وفي يوم الثلاثاء الثامن من شهر رمضان سنة تسع وأربعين وخمسمائة ، توفي الحكيم أبو محمد بن حسين الطبيب المعري ، رحمهالله ، وكان حسن الطريقة والصناعة ، كثير التجربة ، ثاقب المعرفة ، فكثر التأسف عليه ، وعند فقد مثله.
ودخلت سنة خمسين وخمسمائة
وأولها يوم الاثنين مستهل المحرم ، والطالع العقرب عشرون درجة وثلاثون دقيقة وثمان وأربعون ثانية ، وفي اليوم الرابع والعشرين من ربيع الأول من السنة ، تقررت أسباب الموادعة بين الملك العادل نور الدين ، صاحب دمشق ، وبين ملك الأفرنج تقدير السنة ، وتمهدت القاعدة على هذه الحال الى آخر المدة المستقرة ، وبعد أيام قلائل من ذلك خرج الأمر الملكي النوري بالقبض على ضحاك والي بعلبك ، وطلب منه تسليمها ، فأجاب الى ذلك ورحل العسكر المنصور إليها لتسلمها ، وفي يوم الخميس السابع من (١٧٩ و) شهر ربيع الأول من السنة كان تسليمها (١) ، ورتب فيها من سلمت إليه ، واعتمد في حفظها عليه ، وفي يوم الاثنين الحادي وعشرين من رجب من السنة توجه الأمير أسد الدين شيركوه الى حلب ، عند استدعاء الملك العادل نور الدين له.
وفي أيام من شعبان من السنة ، ورد الخبر من ناحية مصر بأن المنتصب في الوزارة فارس الاسلام ابن رزيك ، لما استقام له الأمر عزم على مصالحة الأفرنج وموادعتهم ، واستكفاف شرهم ، ومصانعتهم بمال يحمل إليهم من
__________________
(١) في الروضتين : ١ / ٩٩ : «ورأيت بعض المؤرخين قد ذكر أن مجير صاحب دمشق ، أنزل نجم الدين من القلعة ، وجعله في البلد ـ بعلبك ـ وولى القلعة رجلا يقال له ضحاك ، فلما ملك نور الدين دمشق ، خرج الى بعلبك ، واستنزل منها ضحاكا».