسمّاة باللغة العربيّة بالحاجب. وأصل لفظه شاه پشتي مركّب من كلمتين نحو (كل آب) كل أي ورد ، وآب أي ماء وأصلها آب گل ، وهكذا الأمر في شابشتي فهو (پشتي شاه). وتوفي الشابشتي سنة ٣٨٨ أو سنة ٣٩٠ أو سنة ٣٩٩ في شهر صفر بمصر.

١٤٨

وحوله بساتين وأشجار ونخل والموضع حسن نزه العمارة ، آهل بمن يطرقه وبمن فيه من رهبانه وعيدا لفصح ببغداد فيه منظر عجيب لأنّه لا يبقى نصرانيّ إلّا حضره وتقرّب فيه ، ولا أحد من أهل التطرّب واللهو من المسلمين إلّا قصده للتنزّه فيه ، وهو أحد متنزّهات بغداد المشهورة ، ومواطن القصف المذكورة ، ولمحمّد بن عبد الملك الهاشمي فيه :

ولربّ يوم في سمالوا ثمّ لي

فيه السرور وغيّبت أحزانه

وأخ يشوب حديثه بحلاوة

يلتذّ رجع حديثه ندمانه

جعل الرحيق من المدام شرابه

والمحسنات من الأوانس شانه

بكرت عليّ به الزيارة فاغتدى

طربا إليّ وسرّ في إتيانه

فأمرت ساقيا وقلت له اسقنا

قد حان وقت شرابنا وأوانه

فتلاعبت بعقولنا نشواته

وتوقّدت بخدودنا نيرانه

حتّى حسبت لنا البساط سفينة

والدير ترقص حولنا حيطانه

ولأبي الهيثم خالد بن يزيد الكاتب فيه :

يا منزل القصف في سمالو

مالي عن طيبك انتقال

واها لأيّامك الخوالي

والعيش صاف بها زلال

تلك حياة النفوس حقّا

وكلّ مادونها محال

أقول : شابشتي أطنب في هذا المقام من أمثال هذه الأبيات فاستيقظ يا أخي فلا تكن مثل ما هم عليه واخرج من غفلتك وحاسب نفسك قبل يوم الحساب ، يوم لا ينفع مال ولا بنون إلّا من أتى الله بقلب سليم ، واحذر من نار قعرها بعيد ، وعذابها جديد ، ومقامعها حديد ، وشرابها سديد ، وفي ذلك اليوم لا حقّ يوهب ، ولا معذرة تقبل ، ولا ذنب يغفر ، ولا بكاء ينفع ، إنّ العمر متجر مربح ، فكن على بصيرة من أمرك.

١٤٩

٣٤ ـ دير الثعالب

هذا الدير ببغداد بالجانب الغربي منها ، بالموضع المعروف بباب الحديد ، وأهل بغداد يقصدونه يتنزّهون فيه ، ولا يكاد يخلو من قاصد وطارق ، وله عيد لا يتخلّف عنه أحد من النصارى والمسلمين ، وباب الحديد أعمر موضع ببغداد وأنزهه لما فيه من البساتين والشجر والنخل والرياحين ، ولتوسّطه وقربه من كلّ أحد ، فليس يخلو من أهل البطالات ، ولا يخلو به أهل التطرّب واللذّات ، فمواطنه أبدا معمورة ، وبقاعه بالمتنزّهين مشحونة ، ولابن دهقانة الهاشمي فيه :

دير الثعالب مألف الضّلال

ومحلّ كلّ غزالة وغزال

كم ليلة حيّيتها ومنادمي

فينا أبح مقطع الأوصال

سمح يجود بروحه فإذا مضى

وقضى سمحت له وجدت بمال

ومنعم دين ابن مريم دينه

غبج يشوب مجونه بدلال

وسقيته وشربت فضلة كأسه

فشربت من عذب المذاق زلال

٣٥ ـ دير الجاثليق

يقرب من باب الحديد وهو دير كبير حسن نزه ، تحدق به البساتين ، قتل عنده إبراهيم بن مالك الأشتر النخعي وأحرق وهو بقرب دجيل والأشجار والرياحين ، وهو يوازي دير الثعالب في النزهة والطيب وعمارة الموضع لأنّهما في بقعة واحدة وهو مقصود مطروق لا يخلو من المتنزّهين فيه والقاصدين له ، وفيه رهبانته فتاته ومن يألفه من أهل الخلاعة والبطالة ، ولمحمّد بن أميّة الكاتب فيه :

لهفي على قمر في الدار مسجون

في صورة الإنس في مكر الشياطين

والله ما أبصرت عيني محاسنه

إلّا خرجت له طوعا من الدين

١٥٠

وله في هذا الدير أيضا :

تذكّرت دير الجاثليق وفتية

يتمّ بهم لي السرور وأسعفا

بهم طابت الدنيا وتمّ سرورها

وسالمني صرف الزمان وأنصفا

ألا ربّ يوم قد نعمت بظلّه

أبادر من لذّات عيشي ما صفا

أغازل فيه أدعج الطرف أهيفا

وأسقى به مسكيّة الفغم قرقفا

فسقيا لأيّام مضت لي بقربهم

لقد أوسعتني رأفة وتعطّفا

وتعسا لأيّام رمتني بينهم

ودير تقاضا في الذي كان أسلفا

٣٦ ـ دير مديان

وهذا الدير على نهر كرخايا ببغداد وكرخايا نهر يشقّ من المحول الكبير ويمرّ على العبّاسيّة ويشقّ الكرخ ويصبّ في دجلة ، وكان قديما عامرا والماء فيه جاريا ، ثمّ انطمّ وانقطعت جريته بالبثوق التي انفتحت في الفرات ، وهو دير حسن نزه ، حوله بساتين وعمارة ويقصد للنزه والشرب ، ولا يخلو من قاصد وطارق وهو من البقاع الحسنة النزه ، وللحسين بن الضحّاك فيه :

يا دير مديان لا عريت من سكن

ما هجت من سقم يا دير مديانا

هل عند قسّك من علم فيخبرني

أن كيف يسعد وجه الصبر من بانا

سقيا ورعيا لكرخايا وساكنه

بين الجنينة والروحاء من كانا

٣٧ ـ دير أشموئي

وأشموئي امرأة نصرانيّة بنت هذا الدير ودفنت فيه ، وهو بقطر بل في غربيّ دجلة بين بغداد وسامرّاء ، وعيده اليوم الثالث من تشرين الأوّل وهو من الأيّام

١٥١

العظيمة ببغداد يجتمع أهلها إليه كاجتماعهم إلى بعض أعيادهم ولا يبق أحد من أهل تطرب واللعب إلّا خرج إليه ويتنافسون فيما يظهرونه هنالك من زيّهم ، ويباهون بما يعدّونه لقصفهم ، ويعمرون أكناف الشطّ وديره وحاناته ، ويضربون لذوي البسطة منهم الخيم والفساطيط ، وتعزف عليهم القيان ، ويظلّ كلّ إنسان مشغولا بأمره ومكبّا على لهوه ، فهو أعجب منظر وأطيب مشهد وأحسنه ، ولجحظة فيه :

سقيا لأشموئي ولذّاتها

والعيش فيما بين جنّاتها

سقيا لأيّام مضت لي بها

ما بين شطّيها وحاناتها

الأبيات. وللثرواني فيه :

اشرب على قرع النواقيس

في دير أشموئي بتغليس

لا تخف كأس الشرب والليل في

حدّ نعيم لا ولا بوس

الأبيات.

٣٨ ـ دير سابر

هذا الدير في الجانب الغربي من دجلة. ولفظ سابر سريانيّة وهو فقد تكون من سيرا بمعنى الرجاء والأمل والثقة والاتكال أو سبرتا بمعنى البشرى أو سيبرتا بمعنى الصبر والاحتمال ، وهي عامرة نزه كثيرة البساتين والفواكه والكروم والحانات والخمّارين ، معمورة بأهل الطرب والشرب وهو موطن من مواطن الخلعاء ، وللحسين ابن الضحّاك فيه :

في دير سابر والصباح يلوح لي

فجمعت بدرا والصباح وراحا

أقول : له فيها أشعار في نهاية الخلاعة والمجون تركناها. فيا حسرة لهذا العمر

١٥٢

الذي لا عوض له أن يصرف في هذه الأراجيف ، وممّا ذكرنا وما نذكر يعرف قيمة دين النصارى من قسّيسهم ورهبانهم وراهباتهم حيث أنّهم لا يعرفون إلّا الخمور والملاهي والمعازف والمعانقة مع القينات والفتيات ، أعاذنا الله من الغفلة والذهول.

أين الملوك التي عن حفظها غفلت

حتّى سقاها بكأس الموت ساقيها

تلك المدائن في الآفاق خالية

عادت خرابا وذاق الموت بانيها

أموالنا لذوي الورّاث نجمعها

ودورنا لخراب الدهر نبنيها

٣٩ ـ دير قوطا

وهذا الدير بالبردان.

أقول : تقدّم أنّ البردان من نواحي سامرّاء ، والبردان من المواضع الحسنة والبقاع النزه والأماكن الموصوفة وهي كثيرة الطراق والمتنزّهين ، وهذا الدير يجمع أحوالا كثيرة منها عمارة البلد وكثرة فواكههم ووجود جميع ما يحتاج إليه فيه ، ومنها أنّ الشراب هناك مبذول ، والحانات كثيرة. ومنها أنّ في هذا الموضع ما يطلبه أهل البطالة والخلاعة من الوجوه الحسان ، والبقاع الطيّبة النزهة فليس يكاد يخلو ، ولعبد الله بن العبّاس بن الفضل بن الربيع فيه :

يا دير قوطا لقد هيّجت لي طربا

أزاح عن قلبي الأحزان والكربا

كم ليلة فيك واصلت السرور بها

لمّا وصلت لها الأدوار والنخبا

في فتية بذلوا في القصف ما ملكوا

وأنفقوا في التصابي المال وانعشبا

وشادن ما رأت عيني لها شبها

في الناس لا عجما منهم ولا عربا

إذا بدا مقبلا ناديت وا طربا

وإن مضى معرضا ناديت وا حزنا

أقمت بالدير حتّى صار لي وطنا

من أجله ولبست المسح والصلبا

١٥٣

وصار شمّاسه لي صاحبا وأخا

وصار قسّيسه لي والدا وأبا

ظبي لواحظه في العاشقين ظبى

فمن نا منه مغترّا بها ضربا

الأبيات.

٤٠ ـ دير الخوات

هذا الدير بعكبرا وهو دير كبير عامر يسكنه نساء مترهّبات متبتّلات فيه ، وهو وسط البساتين والكروم ، حسن الموقع ، نزه الموضع ، وعيده الأحد الأول من الصوم وهو صوم الكبير عند النصارى ، يجتمع إليه كلّ من يقرب منه من النصارى والمسلمين فيعيّد هؤلاء ويتنزّه هؤلاء ، وفي هذا العيد ليلة الماشوش وهي ليلة تختلط الرجال بالنساء فلا يردّ أحد يده عن شيء ولا يردّ أحد أحدا عن شيء وهو من معادن الشراب ومنازل القصف ومواطن اللهو ، وللناجم أبي عثمان فيه :

آح قلبي من الصبابة آح

من جوار مزيّنات ملاح

وفتات كأنّها غصنى بان

ذات وجه كمثل نور الصباح

أهل دير الخوات بالله ربّي

هل على عاشق قضى من جناح

أقول : أنظر أيّها العاقل اللبيب على عبادة الراهبات النصارى ودينهم السايد هل ترى إلّا إعمال الشهوات وقضاء الوتر من الفتاة والغلمان والشرب والرقص والمزامير ، أفبهذا أمرهم عيسى بن مريم عليهما‌السلام؟!

٤١ ـ دير مريحنا

وهذا الدير إلى جانب تكريت على دجلة وهو كبير عامر كثير القلايات والرهبان ، مطروق مقصود ، لا يخلو من المتطرّبين والمتنزّهين ، ولا من مسافر

١٥٤

ينزله ، ولكلّ من طرقه من الناس ضيافة قائمة على قدر المضاف ، لا يخلونّ بها ، وله مزارع وغلّات كثيرة وبساتين وكروم ، وهو للنساطرة ، والنساطرة فرقة من النصارى عرفت باسم مؤسّسها نسطور ، وعلى بابه صومعة عبدون الراهب ؛ رجل من الملكيّة بنى الصومعة ونزلها فصارت تعرف به ، وقد قيل في هذا الدير أشعار ، ووصف طيبه ونزهته ، فمن ذلك قول عمرو بن عبد الملك الورّاق :

أرى قلبي قد حنا

إلى دير مريحنا

إلى غيظانه الفيح

إلى بركته الغسنا

إلى ظبي من الإنس

يصيد الإنس والجنّا

إلى غصن من البان

به قلبي قد حنّا

إلى أحسن خلق الله

إن قدّس أو غنّا

فلمّا ابتلج الصبح

بزلنا بيننا دنّا

فلمّا دارت الكأس

أدرنا بيننا لحنا

ولمّا هجع السما

رنمنا وتعانقنا

وكان عمرو هذا من الخلعاء المجان المنهمكين في البطالة والخسارة ، الخ.

٤٢ ـ دير صباعى

وهذا الدير في شرقي تكريت مقابل لها مشرف على دجلة ، وهو نزه عامر ، له ظاهر عجيب فسيح ، ومزارع حوله على نهر يصبّ من دجلة إلى الإسحاقي وهو خليج كبير فيقصد هذا الدير من قرب منه في أعياده وأيّام الربيع وهو إذ ذاك منظر حسن فيه خلق كثير من رهبانه وقسّانه ، ولبعض الشعراء فيه :

حنّ الفؤاد إلى دير بتكريت

بين صباعى وقسّ الدير عفريت

١٥٥

٤٣ ـ دير الأعلى

هذا الدير بالموصل وهو دير كبير يضرب به المثل في رقّة الهوى وهو حسن المستشرف ، ويقال : إنّه ليس للنصارى دير مثله لما فيه من أنا جيلهم ومتعبّدا لهم ، فيه قلايات كثيرة لرهبانه ، وله درجة منقورة في الجبل يفضى إلى دجلة نحو المائة مرقاة ، وعليها يستقى الماء من دجلة ، وتحت الدير عين كبيرة تصبّ إلى دجلة ، ولها وقت من السنة يقصدها الناس فيستحمون منها ويذكرون أنّها تبرئ من الجرب والحكّة وتنفع المقعدين والمقرعين والزمنى.

وللشعانين (١) في هذا الدير الحسن يخرج إليه الناس فيقيمون فيه الأيّام ويشربون ، ومن اجتاز بالموصل من الولاة نزله ، وقد قالت الشعراء في هذا الدير ووصفت حسنه ونزهته ، وللثرواني فيه :

اسقني الراح صباحا

قهوة صهباء راحا

واصطبح في الدير الأعلى

في الشعانين اصطباحا

إنّ من لم يصطبحها

اليوم لم يلق نجاحا

الأبيات. وكان المأمون اجتاز بهذا الدير في خروجه إلى دمشق فأقام به أيّاما ووافق نزوله عيد الشعانين. فذكر أحمد بن صدقة قال : خرجنا مع المأمون فنزلنا الدير الأعلى بالموصل لطيبه ونزهته ، وجاء عيد الشعانين فجلس المأمون في موضع منه حسن مشرف على دجلة والصحراء والبساتين ويشاهد منه من يدخل الدير ، وزيّن الدير في ذلك اليوم بأحسن زيّ ، وخرج رهبانه وقسّانه إلى المذبح وحولهم فتيانهم بأيديهم المجامر ، قد تقلّدوا الصلبان وتوشّحوا بالمناديل المنقوشة ، فرأى المأمون ذلك فاستحسنه ثمّ انصرف القوم إلى قلاليهم وقربانهم وعطف إلى

__________________

(١) شعانين اسم عيد للنصارى.

١٥٦

المأمون من كان معهم من الجواري والغلمان بيد كلّ واحد منهم تحفته من رياحين وقتهم ، وبأيدي جماعتهم كئوس فيها أنواع الشراب فأدناهم وجعل يأخذ من هذا ومن هذا ومن هذه تحييه وقد شغف بما رآه منهم وما فينا إلّا من هذه حاله ، وهو في خلال ذلك يشرب والغناء يعمل ، ثمّ أمر بإخراج من معه من وصائفه المزنرات فأخرج إليه عشرون وصيفة كأنّهنّ البدور ، عليهنّ الديباج ، وفي أعناقهنّ صلبان الذهب ، بأيديهنّ الخوص والزيتون ، فقال : يا أحمد ، قد قلت في هؤلاء أبياتا فغنّى بها ، وهي :

ظباء كالدنانير

ملاح في المقاصير

جلاهنّ الشعانين

علينا في الزنانير

وقد زرفن أصداقا

كأذناب الزرازير

وأقبلن بأوساط

كأوساط الزنانير

وإلى جانب هذا الدير مشهد عمرو بن الحمق الخزاعي ومسجد بنته بنو حمدان يتصل بالقبر. ثمّ أخذ في ترجمة عمرو بن الحمق وشهادته ، ولقد استوفينا ما يتعلق بعمرو بن الحمق في كتابنا المطبوع «كشف المغيّبات» وترجمة عياله آمنة في كتابنا «الرياحين الشريعة» وهو أيضا مطبوع.

٤٤ ـ دير يونس بن متّى عليه‌السلام

وهذا الدير ينسب إلى يونس عليه‌السلام ، وعلى اسمه بني ، وهو في الجانب الشرقي من الموصل ، بينه وبين دجلة فرسخان ، وموضعه يعرف بنينوى ، ونينوى هي مدينة يونس عليه‌السلام وأرضه كلّها نوار وشقائق ، وله في أيّام الربيع ظاهر حسن موافق ، وهو مقصود ، وتحت الدير عين تعرف بعين يونس ، والناس يقصدون هذا الموضع لخلال

١٥٧

منها التنزّه واللعب ، ومنها التبرّك بموضعه ، ومنها الاغتسال من العين التي تحته ، ولأبي شاس فيه :

يا دير يونس جادت صوبك الديم

حتّى ترى ناظرا بالنور تبتسم

إلى أن قال :

أستغفر الله من فتك بذي غنج

جرى عليّ به في ربعك القلم

٤٥ ـ دير زكّا

وهذا الدير بالرقّة على الفرات وعن جنبيه نهر المبنج ، وهو من أحسن الديارات موقعا ، وأنزهها موضعا ، وكانت الملوك إذا اجتازت به نزلته وأقامت فيه لأنّه يجتمع فيه كلّ ما يريدونه من عمارة ونفاسة أبنية ، وطيب المواضع التي به ، ونزهة ظاهره لأنّ له بقايا عجيبة وبناحيته من الغزلان والأرانب وما شاكل ذلك ممّا يصطاد بالجارح من طير الماء والحبارى وأصناف الطير ، وفي الفرات بين يديه مطارح الشباك للسمك وهو جامع لكلّ ما تريده الملوك والسوقة ، وليس يخلو من المتطرّبين لطيبه سيّما أيّام الربيع فإنّ له في ذلك الوقت منظرا عجيبا ، وللصنوبريّ فيه :

أراق سجالها بالرقّتين

جنوبيّ صخوب الجانبين

وأهدى للرصيف رصيف مزن

يمارده طرير الطرّتين

مآلف بل معاهد باقيات

بأكرم مألفين ومعهدين

يضاحكها الرفات بكلّ فجّ

فيضحك عن نضار واللجين

كأنّ الأرض من صفر وحمر

عروس تجتلي في حلّتين

كأنّ عناق نهري دير زكّى

إذا اعتنقا عناق متيمين

١٥٨

وقد ذاك البليخ يد الليالي

وذاك النيل من متجاورين

أقاما كالسوارين استدارا

على كتفيه أو كالدملجين

أيا متنزّهي في دير زكّى

ألم تك نزهتي بك نزهتين

أردّد بين ورد نداك طرفا

يردّد بين ورد الوجنتين

ومبتسم كنظمي أقحوان

جلاه الطلّ بين شقيقتين

ويأسفن الفرات بحيث تهوى

هوى الطير بين الجانبين

تطارد مقبلات مدبرات

على عجل تطارد عسكرين

ترانا واصليك كما عهدنا

وصالا لا ننقصه ببين

ألا يا صاحبيّ خذا عناني

هواي سلامتي من صاحبين

لقد عضيتني الخمسون فتكي

ونامت بين لذّاتي وبيني

وكان اللهو عندي كابن أمّي

فصرنا بعد ذاك لعلّتين

٤٦ ـ دير ابن مزعون

وهذا الدير بالحيرة في وسطها قريب دير الحريق وهو دير كثير الرهبان ، حسن العمارة ، أحد المتنزّهات المقصودة والأماكن الموصوفة ، ولمحمّد بن عبد الرحمان :

قلت له والنجوم طالعة

في ليلة الفصح أوّل السحر

هل لك فيما رفاثيون وفي

دير ابن مزعون غير مختصر

يفيض هذا النسيم من طرف

الشام ودرّ الندى على الشجر

ونسأل الأرض من منابتها

وعهدها بالربيع والمطر

يا لك طيبا وشمّ رائحة

كالمسك يأتي بنفحة السحر

١٥٩

٤٧ ـ دير الأساقف

هذه الديارات بالنجف بظاهر الكوفة وهو أوّل الحيرة وهو قباب وقصور تسمّى ديارات أساقف وبحضرتها نهر يعرف بالغدير عن يمينه قصر أبي الخصيب وعن شماله السدير وبين ذلك الديارات. والسدير (سه دير) وهو قصر عظيم من أبنية ملوك لخم في قديم الزمان ، ولعليّ بن محمّد الحمّاني العلوي يذكر هذه المواضع :

كم وقفة لك بالخورنق

لا توارى بالمواقف

بين الغدير إلى السدير

إلى ديارات الأساقف

فما درج الرهبان في

أطمار خائفة وخائف

دمن كأنّ رياضها

يكسين أعلام المطارف

وكأنّما غدرانها فيها

عشور في المصاحف

وكأنّما أنوارها

تهتزّ بالريح العواصف

طرر الوصائف يلتقين

إلى طرر الوصائف

تلقى أوائلها أواخرها

بألوان الزخارف

بحريّة شتواتها

بريّة فيها المصايف

ورديّة الحصباء كافوريّة

فيها المشارف

وبها كرة البقال ثمّ قصر العدسيين ثمّ الأقصى الأبيض ثمّ قصر بني بقيلة المشهور بدير عبد المسيح بن بقيلة الغساني أخو سطيح الكاهن ، وهذه كلّها ديارات الأساقف.

٤٨ ـ دير هند بنت النعمان بن المنذر

بنت هذا الدير بالحيرة وترهّبت فيه وسكنته دهرا طويلا ثمّ عميت وهذا الدير من أعظم ديارات الحيرة وأعمرها وهو بين الخندق وخضراء ، ولمّا قدم الحجّاج

١٦٠