العقد الثّمين في تاريخ البلد الأمين - ج ٣

تقي الدين محمّد بن أحمد الحسني الفاسي المكّي

العقد الثّمين في تاريخ البلد الأمين - ج ٣

المؤلف:

تقي الدين محمّد بن أحمد الحسني الفاسي المكّي


المحقق: محمّد عبد القادر أحمد عطا
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
ISBN الدورة:
978-2-7451-2553-2

الصفحات: ٤٦٢

ولايم صاحب مكة ، وتولى عمارة الدور التى أنشأها فى الموضع المعروف بدار عيسى بالسويقة بمكة ، ثم توجه من مكة فى أثناء سنة اثنتى عشرة وثمانمائة إلى مصر ، فسعى فى أذى صاحب مكة ، فأجيب لقصده.

وخرج من مصر ، وهو واثق بذلك ، فخاب أمله ؛ لأن صاحب مصر الملك الناصر فرج ، استعطف على صاحب مكة ، فرضى عنه وأقره على ولايته ، ومنع من محاربته ، وعلم ذلك جابر ، فاستوطن ينبع ولايم ولاتها ، وبنى لهم بها قلعة وسورا ، وهو فى غضون ذلك يرغب كثيرا فى العود إلى مكة ، على أن يضمن له بعض القواد عن صاحب مكة ، أن لا يصيبه منه سوء ، فلم يوافق على ذلك صاحب مكة.

ثم رغب فى سنة خمس عشرة وثمانمائة فى إخراج جابر من ينبع ، لما بلغه عنه من تحسينه لصاحب اليمن ، التجويد على جدة إلى ينبع لتكدر خاطر صاحب اليمن على صاحب مكة ، فى أمر فعله صاحب مكة ، لم يسهل بصاحب اليمن.

فتوجه جابر إلى مصر ، وأخذ يؤذى صاحب مكة ، فلم يقبل منه ، وصودر وبعث به معتقلا إلى صاحب مكة ، فوصلها مع الحجاج ، فى موسم خمس عشرة وثمانمائة ، ودخلها والزنجير فى حلقه ، ورآه صاحب مكة ، وهو على هذه الصفة ، فحياه بالسلام ، وأقام بمنزل أمير الحاج برباط الشرابى ، ثم خلص فى ليلة الثامن من ذى الحجة من السنة المذكورة ؛ لأنه خرج يطوف تلك الليلة ، ومعه بعض المماليك ، فتسحب منه ، ولجأ إلى بعض القواد فأجاره ، وأخبر به صاحب مكة ، وجمعه عليه بعد أن توثق منه ، فعفا عنه صاحب مكة ، وأقبل عليه كثيرا من أموره بجدة وغيرها ، فنهض بذلك.

ثم تغير عليه صاحب مكة ، لما نسب إليه من تقويته للسيد رميثة بن محمد بن عجلان ، على دوام عصيانه لعمه ، فإن رميثة هجم على مكة فى رابع عشرى جمادى الآخرة ، من سنة عشرة وثمانمائة ، وهجم على جدة فى رمضان من السنة المذكورة ، ونهب جدة والهدة ، وسعى بعد ذلك جابر وغيره فى الإصلاح بينهما ، فشرط رميثة ما لم تطب به نفس عمه ، وصمم على ذلك ، فاتهم فى ذلك جابر ومن معه ، ووقع مع ذلك من جابر مخالفة لمخدومه فى بعض أوامره ، فقبض عليه بمنى فى النفر الأول ، ثم قرر على أمواله ، وأشعر بقتله ، فصلى ركعتين ، وخرج من أجياد مع الموكلين بقتله إلى باب المعلاة ، فشنق به ، ولم يظهر منه جزع فى حالة شنقة ولا فى ذهابه إلى الشنق ، ولا كلم الموكلين به كلمة واحدة.

٢٦١

وكان شنقه بعد المغرب ، فى ليلة الخميس الخامس عشر من ذى الحجة ، سنة ست عشر وثمانمائة ، ودفن بالمعلاة.

وكانت أدعية الحجاج عليه كثيرة فى موسم هذه السنة ، بسبب كثرة زيادته عليهم فى أمر المكس ، فأصيب مع المقدور بسبب دعائهم ، فإن دعوة المظلوم ليس بينها وبين الله حجاب ، كما صح عن النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

ومن الأسباب التى أصيب بها ، أنه كان قليل المراعاة لبعض أخصاء مخدومه ، لظنه أن الكلام فيه لا يقبل ، بسبب نهوضه بما لا ينهض به غيره من الخدم ، وكان يظهر له مع ذلك فساد ظنه ، وهو لا يعتبر ، وتمادى فى ذلك إلى أن أدركه ما عليه قدر. وكان له إلمام بمذهب الزيدية ، وحظ فى التجارة. وبلغ ستين سنة ؛ لأنه ذكر لى أنه ولد سنة ست وخمسين وسبعمائة.

٨٧١ ـ جابر بن محمد بن عبد العزيز بن العربى ، افتخار الدين أبو محمد ابن أبى عبد الله الخوارزمى الكاثى ـ بكاف وألف وثاء مثلثة ـ نسبة إلى بلد من أعمال خوارزم ، الحنفى الصوفى :

قدم مكة ، وقرأ بها على الشيخ فخر الدين التوزرى صحيح البخارى ، فى سنة أربع وستمائة ، وتكلم على أماكن فيه من جهة العربية. ذكر أنه رأى الناس يغلطون فيها ، ولا يذعنون فيها للصواب ، جريا منهم على عادة المحدثين فى بقائهم على كلام السلف ، وجمع فى ذلك ورقة رأيتها بخطه ، قرأها عليه القاضى جمال الدين بن فهد الهاشمى ، وكتب السماع عليها بخطه ، ووصفه بالإمام العلامة ، نزيل حرم الله ، فاستفدنا من هذا أنه سكن مكة.

ووجدت بخط التوزرى نحوا من ذلك ، فى بعض سماعاته عليه.

ووجدت بخط القطب : أنه أقام بالقدس مدة ، ودرس فيها بمدارس الحنفية. وتولى مشيخة الخانقاة الركنية بالقاهرة ، وعزل عنها ، ثم تولى مشيخة خانقاة الأمير علم الدين الجاولى بالكبش ، قال : وهو فاضل حسن الشكل ، مليح المحاضرة.

ووجدت بخط الشيخ محيى الدين عبد القادر الحنفى : أنه تفقه على خاله أبى المكارم محمد بن أبى المفاخر الخوارزمى ، وقرأ المفصل والكشاف على أبى عاصم الإسفندرى ،

__________________

٨٧١ ـ انظر ترجمته فى : (الدليل الشافى ١ / ٢٣٣ رقم ٨٠ ، الدرر ٢ / ٦٨ رقم ١٤٣٥ ، المنهل الصافى ٤ / ٢٠٤).

٢٦٢

عن سيف الدين عبد الله بن أبى سعيد الخوارزمى ، عن أبى عبد الله البصرى ، عن الزمخشرى ، وسمع من الدمياطى.

وتوفى فى المحرم سنة إحدى وأربعين وسبعمائة بظاهر القاهرة ، ودفن بالقرافة.

ومولده فى عاشر شوال سنة سبع وستين وستمائة بخوارزم (١).

٨٧٢ ـ جار الله بن حمزة بن راجح بن أبى نمى الحسنى المكى ، يكنى أبا منيف :

كان شجاعا عاقلا ، له مكارم ومحاسن ، معظما عند الناس.

ولما ولى عنان بن مغامس إمرة مكة ، بعد محمد بن أحمد بن عجلان ، لجأ إليه فعضده ، وأجزل له عنان العطية ، وأعلا كلمته ، وعظم أمره عند الناس بسبب ذلك ، وأنشأ فى هذه المدة ، مدرسة بدار العجلة ، وفتح لها فى جدار المسجد بابا وستة شبابيك. وذلك فى سنة تسع وثمانين وسبعمائة.

ولما ولى على بن عجلان إمرة مكة ، استماله بعد مدة ، وأجزل له العطية وأكرمه وصار يرعاه.

ودخل إلى مصر بإثر دخول على بن عجلان وعنان ، فى سنة أربع وتسعين وسبعمائة ، طمعا فى الأمر بمكة ، فسعى على بن عجلان فى اعتقال جار الله ، فداهن عن نفسه بالمدرسة التى أنشأها بدار العجلة بمكة وسلم من الاعتقال ، وأمر بمعاضدة على ابن عجلان ، ووصلا إلى مكة منفردين.

ولما قبض علىّ بن عجلان على الأشراف ، لم يظفر بجار الله ، وسعى فى إطلاق من قبض عليه علىّ ، وأجاب إلى تسليم ما شرطه علىّ فى إطلاقهم ، من الخيل والدروع وغير ذلك.

فلما خلص بنو عمه ، تصدى لحرب على ، واستولى هو وجماعته على جدة أياما ، ثم رحلوا عنها ، بعد أن أعطاهم علىّ على ذلك خمسمائة غرارة قمح ، ثم إن على بن عجلان ، قصده واستعطفه ، وصار يحسن إليه. ولجأ إليه ، ونصر على بن عجلان ، لما ثار أخوه حسن بن عجلان عليه ، فى جماعة من الأشراف وغيرهم ، سنة سبع وتسعين وسبعمائة.

__________________

(١) خوارزم : بضم أوله ، وبالراء المهملة المكسورة ، والزاى المعجمة بعدها ، من بلاد خراسان ، معروفة. انظر : معجم ما استعجم (خوارزم).

٢٦٣

فلما قتل على بن عجلان ، كره ذلك كثيرا ، ولم يسعه إلا معاضدة بنى عمه آل بنى نمى ، وأشار عليهم بعدم الخروج من الخيف ، عند ما عزم آل عجلان على محاربتهم ، وأن يكون قتالهم لآل عجلان عند الخيف.

فلم يقبل ذلك من أصحابه وخرجوا منه ، فخرج معهم ، فلما التقى الجمعان ، رغبوا فيما أشار به أولا ، فقال : الآن لا يمكن ، وبدر إلى القتال ، وقاتل أشد القتال ، حتى قتل فى المعرك ، يوم الثلاثاء خامس عشرى شوال ، سنة ثمان وتسعين وسبعمائة ، بالموضع المعروف بالزبارة ، وقد قارب الخمسين أو بلغها.

وبلغنى أنه أعطى تسعين فرسا ـ بتقديم التاء ـ من حين قبض على بن عجلان على بنى عمه آل بنى نمى ، وإلى حين قتله ، لمن ينصره فى هذه المدة.

وبلغنى أنه كتب إلى قاضى الحرمين محب الدين النويرى ، وهو إذ ذاك على قضاء مكة ، يسأله عن السيد حسن بن عجلان ، بعد قدومه إلى مكة متوليا لإمرتها ، عوض أخيه على. فكتب إليه منشدا قول القائل :

أرى جذعا إن يثن لم تبق ريضا

فبادر بحزم قبل أن يثنى الجذع

وأردا القاضى بذلك تعظيم أمر حسن وتخويفه منه. فكان هلاك المذكور مع المقدور بسعى حسن ، لأنه الداعى على حرب الزبارة.

وبلغنى أن حسن ذو كريمن قتل فى هذه الوقعة ، فلم يعتد منهم فى أخيه على إلا جار الله وقال : ليس على مطالبة بالباقين.

وبلغنى أن جار الله كان يتلو ما يحفظ من القرآن تلاوة حسنة ، ويديم التلاوة ليلا ، ولم يبق له ولد ذكر.

٨٧٣ ـ جار الله بن زايد بن يحيى بن محيى السنبسى المكى :

كان أحد التجار بمكة بعد الفقر. توفى سنة تسعين وسبعمائة ، ودفن بالمعلاة وكان خيرا.

٨٧٤ ـ جار الله بن صالح بن أحمد بن عبد الكريم بن أبى المعالى الشيبانى المكى الحنفى. يلقب بالجلال :

سمع من ابن بنت أبى سعد ، وشهاب الدين الهكارى ، ونور الدين الهمذانى ، والقاضى

__________________

٨٧٤ ـ انظر ترجمته فى : (شذرات الذهب ٩ / ١٦٤).

٢٦٤

عز الدين بن جماعة ، جانبا جيدا من جامع الترمذى ، ومن الشيخ خليل المالكى الشفاء ، وغيره. وحدث.

سمعت منه شيئا من جامع الترمذى بقراءتى ، وسمع منه غير واحد من أصحابنا المحدثين رغبة فى اسمه. وكان أحد طلبة الحنفية بدرس يلبغا الخاصكى بمكة وغيره. وتردد إلى مصر مرات ، وأدركه الأجل بها ، فى آخر سنة خمس عشرة وثمانمائة ، بخانقاة سعيد السعداء ، ودفن بمقابر الصوفية بها ، وقد بلغ السبعين. وأظنه توفى فى ذى الحجة.

٨٧٥ ـ جبريل بن عمر بن يوسف الكردى ، أبو الأمانة ، وأبو محمد :

نزيل مكة ، سمع من أبى اليمن بن عساكر : وصايا العلماء لابن زبر ، وحدث به عنه وعن الشيخ محيى الدين النووى بأربعينه ، وحدث بها عنه الشيخ عبد الله اليافعى ، وقرأ عليه أحاديث منها ابن رافع.

وذكر أنه توفى سنة ثلاث وعشرين وسبعمائة ، وأن له بمكة ثلاثا وخمسين سنة.

٨٧٦ ـ جبير بن مالك ، وقيل جبر بن مالك بن القشب الأزدى ، حليف بنى المطلب ، ويقال جبير بن بحينة ، نسبة إلى أمه ، وهى بحينة بنت الحارث بن المطلب ، وهو أخو عبد الله بن بحينة ، والأكثر فى اسمه جبير :

استشهد يوم اليمامة.

٨٧٧ ـ جبير بن مطعم بن عدى بن نوفل بن عبد مناف بن قصى بن كلاب القرشى النوفلى ، أبو محمد ، وقيل أبو عدى المدنى ، أحد الأشراف :

قال ابن عبد البر : أسلم فيما يقولون يوم الفتح ، وقيل عام خيبر. انتهى.

وقال النووى : أسلم قبل عام خيبر ، وقيل أسلم يوم فتح مكة.

__________________

٨٧٦ ـ انظر ترجمته فى : (الاستيعاب ترجمة ٣١٧ ، الإصابة ترجمة ١٠٨٩ ، أسد الغابة ترجمة ٦٩٣).

٨٧٧ ـ انظر ترجمته فى : (الاستيعاب ترجمة ٣١٥ ، الإصابة ترجمة ١٠٩٤ ، أسد الغابة ترجمة ٦٩٨ ، طبقات خليفة ترجمة ٤٣ ، نسب قريش ٢٠١ ، التاريخ الكبير ٢ / ٢٢٣ ، المعارف ٤٨٥ ، الجرح والتعديل ٢ / ٥١٢ ، مشاهير علماء الأمصار ترجمة ٣٥ ، جمهرة أنساب العرب ١١٦ ، تهذيب الأسماء واللغات ١ / ١ / ١٤١ ، تهذيب الكمال ١٨٨ ، تاريخ الإسلام ٢ / ٢٧٤ ، العبر ١ / ٥٩ ، تذهيب التهذيب ١ / ١٠٢ ، مرآة الجنان ١ / ١٢٧ ، ١٣٠ ، البداية والنهاية ٨ / ٤٦ ، تهذيب التهذيب ٢ / ٦٣ ، خلاصة تهذيب الكمال ٥٢ ، شذرات الذهب ١ / ٦٤).

٢٦٥

وقال الزبير بن بكار : وحدثنى سعيد بن هاشم ، أحد بنى قيس بن ثعلبة. قال : ثنا يحيى بن سعيد بن سالم القداح عن أبيه ، عن ابن جريج عن عطاء ، قال : لا أحسبه إلا رفعه إلى ابن عباس ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ليلة قربه مكة فى غزوة الفتح : «إن بمكة لنفر أربا بهم عن الشرك ، وأرغب بهم فى الإسلام : عتاب بن أسيد ، وجبير بن مطعم ، وحكيم بن حزام ، وسهيل بن عمرو».

وقال الزبير : حدثنى عمر بن أبى بكر المؤملى ، عن زكريا بن عيسى ، عن ابن شهاب : أن عمرو بن العاص ، وأبا موسى الأشعرى ، اختلفا فى حكمهما ، لا يدعوه عمرو بن العاص إلى شىء إلا خالفه. فلما رأى ذلك عمرو ، قال له : هل أنت مطيعى ، فإن هذا الأمر لا يصلح لنا أن ننفرد به ، حتى يحضره رهط من قريش ، ثم نستعين بهم ونستشيرهم فى أمرنا ، فإنهم أعلم بقومهم. فقال له : نعم ما رأيت ، فابعث إلى من شئت منهم ، فبعث إلى خمسة رهط من قريش : عبد الله بن عمر ، وأبى الجهم بن حذيفة ، وعبد الله بن الزبير ، وجبير بن مطعم ، وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام ، وكتب إليهم أن أقبلوا حين تنظرون فى كتابنا هذا ، فإنه لا يحبسنا أن نحكم بين الناس غيركم ، فانطلقوا يسيرون حتى قدموا عليه بدومة ، فوجدوهما جالسين بباب المدينة ، فى حديث يطول. انتهى.

وقال مصعب الزبيرى : كان جبير بن مطعم من حلماء قريش وسادتهم ، وكان يؤخذ عنه النسب.

قال ابن إسحاق عن يعقوب بن عيينة : كان جبير بن مطعم من أنسب قريش لقريش وللعرب قاطبة ، وكان يقول : إنما أخذت النسب عن أبى بكر الصديق. وكان أبو بكر رضى الله عنه من أنسب العرب.

وقال الزبير : حدثنى سعد بن هاشم البكرى ، ثم أحد بنى قيس بن ثعلبة ، عن يحيى بن سعيد بن سالم القداح قال : أول قرشى لبس تاجا : جبير بن مطعم اشتراه من غنائم العجم بألفى درهم ، قال : لا أحسبه إلا قال من : حلوان أو جلولاء الوقيعة.

وقال ابن عبد البر : يقال إن أول من لبس طيلسانا بالمدينة : جبير بن مطعم ، قال : وذكره بعضهم فى المؤلفة قلوبهم ، وممن حسن إسلامه منهم. انتهى.

وقال النووى : له عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ستون حديثا ، اتفق البخارى ومسلم على ستة ، وانفرد البخارى بثلاثة ومسلم بحديث واحد. انتهى.

٢٦٦

روى عنه سليمان بن صرد الخزاعى ، وأبو سروعة عقبة بن الحارث القرشى. وهما صحابيان ، وابناه محمد ، ونافع ، ابنا جبير بن مطعم ، وسعيد بن المسيب وآخرون. روى له الجماعة.

اختلف فى وفاته : فقيل سنة ثمان وخمسين. قاله المدائنى.

وقيل : سنة سبع وخمسين. وقيل سنة تسع وخمسين ، قاله خليفة بن خياط والهيثم بن عدى ، وابن البرقى ، حكاهما ابن عبد البر ، وقال : فى خلافة معاوية ، وجزم به. وحكى القول بوفاته فى سنة سبع وخمسين ، وقيل : سنة أربع وخمسين. كذا وجدته فى نسخة من تهذيب الأسماء واللغات للنووى ، وجزم به. وقال ابن قتيبة : سنة تسع وخمسين.

وكانت وفاته بالمدينة على ما ذكر ابن عبد البر والنووى.

وقال ابن الأثير : إنه أسلم بعد الحديبية ، وقبل الفتح. وقيل : أسلم فى الفتح. انتهى.

٨٧٨ ـ جبير بن الحويرث بن نفيل بن عبد بن قصى بن كلاب :

ذكره ابن شاهين وغيره ، أدرك النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ورآه ولم يرو عنه شيئا ، وروى عن أبى بكر الصديق رضى الله عنه ، عن النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «ما بين بيتى ومنبرى روضة من رياض الجنة»(١).

روى عنه : سعيد بن عبد الرحمن بن يربوع ، وذكره عروة بن الزبير ، فسماه حبيبا.

__________________

٨٧٨ ـ انظر ترجمته فى : (الاستيعاب ترجمة ٣١٩ ، الإصابة ترجمة ١٠٩١ ، أسد الغابة ترجمة ٦٩٥ ، طبقات خليفة ٢٣٢ ، الجرح والتعديل ٢ / ٥١٢ ، تاريخ الطبرى ٤ / ٢٠٩ ، سير أعلام النبلاء ٣ / ٤٣٩ ، تعجيل المنفعة ٦٦ ، تاريخ الإسلام ١ / ١٨٤).

(١) أخرجه البخارى فى صحيحه حديث رقم (٨٥٠) من طريق : مسدد ، عن يحيى ، عن عبيد الله بن عمر ، قال : حدثنى خبيب بن عبد الرحمن ، عن حفص بن عاصم ، عن أبى هريرة رضى الله عنه ، عن النبىصلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «ما بين بيتى ومنبرى روضة من رياض الجنة ، ومنبرى على حوضى».

وأخرجه الترمذى فى سننه حديث رقم (٤٠٨١) من طريق : عبد الله بن أبى زياد ، أخبرنا أبو نباتة يونس بن يحيى بن نباتة ، أخبرنا سلمة بن وردان ، عن أبى سعيد بن المعلى ، عن على بن أبى طالب وأبى هريرة رضى الله عنهما ، قالا : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «ما بين بيتى ومنبرى روضة من رياض الجنة».

قال أبو عيسى : هذا حديث غريب حسن من هذا الوجه. من حديث على وقد روى من غير وجه عن أبى هريرة عن النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

٢٦٧

وقتل أبوه الحويرث يوم فتح مكة قتله على بن أبى طالب رضى الله عنه ، وهذا يدل على أن جبير صحبته ورؤية ، أخرجه أبو عمر وأبو موسى. وقال أبو عمر : فى صحبته نظر. انتهى من كتاب ابن الأثير بهذا اللفظ.

٨٧٩ ـ جخيدب بن لحاف بن راجح بن أبى محمد بن أبى أسعد الحسنى المكى :

كان من كبار الأشراف ، فى دولة الشريف أحمد بن عجلان ، وله عنده مكان يكرمه لها. ودخل بلاد اليمن فى جماعة من بنى عمه. وخدموا الملك الأشرف صاحب اليمن ، ثم فارقوه وعاشوا فى أطراف بلاده ، وملكوا المحالب. وقتلوا متوليها من قبله ، ثم قصدوا حرض(١) ، فلقيهم الشمسى ، فقتل بعضهم وفلّ جمعهم ، وعادوا إلى مكة فى سنة أربع وثمانين وسبعمائة.

وتوفى فى العشر الوسط من شوال سنة خمس وثمانين وسبعمائة.

٨٨٠ ـ جسار بن أبى دعيج بن أبى نمى محمد بن أبى سعد الحسنى المكى :

كان من أعيان الأشراف ، وصاهر الشريف أحمد بن عجلان على أخته.

ومات قريبا منه فى عشر التسعين وسبعمائة ، وذلك فى آخر سنة ثمان وثمانين ، أو فى التى بعدها ، أو قبل ذلك بيسير. والله أعلم.

٨٨١ ـ جسار بن قاسم بن [........](١) أبى نمى الحسنى المكى :

كان من أعيان الأشراف شجاعا ، برز إلى مبارزة كبيش يوم أذاخر ، فعقر كبيش فرسه.

توفى فى سادس عشر ذى الحجة ، سنة إحدى عشرة وثمانمائة بمكة ، ودفن بالمعلاة.

٨٨٢ ـ جعال ، ويقال جعيل بن سراقة الضمرى ، ويقال الثعلبى ، ويقال إنه فى عديد بنى سواد من بنى سلمة :

كان من فقراء المسلمين ، وكان رجلا صالحا دميما قبيحا ، وأسلم قديما. وشهد مع

__________________

٨٧٩ ـ (١) حرض : هو واد بالمدينة عند أحد له ذكر. انظر : معجم البلدان (حرض).

٨٨١ ـ (١) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

٨٨٢ ـ انظر ترجمته فى : (الاستيعاب ترجمة ٣٧١ ، الإصابة ترجمة ١١٥٨ ، أسد الغابة ترجمة ٧٤٨ ، تجريد أسماء الصحابة ١ / ٨٤ ، التحفة اللطيفة ١ / ٤١٢ ، الطبقات الكبرى ٤ / ١٢٤٥ ، المصباح المضىء ١ / ١٧٦).

٢٦٨

رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أحدا. ويقال : إنه الذى تصور إبليس فى صورته يوم أحد. من روايته عن النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، أنه سمعه يقول : «أو ليس الدهر كله غدا».

ذكره هكذا ابن عبد البر ، وذكره قبل ذلك ، فقال : جعيل بن سراقة الغفارى (١) ، ويقال الضمرى. أثنى عليه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ووكله إلى إيمانه ، وأشار ابن عبد البر بذلك ، إلى أن النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، أعطى المؤلفة يوم حنين ، وترك جعيلا ، فقيل له فى ذلك. فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «جعيل خير من طلاع الأرض مثل هؤلاء». وفى رواية : «ووكلت جعيل بن سراقة إلى إيمانه». قال ابن عبد البر : غير ابن إسحاق يقول فيه بالألف. انتهى.

وذكر ابن الأثير غالب هذا ، وزاد : وهو أخو عوف من أهل الصفة وفقراء المسلمين.

وزاد : وأصيبت عينه يوم أحد. انتهى.

والضمرى : منسوب إلى ضمرة بن بكر بن عبد مناة بن كنانة. قال الحازمى : وبلادهم بسيف البحر.

والغفارى منسوب إلى غفار بن مليل بن ضمرة بن بكر.

٨٨٣ ـ جعدة بن هبيرة بن أبى وهب بن عمرو بن عائذ بن عمران بن مخزوم القرشى ، المخزومى :

أمه أم هانئ بنت أبى طالب ، على ما ذكر الزبير بن بكار ، وقال : وجعدة بن هبيرة الذى يقول [من الطويل] :

أبى من مخزوم إن كنت سائلا

ومن هاشم أمى لخير قبيل

فمن ذا الذى ينأى علىّ بخاله

وخالى على ذو الندى وعقيل (١)

وقال : ولاه على بن أبى طالب خراسان. انتهى.

وقال ابن عبد البر : قالوا : إنه كان فقيها. انتهى.

وروى عن خاله على بن أبى طالب. روى عنه ابن الطفيل ومجاهد وغيرهما.

روى له النسائى فى خصائص على رضى الله عنه.

__________________

(١) انظر نص قول ابن عبد البر فى : (الاستيعاب ترجمة ٣٣٣).

(٨٨٣) ـ انظر ترجمته فى : (الاستيعاب ترجمة ٣٢٨ ، الإصابة ترجمة ١١٦٤ ، أسد الغابة ترجمة ٧٥٣).

(١) ورد هذا البيت فى الاستيعاب ترجمة ٣٢٨ هكذا :

فمن ذا الذى يباهى علىّ بخاله

كخالى على ذى الندى وعقيل

٢٦٩

وقال عباس الدورى عن يحيى بن معين : لم يسمع جعدة بن هبيرة من النبىصلى‌الله‌عليه‌وسلم شيئا.

وقال المزى فى التهذيب : له صحبة. انتهى. وهذا يخالف قول ابن معين. والله أعلم.

وقال المزى أيضا : وقال ابن عبد البر أيضا ، يقال : إن الذى أجارته أم هانئ يوم الفتح : فلان ابن هبيرة انتهى.

وهذا لم أره فى الاستيعاب فى ترجمة جعدة ولا غيره. وفيه بعد بيناه فى كتابنا : شفاء الغرام فى الباب السادس والثلاثين فى أخبار فتح مكة.

وذكر فيه ابن مندة ، وأبو نعيم ما يستغرب ؛ لأنهما قالا : جعدة بن هبيرة بن وهب ابن بنت أم هانئ. هكذا نقل عنهما ابن الأثير. ولم يتعقبه. ولعل ذلك لوضوحه ، فإنه ابن أم هانئ لا ابن بنتها. وقال فى ترجمته : وقد اختلف فى صحبته. انتهى.

* * *

من اسمه جعفر

٨٨٤ ـ جعفر بن أحمد بن طلحة بن جعفر بن محمد بن هارون بن محمد بن عبد الله بن محمد بن على بن عبد الله بن عباس ، الخليفة المقتدر بن المعتضد بن أبى أحمد الموفق ، بن المتوكل بن المعتصم بن الرشيد بن المهدى بن المنصور العباسى :

بويع بالخلافة عند موت أخيه المكتفى ، وعمره ثلاث عشرة سنة وأربعون يوما ، ولم يل أمر الأمة صبى قبله.

فلما استهلت سنة ست وثلاثمائة ، استصغره أهل دولته ، وتكلموا فى خلافته. فاتفق جماعة من الأعيان على عزله ، وكلموا عبد الله بن المعتز ، فى أن يلى الخلافة ، فأجاب بشروط ، منها : لا يتم قتال.

فلما كان فى ربيع الأول منها ، ركب ابن المعتز فى موكب الخلافة. فقتل وزير المقتدر وغيره من خواصه وقصد قتله ، وهو يلعب بالصوالجة ، فأغلقت الأبواب دونه ،

__________________

٨٨٤ ـ انظر ترجمته فى : (مروج الذهب ٢ / ٥٠١ ، تاريخ بغداد ٧ / ٢١٣ ـ ٢١٩ ، المنتظم ٦ / ٢٤٣ ، ٢٤٤ ، الكامل ٨ / ٨ وما بعدها ، النبراس ٩٥ ـ ١٨٣ ، العبر ٢ / ١٨١ ـ ١٨٢ ، البداية والنهاية ١١ / ١٦٩ ـ ١٧٠ ، النجوم الزهراة ٣ / ٢٣٣ ، ٢٣٤ ، تاريخ الخلفاء ٢٧٨ ، ٢٨٦ ، شذرات الذهب ٢ / ٢٨٤ ـ ٢٨٥ ، سير أعلام النبلاء ١٥ / ٤٣).

٢٧٠

وبويع ابن المعتز ، وكتب الكتب إلى الأقاليم بخلافته ، وأمر المقتدر بالتحول من دار الخلافة فأجاب ، ثم تحصن هو وخواصه بدار الخلافة فحصروا فيها.

ثم خرج خواصه على حمية وحملوا على ابن المعتز ، فانهزم غالب من حوله. وقصد ابن المعتز سامرّا ليبرم أمره بها ، فما تبعه أحد من الجند ، وخذل ، ثم أسر ، ثم قتل سرا.

واستقام أمر المقتدر ، ووزر له ابن الفرات فنشر العدل ، وقام بأعباء الملك. واشتغل المقتدر باللعب ، ثم خلع المقتدر فى محرم سنة سبع عشرة وثلاثمائة ، بأخيه القاهر بالله محمد ، وبويع بالخلافة بعد أن أشهد المقتدر بخلع نفسه ، ثم ثار عليه جماعة من الجند ، فقتلوا حاجبه وغيره من خواصه ، وأتوا بالقاهر يجرونه إلى المقتدر فأكرمه ، وقال : أنت لا ذنب لك.

والقاهر يقول : الله الله يا أمير المؤمنين فىّ. فقال : والله لا تؤذى ، وجددت الطاعة للمقتدر ، واستمر إلى أن قتل فى شوال سنة عشرين وثلاثمائة ، فى حرب كان بينه وبين مؤنس الخادم ، وحمل رأسه إليه. فبكى مؤنس ، وأظهر الندم. وقال : والله لنقتلن كلنا ، فقتل فيما بعد ، وسلب المقتدر بعد قتله حتى بقى مهتوكا وستر بالحشيش ، ثم حفر له وطموه ، وعفى أثره كأن لم يكن.

وكانت خلافته خمسا وعشرين سنة إلا الأيام التى خلع فيها بابن المعتز وأخيه القاهر.

وكان مسرفا مبذرا للمال ، ناقص الرأى ، أعطى جارية له الدرة اليتيمة ، وزنها ثلاثة مثاقيل ، وما كانت تقوّم. وقيل إنه محق من الذهب ثمانين ألف ألف دينار ، وعاش ثمانيا وثلاثين سنة.

ذكرناه فى هذا الكتاب ، لما صنع فى أيامه من المآثر بمكة. وهى زيادة دار الندوة وآبار الزاهر ، وبعض الآبار المعروفة بالعسيلة ، كما ذكرناه فى كتابنا شفاء الغرام ومختصراته.

٨٨٥ ـ جعفر بن أحمد بن محبوب بن المنهال بن مطر بن دينار بن عبد الله الربعى المكى :

ابن مريم بنت الحسين بن عمران بن عيينة.

سمع من أبى عبد الله محمد بن جعفر المعقرى فى سنة خمس وخمسين ومائتين ، وروى عنه.

٢٧١

وسمع منه ابن المقرى ، وروى عنه فى معجمه وغيره.

وذكره المزى فى الرواة عن أحمد بن جعفر المعقرى ، فقال : روى عنه مسلم ، وأبو محمد جعفر بن أحمد بن محبوب الربعى المكى ، ربيب الحسين بن عمران بن عيينة.

٨٨٦ ـ جعفر بن أحمد بن أبى الغنائم الموصلى ، أبو الفضل المنعوت بالشرف ، الأديب :

سمع من أبى الحسن على بن عبد العزيز الإربلى البغدادى ، وكان صاحب نعم. جاور بحرم الله سبحانه وتعالى ، وبمدينة النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم. ومات بمر الظهران محرما.

ذكره هكذا ابن رافع ، فى مسودة ذيل تاريخ بغداد ، وبخط العفيف المطرى أن وفاته سنة ثلاث وتسعين وستمائة.

٨٨٧ ـ جعفر بن إدريس :

مؤذن مسجد مكة. روى عن يحيى بن عبدك. سمع منه ابن المقرى ، وروى عنه فى معجمه وغيره.

٨٨٨ ـ جعفر بن الحسين الشيبى ، أبو الفضل المكى :

ذكره أبو القاسم على بن الحسن الباخرزى فى كتابه «دمية القصر وعصرة أهل العصر» ، فى القسم الأول منه ، وهو من شعراء البدو والحجاز.

وقال : شاب حسن الرواء والرواية ، رأيته بين يدى الشيخ عميد الحضرة ، مدليا إليه بحرمة العربية ، مدلا عليه بهذه الدالية. وأنشدنى لنفسه من قصيدة [من الوافر](١) :

تولى الصبر تتبعه الدموع

لترجعه وقد عز الرجوع

وطار بمهجتى للبين حاد

يقصر دونه الوهم السريع

وأوحشنى الخيال وكان أنسى

لو ان العين كان لها هجوع

أرى أدم الظباء لها امتناع

وأطيب ما يقاربه (٢) المنوع

وفى العشاق مفتون بمعنى

وموضع فتنتى منك الجميع

ومنهم من يشير ولا يسمى

ومنهم فى المحبة من يذيع

__________________

٨٨١ ـ (١) انظر الأبيات فى دمية القصر ١ / ٧٤.

(٢) ورد البيت فى دمية القصر ١ / ٧٤ :

أرى أدم يشير ولا يسمى

وأطيب ما يقاربه المنوع

٢٧٢

بنفسى من يخون الصبر فيه

ولا يغنى المذلة والخضوع (٣)

حبيب لا أراه وبى نزاع

إليه وليس لى عنه نزوع

يطير القلب من شوق إليه

فتمسكه لشقوتى الضلوع

انتهى.

٨٨٩ ـ جعفر بن خالد بن سارة المخزومى المكى ، وقيل المدنى :

روى عن أبيه. وروى عنه ابن جريج ، وسفيان بن عيينة.

وروى له الترمذى وأبو داود وابن ماجة حديثا ، والنسائى فى اليوم والليلة ، آخر.

وثقه أحمد بن حنبل ، ويحيى بن معين والترمذى.

٨٩٠ ـ جعفر بن سليمان بن على بن عبد الله بن عباس بن عبد المطلب القرشى العباسى :

أمير مكة والطائف. ذكر ابن جرير : أنه كان عاملا على ذلك فى سنة إحدى وستين ومائة ، وفى سنة ثلاث وستين ، وأربع وستين ومائة.

وذكر الذهبى أنه عزل عن الحجاز فى سنة ست وستين ومائة.

وذكر الأزرقى : أنه فى سنة إحدى وستين بلط الحجر بالرخام ، وشرع أبواب المسجد على المسعى. انتهى.

وذكره ابن حزم فى المجهرة وذكر أنه ولد له أربعون ابنا ذكرا ، وأربعون بنتا. انتهى.

وذكر الزبير بن بكار ، شيئا من حال جعفر هذا ، وشعرا مدح به. فقال : وله يقول ابن هرمة [من الطويل] :

ألم تر أن الله خار لجعفر

فأنزله خير المنازل منزلا

محلة ما بين الرسول وعمه

فطوبى لهذا آخرات وأولا

إذا هاشم قادت لفخر جوادها

أتوه فقادوه أغر محجلا

__________________

(٣) ورد البيت فى دمية القصر ١ / ٧٤ :

بنفسى من يخون الصبر فيه

ولا تغنى المذلة والخضوع

٨٨٩ ـ انظر ترجمته فى : (الجرح والتعديل ٢ / ٤٧٧).

٨٩٠ ـ انظر ترجمته فى : (سير أعلام النبلاء ٨ / ٢٤٩).

٢٧٣

فأحرز غايات الرهان ونحبها

مريحا بأدنى شأوه متمهلا

دع الناس إلا جعفرا والق جعفرا

تلاق ربيعا ينفض الودق مخضلا

إذا كسد المجد الربيح بسوقه

أتى جعفرا فابتاعه ثم أجزلا

ومنها :

إذا ما أكف الناس خفت فإنه

تقلب كفاه أنامل نهلا

لعمرى لقد صادفت أرضك سهلة

فلم أبغ مسحاة هناك ومعولا

ولكن تلقتنى الينابيع بالغنا

جرى من قراه ماؤه متسلسلا

وقال أيضا إبراهيم بن على بن هرمة يمدح جعفر بن سليمان [من الطويل] :

فلما أتانا الخير يبرق وجهه

ونور نورا ساطعا من تنورا

وأن أمير المؤمنين برأفة

علينا وخصيصاء أمر جعفرا

وثقنا بخير منك لا شر بعده

فأسهل منا آمنا من توعرا

فتى من بنى العباس كهل فؤاده

يزين سريرا بالحجاز ومنبرا

وقد ضمنت أصداف فهر بن مالك

له يوم فخر الناس درا وجوهرا

ومنها :

وما خارجيا كنت فى جمعك العلا

ولكن من الآباء أكبر أكبرا

وكانت مواريثا سليمان حازها

فأضمرت منها مثل ما كان أضمرا

أبوك حواها من علىّ كما حوى

مواريث عبد الله ساعة أدبرا

كما حاز عباس تراث محمد

فلله ما أسنا تراثا وأظهرا

أبى جعفر إلا ارتفاعا بنفسه

وإلا اجتناء الحمد من حيث أثمرا

وإلا ابتياع المكرمات بماله

له تاجر أكرم بذلك متجرا

وقال داود بن سلم من أبيات [من الطويل] :

كأن بنى حواء صفوا أمامه

فخير فى أنسابهم فتخيرا

حوته فروع المجد من كل جانب

إذا نسبوا حاز النبى المطهرا

سليل نبى الله وابن ابن عمه

فيالك فخرا ما أجل وأكبرا

صفا كصفاء المزن فى ناقع الثرى

من الرنق حتى ماؤه غير أكدرا

حوى المنبرين الطاهرين فجعفر

إذا ما خطا عن منبر أم منبرا

وقال الأصبغ بن عبد العزيز ، مولى خزاعة ، يمدح جعفر بن سليمان [من الطويل] :

٢٧٤

حلفت بما حجت قريش لبيته

وما وضعت بالأخشبين رحالها

لقد أهلت أرض بها حل جعفر

وما عدمت معروفها وجمالها

وقال ابن المولى فى جعفر بن سليمان ، حين عزل عن المدينة [من السريع] :

أوحشت الجماء من جعفر

وطال ما كانت به تعمر

كم صارخ يدعو وذى كربة

يا جعفر الخيرات يا جعفر

أنت الذى أحييت بذل الندى

وكان قد مات فلا يذكر

سليل عباس ولى الهدى

ومن به فى المحل يستمطر

هذا امتداحيك عقيد الندى

أشهد بالمجد لك الأشقر

وذكر عبد الجبار بن سعيد بن سليمان المساحقى عن أبيه ، قال : حضرت الأمير جعفر بن سليمان ، أثاب قدامة بن موسى الجمحى ، عن أبيات من شعر ، كل بيت منها مائة دينار ، فى امرأة أسماها. قول قدامة [من البسيط] :

ما استقت إلا لتطفى سورة الغضب

عن مستلح منادى الجهل من كثب

أبقى له فى ضميرى حسن مقلته

نضجا وأودت بنا فى الود والنصب

ألوان مستطرف أبقت مرايسه

من رأى مقترب منه ومجتنب

لو كان ينصفنى لاقتادنى جنبا

كما يصرف ذو الودعات بالأدب

واستاقنى خببا رسلا فطاوعه

وهم مطابقة العبدية النجب

أرضى بما قل من بذل ويفدحنى

حمل الكثير إذا ما جدت فاحتسبى

فإن تكونى حويت المجد نافلة

فعمرك الله هل تدرين ما حسبى

أو كنت واصلة قربى أواصره

فإن نسبتكم يا سلم من نسبى

٨٩١ ـ جعفر بن أبى سفيان ـ واسمه المغيرة ، وقيل غير ذلك ـ بن الحارث بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف القرشى الهاشمى :

ذكر الواقدى ، والزبير بن بكار : أنه أدرك النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وشهد معه حنينا وبقى إلى أيام معاوية. وتوفى فى أواسط أيامه.

وقال أبو نعيم : هذا وهم ، لأن الذى شهد حنينا ، إنما هو أبوه أبو سفيان ولم يشهدها جعفر.

__________________

٨٩١ ـ انظر ترجمته فى : (الاستيعاب ترجمة ٣٣٢ ، الإصابة ترجمة ١١٦٨ ، أسد الغابة ترجمة ٧٥٨ ، طبقات ابن سعد ٤ / ١ / ٣٨ ، الجرح والتعديل ٢ / ٤٨٠).

٢٧٥

وقال الذهبى : يحتمل أنه شهدها مع أبيه ، فقد روى أنه كان صبيا يوم أسلم مع أبيه. انتهى.

وقال ابن عبد البر : ذكر أهل بيته ، أنه شهد حنينا مع النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وذكر ذلك ابن هشام وغيره ، ولم يزل مع أبيه ملازما للنبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، حتى قبض وتوفى فى خلافة معاوية ، رضى الله عنه. انتهى.

وذكر ابن قدامة : أنه لقى مع أبيه النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، لما قدم لغزوة الفتح بين السقيا والعرج ، وما ذكرناه عن الواقدى ، وأبى نعيم ، ذكره ابن الأثير.

٨٩٢ ـ جعفر بن أبى طالب بن عبد مناف بن عبد المطلب بن هاشم الهاشمى ، أبو عبد الله الطيار ، ذو الجناحين ، ابن عم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم :

أسلم قديما ، حتى قيل إنه أسلم بعد علىّ وزيد ، قبل الصديق. ذكره يعقوب بن سفيان عن إسماعيل بن أبى أويس عن أبيه عن الحسن بن زيد ، وقال ابن الأثير ، بعد أن ذكر ما يدل لهذا : وقيل أسلم بعد واحد وثلاثين إنسانا ، وكان هو الثانى والثلاثين ، قاله ابن إسحاق. انتهى.

وهاجر إلى الحبشة فى الهجرة الثانية ، وقدم على النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم بإثر فتحه لخيبر ، وسر النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم بقدومه ، وتلقاه وأعتنقه ، وقال : ما أدرى بأيهما أشد فرحا ، بقدوم جعفر أو بفتح خيبر. وفى رواية أنه صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، قبل بين عينى جعفر ، وفى هذه الرواية ، أن قدومه وفتح خيبر كانا فى يوم واحد ، ثم بعثه فى غزوة مؤتة ، وهو موضع بأدنى البلقاء ، من أرض الشام فى جمادى الأولى سنة ثمان من الهجرة ، وقيل سنة سبع ، قاله خليفة. وقال أيضا : إن مؤتة سنة ثمان ، فوافق الجماعة ، واستشهد جعفر رضى الله عنه بها وبيده لواء رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، بعد أن قطعت يداه ، ووجد فى جسده بضع وسبعون من ضربة وطعنة ورمية. وهذا يروى عن ابن عمر رضى الله عنهما ، فى صحيح البخارى. وفيه عنه : فعددت به خمسين ، بين طعنة وضربة ليس شىء منها فى دبره ، وأسف عليه النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، كثيرا وبكى.

__________________

٨٩٢ ـ انظر ترجمته فى : (الاستيعاب ترجمة ٣٣١ ، الإصابة ترجمة ١١٦٩ ، أسد الغابة ترجمة ٧٥٩ ، طبقات ابن سعد ٤ / ١ / ٢٢ ، نسب قريش ٨٠ / ٨٢ ، طبقات خليفة ٤ ، تاريخه ٨٦ ، ٨٧ ، التاريخ الكبير ٢ / ١٨٥ ، التاريخ الصغير ١ / ٢٢ ، الجرح والتعديل ٢ / ٤٨٢ ، حلية الأولياء ١ / ١١٤ ، ١١٨ ، تهذيب الأسماء واللغات ١ / ١٤٨ ، ١٤٩ ، تهذيب الكمال ١٩٩ ، شذرات الذهب ١ / ١٢ ، ٤٨ ، العبر ١ / ٩ ، تهذيب التهذيب ٢ / ٩٨ ، خلاصة تذهيب الكمال ٦٣).

٢٧٦

وكان رضى الله عنه ، أشبه الناس برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم خلقا وخلقا.

وكان يكنى أبا المساكين ، لجوده. على ما قال أبو هريرة رضى الله عنه.

وقال : ما احتذى النعال ، ولا ركب المطايا ، ولا ركب الكور بعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، أفضل من جعفر. رويناه فى الترمذى وغيره ، وروينا فيه عن أبى هريرة رضى الله عنه ، عن النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، قال : «رأيت جعفرا يطير فى الجنة مع الملائكة» (١). انتهى.

وقيل : إن الله تعالى أبدله عن يديه جناحين يطير بهما فى الجنة ، فلذلك قيل له الطيار ، وذو الجناحين.

وهو أول من عرقب فرسا فى سبيل الله تعالى فعل ذلك بفرسه ، إذ رأى الغلبة يوم مؤتة ، وكان النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، أمره بها ، إن أصيب زيد بن حارثة.

وكان جعفر فيما قيل أميرا على من هاجر معه إلى الحبشة.

وقيل : إن النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ضرب لجعفر بسهمه وأجره يوم بدر.

كذا رأيت فى التهذيب للمزى ، ولعله يوم خيبر. والله أعلم.

روى له النسائى فى اليوم والليلة ، حديثا واحدا.

وكان له حين قتل ثلاث وثلاثون سنة ، وقيل أربع وثلاثون ، وقيل إحدى وأربعون ، وقيل ثلاثون ، وقيل خمس وعشرون.

٨٩٣ ـ جعفر بن عبيد الله الحميدى المكى :

شيخ الطيالسى. لينه العقيلى. ذكره هكذا الذهبى فى المعنى.

٨٩٤ ـ جعفر بن عبد الرحمن بن جعفر بن عثمان بن عبد الله السلمى الصقلى المحتد ، البجائى المولد :

__________________

(١) أخرجه الترمذى فى سننه حديث رقم (٣٩٢١) من طريق : على بن حجر ، أخبرنا عبد الله بن جعفر ، عن العلاء بن عبد الرحمن ، عن أبيه ، عن أبى هريرة ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «رأيت جعفرا يطير فى الجنة مع الملائكة».

قال أبو عيسى : هذا حديث غريب من حديث أبى هريرة لا نعرفه إلا من حديث عبد الله ابن جعفر ، وقد ضعفه يحيى بن معين وغيره وعبد الله بن جعفر هو والد على بن المدينى ، وفى الباب عن ابن عباس.

٢٧٧

نزيل مكة ، المكى المقرى ، الفقيه المحدث ، يكنى أبا الفضل.

ولد ببجاية سنة ثمان وثمانين وخمسمائة.

وتوفى بمكة فى ذى الحجة سنة أربع وأربعين وستمائة.

روى عن القاضى أبى نصر محمد بن هبة الله بن مميل الشيرازى.

وحدث عنه بالمدرسة المنصورية بمكة ، سمع منه بها الحافظ شرف الدين الدمياطى ، ومن معجمه لخصت ما ذكرته من حاله.

٨٩٥ ـ جعفر بن علبة ـ بالباء الموحدة ـ بن ربيعة المذحجى :

ذكره صاحب الجمهرة ، وذكر أنه كان شاعرا. وقتل صبرا فى الإسلام بمكة. ادعت عليه بنو عقيل أنه قتل منهم رجلا وأقسم على ذلك خمسون من بنى عقيل فقتلوه ، وذلك فى صدر دولة السفاح.

٨٩٦ ـ جعفر بن عيسى بن فليتة بن القاسم بن محمد بن جعفر بن محمد بن عبد الله بن أبى هاشم الحسنى المكى :

توفى يوم الاثنين الثامن من ذى الحجة ، سنة إحدى وثمانين وخمسمائة ، ودفن بالمعلاة.

ومن حجر قبره كتبت هذه الترجمة.

٨٩٧ ـ جعفر بن الفضل بن عيسى بن موسى العباسى :

أمير مكة. ذكر ابن جرير : أنه حج بالناس ، وهو والى مكة ، فى سنة خمسين ومائتين وأنه فى سنة إحدى وخمسين ومائتين ، حارب بنى عقيل لما قطعوا طريق جدة. وقتل من أهل مكة نحوا من ثلاثمائة رجل ، فقال بعض بنى عقيل [من الرجز] :

عليك ثوبان وثوبى عاريه

فالق ثوبيك يابن الزانيه

وذكر أنه هرب من مكة فى سنة إحدى وخمسين ومائتين ، لما ظهر بها إسماعيل بن يوسف العلوى ، وفعل تلك الأفعال القبيحة بمكة وجدة. وقد تقدم ذكر ذلك فى ترجمته فأغنى عن إعادته.

__________________

٨٩٥ ـ انظر ترجمته فى : (التبريزى ١ / ٢٨ ، خزانة البغدادى ٤ / ٣٢٢ ، معاهد التنصيص ١ / ١٢٠ ، مختار الأغانى ٣ / ٣ ، الأعلام ٢ / ١٢٥).

٢٧٨

٨٩٨ ـ جعفر بن محمد بن إبراهيم بن محمد بن عبيد الله بن موسى بن جعفر بن على بن محمد بن موسى الرضا بن جعفر بن محمد بن على بن الحسين بن على بن أبى طالب الحسينى :

هكذا نسبه ابن حزم فى الجمهرة.

روى عن محمد بن إسماعيل الصائغ ، وأبى حاتم الرازى وغيرهما.

وذكر ابن حزم : أنه كان محدثا فاضلا ، وأنه توفى فى سنة إحدى وأربعين وثلاثمائة بمكة ، وقد قارب المائة.

٨٩٩ ـ جعفر بن محمد بن إسماعيل بن أحمد بن ناصر بن الحسين بن القاسم بن إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم بن الحسن بن الحسن بن على بن أبى طالب الحسنى المكى ، أبو محمد الشاعر ، المعروف بالتهامى :

هكذا ذكره صاحب الخريدة. وذكر ابن السمعانى نسبه فى تاريخه هكذا ، وقال : كان عارفا بالنحو واللغة ، شاعرا ، مدح الأكابر لحصول البلغة ، يصحب وفدهم ، ويطلب رفدهم. وكان لا يرى أحدا فى العالم فوقه.

ويعتقد أنه ما وجد عالم فى العلم دونه ، فى رأسه دعاو عريضه تدل على أنها بالوساوس مريضة.

قال ابن السمعانى : جرى يوما حديث ثعلب وتبحره فى العلم ، فقال : ومن ثعلب؟. أنا أفضل منه. ودخل خراسان وأقام بها ، وعاد إلى بغداد ، وورد واسطا (١). هكذا قول ابن السمعانى ، وتوجه إلى البصرة على عزم خوزستان ، وبلاد فارس. ولا أدرى ما فعل الله به. وذلك فى سنة نيف وثلاثين وخمسمائة. انتهى.

٩٠٠ ـ جعفر بن محمد بن الحسن بن محمد بن موسى بن عبد الله بن موسى بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن على بن أبى طالب الحسنى :

أمير مكة ، هكذا نسبه ابن حزم فى الجمهرة ، وقال : إنه غلب على مكة فى أيام

__________________

٨٩٨ ـ انظر ترجمته فى : (جمهرة ابن حزم ٦٢ ، ٦٤ ، ٦٥).

(١) واسط : اسم لعدة مواضع واسط الحجاج بين بغداد والبصرة ، وواسط حصن : بنى السمين ، وواسط : طريق بين فلج والمنكدر. انظر : معجم ما استعجم (واسط).

٩٠٠ ـ انظر ترجمته فى : (جمهرة ابن حزم ٤٧).

٢٧٩

الإخشيدية ، وولده إلى اليوم ولاة مكة ، منهم عيسى بن جعفر المذكور ، لا عقب له ، وأبو الفتوح الحسن بن جعفر المذكور ، وشكر بن أبى الفتوح وقد انقرض عقب جعفر المذكور لأن أبا الفتوح لم يكن له ولد إلا شكر. ومات شكر ولم يولد له قط. انتهى.

وذكر شيخنا ابن خلدون فى تاريخه ، فى نسب جعفر ، والد عيسى وأبى الفتوح ، ما يخالف ما ذكره ابن حزم ؛ لأنه لما نسبه قال : هو جعفر بن أبى هاشم الحسن بن محمد بن سليمان بن داود. وذكر أن محمد بن سليمان جد جعفر ، قام بمكة فى سنة إحدى وثلاثمائة ، وخطب فى موسمها لنفسه بالإمامة ، ودعا لنفسه ، وخلع طاعة المقتدر.

وذكر أن محمد بن سليمان هذا ، من ولد محمد بن سليمان الذى دعا لنفسه بالمدينة ، أيام المأمون ، وتسمى بالناهض ، وذكر أن سليمان ، والد محمد بن سليمان ، الذى تسمى بالناهض ، هو سليمان بن داود بن عبد الله بن الحسن بن على بن أبى طالب.

وما ذكره شيخنا ابن خلدون ، فى نسب محمد بن سليمان القائم بالمدينة أيام المأمون ، يخالف ما ذكره ابن حزم فى نسبه ؛ لأن كلام ابن خلدون يقتضى أن داود جد محمد بن سليمان ، هو ابن عبد الله بن الحسن بن الحسن.

وكلام ابن حزم ، يقتضى أن داود هو ابن الحسن بن الحسن ؛ لأنه لما ذكر أولاد داود ابن الحسن بن الحسن قال : ولد داود بن الحسن هذا : عبد الله وسليمان ، ثم قال : وولد سليمان بن داود : سليمان بن سليمان لا عقب له ، ومحمد بن سليمان القائم بالمدينة أيام المأمون. انتهى.

فبان بهذا ما ذكرناه من اختلاف كلام ابن خلدون ، وابن حزم ، فى نسب محمد بن سليمان القائم بالمدينة ، إلا أن يكون عبد الله ، بين داود ، والحسن بن الحسن ، وقع سهوا فى تاريخ شيخنا ابن خلدون ، منه أو من الناسخ ، فتنتفى المعارضة ، على أن النسخة التى رأيتها من تاريخ شيخنا ابن خلدون كثيرة السقم ، وفيما ذكره فى نسب جعفر والد عيسى وأبى الفتوح ، نظر ؛ لمخالفته ما ذكره ابن حزم فى ذلك.

وقد وافق ابن حزم على ما ذكره ، الإمام جمال الدين أبو الحسن على بن الإمام أبى المنصور ظافر بن الحسين الأزدى ، فى كتابه «الدول المنقطعة» لما ذكر عصيان أبى الفتوح الحسن بن جعفر هذا ، للحاكم العبيدى صاحب مصر. والله أعلم بما فى ذلك من الصواب.

وذكر شيخنا ابن خلدون : أن جعفرا والد عيسى ، وأبى الفتوح ، سار من المدينة إلى

٢٨٠